باب النون والسين، الشين

نسأ

نُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً: تأَخَّر حَيْضُها عن وقتِه، وبَدَأَ حَمْلُها، فهي نَسْءٌ ونَسِيءٌ، والجمع أَنْسَاءٌ ونُسُوءٌ، وقد يقال: نِساءٌ نَسْءٌ، على الصفة بالمصدر. يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تَحْمِل: قد نُسِئَتْ.
ونَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسأَه: أَخَّره؛ فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنىً، والاسم النَّسِيئةُ والنَّسِيءُ. ونَسَأَ اللّهُ في أَجَلِه، وأَنْسَأَ أَجَلَه: أَخَّره. وحكى ابن دريد: مَدَّ له في الأَجَلِ أَنْسَأَه فيه.
قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا، والاسم النَّسَاءُ. وأَنسَأَه اللّهُ أَجَلَه ونَسَأَه في أَجَلِه، بمعنى. وفي الصحاح: ونَسَأَ في أَجَلِه، بمعنى. وفي الحديث عن أَنس بن مالك: مَن أَحَبَّ أَن يُبْسَطَ له في رِزْقِه ويُنْسَأَ في أَجَلِه فَلْيَصِلْ رَحِمَه.
النَّسْءُ: التأخيرُ يكون في العُمُرِ والدَّيْنِ.
وقوله يُنْسَأُ أَي يُؤَخَّر. ومنه الحديث: صِلةُ الرَّحِم مَثْراةٌ في المالِ مَنْسَأَةٌ في الأَثَر؛ هي مَفْعَلَةٌ منه أَي مَظِنَّةٌ له وموضع. وفي حديث ابن عوف: وكان قد أُنْسِئ له في العُمُرِ. وفي الحديث: لا تَسْتَنْسِئُوا الشيطانَ، أَي إذا أَردتُمْ عَمَلاً صالحاً، فلا تُؤَخِّرُوه إلى غَدٍ، ولا تَسْتَمْهِلُوا الشيطانَ. يريد: أَن ذلك مُهْلةٌ مُسَوَّلةٌ من الشيطان.
والنُّسْأَة، بالضم مثل الكُلأَةِ: التأْخيرُ. وقال فَقِيهُ العرب: مَنْ سَرَّه النَّساءُ ولا نَساء، فليُخَفِّفِ الرِّداءَ، ولْيُباكِر الغَداءَ، وليُقِلَّ غِشْيانَ النِّساءِ، وفي نسخة: وليُؤَخِّرْ غشيان النساءِ؛ أَي تَأَخُّرُ العُمُرِ والبَقَاء. وقرأَ أَبو عمرو: ما نَنْسَخْ مَن آيةٍ أَو نَنْسَأْها، المعنى: ما نَنْسَخْ لك من اللَّوْحِ المَحْفُوظ، أَو نَنْسَأْها: نُؤَخِّرْها ولا نُنْزِلْها. وقال أَبو العباس: التأْويل أَنه نَسخَها بغيرها وأَقَرَّ خَطَّها، وهذا عندهم الأَكثر والأَجودُ.
ونَسَأَ الشيءَ نَسْأً: باعه بتأْخيرٍ، والاسم النَّسِيئةُ. تقول: نَسَأْتُه البيعَ وأَنْسَأْتُه وبِعْتُه بِنُسْأَةٍ وبعته بِكُلأَةٍ وبعته بِنَسِيئةٍ أَي بأَخَرةٍ والنَّسِيءُ: شهر كانت العرب تُؤَخِّره في الجاهلية، فنَهى اللّه عز وجل، عنه. وقوله، عز وجل: إِنما النَسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر. قال الفرّاءُ: النَّسِيءُ المصدر، ويكون المَنْسُوءَ، مثل قَتِيلٍ ومَقْتولٍ، والنَّسِيءُ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول من قولك نَسَأتُ الشيءَ، فهو مَنْسُوءٌ إذا أَخَّرْته، ثم يُحَوَّل مَنْسُوءٌ إلى نَسيءٍ، كما يُحَوَّل مَقْتول إلى قَتيل. ورجل ناسِئ وقوم نَسَأَةٌ، مثل فاسِقٍ وفَسَقةٍ، وذلك أَن العرب كانوا إذا صدروا عن مِنى يقوم رجل منهم من كنانة فيقول: أَنا الذي لا أُعابُ ولا أُجابُ ولا يُرَدُّ لي قضاءٌ، فيقولون: صَدَقْتَ، أَنْسِئْنا شهراً أَي أَخِّرْ عنَّا حُرْمة المُحرَّم واجعلها في صَفَر وأَحِلَّ المُحرَّمَ، لأَنهم كانوا يَكرهون أَن يَتوالى عليهم ثلاثة أَشهر حُرُمٍ، لا يُغِيرُون فيها لأَنَّ مَعاشَهم كان من الغارة، فيُحِلُّ لهم المحرَّم، فذلك الإِنساءُ. قال أَبو منصور: النَّسِيءُ في قوله، عز وجل: إنما النَّسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر؛ بمعنى الإنْسَاءِ، اسم وضع موضع المصدر الحقيقي من أَنْسَأْتُ. وقد قال بعضهم: نَسَأْتُ في هذا الموضع بمعنى أَنْسَأْتُ. وقال عُمير بن قَيْسِ بنِ جِذْلِ الطِّعان:

أَلَسْنا النَّاسِئِينَ، على مَعَـدٍّ،

 

شُهُورَ الحِلِّ، نَجْعَلُها حَراما

وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كانت النُّسْأَةُ في كِنْدَةَ.
النُسْأَةُ، بالضم وسكون السين: النَّسِيءُ الذي ذكره اللّه في كتابه من تأخير الشهور بعضها إلى بعض.
وانْتَسَأْتُ عنه: تأَخَّرْتُ وتباعَدْتُ. وكذلك الإِبل إذا تَباعَدَتْ في المرعى. ويقال: إنّ لي عنك لمُنْتَسَأً أَي مُنْتَأىً وسَعَةً.
وأَنْسَأَه الدَّينَ والبَيْع: أَخَّرَه به أَي جعله مُؤَخراً، كأَنه جعله له بأَخَرةٍ. واسم ذلك الدَّيْن: النَّسيئةُ. وفي الحديث: إنما الرِّبا في النَّسِيئةِ هي البَيْعُ إلى أَجل معلوم، يريد: أَنَّ بيع الرِّبَوِيّات بالتأْخِير من غير تَقابُض هو الرِّبا، وإن كان بغير زيادة. قال ابن الأَثير: وهذا مذهب ابن عباس، كان يرى بَيْعَ الرِّبَوِيَّاتِ مُتفاضِلة مع التَّقابُض جائزاً، وأَن الرِّبا مخصوص بالنَّسِيئة.
واسْتَنْسأَه: سأَله أَن يُنْسِئَه دَيْنَه. وأَنشد ثعلب:

قد اسْتَنْسَأَتْ حَقِّي رَبيعةُ لِلْحَيا،

 

وعندَ الحَيا عارٌ عَلَيْكَ عَظـيمُ

وإنَّ قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعةً،

 

من المُخِّ، في أَنْقاءِ كلِّ حَلِـيم

قال: هذا رجل كان له على رجل بعير طَلَب منه حَقَّه. قال: فأَنظِرني حتى أُخْصِبَ. فقال: إِن أَعطيتني اليوم جملاً مهزولاً كان خيراً لك من أَن تُعْطِيَه إذا أَخْصَبَتْ إِبلُكَ. وتقول: اسْتَنْسَأْتُه الدَّينَ، فأَنْسَأَني، ونَسَأْت عنه دَيْنَه: أَخَّرْته نَساءً، بالمد. قال: وكذلك النَّسَاءُ في العُمُر، ممدود. وإذا أَخَّرْت الرجل بدَيْنه قلت: أَنْسَأْتُه، فإذا زِدتَ في الأَجل زِيادةً يَقَعُ عليها تأْخيرٌ قلت: قد نَسَأْت في أَيامك، ونَسَأْت في أَجَلك. وكذلك تقول للرجل: نَسَأَ اللّه في أَجَلك، لأَنّ الأَجَلَ مَزِيدٌ فيه، ولذلك قيل للَّبنِ: النَّسيءُ لزيادة الماء فيه. وكذلك قيل: نُسِئَتِ المرأَةُ إذا حَبِلَتْ، جُعلت زِيادةُ الولد فيها كزيادة الماء في اللبن. ويقال للناقة: نَسَأْتُها أَي زَجَرْتها ليزداد سَيْرُها. وما لَه نَسَأَه اللّه أَي أَخْزاه. ويقال: أَخَّره اللّه، وإذا أَخَّره فقد أَخْزاه.
ونُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً، عل ما لم يُسمَّ فاعِلُه، إذا كانت عند أَوَّل حَبَلِها، وذلك حين يتأَخَّرُ حَيْضُها عن وقته، فيُرْجَى أَنها حُبْلَى. وهي امرأَة نَسِيءٌ.
وقال الأَصمعي: يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تحمل قد نُسِئَتْ. وفي الحديث: كانت زينبُ بنتُ رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، تحتَ أَبي العاصِ بن الرَّبِيع، فلما خرج رسولُ اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، إلى المدينة أَرسَلَها إلى أَبيها، وهي نَسُوءٌ أَي مَظْنونُ بها الحَمْل.
يقال: امرأَةٌ نَسْءٌ ونَسُوءٌ، ونِسْوةٌ نِساءٌ إذا تأَخَّر حَيْضُها، ورُجِي حَبَلُها، فهو من التأْخير، وقيل بمعنى الزيادة من نَسَأْتُ اللَّبنَ إذا جَعَلْت فيه الماء تُكَّثِّره به، والحَمْلُ زيادةٌ. قال الزمخشري: النَّسُوءُ، على فَعُول، والنَّسْءُ، على فَعْلٍ، وروي نُسُوءٌ، بضم النون. فالنَّسُوءُ كالحَلُوبِ، والنُّسوءُ تَسْميةٌ بالمصدر. وفي الحديث: أَنه دخل على أُمِّ عامر بن رَبِيعةَ، وهي نَسُوءٌ، وفي رواية نَسْءٌ، فقال لها ابْشِري بعبدِ اللّه خَلَفاً مِن عبدِ اللّه، فولَدت غلاماً، فسمَّتْه عبداللّه. وأَنْسَأَ عنه: تأَخَّر وتباعَدَ، قال مالك بن زُغْبةَ الباهِليّ:

إذا أَنْسَؤُوا فَوْتَ الرِّماحِ أَتَتْهُمُ

 

عَوائِرُ نَبْلٍ، كالجَرادِ تُطِيرُها

وفي رواية: إذا انْتَسَؤُوا فَوْت الرِّماح.
وناساهُ إذا أَبعده، جاؤُوا به غير مهموز، وأَصله الهمز. وعَوائرُ نَبْلٍ أَي جماعةُ سِهامٍ مُتَفَرِّقة لا يُدْرَى من أَين أَتَتْ.
وانْتَسَأَ القومُ إذا تباعَدُوا. وفي حديث عُمَر، رضي اللّه عنه: ارْمُوا فإِنَّ الرَّمْي جَلادةٌ، وإذا رَمَيْتُم فانْتَسُوا عن البُيُوت، أَي تأَخَّرُوا. قال ابن الأَثير: هكذا يروى بلا همز، والصواب: فانْتَسِئُوا، بالهمز؛ ويروى: فَبَنِّسُوا أَي تأَخَّروا. ويقال: بَنَّسْتُ إذا تأَخَّرْت. وقولهم: أَنْسَأْتُ سُرْبَتِي أَي أَبْعَدْتُ مَذْهَبي.
قال الشَّنْفَرى يصف خُرُوجَه وأَصحابه إلى الغَزْو، وأَمهم أبْعَدُوا المَذْهَب:

غَدوْنَ مِن الوادي الذي بيْنَ مِشْعَلٍ،

 

وبَيْنَ الحَشا، هيْهاتَ أَنْسَأَتُ سُربَتِي

ويروى: أَنْشَأَتُ، بالشين المعجمة. فالسُّرَّبةُ في روايته بالسين المهملة: المذهب، وفي روايته بالشين المعجمة: الجماعة، وهي رواية الأَصمعي والمفضل. والمعنى عندهما: أَظْهَرْتُ جَماعَتِي من مكان بعبدٍ لِمَغْزىً بَعيِد. قال ابن بري: أَورده الجوهري: غَدَوْنَ من الوادي، والصواب غَدَوْنا. لأَنه يصف أَنه خرج هو وأَصحابه إلى الغزو، وأَنهم أَبعدوا المذهب.
قال: وكذلك أَنشده الجوهري أَيضاً: غدونا، في فصل سرب. والسُّرْبة: المذهب، في هذا البيت.
ونَسَأَ الإبلَ نَسْأً: زاد في وِرْدِها وأَخَّرها عن وقته. ونَسَأَها: دَفَعها في السَّيْر وساقَها.
ونَسَأْتُ في ظُمْءِ الإِبل أَنْسَؤُها نَسَأً إذا زِدْتَ في ظِمْئِها يوماً أَو يومين أَو أَكثر من ذلك. ونَسَأْتها أَيضاً عن الحوض إذا أَخَّرْتها عنه.
والمِنْسَأَةُ: العَصا، يهمز ولا يهمز، يُنْسَأُ بها. وأَبدلوا إبدالاً كلياً فقالوا: مِنْساة، وأَصلها الهمز، ولكنها بدل لازم، حكاه سيبويه.
وقد قُرئ بهما جميعاً. قال الفرَّاءُ في قوله، عز وجل: تأْكل مِنْسَأَتَهُ، هي العصا العظيمة التي تكون مع الراعي، يقال لها المُسْسأَة، أُخذت من نَسَأْتُ البعير أَي زَجَرْتُه لِيَزْداد سَيْرُه. قال أَبو طالب عمُّ سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، في الهمز:

أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ، لا أَباكَ، ضَرَبْتَه

 

بِمِنْسَأَةٍ، قد جَرَّ حَبْلُك أَحْـبُـلا

هكذا أَنشد الجوهري منصوباً. قال: والصواب قد جاءَ حَبْلٌ بأَحْبُل، ويروى وأَحبلُ، بالرفع، ويروى قد جَرَّ حَبْلَكَ أَحْبُلُ، بتقديم المفعول. وبعده بأَبيات:

هَلُمَّ إلى حُكْمِ ابن صَخْرةَ إِنَّـه

 

سَيَحْكُم فيما بَيْنَنـا، ثـمَّ يَعْـدِلُ

كما كان يَقْضي في أَمُورٍ تَنُوبُنا،

 

فيَعْمِدُ للأَمْرِ الجَمِيل، ويَفْصِـلُ

وقال الشاعر في ترك الهمز:

إذا دَبَبْتَ على المِنْسَاةِ مِنْ هَرَمٍ،

 

فَقَدْ تَباعَدَ عَنْكَ اللَّهْوُ والغَـزَلُ

ونَسَأَ الدابةَ والنّاقَةَ والإِبلَ يَنْسَؤُها نَسْأً: زَجَرَها وساقَها. قال:

وعَنْسٍ، كأَلْواحِ الإرانِ، نَسَأْتُها،

 

إذا قِيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ: هُما هُمـا

المَشْبُوبتان: الشِّعْرَيانِ. وكذلك نَساها تَنْسِئةً: زجَرها وساقَها. وأَنشد الأَعشى:

وما أُمُّ خِشْفٍ، بالعَلايَةِ، شادِنٍ،

 

تُنَسِّئ، في بَرْدِ الظِّلالِ، غَزالَها

وخبر ما في البيت الذي بعده:

بِأَحْسَنَ منها، يَوْمَ قامَ نَواعِـمٌ،

 

فَأَنْكَرْنَ، لَما واجَهَتْهُنَّ، حالَها

ونَسَأَتِ الدَّابَّةُ والماشِيةُ تَنْسَأُ نَسْأً: سَمِنَتْ، وقيل هو بَدْءُ سِمَنِها حين يَنْبُتُ وَبَرُها بعد تَساقُطِه. يقال: جَرَى النَّسْءُ في الدَّوابِّ يعني السِّمَنَ. قال أَبو ذُؤَيْب يصف ظَبْيةً:

به أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيعٍ كِلَيْهِمـا،

 

فقد مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها

أَبَلَتْ: جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماء. ومارَ: جَرَى. والنَّسْءُ: بَدْءُ السِّمَنِ. والاقْتِرَارُ: نِهايةُ سِمَنها عن أَكل اليَبِيسِ. وكلُّ سَمِينٍ ناسِئ. والنَّسْءُ، بالهمز، والنَّسِيءُ: اللبن الرقيق الكثير الماء. وفي التهذيب: المَمْذُوق بالماء.
ونَسَأْتُه نَسْأً ونَسَأْتُه له ونَسَأْتُه إياه: خَلَطْته له بماء، واسمه النَّسْءُ. قال عُروةُ بن الوَرْدِ العَبْسِيّ:

سَقَوْنِي النَّسْءَ، ثم تَكَنَّفُوني،

 

عُداةَ اللّهِ، مِنْ كَذِبٍ وزُورِ

وقيل: النَّسْءُ الشَّرابُ الذي يُزيلُ العقل، وبه فسر ابن الأَعرابي النَّسْءَ ههنا. قال: إنما سَقَوْه الخَمْر، ويقوّي ذلك رواية سيبوبه: سَقَوْني الخمر. وقال ابن الأَعرابي مرة: هو النِّسِيءُ، بالكسر، وأَنشد

يَقُولُون لا تَشْرَبْ نِسِيئاً، فإنَّه

 

عَلَيْكَ، إذا ما ذُقْتَه، لَوخِـيمُ

وقال غيره: النَّسِيءُ، بالفتح، وهو الصواب. قال: والذي قاله ابن الأَعرابي خطأٌ، لأَن فِعِيلاً ليس في الكلام إلا أَن يكون ثاني الكلمة أَحدَ حُروف الحَلْق، وما أَطْرفَ قَوْلَه. ولا يقال نَسِيءٌ، بالفتح، مع علمنا أَنّ كلَّ فِعِيل بالكسر فَفَعِيلٌ بالفتح هي اللغة الفصيحة فيه، فهذا خَطأٌ من وجهين، فصحَّ أن النَّسِيءَ، بالفتح، هو الصحيح. وكذلك رواية البيت: لا تشرب نَسِيئاً، بالفتح، واللّه أعلم.

نسا

النِّسْوةُ والنُّسْوة، بالكسر والضم، والنِّساء والنِّسْوانُ والنُّسْوان: جمع المرأَة من غير لفظه، كما يقال خلِفةٌ ومَخاضٌ وذلك وأُولئك والنِّسُونَ قال ابن سيده: والنساء جمع نسوة إذا كثرن، ولذلك قال سيبويه في الإضافة إلى نساء نِسْوِيّ، فردَّه إلى واحده، وتصغير نِسْوةٍ نُسَيَّةٌ، ويقال نُسَيَّاتٌ، وهو تصغير الجمع.
والنِّسا: عرق من الورك إلى الكعب، أَلفه منقلبة عن واو لقولهم نَسَوانِ في تثنيته، وقد ذكرت أَيضاً منقلبة عن الياء لقولهم نَسَيانِ؛ أَنشد ثعلب:

ذِي مَحْزِمٍ نَهْدٍ وطَرْفٍ شاخِصِ

 

وعَصَبٍ عَنْ نَسَوَيْه قـالِـصِ

الأَصمعي: النَّسا، بالفتح مقصور بوزن العَصا، عِرْق يخرج من الوَرِك فيَسْتَبْطِنُ الفخذين ثم يمرّ بالعُرْقوب حتى يبلغ الحافر، فإذا سمنت الدابة انفَلَقت فخذاها بلَحْمَتَين عظيمتين وجَرى النَّسا بينهما واستبان، وإذا هُزِلَت الدابة اضطرَبَت الفخذان وماجَت الرَّبَلَتان وخَفِي النَّسا، وإنما يقال مُنْشَقُ النَّسا، يريد موضع النَّسا. وفي حديث سعد: رَمَيْتُ سُهَيْلَ بن عَمرو يوم بَدْر فقَطَعْتُ نَساه، والأَفصح أَن يقال له النَّسا، لا عِرْقُ النَّسا. ابن سيده: والنسا من الوَرِك إلى الكعب، ولا يقال عِرْقُ النَّسا، وقد غلط فيه ثعلب فأَضافه، والجمع أَنْساء؛ قال أَبو ذؤيب:

مُتَفَلِّقٌ أَنْساؤها عـن قـانِـئٍ

 

كالقُرْطِ صاوٍ، غُبْرُه لا يُرْضَعُ

وإنما قال مُتفلق أَنساؤها، والنَّسا لا يَتفلَّقُ إنما يتفلَّقُ موضعه، أَراد يتفلق فَخِذاها عن موضع النَّسا، لما سَمِنت تفَرَّجت اللحمة فظهر النَّسا، صاوٍ: يابس، يعني الضَّرع كالقُرْط، شبهه بقُرط المرأَة ولم يُرد أَنَّ ثَمَّ بقية لبن لا يُرْضَع، إنما أَراده أَنه لا غُبْرَ هنالك فيُهْتَدى به؛ قال ابن بري: وقوله عن قانئ أَي عن ضَرْع أَحمر كالقُرْط، يعني في صِغَره، وقوله: غُبْره لا يُرْضَع أَي ليس لها غُبْر فيُرضَع؛ قال: ومثله قوله:

على لاحِبٍ لا يُهْتَدى لِمَنارِه

أَي ليس ثَمَّ مَنار فيُهْتَدَى به؛ ومثله قوله تعالى: لا يَسْأَلون الناس إلحافاً؛ أَي لا سُؤالَ لهم فيكون منه الإلحافُ؛ وإذا قالوا إنه لشَديد النَّسا فإنما يُراد به النِّسا نَفْسُه. ونَسَيْتُه أَنْسِيه نَسْياً فهو مَنْسِيٌّ: ضَرَبْت نَساه. ونَسِيَ الرجلُ يَنْسى نَساً إذا اشتكى نَساه،فهو نَسٍ على فَعِل إذا اشتكى نَساه، وفي المحكم: فهو أَنْسى، والأُنثي نَسْآه، وفي التهذيب نَسْياء، إذا اشْتَكَيا عِرْق النَّسا، وقال ابن السكيت: هو عِرْقُ النَّسا، وقال الأَصمعي: لا يُقال عِرق النَّسا، والعرب لا تقول عِرْق النسا كما لا يقولون عِرْقُ الأَكْحَل، ولا عِرْق الأَبْجَل، إنما هو النَّسا والأَكْحَلُ والأَبْجَل، وأَنشد بيتين لامرئ القيس، وحكى الكسائي وغيره: هو عرق النسا، وحكى أَبو العباس في الفصيح: أَبو عبيد يقال للذي يشتكي نَساه نَسٍ، وقال ابن السكيت: هو النِّسا لهذا العرق؛ قال لبيد:

مِنْ نَسا النَّاشِط، إذْ ثَوَّرْتَـه

 

أَو رَئِيس الأَخْدَرِيّاتِ الأُوَلْ

قال ابن بري: جاء في التفسير عن ابن عباس وغيره كلُّ الطعام كان حِلاًّ لِبني إسْرائيل إلاَّ ما حرَّم إسرائيلُ على نفسه؛ قالوا: حرَّم إسرائيل لحوم الإبل لأَنه كان به عِرْق النَّسا، فإذا ثبت أَنه مسموع فلا وجه لإنكار قولهم عِرْق النسا، وقال: ويكون من باب إضافة المسمى إلى اسمه كحَبْل الوَرِيد ونَحوِه؛ ومنه قول الكميت:

إلَيْكم، ذَوي آلِ النَّبيِّ، تَطَلَّعَـت

 

نَوازعُ، من قَلْبي، ظِماءٌ وأَلْبُبُ

أَي إليكم يا أَصحاب هذا الاسم، قال: وقد يضاف الشيء إلى نفسه إذا اختلَف اللفظان كحَبْل الوَريد وحَبِّ الحَصيد وثابِتِ قُطْنةَ وسعيدِ كُرْزٍ، ومثله: فقلتُ انْجُوَا عنها نجا الجِلْدِ؛ والنَّجا: هو الجلد المسلوخ؛ وقول الآخر: تُفاوِضُ مَنْ أَطوي طَوَى الكَشْحِ دونه وقال فَرْوة بن مُسَيْك:

لَمَّا رَأَيْتُ مُلُوكَ كِنْدةَ أَعْـرَضَـتْ

 

كالرِّجْلِ، خانَ الرَّجْلَ عِرْقُ نَسائها

قال: ومما يقوّى قولَهم عِرْق النَّساء قول هِمْيانَ:

كأَنَّما يَيْجَع عِرْقا أَبْيَضِه

والأَبْيَضُ: هو العِرْقُ.
والنِّسيْان، بكسر النون: ضدّ الذِّكر والحِفظ، نَسِيَه نِسْياً ونِسْياناً ونِسْوةً ونِساوةً ونَساوة؛ الأَخيرتان على المعاقبة. وحكى ابن بري عن ابن خالويه في كتاب اللغات قال: نَسِيت الشيء نِسْياناً ونَسْياً ونِسْياً ونِساوةً ونِسْوةً؛ وأَنشد:

فلَسْت بصَرَّامٍ ولا ذِي مَلالةٍ

 

