باب العين - القسم السابع

علي بن طلق بن المنذر:

علي بن طلق بن المنذر بن قيس بن عمرو بن عبد الله بن عبد العزى بن سحيم بن مرة بن الدول الحنفي.

روى عنه مسلم بن سلام.

 أنبأنا إسماعيل بن علي بن عبيد وغيره، قالوا بإسنادهم إلى محمد بن عيسى الترمذي قال: حدثنا أحمد بن منيع وهناد قالا: حدثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن طلق بن علي: أن أعرابياً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الرجل منا يكون في الفلاة، فتكون منه الرويحة، ويكون في الماء قلة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فسا أحدكم فليتوضأ، ولا تأتوا النساء في أعجازهن فإن الله لا يستحيي من الحق".

أخرجه الثلاثة.

علي بن أبي العاص:

علي بن أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي. وأم علي: زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو أخو أمامة بنت أبي العاص، التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة لأبويها.

وكان علي مسترضعاً في بني غاضرة، فضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم غليه، وأبوه يومئذ مشرك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شاركني في بني فأنا أحق به منه، وأيما كافر شارك مسلماً في شيء فالمسلم أحق به منه".

ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح أردف علياً خلفه.

وتوفي علي وقد ناهز الحلم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه الثلاثة.

علي بن عبيد الله بن الحارث:

علي بن عبيد الله بن الحارث بن رحضة بن عامر بن رواحة بن حجر بن معيص بن عامر بن لؤي العامري القرشي.

أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم اليمامة شهيداً. وكان إسلامه بعد الفتح.

أخرجه أبو عمر وذكره الزبير بن بكار فقال: "علي بن عبيد الله بن الحارث بن رحضة بن عامر بن رواحة بن حجر بن معيص بن عامر بن لؤي، قتل يوم اليمامة:. ولم يذكر له صحبة، ولا شك أن من قتل يوم اليمامة من قريش تكون له صحبة، والله أعلم.

علي بن عدي بن ربيعة:

علي بن عدي بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف.

ولاه عثمان بن عفان مكة حين ولي الخلافة، قتل يوم الجمل.

أخرجه أبو عمر، وقال: "لا تصح له عندي صحبة، ولا أعلم له رواية، وإنما ذكرناه على ما شرطنا فيمن ولد بمكة أو بالمدينة بين أبوين مسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم".

علي بن أبي علي السلمي:

علي بن أبي السلمي. يكنى أبا سدرة. روى عبد الله بن كثير، عن بديح بن سدرة بن علي، من أهل قباء، عن أبيه، عن جده قال: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القاحة- وهي التي تسمى اليوم السقيا- لم يكن بها ماء، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى مياه بني غفار على ميلين من القاحة، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم في صدر الوادي في الكهف الذي فيه المسجد، فنزله فبحث بيده في البطحاء، فنديت، فجلس ففحص، فانبعث عليه الماء. فبعث النبي صلى الله عليه وسلم فسقي، واستقى جميع من معه ما اكتفوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذه سقيا سقاكموها الله" فسميت السقيا.

أخرجه أبو منده وأبو نعيم.

علي النميري:

علي النميري. ذكره ابن قانع، وروى بإسناده عن عائذ بن ربيعة بن قيس النميري، عن علي بن فلان النميري قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: "المسلم أخو المسلم إذا لقيه حياه بالسلام، يرد عليه ما هو خير منه، لا يمنع الماعون" قال قلت: يا رسول الله، ما الماعون قال: "الحجر، والحديد، والماء، وأشباه ذلك".

علي الهلالي:

علي، أبو علي الهلالي. روى سفيان بن عيينة، عن علي بن علي الهلالي عن أبيه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في شكاته التي قبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها: فرقع رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إليها فقال: "حبيبتي فاطمة! ما يبكيك؟" قالت أخشى الضيعة بعدك. قال: "يا حبيبتي أما علمت أن الله اطلع على أهل الأرض اطلاعة، فاختار منها أباك، ثم اطلع إليها اطلاعة فاختار منها بعلك، وأوحى إليّ أن أنكحك إياه". أخرجه أبو نعيم وأبو موسى.

علي بن هبار:

علي بن هبار. في إسناده نظر. روى هشيم، عن أبي معشر، عن يحيى بن عبد الملك بن علي بن هبار بن الأسود عن أبيه، عن جده قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على دار "علي بن هبار" فسمع صوت دف، فقال: ما هذا؟ فقالوا: علي بن هبار تزوج فقال: هذا النكاح لا السفاح. أخرجه أبو منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: هذا وهم، وليس لذكر علي- يعني ابن هبار- في هذا الحديث أصل.

وقال: رواه محمد بن سلمة الحراني ومحمد بن عبيد الله العرزمي، عن عبد الله بن أبي عبد الله بن هبار بن الأسود، عن أبيه عن جده هبار، مثله. ولم يذكرا علياً.

باب العين والميم

عمار بن حميد:

عمار بن حميد، أبو زهير القفي، والد أبي بكر بن أبي زهير.

ورد كذلك في إسناده، وقيل: اسمه معاذ، أورده الحاكم أبو أحمد النيسابوري.

كذلك أخرجه أبو موسى.

عمار بن سعد:

عمار بن سعد القرظ المؤذن، له رؤية. روى عنه أبو أمامة بن سهل ومحمد، وحفص وسعد بنوه.

روى عبد الرحمن بن سعد، عن عمر بن حفص بن عمار بن سعد، عن أبيه، عن جده عمار بن سعد، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق دار هشام- يعني إلى العيدين-.

قاله ابن منده.

وقال أبو نعيم: ليس لعمار صحبة ولا رواية إلا عن أبيه سعد. حدث به غير واحد، عن ابن كاسب مجوداً. ورواه عن عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد، عن آبائهم، عن أجدادهم، عن سعد القرظ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في المطر.

عمار بن عبيد:

عمار بن عبيد الخثعمي- ويقال: عمارة، بزيادة هاء.

يعد في الشاميين. روى عنه داود بن أبي هند أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في هذه الأمة خمس فتن".

وهذا رواه حبان بن هلال، عن سليمان بن كثير، عن داود. وهو وهم، والصواب ما رواه حماد بن سلمة وحجاج بن منهال، عن داود، عن عمار، رجل من أهل الشام عن شيخ من خثعم.

أخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمار بن غيلان:

عمار بن غيلان بن سلمة الثقفي. أسلم هو وأخوه عامر قيل أبيهما ومات عامر في طاعون عمواس.
أخرجه أبو عمر وقال: لا أدري متى مات عمار؟.

عمار بن كعب:

عمار بن كعب وهو ابن أبي اليسر الأنصاري. ذكر في الصحابة، ولا يصح. روى عنه ابنه عمارة.

أخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمار بن معاذ:

عمار بن معاذ بن زرارة عمار بن معاذ الظفري بن عمرو بن غنم بن عدي بن الحارث بن مرة بن ظفر، الأنصاري الأوسي ثم الظفري أبو نملة.

شهد بدراً. كذا نسبه ابن أبي داود، وخالفه غيره، هو مشهور بكنيته، وسيذكر في الكنى إن شاء الله تعالى.. وحديثه: "ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم".

وقيل: اسمه عمارة، بزيادة هاء، ونذكره هناك، إن شاء الله تعالى.

أخرجه الثلاثة.

عمار بن ياسر:

عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن يام بن عنس بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب المذحجي ثم العنسي، أبو اليقظان.

وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، وهو حليف بني مخزوم. وأمه سمية، وهي أول من استشهد في سبيل الله، عز وجل، وهو وأبوه وأمه من السابقين. وكان إسلام عمار بعد بضعة وثلاثين. وهو ممن عذب في الله.

وقال الواقدي وغيره من أهل العلم بالنسب والخبر: إن ياسراً والد عمار عرني قحطاني مذحجي من عنس، إلا أن ابنه عماراً مولى لبني مخزوم، لأن أباه ياسراً تزوج أمة لبعض بني مخزوم، فولدت له عماراً.

وكان سبب قدوم ياسر مكة أنه قدم هو وأخوان له، يقال لهما:: "الحارث" "مالك"، في طلب أخ لهما رابع، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن، وأقام ياسر بمكة، فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وتزوج أمة له يقال لها: "سمية"، فولدت له عماراً، فأعتقه أبو حذيفة، فمن هاهنا صار عمار مولى لبني مخزوم، وأبوه عرني كما ذكرنا.

وأسلم عمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم هو وصهيب بن سنان في وقت واحد: قال عمار: لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقلت: أردت أن أدخل على محمد وأسمع كلامه. فقال: وأنا أريد ذلك. فدخلنا عليه، فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا.

وكان إسلامهم بعد بضعة وثلاثين رجلاً.

وروى يحيى بن معين، عن إسماعيل بن مجالد، عن مجالد، عن بيان، عن وبرة عن همام قال: سمعت عماراً يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما مه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر. وقال مجاهد: أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله، وأبو بكر، وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار، وأمه سمية.

واختلف في هجرته إلى الحبشة. وعذب في الله عذاباً شديداً.

أنبأنا أبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة التكريتي بإسناده إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن متويه في قوله عز وجل: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان" نزلت في عمار بن ياسر، أخذه المشركون فعذبوه فلم يتركوه، حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه. فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله! ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير! قال: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئناً بالإيمان. قال: فإن عادوا لك فعد لهم.

أخبرنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني رجال من آل عمار بن ياسر: أن سمية أم عمار عذبها هذا الحي من بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم على الإسلام، وهي تأبى غيره، حتى قتلوها. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعمار وأمه وأبيه وهم يعذبون بالأبطح في رمضاء مكة، فيقول "صبراً آل ياسر، موعدكم الجنة".

قال: وحدثنا يونس، عن عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمار بن ياسر وهو يبكي، يدلك عينيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لك أخذك الكفار فغطوك في الماء"، فقلت كذا وكذا، فإن عادوا لك فقل كما قلت.

قال: وحدثنا يونس، عن ابن إسحاق قال: حدثني حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس: أكان المشركون يبلغون من المسلمين في العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم فقال؟ نعم، والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر على أن يستوي جالساً، من شدة الضر الذي به حتى إنه ليعطيهم ما سألوه من الفتنة، وحتى يقولوا له: اللات والعزى إلهك من دون الله؟ فيقول: نعم. وحتى إن الجمل ليمر بهم، فيقولون له: هذا الجمل إلهك من دون الله فيقول: نعم. اقتداء لما يبلغون من جهده.

وهاجر إلى المدينة، وشهد بدراً، وأحداً والخندق، وبيعة الرضوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدراً من بني مخزوم، قال: "..وعمار بن ياسر".

وكلهم قالوا: إنه شهد بدراً، وأحداً، وغيرهما.

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقي بها، أنبأنا أبو العشائر محمد بن خليل بن فارس، أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، حدثنا إبراهيم بن أبي سفيان القيسراني، حدثنا محمد بن يوسف الفرياني، حدثنا الثوري، عن عبد الملك بن عمير، عن مولى لربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدى عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد".

أنبأنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا العوام- يعني ابن حوشب- عن سلمة بن كهيل، عن علقمة عن خالد بن الوليد قال: كان بيني وبين عمار كلام، فأغلظت له في القول، فانطلق عمار يشكوني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء خالد وهو يشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فجعل يغلظ له، ولا يزيده إلا غلظة، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم، فبكى عمار وقال: يا رسول الله، ألا تراه! فرفع رأسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "من عادى عماراً عاداه الله، ومن أبغض عماراً أبغضه الله". قال خالد: فخرجت فما كان شيء أحب إليّ من رضا عمار، فلقيته فرضي.

وأنبأنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا وكيع حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ، عن علي قال: جاء عمار يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "ائذنوا له، مرحباً بالطيب المطيب". أنبأنا إبراهيم بن محمد وغير واحد بإسنادهم عن أبي عيسى الترمذي قال: حدثنا القاسم بن دينار الكوفي، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن عبد العزيز بن سياه، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن يسار، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما".

قال: وحدثنا الترمذي، حدثنا أبو مصعب المديني، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبشر يا عمار، تقتلك الفئة الباغية".

وقد روي نحو هذا عن أم سلمة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وحذيفة.

وروى شعبة أن رجلاً قال لعمار: أيها العبد الأجدع! قال عمار: سيب خبر أذني- قال شعبة: وكانت أصيبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا وهم من شعبة، والصواب أنها أصيبت يوم اليمامة.

ومن مناقبه أنه أول من بنى مسجداً في الإسلام.

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بكير عن عبد الرحمن بن عبد الله عن الحكم بن عتيبة قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أول ما قدمها ضحّى، فقال عمار: ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم بد أن نجعل له مكاناً إذا استظل من قائلته ليستظل فيه، ويصلي فيه: فجمع حجارة، فبنى مسجد قباء، فهو أول مسجد بني وعمار بناه.

أنبأنا إسماعيل بن علي وغيره بإسنادهم عن محمد بن عيسى: أنبأنا عمرو بن علي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن ع، عن أبيه، عن عمار بن ياسر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالتيمم، للوجه والكفين.زرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى وشهد عمار قتال مسيلمة، فروى نافع، عن ابن عمر قال: رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة، قد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين، أمن الجنة تفرون، إليّ إليّ، أنا عمار بن ياسر، هلموا إليّ- قال: وأنا أنظر إلى أذنه قد قطعت، فهي تذبذب وهو يقاتل أشد القتال.

ومناقب عمار المروية كثيرة اقتصرنا منها على هذا القدر.

واستعمله عمر بن الخطاب على الكوفة، وكتب إلى أهلها: "أما بعد، فإني قد بعثت إليكم عماراً أميراً، وعبد الله بن مسعود وزيراً ومعلماً، وهما من نجباء أصحاب محمد، فاقتدوا بهما".

ولما عزله عمر قال له: أساءك العزل؟ قال: والله لقد ساءتني الولاية، وساءني العزل.

ثم إنه بعد ذلك صحب علياً رضي الله عنهما، وشهد معه الجمل وصفين، فأبلى فيهما ما قال أبو عبد الرحمن السلمي: شهدنا صفين مع علي، فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية صفين غلا رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبعونه، كأنه علم لهم، قال: وسمعته يومئذ يقول لهاشم بن عتبة بن أبي وقاص: يا هاشم، تفر من الجنةž! الجنة تحت البارقة، اليوم ألقى الأحبة، محمداً وحزبه، والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على حق، وأنهم على الباطل.

وقال أبو البختري: قال عمار بن ياسر يوم صفين: ائتوني بشربة. فأتي بشربة لبن، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن"، وشربها ثم قاتل حتى قتل.

وكان عمره يومئذ أربعاً وتسعين سنة، وقيل: ثلاث وتسعون، وقيل: إحدى وتسعون.

وروى عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً. وشهد صفين ولم يقاتل، وقال: لا اقاتل حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية". فلما قتل عمار قال خزيمة "ظهرت لي الضلالة". ثم تقدم فقاتل حتى قتل.

وكان عمره يومئذ أربعاً وتسعين، وقيل: إحدى وتسعون.

وروى عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً. وشهد صفين ولم يقاتل، وقال: لا اقاتل حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية" فلما قتل عمار قال خزيمة "ظهرت لي الضلالة". ثم تقدم فقاتل حتى قتل.

ولما قتل عمار قال: "ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم". وقد اختلف في قاتله، فقيل: قتله أبو الغادية المزني وقيل: الجهني طعنه طعنة فقط، فلما وقع أكب عليه آخر فاحتز رأسه، فأقبلا يختصمان، كل منهما يقول: "أنا قتلته". فقال عمرو بن العاص: والله إن يختصمان إلا في النار، والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.

وقيل: حمل عليه عقبة بن عامر الجهني، وعمرو بن حارث الخولاني، وشريك بن سلمة المرادي فقتلوه.

وكان قتله في ربيع الأول أو: الآخر- من سنة سبع وثلاثين، ودفنه علي في ثيابه، ولم يغسله. وروى أهل الكوفة أنه صلى عليه، وهو مذهبهم في الشهيد أنه يصلي عليه ولا يغسل.

وكان عمار آدم، طويلاً، مضطرباً، أشهل العينين، بعيد ما بين المنكبين. وكان لا يغير شيبه، وقيل: كان أصلع في مقدم رأسه شعرات.

وله أحاديث، روى عنه علي بن طالب، وابن عباس، وأبو موسى، وجابر، وأبو أمامة، وأبو الطفيل، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه من التابعين: ابنه محمد بن عمار، وابن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمن، ومحمد بن الحنفية، وأبو وائل، وعلقمة، وزر بن حبيش، وغيرهم.

أخرجه الثلاثة.

عمارة بن أحمر المازني:

عمارة بن أحمر المازني- بضم العين، وفي آخره هاء- وهو: عمارة بن أحمر المازني.

ذكره محمد بن إسماعيل البخاري في الوحدان من الصحابة، روت قتيلة بنت جميع، عن يزيد بن حنفية، عن أبيه قال: سمعت عمارة بن أحمر المازني يقول: أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطردوا الإبل، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فردها عليّ، ولم يكونوا اقتسموها بعد.

أخرجه الثلاثة.

عمارة بن أوس بن خالد:

عمارة بن أوس بن خالد بن عبيد بن أمية بن عامر بن خطمة الأنصاري.

قاله ابن منده وأبو نعيم، ورويا له حديث تحويل القبلة.

وقال أبو عمر: عمارة بن أوس بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري.

والأول أصح. وهو كوفي، روى عنه زياد بن علاقة.

أنبأنا أبو الفضل المخزومي الفقيه بإسناده عن أبي يعلى الموصلي قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا قيس بن الربيع، عن زياد بن علاقة، عن عمارة بن أوس- وقد كان صلى القبلتين جميعاً- قال: إني لفي منزلي، إذا مناد ينادي على الباب: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حول القبلة. فأشهد على إمامنا والرجال والنساء والصبيان، لقد صلوا إلى هاهنا- يعني بيت المقدس- وإلى هاهنا- يعني الكعبة.

أخرجه الثلاثة.

عمارة بن ثابت الأنصاري:

عمارة بن ثابت الأنصاري، أخو خزيمة بن ثابت. تقدم نسبه عند ذكر أخيه. روى عنه ابن أخيه عمارة بن خزيمة بن ثابت.

روى يونس، عن الزهري، عن ابن خزيمة، عن عمه عمارة- وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن خزيمة بن ثابت أري في المنام أنه يسجد على جبهة النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى خزيمة النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه، فاضطجع له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "صدق رؤياك" فسجد على جبهته.
ورواه أبو اليمان، عن شعبة وقال: إن عمه حدثه- وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. أخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمارة بن حزم الأنصاري:

عمارة بن حزم الأنصاري بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي، ثم من بني النجار. أخو عمرو بن حزم. وأمه خالدة بنت أنس بن سنان بن وهب بن لوذان.

كان من السبعين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة في قول الجميع، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت معه راية بني مالك بن النجار يوم الفتح، وشهد قتال أهل الردة مع خالد بن الوليد، وقتل يوم اليمامة شهيداً.

روى ابن لهيعة، عن يزيد بن محمد، عن زياد بن نعيم، عن عمارة بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أربع من عمل بهن كان من المسلمين، ومن ترك واحدة منهن لم تنفعه الثلاث". قلت لعمارة: ما هن؟ قال: الصلاة، والزكاة، وصيام رمضان، والحج.

أخرجه الثلاثة.

عمارة بن حزن بن شيطان:

عمارة بن حزن بن شيطان. جاهلي أدرك الإسلام، وأسلم. روى عنه ابنه أبي بن عمارة. ذكره أبو بكر الإسماعيلي في الصحابة. يروي حديث خالد بن سنان ونار الحدثان، أورده أبو سعيد النقاش عنه في العجائب.

أخرجه أبو موسى.

عمارة بن أبي حسن الأنصاري:

عمارة بن أبي حسن الأنصاري المازني. له صحبة، عداده في أهل المدينة.

وقال أبو أحمد في تاريخه: له صحبة، عقبى بدري. قاله ابن منده.

وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين- يعني ابن منده- وفيه نظر.

وقال أبو عمر: عمارة بن أبي حسن المازني الأنصاري، جد عمرو بن يحيى المازني شيخ مالك. له صحبة ورواية، وأبوه "أبو حسن" كان عقبياً بدرياً.

عمارة بن حمزة:

عمارة بن حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وابن سيد الشهداء. أمه خولة بنت قيس بن فهد بن مالك بن النجار، وبه كان حمزة يكنى. وقيل: إن حمزة رضي الله عنه كان يكنى بابنه يعلى. ولا عقب لحمزة، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعمارة ويعلى ابني حمزة أعوام.

أخرجه أبو عمر كذا، وقال: لا أحفظ لواحد منهما رواية.

عمارة بن راشد:

عمارة بن راشد بن مسلم. أورده جعفر وقال: "ذكره يحيى بن يونس. وأخرج له حديثاً. وقال: إنه يروي عن أبي هريرة. روى عنه أهل الشام ومصر وهو من التابعين، لا تثبت له صحبة.

أخرجه أبو موسى.

عمارة بن رويبة:

عمارة بن رويبة الثقفي، من بني جشم بن ثقيف. كوفي. روى عنه ابنه أبو بكر، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهما.
أنبأنا إبراهيم بن محمد وغيره بإسنادهم عن أبي عيسى قال: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا هشيم، حدثنا حصين قال: سمعت عمارة بن رويبة- وبشر بن مروان يخطب- فرفع يديه في الدعاء، فقال عمارة: قبح الله هاتين اليديتين القصيرتين! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، وما يزيد على أن يقول هكذا- أشار هشيم بالسبابة.

أخرجه الثلاثة.

عمارة بن زعكرة:

عمارة بن زعكرة الكندي يعد في الشاميين، يكنى أبا عدي. روى عنه عبد الرحمن بن عائذ اليحصبي.
أنبأنا أبو إسحاق بن محمد بإسناده عن محمد بن عيسى. حدثنا أبو الوليد الدمشقي حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني عفير بن معدان، أنه سمع أبا دوس اليحصبي يحدث عن ابن عائذ اليحصبي، عن عمارة بن زعكرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عز وجل يقول: إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه".

أخرجه الثلاثة.

عمارة بن زياد:

عمارة بن زياد بن السكن بن رافع الأنصاري الأشهلي. تقدم نسبه عند ذكر أبيه استشهد يوم أحد.

أنبأنا أبو جعفر بن السمين بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: فحدثني الحصين بن عبد الرحمن، عن محمود بن عمرو بن يزيد بن السكن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد، حين غشيه القوم. من رجل يشري لنا نفسه؟ فقام زياد بن السكن في خمسة نفر من الأنصار- وبعض الناس يقول. إنما هو عمار بن زياد بن السكن- فقاتلوا دون رسول الله رجلاً رجلاً يقتلون دونه، حتى كان آخرهم زياداً- أو عمارة بن زياد، فقاتل حتى أثبتته الجراحة. ثم فاءت فئة من المسلمين فأجهضوهم عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدنوه مني. فأدنوه منه. فوسده قدمه، فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولم يذكروه فيمن شهد بدراً، وقال هشام بن الكلبي: إن عمارة بن زياد بن السكن قتل يوم بدر، وإن أباه زياد بن السكن قتل يوم أحد. والله أعلم.

أخرجه الثلاثة.

عمارة بن سعد:

عمارة بن سعد أو: سعد بن عمارة- أبو سعيد الزرقي. ذكره الثلاثة في سعد بن عمارة هكذا على الشك، ولم يخرجوه هاهنا، ولا استدركه أبو موسى على ابن منده، وقد ذكرناه في السين.

عمارة بن شبيب:

عمارة بن شبيب السبئي: ذكر في الصحابة، وقيل: عمار. روى عنه أبو عبد الرحمن الحبلي وهو من أصل مصر.

أخبرنا غير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى السلمي قال: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن الجلاح أبي كثير، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عمارة بن شبيب السبئي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير"، عشر مرات، على إثر المغرب، بعث الله له مسلحة يحفظونه من الشيطان حتى يصبح، وكتب له بها عشر حسنات موجبات، ومحا عنه عشر سيئات موبقات، وكانت له بعدل عشر رقاب مؤمنات.

قال الترمذي: لا نعرف لعمارة بن شبيب سماعاً من النبي صلى الله عليه وسلم.

السبئي: بالسين المهملة والباء الموحدة، نسبة إلى سبأ.

عمارة بن عامر:

عمارة بن عامر بن المشنج بن الأعور بن قشير القشيري ذكر الغلابي، عن رجل من بني عامر من أهل الشام قال: صحبه- يعني النبي صلى الله عليه وسلم- من بني قشير جد بهز بن حكيم، وعمارة بن عامر بن المشنج.
مشنج: بضم الميم، وفتح الشين المعجمة، وتشديد النون. قاله أبو نصر بن ماكولا.

عمارة بن عبيد:

عمارة بن عبيد- وقيل: ابن عبيد الله- الخثعمي. وقيل: عمار بن عبيد الحنفي، وقد تقدم في عمار. وعمارة- بإثبات الهاء- أصح.

روى عنه داود بن أبي هند أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر خمس فتن، أعلم أن أربعاً قد مضت، والخامسة فيكم يا أهل الشام، وذلك عند هزيمة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث.

أخرجه الثلاثة، وقال أبو عمر: يقال إن بين داود وبينه رجلاً من الشام.

عمارة بن عقبة:

عمارة بن عقبة بن حارثة، من بني غفار بن مليل الكناني ثم الغفاري. استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر.

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق في تسمية من استشهد يوم خيبر قال: .. ومن بني غفار: عمارة بن عقبة بن حارثة، رمي بسهم فمات منه.

أخرجه الثلاثة.

عمارة بن عقبة بن أبي معيط:

عمارة بن عقبة بن أبي معيط- واسم أبي معيط: أبان- بن أبي عمرو- ذكوان- بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي. أخو الوليد بن عقبة.

روى عنه ابنه مدرك أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه، قال: فقبض يده- قال: فقال بعض القوم: إنما يمنعه هذا الخلوق الذي في يدك- قال: فذهب فغسله، ثم جاء فبايعه وكان عمارة وأخواه: الوليد وخالد من مسلمة الفتح.

أخرجه الثلاثة، إلا أن أبا عمر لم يورد له حديثاً.

عمارة بن عمير الأنصاري:

عمارة بن عمير الأنصاري. روى عنه أبو يزيد المدني.

مختلف فيه، ويذكر في عمرو بن عمير، ويذكر الاختلاف فيه، إن شاء الله تعالى.

أخرجه أبو عمر.

عمارة بن غراب:

عمارة بن غراب. أورده جعفر وقال: ذكره يحيى بن يونس وأخرج له حديثاً، وقال: هو رجل من حمير، قال: وهو من التابعين.

أخرجه أبو موسى.

عمارة بن مخلد بن الحارث:

عمارة بن مخلد بن الحارث- وقيل: عامر بن خالد. استشهد يوم أحد، قاله موسى بن عقبة عن ابن شهاب، وهو من الأنصار.

أخرجه أبو نعيم وأبو موسى.

عمارة بن معاذ بن زرارة الأنصاري:

عمارة بن معاذ بن زرارة الأنصاري، أبو نملة. قيل: هو اسمه، له صحبة، قاله أبو حاتم البستي.

وقال ابن أبي خيثمة: اسمه عمار، وقد ذكرناه.

أخرجه أبو موسى.

عمارة أبو مدرك بن عمارة:

عمارة أبو مدرك بن عمارة. لم يرو عنه غير ابنه مدرك، حديثه في الخلوق: أنه لم يبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غسل يديه منه. يعد في أهل البصرة.

أخرجه أبو عمر.

قلت: وهم أبو عمر فيه، فإن مدركاً هو ابن عمارة بن عقبة بن أبي معيط، وقد أخرجه أبو عمر أيضاً في ترجمة عمارة بن عقبة؛ إلا أنه لم يرو عنه هناك حديثاً، ولا ذكر ابنه مدركاً حتى يعلم: هل هو هذا أو غيره؟ وهما واحد، والحديث الذي اخرج له ابن منده وأبو نعيم في ترجمة عمارة بن عقبة يدل على أنه هذا، والله اعلم.

عمر الأسلمي:

عمر الأسلمي، وقيل: الجهني. غير منسوب، ذكره الحضرمي في الوحدان.

روى محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن عمه القاسم، عن وكيع، عن عمه المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن يزيد بن نعيم، عن رجل من جهينة- يقال له: عمر- أسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه يقول: من عرف ابنه في الجاهلية، ففيه رقبة يفكه بها.

ورواه سفيان بن وكيع، عن أبيه بإسناده، وقال: إن عمر الأسلمي اتبع رجلاً من أسلم يقال له: عبيد بن عويم، فوقع على وليدته زنا، فحملت فولدت غلاماً يقال له: حمام، وذلك في الجاهلية، وأن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وكلمه في ابنه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تسلم ابنك ما استطعت. فأخذ ابنه، وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، وأعطى مولاه غلاماً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل وجد ابنه فإن فكاكه رقبة يفكه بها".

أخرجه أبو نعيم وأبو موسى.

عمر الجمعي:

عمر الجمعي. أورده كذا ابن منده وأبو نعيم وقالا: هو وهم، وصوابه: عمرو بن الحمق. روى بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن عمر الجمعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله". قال: وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل موته".

أخرجه ابن منده وأبو نعيم. وقد استدركه أبو علي الغساني على أبي عمر، فقال: عمر الجمعي. ورواه عن مالك بن سليمان الألهاني، عن بقية، عن ابن ثوبان، يرده إلى مكحول، يرده إلى جبير بن نفير، يرده إلى عمر الجمعي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته".

وقد أورده ابن أبي عاصم هكذا أيضاً. وكذلك هو في مسند أحمد بن حنبل أخبرنا به أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد: حدثني أبي، حدثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه قالا: حدثنا بقية بن الوليد، حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير: أن عمر الجمعي حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته. فسأله رجل من القوم: ما استعماله؟ قال: "يهديه الله إلى العمل الصالح قبل موته، ثم يقبضه على ذلك".

والوهم فيه من بقية.

عمر بن الحكم السلمي:

عمر بن الحكم السلمي. روى مالك بن أنس، عن هلال بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن عمر بن الحكم السلمي قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن جارية لي ترعى غنماً لي، فجئتها ففقدت شاة من الغنم، فسألتها عنها، فقالت- قتلها الذئب- فأسفت عليها، وكنت من بني آدم، فلطمت وجهها، وعلي رقبة أفأعتقها؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أين الله" ؟ قالت: في السماء. قال: "من أنا"؟ فقالت: أنت رسول الله. فقال: "أعتقها فإنها مؤمنة". وذكر قصة الكهان والطيرة.

قيل: إن عمر توفي سنة سبع وخمسين.

أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال ابن مده: وهذا مما وهم فيه مالك، والصواب: "معاوية بن الحكم"، هكذا قاله ابن المديني والبخاري وغيرهما.

عمر بن الخطاب:

عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي، أبو حفص.

وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وقيل: حنتمة بنت هشام بن المغيرة، فعلى هذا تكون أخت أبي جهل، وعلى الأول تكون ابنة عمه- قال أبو عمر: ومن قال ذلك- يعني بنت هشام- فقد أخطأ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل والحارث ابني هشام، وليس كذلك وإنما هي ابنة عمهما، لأن هشاماً وهاشماً ابني المغيرة أخوان، فهاشم والد حنتمة، وهشام والد الحارث، وأبي جهل، وكان يقال لهاشم جد عمر: ذو الرمحين.

وقال ابن منده: أم عمر أخت أبي جهل. وقال أبو نعيم: هي بنت هشام أخت أبي جهل، وأبو جهل خاله. ورواه عن ابن إسحاق.

وقال الزبير: حنتمة بنت هاشم فهي ابنة عم أبي جهل- كما قال أبو عمر- وكان لهاشم أولاد فلم يعقبوا.
يجتمع عمر وسعيد بن زيد رضي الله عنهما في نفيل.

ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة. روي عن عمر أنه قال: ولدت بعد الفجار الأعظم بأربع سنين.

وكان من أشرف قريش وإليه كانت السفارة في الجاهلية، وذلك أن قريشاً كانوا إذا وقع بينهم حرب أو بينهم وبين غيرهم، بعثوه سفيراً، وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر، رضوا به، بعثوه منافراً و مفاخراً.

إسلامه رضي الله عنه:

لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، كان عمر شديداً عليه وعلى المسلمين. ثم أسلم بعد رجال سبقوه، قال هلال بن يساف: أسلم عمر بعد أربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة. وقيل: أسلم بعد تسعة وثلاثين رجلاً وعشرين امرأة، فكمل الرجال به أربعين رجلاً.

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة التكريتي بإسناده إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن متويه قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن أحمد الأصفهاني، أنبأنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ، حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدثنا صفوان بن المغلس، حدثنا إسحاق بن بشر. حدثنا خلف بن خليفة، عن أبي هاشم الرماني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلاً وامرأة. ثم إن عمر أسلم فصاروا أربعين، فنزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى: "يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين". وقال عبد الله بن ثعلبة بن صعير: أسلم عمر بعد خمسة وأربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة.

وقال سعيد بن المسيب: أسلم عمر بعد أربعين رجلاً وعشر نسوة، فما هو إلا أن أسلم عمر فظهر الإسلام بمكة.

وقال الزبير: أسلم عمر بعد أن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وبعد أربعين أو نيف وأربعين بين رجال ونساء.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام- يعني أبا جهل".

أنبأنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا شريح بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب: خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال: فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش. قال: فقرأ "إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون". قال: قلت: كاهن. قال: "ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون تنزيل من رب العالمين". :ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمن ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين".. إلى آخر السورة، فوقع الإسلام في قلبي كل موقع. أنبأنا العدل أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري التغلبي الدمشقي، أنبأنا الشريف النقيب أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر العلوي الحسيني، وأبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد قراءة عليهما وأنا أسمع، قالا: أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، أنبأنا محمد بن عوف، أنبأنا سفيان الطائي قال: قرأت على إسحاق بن إبراهيم الحنفي قال: ذكره أسامة بن زيد، عن أبيه، عن جده أسلم قال: قال لنا عمر بن الخطاب: أتحبون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامي؟ قلنا: نعم. قال: كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا يوماً في يوم حار شديد الحر بالهاجرة، في بعض طرق مكة، إذ لقيني رجل من قريش فقال: أين تذهب يا ابن الخطاب؟ أنت تزعم أنك هكذا وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك؟! قال: قلت: وماذا ذاك؟ قال: أختك قد صبأت. قال: فرجعت مغضباً، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة، فيكونان معه، ويصيبان من طعامه. وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين، قال: فجئت حتى قرعت الباب، فقيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب- قال: وكان القوم جلوساً يقرؤون القرآن في صحيفة معهم- فلما سمعوا صوتي تبادروا واختفوا، وتركوا- أو: نسوا الصحيفة من أيديهم. قال: فقامت المرأة ففتحت لي، فقلت: يا عدوة نفسها، قد بلغني أنك صبوت! قال: فأرفع شيئاً في يدي فأضربها به، قال: فسال الدم. قال: فلما رأت المرأة الدم بكت، ثم قالت: يا ابن الخطاب، ما كنت فاعلاً فافعل، فقد أسلمت. قال: فدخلت وأنا مغضب فجلست على السرير، فنظرت فإذا بكتاب في ناحية البيت، فقلت: ما هذا الكتاب؟ أعطينيه. فقالت: لا أعطيك، لست من أهله، أنت لا تغتسل من الجنابة، ولا تطهر، وهذا لا يمسه إلا المطهرون! قال: فلم أزل بها حتى أعطتنيه، فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم" فلما مررت ب "الرحمن الرحيم"، ذعرت ورميت بالصحيفة من يدي- قال: ثم رجعت إليّ نفسي، فإذا فيها: "سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم" قال: فكلما مررت باسم من أسماء الله عز وجل ذعرت، ثم ترجع إليّ نفسي، حتى بلغت: "آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه" حتى بلغت إلى قوله: "إن كنتم مؤمنين"- قال: فقلت: "اشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله"- قال: فخرج القوم يتبادرون بالتكبير، استبشاراً بما سمعوه مني، وحمدوا الله عز وجل، ثم قالوا: يا ابن الخطاب، أبشر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الإثنين فقال: "اللهم، أعز الإسلام بأحد الرجلين: إما عمرو بن هشام، وإما عمر بن الخطاب، وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله لك. فأبشر- قال: فلما عرفوا مني الصدق قلت لهم، أخبروني بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: هو في بيت في أسفل الصفا- وصفوه- قال: فخرجت حتى قرعت الباب، قيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب. قال: وقد عرفوا شدتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلموا بإسلامي- قال: فما اجترأ أحد منهم أن يفتح الباب! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افتحوا له، فإنه إن يرد الله به خيراً يهده". قال: ففتحوا لي، وأخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فقال: أرسلوه قال: فأرسلوني، فجلست بين يديه، قال: فأخذ بمجمع قميصي فجذبني إليه، ثم قال: "أسلم يا ابن الخطاب، اللهم اهده". قال: قلت: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله"، فكبر المسلمون تكبيرة، سمعت بطرق مكة- قال: وقد كان استخفى- قال: ثم خرجت فكنت لا أشاء أن أرى رجلاً قد أسلم يضرب إلا رأيته- قال: فلما رأيت ذلك قلت: لا أحب إلا أن يصيبني ما يصيب المسلمين، قال: فذهبت إلى خالي- وكان شريفاً فيهم- فقرعت الباب عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: ابن الخطاب. قال: فخرج إليّ، فقلت له: أشعرت أني قد صبوت؟ قال: فعلت؟ فقلت: نعم. قال: لا تفعل! قال: فقلت: بلى، قد فعلت. قال: لا تفعل! وأجاف الباب دوني وتركني. قال قلت: ما هذا بشيء! قال: فخرجت حتى جئت رجلاً من عظماء قريش، فقرعت عليه الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: عمر بن الخطاب. قال: فخرج إليّ، فقلت له: أشعرت أني قد  صبوت؟ قال: فعلت؟ فقلت: نعم. قال: فلا تفعل! قلت: قد فعلت. قال: لا تفعل! قال: ثم قام فدخل، وأجاف الباب دوني. قال: فلما رأيت ذلك انصرفت. فقال لي رجل: تحب أن يعلم إسلامك؟ قال قلت: نعم. قال: فإذا جلس الناس في الحجر واجتمعوا أتيت فلاناً- رجلاً لم يكن يكتم السر- فاصغ إليه، وقل له- فيما بينك وبينه- :"إني قد صبوت"، فإنه سوف يظهر عليك ويصيح ويعلنه. قال: فاجتمع الناس في الحجر، فجئت الرجل فدنوت منه، فأصغيت إليه فيما بيني وبينه، فقلت: أعلمت أني قد صبوت؟" فقال: "ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ". قال: فما زال الناس يضربونني وأضربهم، قال: فقال خالي: ما هذا؟ فقيل: ابن الخطاب! قال: فقام على الحجر فأشار بكمه فقال: "ألا إني قد أجرت ابن أختي". قال: فانكشف الناس عني، وكنت لا أشاء أن أرى أحداً من المسلمين يضرب إلا رأيته وأنا لا أضرب. قال فقلت: ما هذا بشيء حتى يصيبني مثل ما يصيب المسلمين؟ قال: فأمهلت حتى إذا جلس الناس في الحجر، وصلت إلى خالي فقلت: اسمع. فقال: ما أسمع؟ قال: قلت: جوارك عليك رد. قال: فقال: لا تفعل يا ابن أختي. قال: قلت: بل هو ذاك. فقال: ما شئت! قال: فما زلت أضرب وأضرب حتى أعز الله الإسلام.

أنبأنا أبو جعفر بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: ثم إن قريشاً بعثت عمر بن الخطاب، وهو يومئذ مشرك، في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله في دار في أصل الصفا، فلقيه النحام- وهو نعيم بن عبد الله بن أسيد، وهو أخو بني عدي بن كعب، قد أسلم قبل ذلك، وعمر متقلد سيفه- فقال: يا عمر، أين تريد؟ فقال: أعند إلى محمد الذي سفه أحلام قريش، وشتم آلهتهم، وخالف جماعتهم. فقال النحام: والله لبئس الممشى يا عمر! ولقد فرطت وأردت هلكة عدي بن كعب! أو تراك تفلت من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمداً؟ فتحاوروا حتى ارتفعت أصواتهما، فقال له عمر: إني لأظنك قد صبوت، ولو أعلم ذلك لبدأت بك! فلما رأى النحام أنه غير منته قال: فإني أخبرك أن أهلك وأهل ختنك قد أسلموا، واركوك وما أنت عليه من ضلالتك. فلما سمع عمر تلك يقولها قال: وأيهم؟ قال: ختنك وابن عمك وأختك. فانطلق عمر حتى أتى أخته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتته طائفة من أصحابه من ذوي الحاجة، نظر إلى أولي السعة، فيقول: عندك فلان. فوافق ذلك ابن عم عمر وختنة- زوج أخته- سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خباب بن الأرت، وقد أنزل الله تعالى: "طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى".

وذكر نحو ما تقدم، وفيه زيادة ونقصان. قال ابن إسحاق: فقال عمر عند ذلك- يعني إسلامه: والله لنحن بالإسلام أحق أن نبادي منا بالكفر، فليظهرن بمكة دين الله، فإن أراد قومنا بغياً علينا ناجزناهم، وإن قومنا أنصفونا قبلنا منهم. فخرج عمر وأصحابه فجلسوا في المسجد، فلما رأت قريش إسلام عمر سقط في أيديهم. قال ابن إسحاق: حدثني نافع، عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر بن الخطاب قال: أي أهل مكة أنقل للحديث؟ فقالوا: جميل بن معمر. فخرج عمر وخرجت وراء أبي، وأنا غليم أعقل كل ما رأيت، حتى أتاه فقال: يا جميل هل علمت أني أسلمت؟ فوالله ما راجعه الكلام حتى قام يجر رداءه، وخرج عمر يتبعه، وأنا مع أبي، حتى إذا قام على باب مسجد الكعبة، صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، إن عمر قد صبأ. فقال عمر: كذبت! ولكني أسلمت. فثاوروه، فقاتلوه وقاتلهم حتى قامت الشمس على رؤوسهم، فطلح وعرشوا على رأسه قياماً وهو يقول: "اصنعوا ما بدا لكم، فأقسم بالله لو كنا ثلاثمائة رجل تركتموها لنا، أو تركناها لكم".

وذكر ابن إسحاق أن الذي أجار عمر هو العاص بن وائل أبو عمر بن العاص السهمي وإنما قال عمر إنه خاله لأن حنتمة أم عمر هي بنت هاشم بن المغيرة، وأمها الشفاء بنت عبد قيس بن عدي بن سعد بن سهم السهمية، فلهذا جعله خاله، وأهل الأم كلهم أخوال، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "هذا خالي" لأنه زهري، وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم زهرية. وكذلك القول في خاله الآخر الذي أغلق الباب في وجهه أنه أبو جهل، فعلى قول من يجعل أم عمر أخت أبي جهل، فهو خال حقيقة، وعلى قول من يجعلها ابنة عم أبي جهل، يكون مثل هذا.

وكان إسلام عمر في السنة السادسة، قاله محمد بن سعد.

أخبرنا غير واحد إجازة قالوا: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا أبو علي بن القهم أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا أبو حرزة يعقوب بن مجاهد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي عمرو ذكوان قال: قلت لعائشة: من سمى عمر الفاروق؟ قالت: النبي صلى الله عليه وسلم.