ولا نِسْوةٍ للعَهْدِ، يا أُمَّ جَعْفَرِ

وتَناساه وأَنْساه إِياه. وقوله عز وجل: نَسُوا اللهَ فنَسِيَهم؛ قال ثعلب: لا يَنْسى الله عز وجل، إنما معناه تركوا الله فتركهم، فلما كان النِّسْيان ضرباً من الترك وضعَه موضعه، وفي التهذيب: أَي تركوا أَمرَ الله فتركهم من رحمته. وقوله تعالى: فنَسِيتَها وكذلك اليومَ تُنْسَى؛ أَي ترَكْتَها فكذلك تُتْرَكُ في النار. ورجل نَسْيانُ، بفتح النون: كثير النِّسْيانِ للشيء. وقوله عز وجل: ولقد عَهِدْنا إلى آدمَ من قَبْلُ فَنَسِيَ؛ معناه أَيضاً تَرَكَ لأَن النَّاسِي لا يُؤاخَذُ بِنِسْيانِه، والأَول أَقيس. والنِّسيانُ: الترك. وقوله عز وجل: ما نَنْسخ مِن آية أَو نُنْسها؛أَي نأْمُركم بتركها.يقال: أَنْسَيْته أَي أَمَرْت بتركه. ونَسِيتُه: تَرَكْتُه. وقال الفراء: عامة القراء يجعلون قوله أَو نَنْساها من النِّسيان، والنَّسْيانُ ههنا على وجهين: أَحدهما على الترك نَتْرُكها فلا نَنْسَخها كما قال عز وجل: نَسُوا اللهَ فنَسِيَهم؛ يريد تركوه فتركهم، وقال تعالى: ولا تَنْسَوُا الفَضْلَ بينكم؛ والوجه الآخر من النِّسيان الذي يُنْسَى كما قال تعالى: واذْكُرْ رَبَّك إذا نَسِيتَ؛ وقال الزجاج: قرئ أَو نُنْسِها، وقرئ: نْنَسِّها، وقرئ: نَنْسَأْها، قال: وقول أَهل اللغة في قوله أَو نُنْسِها قولان: قال بعضهم أَو نُنْسِها من النِّسْيان، وقال دليلنا على ذلك قوله تعالى: سَنُقْرِئك فلا تَنْسَى إلا ما شاء الله؛ فقد أَعلمَ الله أَنه يشاء أَن يَنسَى، قال أَبو إسحق: هذا القول عندي غير جائز لأن الله تعالى قد أَنبأ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، في قوله: ولئن شئنا لنَذْهَبَنَّ بالذي أَوْحَينا؛ أَنه لا يشاء أَن يَذْهَب بما أَوحَى به إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: وقوله فلا تَنْسَى، أَي فلستَ تَتْرُك إلا ما شاء الله أَن تَترك، قال: ويجوز أَن يكون إلا ما شاء الله مما يلحق بالبشرية ثم تَذَكَّرُ بعدُ ليسَ أَنه على طريق السَّلْب للنبي، صلى الله عليه وسلم، شيئاً أُتِيَه من الحكمة، قال: وقيل في قوله أَو نُنْسِها قول آخر، وهو خطأٌ أَيضاً، أَو نَتْرُكها، وهذا إنما يقال فيه نَسِيت إذا ترَكت، لا يقال أُنْسِيت تركت، وقال: وإنما معنى أَو نُنْسِها أَو نُتْرِكْها أَي نأْمُرْكُم بتركها؛ قال أَبو منصور: ومما يقوّي هذا ما رَوى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده:

إنَّ عليَّ عُقْبةً أَقضِيهـا

 

لَسْتُ بناسِيها ولا مُنْسِيها

قال: بناسِيها بتارِكها، ولا مُنْسِيها ولا مؤخِّرها، فوافق قولُ ابن الأَعرابي قولَه في النَّاسِي إنه التارك لا المُنْسِي، واختلفا في المُنْسِي، قال أَبو منصور: وكأَنَّ ابن الأَعرابي ذهب في قوله ولا مُنسِيها إلى تَرك الهمز من أَنسأْتُ الدَّبن إذا أَخَّرته، على لغة من يُخفف الهمز. والنَّسْوةُ: التَّرْك للعمل. وقوله عز وجل: نَسُوا الله فأَنْساهم أَنْفُسهم؛ قال: إنما معناه أَنساهم أَن يعملوا لأَنفسهم. وقوله عز وجل: وتَنْسَوْنَ ما تُشْر كون؛ قال الزجاج: تَنْسَون ههنا على ضربين: جائز أَن يكون تَنْسَوْن تتركون، وجائز أَن يكون المعنى أَنكم في ترككم دُعاءهم بمنزلة من قد نَسِيَهم؛ وكذلك قوله تعالى: فاليوم نَنْساهم كما نَسُوا لِقاء يومهم هذا؛ أَي نتركهم من الرحمة في عذابهم كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا؛ وكذلك قوله تعالى: فلما نَسُوا ما ذُكِّروا به؛ يجوز أَن يكون معناه ترَكوا، ويجوز أَن يكونوا في تركهم القبول بمنزلة من نِسِيَ.الليث: نَسِيَ فلان شيئاً كان يذكره، وإنه لَنَسِيُّ كثير النِّسيان. والنَّسْيُ: الشيء المَنْسِيُّ الذي لا يذكر. والنِّسْيُ والنَّسْيُ؛ الأخيرة عن كراع، وآدم قد أُوُخِذَ بِنسْيانِه فهَبَط من الجنة. وجاء في الحديث: لو وُزِنَ حِلْمُهم وحَزْمُهم مُذْ كان آدمُ إلى أَن تقوم الساعةُ ما وَفَى بحِلْمِ آدَمَ وحَزْمِه. وقال الله فيه: فنَسِيَ ولم نَجِدْ له عزماً. النِّسْيُ: المَنْسِيُّ. وقوله عز وجل حكاية عن مريم: وكنتُ نِسْياً مَنْسِيّاً؛ فسره ثعلب فقال: النِّسْيُ خِرَقُ الحَيْضَ التي يُرمَى بها فتُنْسَى، وقرئ: نِسْياً ونَسْياً، بالكسر والفتح، فمن قرأ بالكسر فمعناه حَيْضة ملقاة، ومن قَرأَ نَسْياً فمعناه شيئاً مَنسِيّاً لا أُعْرَفُ؛ قال دُكَيْنٌ الفُقَيْمِي:  

بالدَّارِ وَحْيٌ كاللَّقَى المُطَرَّسِ

 

كالنَّسْيِ مُلْقىً بالجَهادِ البَسْبَسِ

والجَهاد، بالفتح: الأرض الصُّلبةُ. والنِّسْيُ أَيضاً: ما نُسي وما سَقَط في منازل المرتحلين من رُذال أَمْتعتهم. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: ودَدْتُ أَنِّي كنتُ نِسْياً مَنْسِيّاً أَي شيئاً حقِيراً مُطَّرَحاً لا يُلْتَفَت إِليه. ويقال لخِرقة الحائضِ: نِسّيٌ، وجمعه أَنْساء.
تقول العرب إذا ارتحلوا من المنزل: انظروا أَنساءَكم، تريد الأَشياء الحَقيرة التي ليست عندهم ببال مثل العَصا والقَدَح والشِّظاظ أَي اعْتَبِرُوها لئلا تَنْسَوْها في المنزل، وقال الأَخفش: النِّسْيُ ما أُغفل من شيء حقير ونُسِيَ، وقال الزجاج: النِّسْي في كلام العرب الشيء المَطْرُوح لا يُؤْبَهُ له؛ وقال الشَّنْفَرَى:

كأَنَّ لها في الأَرضِ نِسْياً تَقُصُّه

 

على أَمِّها، وإِنْ تُخاطِبْكَ تَبْلَتِ

قال ابن بري: بَلَتَ، بالفتح، إذا قطع، وبَلِتَ، بالكسر، إذا سَكَنَ.
وقال الفراء: النِّسْي والنَّسْيُ لغتان فيما تُلقِيه المرأَة من خِرَق اعْتِلالها مثل وِتْرٍ وَوَتْرٍ، قال: ولوأَردت بالنِّسْي مصدر النِّسْيان كان صواباً، والعرب تقول نَسِيته نِسْياناً ونِسْياً، ولا تقل نَسَياناً، بالتحريك، لأَن النَّسيَان إِنما هو تثنية نَسَا العِرْقِ. وأَنْسانِيه اللهُ ونَسَّانِيه تَنْسِيةً بمعنى. وتَناساه: أَرَى من نفسه أَنه نَسِيَه؛ وقول امرئ القيس:

ومِثْلِكِ بَيْضاءِ العَوارِضِ طَـفْـلةٍ

 

لَعُوبٍ تَناساني، إذا قُمْتُ، سِرْبالي

أَي تُنْسِيني؛ عن أَبي عبيد. والنَّسِيُّ: الكثير النَّسْيان، يكون فَعِيلاً وفَعُولاً وفَعِيلٌ أَكثر لأَنه لو كان فَعولاً لقيل نَسُوّ أَيضاً. وقال ثعلب: رجل ناسٍ ونَسِيٌّ كقولك حاكِمٌ وحَكِيمٌ وعالِم وعَليم وشاهد وشهيد وسامع وسميع. وفي التنزيل العزيز: وما كان ربك نَسِيّاً؛ أَي لا يَنْسَى شيئاً، قال الزجاج: وجائز أَن يكون معناه، والله أَعلم، ما نَسِيَكَ ربُّكَ يا محمد وإِن تأَخَّر عنك الوَحْي؛ يُرْوَى أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، أَبطأَ عليه جبريل، عليه السلام، بالوَحْي فقال وقد أَتاه جبريل: ما زُرْتَنا حتى اشتَقْناكَ، فقال: ما نَتَنَزَّلُ إِلا بأَمْر رَبِّكَ. وفي الحديث: لا يَقولَنَّ أَحدُكم نَسِيتُ آيةَ كَيْتَ وكَيْتَ، بل هو نُسِّيَ، كره نِسْبةَ النِّسْيانِ إِلى النفْس لمعنيين: أَحدهما أَن الله عزَّ وجل هو الذي أَنْساه إِيَّاه لأَنه المُقَدِّر للأَشياء كلها، والثاني أَنَّ أَصل النسيان الترك، فكره له أَن يقول تَرَكْتُ القُرآن أَو قَصَدْتُ إِلى نِسْيانه، ولأَن ذلك لم يكن باختياره. يقال: نَساه الله وأَنْساه، ولو روي نُسِيَ، بالتخفيف، لكان معناه تُرِك من الخير وحُرِمَ، ورواه أَبو عبيد: بِئْسَما لأَحَدِكم أَن يقول نَسِيتُ آيةَ كَيْتَ وكَيْتَ، ليس هو نَسِيَ ولكنه نُسِّيَ، قال: وهذا اللفظ أَبْيَنُ من الأَول واختار فيه أَنه بمعنى الترك؛ ومنه الحديث: إِنما أُنَسَّى لأَسُنَّ أَي لأَذكر لكم ما يَلزم النَّاسِيَ لشيء من عبادتِه وأَفْعَل ذلك فَتَقْتَدوا بي. وفي الحديث: فيُتْرَكون في المَنْسَى تحت قَدَمِ الرحمن أَي يُنْسَونَ في النار، وتحتَ القدَمِ استعارةٌ كأَنه قال: يُنْسِيهمُ اللهُ الخَلق لئلا يَشفع فيهم أَحد؛ قال الشاعر:

أَبْلَتْ مَوَدَّتَها اللَّيالي بَـعْـدَنـا

 

ومَشَى علَيْها الدَّهْرُ، وهْوَ مُقَيَّدُ

ومه قوله،صلى الله عليه وسلم، يومَ الفَتْح: كلُّ مَأْثُرَةٍ من مآثِرِ الجاهليّةِ تحت قدَمَيَّ إِلى يوم القيامة. والنَّسِيُّ: الذي لا يُعَدُّ في القوم لأَنه مَنْسِيٌّ. الجوهري في قوله تعالى: ولا تَنسَوُا الفَضْل بينَكم؛ قال: أَجاز بعضهم الهمز فيه. قال المبرد: كل واو مضمومة لك أَن تهمزها إِلا واحدة فإِنهم اختلفوا فيها، وهي قوله تعالى: ولا تنسوا الفضل بينكم، وما أَشبهها من واو الجمع، وأَجاز بعضهم الهمز وهو قليل والاختيار ترك الهمز، قال: وأَصله تَنْسَيُوا فسكنت الياء وأُسقطت لاجتماع الساكنين، فلما احتيج إِلى تحريك الواو رُدَّت فيها ضمة الياء. وقال ابن بري عند قول الجوهري فسكنت الياء وأُسقطت لاجتماع الساكنين قال: صوابه فتحركت الياء وانفتح ما قبلها فانقلبت أَلفاً، ثم حذفت لالتقاء الساكنين.
ابن الأَعرابي: ناساهُ إذا أَبْعَدَه، جاء به غير مهموز وأَصله الهمز.
الجوهري: المِنْساةُ العَصا؛ قال الشاعر:

إِذا دَبَبْتَ على المِنْساةِ من هرَمٍ

 

فقَدْ تَباعَدَ عَنكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ

قال: وأَصله الهمز، وقد ذكر؛ وروى شمر أَن ابن الأَعرابي أَنشده:

سَقَوْني النَّسْيَ، ثم تَكَنَّفُوني

 

عُداةَ الله من كَذِبٍ وزُورِ

بغير همز، وهو كل ما نَسَّى العقل، قال: وهو من اللبن حَلِيب يُصَبُّ عليه ماء؛ قال شمر: وقال غيره هو النَّسِيُّ، نصب النون بغير همز؛ وأَنشد:

لا تَشْرَبَنْ يومَ وُرُودٍ حازِرا

 

ولا نَسِيّاً، فتجيء فاتِـرا

ابن الأَعرابي: النَّسْوةُ الجُرْعة من اللبن.

نسب

النَّسَبُ: نَسَبُ القَراباتِ، وهو واحدُ الأَنْسابِ. ابن سيده: النِّسْبةُ والنُّسْبَةُ والنَّسَبُ: القَرابةُ؛ وقيل: هو في الآباء خاصَّةً؛ وقيل: النِّسْبَةُ مصدرُ الانْتِسابِ؛ والنُّسْبَةُ: الاسمُ. التهذيب: النَّسَبُ يكون باللآباءِ، ويكونُ إِلى البلاد، ويكون في الصِّناعة، وقد اضْطُرَّ الشاعر فأَسكن السين؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

يا عَمْرُو، يا ابنَ الأَكْرَمِينَ نَسْبا،

 

قَدْ نَحَبَ المَجْدُ عليك نَحْـبـا

النَّحْبُ هنا: النَّذْرُ، والمُراهَنة، والمُخاطَرة أَي لا يُزايلُك، فهو لا يَقْضِي ذلك النَّذْرَ أَبداً؛ وجمع النَّسَب أَنْسابٌ.
وانْتَسَبَ واسْتَنْسَبَ: ذَكَرَ نَسَبه. أَبو زيد: يقال للرجل إذا سُئِلَ عن نَسَبه: اسْتَنْسِبْ لنا أَي انْتَسِبْ لنا حتى نَعْرِفَك.
ونَسَبَه يَنْسُبُه ويَنْسِبُهُ نَسَباً: عَزاه. ونَسَبه: سَأَله أَن يَنْتَسِبَ. ونَسَبْتُ فُلاناً إِلى أَبيه أَنْسُبه وأَنْسِبُهُ نَسْباً إذا رَفَعْتَ في نَسَبه إِلى جَدِّه الأَكبر. الجوهري: نَسَبْتُ الرجلَ أَنْسبُه، بالضم، نِسْبةً ونَسْباً إذا ذَكَرْتَ نَسَبه، وانْتَسَبَ إِلى أَبيه أَي اعْتَزَى. وفي الخبر: أَنها نَسَبَتْنا، فانْتَسَبْنا لها، رواه ابن الأَعرابي: وناسَبَه: شَرِكَه في نَسَبِه.
والنَّسِيبُ: المُناسِبُ، والجمع نُسَباءُ وأَنْسِباءُ؛ وفلانٌ يناسِبُ فلاناً، فهو نَسِيبه أَي قَريبه.
وتَنَسَّبَ أَي ادَّعَى أَنه نَسِيبُكَ. وفي المثل: القَريبُ مَن تَقَرَّبَ، لا مَنْ تَنَسَّبَ.
ورجل نَسِيبٌ مَنْسُوب: ذو حَسَبٍ ونَسَبٍ. ويقال: فلانٌ نَسِيبي، وهم أَنْسِبائي.
والنَّسَّابُ: العالم بالنَّسَب، وجمعه نَسَّابونَ؛ وهو النَّسَّابةُ؛ أَدخَلوا الهاءَ للمبالغة والمدح، ولم تُلْحَقْ لتأْنيثِ الموصوف بما هي فيه، وإِنما لَحِقَتْ لإِعْلام السامع أَن هذا الموصوفَ بما هي فيه قد بَلَغَ الغايةَ والنهاية، فجَعَل تأْنيثَ الصفة أَمارة لِما أُريد من تأْنيث الغايةِ والمبالغةِ، وهذا القولُ مُسْتَقْصىً في عَلاَّمة؛ وتقول: عندي ثلاثةُ نَسَّاباتٍ وعَلاَّماتٍ، تُريد ثلاثةَ رجالٍ، ثم جئتَ بنَسَّاباتٍ نَعْتاً لهم. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: وكان رجلاً نَسَّابةً؛ النَّسَّابةُ: البليغ العالم بالأَنسابِ.
وتقول: ليس بينهما مُناسَبة أَي مُشاكَلةٌ.
ونَسَبَ بالنساءِ، يَنْسُبُ، ويَنْسِبُ نَسَباً ونَسِيباً، ومَنْسِبة: شَبَّبَ  بهنّ في الشعْر وتَغزَّل، وهذا الشِّعْر أَنْسَبُ من هذا أَي أَرَقُّ نَسِيباً، وكأَنهم قد قالوا: نَسيبٌ ناسِبٌ، على المبالغة، فبُني هذا منه. وقال شمر: النَّسِيبُ رَقيقُ الشِّعْر في النساءِ؛ وأَنشد:

هَلْ في التَّعَلُّلِ من أَسْماءَ مَن حُوبِ،

 

أَم في القَريضِ وإِهْداءِ المَناسِيبِ؟

وأَنْسَبَتِ الريحُ: اشْتَدَّتْ، واسْتافَتِ التُّرابَ والحَصى.
والنَّيْسَبُ والنَّيْسَبانُ: الطريقُ المستقيم الواضحُ؛ وقيل: هو الطريقُ المُسْتَدِقُّ، كطَريق النَّمْل والحَيَّةِ، وطريقِ حُمُر الوَحْش إِلى مَواردها؛ وأَنشد الفرّاء لدُكَينٍ:

عَيْناً، تَرى الناسَ إِليه يَنْسَبـا،

 

من صادرٍ أَو وارِدٍ، أَيْدي سَبَا

قال، وبعضهم يقول: نَنْسَم، بالميم، وهي لغة. الجوهري: النَّيْسَبُ الذي تراه كالطَّريق من النمل نفسها، وهو فَيْعَلٌ؛ وقال دُكَيْنُ بنُ رَجاء الفُقَيْميُّ:

عَيْناً ترى الناسَ إِليها نَنْسَبا

قال ابن بري والذي في رَجزه:

مُلْكاً، تَرَى الناسَ إِليه نَنْسَبا،

 

من داخِلٍ وخارجٍ، أَيْدي سَبَا

ويروى من صادر أَو وارد. وقيل: النَّيْسَبُ ما وُجِدَ من أَثر الطريق.
ابن سيده: والنَّيْسَبُ طريقُ النمل إذا جاءَ منها واحدٌ في إِثرِ آخر.
وفي النوادر: نَيْسَبَ فلانٌ بين فلانٍ وفلانٍ نَيْسَبةً إذا أَدْبَرَ وأَقْبَلَ بينهما بالنميمة وغيرها.
ونُسَيْبٌ: اسم رجل عن ابن الأَعرابي وحده.

نستق

النُّسْتُق: الخَدَمُ لا واحد لهم؛ قال عدي بن زيد العبادي:

يَنْصِفُها نُسْتُق تكادُ تُكْـرِمـهـم،

 

عن النَّصافة، كالغِزْلانِ في السَّلَم

التهذيب: قيل النُّسْتُق الخادم. قال الأَزهري: كأَنه بلسان الروم تكلمت به العرب.

نسج

النَّسْجُ: ضَمُّ الشيء إِلى الشيء، هذا هو الأَصلُ. نَسَجه يَنْسِجُه نَسْجاً فانْتَسَجَ ونَسَجت الريحُ الترابَ تَنْسِجُه نَسْجاً: سَحَبَتْ بعضَه إِلى بعض. والريحُ تَنْسِج التراب إذا نَسَجت المَوْرَ والجَوْلَ على رُسومها والريح تَنْسِجُ الماءَ إذا ضَرَبَتْ مَتْنَه فانْتَسَجَتْ له طرائِقُ كالحُبُكِ. ونَسَجَت الريحُ الرَّبْعَ إذا تَعاوَرَتْه رِيحانِ طولاً وعَرْضاً، لأَن الناسِجَ يَعترِضُ النسيجة فيُلْحِمُ ما أَطالَ من السَّدَى. ونَسَجَت الريحُ الماءَ: ضَرَبَتْه فانْتَسَجت فيه طَرائِقُ؛ قال زهير يصف وادياً:

مُكَلَّلٌ بعَمِيمِ النَّبْتِ، تَنْـسِـجُـه

 

رِيحٌ خَريقٌ، لِضاحي مائِهِ حُبُك

ونَسَجت الريحُ الوَرقَ والهَشيمَ: جَمَعَتْ بعضَه إِلى بعض؛ قال حُميد بن ثور:

وعادَ خُبَّازٌ يُسَقِّـيه الـنَّـدى

 

ذُراوَةً، تَنْسِجُه الهُوجُ الدُّرُجْ

والنَّسْج معروف، ونَسَجَ الحائِكُ الثوبَ يَنْسِجُه ويَنْسُجُه نَسْجاً، مِن ذلك لأَنه ضَمَّ السَّدَى إِلى اللُّحْمة، وهو النَّسّاجُ، وحِرْفَته النِّساجَة، وربما سُمِّي الدَّرَّاعُ نَسَّاجاً. وفي حديث جابر: فقام في نِساجةٍ مُلْتَحِفاً بها؛ هي ضَرْبٌ من المَلاحِف مَنسوجة، كأَنها سُمِّيت بالمصدر.
وقالوا في الرجل المحمود: هو نَسِيجُ وحْدِه؛ ومعناه أَن الثوبَ إذا كان كريماً لم يُنْسَجْ على مِنْوالِه غيرُه لِدِقَّتِه، وإِذا لم يكن كريماً نَفِيساً دَقِيقاً عُمِلَ على مِنْوالِه سَدَى عِدَّةِ أَثوابٍ؛ وقال ثعلب: نَسيجُ وَحْدِه الذي لا يُعْمَلُ على مثاله مِثْلُه؛ يُضْرَبُ مثلاً لكل مَنْ بُولِغَ في مَدْحِه، وهو كقولك: فلان واحدُ عصرِه وقَرِيعُ قَومِه، فنَسيجُ وَحْدِه أَي لا نظيرَ له في عِلم أَو غَيره، وأَصلُه في الثوب لأَنَّ الثوبَ الرفيعَ لا يُنْسَجُ على مِنوالِه. وفي حديث عمر: مَنْ يَدُلُّني على نَسيجِ وَحْدِه؟ يُريدُ رجلاً لا عَيْب فيه، وهو فَعِيلٌ بمعنى مفعول، ولا يقال إِلاّ في المدح. وفي حديث عائشةَ أَنها ذكرت عمر تَصِفُه، فقالت: كان واللهِ أَحْوَذِيّاً نَسِيجَ وَحْدِه؛ أَرادت: أَنه كان مُنْقَطِعَ القَرِينِ. والموضِعُ مَنْسِجٌ ومَنْسَجٌ. الأَزهري: مِنْسَجُ الثوب، بكسر الميم، ومَنْسِجه حيث يُنْسَج، حكاه عن شمر. ابن سيده: والمِنْسَجُ والمِنْسِج، بكسر الميم، كلُّه: الخشبة والأَداة المستعملة في النِّساجة التي يُمَدُّ عليها الثوب للنَّسْج؛ وقيل: المِنْسجُ، بالكسر، لا غير: الحَفُّ خاصة.
ونَسَجَ الكذَّابُ الزُّورَ: لَفَّقَه. ونَسَج الشاعرُ الشِّعْر: نَظَمَه. والشاعرُ يَنْسِجُ الشِّعْر، والكذَّابُ يَنْسِجُ الزُّورَ، ونَسَجَ الغَيْثُ النباتَ، كلُّه على المَثَل. ونسَجَت الناقةُ في سيرِها تَنْسِجُ، وهي نَسُوجٌ: أَسْرَعَتْ نَقْلَ قوائِمِها؛ وقيل: النَّسُوجُ من الإِبل التي لا يَثْبُت حِملُها ولا قَتَبُها عليها إِنما هو مضطرِبٌ. وناقة نَسُوجٌ وَسُوجٌ: تَنْسِج وتَسِجُ في سَيرها، وهو سُرعة نَقْلِها قَوائمَها. ومِنْسَجُ الدابة، بكسر الميم وفتح السين، ومَنْسِجُه: أَسْفَلُ من حارِكه، وقيل: هو ما بين العُرْف وموضع اللِّبْد؛ قال أَبو ذؤيب:

مُسْتَقْبِل الرِّيحِ يَجري فَوقَ مَنْسِجِه،

 

إِذا يُراعُ اقْشَعَرَّ الكَشْحُ والعَضُـد

أَراد: اقْشَعَرَّ الكَشحُ والعَضُدُ منه. التهذيب: والمِنْسَجُ المُنْتَبِرُ من كاثبة الدابة عند منتهى مَنْبِت العُرْف تحتَ القَرَبوس المقَدَّم؛ وقيل: سُمِّي مِنْسَجَ الفَرَسِ لأَن عَصَبَ العُنُق يَجيء قِبَلَ الظَّهْر، وعَصَبُ الظَّهْر يذهبُ قِبَلَ العُنُق فيَنْسِجُ على الكَتِفَين. أَبو عبيد: المَنْسِجُ والحارِك ما شَخَص من فُروع الكَتِفَين إِلى أَصل العُنُق إِلى مُسْتوى الظَّهر، والكاهِلُ خَلْف المَنْسِج. وفي الحديث: بَعَث رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، زيدَ بنَ حارثة إِلة جُذامَ، فأَوّلُ من لَقِيهم رجُلٌ على فَرَسٍ أَدْهَم كان ذَكرُه على مَنْسج فرَسِه؛ قال: المَنْسِجُ ما بين مَغْرِز العُنُق إِلى مُنْقَطَع الحارِك في الصُّلْب؛ وقيل: المَنْسِجُ والحاركُ والكاهِلُ ما شَخَص من فروع الكتِفَين إِلى أَصل العُنُق؛ وقيل: هو، بكسر الميم، للفَرَس بمنزلة الكاهِلِ من الإِنسان، والحارِك من البعير. وفي الحديث: رجالٌ جاعِلو أَرماحِهِم على مَناسِجِ خيولهم، هي جمع المَنْسِج.
ابن شميل: النَّسُوجُ من الإِبل التي تقدِّم جَهازَها إِلى كاهِلِها لشدّة سَيرها.
ثعلب عن ابن الأَعرابي: النُّسُج السَّجَّادات.