حزرة: بفتح الحاء المهملة، وتسكين الزاي، وبعدها راء، ثم هاء.

قال وأنبأنا محمد بن سعد أنبأنا أحمد بن محمد الأزرقي المكي، حدثنا عبد الرحمن بن حسن، عن أيوب بن موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق: فرق الله به بين الحق والباطل".

وقال ابن شهاب: بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر: الفاروق.

أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري الدمشقي، أنبأنا الشريف أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر العلوي الحسيني، وأبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي قالا: أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، حدثنا أبو عبيدة السري بن يحيى بن أخي هناد بن السري بالكوفة، حدثنا شعيث بن إبراهيم، حدثنا سيف بن عمر، عن وائل بن داود، عن يزيد البهي قال: قال الزبير بن العوام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب".

أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور بن محمد بن سعيد، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان، حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا جعفر بن عون ويعلى بن عبيد والفضل بن دكين قالوا: حدثنا مسعر، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عبد الله بن مسعود: كان إسلام عمر فتحاً. وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة. ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي في البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا.

قال: وحدثنا ابن مردويه، حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا الحسن بن علي المعمري، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا جرير، عن عمر بن سعيد، عن مسروق، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة قال: لما أسلم عمر كان الإسلام كالرجل المقبل، لا يزداد إلا قرباً. فلما قتل عمر كان الإسلام كالرجل المدبر، لا يزداد إلا بعداً.

هجرته رضي الله عنه:

أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله الدقاق إذناً، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، حدثنا أبو محمد الجوهري إملاء، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الحافظ، حدثنا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني بالبصرة، حدثنا الزبير بن محمد بن خالد العثماني بمصر سنة خمس وستين ومائتين، حدثنا عبد الله بن القاسم الأبلي، عن أبيه، عن عقيل بن خالد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن عبد الله بن العباس قال: قال لي علي بن أبي طالب: ما علمت أن أحداً من المهاجرين هاجر إلا مختفياً، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهماً، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعاً متمكناً، ثم أتى المقام فصلى متمكناً، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، وقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، ويوتم ولده، ويرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي. قال علي: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه.

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب قال: لما اجتمعنا للهجرة اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل: قلنا: الميعاد بيننا "التناضب من أضاة بني غفار، فمن أصبح منكم لم يأتها فليمض صاحباه. فأصبحت عندها أنا وعياش بن أبي ربيعة، وحبس عنا هشام، وفتن فافتتن. وقدمنا المدينة.

قال ابن إسحاق: نزل عمر بن الخطاب، وزيد بن الخطاب، وعمرو وعبد الله ابنا سراقة، وحنيس بن حذافة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وواقد بن عبد الله، وخولي بن أبي خولي، وهلال بن أبي خولي، وعياش بن أبي ربيعة، وخالد وإياس وعاقل بنو البكير، نزل هؤلاء على رفاعة بن المنذر، في بني عمرو بن عوف.

أنبأنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن بدران، أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الفارسي، أنبأنا أبو بكر القطيعي، أنبأنا عبد الله بن احمد، حدثني أبي، حدثنا عمرو بن محمد أبو سعيد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، ثم قدم علينا ابن أم مكتوم الأعمى، أخو بني فهر. ثم قدم علينا عمر بن الخطاب في عشرين راكباً، فقلنا: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو على أثري. ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه.

شهوده رضي الله عنه بدراً وغيرها من المشاهد:

شهد عمر بن الخطاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً، وأحداً، والخندق وبيعة الرضوان، وخيبر، والفتح، وحنيناً، وغيرها من المشاهد، وكان أشد الناس على الكفار. وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسله إلى أهل مكة يوم الحديبية، فقال: "يا رسول الله، قد علمت قريش شدة عداوتي لها، وإن ظفروا بي قتلوني". فتركه، وأرسل عثمان.

أنبأنا أبو جعفر بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير عن ابن إسحاق- في مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر- قال: وسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين على واد يقال: "ذفران"، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان ببعضه نزل. وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فقال أبو بكر فأحسن، ثم قام عمر فقال فأحسن. وذكر تمام الخبر.

وهو الذي أشار بقتل أسارى المشركين ببدر، والقصة مشهورة.

وقال ابن إسحاق وغيره من أهل السير، ممن شهد بدراً من بني عدي بن كعب: عمر بن الخطاب بن نفيل، لم يختلفوا فيه.

وشهد أيضاً أحداً، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال: حدثني الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة قالا: لما أراد أبو سفيان الانصراف أشرف على الجبل، ثم نادى بأعلى صوته: إن الحرب سجال يوم بيوم بدر، اعل هبل- أي أظهر دينك- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: قم فأجبه. فقال: الله أعلى وأجل، لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فلما أجاب عمر أبا سفيان قال أبو سفيان: هلم إلي يا عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ائته، فانظر ما يقول". فجاءه، فقال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عمر، أقتلنا محمداً؟ قال: لا، وإنه ليسمع كلامك الآن. فقال أبو سفيان: أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر- لقول ابن قمئة لهم: قد قتلت محمداً.

علمه رضي الله عنه:

أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي يعلى، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور بن محمد بن سعيد، حدثنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان، حدثنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبد العزيز بن أبان، حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: قال ابن مسعود: لو أن علم عمر وضع في كفه ميزان، ووضع علم الناس في كفه ميزان لرجح علم عمر. فذكرته لإبراهيم فقال: قد والله، قال عبد الله أفضل من هذا. قلت: ماذا قال؟ قال: لما مات عمر ذهب تسعة أعشار العلم.

أنبأنا إسماعيل بن علي بن عبيد وغيره بإسنادهم إلى محمد بن عيسى: حدثنا قتيبة حدثنا الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت كأني أتيت بقدح لبن، فشربت منه، وأعطيت فضلي عمر بن الخطاب". فقالوا: ما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم.

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم الحافظ إجازة أنبأنا أبي، أنبأنا أبو الأغر قراتكين بن الأسعد، حدثنا أبو محمد الجوهري، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الفضل بن الجراح، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله النيري، حدثنا أبو السائب قال: سمعت شيخاً من قريش يذكر عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: والله ما رأيت أحداً أرأف برعيته، ولا خيراً من أبي بكر الصديق. ولم أر أحداً أقرأ لكتاب الله، ولا أفقه في دين الله، ولا أقوم بحدود الله، ولا أهيب في صدور الرجال من عمر بن الخطاب. ولا رأيت أحداً أشد حياء من عثمان بن عفان.

زهده وتواضعه رضي الله عنه:

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي إجازة، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو بكر بن المزرقي، حدثنا أبو الحسين بن المهتدي، أنبأنا علي بن عمر بن محمد الحربي، حدثنا أبو سعيد حاتم بن الحسن الشاشي، حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: قال طلحة بن عبيد الله: ما كان عمر بن الخطاب بأولنا إسلاماً ولا أقدمنا هجرة، ولكنه كان أزهدنا في الدنيا، وأرغبنا في الآخرة.

قال: وأنبأنا أبي، حدثنا أبو علي القرئ كتابة- وحدثني أبو مسعود الأصبهاني عنه- أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد بن جرير، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة قال: قال سعد بن أبي وقاص: والله ما كان عمر بأقدمنا هجرة، وقد عرفت بأي شيء فضلنا؛ كان أزهدنا في الدنيا.

ع1 ابن أبي حبة وغيره، أنبأنا أبو غالب بن البنا، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، وأبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس قالا: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، أنبأنا الحسين بن الحسن، حدثنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت: أن عمر استسقى، فأتي بإناء من عسل فوضعه على كفه- قال: فجعل يقول: "أشربها فتذهب حلاوتها وتبقى نقمتها"، قالها ثلاثاً، ثم دفعه إلى رجل من القوم فشربه. أنبأنا أبو محمد القاسم بن علي، أنبأنا أبي، أنبأنا إسماعيل بن أحمد أبو القاسم، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى، أنبأنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا داود بن عمرو، أنبأنا ابن أبي غنية، هو يحيى بن عبد الملك، حدثنا سلامة بن صبيح التميمي قال: قال الأحنف: كنت مع عمر بن الخطاب، فلقيه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، انطلق معي فأعدني على فلان، فإنه قد ظلمني. قال: فرفع الدرة فخفق بها رأسه فقال: تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم، حتى إذا شغل في أمر من أمور المسلمين أتيتموه: أعدني أعدني! قال: فانصرف الرجل وهو يتذمر- قال: علي الرجل. فألقى إليه المخفقة وقال: امتثل. فقال: لا والله، ولكن أدعها لله ولك. قال: ليس هكذا، إما أن تدعها لله إرادة ما عنده أو تدعها لي، فأعلم ذلك. قال: أدعها لله. قال: فانصرف. ثم جاء يمشي حتى دخل منزله ونحن معه، فصلى ركعتين وجلس فقال: يا ابن الخطاب، كنت وضيعاً فرفعك الله، وكنت ضالاً فهداك الله، وكنت ذليلاً فأعزك الله، ثم حملك على رقاب الناس فجاءك رجل يستعديك فضربته، ما تقول لربك غداً إذا أتيته؟ قال: فجعل يعاتب نفسه في ذلك معاتبة حتى ظننا أنه خير أهل الأرض.

قال: وحدثنا أبي، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسين المهتدي، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد الله بن محمد، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا عبد الجبار بن الورد، عن ابن بن مليكة قال: بينما عمر قد وضع بين يديه طعاماً إذ جاء الغلام فقال: هذا عتبة بن فرقد بالباب، قال: وما أقدم عتبة؟ ائذن له. فلما دخل رأى بين يدي عمر طعامه: خبز وزيت. قال: اقترب يا عتبة فأصب من هذا. قال: فذهب يأكل فإذا هو طعام جشب لا يستطيع أن يسيغه. قال: يا أمير المؤمنين، هل لك في طعام يقال له: الحواري؟ قال: ويلك، ويسع ذلك المسلمين كلهم؟ قال: لا والله. قال: ويلك يا عتبة، أفأردت أن آكل طيباً في حياتي الدنيا وأستمتع؟.

وقال محمد بن سعد: أنبأنا الوليد بن الأغر المكي، حدثنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم قال: دخل عمر بن الخطاب على حفصة ابنته، فقدمت إليه مرقاً بارداً وخبزاً وصبت في المرق زيتاً، فقال: أدمان في إناء واحد! لا أذوقه حتى ألقى الله عز وجل.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيوية وأبو بكر بن إسماعيل قالا: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا الحسين بن الحسن، أنبأنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت عن أنس قال: لقد رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه.

وأنبأنا غير واحد إجازة، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا المنذر بن الوليد بن عبد الرحمن بن محمد، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا المنذر بن الوليد بن عبد الرحمن الجارودي، حدثني أبي، حدثنا شعبة، عن سعيد الجريري، عن أبي عثمان قال: رأيت عمر بن الخطاب يرمي الجمرة وعليه غزار مرقوع بقطعة جراب.

فضائله رضي الله عنه: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن سرايا بن علي الفقيه، وأبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز، وأبو عبد الله الحسين بن أبي صالح بن فناخسرو التكريتي وغيرهم بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل الجعفي: حدثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأنا الليث، حدثني عقيل، عن ابن سهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب رضي الله عنه: أن أبا هريرة قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالت: لعمر. فذكرت غيرته، فوليت مدبراً. فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟!.

قال: وحدثنا محمد بن إسماعيل: حدثنا محمد بن عبيد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك"، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: "الدين". أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد، حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، حدثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما يرى الكوكب الدري في الأفق من آفاق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما".

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقي، أنبأنا أبو العشائر محمد بن خليل بن فارس القيسي، أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، حدثنا أبو قلابة الرقاشي، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن النضر أبي عمر الخزار، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتقض حراء "قال: اسكن" حراء، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد. وكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن، وسعد، وسعيد بن زيد.

قال: وأنبأنا أبو الحسن خيثمة: حدثنا محمد بن عوف الطائي وأبو يحيى بن أبي سبرة قالا: حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك، حدثنا المعلى بن هلال، حدثنا ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر".

قال: وأنبأنا خيثمة، أنبأنا إبراهيم بن أبي العنبس القاضي، حدثنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا يونس بن أبي إسحاق، عن الشعبي، عن علي بن أبي طالب قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلمن فأقبل أبو بكر وعمر فقال لي النبي صلى الله عليه وسلمك "يا علي، هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين، ثم قال لي: يا علي، لا تخبرهما".

أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد وغيره بإسنادهم عن أبي عيسى الترمذي: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامر هو العقدي، حدثنا خارجة بن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه".

قال: وقال ابن عمر: "ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه، وقال فيه عمر- أو: قال ابن الخطاب- شك خارجة- إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر".

وذلك نحو ما قال في أسارى بدر، فإنه أشار بقتلهم، وأشار غيره بمفاداتهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: "لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم فيه عذاب عظيم". وقوله في الحجاب، فأنزله الله تعالى، وقوله في الخمر.

قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الله بن داود الواسطي أبو محمد، حدثني عبد الرحمن ابن أخي محمد بن المنكدر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: أما إنك إن قلت ذلك، فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر".

قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا المقرئ، عن حيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمك "لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب".

قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخلت الجنة، فإذا أنا بقصر من ذهب، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لشاب من قريش، فظننت أني أنا هو، فقلت: ومن هو؟ قالوا: عمر بن الخطاب. قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا الحسين بن حريث، أنبأنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن بريدة قال: سمعت بريدة يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، إني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى. قال: إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا. فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها، وقعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخلت أنت يا عمر فألقت الدف.

قال: وحدثنا أبو عيسى: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد كان يكون في الأمم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد فمر بن الخطاب".

أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم، أنبأنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا محمد بن سفيان بن إبراهيم، حدثنا مسلم بن سعيد، أنبأنا مجاشع بن عمرو، حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحسن: أن عمر بن الخطاب خطب إلى قوم من قريش بالمدينة فردوه، وخطب إليهم المغيرة بن شعبة، فزوجوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد ردوا رجلاً ما في الأرض رجل خيراً منه".

قال: وأنبأنا أبو بكر قال: أنبأنا عبد الرحمن بن الحسن الأسدي، حدثنا عيسى بن هارون بن الفرج، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا إسحاق بن بشر، حدثنا يعقوب، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال: أكثروا ذكر عمر، فإنكم إذا ذكرتموه ذكرتم العدل، وإذا ذكرتم العدل ذكرتم الله تبارك وتعالى.
قال: وأنبأنا أبو بكر، حدثنا عبد الله بن إسحاق، حدثنا جعفر الصائغ، حدثنا حسين بن محمد المرودي، حدثنا فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر، عن أبيه: أنه كان يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض له في خطبته أن قال: "يا سارية بن حصن، الجبل الجبل- من استرعى الذئب ظلم". فتلفت الناس بعضهم إلى بعض، فقال علي: صدق، والله ليخرجن مما قال. فلما فرغ من صلاته قال له علي: ما شيء سنح لك في خطبتك؟ قال: وما هو؟ قال: قولك: "يا سارية، الجبل الجبل، من استرعى الذئب ظلم: قال: وهل كان ذلك مني؟ قال: نعم، وجميع أهل المسجد قد سمعوه. قال: إنه وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا، فركبوا أكتافهم، وأنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا وقد ظفروا، وأن جاوزا هلكوا، فخرج مني ما تزعم أنك سمعته. قال: فجاء البشير بالفتح بعد شهر، فذكر أنه سمع في ذلك اليوم في تلك الساعة، حين جاوزوا الجبل صوت يشبه صوت عمر، يقول: "يا سارية بن حصن، الجبل الجبل" قال: فعدلنا إليه، ففتح الله علينا.

قال: وحدثنا أبو بكر، حدثنا دعلج بن احمد، حدثنا محمد بن يحيى بن المنذر، حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد، حدثنا المختار بن نافع، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله أبا بكر، زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالاً من ماله، رحم الله عمر، يقول الحق وإن كان مراً، تركه الحق وماله من صديق".

قال: وحدثنا أبو بكر حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، حدثنا إسحاق بن سعيد الدمشقي، حدثنا سعيد بن بشير، عن حرب بن الخطاب، عن روح، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ركب رجل بقرة فقالت البقرة: "إنا والله ما لهذا خلقنا! ما خلقنا إلا للحراثة". فقال القوم: سبحان الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أشهد، وأبو بكر وعمر يشهدان، وليسا ثم".

قال: وحدثنا أبو بكر: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الغني بن سعيد، حدثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يباهي بالناس يوم عرفة عامة، ويباهي بعمر بن الخطاب خاصة". أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب، أنبأنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج، أنبأنا الحسن بن أحمد بن شاذان، أنبأنا عثمان بن أحمد بن السماك، حدثنا أحمد بن الخليل البرجلاني، حدثنا أبو النضر المسعودي، عن أبي نهشل، عن أبي وائل قال: قال عبد الله بن مسعود: فضل الناس عمر بن الخطاب بأربع: بذكر الأسرى يوم بدر، أمر بقتلهم، فأنزل الله تعالى: "لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم". وبذكر الحجاب، أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتجبن، فقالت زينب: إنك علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في بيوتنا، فأنزل الله تعالى: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب" وبدعوة النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم أيد الإسلام بعمر"، وبرأيه في أبي بكر.

أنبأنا أبو محمد، أنبأنا آبي، أنبأنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، أنبأنا أبو محمد بن النحاس، أنبأنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا الغلابي- وهو محمد بن زكريا- حدثنا بشر بن حجر السامي، حدثنا حفص بن عمر الدارمي، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، عن سويد بن غفلة قال: مررت بقوم من الشيعة يشتمون أبا بكر وعمر، وينتقصونهما، فأتيت علي بن أبي طالب فقلت: يا أمير المؤمنين إني مررت بقوم من الشيعة يشتمون أبا بكر وعمر وينتقصونهما، ولولا أنهما يعلمون أنك تضمر لهما على ذلك لما اجترءوا عليه! فقال علي: معاذ الله أن أضمر لهما إلا على الجميل! ألا لعنة الله على من يضمر لهما إلا الحسن! ثم نهض دامع العين يبكي، فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، وإنه لعلى المنبر جالس، وإن دموعه لتتحادر على لحيته، وهي بيضاء، ثم قام يخطب خطبة بليغة موجزة، ثم قال: "ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه ومما يقولون بريء، وعلى ما يقولون معاقب، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يحبهما إلا كل مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا كل فاجر غوي، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ووزيراه..".

قال: وأنبأنا أبي، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الفقيه، حدثنا أبو بكر الخطيب، حدثنا محمد بن أحمد بن رزق، حدثنا أحمد بن علي بن عبد الجبار بن خيرويه أبو سهل الكلوذاني، حدثنا محمد بن يونس القرشي، حدثنا روح بن عبادة، عن عوف عن قسامة بن زهير قال: وقف أعرابي على عمر بن الخطاب فقال:

يا عمر الخير جزيت الجنة

 

جهز بنياتي واكسهـنـه

أقسم بالله لتفـعـلـنـه

 

 

قال: فإن لم أفعل يكون ماذا يا أعرابي؟ قال: أقسم بالله لأمضينه. قال: فإن مضيت يكون ماذا يا أعرابي؟ قال:

والله عن حالي لتسألنـه

 

ثم تكون المسألات عنه

والواقف المسؤول بينهنه

 

إما إلى نار وإما جنـه

قال: فبكى عمر حتى اخضلت لحيته بدموعه، ثم قال: يا غلام، أعطه قميصي هذا، لذلك اليوم لا لشعره، والله ما أملك قميصاً غيره!.

وروى زيد بن أسلم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب طاف ليلة، فإذا هو بامرأة في جوف دار لها وحولها صبيان يبكون، وإذا قدر على النار قد ملأتها ماء، فدنا عمر بن الخطاب من الباب، فقال: يا أمة الله، أيش بكاء هؤلاء الصبيان؟ فقالت: بكاؤهم من الجوع. قال: فما هذه القدر التي على النار؟ فقالت: قد جعلت فيها ماء أعللهم بها حتى يناموا، أوهمهم أن فيها شيئاً من دقيق وسمن. فجلس عمر فبكى، ثم جاء إلى دار الصدقة فأخذ غرارة، وجعل فيها شيئاً من دقيق وسمن وشحم وتمر وثياب ودراهم، حتى ملأ الغرارة، ثم قال: يا أسلم، احمل عليّ. فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا أحمله عنك! فقال لي: لا أم لك يا أسلم، أنا أحمله لأني أنا المسؤول عنهم في الآخرة- قال: فحمله على عنقه، حتى أتى به منزل المرأة- قال: وأخذ القدر، فجعل فيها شيئاً من دقيق وشيئاً من شحم وتمر، وجعل يحركه بيده وينفخ تحت القدر- قال أسلم: وكانت لحيته عظيمة، فرأيت الدخان يخرج من خلل لحيته، حتى طبخ لهم، ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا، ثم خرج وربض بحذائهم كأنه سبع، وخفت منه أن أكلمه، فلم يزل كذلك حتى لعبوا وضحكوا، ثم قال: يا أسلم، أتدري لم ربضت بحذائهم؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين! قال: رأيتهم يبكون، فكرهت أن أذهب وأدعهم حتى أراهم يضحكون، فلما ضحكوا طابت نفسي.

خلافته رضي الله عنه وسيرته:

أنبأنا محمد بن محمد بن سرايا وغير واحد بإسنادهم، عن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا عبيد الله، حدثني أبو بكر بن سالم، عن سالم، عن عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً، والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً، فلم أر عبقرياً يفري فريه، حتى روي النس، وضربوا بعطن".

وهذا لما فتح الله على عمر من البلاد، وحمل من الأموال، وما غنمه المسلمون من الكفار.

وقد ورد في حديث آخر: "وإن وليتموها- يعني الخلافة- تجدوه قوياً في الدنيا، قوياً في أمر الله:، وقد تقدم.
قال أحمد بن عثمان: أنبأنا أبو مسعود سليمان، أنبأنا أبو بكر بن مردويه الحافظ قال: حدثنا سليمان بن احمد، حدثنا هاشم بن مرثد، حدثنا أبو صالح الفراء، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء- أو: عن زيد بن وهب- أن سويد بن غفلة الجعفي دخل على علي بن أبي طالب في إمارته فقال: يا أمير المؤمنين، إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعر بغير الذي هم أهل له من الإسلام. وذكر الحديث، قال: فلما حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة قال: مروا أبا بكر أن يصلي بالناس، وهو يرى مكاني، فصلى بالناس سبعة أيام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قبض الله نبيه ارتد الناس عن الإسلام، فقالوا: نصلي ولا نعطى الزكاة، فرضي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أبو بكر منفرداً برأيه، فرجح برأيه رأيهم جميعاً، وقال: "والله لو منعوني عقالاً ما فرض الله ورسوله لجاهدتهم عليه، كما أجاهدهم على الصلاة". فأعطى المسلمون البيعة طائعين، فكان أول من سبق في ذلك من ولد عبد المطلب أنا، فمضى رحمة الله عليه وترك الدنيا وهي مقبلة، فخرج منها سليماً، فسار فينا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ننكر من أمره شيئاً، حتى حضرته الوفاة، فرأى أن عمر أقوى عليها، ولو كانت محاباة لآثر بها ولده، واستشار المسلمين في ذلك، فمنهم من رضي، ومنهم من كره، وقالوا: أتؤمر علينا من كان عناناً وأنت حي؟ فماذا تقول لربك إذا قدمت عليه؟ قال: أقول لربي إذا قدمت عليه: إلهي أمرت عليهم خير أهلك" فأمر علينا عمر، فقام فينا بأمر صاحبيه، لا ننكر منه شيئاً، نعرف فيه الزيادة كل يوم في الدين والدنيا، فتح الله به الأرضين، ومصر به الأمصار، لا تأخذه في الله لومة لائم، البعيد والقريب سواء في العدل والحق، وضرب الله بالحق على لسانه وقلبه، حتى إن كنا لنظن أن السكينة تنطق على لسانه، وأن ملكاً بين عينيه يسدده ويوفقه..

قال: وأنبأنا ابن مردويه، حدثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن القاسم البزار، حدثنا يحيى بن مسعود، حدثني عبد الله بن محمد بن أيوب، حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن الهاشمي، عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب قال: إن الله جعل أبا بكر وعمر حجة على من بعدهما من الولاة إلى يوم القيامة، فسبقا والله سبقاً بعيداً، وأتعبا والله من بعدهما إتعاباً شديداً، فذكرهما حزن للأمة، وطعن على الأئمة. أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله إذناً، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر، أنبأنا أبو الحسن، أنبأنا الحسين بن القهم، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا محمد بن عمر، حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن عبد المجيد بن سهيل، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (ح) قال: وأخبرنا بردان بن أبي النضر، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، قال: وأنبأنا عمرو بن عبد الله بن عنبسة، عن أبي النضر، عن عبد الله البهي- دخل حديث بعضهم في بعض- أن أبا بكر الصديق لما مرض دعا عبد الرحمن- يعني ابن عوف- فقال له: أخبرني عن عمر بن الخطاب. فقال عبد الرحمن: ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني! قال أبو بكر: وإن! فقال عبد الرحمن: هو والله أفضل من رأيك فيه. ثم دعا عثمان بن عفان فقال: أخبرني عن عمر. فقال: أنت أخبرنا به! فقال: على ذلك يا أبا عبد الله. فقال عثمان: اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأن ليس فينا مثله! فقال أبو بكر يرحمك الله! والله لو تركته ما عدوتك. وشاور معهما سعيد بن زيد أبا الأعور، وأسيد بن حضير وغيرهما من المهاجرين والأنصار، فقال أسيد: "اللهم أعلمه الخيرة بعدك، يرضى للرضى، ويسخط للسخط، الذي يسر خير من الذي يعلن، ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه"، وسمع بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بدخول عبد الرحمن وعثمان على أبي بكر وخلوتهما به، فدخلوا على أبي بكر، فقال له قائل منهم: "ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا، وقد ترى غلظته؟" فقال أبو بكر: أجلسوني، أبالله تخوفونني؟ خاب من تزود من أمركم بظلم، أقول: "اللهم، استخلفت عليهم خير أهلك، أبلغ عني ما قلت لك من وراءك" ثم اضطجع، ودعا عثمان بن عفان فقال: اكتب: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها، حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب؛ أنني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً، فإن عدل فذلك ظني به، وعلمي فيه، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب والخير أردت، ولا أعلم الغيب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والسلام عليكم ورحمة الله". ثم أمر بالكتاب فختمه، ثم أمره فخرج بالكتاب مختوماً ومعه عمر بن الخطاب، وأسد بن سعية القرظي، فقال عثمان للناس: أتبايعون لمن في هذا الكتاب؟ فقالوا: نعم، وقال بعضهم: قد علمنا به- قال ابن سعد: على القائل- وهو عمر، فأقروا بذلك جميعاً ورضوا به وبايعوا، ثم دعا أبو بكر عمر خالياً فأوصى بما أوصاه به، ثم خرج فرفع أبو بكر يديه مداً، ثم قال: اللهم، إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم، وفت عليهم الفتنة، فعملت فيهم ما أنت أعلم به، واجتهدت لهم رأيي، فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم، وأحرصهم على ما فيه رشدهم، وقد حضرني من أمرك ما حضرني، فاخلفني فيهم، فهم عبادك، ونواصيهم بيدك، واصلح لهم ولاتهم، واجعله من خلفائك الراشدين يتبع هدى نبي الرحمة وهدى الصالحين بعده، وأصلح له رعيته.

وروى صالح بن كيسان، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه: أنه دخل على أبي بكر في مرضه الذي توفي فيه فأصابه مفيقاً، فقال له عبد الرحمن: أصبحت بحمد الله بارئاً. فقال أبو بكر: تراه؟ قال: نعم. قال: إني على ذلك لشديد الوجع، وما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشد علي من وجعي، إني وليت أمركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم من ذلك أنفه، يريد أن يكون الأمر له، قد رأيتم الدنيا قد أقبلت ولما تقبل، وهي مقبلة حتى تتخذوا ستور الحرير ونضائد الديباج، وتألموا من الاضطجاع على الصوف الأذربي، كما يألم أحدكم أن ينام على حسك السعدان.

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم، أنبأنا آبي، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية عن الصلت بن بهرام، عن يسار قال: لما ثقل أبو بكر أشرف على الناس من كوة فقال: يا أيها الناس، إني قد عهدت عهداً أفترضون به؟ فقال الناس: قد رضينا يا خليفة رسول الله. فقال علي: لا نرضى إلا أن يكون عمر بن الخطاب. أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري التغلبي، أنبأنا الشريف أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر العلوي الحسيني وأبو القاسم السين بن الحسن بن محمد الأسدي قالا: أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء، أنبأنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، حدثنا سليمان بن عبد الحميد المهراني، أنبأنا عبد الغفار بن داود الحراني، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن عبد القاري، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، عن سليمان بن أبي خيثمة، عن جدته الشفاء- وكانت من المهاجرات الأول- وان عمر إذا دخل السوق أتاها، قال: سألتها من أول من كتب: "عمر أمير المؤمنين"؟ قالت: كتب عمر إلى عامله على العراقين: "أن ابعث إليّ برجلين جلدين نبيلين، أسألهما عن أمر الناس"، قال: فبعث إليه بعدي بن حاتم، ولبيد بن ربيعة، فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا المسجد، فاستقبلا عمرو بن العاص، فقالا: استأذن لنا على أمير المؤمنين. فقلت: أنتما والله أصبتما اسمه، وهو الأمير، ونحن المؤمنون. فانطلقت حتى دخلت على عمر، فقلت: يا أمير المؤمنين. فقال: لتخرجن مما قلت أو لأفعلن! قلت: يا أمير المؤمنين، بعث عامل العراقين بعدي بن حاتم ولبيد بن ربيعة، فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم استقبلاني فقالا: استأذن لنا على أمير المؤمنين، فقلت: أنتما والله أصبتما، اسمه هو الأمير، ونحن المؤمنون.
وكان قبل ذلك يكتب: "من عمر خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فجرى الكتاب "من عمر أمير المؤمنين" من ذلك اليوم.

وقيل: إن عمر قال: إن أبا بكر كان يقال له: "يا خليفة رسول الله"، ويقال لي: يا خليفة خليفة رسول الله، وهذا يطول، انتم المؤمنون وأنا أميركم.

وقيل: إن المغيرة بن شعبة قال له ذلك، والله أعلم.

سيرته:

وأما سيرته فإنه فتح الفتوح ومصر الأمصار، ففتح العراق، والشام، ومصر، والجزيرة، وديار بكر، وأرمينية، وأذربيجان، وأرانيه، وبلاد الجبال، وبلاد فارس، وخوزستان وغيرها.

وقد اختلف في خراسان، فقال بعضهم: فتحها عمر، ثم انتقضت بعده ففتحها عثمان. وقيل: إنه لم يفتحها، وإنما فتحت أيام عثمان. وهو الصحيح.

وأدر العطاء على الناس، ونزل نفسه بمنزلة الأجير وكآحاد المسلمين في بيت المال، ودون الدواوين، ورتب الناس على سابقتهم في العطاء والإذن والإكرام، فكان أهل بدر أول الناس دخولاً عليه، وكان عليّ أولهم. وكذلك فعل بالعطاء، واثبت أسماءهم في الديوان على قربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدأ ببني هاشم، والأقرب فالأقرب.

أنبأنا القاسم بن علي بن الحسن إجازة، أنبأنا أبي، أنبأتا فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن فضلويه قالت: أنبأنا أبو بكر أحمد بن الخطيب، أنبأنا أبو بكر الحيري، أنبأنا أبو العباس الأصم، أنبأنا الربيع قال: قال الشافعي: أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع، عن الثقة- احسبه محمد بن علي بن الحسن أو غيره- عن مولى لعثمان بن عفان قال: بينا أنا مع عثمان في مال له بالعالية في يوم صائف، إذ رأى رجلاً يسوق بكرين، وعلى الأرض مثل الفراش من الحر، فقال: ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح. ثم دنا الرجل فقال: انظر من هذا؟ فنظرت فقلت: أرى رجلاً معتماً بردائه، يسوق بكرين. ثم دنا الرجل فقال: انظر. فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقلت: هذا أمير المؤمنين. فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب فإذا نفح السموم، فأعاد رأسه حتى حاذاه، فقال: ما أخرجك هذه الساعة؟ فقال: بكران من إبل الصدقة تخلفا، وقد مضي بإبل الصدقة، فأردت أن ألحقهما بالحمى، وخشيت أن يضيعا، فيسألني الله عنهما. فقال عثمان: يا أمير المؤمنين، هلم إلى الماء والظل ونكفيك. فقال: عد إلى ظلك. فقلت: عندنا من يكفيك! فقال: عد إلى ظلك. فمضى، فقال عثمان: من أحب أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا! فعاد إلينا فألقى نفسه. روى السري بن يحيى، حدثنا يحيى بن مصعب الكلبي، حدثنا عمر بن نافع الثقفي، عن أبي بكر العبسي قال: دخلت حين الصدقة مع عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، فجلس عثمان في الظل، وقام عليّ على رأسه يملي عليه ما يقول عمر، وعمر قائم في الشمس في يوم شديد الحر، عليه بردتان سوداوان، متزر بواحدة وقد وضع الأخرى على رأسه، وهو يتفقد إبل الصدقة، فيكتب ألوانها وأسنانها. فقال علي لعثمان: أما سمعت قول ابنة شعيب في كتاب الله عز وجل: "إن خير من استأجرت القوي الأمين"، وأشار علي بيده إلى عمر، فقال: هذا هو القوي الأمين.

أنبأنا غير واحد إجازة، عن أبي غالب بن البناء، أنبأنا أبو علي الحسن بن محمد بن فهد العلاف، حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حماد الموصلي، حدثنا أبو الحسين محمد بن عثمان، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام، حدثنا موسى بن داود الضبي، أنبأنا محمد بن صبيح، عن إسماعيل بن زياد قال: مر علي بن أبي طالب على المساجد في شهر رمضان، وفيها القناديل، فقال: نور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا.
وروى حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال: خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى مكة، فما ضرب فسطاطاً ولا خباءً حتى رجع. وكان إذا نزل يلقي له كساء أو نطع على الشجر، فيستظل به.

وروى موسى بن إبراهيم المروزي، عن فضيل بن عياض، عن ليث، عن مجاهد قال: أنفق عمر بن الخطاب في حجة حجها ثمانين درهماً من المدينة إلى مكة، ومن مكة إلى المدينة، قال: ثم جعل يتأسف ويضرب بيده على الأخرى، ويقول: ما أخلقنا أن نكون قد أسرفنا في مال الله تعالى.

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم إذناً، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيويه وأبو بكر بن إسماعيل قالا: أنبأنا يحيى بن محمد أنبأنا الحسين بن الحسن، أنبأنا ابن المبارك، عن مالك بن مغول: أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإنه أهون- أو قال: أيسر- لحسابكم، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبر "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" وله في سيرته أشياء عجيبة عظيمة، لا يستطيعها إلا من وفقه الله تعالى، فرضي الله عنه وأرضاه، بمنه وكرمه.

مقتله رضي الله عنه:

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمج بن الحسن الشافعي، أنبأنا أبو العشائر محمد بن خليل، أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي، أنبأنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن عثمان، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان، حدثنا عبد الله بن الحسن الهاشمي، حدثنا عبد الأعلى بن حماد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، حدثنا قتادة، عن أنس قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد أحداً ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف، فضربه برجله وقال: اثبت أحد، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان.

أنبأنا القاسم بن علي بن الحسن كتابة، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو محمد بن طاوس، أنبأنا طراد بن محمد- وأنبأنا به عالياً أبو الفضل عبد الله بن أحمد، أنبأنا طراد بن محمد إجازة إن لم يكن سماعا، أنبأنا الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب لما نفر من منى، أناخ بالأبطح، ثم كوم كومة من البطحاء، فألقى عليها طرف ردائه، ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء، ثم قال: اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط! فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن فمات. أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم، أنبأنا أبي، أنبأني أبو محمج بن الأكفاني، أنبأنا عبد العزيز الكناني، أنبأنا تمام بن محمد، وعبد الرحمن بن عثمان، وعقيل بن عبد الله، قال: وأخبرني أبو محمد بن الأكفاني، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عقيل بن الكزبري، أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر التميمي، أنبأنا أحمد بن القاسم بن معروف، حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، عن الزهري، أخبرني محمد بن جبير بن مطعم، عن جبير بن مطعم، قال: حججت مع عمر آخر حجة حجها، فبينا نحن واقفون على جبل عرفة، صرخ رجل فقال: يا خليفة. فقال رجل من لهب- وهو حي من أزد شنوءة يعتافون-: ما لك؟ قطع الله لهجتك- وقال عقيل: لهاتك- والله لا يقف عمر على هذا الجبل بعد هذا العام أبداً. قال جبير: فوقعت بالرجل اللهبي فشتمته، حتى إذا كان الغد وقف عمر وهو يرمي الجمار، فجاءت عمر حصاة عاثرة من الحصى الذي يرمي به الناس، فوقعت في رأسه ففصدت عرقاً من رأسه، فقال رجل: أشعر أمير المؤمنين ورب الكعبة، لا يقف عمر على هذا الموقف ابداً بعد هذا العام- قال جبير: فذهبت ألتفت إلى الرجل الذي قال ذلك، فإذا هو اللهبي، الذي قال لعمر على جبل عرفة ما قال.

لهب: بكسر اللام، وسكون الهاء.

أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحصن الفقيه بإسناده عن أبي يعلى، حدثنا أحمد بن إبراهيم البكري، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: خطب عمر الناس، فقال: رأيت كأن ديكاً نقرني نقرة أو نقرتين، ولا أدري ذلك إلا لحضور أجلي، فإن عجل بي أمر فإن الخلافة شورى في هؤلاء الرهط الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.
وأنبأنا أحمد بن عثمان، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم، أنبأنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا عبد الله بن اسحاق، حدثنا محمد بن الجهم السمري، حدثنا جعفر بن عون، أنبأنا محمد بن بشر، عن مسعر بن كدام، عن عبد الملك بن عمير، عن الصقر بن عبد الله، عن عروة، عن عائشة قالت: بكت الجن على عمر قبل أن يموت بثلاث، فقالت:

أبعد قتيل بالمـدينة أصـبـحـت

 

له الأرض تهتز العضاه بأسـوق

جزى الله خيراً من أمير وباركت

 

يد الله في ذاك الأديم المـمـزق

فمن يسع أو يركب جناحي نعامة

 

بوائق في أكمامها لم تـفـتـق

فما كنت أخشى أن يكون مماتـه

 

بكفى سبنتي أخضر العين مطرق

قيل: إن هذه الأبيات للشماخ، أو لأخيه مزرد. أنبأنا مسمار بن عمر بن العويس النيار وأبو عبد الله الحسين بن أبي صالح بن فناخسرو وغيرهما بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل: حدثنا موسى بن إسماعيل، أنبأنا أبو عوانة، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال: رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة، وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف قال: كيف فعلتما؟ أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حملناها أمراً هي له مطيقة، وما فيها كبير فضل. قال: انظرا أن تكون حملتما الأرض ما لا تطيق: قالا: لا. فقال عمر: لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبداً- قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب- قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهن خللاً تقدم فكبر، وربما قرأ بسورة "يوسف" أو "النحل" أو نحو ذلك في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتني- أو: أكلني الكلب- حين طعنه، فطار العلج بسكين ذات طرفين، لا يمر على أحد يميناً وشمالاً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنساً، فلما ظن أنه مأخوذ نحر نفسه، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه، فمن يلي عمر، فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهو يقولون: "سبحان الله، سبحان الله" فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة، فلما انصرفوا قال: يابن عباس، انظر من قتلني. فجال ساعة، ثم جاء المسجد فقال: غلام المغيرة بن شعبة. قال: الصنع؟ قال: نعم. قال: قاتله الله! لقد أمرت به معروفاً! الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلوج بالمدينة- وكان العباس أكثرهم رقيقاً- فقال: إن شئت فعلت؟ أي: إن شئت قتلنا فقال: كذبت! بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم. واحتمل إلى بيته، فانطلقنا معه، وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ، فقائل يقول: لا بأس وقائل يقول: أخاف عليه. فأتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه. ثم أتي بلبن فشربه، فخرج من جوفه. فعرفوا أنه ميت. فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه، وجاء غلام شاب فقال: أبشر- يا أمير المؤمنين- ببشرى الله له، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة. قال: وددت أن ذلك كفافاً، لا علي ولا لي. فلما أدبرا إذا إزاره يمس الأرض، قال: ردوا علي الغلام، قال: يابن أخي، ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك، يا عبد الله بن عمر، انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً أو نحوه- قال: إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم، وإلا فسل في بني عدي، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش، ولا تعدهم إلى غيرهم، فأد عني هذا المال، وانطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل لها: يقرأ عليك عمر السلام- ولا تقل "أمير المؤمنين" فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً- وقل" يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه. فسلم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه. فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرن به اليوم على نفسي. فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء. قال: ارفعوني. فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب، قد أذنت. قال: الحمد لله، ما كان شيء أهم إليّ من ذلك، فإذا أنا قبضت فاحملوني، ثم سلم فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت فأدخلوني، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين. وجاءت أم المؤمنين حفصة، والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا، فولجت عليه فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال، فولجت داخلاً لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين. استخلف. قال: ما أجد أحق بهذا من هؤلاء النفر- أو: الرهط- الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. فسمى: علياً، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعداً، وعبد الرحمن بن عوف، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له- فإذا أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة..وذكر الحديث وقد تقدم في ترجمة عثمان بن عفان. وروى سماك بن حرب، عن ابن عباس أن عمر قال لابنه عبد الله: خذ رأسي عن الوسادة فضعه في التراب، لعل الله يرحمني! وويل لي وويل لآمي إن لم يرحمني الله عز وجل! فإذا أنا مت فاغمض عيني، واقصدوا في كفني، فإنه إن كان لي عند الله خير أبدلني ما هو خير منه، وإن كنت على غير ذلك سلبني فأسرع سلبي، وأنشد:

ظلوم لنفسي غير إني مسلم

 

أصلي الصلاة كلها وأصوم

أنبأنا أبو محمد، أخبرنا أبي، أنبأتنا أم المجتبى العلوية، قالت: قرأ على إبراهيم بن منصور، أخبرنا أبو محمد بن المقري، أنبأنا أبو يعلى، أنبأنا أبو عباد قطن بن نسير الغبري، أنبأنا جعفر بن سليمان، حدثنا ثابت، عن أبي رافع قال: كان أبو لؤلؤة عبداً للمغيرة بن شعبة، وكان يصنع الأرحاء وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم، فلقي أبو لؤلؤة عمر فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة قد أثقل علي غلتي، فكلمه يخفف عني. فقال له عمر: اتق الله، وأحسن إلى مولاك- ومن نية عمر أن يلقى المغيرة فيكلمه يخفف عنه، فغضب العبد وقال: وسع الناس كلهم عدله غيري. فأضمر على قتله، فاصطنع له خنجراً له رأسان، وشحذه وسمه، ثم أتى به الهرمزان فقال: كيف ترى هذا؟ قال: أرى، انك لا تضرب به أحداً إلا قتلته. قال: فتحين أبو لؤلؤة عمر، فجاءه في صلاة الغداة حتى قام وراء عمر- وكان عمر إذا أقيمت الصلاة يقول: "أقيموا صفوفكم"، فقال كما كان يقول، فلما كبر ووجأه أبو لؤلؤة في كتفه ووجأه في خاصرته، وقيل: ضربه ست ضربات، فسقط عمر، وطعن بخنجره ثلاثة عشر رجلاً، فهلك منهم سبعة وأفرق منهم ستة، وحمل عمر فضهب به. وقيل: إن عمر قال لأبي لؤلؤة: ألا تصنع لنا رحاً؟ قال: بلى، اصنع لك رحاً يتحدث بها أهل الأمصار. ففزع عمر من كلمته، وعليّ معه، فقال علي: إنه يتوعدك يا أمير المؤمنين.
قال: وأنبأنا أبي، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمد، حدثنا محمد بن سعد، أنبأنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل بن يونس، عن كثير النواء، عن أبي عبيد، مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت مع علي فسمعنا الصيحة على عمر، قال: فقام وقمت معه، حتى دخلنا عليه البيت الذي هو فيه فقال: ما هذا الصوت؟ فقالت له امرأة: سقاه الطبيب نبيذاً فخرج، وسقاه لبناً فخرج، وقال: لا أرى أن تمسي فما كنت فاعلاً فافعل. فقالت أم كلثوم: واعمرا! وكان معها نسوة فبكين معها، وارتج البيت بكاء، فقال عمر: والله لو أن لي ما على الأرض من شيء لافتديت به من هول المطلع. فقال ابن عباس: والله إني لأرجو أن لا تراها إلا مقدار ما قال الله تعالى: "وإن منكم إلا واردها" إن كنت- ما علمنا- لأمير المؤمنين، وأمين المؤمنين، وسيد المؤمنين، تقضي بكتاب الله، وتقسم بالسوية. فأعجبه قولي، فاستوى جالساً فقال: أتشهد لي بهذا يا ابن عباس؟ قال: فكففت، فضرب على كتفي فقال: اشهد. فقلت: نعم، أنا أشهد.