نسح

الليث: النَّّسْحُ والنُّساحُ ما تَحاتَّ عن التمر من قشره وفُتاتِ أَقماعه ونحو ذلك مما يبقى في أَسفل الوعاءِ. والمِنساحُ: شيء يُدْفَعُ به الترابُ ويُذْرى به. ونَساحٌ: واد باليمامة؛ قال الأَزهري: ما ذكره الليث في النَّسْح لم أَسمعه لغيره، قال: وأَرجو أَن يكون محفوظاً.
الجوهري: نَسَحَ الترابَ نَسْحاً أَذراه، ونَسِحَ نَسَحاً: طَمِعَ.
ونَساحٌ: جبل؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:

يُوعِدُ خَيْراً، وهو بالزَّحْزاحِ

 

أَبْعَدُ من زُهْرَةَ من نَساحِ

نسخ

نسخ الشيءَ ينسَخُه نَسْخاً وانتسَخَه واستنسَخَه: اكتتبه عن معارضه. التهذيب: النَّسْخ اكتتابك كتاباً عن كتاب حرفاً بحرف، والأَصل نُسخةٌ، والمكتوب عنه نُسخة لأَنه قام مقامه، والكاتب ناسخ ومنتسخ.
والاستنساخ: كتب كتاب من كتاب؛ وفي التنزيل: إِنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون؛ أَي نستنسخ ما تكتب الحفظة فيثبت عند الله؛ وفي التهذيب: أَي نأْمر بنسخه وإِثباته.
والنَّسْخ: إِبطال الشيء وإِقامة آخر مقامه؛ وفي التنزيل: ما نَنسخْ من آية أَو نُنسها نأْت بخير منها أَو مثلها؛ والآية الثانية ناسخة والأُولى منسوخة. وقرأَ عبدالله بن عامر: ما نُنسخ، بضم النون، يعني ما ننسخك من آية، والقراءَة هي الأُولى. ابن الأَعرابي: النسخ تبديل الشيء من الشيء وهو غيره، ونَسْخ الآية بالآية: إِزالة مثل حكمها. والنسخ: نقل الشيء من مكان إِلى مكان وهو هو؛ قال أَبو عمرو: حضرت أَبا العباس يوماً فجاء رجل معه كتاب الصلاة في سطر حرّ والسطر الآخر بياض، فقال لثعلب: إذا حولت هذا الكتاب إِلى الجانب الآخر أَيهما كتاب الصلاة؟ فقال ثعلب: كلاهما جميعاً كتاب الصلاة، لا هذا أَولى به من هذا ولا هذا أَولى به من هذا. الفرّاء وأَبو سعيد: مَسَخه الله قرداً ونسخه قرداً بمعنى واحد. ونسخ الشيء بالشيء ينسَخه وانتسخه: أَزاله به وأَداله؛ والشيء ينسخ الشيء نَسْخاً أَي يزيله ويكون مكانه. الليث: النسْخ أَن تزايل أَمراً كان من قبلُ يُعْمَل به ثم تنسخه بحادث غيره. الفرّاء: النسخ أَن تعمل بالآية ثم تنزل آية أُخرى فتعمل بها وتترك الأُولى.
والأَشياء تَناسَخ: تَداوَل فيكون بعضها مكان بعض كالدوَل والمُلْك؛ وفي الحديث: لم تكن نبوّةٌ إِلاَّ تَناسَخَت أَي تحولت من حال إِلى حال؛ يعني أَمر الأُمة وتغاير أحوالها. والعرب تقول: نسَخَت الشمسُ الظلّ وانتسخته أَزالته، والمعنى أَذهبت الظلّ وحلّت محله؛ قال العجاج: إِذا الأَعادي حَسَبونا، نَخْنَخوا بالحَدْرِ والقَبْضِ الذي لا يُنْسَخ أَي لا يَحُول. ونسَخَت الريح آثار الديار: غيرتها. والنُّسخة، بالضم: أَصل المنتسخ منه.
والتناسخ في الفرائض والميراث: أَن تموت ورثة بعد ورثة وأَصل الميراث قائم لم يقسم، وكذلك تناسخ الأَزمنة والقرن بعد القرن.

نسر

نَسَرَ الشيءَ: كشَطَه. والنِّسْر: طائر معروف، وجمعه أَنْسُر في العدد القليل، ونُسُور في الكثير، زعم أَبو حنيفة أَنه من العتاق؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك. ابن الأَعرابي: من أَسماء العُقاب النُّسارِيَّة شبهت بالنَّسْر؛ الجوهري: يقال النَّسْر لا مِخْلَب له، وإِنما له الظُّفُر كظُفُر الدَّجاجة والغُراب والرَّخَمَة. وفي النجوم: النَّسْر الطائر، والنَّسْر الواقع. ابن سيده: والنَّسْران كوكبان في السماء معروفان على التشبيه بالنَّسْر الطائر، يقال لكل واحد منهما نَسْر أَو النَّسْر، ويَصِفونهما فيقولون: النَّسْر الواقع والنَّسْر الطائر. واستنسر البُغاث: صار نَسْراً، وفي الصحاح: صار كالنَّسْر. وفي المثل: إِنّ البِغاث بأَرضنا يسْتنسِر أَي أَن الضعيف يصير قوِيّاً. والنَّسْر: نتف اللحم بالمِنْقار. والنَّسْر: نَتْف البازي اللحمَ بِمَنْسِره. ونسَر الطائر اللحم يَنْسِرُه نَسْراً: نتفه.
والمَنْسِر والمِنْسَر: مِنْقاره الذي يَسنتسِر به. ومِنقار البازي ونحوِه: مَنْسِره. أَبو زيد: مِنْسَر الطائر مِنْقاره، بكسر الميم لا غير.
يقال: نَسَره بِمِنْسَره نَسْراً. الجوهري: والمِنْسَر، بكسر الميم، لسِباع الطير بمنزلة المِنقار لغيرها. والمِنْسَر أَيضاً: قطعة من الجيش تمرّ قدام الجيش الكبير، والميم زائدة؛ قال لبيد يَرْثي قتلى هوازن:

سَمَا لهمُ ابنُ الجَعْد حتى أَصابهمْ

 

بذي لَجَبٍ، كالطَّودِ، ليس بِمِنْسَرِ

والمَنْسِر، مثال المجلس: لغة فيه. وفي حدث عليّ، كرم الله وجهه: كلما أَظلَّ عليكم مَنْسِر من مَناسِر أَهل الشأْم أَغلق كلُّ رجل منكم بابه.
ابن سيده: والمَنْسِر والمِنْسَر من الخيل ما بين الثلاثة إِلى العشرة، وقيل: ما بين الثلاثين إِلى الأَربعين، وقيل: ما بين الأَربعين إِلى الخمسين، وقيل: ما بين الأَربعين إِلى الستين، وقيل: ما بين المائة إِلى المائتين. والنَّسْر: لَحْمَة صُلْبة في باطن الحافِرِ كأَنها حَصاة أَو نَواة، وقيل: هو ما ارتفع في باطن حافر الفرَس من أَعلاه، وقيل: هو باطن الحافر، والجمع نُسُور؛ قال الأَعشى:

سَوَاهِمُ جُذْعانُهـا كـالـجِـلا

 

مِ، قد أَقرَحَ القَوْدُ منها النُّسُورا

ويروى:

قد أَقْرَحَ منها القِيادُ النُّسُورا

التهذيب: ونَسْرُ الحافر لحمُه تشبّه الشعراء بالنوى قد أَقْتَمَها الحافِر، وجمعه النُّسُور؛ قال سلمة بن الخُرشُب:

عَدَوْتُ بها تُدافِعُنِي سَبُـوحٌ

 

فَرَاشُ نُسُورِها عَجَمٌ جَرِيمُ

قال أَبو سعيد: أَراد بفَراش نُسُورِها حَدّها، وفَراشة كل شيء: حدّه؛ فأَراد أَن ما تَقَشَّر من نُسُورها مثل العَجَم وهو النَّوى. قال: والنُّسُور الشَّواخِص اللَّواتي في بطن الحافر، شُبهت بالنوى لصلابتها وأَنها لا تَمَسُّ الأَرض.
وتَنَسَّر الحبلُ وانتَسَر طرَفُه ونَسَره هو نَسْراً ونَسَّره: نَشَره.
وتَنَسَّر الجُرْحُ: تَنَقَّض وانتشرت مِدّتُه؛ قال الأَخطل:

يَخْتَلُّهُنَّ بِحدِّ أَسمَرَ ناهِـل

 

مثلِ السِّنانِ جِراحُهُ تَتَنَسَّرُ

والنَّاسُور: الغاذُّ. التهذيب: النَّاسُور، بالسين والصاد، عِرْق غَبِرٌ، وهو عرق في باطنه فَساد فكلما بدا أَعلاه رجَع غَبِراً فاسداً. ويقال: أَصابه غَبَرٌ في عِرْقه؛ وأَنشد:

فهو لا يَبْرَأُ ما في صَـدرِه

 

مِثْل ما لا يَبرأُ العِرْق الغَبِرْ

وقيل: النَّاسُور العِرْق الغَبِر الذي لا يَنقطع. الصحاح: الناسُور، بالسين والصاد، جميعاً عِلة تحدث في مآقي العين يَسقِي فلا يَنقطع؛ قال: وقد يحدث أَيضاً في حَوَالَيِ المَقعدة وفي اللِّثة، وهو مُعَرَّب.
والنِّسْرِين: ضرْب من الرَّياحين، قال الأَزهري: لا أَدري أَعربيّ أَم لا.والنِّسار: موضع، وهو بكسر النون، قيل: هو ماء لبني عامر، ومنه يوم النِّسار لِبَني أَسد وذُبْيان على جُشَم بن معاوية؛ قال بشر بن أَبي خازم:

فلمَّا رأَوْنا بالنِّسار، كأَنَّـنـا

 

نَشاصُ الثُّرَيَّا هَيّجَتْه جَنُوبُها

ونَسْرٌ وناسِر: اسمان. ونَسْر والنَّسْر، كلاهما: اسم لِصَنم. وفي التنزيل العزيز: ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً؛ وقال عبد الحق:

أَما ودِماءٍ لا تـزالُ كـأَنـهـا

 

على قُنَّة العُزَّى، وبالنَّسْر عَنْدَمَا

الصحاح: نَسْر صنم كان لذي الكَلاع بأَرض حِمْير وكان يَغُوثُ لِمذْحِج ويَعُوقُ لهَمْدان من أَصنام قوم نوح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام؛ وفي شعر العباس يمدح سيدَنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:

بل نُطْفة تَرْكبُ السَّفِين، وقدْ

 

أَلْجَمَ نَسْراً وأَهلَه الغـرَقُ

قال ابن الأَثير: يريد الصنم الذي كان يعبده قوم نوح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام.

نسس

النَّسُّ: المَضاءُ في كل شيء، وخص بعضهم به السرعة في الوِرْدِ؛ قال

سَوْقي حُدائي وصَفيري النَّسُّ

الليث: النس لزوم المَضاء في كل أَمر وهو سرعة الذهاب لوِرْدِ الماء خاصة:

وبَلَد تُمْسي قَطاهُ نُسَّا

قال الأَزهري: وهم الليث فيما فَسَّر وفيما احتج به، أَما النَّسُّ فإِن شمراً قال: سمعت ابن الأَعرابي يقول: النَّس السوق الشديد، والتَّنْساس السير الشديد؛ قال الحطيئة:

وقَدْ نَظَـرْتُـكـمُ إِينـاءَ صـادِرَةٍ

 

لِلْخِمْسِ، طال بها حَوْزي وتَنْساسي

لَمّا بَدا ليَ مِنْكُم عَيْبُ أَنْفُـسِـكُـمْ

 

ولم يَكُنْ لِجِراحي عِنْدَكُـمْ آسِـي،

أَزْمَعْتُ أَمْراً مُرْيِحاً من نَوالِـكُـمُ

 

ولَنْ تَرى طارِداً لِلْمَرْءِ كـالْـياسِ

يقول: انتظرتكم كما تَنْتظر الإِبلُ الصادرة التي ترد الخِمْس ثم تُسْقى لتَصْدُر. والإِيناءُ: الانتظار. والصادرة، الراجعة عن الماء؛ يقول: انتظرتكم كما تَنْتظرُ هذه الإِبلُ الصادرةُ الإِبل الخوامسَ لتشرب معها.
والحَوْز: السوق قليلاً قليلاً. والتَّنْساس: السوق الشديد، وهو أَكثر من الحَوْز. ونَسْنَس الطائر إذا أَسرع في طَيَرانِه. ونَسَّ الإِبل يَنُسُّها نَسّاً ونَسْنَسَها: ساقها؛ والمِنَسَّةُ منه، وهي العصا التي تَنُسُّها بها، على مِفْعَلةٍ بالكسر، فإِن همزت كان من نَسَأْتُها، فأَما المِنْسَأَة التي هي العصا فمن نَسَأْتُ أُ سُقْتُ. وقال أَبو زيد: نَسَّ الإِبلَ أَطلقها وحَلَّها. الكسائي: نَسَسْتُ الناقةَ والشاة أَنُسُّها نَسّاً إذا زجرتها فقلت لها: إِسْ إِسْ؛ وقال غيره: أَسَسْتُ؛ وقال ابن شميل: نَسَّسْتُ الصبي تَنْسِيساً، وهو أَن تقول له: إِسْ إِسْ ليبولَ أَو يَخْرَأَ.الليث: النَّسِيسَةُ في سرعة الطَيران. يقال: نَسْنَسَ ونَصْنَصَ.والنَّسُّ: اليُبْس، ونَسَّ اللحمُ والخبزُ يَنُسُّ ويَنِسُّ نُسُوساً ونَسِيساً: يبس؛ قال:

وبَلَد تُمْسِي قَطاهُ نُسَّا

أَي يابسة من العطش. والنَّسُّ ههنا ليس من النَّسِّ الذي هو بمعنى السوق ولكنها القطا التي عطشت فكأَنها يَبِست من شدة العطش.
ويقال: جاءنا بخبز ناسٍّ وناسَّةٍ وقد نَسَّ الشيءُ يَنُسُّ ويَنِسُّ نَسّاً. وأَنْسَسْتُ الدابة: أَعطشتها.
وناسَّةٌ والنَّاسَّة؛ الأَخيرة عن ثعلب: من أَسماء مكة لقلة مائها، وكانت العرب تسمي مكة النَّاسَّة لأَن من بغى فيها أَو أَحدث فيها حدثاً أَخرج عنها فكأَنها ساقته ودفعته عنها؛ وقال ابن الأَعرابي في قول العجاج:

حَصْبَ الغُواةِ العَوْمَجَ المَنْسُوسا

قال: المَنْسُوسُ المطرود والعَوْمَجُ الحية.
والنَّسِيسُ: المَسوق؛ ومنه حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه كان يَنُسُّ أَصحابه أَي يمشي خلفهم. وفي النهاية: وفي ضفته، صلى اللَّه عليه وسلم، كان يَنُسُّ أَصحابه أَي يسوقهم يقدِّمهم ويمشي خلفهم. والنَّسُّ: السوق الرقيق. وقال شمر: نَسْنَسَ ونَسَّ مثل نَشَّ ونَشْنَشَ، وذلك إذا ساق وطرد، وحديث عمر: كان يَنُسُّ الناس بعد العشاء بالدِّرَّة ويقول: انصرفوا إِلى بيوتكم؛ ويروى بالشين، وسيأْتي ذكره. ونَسَّ الحطبُ يَنِسُّ نُسُوساً: أَخرجت النار زَبَدَه على رأْسه، ونَسِيسه: زَبَدُه وما نَسَّ منه.
والنَّسِيسُ والنَّسِيسَة: بقية النَّفْسِ ثم استعمل في سِواه؛ وأَنشد أَبو عبيد لأَبي زبيد الطائي يصف أَسداً:

إِذا عَلِقَتْ مَخالِبُه بِـقِـرْنٍ

 

فَقَدْ أَوْدى، إذا بَلَغَ النَّسِيس

كأَنَّ، بنحره وبمنـكـبـيه

 

غَبِيراً باتَ تَعْبَؤُهُ عَرُوس

وقال: أَراد بقية النفس بقية الروح الذي به الحياة، سمي نَسيساً لأَنه يساق سوقاً، وفلان في السِّياق وقد ساق يَسُوق إذا حَضَرَ رُوحَه الموتُ.
ويقال: بلغ من الرجل نَسِيسُه إذا كان يموت، وقد أَشرف على ذهاب نَكِيثَتِه وقد طُعِنَ في حَوْصِه مثله. وفي حديث عمر: قال له رجل شَنَقْتُها بِجَبُوبَة حتى سكن نَسِيسُها أَي ماتت.والنَّسِيسُ: بقية النفس. ونَسِيس الإِنسانِ وغيره ونَسْناسه، جميعاً: مجهوده، وقيل: جهده وصبره؛ قال:

ولَيْلَةٍ ذاتِ جَهامٍ أَطْبـاقْ

 

قَطَعْتُها بِذاتِ نَسناسٍ باقْ

النَّسْناسُ: صبرها وجهدها؛ قال أَبو تراب: سمعت الغنوي يقول: ناقة ذات نَسْناسٍ أَي ذات سير باقٍ، وقيل: النَّسِيسُ الجهد وأَقصى كل شيء.
الليث: النَّسِيسُ غاية جهد الإِنسان؛ وأَنشد:

باقي النَّسِيسِ مُشْرِفٌ كاللَّدْنِ

ونَسَّت الجُمَّةُ: شَعِثَتْ. والنَّسْنَسَةُ: الضعف.
والنِّسْناس والنَّسْناس: خَلْقٌ في صورة الناس مشتق منه لضعف خلقهم.
قال كراع: النِّسْناسُ والنَّسناس فيما يقال دابة في عِدادِ الوحش تصاد وتؤكل وهي على شكل الإِنسان بعين واحدة ورجل ويد تتكلم مثل الإِنسان.
الصحاح: النِّسْناس والنَّسْناس جنس من الخلق يَثبُ أَحَدُهم على رِجْلٍ واحدةٍ. التهذيب: النِّسْناسُ والنَّسْناس خَلْق على صورة بني آدم أَشبهوهم في شيء وخالفوهم في شيء وليسوا من بني آدم، وقيل: هم من بني آدم. وجاء في حديثٍ: أَنَّ حَيّاً من قوم عاد عَصَوْا رسولهم فمسخهم اللَّه نَسْناساً، لكل إِنسان منهم يد ورجل من شِقٍّ واحد، يَنْقُزُون كما يَنْقُزُ الطائر ويَرْعَوْن كما ترعى البهائم، ونونها مكسورة وقد تفتح. وفي الحديث عن أَبي هريرة قال: ذهب الناس وبقي النِّسْناسُ، قيل: مَنِ النِّسْناسُ؟ قال: الذين يتشبهون بالناس وليسوا من الناس، وقيل: هم يأْجوج ومأْجوج. ابن الأَعرابي: النُّسُسُ الأُصول الرديّئَة. وفي النوادر: ريح نَسْناسَةٌ وسَنْسَانَةٌ بارِدَةٌ، وقد نَسْنَسَتْ وسَنْسَنَتْ إذا هبت هبوباً بارداً.
ويقال: نَسْناسٌ مِن دُخان وسَنْسانٌ يريد دخان نار.
والنَّسِيسُ: الجوع الشديد. والنِّسْناسُ، بكسر النون: الجوع الشديد؛ عن ابن السكيت، وأَما ابن الأَعرابي فجعله وصفاً وقال: جُوعٌ نِسْناسٌ، قال: ونعني به الشديد؛ وأَنشد:

أَخْرَجَها النِّسْناسُ من بَيْت أَهْلِها

وأَنشد كراع:

أَضَرَّ بها النِّسْناسُ حتى أَحَلَّها

 

بِدارِ عَقِيلٍ، وابْنُها طاعِمٌ جَلْدُ

أَبو عمرو: جوع مُلَعْلِعٌ ومُضَوِّرٌ ونِسْناسٌ ومُقَحِّزٌ ومُمَشْمِش بمعنى واحد.
والنَّسِيسَةُ: السعي بين الناس. الكلابي: النَّسِيسة الإيِكالُ بين الناس. والنَّسائسُ: النَّمائم. يقال: آكَلَ بين الناس إذا سعى بينهم بالنَّمائم، وهي النَّسائِسُ جمع نَسِيسة. وفي حديث الحجاج: من أَهل الرَّسِّ والنَّسِّ، يقال: نَسَّ فلان لفلان إذا تَخَبَّر. والنَّسِيسَة: السِّعاية.

نسط

النَّسْط: لغة في المَسْط وهو إِدخال اليد في الرَّحِم لاستخراج الولد. التهذيب: النُّسُطُ الذين يستخرجون أَولاد النوق إذا تَعسّر وِلادها، والنون فيه مبدلة من الميم، وهو مثل المُسُطِ.

نسطر

النُّسْطُورِيَّة أُمة من النصارى يخالفون بقيتَهم، وهم بالرُّومية نَسْطُورِسْ، والله أَعلم.

نسطس

في حديث قس: كحذْوِ النِّسْطاس؛ قيل: إِنه ريش السهم ولا تعرف حقيقته، وفي رواية: كحدِّ النِّسْطاس.

نسع

النِّسْعُ: سَيْرٌ يُضْفَرُ على هيئة أَعِنَّةِ النِّعالِ تُشَدُّ به الرِّحالُ، والجمع أَنْساعٌ ونُسُوعٌ ونُسْعٌ، والقِطْعةُ منه نِسْعةٌ، وقيل: النِّسْعةُ التي تُنْسَجُ عريضاً للتصدير. وفي الحديث: يَجُرُّ نِسْعةً في عُنُقِه؛ قال ابن الأَثير: هو سير مضفور يجعل زماماً للبعير وغيره وقد تنسج عريضةً تجعل على صدر البعير؛ قال عبد يغوث:

أَقولُ وقد شَدُّوا لِساني بِنِسْعةٍ

والأَنْساعُ: الحِبالُ، واحدها نُسْعٌ؛ قال:

عاليْتُ أَنْساعي وجِلْبَ الكُورِ

قال ابن بري: وقد جاء في شعر حُمَيْدِ بن ثَوْرٍ النِّسْعُ للواحد؛ قال:

رأَتْني بنِسْعَيْها، فَرَدَّتْ مَخافَتـي

 

إِلى الصَّدْرِ رُوعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ

والجمع نُسْعٌ ونِسَعٌ وأَنْساعٌ؛ قال الأَعشى:

تَخالُ حَتْماً عليها، كلَّما ضَمَرَتْ

 

من الكَلالِ، بأَنْ تَسْتَوْفيَ النِّسَعا

ابن السكيت: يقال للبِطانِ والحَقَبِ هما النِّسْعان، وقال بذي النِّسْعَين والنِّسْعُ والسِّنْعُ: المَفْصِلُ بين الكفّ والساعِدِ.
وامرأَةٌ ناسعةٌ: طويلةُ الظَّهْرِ، وقيل: هي الطويلةُ السِّنِّ، وقيل: هي الطويلةُ البَظْرِ، ونُسُوعُه طُولُه، وقد نَسَعَتْ نُسُوعاً.
والمِنْسَعةُ: الأَرض التي يَطُولُ نَبْتُها. ونَسَعَت أَسنانُه تَنْسَعُ نُسُوعاً ونَسَّعَتْ تَنْسِيعاً إذا طالَتْ واسْتَرْخَتْ حتى تَبْدُو أُصولُها التي كانت تُوارِيها اللِّثةُ وانْحَسَرَت اللِّثةُ عنها، يقال: نَسَعَ فُوه؛ قال الراجز:

ونَسَعَتْ أَسْنانُ عَوْدٍ، فانْجَلَـعْ

 

عُمورُها عن ناصِلاتٍ لم يَدَعْ

ونِسْعٌ ومِسْعٌ، كلاهما: من أَسماءِ الشَّمال، وزعم يعقوب أَنَّ الميم بدل من النون؛ قال قيس بن خويلد:

ويْلُمِّها لَقْحةً، إِمّا تُؤَوِّبُهـم

 

نِسْعٌ شَآمِيةٌ فيها الأَعاصِيرُ

قال الأَزهري: سميت الشَّمالُ نِسْعاً لدقَّة مَهَبِّها، شبهت بالنِّسْعِ المَضْفُورِ من الأَدمِ. قال شمر: هذيل تسمي الجَنُوبَ مِسْعاً، قال: وسمعت بعض الحجازيين يقول هو يُسْعٌ، وغيرهم يقول: هو نِسْعٌ؛ قال ابن هرمة:

مُتَتَبِّعٌ خَطَئِي يَوَدُّ لَـو أَنَّـنـي

 

هابٍ، بمَدْرَجةِ الصَّبا، مَنْسُوعُ

ويروى مَيْسُوعُ؛ وقول المنتخل الهذلي:

قد حالَ دُونَ دَرِيسَـيْه مُـؤَوِّبةٌ

 

نِسْعٌ، لها بعِضاهِ الأَرضِ تَهْزِيزُ

أَبْدَلَ فيه نِسْعاً من مُؤَوِّبةٍ، وإِنما قلت هذا لأَنَّ قوماً من المتأَخرين جعلوا نِسْعاً من صفات الشَّمالِ واحتجوا بهذا البيت، ويروى مُؤَوِّيةٌ أَي تحمله على أن يأْوِيَ كأَنها تُؤْويه.
ابن الأَعرابي: انْتَسَعَتِ الإِبل وانْتَسَغَت، بالعين والغين، إذا تفَرَّقَتْ في مَراعِيها؛ قال الأَخطل:

رَجَنَّ بحيثُ تَنْتَسِعُ المَطايا

 

فلا بَقّاً تَخافُ ولا ذُبابـا

وأَنْسَعَ الرجلُ إذا كَثُرَ أَذاهُ لِجيرانِه. ابن الأَعرابي: هذا سِنْعُه وسَنْعُه وشِنْعُه وشَنْعُه وسِلْعُه وسَلْعُه ووَفْقُه ووِفاقُه بمعنى واحد. وأنْساعُ الطريق: شَرَكُه.
ونِسْعٌ: بلد، وقيل: هو جبل أَسود بين الصَّفْراء ويَنْبُعَ؛ قال كثيِّر عَزّةَ:

فقلتُ، وأَسْرَرْتُ النَّدامةَ: ليْتَني

 

وكنت امْرَأً، أَغْتَشُّ كُلَّ عَذُولِ

سَلَكْتُ سَبيلَ الرائحاتِ عَشِـيّةً

 

مَخارِمَ نِسْعٍ، أَو سَلَكْنَ سَبيلي

قال الأَزهري: ويَنْسُوعةُ القُفِّ مَنْهَلةٌ من مَناهِلِ طريق مكة على جادَّة البصْرةِ، بها رَكايا عَذْبةُ الماء عند مُنْقَطَعِ رِمالِ الدَّهْناءِ بين ماوِيّةَ والنِّباجِ، قال: وقد شربت من مائِها. قال ابن الأَثير: ونِسْعٌ موضع بالمدينة، وهو الذي حماه النبي، صلى الله عليه وسلم، والخُلَفاءُ، وهو صَدْرُ وادي العَقِيقِ.

نسغ

نَسَغَت الواشِمةُ بالإِبرة نَسْغاً: غَرَزَتْ بها. والنسْغُ: تَغْرِيزُ الإِبرة، وذلك أَنّ الواشِمةَ إذا وشَمَتْ يدها ضَبَّرَتْ عِدَّة إبر فَنَسَغَتْ بها يدها ثم أَسَفَّتْه النَّؤُورَ، فإِذا بَرَأَ قُلِعَ قِرْفُه عن سَواد قد رَصُنَ. ونَسَغَ الخبزة نَسْغاً غَرَزَها. ابن الأَعرابي: المِنْسغةُ والمِبْزغةُ البَرْكُ الذي يُغْرَزُ به الخُبْزُ.
والمِنْسغةُ: إِضْبارةٌ من ريشِ الطائر أَو ذنَبه يَنْسَغُ بها الخَبَّازُ الخُبْزَ، وكذلك إذا كان من حديد. والنَّسْغُ مثل النخس. ونَسَغَه بيد أَو رُمْحٍ أَو سوط نَسْغاً ونَسَّغَه: طعنه، وكذلك أَنْسَغَه. ونَسَغَه بكلمة: مثل نَزَغه. ورجل ناسِغٌ من قوم نُسَّغٍ: حاذقٌ بالطعن؛ قال:

إِنِّي على نَسْغِ الرِّجالِ النُّسَّغِ

ونَسَغَ البعيرُ: ضَرَبَ مَوْضِعَ لَسْعةِ الذُّبابِ بخُفّه.
وأَنْسَغَتِ الفَسيلةُ ونَسَّغَتْ: أَخْرَجَتْ قُلْبَها، وقيل: أَخرجت سعفاً فوق سعَف، وأَنْسَغتِ الشجرة: نبتت بعد القطع، وكذلك الكرمُ. وانْتَسَغَ الرجلُ: تَحَرّى. ونَسَغ في الأَرض نَسْغاً: ذهب. ونَسَغَتْ ثَنِيَّتُه: تَحَرَّكَتْ ورَجَعَتْ. والنَّسِيغُ: العَرَقُ. وانْتَسَعَتِ الإِبلُ وانْتَسَغَتِ انْتِساغاً، بالعين والغين، إذا تَفَرَّقَتْ في مَراعِيها وتَباعَدَتْ؛ وقال الأَخطل:

رجَنَّ بِحَيْثُ تَنْتَسِغُ المَطَايا

 

فلا بَقّاً تَخافُ، ولا ذُبابَا

نسف

نسَفَت الريحُ الشيء تَنْسِفه نَسْفاً وانتَسَفَته: سلبَتْه، وأَنْسَفتِ الريحُ إنسافاً وأَسافَت الترابَ والحصى. والنَّسْف: نَقْر الطائر بمِنْقاره، وقد انتسَف الطائر الشيء عن وجه الأَرض بمِخْلَبه ونسفه.والنُّسَّافُ والنَّسَّاف؛ الأَول عن سيبويه والأَخير عن كراع: طائر له مِنْقار كبير.
ونسَفَ البعيرُ الكلأ يَنْسِفه، بالكسر، إذا اقتلعه بأَصله. وانتسَفْتُ الشيء: اقْتَلَعْته؛ قال أَبو النجم:

وانتسَفَ الجالِبَ من أَنْدابـه

 

إغباطُنا المَيْسَ على أَصْلابه

والنَّسْف: انتِسافُ الريحِ الشيءَ كأَنَها تَسْلُبه. ونَسَفَتِ الراعيةُ الكلأَ تَنسِفه نسْفاً: أَخذته بأَفواهها وأَحْناكها. وبعير نَسُوف:يأَكل بمُقدَّم فيه. الجوهري: بعير نَسُوف يَقْتَلِع الكلأ من أَصله بمقدَّم فيه، وناقة نَسوف كذلك، وهي المَناسِيف كأَنها جمع مِنْساف وهي من باب مَلامِحَ ومَذاكير. وفرس نَسُوف: يستَغْرِق الحِزام لإجْفار جنبيه. وفرس نسُوف السُّنْبُكِ إذا أَدناه من الأَرض في عَدْوِه. ويقال للفرس: إنه لنَسُوف السنبك من الأَرض، وذلك إذا أَدنى طرَف الحافر من الأَرض في عدْوه، وكذلك إذا أَدنى الفرسُ مِرْفقيه من الحزام، وذلك إنما يكون لتقارب مِرفقيه، وهو محمود؛ قال الجعدي:

في مِرْفَقَيْه تَقارُبٌ، وله

 

بِرْكةُ زَوْرٍ كجَبْأَةِ الخَزَم

قال ابن بري: الجَبْأَةُ خشَبةُ الحَذّاء، شبَّه بها صدر فرسه في استِدارتها. وقيل: النَّسُوف من الخيل الواسع الخطو. ونسَفه بسُنبكه أَو ظِلْفه يَنْسِفُه وأَنسَفه: نحّاه؛ وأَنشد ثعلب:

قِياماً عَجِلْنَ عليه الـنَّـبـا

 

تَ، يَنْسِفْنَه بالظُّلوفِ انْتِسافا

عجلن عليه: على هذا الموضع؛ ينْسِفْنه: يَنْسِفْن هذا النبات، يقْلَعْنه بأَرجلهن قبل أَن يبلُغ. والنَّسْفُ: القَلْع. ونسَف نَسْفاً: خَطا.
وناقة نَسُوف: تنْسف التراب في عدْوها. وانتسَف البِناءَ: استأْصله. أَبو زيد: نسَفْت البناء نسْفاً إذا قلَعْته، والذي يُنْسَف به البناء يسمى مِنْسَفة، والمِنْسفة آلة يقلع بها البناء. ونسَف البعيرُ الكلأَ نَسْفاً إذا اقتلعه بمقدَّم فيه. ونسَف البعير برجله إذا ضرب رجله بمقدَّم..... وكذلك الإنسان. ويقال: بيننا عَقَبة نَسُوف وعقَبة ناشطة أَي طويلة شاقة. اللحياني: انْتُسِفَ لونُه وانتُشِفَ لونه والتُمع لونه بمعنى واحد؛ قال بشر بن أَبي خازم يصف فرساً في حُضْرها:

نَسُوفٌ للحِزام بمِرْفَقَيْها

 

يَسُدُّ خَواءَ طُبْيَيْها الغُبارُ

يقول: إذا استَفْرغَت جَرْياً نسَفَت حِزامها بمِرْفَقَيْ يديها، وإذا ملأَت فُروجها عدْواً سد الغُبار ما بين طُبْيَيْها، وهو خَواؤه. ونسَف البعيرَ حِمْلُه نسْفاً إذا مرَط حِملُه الوبر عن صفحتي جنبيه. ونسَف الشيء، وهو نَسِيف: غَرْبله. والنُّسافة: ما سقط من الشيء يَنْسِفه، وخص اللحياني به نُسافة السَّويق. والنسْف: تَنْقِية الجيّد من الرَّديء، ويقال لمُنْخُل مُطوَّل المِنْسف. ونسَف الطعام يَنْسِفه نَسْفاً إذا نفَضه.ويقال: اعْزِل النُّسافة وكلْ من الخالص. ونَسْفُ الطعامِ: نَفْضُه.
والمِنْسف: هَنٌ طويل أَعلاه مرتفع وهو مُتَصَوِّب الصدر يكون عند القاشر، ومنه يقال: أَتانا فلانٌ كأَنّ لحيته مِنْسف؛ قال الجوهري: حكاها أَبو نصر أحمد بن حاتم. والمِنْسفة: الغِرْبال. وكلام نَسِيف: خفيّ، هُذلية؛ قال أَبو ذؤيب:

فأَلْغَى القومَ قد شَرِبُوا فضَمُّوا

 

أَمامَ القوم، مَنْطِقُهم نَسِـيفُ

قال الأَصمعي: أَي ينتسِفُون الكلام انتِسافاً لا يُتِمُّونه من الفَرَق، يَهْمِسون به رويداً من الفرق فهو خفي لئلا يُنْذَر بهم ولأَنهم في أَرض عدوّ، وقوله فضمّوا أَي اجتمعوا وضمّوا إليهم دوابهم ورحالهم.ويقال: هما يَتناسَفان. قال ابن بري في قوله فضَمّوا أَي كفُّوا عن الكلام، وقيل: اجتمعوا أَمام قوم آخرين. وانتَسَفوا الكلام بينهم: أَخْفَوه وقلَّلُوه.
ومِنْسفُ الحِمار: فَمُه. نسَف الأَتان بفِيه ينْسِفُها نَسْفاً ومَنْسَفاً ومَنْسِفاً: عضَّها فترك فيها أَثراً؛ الأَخيرة كمَرْجِع من قوله تعالى: إلى اللّه مَرْجِعكم. وترك فيها نَسِيفاً أَي أَثراً من عَضِّه، أَو انْحِصاصَ وبَرٍ؛ قال المُمَزَّق:

وقد تَخِذَتْ رِجْلي، لَدي جَنْبِ غَرْزِها

 

نَسِيفاً كأُفْحوصِ القَطاةِ المُـطَـرِّق

والنسيفُ: أَثر كَدْم الحِمار وأَثر رَكْض الرِّجل بجنبي البعير إذا انحصّ عنه الوبر. ويقال للحمار: به نَسيفٌ، وذلك إذا أَخذ الفحل منه لحماً أَو شعراً فبقي أَثره. ويقال: اتخذ فلان في جنب ناقته نَسيفاً إذا انجرد وبَر مَرْكَضَيْه برجليه، وأَنشد بيت الممزَّق أَيضاً. ويقال لفم الحمار: مِنْسَف، وقيل: مَنْسِف. ونسَف الحِملُ ظهرَ البعير نَسْفاً وانتسفه: حَصَّ ما عليه من الوبر. وما في ظهره مَنْسَف: كقولك ما في ظهره مَضْرَب.والنَّسْفة: حِجارة يُنْسَف بها الوَسَخ؛ قال ابن سيده: حكاها صاحب العين، قال: والمعروف بالشين. التهذيب: وضرب من الطير يُشبه الخُطَّاف يَنْتَسِف ويسمى النُّسَّاف، وبالسين.
النِّسْفة: من حجارة الحَرَّة، تكون نَخِرة ذات نَخاريب يُنسف بها الوسَخُ عن الأَقدام في الحمّامات. وانْتُسِفَ لونُه: انْتُقِع، وسيذكر في الشين.
ونسَفَ البعيرُ برجله نَسْفاً: ضرب بها قُدُماً. ونسَف الإناءُ يَنْسِفُ: فاض. والنسْفُ الطعْن مثل النزْع. ونسَفٌ: كُورة.ابن الأَعرابي: يقال للرجل إنه لكثير النَّسيف، وهو السِّرارُ. يقال: أَطال نَسيفه أَي سِراره، واللّه أَعلم.

نسق

النَّسَقُ من كل شيء: ما كان على طريقة نِظامِ واحد، عامٌّ في الأشياء، وقد نَسقْتُه تَنْسِيقاً؛ ويخفف. ابن سيده: نَسَقَ الشيء يَنْسُقهُ نَسْقاً ونَسَّقه نظَّمه على السواء، وانْتَسَق هو وتَناسَق، والاسم النَّسَقُ، وقد انْتَسَقت هذه الأَشياء بعضُها إلى بعض أَي تَنَسَّقَتْ.
والنحويون يسمون حروف العطف حروف النَّسَقِ لأَن الشيء إذا عطفْت عليه شيئاً بعده جَرى مجْرىً واحداً. وروي عن عمر، رضي الله عنه، أَنه قال: ناسِقوا بين الحج والعمرة؛ قال شمر: معنى ناسِقوا وواتِرُوا. يقال: ناسَقَ بين الأَمرين أي تابع بينهما. وثَغْر نَسَق إذا كانت الأَسنان مستوية. ونَسَقُ الأَسنان: انتظامها في النِّبْتةِ وحسن تركيبها. والنَّسْق: العطف على الأول، والفعل كالفعل. وثغر نَسَق وخَرزَ نَسَق أَي منتظم؛ قال أَبو زبيد:  

بجِيدِ رِيْمٍ كريم زانَهُ نَسَقٌ،

 

يكاد يُلْهِبُه الياقوتُ إلهابا

والتَّنْسِيقُ: التنظيم. والنَّسَق: ما جاء من الكلام على نِظام واحد، والعرب تقول لطَوار الحبْل إذا امتد مستوياً: خذ على هذا النَّسَق أي على هذا الطَّوارِ؛ والكلام إذا كان مسجَّعاً، قيل: له نَسعق حسن. ابن الأَعرابي: أَنسَقَ الرجلُ إذا تكلم سجعاً. والنَّسَقُ: كواكب مصطفة خلف الثريا، يقال لها الفُرود. ويقال: رأَيت نَسَقاً من الرجال والمتاع أَي بعضُها إلى جنب بعض؛ قال الشاعر:

مُسْتَوْسِقات عَصَباً ونَسَقا

والنَّسْق، بالتسكين: مصدر نَسَقْتُ الكلام إذا عطفت بعضه على بعض؛ ويقال: نَسَقْتُ بين الشيئين وناسَقْتُ.

نسك

النُّسْكُ والنُّسُك: العبادة والطاعة وكل ما تُقُرب به إِلى الله تعالى، وقيل لثعلب: هل يسمى الصوم نُسُكاً؟ فقال: كل حق لله عزَّ وجل يسمى نُسُكاً. نَسَك لله تعالى يَنْسُكُ نَسْكاً ونِسْكاً ونَسُكَ، الضم عن اللحياني، وتَنَسَّك. ورجل ناسِك: عابد. وقد نَسَك وتَنَسَّكَ أَي تعبد.
ونَسُك، بالضم، نَساكة أَي صار ناسكاً، والجمع نُسَّاك.
والنُسّكُ والنِّسِيكة: الذبيحة، وقيل: النُّسُك الدم، والنَّسِيكة:الذبيحة، تقول: من فعل كذا وكذا فعليه نُسُك أَي دم يُهَرِيقُه بمكة، شرفها الله تعالى، واسم تلك الذبيحة النَّسِيكَة، والجمع نُسُك ونَسَائِكُ.
والنُّسُك: ما أَمرت به الشريعةُ، والوَرَع: ما نَهَتْ عنه. والمَنْسَك والمَنْسِكُ: شِرْعة النَّسْك. وفي التنزيل: وأَرِنا مَنَاسِكَنا؛ أَي مُتَعَبَّداتِنا، وقيل: المَنْسَكُ النَّسْك نفسه. والمَنْسِكُ: الموضع الذي تذبح فيه النَّسِيكة والنَّسائك. النضر: نَسَك الرجلُ إِلى طريقة جميلة أَي داوم عليها. ويَنْسُكون البيتَ: يأْتونه. وقال الفراء: المَنْسَكُ المَنْسِكُ في كلام العرب الموضع المعتاد الذي تعتاده. ويقال: إِنَّ لفلان مَنْسِكاً يعتاده في خير كان أَو غيره، وبه سميت المَناسِكُ. وقال أَبو إِسحق: قرئ لكل أُمة جعلنا مَنْسَكاً، ومَنْسِكاً، قال: والنَّسْكُ في هذا الموضع يدل على معنى النَّحْر كأَنه قال: جعلنا لكل أُمة أَن تَتَقربَ بأَن تذبح الذبائح لله، فمن قال مَنْسِك فمعناه مكان نَسْك مثل مَجلِس مكان جلوس، ومن قال مَنْسَك فمعناه المصدر نحو النُّسُك والنُّسُوك. غيره: والمَنْسَك والمَنْسِك الموضع الذي تذبح فيه النُّسُك، وقرئَ بهما قوله تعالى: جعلنا مَنْسَكاً هم ناسِكوه. ابن الأَثير: قد تكرر ذكر المَناسِك والنُّسُك والنَّسِيكة في الحديث، فالمَنَاسك جمع مَنْسَك ومَنْسِك، بفتح السين وكسرها، وهو المُتَعَبَّد ويقع على المصدر والزمان والمكان، ثم سميت أُمور الحج كلها مَناسك. والمَنْسَك والمَنْسِك: المَذْبَحُ.
وقد نَسَكَ يَنْسُك نَسْكاً إذا ذبح. ونَسَك الثوب: غسله بالماء وطهره، فهو مَنْسوك؛ قال:

ولا يُنْبِتُ المَرْعَى سِباخُ عُراعِرٍ،

 

ولو نُسِكَتْ بالماء سِتَّةَ أَشْـهُـرِ

وأَرض ناسِكة: خضراء حديثة المطر، فاعلة بمعنى مفعولة.
والنَّسِيك: الذهب، والنَّسِيك: الفضة؛ عن ثعلب. والنَّسِيكة: القطعة الغليظة منه. ابن الأَعرابي: النُّسُك سَبائك الفضة كلُّ سَبِيكة منها نسيكة، وقيل للمتعبد ناسِكٌ لأَنه خَلَّص نفسه وصفاها لله تعالى من دَنَسِالآثام كالسَّبيكة المُخَلَّصة من الخَبَثِ. وسئل ثعلب عن الناسك ما هو فقال: هو مأْخوذ من النَّسِيكة وهو سَبِيكة الفِضة المُصَفَّاة كأَنه خَلَّص نفسه وصفاها لله عز وجل.
والنُّسَك، بضم النون وفتح السين: طائر؛ عن كراع.

نسل

النَّسْل: الخلْق. والنَّسْل: الولد والذرِّية، والجمع أَنسال، وكذلك النَّسِيلة. وقد نَسَل ينسُل نَسْلاً وأَنسَل وتَناسَلوا: أَنسَل بعضُهم بعضاً. وتناسَل بنو فلان إذا كثر أَولادهم. وتَناسَلوا أَي وُلد بعضهم من بعض، ونَسَلَت الناقةُ بولد كثير تنسُل، بالضم. قال ابن بري: يقال نَسَل الوالدُ ولدَه نَسْلاً،وأَنسَل لغة فيه، قال: وفي الأَفعال لابن القطاع: ونَسَلت الناقة بولد كثير الوَبر أَسقطته. وفي حديث وفد عبد القيس: إِنما كانت عندنا حَصْبة تُعْلَفُها الإِبل فنَسَلناها أَي استثْمَرْناها وأَخذنا نَسْلها، قال: وهو على حذف الجارّ أَي نَسَلْنا بها أَو منها نحو أَمرتُك الخيرَ أَي بالخير، قال: وإِن شدِّد كان مثل ولَّدناها. يقال: نَسَل الولد يَنْسُل ويَنْسِل ونَسَلت الناقة وأَنسَلت نَسْلاً كثيراً.
والنَّسُولة: التي تُقْتَنى للنَّسْل. وقال اللحياني: هو أَنسَلُهم أَي أَبعدُهم من الجَدِّ الأَكبر. ونَسَل الصوفُ والشعرُ والريشُ يَنْسُل نُسُولاً وأَنسَل: سقَط وتقطَّع، وقيل: سقَط ثم نبَت، ونَسَلَه هو نَسْلاً.
وفي التهذيب: وأَنْسَله الطائرُ وأَنسَل البعيرُ وبَره. أَبو زيد: أَنسَل ريشُ الطائر إذا سقط، قال: ونَسَلْته أَنا نَسْلاً، واسمُ ما سقَط منه النَّسِيل والنُّسال، بالضم، واحدته نَسِيلة ونُسالة. ويقال: أَنسَلَت الناقةُ وبرَها إذا أَلقته تَنْسِله، وقد نَسَلت بولد كثيرٍ تَنْسُل.
ونُسالُ الطير: ما سقَط من ريشها، وهو النُّسالة. ويقال: نَسَل الطائرُ ريشَه يَنْسُل ويَنْسِل نَسْلاً. ونَسَل الوبرُ وريش الطائر بنفسه، يتعدَّى ولا يتعدّى، وكذلك أَنسَل الطائر ريشَه وأَنسَل ريشُ الطائر، يتعدّى ولا يتعدّى. وأَنسَلَت الإِبلُ إذا حان لها أَن تَنْسُل وبرَها. ونسَل الثوبُ عن الرجل: سقَط. أَبو زيد: النَّسُولة من الغنم ما يُتَّخَذ نسلُها. ويقال: ما لبني فلان نَسُولةٌ أَي ما يُطلَب نسلُه من ذوات الأَربع. وأَنسَل الصِّلِّيانُ أَطرافَه: أَبرَزَها ثم أَلقاها. والنُّسالُ: سُنْبُل الحَليِّ إذا يَبس وطارَ؛ عن أَبي حنيفة؛ وقول أَبي ذؤيب

أَعاشَني بعدَكَ وادٍ مُبْقِلُ

 

آكُلُ من حَوْذانِه وأَنْسِلُ

ويروى: وأُنسِل، فمَن رواه وأَنسِل فمعناه سمِنت حتى سقط عني الشعر، ومن رواه أُنسِل فمعناه تُنْسِل إِبلي وغنَمي.
والنَّسِيلة: الذُّبالةُ، وهي الفَتِيلة في بعض اللغات. ونَسَل الماشي يَنْسِل ويَنْسُل نسْلاً ونَسَلاً ونَسَلاناً: أَسرع؛ قال:

عَسَلانَ الذئبِ أَمْسى قارِباً

 

بَرَدَ الليلُ عليه فَنَـسَـلْ

وأَنشد ابن الأَعرابي:

عَسٌّ أَمامَ القوم دائم النَّسَلْ

وقيل: أَصل النَّسلانِ للذئب ثم استعمِل في غير ذلك. وأَنسَلْت القومَ إذا تقدَّمتهم؛ وأَنشد ابن بري لعَدِيِّ بن زيد:

أَنْسَل الدرعان غَرْبٌ خَذِمٌ

 

وعَلا الرَّبْرَبَ أَزْمٌ لم يُدَنْ

وفي التنزيل العزيز: فإِذا هُمْ من الأَجْداث إِلى ربهم يَنْسِلون؛ قال أَبو إِسحق: يخرجون بسرعة. وقال الليث: النَّسَلان مِشْية الذئب إذا أَسرع. وقد نسَل في العدْوِ يَنْسِل ويَنْسُل نَسْلاً ونَسَلاناً أَي أَسرع.
وفي الحديث: أَنهم شكَوْا إِلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الضَّعْفَ فقال: عليكم بالنَّسْل؛ قال ابن الأَعرابي: ببسط وهو الإِسراع في المشي. وفي حديث آخر: أَنهم شكوا إِليه الإِعْياء فقال: عليكم بالنَّسَلان، وقيل: فأَمرهم أَن يَنْسِلوا أَي يسرعوا في المشي. وفي حديث لقمان: وإِذا سَعى القوم نَسَل أَي إذا عَدَوْا لغارة أَو مَخافة أَسرع هو، قال: والنَّسَلان دون السَّعْيِ.
والنَّسَل، بالتحريك: اللبن يخرج بنفْسه من الإِحليل. والنَّسِيل: العسل إذا ذابَ وفارَق الشَّمَع. المحكم: والنَّسِيل والنَّسِيلةُ جميعاً العسل؛ عن أَبي حنيفة. ويقال لِلَّبن الذي يَسِيل من أَخضر التِّين النَّسَل، بالنون، ذكره أَبو منصور في أَثناء كلامه على نلس واعتذر عنه أَنه أَغفله في بابه فأَثبته في هذا المكان. ابن الأَعرابي: يقال فلان يَنْسِل الوَدِيقة ويحمي الحقيقة.