ولما قضى عمر رضي الله عنه- صلى عليه صهيب، وكبر عليه أربعاً.

أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي، أنبأنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد الله، أنبأنا عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة: أنه سمع ابن عباس يقول: وضع عمر على سريره، فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني، غلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب، فترحم على عمر وقال: ما خلفت أحداً أحب إليّ ألقى الله بمثل عمله منك وأيم الله، إن كنت لأظن ليجعلنك الله مع صاحبيك، وذلك أني كنت أكثر أن اسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر. وإن كنت أظن ليجعلنك الله معهما.

ولما توفي عمر صلي عليه في المسجد، وحمل على سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم، غسله ابنه عبد الله، ونزل في قبره ابنه عبد الله، وعثمان بن عفان، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف. روى أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه أنه قال: طعن عمر يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة، سنة ثلاث وعشرين، ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين، وكانت خلافته عشر سنين، وخمسة أشهر، وأحداً وعشرين يوماً.

وقال عثمان بن محمد : هذا وهم، توفي عمر لأربع ليال بقين من ذي الحجة، وبويع عثمان يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحجة.

وقال ابن قتيبة: ضربه أبو لؤلؤة يوم الاثنين لأربع بقين من ذي الحجة، ومكث ثلاثاً، وتوفي، فصلى عليه صهيب، وقبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر.

وكانت خلافته عشر سنين، وستة أشهر، وخمس ليال، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقيل: كان عمره خمساً وخمسين سنة، والأول أصح ما قيل في عمر.

أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، والحسين بن يوحن بن اتويه بن النعمان الباوردي قالا: حدثنا الفضل بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الرحمن البيلي الأصبهاني، أخبرنا أبو القاسم أحمد بن منصور الخليلي البلخي، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد الخزاعي، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب بن شريح بن معقل الشاشي، أنبأنا أبو عيسى الترمذي، قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي اسحاق، عن عامر بن سعد، عن جرير، عن معاوية أنه سمعه يخطب قال: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة، وأبو بكر وعمر وأنا ابن ثلاث وستين سنة.

وقال قتادة: طعن عمر يوم الأربعاء، ومات يم الخميس.

وكان عمر أعسر يسر: يعمل بيديه. وكان أصلع طويلاً، قد فرع الناس، كأنه على دابة.

قال الواقدي: كان عمر أبيض أمهق، تعلوه حمرة، يصفر لحيته وإنما تغير لونه عام الرمادة لأنه أكثر أكل الزيت، لأنه حرم على نفسه السمن واللبن حتى يخصب الناس فتغير لونه.

وقال سماك: كان عمر أروح كأنه راكب، وكأنه من رجال بني سدوس. والأروح: الذي يتدانى قدماه إذا مشى.

وقال زر بن حبيش: كان عمر أعسر يسر، آدم.

وقال الواقدي: لا يعرف عندنا أن عمر كان آدم إلا أن يكون رآه عام الرمادة.

قال أبو عمر: وصفه زر بن حبيش وغيره أنه كان آدم شديد الأدمة، وهو الأكثر عند أهل العلم.

وقال أنس: كان عمر يخضب بالحناء بحتاً.

وهو أول من اتخذ الدرة، وأول من جمع الناس على قيام رمضان، وهو أول من سمي "أمير المؤمنين"، وأكثر الشعراء مراثيه، فمن ذلك قول حسان بن ثابت الأنصاري:

ثلاثة برزوا بـفـضـلـهـم

 

نضرهم ربهـم إذا نـشـروا

فليس من مؤمن لـه بـصـر

 

ينكر تفضيلـهـم إذا ذكـروا

عاشوا بلا فرقة ثـلاثـتـهـم

 

واجتمعوا في الممات إذ قبروا

وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وكانت زوج عمر بن الخطاب:

عين جـودي بـعــبـــرة ونـــحـــيب

 

لا تـمـلـي عـلـى الإمـام الـنــجـــيب

فجعتني المنون بالفارس المعلم يوم الهياج والتلبيب

 

 

عصمة الناس والمعين على

 

الدهر وغيث المنتاب والمحروب

رزاح: بفتح الراء، والزاي.

عمرو بن سالم الخزاعي:

عمر بن سالم الخزاعي. وقيل: عمرو. وهو وافد خزاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

روى الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس: أن عمر بن سالم الخزاعي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأنشده:

لا هم إني ناشد محمداً

 

حلف أبينا وأبيه الأتلدا

وذكر الأبيات، ونذكرها في عمرو بن سالم، إن شاء الله تعالى.

أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: أخرجه بعض المتأخرين وقال: "وقيل: عمرو وافد خزاعة"، قال: ولم يختلف فيه أنه عمرو بن سالم.

قلت: قول أبي نعيم صحيح، وقول ابن منده وهم وتصحيف، والله أعلم.

عمر بن سراقة القرشي:

عمر بن سراقة بن المعتمر بن أنس القرشي العدوي.

شهد بدراً هو وأخوه عبد الله بن سراقة، وقال مصعب فيه: عمرو بن سراقة.

أخرجه أبو عمر.

قلت: وقد سماه ابن إسحاق من عدة طرق عنه عمراً وغيره، وهو الصحيح، وهناك أخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمر بن سعد الأنماري، أبو كبشة:

عمر بن سعد الأنماري، أبو كبشة. يعد في الشاميين، مختلف في اسمه، فقيل: عمر بن سعد، وقيل: سعد بن عمر، وقيل: عمرو بن سعد. ونذكره إن شاء الله تعالى في مواضعه أكثر من هذا.

أخرجه الثلاثة.

عمر بن سعد الأسلمي:

عمر بن سعد الأسلمي. ذكره مطين في الوحدان، فيه نظر، قاله أبو نعيم.

أنبأنا أبو موسى الحافظ إذناً، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن محمد، حدثنا الحضرمي، حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن جعفر بن الزبير قال: سمعت زياد بن عمر بن سعد السلمي، يحدث عن عروة بن الزبير قال: حدثني أبي وجدي- وكانا قد شهدا خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- قالا: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، ثم جلس إلى ظل شجرة، فذكر قصة الدية.

أخرجه ابن منده وأبو موسى.

عمر بن سفيان القرشي:

عمر بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، أخو الأسود بن سفيان، وهو ابن أخي أبي سلمة بن عبد الأسد.

كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة.

أخرجه أبو عمر مختصراً.

عمر بن أبي سلمة القرشي:

عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد القرشي المخزومي، ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن أمه أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

تقدم ذكره قبل هذه الترجمة عند ذكر أبيه عبد الله بن عبد الأسد، يكنى أبا حفص. ولد في السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة، وقيل: إنه كان له يوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين، وكان يوم الخندق هو وابن الزبير في أطم حسان بن ثابت الأنصاري، وشهد مع علي الجمل، واستعمله على البحرين، وعلى فارس.

وتوفي بالمدينة أيام عبد الملك بن مروان، سنة ثلاث وثمانين.

روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث. روى عنه سعيد بن المسيب، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف، وعروة بن الزبير.

أخبرنا إسماعيل بن علي وغيره قالوا بإسنادهم عن أبي عيسى الترمذي: أخبرنا عبد الله بن الصباح الهاشمي، حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر ين أبي سلمة: أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده طعام، فقال: يا بني، ادن فسم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك.

أخرجه الثلاثة.

عمر بن عامر السلمي:

عمر بن عامر السلمي. سأل النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه سلمة أبو عبد الحميد.

روى محمد بن أحمد بن سلام، عن يحيى بن الورد، حدثنا أبي، حدثنا عدي بن الفضل، عن عثمان البتي، عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه، عن عمر بن عامر السلمي: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: "إذا صليت الصبح فأمسك عن الصلاة حتى تطلع الشمس، فإنها تطلع بين قرني شيطان، فإذا انتصبت وارتفعت فصل، فإن الصلاة مشهودة مقبولة، حتى ينتصف النهار وتكون الشمس قدر رأسك قيد رمح، وإذا زالت الشمس فصل، فإن الصلاة مشهودة مقبولة، حتى تصلي العصر وتصفر الشمس، فأمسك عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، فإذا غربت فصل، فإن الصلاة مشهودة مقبولة".

أخرجه ابن منده وأبو نعيم، قال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين، فأخرج هذا الحديث بعينه، من حديث يحيى بن الورد، وهم فيه، وإنما هو عمرو بن عبسة السلمي، والحديث مشهور من حديث عمرو بن عبسة، رواه عنه أبو أمامة الباهلي، وأبو إدريس الخولاني وغيرهما.

قال أبو نعيم: أنبأنا أحمد بن محمد بن إسحاق، حدثنا أبو بكر الدينوري القاضي- فيما كتب إليّ- حدثنا محمد بن أحمد بن المهاجر، حدثنا يحيى بن ورد بن عبد الله، حدثنا أبي، عن عدي بن الفضل، عن عثمان البتي، عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه، عن عمرو بن عبسة السلمي أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا صليت الصبح.. وذكر الحديث.

عمر بن عبد الله بن أبي زكريا:

عمر بن عبيد الله بن أبي زكريا. ذكر في الصحابة، لا يصح. روى حديثه أبو ضمرة أنس بن عياض، عن الحارث بن أبي ذباب، عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سها في المغرب.

أخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمر بن عكرمة بن أبي جهل:

عمر بن عكرمة بن أبي جهل بن هشام المخزومي، قتل باليرموك، ويقال: بأجنادين.

عمر بن عمرو الليثي:

عمر بن عمرو الليثي، وقيل: عبيد بن عمرو. وقال أبو نعيم: حديثه عند قرة بن خالد، عن سهل بن علي النميري قال: لما كان يوم الفتح كان عند عمر بن عمرو الليثي خمس نسوة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلق إحداهن.

رواه عبد الوهاب بن عطاء، عن قرة بن خالد فقال: "عن عبيد بن عمر". وأخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمر بن عمير الأنصاري:

عمر بن عمير بن عدي بن نابي الأنصاري السلمي، وهو ابن عم ثعلبة بن عنمة بن عدي بن نابي، وابن عم عبس بن عامر بن عدي.

شهد مشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه أبو عمر مختصراً.

عمر بن عوف النخعي:

عمر بن عوف النخعي- وقيل: عمرو.

ذكره محمد بن إسماعيل في الصحابة، قاله ابن منده.

روى مالك بن يخامر عن ابن السعدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنقطع الهجرة ما دام الكفار يقاتلون". فقال معاوية بن أبي سفيان، وعمر بن عوف النخعي، وعبد الله بن عمرو بن العاص إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الهجرة هجرتان: إحداهما أن يهجر السيئات، والأخرى أن يهاجر إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم".

أخرجه الثلاثة، وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين في الصحابة، وزعم أن محمد بن إسماعيل ذكره في الصحابة فيمن اسمه عمر، وفيما ذكره نظر: وروى أبو نعيم الحديث الذي ذكره ابن منده وأبو عمر في الهجرة، فقال: "وقال معاوية، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو". ولم يذكر "عمر بن عوف"، وهذا لا مطعن على ابن منده فيه، فإن أبا عمر قد ذكره كذلك، ولا شك أن بعض الرواة ذكره فيهم، وبعضهم لم يذكره، والله أعلم.

عمر بن غزية:

عمر بن غزية. أتى النبي صلى الله عليه وسلم وبايعه. روى محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: أتى عمر بن غزية النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، بايعت امرأة بتمر، فوعدتها البيت، فلما خلوت بها نلت منها ما دون الفرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثم مه" قال: ثم اغتسلت وصليت، فأنزل الله تعالى: "أقم الصلاة طرفي النهار" فقال عمر: يا رسول الله، هذا خاص لهذا أم للناس عامة؟ فقال" للناس عامة".

أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: هذا عمرو بن غزية الأنصاري، عقبي، وروى الحديث المذكور في بيع التمر، فقال عمرو بفتح العين، وفي آخره واو، بدل عمر بضم العين.

والحق معه، وقد ذكره ابن منده أيضاً في عمرو، وذكر القصة بحالها، ولا شك أنه غلط من ابن منده، والحق مع أبي نعيم، فإن عمراً يشتبه بعمر على كثير من الناس.

عمر بن لاحق:

عمر بن لاحق، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه الحسن بن أبي الحسن أنه قال: "لا وضوء على من مس فرجه".

أخرجه ابن منده وأبو نعيم موقوفاً.

عمر بن مالك بن عتبة الزهري:

عمر بن مالك بن عتبة بن نوفل الزهري، شهد فتح دمشق، وولي فتح الجزيرة. لا يعرف.

عمر بن مالك بن عقبة:

عمر بن مالك بن عقبة بن نوفل بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم وشهد فتح دمشق، وولي فتوح الجزيرة.

روى سيف بن عمر، عن أبي عثمان، عن خالد وعبادة قالا: قدم على أبي عبيدة كتاب عمر- يعني بعد فتح دمشق- بأن اصرف جند العراق إلى العراق.

وروى سيف عن محمد، وطلحة، والملهب، وعمر، وسعيد قالوا: لما رجع هاشم بن عتبة عن جلولاء إلى المدائن، وقد اجتمعت جموع أهل الجزيرة، فأمدوا هرقل على أهل حمص، كتب بذلك سعد إلى عمر، فكتب إليه عمر: أن أبعث إليهم عمر بن مالك بن عقبة بن نوفل بن عبد مناف في جند، فخرج عمر في جنده حتى نزل على من ب"هيت" فحصرهم، حتى أعطوا الجزاء فتركهم، ولحق عمر بأرض "قرقيسيا" فصالحه أهلها على الجزاء.
ذكر هذا الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخ دمشق.

عمر بن مالك الأنصاري:

عمر بن مالك الأنصاري. كان ينزل مصر، ذكره الطبراني وغيره. أنبأنا أبو موسى كتابة، أنبأنا أبو زيد غانم بن علي، وعبد الكريم بن علي، وأبو بكر محمد بن أحمد الصغير، وأبو بكر محمد بن أبي القاسم القرافي، وأبو غالب أحمد بن العباس قالوا: أنبأنا أبو بكر بن ريذة- قال أبو موسى: وأنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم- قالا: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا شعيب بن يحيى، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن لهيعة بن عقبة: أنه سمع عمر بن مالك الأنصاري يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آمركم بثلاث وأنهاكم عن ثلاث: آمركم أن لا تشركوا بالله شيئاً، وأن تعتصموا بالطاعة جميعاً حتى يأتيكم أمر الله عز وجل وأنتم على ذلك، وأن تناصحوا ولاة الأمر من الدين بأمر الله عز وجل، وأنهاكم عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال".

أخرجه أبو نعيم وأبو موسى.

وروى عمر بن محمد بن الحسن الأسدي، عن أبيه، عن نصر، عن علي بن زيد، عن زرارة بن أوفى، عن عمر بن مالك- قال: وكانت له صحبة- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من بنى لله مسجداً بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة".

ورواه سفيان، عن علي بن زيد فقال: "عمرو بن مالك- أو مالك بن عمرو". ورواه هشيم عن علي فقال: "عمرو بن مالك".

عمر بن معاوية الغاضري:

عمر بن معاوية الغاضري- غاضرة قيس- مختلف في حديثه.

روى عنه ابن عائذ أنه قال: كنت ملزقاً ركبتي بركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال: يا نبي الله، كيف ترى في رجل ليس له مال يتصدق به، ولا قوة فيجاهد في سبيل الله بها، ويرى الناس يصلون ويجاهدون ويتصدقون، ولا يستطيع شيئاً من ذلك؟ قال: "يقول الخير ويدع الشر، يدخله الله الجنة معهم".

أخرجه ابن منده.

عمر بن يزيد الخزاعي:

عمر بن يزيد الخزاعي الكعبي. جالس النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه أنه قال: "أسلم سالمها الله من كل آفة إلا الموت، فإنه لا سلم منه، وغفار غفر الله لهم، ولا حي أفضل من الأنصار".

أخرجه الثلاثة.

عمر اليماني:

عمر اليماني. قاله ابن قانع، وروى بإسناده له عن شهر بن حوشب، عن عمر قال: كنت رجلاً من أهل اليمن حليفاً لقريش، فأرسلني أبو سفيان طليعة على النبي صلى الله عليه وسلم، فأعجبني الإسلام، فأسلمت.

استدركه أبو علي الغساني على أبي عمر.

عمرو بن أبي أثاثة:

عمرو- بفتح العين، وسكون الميم، وآخره واو- هو عمرو بن أبي أثاثة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب.

كان من مهاجرة الحبشة، وأمه النابغة بنت حرملة، فهو أخو عمرو بن العاص لأمه، وقد تقدم ذكره في "عروة بن أثاثة مستوفى".

أخرجه أبو عمر.

عمرو بن الأحوص:

عمرو بن الأحوص بن جعفر بن كلاب الجشمي الكلاني. قاله أبو عمر، وأما ابن منده وأبو نعيم فلم ينسباه، إنما قالا عمرو بن الأحوص الجشمي، حديثه عند ابنه سليمان.

أنبأنا إسماعيل وإبراهيم وغيرهما بإسنادهم عن محمد بن عيسى: حدثنا هناد، حدثنا أبو الأحوص، عن شبيب بن غرقدة، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: "أي يوم أحرم؟ ثلاث مرات"، قالوا: يوم الحج الأكبر. قال: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا لا يجني جان إلا على نفسه، الا لا يجني والد على ولده ولا مولود على والده، ألا إن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلادكم، ولكن ستكون له طاعة فيما تحقرون من أعمالكم، فيرضى به".

أخرجه الثلاثة.

قلت: قول أبي عمر "إنه جشمي كلابي" لا أعرفه، فإنه ليس في نسبه إلى كلاب جشم ولا فيما بعد كلاب أيضاً، وإنما "الأحوص بن جعفر بن كلاب" نسب معروف، والله أعلم، ولعله له حلف في جشم فنسبه إليه.

عمرو بن أحيحة بن الجلاح:

عمرو بن أحيحة بن الجلاح الأنصاري. وقد ذكرنا هذا النسب.

أخرجه ابن أبي حاتم فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة، قال: وسمع من خزيمة بن ثابت، روى عنه عبد الله بن علي بن السائب. قال أبو عمر: "وهذا لا أدري ما هو، لأن عمرو بن أحيحة هو أخو عبد المطلب بن هاشم لأمه، وذلك أن هشام بن عبد مناف كانت تحته سلمى بنت زيد من بني عدي بن النجار، فمات عنها، وخلف عليها بعده أحيحة بن الجلاح فولدت له عمرو بن أحيحة، فهو أخو عبد المطلب لأمه. هذا قول أهل النسب. وإليهم يرجع في مثل هذا، ومحال أن يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن خزيمة بن ثابت من كان في السن والزمن الذي وصفت! وعساه أن يكون حفيد لعمرو بن أحيحة يسمى عمراً، فنسب إلى جده، وإلا فما ذكر ابن أبي حاتم وهم لا شك فيه.

أخرجه أبو عمر.

عمرو بن أخطب الأنصاري:

عمرو بن أخطب، أبو زيد الأنصاري، وهو مشهور بكنيته، يقال: إنه من بني الحارث بن الخزرج، وقيل: ليس من الأوس ولا من الخزرج، ونذكره في الكنى مستقصى إن شاء الله تعالى.

غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوات، ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، ودعا له بالجمال.

أخبرنا عبد الله بن أبي نصر الخطيب، أخبرنا النقيب طراد بن محمد إجازة إن لم يكن سماعاً، أنبأنا الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، أنبأنا عبد الله بن محمد بن عبيد، حدثنا أبو خيثمة زهير، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، أنبأنا حسين بن واقد، حدثنا أبو نهيك الأزدي، عن عمرو بن أخطب قال: استقى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته بإناء فيه شعرة، فرفعتها ثم ناولته، فقال: اللهم، جمله- قال أبو نهيك: فرأيته بعد ثلاث وتسعين وما في رأسه ولحيته شعرة بيضاء.

ويقال: إنه بلغ مائة سنة ونيفاً وما في رأسه ولحيته إلا نبذ من شعر أبيض.

وهو جد عزرة بن ثابت، روى عنه أنس بن سيرين، وأبو الخليل، وعلباء بن أحمر، وتميم بن حويص، وغيرهم.

ورأى خاتم النبوة كأنه خيلان سود.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن أراكة:

عمرو بن أراكة وقيل: ابن أبي أراكة. سكن البصرة. قال محمد بن إسماعيل البخاري: عمرو بن أراكة، سكن البصرة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

روى الحسن البصري أن عمرو بن أراكة كان جالساً مع زياد على سريره، فأتي بشاهد- أراه مال في شهادته- فقال له زياد: والله لأقطعن لسانك. فقال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة ويأمر بالصدقة.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن أبي الأسد:

عمرو بن أبي الأسد. ذكره الحسن بن سفيان، والبغوي وغيرهما.

أبو موسى، أخبرنا أبو علي، أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن حرب المروزي، حدثنا محمد بن بشر العبدي، حدثنا عبيد روى الحسن البصري أن عمرو بن أراكة كان جالساً مع زياد على سريره، فأتي بشاهد- أراه مال في شهادته- فقال له زياد: والله لأقطعن لسانك. فقال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة ويأمر بالصدقة.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن أبي الأسد:

عمرو بن أبي الأسد. ذكره الحسن بن سفيان، والبغوي وغيرهما.

أخبرنا أبو موسى، أخبرنا أبو علي، أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن حرب المروزي، حدثنا محمد بن بشر العبدي، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن ابن شهاب، عن عمرو بن أبي الأسد قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد، واضعاً طرفيه على عاتقه.
رواه عياش الدوري وعلي بن حرب وأبو كريب، عن محمد بن بشر كذلك.

وقيل: وهم فيه محمد بن بشر، والصحيح ما رواه أبو أسامة وغيره، عن عبيد الله، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد.

أخرجه أبو موسى، وأخرجه أبو نعيم، إلا أنه جعله "عمرو بن الأسود"، وروى له حديث محمد بن بشر، ورد عليه كما في هذا الكتاب لا غير.

عمرو بن الأسود بن عامر:

عمرو بن الأسود بن عامر. استشهد يوم اليمامة. استدركه ابن الدباغ على أبي عمر مختصراً.

عمرو بن الأسود العنسي:

عمرو بن الأسود العنسي. ذكره ابن أبي عاصم.

أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده عن عبد الله بن احمد، حدثني أبي، حدثنا أبو اليمان، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن حكيم بن عمير وضمرة بن حبيب قالا: عن عمر بن الخطاب قال: من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هدي عمرو بن الأسود. أخرجه أبو موسى، وقال: عمرو هذا ليس بصحابي، ولكنه روى عن الصحابة والتابعين، وذكره أبو القاسم الدمشقي فقال: عمرو- ويقال: عمير- بن الأسود، أبو عياض، ويقال: أبو عبد الرحمن العنسي الحمصي، قيل أنه سكن "داريا"، وكان ممن أدرك الجاهلية، روى عن عمر بن الخطاب وعبارة وابن مسعود وغيرهم، وذكر قول عمر فيه الذي قدمنا ذكره.

وأخرجه ابن أبي عاصم في الصحابة.

العنسي: بالنون.

عمرو بن الأسود:

عمرو بن الأسود. ذكره سعيد القرشي في الصحابة.

روى شريح بن عبيد الحضرمي، عن الحارث بن الحارث، عن عمرو بن الأسود وأبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خيار أئمة قريش خيار أئمة الناس".

الحديث في فضل قريش، أخرجه أبو موسى.

قلت: قد ذكرت هذه التراجم الثلاث، ولا أدري أهي واحدة أو أكثر؟ وهل هي التي ذكرها أبو نعيم أو غيرها؟ لأنهما لم يذكرا نسباً ولا شيئاً مما يستدل به على أنها ولحد أو أكثر، وما فيها من الأحاديث فقد يكون للصاحب الواحد عدة أحاديث، وقد ذكرتها جميعها كما ذكراها للخروج من عهدتها، على أن أبا موسى إمام حافظ، ولم يخرجها إلا وقد علم أن كل واحد منهم غير الآخر، والله أعلم.

عمرو بن أقيش:

عمرو بن أقيش. أتى النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه أبو هريرة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله.

أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بإسناده عن أبي داود، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أنبأنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن عمرو بن أقيش أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له ثأر في الجاهلية، وكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء يوم أحد فقال: أين بنو عمي! قالوا: بأحد. قال: أين فلان؟ قالوا: بأحد. فلبس لأمته وركب فرسه، ثم توجه قبلهم، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنا يا عمرو. قال: إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح، فحمل إلى أهله جريحاً، فجاءه سعد بن معاذ فقال لأخته: سليه، أحمية أم غضباً لهم، أم غضباً لله عز وجل؟ فقال: غضباً لله ورسوله. فمات فدخل الجنة، ما صلى لله صلاة.

أخرجه ابن منده.

عمرو بن أمية القرشي:

عمرو بن أمية بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي، وأمه زينب بنت خالد بن عبد مناف بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة.

قاله الزبير، هاجر إلى أرض الحبشة ومات بها.

أخرجه أبو عمر مختصراً.

عمرو بن أمية بن خويلد الضمري:

عمرو بن أمية بن خويلد بن عبد الله بن إياس بن عبيد بن ناشرة بن كعب بن جدي بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الكناني الضمري، يكنى أبا أمية.

بعثه النبي صلى الله عليه وسلم وحده عيناً إلى قريش، فحمل خبيب بن عدي من الخشبة التي صلب عليها، وأرسله إلى النجاشي وكيلاً، فعقد له على أم حبيبة بنت أبي سفيان. وأسلم قديماً وهو من مهاجرة الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة، وأول مشاهدة بئر معونة. قاله أبو نعيم.

وقال أبو عمر: إن عمراً شهد بدراً، وأحداً مع المشركين، وأسلم حين انصرف المشركون من أحد.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه في أموره، وكان من أنجاد العرب ورجالها نجدة وجراءة، وكان أول مشاهدة بئر معونة، وأسرته بنو عامر يومئذ، فقال له عامر بن الطفيل: إنه كان على أمي نسمة فاذهب فأنت حر عنها، وجز ناصيته.

وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام سنة ست، وكتب على يده كتاباً، فأسلم النجاشي. وأمره أن يزوجه أم حبيبة ويرسلها ويرسل من عنده من المسلمين.

روى عنه أولاده: جعفر والفضل وعبد الله، وابن أخيه الزبرقان بن عبد الله بن أمية، وهو معدود من أهل الحجاز.

أنبأنا أحمد بن عثمان، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن، أنبأنا أبو مسلم محمد بن علي بن مهريز، أنبأنا أبو بكر بن زادان، حدثنا مأمون بن هارون بن طوسي، أنبأنا الحسين بن عيسى بن حمدان الطائي، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا إبراهيم بن سعد، أنبأنا ابن شهاب، عن جعفر بن عمرو بن أمية، عن أبيه، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم أكل من كتف عنز، ثم دعي إلى الصلاة فصلى ولم يتوضأ.
وتوفي عمرو آخر أيام معاوية قبل الستين.

أخرجه الثلاثة.

جدي: بضم الجيم، وفتح الدال المهملة، وآخره ياء تحتها نقطتان.

عمرو بن أمية الدوسي:

عمرو بن أمية الدوسي. أورده جعفر المستغفري. روى زياد البكائي، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: قال عمرو بن أمية الدوسي: دخلت المسجد الحرام فلقيني رجال من قريش فقالوا: إياك أن تلقى محمداً فتسمع مقالته فيخدعك بزخرف كلامه!. وذكر الحديث.

أخرجه أبو موسى، وقال: هذه القصة مشهورة بعمرو بن الطفيل.

عمرو جد أبي أمية:

عمرو، جد أبي أمية بن عبد الله. روى يعقوب بن محمد المدني، عن أبي أمية بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطعمني جبريل الهريسة أسد بها ظهري".

أخرجه أبو موسى.

عمرو بن أوس الثقفي:

عمرو بن أوس الثقفي. نزل الطائف، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه ابنه عثمان، وقيل: عن عثمان بن عبد الله بن أوس، عن أبيه، وقد ذكرناه. والصواب عمرو بن أوس.

روى الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي، عن عثمان بن عمرو بن أوس، عن أبيه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف، فكان يخرج إلينا من الليل فيحدثنا، فأبطأ ذات ليلة فقال: طال حزبي فكرها أن أخرج حتى أفرغ منه.

أخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمرو بن أوس بن عتيك:

عمرو بن أوس بن عتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن عامر بن زعوراء بن جشم بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي، وزعوراء أخو عبد الأشهل.

وعمرو هو أخو مالك والحارث ابني أوس.

شهد أحد والخندق، وما بعدهما من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم جسر أبي عبيد.
أخرجه أبو عمر.

عمرو بن أبي أويس القرشي:

عمرو بن أبي أويس بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حذيفة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي الامري.

قتل يوم اليمامة، قاله ابن إسحاق.

أخبرنا به أبو جعفر بإسناده عن يونس عن ابن إسحاق، وقال: عمرو بن أوس.

أخرجه أبو عمر، وأبو موسى، إلا أن أبا موسى قال: عمرو بن أوس بن سعد، والله أعلم.

عمرو بن الأهتم:

عمرو بن الأهتم- واسم الأهتم: سنان بن سمي بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن مقاعس- واسمه: الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمي المنقي.

وقيل: الأهتم، واسمه سنان بن خالد بن سمي.

وقيل: إن قيس بن عاصم ضربه بقوس فهتم فاه، فسمي الأهتم. وقيل: كان مهتوماً من سنة. وكان سبب ضرب قيس بن عاصم إياه أن قيساً كان رئيس بني سعد بن زيد مناة بن تميم يوم الكلاب، فوقع بينه وبين الأهتم اختلاف في أمر عبد يغوث بن وقاص بن صلاءة الحارثي، حين أسره عصمة التيمي، فرفعه إلى الأهتم، فضربه قيس فهتم فاه.

وأم عمرو بنت قذلي بن أعبد. ويكنى عمرو أبا ربعي، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وافداً في وجوه قومه من بني تميم سنة تسع، فيهم: الزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم وغيرهما، فأسلموا ففخر الزبرقان، فقال: يا رسول الله، أنا سيد بني تميم، والمجاب فيهم، آخذ لهم بحقوقهم، وأمنعهم من الظلم، وهذا يعلم ذلك- يعني عمرو بن الأهتم- فقال عمرو: إنه لشديد العارضة، مانع لجانبه، مطاع في أدنيه. فقال الزبرقان: والله لقد كذب يا رسول الله، وما منعه من أن يتكلم إلا الحسد! فقال عمرو: وأنا أحسدك؟! فوالله إنك لئيم الخال، حديث المال، أحمق الولد، مبغض في العشيرة، والله ما كذبت في الأولى ولقد صدقت في الثانية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في البيان لسحراً".

وقيل: إن الوفد كانوا سبعين أو ثمانين، فيهم: الأقرع بن حابس. وهم الذين نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات، وخبرهم طويل، وبقوا بالمدينة مدة يتعلمون القرآن والدين، ثم خرجوا إلى قومهم فأعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم وكساهم.

وقيل: إن عمراً كان غلاماً فلما أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بقي منكم أحد؟- وكان عمرو بن الأهتم في ركابهم- فقال قيس بن عاصم وكلاهما منقريان، بينهما مشاحنة: لم يبق منا أحد إلا غلام حدث في ركابنا وأزرى به! فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما أعطاهم، فبلغ عمراً قول قيس فقال:

ظللت مفترش الهلباء تشتمنـي

 

عند النبي فلم تصدق ولم تصب

إن تبغضونا فإن الروم أصلكـم

 

والروم لا تملك البغضاء للعرب

 

فإن سؤددنا عـود وسـؤددكـم

 

مؤخر عند أصل العجب والذنب

 

           

وكان عمرو ممن اتبع سجاح لما ادعت النبوة، ثم إنه أسلم وحسن إسلامه، وكان خطيباً أديباً يدعى "المكحل" لجماله، وكان شاعراً بليغاً محسناً يقال: إن شعره كان حللاً منشرة.

وكان شريفاً في قومه، وهو القائل:

ذريني فإن البخل يا أم هيثـم

 

لصالح أخلاق الرجال سروق

لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها

 

ولكن أخلاق الرجال تضـيق

ومن ولده خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن إياس:

عمرو بن إياس الأنصاري، من بني سالم بن عوف، قتل يوم أحد شهيداً، ولم يذكره ابن إسحاق.
قاله أبو عمر، وهو أخرجه.

عمرو بن إياس بن زيد:

عمرو بن إياس بن زيد بن غنم: قال ابن إسحاق: هو رجل من اليمن حليف الأنصار، شهد بدراً وأحداً.

وقال ابن هشام: عمرو بن إياس هذا، ويقال: إنه أخو ربيع بن إياس وودفة بن إياس، قاله أبو عمر.

وقال ابن منده وأبو نعيم: عمرو بن إياس، من بني لوذان، حليف لهم، قال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، في تسمية من شهد بدراً من الأنصار: عمرو بن إياس، حليف لهم.

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير، عن أبي إسحاق، في تسمية من شهد بدراً قال: ومن بني لوذان بن غنم: عمرو بن إياس، حليف لهم من اليمن.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن أيفع:

عمرو بن أيفع بن كرب الناعطي. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أخو مالك بن أيفع، قاله الطبري.

وفدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما، ومعهما ابن أخيهما مالك بن حمزة بن ايفع، قاله ابن ماكولا.
حمرة: بالحاء المضمومة المهملة، وبالراء.

عمرو بن بجاد الأشعري:

عمرو بن بجاد، أبو أنس الأشعري. روى عمرو بن عبد السلام بن عمران بن أبي أنس، عن خديجة بنت عمران بن أبي أنس، عن أبيها، عن جدها أبي أنس- واسمه عمرو بن بجاد الأشعري- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسلم السحاب عند الله العنان، والرعد ملك يزجر السحاب، والبرق طرف ملك".

أخرجه أبو موسى.

عمرو بن البداح القيسي:

عمرو بن البداح القيسي. له ذكر في حديث المشمرج بن خالد.

روى علي بن حجر السعدي: حدثني أبي، عن أبيه: أن جده المشمرج بن خالد، قال: قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد عبد القيس، فكساه النبي صلى الله عليه وسلم برداً، وأقطعه ركيا بالبادية- قال علي بن حجر: فسمعت عجوزاً من بني عوف بن سعد تقول: هاجر وتركها لابن عم له يقال له: عمرو بن بداح، وفيه قال الشاعر:

وإني لمختار الجهـاد وتـارك

 

لعمرو بن بداح كتيب الفوارس

أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين، ولا يعرف له إسلام ولا صحبة، وإنما ذكر في بيت شهر، وذكر البيت المتقدم ذكره.

عمرو بن بعكك:

عمرو بن بعكك، أبو السنابل بن بعكك. يرد في الكنى مستوفى إن شاء الله تعالى.

أخرجه أبو نعيم.

عمرو البكالي:

عمرو البكالي. له صحبة، يعد في الشاميين، وهو من بني بكال بن دعمي بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن كهلان. كذا نسبه خليفة في الصحابة، يكنى أبا عثمان، روى عنه أبو تميمة الهجيمي.

قال أبو تميمة: قدمت الشام فإذا الناس يطيفون برجل، فقلت: من هذا؟ فقالوا: أفقه من بقي اليوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، هذا عمرو البكالي. قال: ورأيت أصابعه مقطوعة، فقلت: ما ليده؟ قالوا: أصيبت يوم اليرموك بالشام، زمن عمر بن الخطاب.

ومن حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا كان عليكم أمراء يأمرونكم بالصلاة والزكاة حلت لكم الصلاة خلفهم، وحرم عليكم سبهم.

أخرجه الثلاثة، إلا أن أبا نعيم قال: "عمرو بن سفيان البكالي".

عمرو بن بكر:

عمرو بن بكر. قال جعفر: هو اسم أبي الجعد الضمري، من بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، له دار في بني ضمرة بالمدينة. كذا أسماه ونسبه خليفة.

وقال أبو حاتم بن حبان: اسمه الأدرع. وقال أبو عيسى الترمذي: لم يعرف البخاري اسم أبي الجعد الضمري. وذكره أبو أحمد العسكري في الصحابة: فقال: هو أبو الجعد بن جنادة بن المرداد بن عبد كعب بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة.

أخرجه أبو موسى.

عمرو بن بلال بن بليل:

عمرو بن بلال بن بليل. وقيل: عمرو بن عمير، أبو ليلى الأنصاري. مختلف في اسمه، فقيل: داود، وقيل: سفيان، وقيل: أوس، وقيل: بلال. ويرد ذكره في الكنى أتم من هذا إن شاء الله تعالى، وفي عمرو بن عمير.

وشهد أحداً وما بعدها، ثم شهد صفين مع علي.

وقال ابن الكلبي: كان من المهاجرين.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن بيبا:

عمرو بن بيبا. قال جعفر: روى عنه ابنه صالح قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك.

أخرجه أبو موسى مختصراً.

عمرو بن تغلب العبدي:

عمرو بن تغلب العبدي من عبد القيس، وقيل: هو من بكر بن وائل. وقيل: من النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.

وجميع ما ذكر في نسبه يرجع إلى أسد بن ربيعة، فهو ربعي على الاختلاف الذي فيه.

سكن البصرة، روى عنه الحسن البصري.

أنبأنا الخطيب أبو الفضل بن أبي نصر بإسناده إلى أبي داود الطيالسي: أنبأنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، عن عمرو بن تغلب قال: لقد قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة ما أحب أن لي بها حمر النعم، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء، فأعطى قوماً ومنع قوماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا نعطي قوماً نخشى هلعهم وجزعهم، ونكل قوماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الإيمان، منهم: عمرو بن تغلب وإن من أشراط الساعة أن تكثر التجار ويظهر القلم. يعني أن التجار يكثرون لكثرة المال، ويكثر الذين يكتبون، فإن الكتابة كانت قليلة في العرب.

وقال قتادة: هاجر من بكر بن وائل أربعة رجال، رجلان من بني سدوس: أسود بن عبد الله من أهل اليمامة، وبشير بن الخصاصية، وعمرو بن تغلب من النمر بن قاسط، وفرات بن حيان من بني عجل.

وهذا فيه نظر، فإن من يكون من النمر لا يكون من بكر، إلا أن يكون حليفاً، ولم يذكر أنه حليف.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن تيم البياضي:

عمرو بن تيم البياضي. قال ابن القداح: شهد أحداً والمشاهد بعدها.

قال العدوي: ولم أر أحداً يعرفه.

ذكره ابن الدباغ على أبي عمر.

عمرو بن ثابت الأوسي:

عمرو بن ثابت بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري الأوسي الأشهلي، وهو أخو سلمة بن ثابت، وابن عم عباد بن بشر، ويعرف عمرو بأصيرم بني عبد الأشهل، وهو ابن أخت حذيفة بن اليمان.

استشهد يوم أحد، وهو الذي قتل: إنه دخل الجنة ولم يصل صلاة، قاله الطبري.

أنبأنا أبو جعفر عبد الله بن أحمد بإسناده إلى يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق: حدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن أبي سفيان مولى ابن أبي احمد، عن أبي هريرة: أنه كان يقول: أخبروني عن رجل دخل الجنة، ولم يصل لله عز وجل صلاة، فإذا لم يعرفه الناس يقول: "أصيرم بني عبد الأشهل: عمرو بن ثابت بن وقش". وذلك أنه كان يأبى الإسلام، فلما كان يوم أحد بدا له في الإسلام فأسلم، ثم أخذ سيفه فأثبتته الجراح، فخرج رجال بني عبد الأشهل يتفقدون رجالهم في المعركة، فوجدوه في القتلى في آخر رمق، فقالوا: هذا عمرو، فما جاء به؟ فسألوه: ما جاء بك يا عمرو؟ أحدباً على قومك أو رغبة في الإسلام؟ فقال: بل رغبة في الإسلام أسلمت، وقاتلت حتى أصابني ما ترون. فلم يبرحوا حتى مات، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنه لمن أهل الجنة".

قال أبو عمر: في هذا القول عندي نظر.

أخرجه الثلاثة.

قلت: نسبه ابن منده فقال: عمرو بن ثابت بن وقش بن أصرم بن عبد الأشهل. وهذا نسب غير صحيح، فإن أصيرم لقب عمرو، لا اسم جد له، وقد أسقطه أيضاً، فإنه جعل أصيرم بن عبد الأشهل، وبينهما لو كان نسباً صحيحاً زغبة وزعوراء لا بد منهما، والصواب ما ذكرناه في نسبه.

وقد أخرج ابن منده ترجمة أخرى فقال: عمرو بن أقيش، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله. اختصره ابن منده، وأورد له الحديث الذي رواه أبو داود السجستاني، وهو هذا، فإن القصة واحدة.

عمرو بن ثبي:

عمرو بن ثبي. قال سيف بن عمر، عن رجاله: هو أول من أشار على النعمان بن مقرن حين استشار أهل الرأي في مناجزة أهل نهاوند، وكان عمرو بني ثبي من أكبر الناس سناً يومئذ.

أخرجه أبو عمر مختصراً.

عمرو بن ثعلبة الجهني:

عمرو بن ثعلبة الجهني، يعد في الحجازيين. روى يعقوب بن محمد الزهري، عن وهب بن عطاء بن يزيد الجهني، عن الوضاح بن سلمة، عن أبيه، عن عمرو بن ثعلبة الجهني: أنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيالة، فدعاه إلى الإسلام، فأسلم، ومسح رأسه- قال: فمضت له مائة سنة وما شاب موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه الثلاثة إلا أن ابن منده قال: "الجهني الأنصاري"، وقال: وهب بن عطاء بن يزيد بن شبيب بن عمرو بن ثعلبة الجهني.