نسم

النَّسَمُ والنَّسَمةُ: نفَسُ الروح. وما بها نَسَمة أَي نفَس. يقال: ما بها ذو نسَمٍ أَي ذو رُوح، والجمع نَسَمٌ. والنَّسيمُ: ابتداءُ كلِّ ريحٍ قبل أَن تَقْوى؛ عن أَبي حنيفة. وتنَسَّم: تنفَّس، يمانية.
والنَّسَمُ والنسيمُ: نفَس الرِّيح إذا كان ضعيفاً، وقيل: النَّسيم من الرياح التي يجيء منها نفس ضعيف، والجمع منها أَنسامٌ؛ قال يصف الإِبل:

وجَعَلَتْ تَنْضَحُ من أَنْسـامِـهـا

 

نَضْحَ العُلوجِ الحُمْرِ في حَمَّامِها

أَنسامُها: روائح عَرَقِها؛ يقول: لها ريح طيبة. والنَّسِيمُ: الريح الطيبة. يقال: نسَمت الريحُ نسيماً ونَسَماناً. والنَّيْسَمُ: كالنسيم، نَسَم يَنْسِمُ نَسْماً ونَسِيماً ونَسَماناً. وتَنسَّم النسيمَ: تَشمَّمه.
وتَنَسَّم منه علْماً: على المثل، والشين لغة عن يعقوب، وسيأْتي ذكرها، وليست إِحداهما بدلاً من أُختها لأَن لكل واحد منهما وجهاً، فأَما تَنَسَّمت فكأَنه من النَّسيم كقولك اسْتَرْوَحتُ خَبراً، فمعناه أَنه تَلطَّف في التِماس العلم منه شيئاً فشيئاً كهُبوب النسيم، وأَما تنَشَّمت فمن قولهم نَشَّم في الأَمر أَي بَدأَ ولم يُوغِل فيه أَي ابتدأْت بطَرَفٍ من العلم من عنده ولم أَتمكَّن فيه. التهذيب: ونَسيم الريح هُبوبها. قال ابن شميل: النسيم من الرياح الرُّويدُ، قال: وتنَسَّمتْ ريحُها بشيء من نَسيمٍ أَي هبَّت هبوباً رُويداً ذات نَسيمٍ، وهو الرُّوَيد. وقال أَبو عبيد: النَّسيم من الرياح التي تجيء بنفَسٍ ضعيف. والنَّسَمُ: جمع نَسَمة، وهو النَّفَس والرَّبْوُ. وفي الحديث: تَنكَّبوا الغُبارَ فإِن منه تكون النَّسَمةُ؛ قيل: النَّسَمة ههنا الرَّبْوُ، ولا يزال صاحب هذه العلة يتنَفَّس نفساً ضعيفاً؛ قال ابن الأَثير: النَّسَمةُ في الحديث، بالتحريك، النفَس، واحد الأَنفاس، أَراد تَواترَ النفَس والرَّبوَ والنَّهيجَ، فسميت العلة نَسَمة لاستراحة صاحبِها إِلى تنفسِه، فإِن صاحب الرَّبوِ لا يزال يتنفَّس كثيراً. ويقال: تنَسَّمت الريحُ وتنسَّمْتها أَنا؛ قال الشاعر:

فإِن الصَّبا رِيحٌ إذا ما تنَسَّـمَـتْ

 

على كِبْدِ مَخْزونٍ، تجَلَّتْ هُمومُها

وإِذا تنَسَّم العليلُ والمحزون هبوبَ الريح الطيِّبة وجَد لها خَفّاً وفرَحاً. ونَسيمُ الريح: أَوَّلها حين تُقْبل بلينٍ قبل أَن تشتدّ. وفي حديث مرفوع أَنه قال: بُعِثْت في نَسَمِ الساعة، وفي تفسيره قولان: أَحدهما بُعِثْت في ضَعْفِ هُبوبها وأَول أَشراطها وهو قول ابن الأَعرابي، قال: والنَّسَم أَولُ هبوب الريح، وقيل: هو جمع نَسَمةٍ أَي بُعِثت في ذوي أَرواح خلقهم الله تعالى في وقت اقتراب الساعة كأَنه قال في آخر النَّشْءِ من بني آدم. وقال الجوهري: أَي حين ابتدأَت وأَقبَلت أَوائِلُها. وتنَسَّم المكانُ بالطِّيب: أَرِجَ؛ قال سَهْم بن إِياس الهذلي:

إِذا ما مَشَتْ يَوْماً بوادٍ تنَسَّمَتْ

 

مَجالِسُها بالمَنْدَليِّ المُكَـلَّـلِ

وما بها ذو نَسيم أَي ذو رُوح. والنَّسَم والمَنْسَمُ من النَّسيم.
والمَنْسِم، بكسر السين: طرف خفّ البعير والنعامة والفيل والحافر، وقيل: مَنْسِما البعير ظُفْراه اللذان في يديه، وقيل: هو للناقة كالظفر للإنسان؛ قال الكسائي: هو مشتق من الفعل، يقال: نَسَمَ به يَنْسِمُ نَسْماً.
قال الأَصمعي: وقالوا مَنسِمُ النعامة كما قالوا للبعير. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: وَطِئَتْهم بالمَناسِم، جمع مَنسِم، أَي بأَخفافِها؛ قال ابن الأَثير: وقد تطلق على مَفاصل الإِنسان اتساعاً؛ ومنه الحديث: على كل مَنسِمٍ من الإِنسان صَدقةٌ أَي كل مَفْصِل. ونَسَم به يَنسِمُ نَسْماً: ضرب؛ واستعاره بعض الشعراء للظَّبْي فقال:

تَذُبُّ بسَحْـمـاوَيْنِ لـم يَتَـفَـلَّـلا

 

وَحى الذِّئبِ عن طَفْلٍ مَناسِمُه مُخْلي

ونَسِمَ نَسَماً: نَقِبَ مَنسِمُه.
والنَّسَمةُ: الإِنسان، والجمع نَسَمٌ ونَسَماتٌ؛ قال الأَعشى:

بأَعْظَمَ منه تُقىً في الحِساب

 

إِذا النَّسَماتُ نَقَضْنَ الغُبارا

وتَنسَّم أَي تنفَّس. وفي الحديث: لمَّا تنَسَّموا رَوْحَ الحياة أَي وَجدوا نَسيمَها. والتَّنَسُّم: طلبُ النسيم واسْتِنشاقه. والنَّسَمةُ في العِتْق: المملوك، ذكراً كان أَو أُنثى. ابن خالويه: تَنسَّمْت منه وتَنشَّمْت بمعنى. وكان في بني أَسد رجلٌ ضمِن لهم رِزْقَ كلِّ بِنْتٍ تولَد فيهم، وكان يقال له المُنَسِّم أَي يُحْيي النَّسَمات؛ ومنه قول الكميت:

ومنَّا ابنُ كُوزٍ، والمُـنَـسِّـمُ قَـبْـلـه

 

وفارِسُ يوم الفَيْلَقِ العَضْبُ ذو العَضْبِ

والمُنَسِّمُ: مُحْيي النَّسَمات. وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: مَنْ أَعتق نَسَمَةً مُؤمِنةً وقى اللهُ عز وجل بكل عُضْوٍ منه عُضْواً من النار؛ قال خالد: النَّسَمةُ النَّفْسُ والروحُ. وكلُّ دابة في جوفها رُوح فهي نَسَمةٌ. والنَّسَمُ: الرُّوح، وكذلك النَّسيمُ؛ قال الأَغلب:

ضَرْبَ القُدارِ نَقيعةَ القِدِّيمِ

 

يَفْرُقُ بينَ النَّفْسِ والنَّسيمِ

قال أَبو منصور: أَراد بالنفْس ههنا جسمَ الإِنسان أَو دَمَه لا الرُّوحَ، وأَراد بالنَّسيم الروحَ، قال: ومعنى قوله، عليه السلام: مَنْ أَعْتَقَ نَسَمةً أَي من أَعتق ذا نَسَمةٍ، وقال ابن الأَثير: أَي مَنْ أَعْتَقَ ذا رُوح؛ وكلُّ دابَّةٍ فيها رُوحٌ فهي نَسَمةٌ، وإِنما يريد الناس. وفي حديث علي: والذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرأَ النَّسَمةَ أَي خَلَقَ ذاتَ الروح، وكثيراً ما كان يقولها إذا اجتهد في يمينه. وقال ابن شميل: النَّسَمَةُ غرة عبد أَو أَمة. وفي الحديث عن البراء بن عازب قال: جاء أَعرابي إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: عَلِّمْني عملاً يُدْخِلُني الجنة، قال: لئن كنت أَقْصَرْت الخُطْبةَ لقد أَعْرَضْت المَسْأَلة، أَعْتِق النَّسَمةَ وفُكَّ الرقبةَ، قال: أَوَليسا واحداً؟ قال: لا، عِتْقُ النَّسَمةِ أَن تَفَرَّدَ بعتقها، وفك الرقبة أَن تُعينَ في ثمنها، والمِنْحة الوَكوف، وأَبقِ على ذي الرحم الظالم، فإِن لم تُطِقْ ذلك فأَطْعِم الجائعَ، واسْقِ الظمْآنَ، وأْمُرْ بالمعروف وانْهَ عن المنكر، فإِن لم تُطِقْ فكُفَّ لِسانَك إِلا مِنْ خَيرٍ. ويقال: نَسَّمْتُ نَسَمة إذا أَحْيَيْتَها أَو أَعْتَقْتها. وقال بعضهم: النَّسَمة الخَلْقُ، يكون ذلك للصغير والكبير والدوابِّ وغيرها ولكل من كان في جوفِه رُوحٌ حتى قالوا للطير؛ وأَنشد شمر:

يا زُفَرُ القَيْسِيّ ذو الأَنْف الأَشَمّْ

 

هَيَّجْتَ من نخلةَ أَمثالَ النَّسَـمْ

قال: النَّسَمُ ههنا طيرٌ سِراعٌ خِفافٌ لا يَسْتَبينُها الإِنسان من خفَّتِها وسرعتِها، قال: وهي فوق الخَطاطيف غُبْرٌ تعلوهنَّ خُضرة، قال: والنَّسَمُ كالنفَس، ومنه يقال: ناسَمْتُ فلاناً أَي وجَدْت ريحَه ووَجدَ رِيحي؛ وأَنشد:

لا يَأْمَنَنَّ صُروف الدهرِ ذو نَسَمٍ

أَي ذو نفَسٍ، وناسَمه أَي شامَّه؛ قال ابن بري: وجاء في شعر الحرث بن خالد بن العاص:

عُلَّتْ به الأَنْيابُ والنَّسَمُ

يريد به الأَنفَ الذي يُتَنَسَّمُ به. ونَسَمَ الشيءُ ونَسِمَ نَسَماً: تغيَّر، وخص بعضهم به الدُّهن. والنَّسَمُ: ريحُ اللبَن والدسَم.
والنَّسَمُ: أَثر الطريق الدارِس.
والنَّيْسَمُ: الطريق المُستقيم، لغة في النَّيْسَب. وفي حديث عمرو بن العاص وإِسلامِه قال: لقد اسْتقام المَنْسِمُ وإِن الرجل لَنَبيٌّ، فأَسْلَمَ. يقال: قد استَقامَ المَنْسِمُ أَي تَبَيَّنَ الطريقُ. ويقال: رأَيت مَنْسِماً من الأَمر أَعْرِفُ به وَجْهَه أَي أَثراً منه وعلامة؛ قال أَوْس بن حَجَر:

لَعَمْرِي، لقد بَيَّنْت يومَ سُـوَيْقةٍ

 

لِمَنْ كان ذا رأْيٍ بِوِجْهةِ مَنْسِمِ

أَي بوجهِ بيانٍ، قال: والأَصل فيه مَنْسِما خُفِّ البعير، وهما كالظُّفرين في مُقدَّمه بهما يُسْتبان أَثرُ البعير الضالّ، ولكل خُفٍّ مَنْسِمان، ولِخُفِّ الفِيل مَنْسِمٌ. وقال أَبو مالك: المَنْسِمُ الطريق؛ وأَنشد للأَحْوَص:

وإِن أَظْلَمَتْ يوماً على الناسِ غَسْمةٌ

 

أَضَاءَ بكُم، يا آل مَرْوانَ، مَنْـسِـمُ

يعني الطريق، والغَسْمة: الظُّلْمة. ابن السكيت: النَّيْسمُ ما وجدتَ من الآثار في الطريق، وليست بِجادّة بَيّنَةٍ؛ قال الراجز:  

باتَتْ على نَيْسَمِ خَـلٍّ جـازع

 

وَعْثِ النِّهاض قاطِع المَطالِع

والمَنْسِمُ: المَذْهب والوجهُ منه. يقال: أَين مَنْسِمُك أَي أَين مذهبُك ومُتوجَّهُك. ومن أَين مَنْسِمُك أَي من أَين وِجْهتُك. وحكى ابن بري: أَين مَنْسِمُك أَي بيتُك. والناسِمُ: المريضُ الذي قد أَشفى على الموت.
يقال: فلان يَنْسِم كنَسْم الريح الضعيف؛ وقال المرّار:

يمْشِينَ رَهْواً، وبعد الجَهْدِ من نَسَـمٍ

 

ومن حَياءِ غَضِيضِ الطَّرْفِ مَسْتورِ

ابن الأَعرابي: النَّسِيم العرَقُ. والنَّسْمة العرْقة في الحمّام وغيره، ويجمع النَّسَم بمعنى الخَلْق أَناسِم. ويقال: ما في الأَناسِم مثلُه، كأَنَّه جمع النَّسَم أَنْساماً، ثم أَناسمُ جمعُ الجمع.

نشأ

أَنْشَأَه اللّه: خَلَقَه. ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشَاءً ونَشْأَةً ونَشَاءَةً: حَيي، وأَنْشَأَ اللّهُ الخَلْقَ أَي ابْتَدَأَ خَلْقَهم. وفي التنزيل العزيز: وأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرى؛ أَي البَعْثةَ. وقرأَ أَبو عمرو: النَّشاءةَ، بالمدّ. الفرّاءُ في قوله تعالى: ثُمَّ اللّهُ يُنْشِئ النَّشْأَةَ الآخِرةَ؛ القُرَّاءُ مجتمعون على جزم الشين وقَصْرِها إلا الحسنَ البِصْرِيَّ، فإنه مدَّها في كلِّ القرآن، فقال: النَّشاءَةَ مثل الرّأفةِ والرّآفةِ، والكَأْبةِ والكَآبة.
وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو: النَّشاءَةَ، ممدود، حيث وقعت. وقرأَ عاصم ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي النَشْأَةَ، بوزن النَّشْعةِ حيث وقعت.
ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشاءً: رَبا وشَبَّ. ونَشَأْتُ في بني فلان نَشْأً ونُشُوءاً: شَبَبْتُ فيهم. ونُشِّئ وأُنْشئ، بمعنى.
وقُرئ: أَوَمنْ يُنَشَّأُ في الحِلْيَةِ. وقيل الناشِئ فوَيْقَ المُحْتَلِمِ، وقيل: هو الحَدَثُ الذي جاوَزَ حَدَّ الصِّغَر، وكذلك الأُنثى ناشِئ، بغير هاءٍ أَيضاً، والجمع منهما نَشَأٌ مثل طالِبٍ وطَلَبٍ، وكذلك النَشْءُ مثل صاحِبٍ وصَحْبٍ. قال نُصَيْب في المؤَنث:

ولَوْلا أَنْ يُقَالَ صَبا نُصَيْبٌ،

 

لَقُلْتُ: بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ

وفي الحديث: نَشَأٌ يَتَّخِذُونَ القرآنَ مَزامِيرَ. يروى بفتح الشين جمع ناشِئ كخادِمٍ وخَدَمٍ؛ يريد: جماعةً أَحداثاً. وقال أَبو موسى: المحفوظُ بسكون الشين كأَنه تسمية بالمصدر. وفي الحديث: ضُمُّوا نَواشِئَكم في ثَوْرةِ العِشَاءِ؛ أَي صِبْيانَكم وأَحْداثَكُم. قال ابن الأَثير: كذا رواه بعضهم، والمحفوظ فَواشيَكُم، بالفاء، وسيأْتي ذكره في المعتل.
الليث: النَّشْءُ أَحْداثُ الناس، يقال للواحد أَيضاً هو نَشْءُ سَوْءٍ، وهؤلاء نَشْءُ سَوْءٍ؛ والناشِئ الشابُّ. يقال: فَتىً ناشِئ. قال الليث: ولم أَسمع هذا النعت في الجارية. الفرّاءُ: العرب تقول هؤلاء نَشْءُ صِدْقٍ، ورأَيت نَشْءَ صِدقٍ، ومررت بِنَشْءِ صدق، فإِذا طَرَحُوا الهمز قالوا: هؤلاء نَشُو صِدْقٍ، ورأيت نَشا صِدقٍ، ومررت بِنَشِي صِدقٍ.
وأَجْود من ذلك حذف الواو والأَلف والياء، لأَن قولهم يَسَلُ أَكثر من يَسأَلُ ومَسَلةٌ أَكثر من مَسْأَلة. أَبو عمرو: النَّشَأُ: أَحْداثُ الناس؛ غلامٌ ناشِئ وجارية ناشِئةٌ، والجمع نَشَأٌ. وقال شمر: نَشَأَ: ارْتَفَعَ. ابن الأَعرابي: الناشِئ: الغلام الحَسَنُ الشابُّ. أَبو الهيثم: الناشئ: الشابُّ حين نَشَأَ أَي بَلَغَ قامةَ الرجل. ويقال للشابِّ والشابَّة إذا كانوا كذلك: هم النَّشَأُ، يا هذا، والناشِئُونَ. وأَنشد بيت نصيب:

لَقُلْتُ بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ

وقال بعده: فالنَّشَأُ قد ارْتَفَعْنَ عن حَدِّ الصِّبا إلى الإدْراك أَو قَرُبْنَ منه.
نَشَأَتْ تَنَشَأُ نَشْأً، وأَنْشأَها اللّهُ إنْشاءً. قال: وناشِئ ونَشَأٌ: جماعة مثل خادِم وخَدَمٍ. وقال ابن السكيت: النَّشَأُ الجوارِي الصِّغارُ في بيت نُصَيْب. وقوله تعالى: أَوَمن يُنَشَّأُ في الحِلْيةِ. قال الفرّاءُ: قرأً أَصحاب عبد اللّه يُنَشَّأُ، وقرأَ عاصم وأَهل الحجاز يَنْشَأُ. قال: ومعناه أَنّ المشركين قالوا إنَّ الملائكةَ بناتُ اللّه، تعالى اللّهُ عَمّا افْتَرَوْا، فقال اللّه، عز وجل: أَخَصَصْتُم الرحمنَ بالبَناتِ وأَحَدُكم إذا وُلِدَ له بنتٌ يَسْوَدُّ وجهُه. قال: وكأَنه قال: أَوَمَن لا يُنَشَّأُ إلا في الحِلْيةِ، ولا بَيان له عند الخِصام، يعني البنات تجعلونَهنَّ للّه وتَسْتَأْثِرُون بالبنين.
والنَّشْئُ، بسكون الشين: صِغار الإِبل، عن كراع. وأَنْشَأَت الناقةُ، وهي مُنْشِءٌ: لَقِحَت، هذلية.
ونَشَأَ السحابُ نَشْأً ونُشُوءاً: ارتفع وبَدَا، وذلك في أَوّل ما يَبْدأُ. ولهذا السحاب نَشْءٌ حَسَنٌ، يعني أَوَّل ظهوره. الأَصمعي: خرج السحابُ له نَشْئٌ حَسَنٌ وخَرج له خُروجٌ حسن، وذلك أَوَّلَ ما يَنْشَأُ، وأَنشد:

إذا هَمَّ بالإقْلاعِ هَمَّتْ به الصَّبا،

 

فَعاقَبَ نَشْءٌ بَعْدَها وخُـروجُ

وقيل: النَّشْءُ أَن تَرى السَّحابَ كالمُلاء المَنْشُور. والنَّشْءُ والنَّشِيءُ: أَوَّلُ ما يَنْشَأُ من السحاب ويَرْتَفِعُ، وقد أَنْشَأَه اللّهُ. وفي التنزيل العزيز: ويُنْشِئ السَّحابَ الثِّقالَ. وفي الحديث: إذا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثم تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقةٌ. وفي الحديث: كان إذا رَأَى ناشِئاً في أَفُقِ السماءِ؛ أَي سَحاباً لم يَتكامَلِ اجتماعُه واصطحابُه. ومنه نَشَأَ الصبيُّ يَنْشَأُ، فهو ناشِئ، إذا كَبِرَ وشَبَّ، ولم يَتكامَلْ.
وأَنْشَاَ السَّحابُ يَمطُرُ: بَدَأَ. وأَنْشَأَ داراً: بَدَأَ بِناءَها. وقال ابن جني في تأْدِيةِ الأَمْثالِ على ما وُضِعَت عليه: يُؤَدَّى ذلك في كلِّ موضع على صورته التي أُنْشِئ في مَبْدَئِه عليها، فاسْتَعْمَلَ الإنْشَاءَ في العَرَضِ الذي هو الكلام.
وأَنْشَأَ يَحْكِي حديثاً: جَعَل. وأَنْشَأَ يَفْعَلُ كذا ويقول كذا: ابتَدَأَ وأَقْبَلَ. وفلان يُنْشِئ الأَحاديث أَي يضعُها. قال الليث: أَنْشَأَ فلان حديثاً أَي ابْتَدأَ حديثاً ورَفَعَه. ومنْ أَيْنَ أَنْشَأْتَ أَي خَرَجْتَ، عن ابن الأَعرابي. وأَنْشَأَ فلانٌ: أَقْبلَ. وأَنشد قول الراجز:

مَكانَ مَنْ أَنْشَا على الرَّكائبِ

أَراد أَنْشَأَ، فلم يَسْتَقِمْ له الشِّعرُ، فأَبدَل. ابن الأَعرابي: أَنْشَأَ إذا أَنشد شِعْراً أَو خَطَبَ خُطْبةً، فأَحْسَنَ فيهما. ابن السكيت عن أَبي عمرو: تَنَشَّأْتُ إلى حاجتي: نَهَضْتُ إليها ومَشَيْتُ. وأَنشد:

فلَمَّا أَنْ تَنَشَّأَ قـامَ خِـرْقٌ،

 

مِنَ الفِتْيانِ، مُخْتَلَقٌ، هضُومُ

قال: وسمعت غير واحد من الأَعراب يقول: تَنَشَّأَ فلان غادياً إذا ذهَب لحاجته. وقال الزجاج في قوله تعالى: وهو الذي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وغيرَ مَعْرُوشاتٍ؛ أَي ابْتَدَعَها وابْتَدَأَ خَلْقَها. وكلُّ مَنِ ابْتَدأَ شيئاً فهو أَنْشَأَه. والجَنَّاتُ: البَساتينُ. مَعَرُوشاتٍ: الكُروم. وغَيْرَ معْرُوشاتٍ: النَّخْلُ والزَّرْعُ.
ونَشَأَ الليلُ: ارتَفَع. وفي التنزيل العزيز: إنَّ ناشِئةَ الليل هي أَشَدُّ وطْأً وأَقُوَمُ قِيلاً. قيل: هي أَوَّل ساعةٍ، وقيل: الناشَئةُ والنَّشِيئةُ إذا نِمْتَ من أوَّلِ الليلِ نَوْمةً ثمَّ قمتَ، ومنه ناشِئةُ الليل. وقيل: ما يَنْشَأُ في الليل من الطاعات. والناشِئةُ: أَوَّلُ النهارِ والليلِ. أَبو عبيدة: ناشِئةُ الليلِ ساعاتُه، وهي آناءُ الليلِ ناشِئةٌ بعد ناشِئةٍ.
وقال الزجاج: ناشِئةٌ الليلِ ساعاتُ الليلِ كلُّها، ما نَشَأَ منه أَي ما حَدَثَ، فهو ناشِئَةٌ. قال أَبو منصور: ناشِئةُ الليلِ قِيامُ الليلِ، مصدر جاءَ على فاعِلةٍ، وهو بمعنى النَّشْء، مثلُ العافية بمعنى العَفْوِ. والعاقِبةِ بمعنى العَقْبِ، والخاتِمهِ بمعنى الخَتْمِ. وقيل: ناشِئةُ الليل أَوَّلُه، وقيل: كلُّه ناشئةٌ متى قمتَ، فقد نَشَأْتَ.
والنَّشِيئةُ: الرَّطْبُ من الطَّرِيفةِ، فإِذا يَبِسَ، فهو طَرِيفةٌ. والنَشِيئةُ أَيضاً: نَبْتُ النَّصِيِّ والصِّلِّيانِ. قال: والقَوْلانِ مُقْتَرِبانِ. والنَّشِيئةُ أَيضاً: التَّفِرةُ إذا غَلُظَتْ قَلِيلاً وارْتَفَعَتْ وهي رَطْبةٌ، عن أَبي حنيفة. وقال مرة: النَّشِيئةُ والنَّشَأَةُ من كلِّ النباتِ: ناهِضُه الذي لم يَغْلُظْ بعد. وأَنشد لابن مَناذرَ في وصف حمير وحش: أَرناتٍ، صُفْرِ المَناخِرِ والأشْ داقِ، يَخْضِدْنَ نَشْأَةَ اليَعْضِيدِ ونَشِيئَةُ البِئْر: تُرابُها المُخْرَجُ منها، ونَشِيئةُ الحَوْضِ: ما وراءَ النَّصائِب من التراب. وقيل: هو الحَجَر الذي يُجْعَلُ في أَسفل الحَوْضِ. وقيل: هي أَعْضادُ الحَوض؛ والنَّصائبُ: ما نُصِبَ حَوْلَه.
وقيل: هو أَوَّل ما يُعْمَلُ من الحَوْضِ، يقال: هو بادِي النَّشِيئةِ إذا جَفَّ عنه الماءُ وظَهَرت أَرْضُه. قال ذو الرمة: هَرَقْناهُ في بادِي النَّشِيئةِ، دائِرٍ، قَديمٍ بِعَهْدِ الماءِ، بُقْعٍ نَصائِبُهْ يقول: هَرَقْنا الماءَ في حوضٍ بادِي النَّشِيئةِ. والنَّصائبُ: حِجارة الحَوْضِ، واحدتها نَصِيبةٌ. وقوله: بُقْعٍ نَصائبُه: جَمْع بَقْعاء، وجَمَعَها بذلك لِوُقُوع النَّظَرِ عليها. وفي الحديث: أَنه دَخَل على خَديجةَ خَطَبَها، ودَخَل عليها مُسْتَنْشِئةٌ مِنْ مُوَلَّداتِ قُرَيْشٍ. قال الأَزهري: هي اسم تِلْكَ الكاهِنةِ. وقال غيره: المُسْتَنْشِئةُ: الكاهِنةُ سُمّيت بذلك لأَنها كانت تَسْتَنْشِئ الأَخْبَارَ أَي تَبْحَثُ عنها وتَطْلُبها، من قولك رجل نَشْيانُ للخَبَرِ. ومُسْتَنْشِئةٌ يهمز ولا يهمز. والذِّئب يَسْتَنْشِئ الرِّيحَ، بالهمز.
قال: وإَنما هو من نَشِيتُ الرِّيح، غير مهموز، أَي شَمِمْتُها.
والاسْتِنْشاءُ، يهمز ولا يهمز، وقيل هو من الإِنْشَاءِ: الابْتِداءِ. وفي خطبة المحكم: ومما يهمز مما ليس أَصله الهمز من جهة الاشتقاق قولهم: الذئب يَسْتَنْشِئ الرِّيحَ، وإنما هو من النَّشْوةِ؛ والكاهِنةُ تَسْتَحْدِثُ الأُمورَ وتُجَدِّدُ الأَخْبارَ. ويقال: من أَيْنَ نَشِيتَ هذا الخَبَرَ، بالكسر من غير همز، أَي من أَيْنَ عَلِمْتَه. قال ابن الأَثير وقال الأَزهريّ: مُسْتَنْشِئةُ اسم عَلَم لتِلك الكاهِنةِ التي دَخَلت عليها، ولا يُنَوَّن للتعريف والتأْنيث. وأَما قول صخر الغي: تَدَلَّى عليه، مِنْ بَشامٍ وأَيْكةٍ نَشاةِ فُرُوعٍ، مُرْثَعِنّ الذَّوائِبِ يجوز أَن يكون نَشْأَةٌ فَعْلَةً مِنْ نَشَأَ ثم يُخفَّفُ على حدِّ ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم الكماةُ والمَراةُ، ويجوز أَن يكون نَشاة فَعْلة فَتَكون نَشاة مِنْ أَنْشَأْتُ كطاعةٍ من أَطَعْتُ، إِلا أَنّ الهمزة على هذا أُبدِلت ولم تخفف. ويجوز أَن يكون من نَشا يَنْشُو بمعنى نَشَأَ يَنْشَأُ، وقد حكاه قطرب، فتكون فَعَلةً من هذا اللفظ، ومِنْ زائدةٌ، على مذهب الأَخفش، أَي تَدَلَّى عليه بَشامٌ وأَيْكةٌ. قال: وقياس قول سيبويه أن يكون الفاعل مضمراً يدل عليه شاهد في اللفظ؛ التعليل لابن جني. ابن الأَعرابي: النَّشِيءُ رِيح الخَمْر.
قال الزجاج في قوله تعالى: وله الجَوارِ المُنْشآتُ، وقُرئ المُنْشِئاتُ، قال: ومعنى المُنْشَآتُ: السُّفُنُ المَرْفُوعةُ الشُّرُعِ. قال: والمُنْشِئاتُ: الرَّافِعاتُ الشُرُعِ.
وقال الفرّاءُ: من قرأَ المُنْشِئاتُ فَهُنَّ اللاَّتِي يُقْبِلْنَ ويُدْبِرْنَ، ويقال المُنْشِئاتُ: المُبْتَدِئاتُ في الجَرْي. قال: والمُنْشَآتُ أُقْبِلَ بِهنَّ وأُدْبِرَ. قال الشماخ: عَلَيْها الدُّجَى مُسْتَنْشَآتٍ، كَأَنَّها هَوادِجُ، مَشْدُودٌ عَلَيْها الجَزاجِزُ يعني الزُّبَى المَرْفُوعات. والمُنْشَآتُ في البَحْرِ كالأَعْلامِ.
قال: هي السُّفُنُ التي رُفِعَ قَلْعُها، وإذا لم يُرفع قَلْعُها، فليست بِمُنْشآتٍ، واللّه أَعلم.