عمرو بن ثعلبة الخشني:

عمرو بن ثعلبة الخشني. أخو أبي ثعلبة.

أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن الدباغ مستدركاً على أبي عمر؛ وذكر ابن الكلبي أنه أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عمرو بن ثعلبة الأنصاري:

عمرو بن ثعلبة بن وهب بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، أبو حكيم- أو: حكيمة- الأنصاري الخزرجي، ثم من بني عدي بن النجار. قال ابن شهاب: شهد بدراً.

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدراً: "..وعمرو بن ثعلبة".

لا عقب له، وشهد أحداً أيضاً، قاله أبو نعيم وأبو عمر.

وقال ابن منده: عمرو بن ثعلبة الأنصاري، شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم روى حديثه يعقوب بن محمد الزهري، عن وهب بن عطاء، عن الوضاح بن سلمة، عن أبيه، عن عمرو بن ثعلبة الأنصاري- وكان قد أتت عليه مائة سنة، وما شاب موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه الثلاثة.

قلت: قد ذكر ابن منده في ترجمة "عمرو بن ثعلبة الجهني" التي قبل هذه الترجمة: أنه شهد بدراً، وعداده في أهل الحجاز. وروى بإسناده عن يعقوب بن محمد الزهري، عن وهب بن عطاء، عن الوضاح، عن أبيه، عن عمرو بن ثعلبة الجهني قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيالة، فأسلمت ومسح رأسي.. الحديث. وروى في هذه الترجمة: "عمرو بن ثعلبة الأنصاري، وكان قد أتت عليه مائة سنة، وما شاب موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأسه"، هكذا ذكره في الترجمتين! والعجب منه أنه جعل ترجمتين، وجعل الكلام عليهما واحداً، والحالة واحدة، والحديث واحداً، والإسناد واحداً! فأي فرق يكون بينهما حتى ، يجعلهما اثنين؟ ثم إنه جعل الأول جهنياً أنصارياً، وإذا كان أنصارياً كان مسكنه بالمدينة، فكيف يلقاه بالسيالة وغيرها. وإنما الصحيح الذي ذكره أبو نعيم وأبو عمر، وقد نقلنا معنى كلامهما، والله أعلم.

حكيمة: بضم الحاء، وفتح الكاف، وآخره هاء.

عمرو الثمالي:

عمرو الثمالي- وقيل: اليماني. روى حديثه شهر بن حوشب، عنه أنه قال: بعث معي النبي صلى الله عليه وسلم بهدي تطوعاً وقال: إن عطب منها شيء فانحره، ثم اصبغ نعله من دمه فاضربه على صفحته، وخل بينه وبين الناس.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن جابر الجني:

عمرو بن جابر الجني. أوردناه اقتداء بالحافظ أبي موسى، وقد ذكر أنه اقتدى بالطبراني، وبالجملة فتركه أولى، وإنما ذكرناه لأننا شرطنا أننا لا نخل بترجمة.

أنبأنا أبو موسى إذناً، أنبأنا أبو الخير محمد بن رجاء، حدثنا أحمد بن أبي القاسم، حدثنا أحمد بن موسى، حدثنا أحمد بن عمرو، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا سلم بن قتيبة، حدثنا عمرو بن نبهان العنبري، حدثنا أبو عيسى سلام، حدثنا صفوان بن المعطل السلمي قال: خرجنا حجاجاً، فلما كنا بالعرج إذ نحن بحية تضطرب، فلم تلبث أن ماتت. فأخرج لها رجل منا خرقة فلفها فيها، ثم حفر لها في الأرض، ثم قدمنا مكة فإنا لبالمسجد الحرام إذ وقف علينا شخص فقال: أيكم صاحب عمرو بن جابر؟ قلنا: ما نعرفه! قال: أيكم صاحب الجان؟ قالوا: هذا. قال: جزاك الله خيراً، أما أنه كان آخر التسعة موتاً الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمعون القرآن. وقال: كان بين حيين من الجن قتال مسلمين ومشركين، فقتل، فإن شئتم عوضناكم- يعني عن الخرقة؟ قلنا:لا.

أخرجه أبو موسى، وقد أخرجه ابن أبي عاصم، عن عمرو بن علي، عن سلم بالإسناد.

عمرو بن جبلة:

عمرو بن جبلة بن وائل بن قيس. ذكره ابن الكلبي وأبو عبيد فيمن وفد على النبي صلى الله عليه وسلم- قال أبو عبيدة: من ولده سعيد الأبرش الكلبي صاحب هشام بن عبد الملك، واسمه: سعيد بن الوليد.

ذكره الغساني.

عمرو بن جدعان:

عمرو بن جدعان. روى سعيد المقبري، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمرو بن جدعان: يا عمرو بن جدعان، إذا اشتريت ثوباً فاستجده، وإذا اشتريت نعلاً فاستجدها، وإذا اشتريت دابة فاستفرهها، وإذا نكحت امرأة فأحسن إليها.

أخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمرو بن جراد:

عمرو بن جراد. روى الربيع بن بدر، عن أبيه، عن عمرو بن جراد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوا سعداً فإنها ستسعد".

أخرجه أبو موسى.

عمرو بن الجموح:

عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي، من بني جشم بن الخزرج.
شهد العقبة وبدراً في قول، ولم يذكره ابن إسحاق فيهم، واستشهد يوم أحد، ودفن هو وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر بن عبد الله في قبر واحد، وكانا صهرين متصافيين.

وروى الشعبي أن نفراً من الأنصار من بني سلمة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من سيدكم يا بني سلمة؟ فقالوا: الجد بن قيس على بخل فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوى من البخل، بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح. فقال شاعر الأنصار في ذلك:

وقال رسول الله والحق قولـه

 

لمن قال منا من تسمون سيدا؟

فقالوا له: جد بن قيس على التي

 

نبخّله فيها وإن كـان أسـودا

فتى ما تخطى خطوة لـدنـية

 

ولا مد في يوم إلى سـوأة يدا

فسود عمرو بن الجموح لجوده

 

وحق لعمرو بالندى أن يسـودا

إذا جاءه السؤال أذهب ما لـه

 

وقال: خذوه، إنه عـائد غـدا

وروى معمر وابن إسحاق، عن الزهري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بل سيدكم بشر بن البراء بن معرور". وقد ذكرناه في بشر.

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: وكان عمرو بن الجموح سيداً من سادة بني سلمة، وشريفاً من أشرافهم، وكان قد اتخذ في داره صنماً من خشب يقال له "مناة" يعظمه ويطهره، فلما أسلم فتيان بني سلمة: ابّنه معاذ بن عمرو، ومعاذ بن جبل في فتيان منهم، كانوا ممن شهد العقبة، فكانوا يدخلون الليل على صنم عمرو فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة، وفيها عذر الناس منكساً على رأسه، فإذا أصبح عمرو قال: ويلكم! من عدا على آلهتنا هذه الليلة؟ ثم يغدو فيلتمسه، فإذا وجده غسله وطيبه، ثم يقول: والله لو أعلم من يصنع لك هذا لأخزينه، فإذا أمسى ونام عمرو عدوا عليه ففعلوا به ذلك، فيغدو فيجده، فيغسله ويطيبه. فلما ألحوا عليه استخرجه فغسله وطيبه، ثم جاء بسيفه فعلقه عليه، ثم قال: إني والله لا أعلم من يصنع بك ذلك، فإن كان فيك خير فامتنع، هذا السيف معك! فلما أمسى عدوا عليه، وأخذوا السيف من عنقه، ثم أخذوا كلباً ميتاً فقرنوه بحبل، ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة فيها عذر الناس. وغدا عمرو فلم يجده، فخرج يبتغيه حتى وجده مقروناً بكلب، فلما رآه أبصر رشده، وكلمه من أسلم من قومه، فأسلم وحسن إسلامه.

وقال عمرو حين اسلم، وعرف من الله ما عرف، وهو يذكر صنمه ذلك، وما أبصره من أمره، ويشكر الله الذي أنقذه من العمى والضلال:

تالله لو كنت إلهاً لـم تـكـن

 

أنت وكلب وسط بئر في قرن

أف لمصرعك إلهاً مسـتـدن

 

الآن فتشناك عن سوء الغبـن

فالحمد لله العلي ذي المـنـن

 

الواهب الرزاق وديان الـدين

هو الذي أنقذني من قبـل أن

 

أكون في ظلمة قبر مرتهـن

 وقال ابن الكلبي: كان عمرو بن الجموح آخر الأنصار إسلاماً، ولما ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى بدر، أراد الخروج معهم، فمنعه بنوه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة عرجه. فلما كان يوم أحد قال لبنيه: منعتموني الخروج إلى بدر، فلا تمنعوني الخروج إلى أحد! فقالوا: إن الله قد عذرك. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه، والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنت فقد عذرك الله، ولا جهاد عليك، وقال لبنيه: لا عليكم أن لا تمنعوه، لعل الله أن يرزقه الشهادة. فأخذ سلاحه وولى وقال: اللهم ارزقني الشهادة ولا تردني إلى أهلي خائباً. فلما قتل يوم أحد جاءت زوجه هند بنت عمرو، عمة جابر بن عبد الله، فحملته وحملت أخاها عبد الله بن عمرو بن حرام، فدفنا في قبر واحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لقد رأيته يطأ في الجنة بعرجته".

وقيل: إن عمرو بن الجموح كان به أربعة بنين يقاتلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه حمل يوم أحد هو وابنه خلاد على المشركين حين انكشف المسلمون، فقتلا جميعاً.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن جندب الوادعي:

عمرو بن جندب الوادعي، أبو عطية. أورده علي العسكري، وروى بإسناده عن سفيان، عن علي بن الأقمر، عن أبي عطية الوادعي قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى نسائه في جنازة فقال: "ارجعن مأزورات وغير مأجورات".

أخرجه أبو موسى وقال: هذا تابعي يروي عن علي وابن مسعود.

عمرو الجني:

عمرو الجني. قال أبو موسى: هو آخر، وقال: أورده الطبراني، وقيل: هو ابن طارق.

وأورده أبو زكريا على جده.

روى أحمد بن سعيد بن أبي مريم، عن عثمان بن صالح، عن عمرو الجني قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة النجم، فسجد وسجدت معه.

وقال عثمان بن صالح المصري: رأيت عمرو بن طارق الجني، فقلت: هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، وبايعته، وأسلمت وصليت خلفه الصبح، وقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين.

أخرجه أبو موسى، فاقتدينا به، وتركه أولى، ومن العجب أنهم يذكرون الجن في الصحابة، ولا يصح باسم أحد منهم نقل، ولا يذكرون جبريل وميكائيل وغيرهما من الملائكة، الذين وردت أسماءهم، ولا شبهة فيهم!.

عمرو بن جهم:

عمرو بن جهم بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.

أورده جعفر، وقال: هاجر وأخوه خزيمة وأبوهما جهم إلى أرض الحبشة، ورجعوا في السفينتين إلى المدينة، ورواه عن ابن إسحاق.

أخرجه أبو موسى.

أنبأنا أبو جعفر بن السمين بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق، في تسمية من هاجر إلى أرض الحبسة: "..ومن بني عبد الدار بن قصي: جهم بن قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وابنه عمرو بن جهم".

عمرو بن الحارث بن زهير القرشي:

عمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر القرشي الفهري.

كان قديم الإسلام بمكة، وقيل: اسمه عامر، يكنى أبا نافع، هاجر إلى الحبشة، قاله ابن إسحاق والواقدي، ولم يذكره ابن عقبة ولا أبو معشر فيمن هاجر إلى الحبشة، وذكره موسى بن عقبة في البدريين، وقد ذكره ابن إسحاق في البدريين أيضاً إلا أنه خالف في بعض نسبه، فقال: ابن أبي شداد بن ربيعة بن أهيب بن ضبة.
أخرجه أبو عمر وأبو موسى.

عمرو بن الحارث المصطلقي:

عمرو بن الحارث بن أبي ضرار بن عائد بن مالك بن خزيمة- وهو المصطلق- بن سعد ابن كعب بن عمرو الخزاعي المصطلقي، أخو جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

روى عنه أبو وائل، وأبو إسحاق السبيعي.

روى أبو حذيفة، عن زهير، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عمرو بن الحارث صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم أخي امرأته قال: تالله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته ديناراً ولا درهماً، ولا أمة ولا عبداً، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضاً تركها صدقة.

أخرجه هكذا أبو عمر، ونسبه كما سقناه أولاً. وأما أبو موسى فإنه قال: "عمرو بن الحارث بن أبي ضرار"، حسب، لم يتجاوز في نسبه هذا. قلت: وإنما أخرجه أبو موسى ظناً منه أنه غير عمرو بن الحارث بن المصطلق الذي أخرجه ابن منده، ويرد ذكره بعد هذه الترجمة إن شاء الله تعالى، وأخرج له أبو موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد" وقال: فرق العسكري- هو علي- بين هذا وبين عمرو بن الحارث بن المصطلق، وجمع أبو عبد الله بن منده بينهما. ولم يذكر ابن منده ولا أبو نعيم هذه الترجمة، إنما ذكرا عمرو بن الحارث بن المصطلق الخزاعي على ما نذكره، وقالا فيها: إنه أخو جويرية، وذكرا له الحديثين اللذين رواهما أبو موسى عن هذا عمرو بن الحارث بن أبي ضرار، في تركة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي قراءة ابن أم عبد. ولا شك أن من يجعلهما اثنين فقد وهم، وإنما هما واحد، وقد أسقط ابن منده وأبو نعيم من نسبه ما بين "الحارث" وبين "المصطلق"، أما ابن منده فيكون قد نقله من نسخة سقيمة قد سقط منها بعض النسب، وتبعه أبو نعيم ولم يمعن النظر ليظهر له، وأعجب من ذلك أن أبا نعيم نسب جويرية كما سقنا هذا النسب، وجعلها أخت عمرو بن الحارث بن المصطلق، وبينهما عدة آباء، ولقد ذكر ابن منده في جويرية أعجوبة فإنه اقتصر في نسبها على أبي ضرار، ثم قال: أصابها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أوطاس فأعتقها وتزوجها في سنة خمس في شعبان، وأوطاس كانت بعد الفتح سنة ثمان، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها قيل أن تسبى! والله أعلم.

عمرو بن الحارث الأنصاري:

عمرو بن الحارث بن لبدة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري، من القوافل.

شهد العقبة الثانية، قاله ابن إسحاق.

عمرو بن الحارث بن المصطلق:

عمرو بن الحارث بن المصطلق، أخو جويرية أم المؤمنين. يعد في الكوفيين، قاله ابن منده وأبو نعيم هكذا، ورويا عنه أنه قال: "قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخلف ديناراً.." الحديث، ورويا أيضاً عنه في قراءة ابن مسعود.

أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن علي الأنصاري وأبو محمد عبد العزيز بن أبي طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعي وغيرهما قالوا: أنبأنا علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي وأبو عبد الله بن محمد بن طلحة بن علي بن يوسف الرازي قالا: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن هزار بن مرد الصريفيني، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن إسحاق بن حبابة، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا زهير، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن الحارث الخزاعي أخي جويرية بنت الحارث- قال: لا والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته ديناراً ولا درهماً، ولا عبداً ولا أمة، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضاً تركها صدقة.

أخرجه ابن منده وأبو نعيم. وقد تقدم الكلام عليه في عمرو بن الحارث بن أبي ضرار، فليطلب منه.

عمرو بن الحارث بن هيشة:

عمرو بن الحارث بن هيشة بن الحارث بن أمية بن معاوية بن مالك. شهد أحداً هو وأخوه عبد الله بن الحارث، ولا عقب لهما.

حكاه العدوي، عن الواقدي.

عمرو بن حبيب:

عمرو بن حبيب بن عبد شمس، وقيل: عمرو بن سمرة الأقطع.

قاله ابن منده، وروى عن عمرو بن ثعلبة، عن أبيه: أن عمرو بن سمرة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، إني سرقت.." وذكر الحديث، ذكرناه في ثعلبة.

وقيل: عمرو بن أبي حبيب، وقيل: عمرو بن جندب.

عداده في الشاميين. ذكره الحسن بن سفيان. روى صفوان بن عمرو، عن أبي رواحة عن عمرو بن حبيب أنه قال لسعيد بن عمرو: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خاب عبد وخسر، لم يجعل الله في قلبه رحمة للبشر".

أخرجه ابن منده وأبو نعي.

عمرو بن الحجاج الزبيدي:

عمرو بن الحجاج الزبيدي. قال ابن إسحاق: كان مسلماً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله مقام محمود حين أرادت زبيد الردة، فنهاهم عنها، وحثهم على التمسك بالإسلام. هو وعمرو بن الفحيل.

قاله ابن الدباغ.

عمرو بن حريث القرشي:

عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي يكنى أبا سعد.
رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أخو سعيد بن حريث، ويجتمع هو وخالد بن الوليد وأبو جهل بن هشام في عبد الله. سكن الكوفة وابتنى بها داراً، وهو أول قرشي اتخذ بالكوفة داراً، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان عمه لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة سنة، وقيل: حملت به أمه عام بدر، ومسح النبي صلى الله عليه وسلم رأسه، ودعا له بالبركة في صفقته وبيعه، فكسب مالاً عظيماً، وكان من أغنى أهل الكوفة، وولي لبني أمية بالكوفة، وكانوا يميلون إليه، ويثقون به، وكان هواه معهم، وشهد القادسية، وأبلى فيها.

أنبأنا أبو الفرج بن أبي الرجاء إجازة بإسناده إلى أبي بكر بن أبي عاصم، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا الحماني، عن النضر أبي عمر الخزار، عن بعض أصحابه، عن عمرو بن حريث قال: ذهب بي أخي سعيد بن حريث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهباً، فأعطاني قطعة، فقلت: لا أجعلها في شيء إلا بورك لي فيه، فجعلت آخرها في هذه الدار.

أنبأنا أبو الفضل الفقيه المخزومي بإسناده عن أبي يعلى، أنبأنا محمد بن نمير، أنبأنا يحيى بن سليمان، أنبأنا إسماعيل قال: سمعت عمرو بن حريث يقول: ذهب بي أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح رأسي، ودعا لي بالرزق.

ومات سنة خمس وثمانين، وولده بالكوفة.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن حريث:

عمرو بن حريث. ذكره أبو يعلى الموصلي بعد عمرو بن حريث المخزومي، وقال: ذكره أبو خيثمة، وروى له حديثين، فقال: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا عبد الله بن يزيد- قال أبو يعلى: وحدثنا ابن الدورقي أحمد، حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثني سعيد بن أيوب، حدثني أبو هانئ، حدثنا عمرو بن حريث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما خففت عن خادمك من عمله، فإن أجره في موازينك".

قال أبو يعلى" حدثنا زهير، حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا حيوة، أخبرني أبو هانئ حميد بن هانئ الخولاني: أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي وعمرو بن حريث وغيرهما يقولون: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنكم ستقدمون على قوم جعد رؤوسهم، فاستوصوا بهم خيراً، فإنهم قوة لكم وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله- يعني قبط مصر".

ولا شك أن أبا خيثمة وأبا يعلى حيث رأيا هذا يروي عنه المصريون في فضل مصر، ظنه غير المخزومي، فإن المخزومي سكن الكوفة، والله أعلم.

عمرو بن حزابة بن نعيم:

عمرو بن حزابة بن نعيم. ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى نعيم بن مطرف بن معروف، عن أبيه، عن جده معروف بن عمرو، عن أبيه عمرو بن حزابة أنه ولد أيام النبي، وقدم النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك، وهو مرضع.

أخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمرو بن حزم الأنصاري:

عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي ثم النجاري.

ومنهم من ينسبه في بني مالك بن جشم بن الخزرج. ومنهم من ينسبه في ثعلبة بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك.

وأمه من بني ساعدة، يكنى أبا الضحاك.

وأول مشاهدة الخندق، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل نجران، وهم بنو الحارث بن كعب، وهو ابن سبع عشرة سنة، بعد أن بعث إليهم خالد بن الوليد فأسلموا، وكتب لهم كتاباً فيه الفرائض والسنن والصدقات والديات.

أنبأنا يحيى بن محمود إجازة بإسناده إلى أبي بكر أحمد بن عمرو، أنبأنا يعقوب بن حميد، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني عمرو بن الحارث، عن بكر بن سوادة: أن زياد بن نعيم حدثه أن عمرو بن حزم قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر فقال: "انزل، لا تؤذي صاحب هذا القبر".

وتوفي بالمدينة سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة ثلاث وخمسين، وقيل: إنه توفي في خلافة عمر بن الخطاب بالمدينة. والصحيح أنه توفي بعد الخمسين لأن محمد بن سيرين روى أنه كلم معاوية بكلام شديد لما أراد البيعة ليزيد. وروى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده عمرو: أنه روى لعمرو بن العاص لما قتل عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تقتله الفئة الباغية".

وروى عنه ابنه محمد، والنضر بن عبد الله السلمي، وزياد بن نعيم الحضرمي.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن حسان:

عمرو بن حسان. تقدم ذكره في ترجمة سنبر.

أخرجه أبو موسى مختصراً.

عمرو بن أبي حسن الأنصاري:

عمرو بن أبي حسن الأنصاري. أورده سعيد، وروى بإسناده عن عمرو بن يحيى بن عمارة، عن عمه، عن عمرو بن أبي حسن قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمضمض واستنشق مرة واحدة.

أخرجه أبو موسى.

عمرو بن الحكم القضاعي:

عمرو بن الحكم القضاعي ثم القيني. بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عاملاً على بني القين، فلما ارتد عمال قضاعة كان عمرو بن الحكم وامرؤ القيس بن الأصبغ ممن ثبت على دينه.

أخرجه أبو عمر، وقال: لا أعرفه بغير ذلك.

عمرو بن حماس الليثي:

عمرو بن حماس الليثي. غير محفوظ. روى سفيان، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث بن الحكم، عن عمرو بن حماس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس للنساء سراة الطريق".

ورواه وكيع، عن ابن أبي ذئب فقال: عن الحارث، عن الحكم، عن عمرو.

أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: لا تصح له صحبة- قال: وقيل: أبو عمرو بن حماس، وهو المشهور.

عمرو بن الحمام الأنصاري:

عمرو بن الحمام بن الجموح الأنصاري، من بني سلمة. تقدم نسبه. هو من البكائين الذين نزل فيهم: "ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون". وذلك في غزوة تبوك وكانوا جماعة، رواه جعفر بإسناده عن ابن إسحاق. وقال جعفر المستغفري: يقال: أنه استشهد يوم أحد، ودفن هو وعبد الله بن عمرو أبو جابر في قبر واحد، وسمي قبر الأخوين، وكانا متصافيين.

أخرجه أبو موسى.

قلت: كذا ذكره أبو موسى، والذي دفن مع عبد الله إنما هو عمرو بن الجموح، وقد تقدم ذكره، وهو الصحيح، وماعداه فليس بشيء!

عمرو بن حمزة بن سنان الأسلمي:

شهد الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم المدينة، ثم استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى باديته، فأذن له، فخرج حتى إذا كانوا بالصوعة- على بريد من المدينة، على المحجة من المدينة إلى مكة- لقي جارية من العرب وضيئة، فنزعه الشيطان حتى أصابها، ولم يكن أحصن، ثم ندم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأقام عليه الحد: أمر رجلاً أن يجلده بين الجلدين، بسوط قد لان.

كذا أورده ابن شاهين، أخرجه أبو موسى.

عمرو بن الحمق الخزاعي:

عمرو بن الحمق بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعي.

هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية، وقيل: بل أسلم عام حجة الوداع، والأول أصح.

صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وحفظ عنه أحاديث، وسكن الكوفة، وانتقل إلى مصر، قاله أبو نعيم.

وقال أبو عمر: سكن الشام، ثم انتقل إلى الكوفة فسكنها، والصحيح أنه انتقل من مصر إلى الكوفة.

روى عنه جبير بن نفير، ورفاعة بن شداد القتباني، وغيرهما.

أنبأنا أبو منصور بن مكارم بن أحمد المؤدب بإسناده إلى أبي زكريا يزيد بن إياس قال: حدثنا ابن أبي حفص، حدثنا علي بن حرب، حدثنا الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، عن إسحاق بن أبي فروة، عن يوسف بن سليمان، عن جدته ناشرة، عن عمرو بن الحمق أنه سقى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "اللهم متعه بشبابه".

فمرت عليه ثمانون سنة لا ترى في لحيته شعرة بيضاء.

وكان ممن سار إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو أحد الأربعة الذين دخلوا عليه الدار، فيما ذكروا، وصار بعد ذلك من شيعة علي، وشهد معه مشاهده كلها: الجمل، وصفين، والنهروان. وأعان حجر بن عدي، وكان من أصحابه، فخاف زياداً، فهرب من العراق إلى الموصل، واختفى في غار بالقرب منها، فأرسل معاوية إلى العامل بالموصل ليحمل عمر إليه، فأرسل العامل على الموصل ليأخذه من الغار الذي كان فيه، فوجده ميتاً، كان قد نهشته حية فمات، وكان العامل عبد الرحمن بن أم الحكم، وهو ابن أخت معاوية.

أنبأنا أبو منصور بن مكارم بإسناده إلى أبي زكريا قال: أنبأنا إسماعيل بن إسحاق، حدثني علي بن المديني، حدثنا سفيان قال: سمعت عماراً الدهني- إن شاء الله- قال: أول رأس حمل في الإسلام رأس عمرو بن الحمق إلى معاوية- قال سفيان: أرسل معاوية ليؤتى به، فلدغ، وكأنهم خافوا أن يتهمهم، فأتوا برأسه. قال أبو زكريا: حدثني عبد الله بن المغيرة القرشي، عن الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، عن إسحاق بن أبي فروة، عن يوسف بن سليمان، عن جدته قالت: كان تحت عمرو بن الحمق آمنة بنت الشريد، فحبسها معاوية في سجن دمشق زماناً، حتى وجه إليها رأس عمرو بن الحمق، فألقي في حجرها، فارتاعت لذلك، ثم وضعته في حجرها، ووضعت كفها على جبينه، ثم لثمت فاه. ثم قالت: غيبتموه عني طويلاً ثم اهديتموه إليّ قتيلاً!. فأهلاً بها من هدية غير قالية ولا مقلية.

وقيل: بل كان مريضاً لم يطق الحركة، وكان معه رفاعة بن شداد، فأمره بالنجاء لئلا يؤخذ معه، فأخذ رأس عمرو، وحمل إلى معاوية بالشام.

وكان قتله سنة خمسين: أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده عن عبد الله بن أحمد: حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا عيسى القاري أبو عمر، حدثنا السدي، عن رفاعة بن شداد القتباني قال: دخلت على المختار فألقى إلي وسادة وقال: لولا أن أخي جبريل قام من هذه لألقيتها إليك. فأردت أن أضرب عنقه، فذكرت حديثاً حدثنيه عمرو بن الحمق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما مؤمن أمن مؤمناً على دمه فقتله، فأنا من القاتل بريء".

وقبره مشهور بظاهر الموصل بزار، وعليه مشهد كبير، ابتدأ بعمارته أبو عبد الله سعيد بن حمدان،- وهو ابن عم سيف الدولة- وناصر الدولة ابني حمدان، في شعبان من سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وجرى بين السنة والشيعة فتنة بسبب عمارته.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن حنة الأنصاري:

عمرو بن حنة الأنصاري. مختلف في اسمه، ذكره الطبراني في مسنده هكذا.

أنبأنا أبو موسى كتابة قال: أنبأنا الحبال والكوشيدي قالا: أنبأنا ابن ريذة- قال أبو موسى: وأنبأنا أبو نعيم- قالا: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا عمر بن حفص السدوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: جاء رجل من الأنصار يقال له عمرو بن حنة، وكان يرقى من الحية، فقال: يا رسول الله، إنك نهيت عن الرقى، وأنا أرقى من الحية؟ قال: "فقصها علي". فقصها عليه، فقال: "لا بأس بهذه، هذه مواثيق"- قال: وجاء رجل من الأنصار كان يرقى من العقرب، فقال: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل".

رواه أبو معاوية، وغيره عن الأعمش، فقالوا: "عمرو بن حزم". ورواه أبو الزبير عن جابر فقال: "عمرو بن حزم"، وهو الصحيح.

عمرو بن خارجة الأنصاري:

عمرو بن خارجة بن قيس بن مالك بن عدي بن عامر بن عدي بن النجار الأنصاري الخزرجي النجاري. شهد بدراً، قاله ابن إسحاق وغيره.

أخبرنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدراً من الأنصار قال: "..ومن بني عدي بن النجار: عمرو بن خارجة بن قيس".

أخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمرو بن خارجة الأسدي:

عمرو بن خارجة بن المنتفق الأسدي، وقيل: الأشعري، حليف أبي سفيان بن حرب.

وقيل: خارجة بن عمرو. والأول أصح.

يعد في الشاميين، روى عنه عبد الرحمن بن غنم الأشعري.

أنبأنا غير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى محمد بن عيسى قال: حدثنا قتيبة، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن عمرو بن خارجة أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى وهو على ناقته، وإني لتحت جرابها، ولعابها يسيل بين كتفي، وإنها لتقصع بجرتها يقول: "إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه م الميراث، ولا وصية لوارث، الولد للفراش، وللعاهر الحجر".

أخرجه الثلاثة.

قلت: وقد روى أبو أحمد العسكري هذا الحديث بإسناده عن عبد الله بن نافع، عن عبد الملك بن قدامة، عن أبيه، عن خارجة بن عمرو الجمحي، ووافقه أبو بكر بن أبي عاصم في أنه جمحي.

أنبأنا يحيى بن محمود بإسناده عن أبي بكر: حدثنا يعقوب، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن مطرح، قال يعقوب: وحدثنا حاتم، عن محمد بن عبيد الله، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عمرو بن خارجة الجمحي قال: "كنت عند جران ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم .." وذكر الحديث.

وأورد أبو أحمد العسكري أيضاً فقال: عمرو بن خارجة الأنصاري- قال: وقال بعضهم: هو أسدي، وروى له في فضل الصلاة.

عمرو مولى خباب.

عمرو، مولى خباب. روى عنه حديث واحد بإسناد غير مستقيم.

أخرجه أبو عمر مختصراً.

عمرو بن أبي خزاعة:

عمرو بن أبي خزاعة. روى مكحول، عن عمرو بن أبي خزاعة قال: قتل منا قتيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيناه، فقضى لنا.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن خلاس:

عمرو بن خلاس، من بني عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي، يقال له مخرج، أورده جعفر فيمن شهد بدراً.

أخرجه أبو موسى مختصراً.

عمرو بن خلف القرشي:

عمرو بن خلف بن عمير بن جدعان القرشي التيمي، وهو المهاجر بن قنفذ، واسم المهاجر عمرو، وقنفذ اسمه خلف، غلب على كل واحد منهما لقبه، ويذكر المهاجر في الميم إن شاء الله تعالى بما يغني عن ذكره هاهنا، لأنه بذلك أشهر.

أخرجه أبو عمر.

عمرو بن رافع المزني: عمرو بن رافع المزني. روى عنه هلال بن أبي هلال أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعد الظهر يوم النحر، ورديفة علي بن أبي طالب.

وقد روى عن عمرو بن رافع، عن أبيه.

أخرجه أبو نعيم، وأبو عمر، وأبو موسى.

عمرو بن ربعي الأنصاري:

عمرو بن ربعي، أبو قتادة الأنصاري. روى محمد بن سعد، عن الواقدي قال: قال الهيثم بن عدي: اسمه عمرو بن ربعي. وقال محمد بن عمر: اسمه النعمان بن ربعي. وقال غيرهم: الحارث بن ربعي، وهو الأشهر.
أخرجه أبو موسى.

عمرو بن ربيعة:

عمرو بن ربيعة. أورده سعيد في الصحابة. روى قيس بن همام، عن عمرو بن ربيعة قال: وفدت على النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعته يقول: "أدعوكم إلى الله عز وجل وحده، الذي إن مسكم ضر كشفه عنكم".

أخرجه أبو موسى.

عمرو بن رئاب القرشي:

عمرو بن رئاب بن مهشم بن سعيد بن سهم القرشي الس همي. وقيل: اسمه عمير. كان من مهاجرة الحبشة، وقتل بعين التمر مع خالد بن الوليد.

أخرجه أبو عمر.

عمرو بن زائدة:

عمرو بن زائدة بن الأصم- وهو ابن أم مكتوم- وقيل: عبد الله بن عمرو. وقيل: عمرو بن قيس بن شريح بن مالك. وأم مكتوم اسمها عاتكة.

روى أبو إسحاق، عن البراء بن عازب قال: أول من أتانا مهاجراً مصعب بن عمير، ثم قدم ابن أم مكتوم.

وروى أبو البختري الطائي عن ابن مكتوم قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما ارتفعت الشمس وناس عند الحجرات، فقال: "يا أهل الحجرات، سعرت النار، وجاءت الفتن كقطع الليل، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً".

أخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمرو بن زرارة الأنصاري:

عمرو بن زرارة الأنصاري. روى إبراهيم بن اللاء الحمصي، عن الوليد بن مسلم، عن الوليد بن سليمان بن أبي السائب، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة إزار ورداء، وقد أسبل، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بحاشية ثوبه ويتواضع لله عز وجل ويقول: "اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك". حتى سمعها عمرو بن زرارة، فالتفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني حمش الساقين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أحسن كل شيء خلقه يا عمرو بن زرارة، إن الله لا يحب المسبلين".

ورواه ابن نافع، عن إسماعيل بن الفضل، عن يعقوب بن كعب، عن الوليد بن مسلم بإسناده فسماه: "عمرو بن سعيد".

أخرجه أبو موسى.

عمرو بن زرارة النخعي:

عمرو بن زرارة النخعي، مذكور في ترجمة أبيه في باب "الزاي". وهو ممن سيره عثمان بن عفان من أهل الكوفة إلى دمشق، وأدرك عصر النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه ابنه سعيد والسبيعي.

أخرجه أبو موسى.

عمرو أبو زرعة:

عمرو أبو زرعة، غير منسوب. روى منصور بن أبي مزاحم وسويد بن سعيد بن سعيد، عن خالد الزيات، عن زرعة بن عمرو، عن أبيه- وكان رابع أربعة ممن دفن عثمان بن عفان يوم الدار بعد العتمة- قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال لأصحابه: انطلقوا إلى أهل قباء نسلم عليهم"، فلما أتاهم سلم عليهم فقال: يا أهل قباء، ائتوني بحجارة من هذه الحرة، فجمعت عنده، فخط بها قبلتهم.

رواه أسود بن عامر عن خالد، وقال: عن زرعة بن عمرو، مولى خباب.

أخرجه أبو نعيم، وأبو موسى.

عمرو بن أبي زهير:

عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس الأنصاري. ذكره ابن عقبة في البدريين.
أخرجه أبو عمر.

عمرو بن سالم الخزاعي:

عمرو بن سالم بن كلثوم الخزاعي، قاله أبو عمر.

وقال هشام بن الكلبي: عمرو بن سالم بن حضيرة الشاعر القائل:

لا هم إني ناشد محمدا

 

حلف أبينا وأبيه الأتلدا

وأما ابن منده وأبو نعيم فلم ينسباه، إنما قالا: عمرو بن سالم الخزاعي الكعبي.

أنبأنا أبو جعفر بن أحمد بن علي بإسنادهم عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني الزهري، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أنهما حدثاه جميعاً، أن عمرو بن سالم الخزاعي ركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير، حتى قدم المدينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر، وقد قال أبيات شعر، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشده أبياتاً، وهي هذه:

لا هم إني ناشد مـحـمـدا

 

حلف أبينا وأبـيه الأتـلـدا

كنت لنا أبـاً وكـنـا ولـدا

 

ثمت أسلمنا فلم نـنـزع يدا

فانصر رسول الله نصراً عتدا

 

وادع عباد الله يأتـوا مـددا

فيهم رسول الله قد تـجـردا

 

إن سيم خسفاً وجهه تربـدا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا

 

إن قريشاً أخلفوك الموعـدا

ونقضوا ميثاقك الـمـؤكـدا

 

وزعموا أن لست تدعو أحدا

وهـم أذل وأقـل عـــددا

 

قد جعلوا لي بكداء رصـدا

هم بيتونا بالوتـير هـجـدا

 

فقتلونا ركـعـاً وسـجـدا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصرت يا عمرو بن سالم". فما برح حتى مرت عنانة في السماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب".

وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاز، وكتمهم مخرجه، وسأل أن يعمي على قريش خبره، حتى يبغتهم في بلادهم، وسار فكان فتح مكة.

قد استقصينا هذه الحادثة في كتابنا الكامل في التاريخ.

أخرجه الثلاثة.

عمرو بن سالم بن حضيرة:

عمرو بن سالم بن حضيرة بن سالم، من بني مليح بن عمرو بن ربيعة. كان شاعراً، وان يحمل أحد ألوية بني كعب التي عقدها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يقول يومئذ:

لا هم إني ناشد محمداً

الأبيات، قال ابن شاهين: أخرجه أبو موسى بهذا اللفظ.

قلت: أخرج أبو موسى هذه الترجمة مستدركاً على ابن منده، وهذا الذي ذكرنه لفظه، ولا وجه لاستدراكه عليه، فإن هذا هو المذكور في الترجمة التي قبلها، وإنما ابن إسحاق وغيره ذكروا نسبه مختصراً، كما ذكره ابن منده وأبو نعيم، ولعل أبا موسى لما رأى الأول لم يتعدوا في نسبه سالماً، ورأى هذا قد رفع نسبه، ظنه غيره، والذي سقناه عن ابن الكلبي في الترجمة الأولى من نسبه يدل أنهما واحد، ولعل من يرى نسبه الذي ساقه أبو عمر، وفيه: "سالم بن كلثوم" وفي هذا سالم بن حضيرة، فظنهما اثنين، وليس كذلك، فإنهم اختلفوا في نسبه كما اختلفوا في نسبه كما اختلفوا فير غيره، والبيت الشعر الذي أورده أبو موسى يشهد أنهما واحد، ونحن نذكر كلام ابن الكلبي ليعلم أنهما واحد، قال: فولد مليح بن عمرو بن ربيعة: سعد أو غنماً، ثم قال: فمن بني سعد بن مليح: عبد الله بن خلف. وذكر نسبه، وابنه طلحة بن عبد الله، وهو طلحة الطلحات، وذكر أيضاً الأسود بن خلف، وعثمان بن خلف، ثم قال: وعمرو بن سالم بن حضيرة بن سالم الشاعر القائل:

لا هم إني ناشد محمدا

 

حلف أبينا وأبيه الأتلدا

فهل هذا إلا الذي ذكره ابن منده وأبو نعيم؟! والله أعلم.

عمرو بن سالم:

عمرو بن سالم. أخرجه أبو موسى وقال: هو آخر، أورده سعيد، وروى عن حزام بن هشام، عن أبيه، عن عمرو بن سالم قال: قلت: يا رسول الله، إن أنس بن زنيم هجاك. فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه.

عمرو بن سبيع الرهاوي

عمرو بن سبيع الرهاوي. وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر.

روى هشام بن الكلبي، عن عمران بن هزان الرهاوي، عن أبيه قال: وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن سبيع الرهاوي مسلماً، فعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء، فشهد به صفين مع معاوية، وقال لما سار إلى النبي صلى الله عليه وسلم:

إليك رسول الله من سرو حمير

 

أجوب الفيافي سملقاً بعد سملق

على ذات ألواح أكلفها السرى

 

تخب برحلي تارة ثم تعـنـق

فما لك عندي راحة أو تحلحلي

 

بباب النبي الهاشمي الموفـق

عتقت إذاً من حلة بعـد حـلة

 

وقطع ديامـيم وهـم مـؤرق

أخرجه أبو موسى.

عمرو بن سراقة القرشي:

عمرو بن سراقة بن المعتمر بن أنس بن أذاة بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي. قاله أبو نعيم، وأبو عمر.

وقال ابن منده: عمرو بن سراقة بن المعتمر الأنصاري، وهو أخو عبد الله بن سراقة.

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده إلى يونس، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدراً، قال: "ومن بني عدي بن كعب: عمرو بن سراقة، وأخوه عبد الله بن سراقة".

وكذلك قال موسى بن عقبة، وقالا: إنه شهد أحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

روى عنه عامر بن ربيعة أنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ومعنا عمرو بن سراقة، وكان رجلاً لطيف البطن طويلاً، فجاع فانثنى، فأخذنا صفيحة من حجارة فربطناها على بطنه، فمشى معنا، فجئنا حياً من أحياء العرب فضيفونا، فقال عمرو: كنت أحسب الرجلين تحمل البطن، وإذا البطن تحمل الرجلين.
وتوفي عمرو في خلافة عثمان.

أخرجه الثلاثة، إلا أن ابن منده جهلع أنصارياً، وهو وهم. وأخرجه أبو موسى مستدركاً على ابن منده، وقال: هو عدوي حيث جعله ابن منده أنصارياً، وهذا استراك لا وجه له، فإن كان يريد يستدرك عليه كل ما وهم فيه يطول عليه، ولم يفعله في غير هذا حتى يعذر فيه! والله أعلم.

عمرو بن سراقة:

عمرو بن سراقة. أخرجه أبو موسى، وقال: هو آخر، أورده جعفر وقال: قسم له عمر بن الخطاب في وادي القرى حظراً، فرق بينهما جعفر، ورواه بإسناده عن ابن إسحاق.

قال أبو موسى: وقد أورد الحافظ أبو عبد الله: عمرو بن سراقة الأنصاري، ولعله أحد هذين.

قلت: قول أبي موسى" ولعله أحد هذين" غريب، فإنه قد نسب الأول إلى بني عدي، فبقي أن يكون هذا أنصارياً، والله أعلم.

عمرو بن أبي سرح:

عمرو بن أبي سرح بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر القرشي الفهري، يكنى أبا سعيد.

كان من مهاجرة الحبشة، وهو وأخوه وهب بن أبي سرح، وشهدا جميعاً بدراً، قاله ابن عقبة، وابن إسحاق، والكلبي.

وقال الواقدي وأبو معشر: هو معمر بن أبي سرح. وقالا: شهد بدراً، وأحداً والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أنبأنا أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدراً قال: من بني الحارث بن فهر:..

وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة، لا عقب له.

وبهذا الإسناد عن ابن إسحاق فيمن هاجر إلى الحبشة: "وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة بن هلال".

قيل: إنه مات بالمدينة سنة ثلاثين، وفي خلافة عثمان. ذكره الطبري.

عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري:

عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري الأشهلي. وهو ابن الذي اهتز عرش الرحمن لموت أبيه رضي الله عنه. وهو أبو واقد، وكان قد شهد بيعة الرضوان.

روى عنه ابنه واقد، قال: لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء مزراً بالديباج، فجعل الناس ينظرون إليه فقال: "مناديل سعد في الجنة أفضل من هذا".

ومن ولده: محمد بن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، كان أحد علماء الأنصار، وكان صاحب راية الأنصار مع محمد بن عبد الله بن الحسن.

أخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمرو بن سعد:

عمرو بن سعد، وقيل: ابن سعد الخير، وقيل: اسمه عامر بن مسعود، ذكره جعفر.

أخرجه أبو موسى مختصراً.