نشا

النَّشا، مقصور: نَسِيم الرِّيح الطيبة، وقد نَشِيَ منه ريحاً طيبة نِشْوةً ونَشْوة أَي شَمِمْت؛ عن اللحياني؛ قال أَبو خِراش الهُذلي:

ونَشِيتُ رِيحَ المَوْتِ مِن تِلْقائِهمْ

 

وخَشِيتُ وَقْعَ مُهَنَّدٍ قِرْضابِ

قال ابن بري: قال أَبو عبيدة في المَجاز في آخر سورة ن والقلم: إَنَّ البت لقَيْس بن جَعْدة الخُزاعي. واسْتَنْشَى وتَنَشَّى وانْتَشَى. وأَنْشَى الضَّبُّ الرجلَ: وجَدَ نِشْوَتَه، وهو طَيِّب النِّشْوةِ والنَّشْوةِ والنِّشْيةِ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، أَي الرائحة، وقد تكون النِّشوة في غير الريح الطيبة. والنَّشا، مقصْور: شيء يعمل به الفالوذَجُ، فارسي معرب، يقال له النَّشاسْتَج، حذف شطره تخفيفاً كما قالوا للمَنازِل مَنا، سمي بذلك لخُموم رائحته. ونشِيَ الرجل من الشراب نَشْواً ونُشْوةً ونَشوةً ونِشْوةً؛ الكسر عن اللحياني، وتَنَشَّى وانْتَشَى كله: سَكِرَ، فهو نَشْوان؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

إِني نَشِيتُ فما أَسْطِيعُ مِن فَلَتٍ

 

حتى أُشَقِّقَ أَثْوابي وأَبْـرادِي

ورجل نَشْوانُ ونَشْيانُ، على المُعاقبة، والأُنثى نَشْوَى، وجمعها نَشاوَى كسَكارَى؛ قال زهير:

وقد أَغْدُو على ثُبةٍ كِرامٍ

 

نَشاوَى واجِدينَ لِما نَشاء

واسْتَبانَتْ نَشْوَتُه، وزعم يونس أَنه سمع نِشْوته. وقال شمر: يقال من الرِّيح نِشْوةٌ ومن السُّكْر نَشْوةٌ. وفي حديث شرب الخمر: إِن انْتَشَى لم تُقْبل له صلاةٌ أَربعين يوماً؛ الانْتِشاء: أَول السُّكر ومُقدَّماته، وقيل: هو السكر نفْسُه، ورجل نَشْوانُ بيِّن النَّشْوة. وفي الحديث: إِذا اسْتَنشَيت واسْتَنْثَرْت أَي اسْتَنْشَقْت بالماء في الوضوء، من قولك نَشِيت الرائحة إذا شَمِمْتَها. أَبو زيد: نَشِيت منه أَنْشَى نشوة، وهي الرِّيح تجدها، واسْتَنْشَيْتُ نَشا رِيح طيبة أَي نَسِيمها؛ قال ذو الرمة:

وأَدْرَك المُتَبَقَّى مِنْ ثَمِيلَـتِـه

 

ومِن ثمائِلها، واسْتُنْشِيَ الغَرَبُ

وقال الشاعر:

وتَنْشَى نَشا المِسْك في فـارةٍ

 

وريحَ الخُزامَى على الأَجْرَع

قال ابن بري: قال على بن حمزة يقال للرائحة نَشوة ونَشاة ونَشاً؛ وأَنشد:

بآيةِ ما إِنَّ النَّقا طَـيِّبُ الـنَّـشـا

 

إِذا ما اعْتراه، آخِرَ اللَّيل، طارِقُهْ

قال أَبو زيد: النَّشا حِدَّة الرائحة، طيبة كانت أَو خبيثة؛ فمن الطيب قول الشاعر:

بآية ما إِن النقا طيب النشا

ومن النَّتْن النَّشا، سمي بذلكَ لنَتْنِه في حال عمله، قال: وهذا يدل على أَن النَّشا عربي وليس كما ذكره الجوهري، قال: ويدلك على أَن النَّشا ليس هو النَّشاسْتَج، كما زعم أَبو عبيدة في باب ضروب الأَلوان من كتاب الغريب المصنف الأُرْجُوان: الحُمْرة، ويقال الأُرْجُوان النَّشاستج، وكذلك ذكره الجوهري في فصل رجا فقال: والأُرْجوان صبغ أَحمر شديد الحمرة؛ قال أَبو عبيد: وهو الذي يقال له النشاستج، قال: والبَهْرَمان دونه؛ قال ابن بري: فثبت بهذا أَن النشاستج غير النَّشا. والنِّشْوة: الخَبَرُ أَوّل ما يَرِدُ. ورجل نَشْيانُ بَيِّن النِّشوة: يتَخَبَّرُ الأَخبار أَوَّلَ ورُودها، وهذا على الشذوذ، إِنما حكمه نَشْوان، ولكنه من باب جَبَوْت المال جباية. الكسائي: رجل نَشْيانُ للخبر ونَشْوان، وهو الكلام المُعْتَمد.
ونَشِيت الخبر إذا تَخبَّرت ونظرتَ من أَين جاء. ويقال: من أَين نَشِيتَ هذا الخبرَ أَي من أَين علمته؟ الأَصمعي: انْظُر لنا الخبر واستَنْشِ واستَوْشِ أَي تعَرَّفْه. ورجل نَشْيانُ للخبر بيِّن النِّشوة، بالكسر، وإِنما قالوه بالياء للفرق بينه وبين النَّشْوانِ، وأصل الياء في نَشِيت واو، قلبت ياء للكسرة. قال شمر: ورجل نَشْيانُ للخبَر ونَشْوانُ من السُّكر، وأَصلهما الواو ففَرقوا بينهما. الجوهري: ورجل نَشْوان أَي سَكران بيِّن النَّشوة، بالفتح. قال: وزعم يونس أَنه سمع فيه نِشْوة، بالكسر، وقول سنان بن الفحل:

وقالوا: قد جُنِنْتَ، فقلت: كَلاَّ

 

ورَبي ما جُنِنْتُ، ولا انْتشَيْتُ

يريد: ولا بَكَيْتُ من سكر؛ وقوله:

من النَّشَواتِ والنَّشَإِ الحِسانِ

أَراد جمع النَّشْوة.وفي الحديث: أَنه دخل على خَديجةَ خَطَبها ودخلَ عليها مُسْتَنْشِيةٌ من مُوَلَّدات قُريش، وقد روي بالهمز، وقد تقدَّم. والمُسْتَنْشِيةُ: الكاهِنةُ سميت بذلك لأَنها كانت تَسْتَنْشِي الأَخبارَ أَي تبحَث عنها، من قولك رجل نَشْيانُ للخبر. يعقوب: الذئب يَسْتَنْشِئ الريح، بالهمز، قال: وإِنما هو من نَشِيت غير مهموز. ونَشَوْتُ في بني فلان: رُبِّيتُ، نادر، وهو محوّل من نشأْت، وبعكسه هو يَسْتَنْشِئ الريح، حوّلوها إِلى الهمزة. وحكى قطرب: نَشا يَنْشُو لغة في نشأَ ينشأُ، وليس عنده على التحويل.
والنَّشاة: الشجرة اليابسة، إِما أَن يكون على التحويل، وإِما أَن يكون على ما حكاه قطرب؛ قال الهذلي:

تَدَلَّـى عَـلَـيْه مـن بَـشــام

 

وأَيْكةٍ نَشاة فُرُوعٍ مُرْثَعِنِّ الذَّوائِبِ

والجمع نَشاً. والنَّشْوُ: اسم للجمع؛ أَنشد:

كأَنَّ على أَكتافِهِم نَشْوَ غَرْقَـدٍ

 

وقد جاوَزُوا نَيَّانَ كالنَّبَطِ الغُلْفِ

نشب

نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ، بالكسر، نَشَباً ونُشوباً ونُشْبةً: لم يَنْفُذْ؛ وأَنْشَبَه ونَشَبَه؛ قال:

هُمُ أَنْشَبُوا صُمَّ القَنا في صُـدُورِهِـم،

 

وبِيضاً تَقِيضُ البَيْضَ من حيثُ طائرُهْ

وأَنْشَبَ البازي مَخالِبَه في الأَخيذَة. ونَشِبَ فلانٌ مَنْشَبَ سَوْءٍ إذا وَقَعَ فيما لا مَخْلَص منه؛ وأَنشد:

وإِذا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفارَها،

 

أَلْفَيْتَ كلَّ تَميمةٍ لا تَنْفَـعُ

ونَشَّبَ في الشيءِ، كنَشَّمَ؛ حكاهما اللحياني، بعد أَن ضَعَّفَهما.
قال ابن الأَعرابي قال الحرث بن بَدْرٍ الغُدانيُّ: كنتُ مَرَّةً نُشْبَةً، وأَنا اليوم عُقْبَةٌ أَي كنتُ مَرَّةً إذا نَشِبْتُ أَي عَلِقْتُ بإِنسان لَقِيَ مني شرّاً، فقد أَعْقَبْتُ اليومَ، ورَجَعْتُ.
والمِنْشَبُ، والجمعُ المَناشِبُ: بُسْرُ الخَشْوِ. قال ابن الأَعرابي: المِنْشَبُ الخَشْوُ؛ يقال: أَتَوْنا بخَشْوٍ مِنْشَبٍ يأْخُذُ بالحَلْق. الليث: نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ نَشَباً، كما يَنْشَبُ الصَّيْدُ في الحِبالة. الجوهري: نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ، بالكسر، نُشوباً أَي عَلِقَ فيه؛ وأَنْشَبْتُه أَنا فيه أَي أَعْلَقْتُه، فانْتَشَب؛ وأَنْشَبَ الصائدُ: أَعْلَقَ. ويقال: نَشِبَت الحربُ بينهم؛ وقد ناشَبه الحرْبَ أَي نابَذَه. وفي حديث العباس، يوم حُنَيْنٍ: حتى تَناشَبُوا حَولَ رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَي تَضامُّوا، ونَشِبَ بعضُهم في بعض أَي دَخَلَ وتَعَلَّقَ. يقال: نَشِبَ في الشيءِ إذا وَقَعَ فيما لا مَخْلَص له منه.
ولم يَنْشَبْ أَنْ فَعَل كذا أَي لم يَلْبَثْ؛ وحقيقتُه لم يَتَعَلَّقْ بشيءٍ غيره، ولا اشتغل بسواه. وفي حديث عائشةَ وزينبَ: لم أَنْشَبْ أَن أَثْخَنْتُ عليها. وفي حديث الأَحْنَفِ: أَنَّ الناسَ نَشِبُوا في قتل عثمان أَي عَلِقُوا. يقال: نَشِبَتِ الحرْبُ بينهم نُشُوباً: اشْتَبَكَتْ.
وفي الحديث: أَن رجلاً قال لشُرَيح: اشتريتُ سِمْسِماً، فنَشِبَ فيه رجلٌ، يعني اشتراه؛ فقال شُرَيْحٌ: هو للأَوَّل؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

وتِلْكَ بَنُو عَدِيٍّ قد تَأَلَّوْا،

 

فيا عَجَبا لناشبةِ المَحالِ،

فسره فقال: ناشِبةُ المَحالِ البَكْرَةُ التي لا تجْري أَي امْتَنَعُوا منا، فلم يُعِينُونا؛ شَبَّهَهُم في امتِناعِهِم عليه، بامتِناعِ البَكْرَة من الجَرْي.
والنُّشَّابُ: النَّبْلُ، واحدتُه نُشَّابة.
والناشِبُ: ذو النُّشَّاب، ومنه سمي الرجل ناشِباً.
والناشِبةُ: قومٌ يَرْمونَ بالنُّشَّابِ.
والنُّشَّابُ: السِّهامُ. وقوم نَشَّابة: يَرْمُونَ بالنُّشَّابِ، كل ذلك على النَّسَب لأَنه لا فعل له، والنَّشَّابُ مُتَّخِذُه.
والنُّشْبَةُ من الرجال: الذي إذا نَشِبَ بشيءٍ، لم يَكَدْ يُفارِقُه.
والنَّشَبُ والمَنْشَبةُ: المالُ الأَصيلُ من الناطقِ والصامت. أَبو عبيد: ومن أَسماءِ المال عندهم، النَّشَبُ والنَّشَبَةُ؛ يقال: فلانٌ ذو نَشَبٍ، وفلانٌ ما له نَشَبٌ. والنَّشَبُ: المالُ والعَقارُ.
وأَنْشَبَتِ الريحُ: اشْتَدَّتْ وسافتِ الترابَ.
وانْتَشَبَ فلانٌ طعاماً أَي جَمَعَه، واتَّخذ منه نُشَباً. وانْتَشَبَ حَطَباً: جَمَعَه؛ قال الكميت:

وأَنْفَدَ النملُ بالصَّـرائم مـا

 

جَمَّعَ، والحاطِبون ما انتَشَبوا

ونُشْبَةُ: من أَسماءِ الذِّئْب. ونُشْبة، بالضم: اسم رجل، وهو نُشْبة بنُ غَيْظِ بنِ مُرَّةَ بنِ عَوف بنِ سعدِ بنِ ذِبْيانَ، واللّه أَعلم.

نشج

النَّشِيج: الصَّوت. والنَّشِيج: أَشدُّ البُكاء، وقيل: هي مَأَقَةٌ يرتفع لها النفَسُ كالفُؤَاق. وقال أَبو عبيد: النَّشِيجُ مِثْلُ البُكاء للصبيِّ إذا رَدَّدَ صوتَه في صدرِه ولم يُخْرجه. وفي حديث عمر، رحمه الله: أَنه صلى الفجرَ بالناس فقَرأَ سورة يوسف، حتى إذا جاء ذِكرُ يوسف بَكى حتى سُمِعَ نَشِيجُه خَلْفَ الصُّفوف؛ والفعْلُ من ذلك كلِّه نَشَجَ يَنْشِجُ. وفي حديثه الآخرِ: فنَشَجَ حتى اختَلَفَتْ أَضلاعُه. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضي الله عنهما: شَجِيّ النَّشِيجِ؛ أَرادت أَنه كان يُحْزِنُ مَن يسمعه يَقرأُ. أَبو عبيد: النَّشِيجُ مِثْلُ بُكاءِ الصبيِّ إذا ضُرِبَ فلم يُخْرِجْ بكاءَه وردَّدَه في صدرِه، ولذلك قيل لِصَوت الحمار: نَشِيج. ابن الأَعرابي: النَّشِيجُ من الفَمِ، والخَنِينُ والنَّخِيرُ من الأَنْفِ. ونَشَجَ الباكي يَنْشِجُ نَشْجاً ونَشِيجاً إذا غُصَّ بالبُكاءِ في حَلقِه من غير انْتِحابٍ؛ وفي التهذيب: وهو إذا غَصَّ البُكاءَ في حَلْقِه عند الفَزْعة. وفي حديث وَفاةِ النبي، صلى الله عليه وسلم: فَنَشَجَ الناسُ يبكون؛ النَّشِيجُ: صوتٌ معه تَوَجُّعٌ وبُكاءٌ كما يُرَدِّدُ الصبيُّ بُكاءَه ونَحيبَه في صدرِه. والطَّعْنَة تَنْشِجُ عند خروج الدَّمِ: تَسْمَعُ لها صَوتاً في جَوفِها، والقِدْرُ تَنْشِجُ عند الغَلَيانِ. وعَبْرةٌ نُشُجٌ: لها نَشِيجٌ. والحِمار يَنْشِجُ نَشِيجاً عند الفَزَعِ؛ وقال أَبو عبيد: هو صَوتُ الحِمارِ، مِن غير أَن يَذكُرَ فزَعاً. ونَشَجَ الحمارُ بصوتِه نَشِيجاً: ردَّدَه في صَدرِه؛ وكذلك نَشَجَ الزِّقُّ والحُبُّ والقِدرُ إذا غَلى ما فيه حتى يُسْمَع له صوتٌ.
والضِّفْدَعُ يَنْشِجُ إذا رَدَّد نَقْنَقَتَه؛ قال أَبو ذؤيب يَصِفُ ماءَ مَطَر:

ضَفادِعُه غُرْقَى، رِواءٌ كأَنها

 

قِيانُ شُروبٍ، رَجْعُهنَّ نَشِيج

أَي رَجْعُ الضَّفادِع، وقد يَجوز أَن يكونَ رَجْعَ القِيانِ. ونَشَجَ المُطَرِّبُ يَنْشِجُ نَشِيجاً: جاشَتْ به قال أَبو ذؤيب يصف قُدوراً:

لَهُنَّ نَشِيجٌ بالنَّشِـيلِ، كـأَنـهـا

 

ضَرائِرُ حِرْمِيٍّ، تَفاحَش غارُها

والنَّشِيجُ: مَسِيلُ الماء والجمع أَنْشاج. أَبو عمرو: الأَنْشاجُ مَجاري الماءِ، واحدها نَشَجٌ، بالتحريك؛ وأَنشد شمر:

تَأَبَّدَ لأْيٌ مِنهمُ فَعُـتـائِدُهْ،

 

فذو سَلَمٍ أَنْشاجُه، فسَواعِدُهْ

والنَّشِيجُ: صَوتُ الماء يَنْشِجُ، ونُشُوجُه في الأَرض أَن يُسْمَعَ له صوتٌ؛ قال هميان:

حتى إذا ما قَضَتِ الحَوائِجا،

ومَلأَتْ حُلاَّبُها الخَلانِجا

منها، وثَمُّوا الأَوْطُبَ النَّواشِجا

ثَمُّوا: أَصْلَحوا.
والنُّوشَجانُ: قبيلة أَو بلدٌ؛ قال ابن سيده: وأُراه فارسيّاً.

نشح

نَشَحَ الشاربُ يَنْشَحُ نَشْحاً ونُشُوحاً وانْتَشَح إذا شرب حتى امتلأَ؛ وقيل: نَشَحَ شَرب شُرْباً قليلاً دون الريّ؛ قال ذو الرمة: فانْصاعتِ الحُقْبُ لم تَقْصَعْ صَرائِرَها، وقد نَشَحْنَ، فلا رِيٌّ ولا هِيمُ وفي حديث أَبي بكر قال لعائشة، رضي الله عنهما: انْظُري ما زاد من مالي فَرُدِّيه إِلى الخليفة بعدي، فإِني كنت نَشَحْتُها جُهْدي أَي أَقللت من الأَخذ منها. والنَّشْحُ: الشرب القليل. ونَشَحَ بعيرَه: سقاه ماء قليلاً، والاسم النَّشُوحُ من قولك نَشَحَ إذا شرب شُرْباً دون الرِّيِّ؛ قال أَبو النجم يصف الحمير:

حتى إذا ما غَيَّبتْ نَشُوحا

وأَورد الجوهري هذا البيت على النَّشُوح الماء القليل. وقال: معناه أَي أَدخلت أَجوافها شراباً غَيَّبَتْه فيه؛ وقيل: النَّشُوح، بالفتح، الماءُ القليل.
قال الأَزهري: وسمعت أَعرابيّاً يقول لأَصحابه: أَلا وانْشَحُوا خيلَكم نَشْحاً أَي اسقوها سَقْياً يَفْثَأُ غُلَّتَها وإِن لم يُرْوِها؛ قال الراعي يذكر ماءً وَرَدَه:

نَشَحْتُ بها عَنْساً تَجافى أَظَلُّهـا

 

عن الأُكْمِ، إِلا ما وَقَتْها السَّرائِحُ

والنَّشْحُ: العرق؛ عن كراع.
وسِقاءٌ نَشَّاحٌ: رَشَّاح نَضَّاح.

نشد

نَشَدْتُ الضَّالَّةَ إذا ناديتَ وسَأَلتَ عنها. ابن سيده: نَشَدَ الضَّالَّةَ يَنْشُدُها نِشْدَةً ونِشْداناً طَلَبَها وعرَّفَها. وأَنْشَدَها: عَرَّفَها؛ ويقال أَيضاً: نَشَدْتُها إذا عَرَّفْتها؛ قال أَبو دواد:

ويُصِيخُ أَحْياناً، كمـا اسْ

 

تَمَعَ المُضِلُّ لِصَوتِ ناشِدْ

أَضَلَّ أَي ضَلَّ له شيء، فهو يَنْشُدُه. قال: ويقال في الناشد: إِنه المُعَرِّفُ. قال شمر: وروي عن المفضل الضبِّي أَنه قال: زعموا أَن امرأَة قالت لابنتها: احفظي بنتك ممن لا تَنْشُدِين أَي لا تَعْرِفين. قال الأَصمعي: كان أَبو عمرو بن العلاء يَعْجَبُ من قول أَبي دُواد:

كما اسْتَمَعَ المُضِلُّ لِصَوْتِ ناشِد

قال: أَحسبه قال هذا وغيره أَراد بالناشد أَيضاً رجلاً قد ضَلَّتْ دابَّتُه، فهو يَنْشُدُها أَي يَطلبها لِيَتَعَزَّى بذلك؛ وأَما ابن المُظفر فإِنه جعل الناشد المعرِّف في هذا البيت؛ قال: وهذا من عجيب كلامهم أَن يكون الناشِدُ الطالِبَ والمُعَرِّفَ جميعاً، وقيل: أَنْشَدَ الضَّالة اسْترشَدَ عنها، وأَنشد بيت أَبي دواد أَيضاً. قال ابن سيده: الناشِدُ هنا المُعَرِّفُ، قال: وقيل الطالب لأَن المُضِلَّ يشتهي أَن يجد مُضِلاً مثله ليتعزى به، وهذا كقولهم الثَّكْلَى تُحِبُّ الثَّكْلَى. والناشدون: الذين يَنْشُدُون الإِبل ويطلبون الضوالَّ فيأْخذونها ويحْبِسونها على أَربابها؛ قال ابن عرس:

عِشْرُونَ أَلفاً هَلَكُوا ضَيْعَةً،

 

وأَنْتَ مِنْهُمْ دَعْوَةُ الناشِـدِ

يعني قوله: أَين ذَهَبَ أَهلُ الدارِ أَن انْتَوَوْا كما يقول صاحب الضَّالّ: مَنْ أَصابَ؟ مَنْ أَصابَ؟ فالناشِدُ الطالب، يقال منه: نَشَدْتُ الضَّالَّة أَنشُدُها وأَنْشِدُها نَشْداً ونِشْداناً إذا طَلَبْتها، فأَنا ناشِدٌ، وأَنْشَدْتُها فأَنا مُنْشِدٌ إذا عَرَّفْتَها. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، وذِكْرِه حَرَمَ مَكَّةَ فقال: لا يُخْتلى خَلاها ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إِلا لمُنْشِد؛ قال أَبو عبيد: المُنْشِدُ المُعَرِّفُ. قال: والطالب هو الناشد. قال: ومما يُبَيِّنُ لك أَن الناشدَ هو الطالبُ حديثُ النبي، صلى الله عليه وسلم، حين سمع رجلاً يَنْشُد ضالَّة في المَسْجِد فقال: يا أَيها الناشِدُ، غيرك الواجِد؛ معناه لا وجَدْت، وقال ذلك تأْديباً له حيث طلب ضالته في المسجد، وهو من النَّشِيدِ رفْع الصَّوْتِ. قال أَبو منصور: وإِنما قيل للطالب ناشد لرفع صوته بالطلب.
والنَّشِيدُ: رَفْعُ الصَّوْت، وكذلك المعَرِّفُ يرفع صوته بالتعريف فسمي مُنْشِداً؛ ومن هذا إِنشاد الشعر إِنما هو رفع الصوت. وقولهم: نَشَدْتُك بالله وبالرَّحِم، معناه: طلبت إِليك بالله وبحق الرَّحِم برفع نشيدي أَي صوتي. وقال أَبو العباس في قولهم: نشدتك الله، قال: النشيد الصوت، أَي سأَلتك بالله برفع نشيدي أَي صوتي. قال: وقولهم نشدت الضالة أَي رفعت نشيدي أَي صوتي بطلبها. قال: ومنه نَشَدَ الشِّعْر وأَنشده، فنَشده: أَشاد بذكره، وأَنشده إذا رفعه، وقيل في معنى قوله، صلى الله عليه وسلم: ولا تحل لقطتها إِلا لمنشد، قال: إِنه فَرَقَ بقوله هذا بين لُقَطةِ الحرم ولقطة سائر البُلْدانِ لأَنه جعل الحُكْم في لقطة سائر البلاد أَنَّ ملتقطها إذا عرّفها سنة حلَّ له الانتفاع بها، وجَعَلَ لُقَطَةَ حَرمِ الله محظوراً على مُلْتَقِطِها الانتفاعُ بها وإِن طال تعريفه لها، وحَكَمَ أَنه لا يحل لأَحد التقاطها إِلا بنيَّة تعريفها ما عاشَ، فأَما أَن يأْخذها من مكانها وهو ينوي تعريفها سنة ثم ينتفع بها كما ينتفع بلقطة سائر الأَرض فلا؛ قال الأَزهري: وهذا معنى ما فسره عبد الرحمن بن مهديّ وأَبو عبيد وهو الأَثر. غيره: ونَشَدْتُ فلاناً أَنْشُدُه نَشْداً إذا قلت له نَشَدْتُك اللَّهَ أَي سأَلتك بالله كأَنك ذكَّرْتَه إِياه فَنَشَدَ أَي تَذَكَّرَ؛ وقول الأَعشى:

رَبِّي كَرِيمٌ لا يُكَدِّرُ نِـعْـمَةً،

 

وإِذا تُنُوشِدَ في المَهارِقِ أَنْشَدَا

قال أَبو عبيد: يعني النعمان بن المنذر إذا سئل بكَتْبِ الجَوائِز أَعْطى. وقوله تُنُوشِدَ هو في موضع نُشِدَ أَي سُئِلَ. التهذيب: الليث: يقال نشد ينشد فلان فلاناً إذا قال نَشَدْتُكَ باللهِ والرَّحِم. وتقول: ناشَدْتُكَ اللَّهَ. وفي المحكم: نَشَدْتُكَ الله نَشْدَةً ونِشْدَةً ونِشْداناً اسْتَحْلَفْتُكَ بالله، وأَنشدُك بالله إِلا فَعَلْتَ: أَستَحْلِفُكَ بالله. ونَشْدَكَ الله أَي أَنْشُدُكَ بالله؛ وقد ناشَدَه مُناشَدةً ونِشاداً. وفي الحديث: نَشَدْتك الله والرَّحِم أَي سأَلتُكَ بالله والرَّحِمِ. يقال: نَشَدْتُكَ الله وأَنْشُدُك الله وبالله وناشَدتُك اللَّهَ وبالله أَي سأَلتُك وأَقْسَمْتُ عليك. ونَشَدْتُه نِشْدَةً ونِشْداناً ومِناشَدَةً، وتَعْدِيَتُه إِلى مفعولين إِما لأَنه بمنزلة دعوت، حيث قالوا نشدتك الله وبالله، كما قالوا دَعَوْتُه زيداً وبزيد إِلا أَنهم ضمَّنوه معنى ذكَّرْت. قال: فأَما أَنشدتك بالله فخطأٌ: ومنه حديث قَيْلَة: فنشدت عليه فسأَلتُه الصُّحْبَة أَي طَلَبْتُ منه. وفي حديث أَبي سعيد: أَنَّ الأَعضاء كلَّها تُكَفِّرُ اللسانَ تقول: نِشْدَكَ الله فينا؛ قال ابن الأَثير: النِّشْدَةُ مصدر وأَما نِشْدَك فقيل إِنه حَذَفَ منها التاء وأَقامها مُقامَ الفِعْل، وقيل: هو بناء مرتجل كقِعْدَك اللَّهَ وعَمْرَكَ الله. قال سيبويه: قولهم عَمْرَكَ الله وقِعدَك اللَّهَ بمنزلة نِشْدَك الله، وإِن لم يُتَكلم بِنِشْدَك، ولكن زعم الخليل أَن هذا تمثيل تُمُثِّل به قال: ولعل الراوي قد حرف الرواية عن نَنْشُدُكَ الله، أَو أَراد سيبويه والخليل قلة مجيئه في الكلام لا عدمه، أَولم يبلغْهما مَجِيئُه في الحديث فحُذِفَ الفِعْلُ الذي هو أَنشدك الله وَوُضِعَ المصْدَرُ موضعه مضافاً إِلى الكاف الذي كان مفعولاً أَول. وفي حديث عثمان: فأَنْشَدَ له رِجالٌ أَي أَجابوه. يقال: نَشَدْتُه فأَنْشَدَني وأَنْشَدَ لي أَي سأَلْتُه فأَجابني، وهذه الأَلِف تسمى أَلِفَ الإِزالة. يقال: قَسَطَ الرجل إذا جارَ، وأَقْسَطَ إذا عَدَلَ، كأَنه أَزال جَوْرَه وأَزال نَشِيدَه، وقد تكرّرت هذه اللفظة في الأَحاديث على اختلاف تصرُّفها؛ وناشَدَه الأَمرَ وناشَدَه فيه. وفي الخبر: أَن أُمّ قيس بن ذريح أَبْغَضَتْ لُبْنَى فناشَدَتْه في طَلاقِها، وقد يجوز أَن تكون عَدَّتْ بفي لأَنَّ في ناشَدَتْ مَعْنى طَلَبَتْ ورَغِبَتْ وتَكَلَّمَتْ؛ وأَنشد الشعر. وتناشدوا: أَنشد بعضهم بعضاً.
والنَّشِيدُ: فَعِيلٌ بمعنى مُفْعَل. والنشيدُ: الشعر المتناشد بين القوم ينشد بعضهم بعضاً؛ قال الأُقيشر الأَسدي:

ومُسَوّف نَشَدَ الصَّبُوحَ صَبَحْتُه،

 

قَبْلَ الصَّباح، وقَبْلَ كلِّ نِـداءِ

قال: المسوّف الجائع ينظر يَمْنَةً ويَسْرَةً. نَشَدَه: طلبه؛ قال الجعدي:

أَنْشُدُ الناسَ ولا أُنْشِدُهم،

 

إِنَّما يَنْشُدُ مَنْ كانَ أَضَلْ

قال: لا أُنْشِدُهم أَي لا أَدُلُّ عليهم. ويَنْشُدُ: يَطْلُبُ.
والنَّشِيدُ من الأَشعار: ما يُتناشَدُ. وأَنْشَدَ بِهِمْ. هَجَاهُمْ. وفي الخبر أَن السَّليطِيِّينَ قالوا لِغَسَّانَ: هذا جرير يُنْشِدُ بنا أَي يَهْجُونا؛ واسْتَنْشَدْتُ فلاناً شعره فأَنشدنيه. ومِنْشِدٌ: اسم موضع؛ قال الراعي: إِذا ما انْجَلَتْ عنهُ غَدَاةً ضَبابةٌ، غَدا وهو في بَلْدٍ خَرانِقِ مُنْشِدِ

نشر

النَّشْر: الرِّيح الطيِّبة؛ قال مُرَقِّش:

النَّشْر مِسْك، والوُجُوه دَنـا

 

نِيرٌ، وأَطرافُ الأَكفِّ عَنَمْ

أَراد: النَّشْرُ مثلُ ريح المسك لا يكون إِلا على ذلك لأَن النشر عَرضٌ والمسك جوهر، وقوله: والوُجوه دنانير، الوجه أَيضاً لا يكون ديناراً إِنما أَراد مثل الدنانير، وكذلك قال: وأَطراف الأَكف عَنَم إِنما أَراد مثلَ العَنَم لأَن الجوهر لا يتحول إِلى جوهر آخر، وعَمَّ أَبو عبيد به فقال: الَّشْر الريح، من غير أَن يقيّدها بطيب أَو نَتْن، وقال أَبو الدُّقَيْش: النَّشْر ريح فَمِ المرأَة وأَنفها وأَعْطافِها بعد النوم؛ قال امرؤُ القيس:

كأَن المُدامَ وصَوْبَ الغَـمَـامِ

 

ورِيحَ الخُزامى ونَشْرَ القُطُرْ

وفيالحديث: خرج معاوية ونَشْرُه أَمامَه، يعني ريحَ المسك؛ النَّشْر، بالسكون: الريح الطيبة، أَراد سُطوعَ ريح المسك منه.
ونَشَر الله الميت يَنْشُره نَشْراً ونُشُوراً وأَنْشره فَنَشَر الميتُ لا غير: أَحياه؛ قال الأَعشى:

حتى يقولَ الناسُ مما رَأَوْا

 

يا عَجَباً للميّت النَّاشِـرِ،

وفي التنزيل العزيز: وانْظُرْ إِلى العظام كيف ننشرها؛ قرأَها ابن عباس: كيف نُنْشِرُها، وقرأَها الحسن: نَنْشُرها؛ وقال الفراء: من قرأَ كيف نُنشِرها، بضم النون، فإِنْشارُها إِحياؤها، واحتج ابن عباس بقوله تعالى: ثم إذا شاء أَنْشَرَهُ، قال: ومن قرأَها نَنْشُرها وهي قراءة الحسن فكأَنه يذهب بها إِلى النَّشْرِ والطيّ، والوجه أَن يقال: أَنشَرَ الله الموتى فَنَشَرُوا هُمْ إذا حَيُوا وأَنشَرَهم الله أَي أحْياهم؛ وأَنشد الأَصمَعي لأَبي ذؤيب:

لو كان مِدْحَةُ حَيٍّ أَنشرَتْ أَحَداً

 

أَحْيا أُبوَّتَك الـشُّـمَّ الأَمـادِيحُ

قال: وبعض بني الحرث كان به جَرَب فَنَشَر أَي عاد وحَيِيَ. وقال الزجاج: يقال نَشَرهُم الله أَي بعثَهم كما قال تعالى: وإِليه النُّشُور. وفي حديث الدُّعاء: لك المَحيا والمَمَات وإِليك النُّشُور. يقال: نَشَر الميتُ يَنْشُر نُشُوراً إذا عاش بعد الموت، وأَنْشَره الله أَي أَحياه؛ ومنه يوم النُّشُور. وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: فَهلاَّ إِلى الشام أَرضِ المَنْشَر أَي موضِع النُّشُور، وهي الأَرض المقدسة من الشام يحشُر الله الموتى إِليها يوم القيامة، وهي أَرض المَحْشَر؛ ومنه الحديث: لا رَضاع إِلا ما أَنشر اللحم وأَنبت العظمأَي شدّه وقوّاه من الإِنْشار الإِحْياء، قال ابن الأَثير: ويروى بالزاي. وقوله تعالى: وهو الذي يرسل الرياح نُشُراً بين يَدَيْ رَحمتِه، وقرئ: نُشْراً ونَشْراً. والنَّشْر: الحياة. وأَنشر اللهُ الريحَ: أَحياها بعد موت وأَرسلها نُشْراً ونَشَراً، فأَما من قرأَ نُشُراً فهو جمع نَشُور مثل رسول ورسُل، ومن قرأَ نُشْراً أَسكن الشينَ اسْتِخفافاً، ومن قرأَ نَشْراً فمعناه إِحْياءً بِنَشْر السحاب الذي فيه المطر الذي هو حياة كل شيء، ونَشَراً شاذّة؛ عن ابن جني، قال: وقرئ بها وعلى هذا قالوا ماتت الريح سكنتْ؛ قال:

إِنِّي لأَرْجُو أَن تَمُوتَ الرِّيحُ،

 

فأَقعُد الـيومَ وأَسـتَـرِيحُ

وقال الزجاج: من قرأَ نَشْراً فالمعنى: وهو الذي يُرسِل الرياح مُنْتَشِرة نَشْراً، ومن قرأَ نُشُراً فهو جمع نَشور، قال: وقرئ بُشُراً، بالباء، جمع بَشِيرة كقوله تعالى: ومن آياته أَن يُرْسِل الرياحَ مُبَشِّرات. ونَشَرتِ الريحُ: هبت في يوم غَيْمٍ خاصة. وقوله تعالى: والنَّاشِراتِ نَشْراً، قال ثعلب: هي الملائكة تنشُر الرحمة، وقيل: هي الرياح تأْتي بالمطر. ابن الأَعرابي: إذا هبَّت الريح في يوم غيم قيل: قد نَشَرت ولا يكون إِلا في يوم غيم. ونَشَرتِ الأَرض تنشُر نُشُوراً: أَصابها الربيعُ فأَنبتتْ. وما أَحْسَنَ نَشْرها أَي بَدْءَ نباتِها. والنَّشْرُ: أَن يخرج النَّبْت ثم يبطئ عليه المطر فييبَس ثم يصيبَه مطر فينبت بعد اليُبْسِ، وهو رَدِيء للإِبل والغنم إذا رعتْه في أَوّل ما يظهر يُصيبها منه السَّهام، وقد نَشَر العُشْب نَشْراً. قال أَبو حنيفة: ولا يضر النَّشْرُ الحافِرَ، وإِذا كان كذلك تركوه حتى يَجِفَّ فتذهب عنه أُبْلَتُه أَي شرُّه وهو يكون من البَقْل والعُشْب، وقيل: لا يكون إِلا من العُشْب، وقد نَشَرت الأَرض. وعمَّ أَبو عبيد بالنَّشْر جميعَ ما خرج من نبات الأَرض. الصحاح: والنَّشْرُ الكلأُ إذا يَبِسَ ثم أَصابه مطر في دُبُرِ الصيف فاخضرّ، وهو رديء للراعية يهرُب الناس منه بأَموالهم؛ وقد نَشَرتِ الأَرض فهي ناشِرة إذا أَنبتتْ ذلك. وفي حديث مُعاذ: إِن كلَّ نَشْرِ أَرض يُسلم عليها صاحِبُها فإِنه يُخرِج عنها ما أُعطِيَ نَشْرُها رُبْعَ المَسْقَوِيّ وعُشْرَ المَظْمَئِيِّ؛ قوله رُبعَ المَسْقَوِيّ قال: أَراه يعني رُبعَ العُشْر. قال أَبو عبيدة: نَشْر الأَرض، بالسكون، ما خرج من نباتها، وقيل: هو في الأَصل الكَلأُ إذا يَبِسَ ثم أَصابه مطر في آخر الصَّيف فاخضرّ، وهو رديء للرّاعية، فأَطلقه على كل نبات تجب فيه الزكاة. والنَّشْر: انتِشار الورَق، وقيل: إِيراقُ الشَّجَر؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

كأَن على أَكتافِهم نَشْرَ غَرْقَـدٍ

 

وقد جاوَزُوا نَيَّان كالنَّبَطِ الغُلْفِ

يجوز أَن يكون انتشارَ الورق، وأَن يكون إِيراقَ الشجر، وأَن يكون الرائحة الطيّبة، وبكل ذلك فسره ابن الأَعرابي. والنَّشْر: الجَرَب؛ عنه أَيضاً. الليث: النَّشْر الكلأُ يهيج أَعلاه وأَسفله ندِيّ أَخضر تُدْفِئ منه الإِبل إذا رعته؛ وأَنشد لعُمير بن حباب:

أَلا رُبَّ مَن تدعُو صَدِيقاً، ولو تَـرى

 

مَقالتَه في الغَيب، ساءَك ما يَفْـرِي

مَقالتُه كالشَّحْـم، مـا دام شـاهِـداً

 

وبالغيب مَأْثُور على ثَغرة النَّـحْـرِ

يَسـرُّك بـادِيهِ، وتـحـت أَدِيمِــه

 

نَمِيَّةُ شَرٍّ تَبْتَرِي عَصَب الـظَّـهـر

تُبِينُ لك العَيْنـان مـا هـو كـاتِـم

 

من الضِّغْن، والشَّحْناء بالنَّظَر الشَّزْر

وفِينا، وإِن قيل اصطلحنا، تَضاغُـنٌ

 

كما طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ على النَّشْـر

فَرِشْني بخير طالَما قـد بَـرَيْتَـنـي

 

فخيرُ الموالي من يَرِيشُ ولا يَبـرِي

يقول: ظاهرُنا في الصُّلح حسَن في مَرْآة العين وباطننا فاسد كما تحسُن أَوبار الجَرْبى عن أَكل النَّشْر، وتحتها داءٌ منه في أَجوافها؛ قال أَبو منصور: وقيل: النَّشْر في هذا البيت نَشَرُ الجرَب بعد ذهابه ونَباتُ الوبَر عليه حتى يخفى، قال: وهذا هو الصواب. يقال: نَشِرَ الجرَب يَنْشَر نَشَراً ونُشُوراً إذا حَيِيَ بعد ذهابه. وإِبل نَشَرى إذا انتشر فيها الجَرب؛ وقد نَشِرَ البعيرُ إذا جَرِب. ابن الأَعرابي: النَّشَر نَبات الوبَر على الجرَب بعدما يَبرأُ.والنَّشْر: مصدر نَشَرت الثوب أَنْشُر نَشْراً. الجوهري: نَشَر المتاعَ وغيرَه ينشُر نَشْراً بَسَطَه،ومنه ريح نَشُور ورياح نُشُر. والنَّشْر أَيضاً: مصدر نَشَرت الخشبة بالمِنْشار نَشْراً. والنَّشْر: خلاف الطيّ. نَشَر الثوبَ ونحوه يَنْشُره نَشْراً ونَشَّره: بَسَطه. وصحف مُنَشَّرة، شُدّد للكثرة. وفي الحديث: أَنه لم يخرُج في سَفَر إِلا قال حين ينهَض من جُلوسه: اللهم بك انتَشَرت؛ قال ابن الأَثير: أَي ابتدأْت سفَري. وكلُّ شيء أَخذته غضّاً، فقد نَشَرْته وانْتَشَرته، ومَرْجِعه إِلى النَّشْر ضدّ الطيّ، ويروى بالباء الموحدة والسين المهملة. وفي الحديث: إذا دَخَل أَحدكم الحمَّام فعليه بالنَّشِير ولا يَخْصِف؛ هو المِئْزر سمي به لأَنه يُنْشَر ليُؤْتَزَرَ به. والنَّشِيرُ: الإِزار من نَشْر الثوب وبسْطه. وتَنَشَّر الشيءُ وانْتَشَر: انْبَسَط. وانْتَشَر النهارُ وغيره: طال وامْتدّ. وانتشَر الخبرُ: انْذاع. ونَشَرت الخبرَ أَنشِره وأَنشُره أَي أَذعته. والنَّشَر: أَن تَنْتَشِر الغنمُ بالليل فترعى. والنَّشَر: أَن ترعَى الإِبل بقلاً قد أَصابه صَيف وهو يضرّها، ويقال: اتق على إِبلك النَّشَر، ويقال: أَصابها النَّشَر أَي ذُئِيَتْ على النَّشَر، ويقال: رأَيت القوم نَشَراً أَي مُنْتشِرين. واكتسى البازِي ريشاً نَشَراً أَي مُنتشِراً طويلاً. وانتشَرت الإِبلُ والغنم: تفرّقت عن غِرّة من راعيها، ونَشَرها هو ينشُرها نشْراً، وهي النَّشَر. والنَّشَر: القوم المتفرِّقون الذين لا يجمعهم رئيس. وجاء القوم نَشَراً أَي متفرِّقين.
وجاء ناشِراً أُذُنيه إذا جاء طامِعاً؛ عن ابن الأَعرابي. والنَّشَر، بالتحريك: المُنتشِر. وضَمَّ الله نَشَرَك أَي ما انتشَر من أَمرِك، كقولهم: لَمَّ الله شَعَثَك وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: فرَدَّ نَشَر الإِسلام على غَرِّهِ أَي رَدَّ ما انتشر من الإِسلام إِلى حالته التي كانت على عهد سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تعني أَمرَ الرِّدة وكفاية أَبيها إِيّاه، وهو فَعَلٌ بمعنى مفعول. أَبو العباس: نَشَرُ الماء، بالتحريك، ما انتشر وتطاير منه عند الوضوء. وسأَل رجل الحسَن عن انتِضاح الماء في إِنائه إذا توضأَ فقال: ويلك، أَتملك نَشَر الماء؟ كل هذا محرّك الشين من نَشَرِ الغنم. وفي حديث الوضوء: فإِذا اسْتنْشَرتْ واستنثرتَ خرجتْ خَطايا وجهك وفيك وخَياشِيمك مع الماء، قال الخطابي: المحفوظ اسْتَنْشيت بمعنى استنْشقْت، قال: فإِن كان محفوظاً فهو من انتِشار الماء وتفرّقه.
وانتشَر الرجل: أَنعظ. وانتشَر ذكَرُه إذا قام.
ونَشَر الخشبة ينشُرها نشراً: نَحتها، وفي الصحاح: قطعها بالمِنْشار.
والنُّشارة: ما سقط منه. والمِنْشار: ما نُشِر به. والمِنْشار: الخَشَبة التي يُذرَّى بها البُرُّ، وهي ذات الأَصابع.
والنواشِر: عَصَب الذراع من داخل وخارج، وقيل: هي عُرُوق وعَصَب في باطن الذراع، وقيل: هي العَصَب التي في ظاهرها، واحدتها ناشرة. أَبو عمرو والأَصمعي: النواشِر والرَّواهِش عروق باطِن الذراع؛ قال زهير:

مَراجِيعُ وَشْمٍ في نَواشِرِ مِعْصَمِ

الجوهري: النَّاشِرة واحدة النَّواشِر، وهي عروق باطن الذراع.
وانتِشار عَصَب الدابة في يده: أَن يصيبه عنت فيزول العَصَب عن موضعه.
قال أَبو عبيدة: الانْتِشار الانتِفاخ في العصَب للإِتعاب، قال: والعَصَبة التي تنتشِر هي العُجَاية. قال: وتحرُّك الشَّظَى كانتِشار العَصَب غير أَن الفرَس لانتِشار العَصَب أَشدُّ احتمالاً منه لتحرك الشَّظَى.
شمر: أَرض ماشِرة وهي التي قد اهتزَّ نباتها واستوت وروِيت من المطَر، وقال بعضهم: أَرض ناشرة بهذا المعنى.
ابن سيده: والتَّناشِير كتاب للغِلمان في الكُتَّاب لا أَعرِف لها واحداً.
والنُّشرةُ: رُقْيَة يُعالَج بها المجنون والمرِيض تُنَشَّر عليه تَنْشِيراً،وقد نَشَّر عنه، قال: وربما قالوا للإِنسان المهزول الهالكِ: كأَنه نُشْرة. والتَّنْشِير: من النُّشْرة، وهي كالتَّعوِيذ والرُّقية. قال الكلابي: وإِذا نُشِر المَسْفُوع كان كأَنما أُنْشِط من عِقال أَي يذهب عنه سريعاً. وفي الحديث أَنه قال: فلعل طَبّاً أَصابه يعني سِحْراً، ثم نَشَّره بِقُلْ أَعوذ بربّ الناس أَي رَقَاهُ؛ وكذلك إذا كَتب له النُّشْرة.
وفي الحديث: أَنه سُئل عن النُّشْرة فقال: هي من عَمَل الشيطان؛ النُّشرة، بالضم: ضرْب من الرُّقية والعِلاج يعالَج به من كان يُظن أَن به مَسّاً من الجِن، سميت نُشْرة لأَنه يُنَشَّر بها عنه ما خامَرَه من الدَّاء أَي يُكشَف ويُزال. وقال الحسن: النُّشْرة من السِّحْر؛ وقد نَشَّرت عنه تَنشِيراً.
وناشِرة: اسم رجل؛ قال:

لقد عَيَّل الأَيتامَ طَعنةُ ناشِرَهْ أَناشِرَ،

 

لا زالـتْ يمـينُـك آشِـــرَهْ،

أَراد: يا ناشِرَةُ فرخَّم وفتح الراء، وقيل: إِنما أَراد طعنة ناشِر، وهو اسم ذلك الرجل، فأَلحق الهاء للتصريع، قال: وهذا ليس بشيء لأَنه لم يُرْوَ إِلا أَناشِر، بالترخيم، وقال أَبو نُخَيلة يذكُر السَّمَك:

تَغُمُّه النَّشْرة والنَّسِيمُ،

ولا يَزالُ مُغْرَقاً يَعُومُ

في البحر، والبحرُ له تَخْمِيمُ،

وأُمُّه الواحِدة الرَّؤُومُ

تَلْهَمُه جَهْلاً، وما يَرِيمُ

يقول: النَّشْرة والنسيم الذي يُحيي الحيوان إذا طال عليه الخُمُوم والعَفَن والرُّطُوبات تغُم السمك وتكرُ به، وأُمّه التي ولدته تأْكله لأَن السَّمَك يأْكل بعضُه بعضا، وهو في ذلك لا يَرِيمُ موضعه.
ابن الأَعرابي: امرأَة مَنْشُورة ومَشْنُورة إذا كانت سخيَّة كريمة، قال: ومن المَنْشُورة قوله تعالى: نُشُراً بين يدَيْ رحمتِه؛ أَي سَخاء وكَرَماً.
والمَنْشُور من كُتب السلطان: ما كان غير مختوم. ونَشْوَرَت الدابة من عَلَفها نِشْواراً: أَبقتْ من علفها؛ عن ثعلب، وحكاه مع المِشْوار الذي هو ما أَلقتِ الدابة من عَلَفها، قال: فوزنه على هذا نَفْعَلَتْ، قال: وهذا بناء لا يُعرف. الجوهري: النِّشْوار ما تُبقيه الدابة من العَلَف، فارسي معرب.

نشز

النِّشْزُ والنَّشَزُ: المَتْنُ المرتفعُ من الأَرض، وهو أَيضاً ما ارتفع عن الوادي إِلى الأَرض، وليس بالغليظ، والجمع أَنْشازٌ ونُشُوزٌ، وقال بعضهم: جمع النَّشْزِ نُشُوز، وجمع النَّشَز أَنْشازٌ ونِشازٌ مثل جَبَلٍ وأَجْبال وجِبال. والنَّشازُ، بالفتح: كالنَّشَزِ.
ونَشَزَ يَنْشُزُ نُشُوزاً: أَشرف على نَشَزٍ من الأَرض، وهو ما ارتفع وظهر. يقال: اقْعُدْ على ذلك النَّشازِ. وفي الحديث: أَنه كان إذا أَوْفى على نَشَزٍ كَبَّر أَي ارتفع على رابية في سَفَر، قال: وقد تسكن الشين؛ ومنه الحديث: في خاتم النبوة بَضْعَة ناشِزَة أَي قِطْعَة لحم مرتفعةٌ على الجسم؛ ومنه الحديث: أَتاه رجل ناشِزُ الجَبْهة أَي مرتفعها. ونَشَزَ الشيءُ يَنْشِزُ نُشُوزاً: ارتفع. وتَلٌّ ناشِزٌ: مرتفع، وجمعه نَواشِزُ.
وقَلْبٌ ناشِزٌ إذا ارتفع عن مكانه من الرُّعْب. وأَنْشَزْتُ الشيء إذا رفعته عن مكانه. ونَشَزَ في مجلسه يَنْشِزُ ويَنْشُزُ، بالكسر والضم: ارتفع قليلاً. وفي التنزيل العزيز: وإِذا قيل انْشُزوا فانْشُزوا؛ قال الفراء: قرأَها الناس بكسر الشين وأَهل الحجاز يرفعونها، قال: وهما لغتان.
قال أَبو إِسحق: معناه إذا قيل انْهَضُوا فانْهَضُوا وقُومُوا كما قال: ولا مُسْتَأْنِسِينَ لحديثٍ؛ وقيل في قوله تعالى: إذا قيل انْشُزُوا؛ أَي قوموا إِلى الصلاة أَو قضاء حق أَو شهادة فانْشُزُوا. ونَشَزَ الرجلُ يَنْشِزُ إذا كان قاعداً فقام. ورَكَبٌ ناشِزٌ: ناتئ مرتفع. وعِرْقٌ ناشِزٌ: مرتفع مُنْتَبِرٌ ناشز لا يزال يَضْرِبُ من داء أَو غيره؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

فما لَيْلى بناشِزَةِ القُصَيْرى

 

ولا وَقْصاءَ لِبْسَتُها اعتِجارُ

فسره فقال: ناشزة القُصَيْرى أَي ليست بضخمة الجنبين مُشْرِفَةِ القُصَيْرى بما عليها من اللحم. وأَنْشَزَ الشيءَ: رفعه عن مكانه. وإِنْشازُ عظام الميت: رَفْعُها إِلى مواضعها وتركيبُ بعضها على بعض. وفي التنزيل العزيز: وانْظُرْ إِلى العظام كيف نُنْشِزُها ثم نَكْسُوها لحماً؛ أَي نرفع بعضها على بعض؛ قال الفراء: قرأَ زيد بن ثابت نُنْشِزُها، بالزاي، قال: والإِنشازُ نقْلها إِلى مواضعها، قال: وبالراء قرأَها الكوفيون، قال ثعلب: والمختار الزاي لأَن الإَنْشازَ تركيبُ العظام بعضها على بعض. وفي الحديث: لا رَضاعَ إِلا ما أَنْشَزَ العظمَ أَي رفعه وأَعلاه وأَكبر حَجْمَه وهو من النَّشَزِ المرتفع من الأَرض.
قال أَبو إِسحق: النُّشُوزُ يكون بين الزوجين وهو كراهة كل واحد منهما صاحبه، واشتقاقُه من النَّشَزِ وهو ما ارتفع من الأَرض. ونَشَزَت المرأَةُ بزوجها وعلى زوجها تَنْشِزُ وتَنْشُز نُشُوزاً، وهي ناشِزٌ: ارتفعت عليه واستعصت عليه وأَبغضته وخرجت عن طاعته وفَرَكَتْه؛ قال:

سَرَتْ تحتَ أَقْطاعٍ من اللَّيْلِ حَنَّتي

 

لِخَمَّانِ بيتٍ، فَهْيَ لا شَكَّ ناشِـزُ

قال الله تعالى: واللاَّتي تخافُون نُشُوزَهُنَّ؛ نُشُوزُ المرأَة استعصاؤها على زوجها، ونَشَزَ هو عليها نُشُوزاً كذلك، وضربها وجفاها وأَضَرّ بها. وفي التنزيل العزيز: وإِن امرأَةٌ خافتْ من بَعلِها نُشُوزاً أَو إِعراضاً؛ وقد تكرر ذكر النُّشُوز بين الزوجين في الحديث، والنُّشُوز كراهية كل منهما صاحبه وسُوءُ عشرته له. ورجل نَشَزٌ: غليظ عَبْلٌ؛ قال الأَعشى:

وتَرْكَبُ مِنِّي، إِنْ بَلوْتَ نَكِيثَتي

 

على نَشَزٍ قد شابَ ليس بِتَوْأَمِ

أَي غِلَظٍ ذَهَب إِلى تكبيره وتعظيمه فلذلك جعله أَشْيَبَ.ونَشَزَ بالقوم في الخصومة نُشُوزاً: نَهَضَ بهم للخصومة. ونَشَزَ بقِرْنِه يَنْشِزُ به نُشُوزاً: احتمله فصرعه. قال شمر: وهذا كأَنه مقلوب مثل جَذَبَ وجَبَذَ. ويقال للرجل إذا أَسنّ ولم يَنْقُصْ: إِنه لنَشَزٌ من الرجال، وصَتَمٌ إذا انتهى سِنُّه وقُوَّتُه وشَبابه. قال أَبو عبيد: النَّشَزُ والنَّشْزُ الغليظ الشديد.
ودابة نَشِيزَةٌ إذا لم يَكَدْ يَسْتَقِرُّ الراكبُ والسَّرْجُ على ظهرها. ويقال للدابة إذا لم يكد يستقرّ السرج والراكب على ظهرها: إِنها لَنَشْزَةٌ..

نشس

النَّشْسُ: لُغَةٌ في النَّشْزِ وهي الرُّبْوَةُ من الأَرض.
وامرأَة ناشِس: ناشز، وهي قليلة.

نشش

نَشَّ الماءُ يَنِشُّ نَشّاً ونَشِيشاً ونَشَّشَ: صَوَّتَ عند الغلَيان أَو الصبِّ، وكذلك كل ما سُمع له كَتِيت كالنَّبِيد وما أَشبهه، وقيل: النَّشِيش أَولُ أَخْذِ العصير في الغليان، والخَمرُ تَنِشُّ إذا أَخذَت في الغليات. وفي الحديث: إذا نَشَّ فلا تَشرَبُ. ونَشَّ اللحمُ نَشّاً ونَشِيشاً: سُمع له صوت على المِقْلى أَو في القِدْر. ونَشِيشُ اللحمِ: صوْتُه إذا غلى. والقِدرُ تَنِشُّ إذا أَخذت تَغْلي. ونَشَّ الماءُ إذا صبَبْته من صاخِرةٍ طال عهدُها بالماء. والنَّشِيشُ: صوْتُ الماء وغيرِه إذا غَلى. وفي حديث النبيذ: إذا نَشَّ فلا تَشْربْ أَي إذا غلى؛ يقال: نَشَّت الخمرُ تَنِشُّ نَشِيشاً؛ ومنه حديث الزهري: أَنه كرِه للمتوفى عنها زوجُها الدُّهْنَ الذي يُنَشُّ بالريْحان أَي يُطيَّب بأَن يُغلى في القدر مع الريحان حتى يَنِشَّ.
وسَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ ونَشْناشةٌ: لا يَجِفُّ ثَراها ولا ينبت مَرْعاها، وقد نَشَّت بالنَّزِّ تَنِشُّ. وسَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ: تَنِشُّ من النَّزّ، وقيل: سَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ وهو ما يظهر من ماء السباخ فيَنِشُّ فيها حتى يعود مِلْحاً؛ ومنه حديث الأَحنف: نَزَلْنا سَبَخَةً نَشَّاشةً، يعني البَصْرة، أَي نَزَّارةً تَنِزٌّ بالماء لأَن السبَخَةَ يَنِزُّ ماؤُها فيَنِشُّ ويعود مِلْحاً، وقيل: النَّشَّاشةُ التي لا يجِفُّ تُرْبُها ولا ينبُت مرعاها.
بعض الكِلابيّين: أَشَّت الشَّجَّةُ ونَشَّت؛ قال: أَشَّت إذا أَخذت تَحَلَّبُ، ونَشَّت إذا قطَرت، ونَشَّ الغَدِيرُ والحَوْضُ يَنِشُّ نَشّاً ونَشِيشاً: يَبِسَ ماؤُهما ونَضَبَ، وقيل: نَشَّ الماءُ على وجه الأَرض نَشِفَ وجفَّ، ونَشَّ الرُّطَبُ وذَوِيَ ذهب ماؤُه؛ قال ذو الرمة:

حتى إذا مَعْمَعانُ الصَّيْفِ هَبَّ له

 

بأَجَّةٍ، نَشَّ عنها الماءُ والرُّطَبُ

والنَّشُّ: وزنُ نَواة من ذهب، وقيل: هو وزن عشرين درهماً، وقيل: وزن خمسة دراهم، وقيل: هو ربع أُوقيَّة والأُوقية أَربعون درهماً. ونَشَّ الشيء: نِصْفُه. وفي الحديث: أشن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، لم يُصْدِق امرأَةً من نسائه أَكْثرَ من ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّة ونَشٍّ؛ الأُوقِيَّةُ أَربعون والنَّشُّ عشرون فيكون الجميعُ خَمْسَمائة درهم؛ قال الأَزهري: وتصديقُه ما رُوي عن عبد الرحمن قال: سأَلت عائشة، رضي اللَّه عنها: كم كان صَداقُ النبي، صلى اللَّه عليه وسلم؟ قالت: ان صَداقُه اثنتَيْ عشرة ونَشّاً، قالت: والنَّشُّ نصفُ أُوقية. ابن الأَعرابي: النَّشُّ النصف من كل شيء؛ وأَنشد:

من نِسوةٍ مُهورُهنَّ النَّشُّ

الجوهري: النَّشُّ عشرون درهماً وهو نصف أُوقية لأَنهم يُسَمُّون الأَربعين درهماً أُوقيةً، ويسمون العشرين نَشّاً، ويسمون الخمسة نَواةً.ونَشْنَشَ الطائرُ رِيشَه بمِنْقارِه إذا أَهْوى له إِهْواءً خفيفاً فنَتَف منه وطَيَّر به، وقيل: نتَفَه فأَلقاه؛ قال:  

رأَيتُ غُراباً واقِعاً فوقَ بانةٍ

 

يُنَشْنِشُ أَعلى رِيشِه ويُطايِرهْ

وكذلك وضعْتُ له لَحْماً فنَشْنَشَ منه إذا أَكل بعَجَلة وسرعة؛ وقال أَبو الدرداء لبَلْعَنْبر يصف حية نشَطَتْ فِرْسِنَ بَعِير:

فنَشْنَشَ إِحدى فِرْسِنَيْها بِـنَـشْـطةٍ

 

رَغَتْ رَغْوَةً منها، وكادَتْ تُقَرْطِبُ

ونَشْنَشُوه: تَعْتَعُوه؛ عن ابن الأَعرابي. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه كان يَنُشُّ الناس بعد العِشاء بالدِّرَّة أُ يَسُوقُهم إِلى بيوتهم. والنَّشُّ: السَّوْقُ الرَّفيق، ويروى بالسين، وهو السَّوْق الشديد؛ قال شمر: صحّ الشين عن شعبة في حديث عمر وما أَراه إِلاَّ صحيحاً؛ وكان أَبو عبيد يقول: إِنما هو يَنُسُّ أَو يَنُوش. وقال شمر: نَشْنَشَ الرجلُ الرجلَ إذا دفعه وحَرَّكه. ونَشْنَش ما في الوِعاء إذا نَتَرَه وتناوَلَه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

الأُقْحُوَانةُ إِذ يُثْنىَ بـجـانِـبِـهـا

 

كالشَّيخ، نَشْنَشَ عنه الفارِسُ السِّلبَا

وقال الكميت:

فغادَرْتُها تَحْبُو عَقِيراً ونَشْنَشُوا

 

حَقِيبَتها، بين التَّوَزُّع والنَّتْـرِ

والنَّشْنَشَةُ: النَّقْض والنَّتْرُ. ونَشْنَشَ الشجرَ: أخذ من لِحائه.
ونَشْنَشَ السَّلَب: أَخذه. ونَشَّشْت الجلد إذا أَسرعْت سلْخَه وقطَعْته عن اللحم؛ قال مرة بن مَحْكان:

أَمْطَيْتُ جازِرَها أَعْلة سَناسِنها

 

فَخِلْتُ جازِرَنا من فوقِها قَتَبا

يُنَشْنِشُ الجِلْدَ عنها وهي بارِكةٌ

 

كما يُنَشْنِشُ كفَّا قاتِلٍ سَلَـبـا

أَمْطَيْتُه أَي أَمْكَنْتُه من مَطاها وهو ظَهْرُها أَي عَلا عليها ليَنْتَزِع عنها جلْدَها لمَّا نُحِرَت. والسَّناسِنُ: رؤُوسُ الفَقارٍ، الواحدُ سِنْسِنٌ. والقتَبُ: رَحْلُ الهَوْدج، ويروى: كفَّا فاتِلٍ سَلَبا، بالسَّلَبُ على هذا ضرْبٌ من الشجر يُمَدُّ فَيَلِينُ بذلك ثم يُقْتل منه الحُزُم. ورجل نَشْنَشِيُّ الذِّراعِ: خفيفُها رَحْبُها، وقيل: خفيف في عمله ومِرَاسِه؛ قال:

فقامَ فَتىً نَشْنَشيُّ الذِّراع

 

فلَم يَتَلَبَّثُ ولم يَهْـمُـمِ

وغلام نَشْنَشٌ: خفيفٌ في السفر. ابن الأَعرابي: النَّشُّ السَوْق الرفيق، والنَشُّ الخَلْط؛ ومنه زَعْفرانٌ مَنْشُوش. ورَوَى عبدُ الرزاق عن ابن جريج: قلت لعطاء الفَأْرَةُ تَمُوت في السَّمْنِ الذائبِ أَو الدُّهْن، قال: أَما الدُّهن فيُنَشُّ ويُدْهَنُ به إِن لم تَقْذَرْه نفسُك؛ قلتُ: ليس في نفسك من أَن يأْثمَ إذا نشَّ؟ قال: لا، قال: قلتُ فالسَّمْنُ يُنَشُّ ثم يؤْكل، قال: ليس ما يؤْكل به كهيئة شيءٍ في الرأْس يُدَّهَنُ به، وقوله يُنَشُّ ويدهن به إَن لم تَقذَره نفسُك أَي يُخلط ويُداف. ورجل نَشْناشٌ: وهو الكَمِيشةُ يَداه في عمَله.
ويقال: نَشْنَشَه إذا عَمِلَ عَملاً فأَسرع فيه. والنَّشْنَشةُ: صوت حركةِ الدُّرُوع والقرْطاسِ والثوبِ الجديد، والمَشْمَشةُ: تفريقُ القُمَاش. والنِّشْنِشةُ: لغةٌ في الشِّنْشِنَةِ ما كانت؛ قال الشاعر:

بَاكَ حُيَيٌّ أُمَّه بَوكَ الفَرَسْ

 

نَشْنَشَها أَرْبعةً ثم جَلَـسْ

رأَيت في حواشي بعض الأُصول: البَوْكُ للحمار والنَّيْك للإِنسان.
ونَشْنَشَ المرأَةَ ومَشْمَشها إذا نكحَها. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه، أَنه قال لابن عباس في شيءٍ شاوَرَه فيه فأَعْجَبه كلامُه فقال: نِشْنِشةٌ أَعرِفُها من أَخْشَن؛ قال أَبو عبيد: هكذا حدَّثَ به سفيان وأَما أَهل العربية فيقولون غيرَه، قال الأَصمعي إِنما هو:

شِنْشِنةٌ أَعْرِفُها من أَخْزَم

قال: والنِّشْنِشةُ قد تكون كالمُضْغة أَو كالقِطْعة تقطع من اللحم، وقال أَبو عبيدة: شِنْشِنة ونِشْنشة، قال ابن الأَثير: نِشْنشةٌ من أَخْشَن أَي حجَرٌ من جبل، ومعناه أَنه شبَّهه بأَبيه العباس في شَهامتِه ورأْيِه وجُرْأَتِه على القول، وقيل: أَراد أَن كلمته منه حجرٌ من جبل أَي أَن مثلها يجيءُ من مثله، وقال الحربي: أَراد شِنشِنةٌ أَي غَريزة وطبيعة. ونَشْنَشَ ونشَّ: ساقَ وطَرَدَ. والنَشْنَشةُ: كالخَشْخَشة؛ قال: للدِّرْع فوق مَنْكِبيه نَشْنَشَهْ وروى الأَزهري عن الشافعي قال: الأَدْهان دُهْنانِ: دُهْنٌ طيِّب مثل الْبانِ المَنْشُوشِ بالطِّيب، ودُهْنٌ ليس بالطَّيِّب مثل سَلِيخة الْبان غير مَنْشُوشٍ ومثل الشِّبْرِق. قال الأَزهري: المَنْشوشُ المُرَيَّبُ بالطيْب إذا رُبِّب بالطِّيب فهو مَنْشُوش، والسَّلِيخةُ ما اعْتُصر من ثمَر البان ولم يُرَبَّبْ بالطِّيب. قال ابن الأَعرابي: النَّشّ الخَلْط.ونَشَّةُ ونَشْناشٌ: اسمان. وأَبو النَّشْناش: كنية؛ قال:

ونائِية الأَرْجاءِ طامِية الصُّـوى

 

خَدَتْ بأَبي النَّشْناشِ فيها ركائبُهْ

والنَّشْناشُ: موضع بعينه؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:

بِأَوْدِيَةِ النَّشْناشِ حتى تتابَـعَـتْ

 

رِهامُ الحَيا، واعْتَمَّ بالزهَرِ البَقْلُ

نشص

النَّشَاصُ، بالفتح: السحابُ المرتفع، وقيل: هو الذي يرتفع بعضه فوق بعض وليس بمنبسط، وقيل: هو الذي ينشأُ من قِبَل العين، والجمع نُشُصٌ؛ قال بشر:

فلما رَأُوْنا بالنِّسَارِ كـأَنـنـا

 

نَشاصُ الثُّرَيّا، هَيَّجَتْه جَنوبُها

قال ابن بري: ومنه قول الشاعر:

أَرِقْتُ لِضَوْءِ بَرْقٍ في نَـشـاصِ،

 

تَلأْلأَ في مُـمَـلأَة غـصـاصِ

لَواقِحَ دُلّـحٍ بـالـمـاء سُـحْـم،

 

تَمُجُّ الغَيْثَ من خَلَلِ الخَصَـاصِ

سَلِ الخُطَباءَ: هل سَبَحُوا كَسَبْحِـي

 

بُحورَ القولِ، أَو غاصُوا مَغاصِي؟

فأَما قول الشاعر أَنشده ثعلب:

يَلْمَعْن إِذ ولَّيْنَ بالعَصـاعِـصِ،

 

لَمْعَ البُروق قي ذُرَى النَّشائِصِ

فقد يجوز أَن يكون كسّر نَشاصاً على نَشائِصَ كما كسّروا شَمَالاً على شَمائل، وإِن اختلفت الحركتان فإِن ذلك غير مبالىً به، وقد يجوز أَن يكون توهم واحدها نَشاصةً كَسّره على ذلك، وهو القياس وإِن كنا لم نسمعه.
وقد نَشَصَ يَنْشُص ويَنْشِص نُشوصاً: ارتفع. واسْتَنْشَصَتِ الريحُ السحابَ: أَطْلَعَتْه وأَنهَضَتْه ورَفَعَتْه؛ عن أَبي حنيفة. وكل ما ارتفع، فقد نَشَصَ. ونَشَصَت المرأَةُ عن زوجها تَنْشصُ نُشوصاً ونَشَزَت بمعنى واحد، وهي ناشِصٌ وناشِزٌ: نَشَزَت عليه وفَرَكَتْه؛ قال الأَعشى:

تَقَمَّرَها شيخٌ عِشاءً، فأَصْبَحَتْ

 

قُضاعِيّةً تأْتي الكَواهِنَ ناشِصا

وفرسٌ نَشاصيٌّ: أَبِيٌّ ذو عُرَامٍ، وهو من ذلك؛ أَنشد ثعلب:

ونَشاصِيّ إذا تفْرغُـه،

 

لم يَكَدْ يُلْجَمُ إِلا ما قُصِرْ

ابن الأَعرابي: المِنْشاصُ المرأَة التي تمنع فِراشَها في فِراشِها، فالفِراشُ الأَول الزوج، والثاني المِضْربة. وفي النوادر: فلانٌ يَتَنَشَّصُ لكذا وكذا ويَتَنَشَّزُ ويتَشَوَّر ويَترَمَّزُ ويتَفَوَّزُ ويتزَمَّعُ كل هذا النهوضُ والتهيؤ، قريب أَو بعيد. ونشَصَت ثِنيّتُه: تحرَّكت فارتفعت عن موضعها، وقيل: خرجت عن موضعها نُشوصاً. ونَشَصْت عن بلدي أَي انزعجت، وأَنْشَصْت غيري. أَبو عمرو: نَشَصْناهم عن منزلهم أَزْعَجْناهم.
ويقال: جاشت إِليّ النفسُ ونَشَصَتْ ونَشَزَت. ونَشَصَ الوبَرُ: ارتفع.
ونَشَصَ الوبر والشعر والصوف يَنْشصُ: نصَلَ وبقي مُعَلَّقاً لازِقاً بالجلد لم يَطِرْ بعد. وأَنْشَصَه: أَخرجه من بيته أَو جحره. ويقال: أَخْفِ شَخْصَك وأَنْشِصْ بشَظْف ضَبّك، وهذا مثل. والنَّشُوصُ: الناقة العظيمة السنام.

نشط

النَّشاطُ: ضدّ الكَسَلِ يكون ذلك في الإِنسان والدابة، نَشِطَ نَشاطاً ونَشِطَ إِليه، فهو نَشِيط ونَشَّطَه هو وأَنْشطه؛ الأَخيرة عن يعقوب. الليث: نَشِط الإِنسان يَنْشَط نَشاطاً، فهو نَشِيط طيّب النفْس للعمل، والنعت ناشِطٌ، وتَنَشَّط لأَمر كذا. وفي حديث عُبادَة: بايَعْتُ رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، على المَنْشَطِ والمَكْره؛ المَنْشَطُ مَفْعَل من النَّشاط وهو الأَمر الذي تنْشَط له وتَخِفُّ إِليه وتُؤثر فعله وهو مصدر بمعنى النشاط. ورجل نَشِيط ومُنْشِطٌ: نَشِطَ دوابُّه وأَهلُه. ورجلٌ مُتَنَشِّطٌ إذا كانت له دابة يركبها، فإِذا سَئِم الركوب نزل عنها. ورجل مُنْتَشِطٌ من الانْتِشاطِ إذا نزل عن دابَّته من طُولِ الرُّكوب، ولا يقال ذلك للراجل. وأَنْشَطَ القومُ إذا كانت دوابُّهم نَشِيطةً.
ونَشِطَ الدَّابةُ: سَمِنَ. وأَنْشَطه الكَلأُ: أَسْمَنه. ويقال: سَمِنَ بأَنْشِطةِ الكلإِ أَي بعُقْدتِه وإِحْكامه إِياه، وكلاهما من أُنْشُوطةِ العُقْدةِ. ونشَط من المكان يَنْشِطُ: خرج، وكذلك إذا قطع من بلد إِلى بلد.
والناشِطُ: الثَّوْر الوحْشِيّ الذي يخرج من بلد إِلى بلد أَو من أَرض إِلى أَرض؛ قال أُسامة الهُذلي:

وإِلاَّ النَّعامَ وحَـفَّـانَـه،

 

وطَغْياً معَ اللَّهِقِ الناشِطِ

وكذلك الحِمارُ؛ وقال ذو الرمة:

أَذاكَ أَمْ نَمِشٌ بالوَشْي أَكْرُعُه،

 

مُسَفَّعُ الخَدّ هادٍ ناشِطٌ شَبَبُ

ونَشَطَتِ الإِبلُ تَنْشِطُ نَشْطاً: مضت على هُدّى أَو غير هدى. ويقال للناقة: حَسُنَ ما نَشَطَتِ السيرَ يعني سَدْوَ يديها في سيرها. الليث: طريق ناشِطٌ يَنْشِط من الطريق الأَعظم يَمنة ويَسْرة. ويقال: نَشَط بهم الطريقُ. والناشِطُ في قول الطرماح: الطريق. ونشَط الطريقُ ينشِط: خرج من الطريق الأَعظم يَمنةً أَو يَسْرة؛ قال حميد: مُعْتَزِماً بالطُّرُقِ النَّواشِط وكذلك النواشِطُ من المَسايل.
والأُنْشُوطةُ: عُقْدة يَسْهُل انحلالها مثل عقدة التِّكة. يقال: ما عِقالُك بأُنْشوطةٍ أَي ما مَوَدَّتُك بوَاهِيةٍ، وقيل: الأُنْشوطةُ عقدةٌ تَمدُّ بأَحدِ طرفيها فتَنحل، والمُؤَرَّبُ الذي لا ينحل إذا مُدَّ حتى يُحَلّ حلاًّ. وقد نشَط الأُنْشُوطةَ يَنْشُطُها نَشْطاً ونشَّطها: عقَدها وشدَّها، وأَنْشَطها حلَّها. ونشَطْت العَقْد إذا عقدته بأُنشوطة.
وأَنشطَ البعير: حَلَّ أُنشوطته. وأَنشطَ العِقال: مَدَّ أُنشوطته فانحلَّ.
وأَنشطْت الحبلَ أَي مدَدْتُه حتى ينحَل. ونشَطت الحبل أَنْشُطه نشْطاً: ربطْتُه، وإِذا حللْتَه فقد أَنشَطْتَه، ونشَطه بالنِّشاط أَي عقده. ويقال للآخِذ بسُرعة في أَيّ عمل كان، وللمريض إذا بَرأَ، وللمَغْشِيّ عليه إذا أَفاق، وللمُرْسَل في أَمر يُسرع فيه عزِيمتَه: كأَنما أُنْشِط من عِقال، ونَشِط أَي حُلَّ. وفي حديث السِّحر: فكأَنما أُنْشِط من عِقال أَي حُلّ. قال ابن الأَثير: وكثيراً ما يجيء في الرواية كأَنما نَشِط من عقال، وليس بصحيح. ونَشَطَ الدَّلْوَ من البئر يَنْشِطُها وينشُطها نشْطاً: نَزَعها وجذَبَها من البئر صُعُداً بغير قامة، وهي البَكْرة، فإِذا كان بقامة فهو المَتْح.
وبئر أَنْشاط وإِنشاط: لا تخرجُ منها الدلو حتى تُنْشَطَ كثيراً. وقال الأَصمعي: بئر أَنشاط قريبة القعر، وهي التي تَخرج الدلُو منها بجَذْبة واحدة. وبئر نَشُوط: وهي التي لا تَخرج الدلو منها حتى تُنْشَط كثيراً. قال ابن بري: في الغريب لأَبي عبيد بئر إِنشاط، بالكسر، قال: وهو في الجمهرة بالفتح لا غير.
وفي حديث عوف بن مالك: رأَيت كأَنَّ سبَباً من السماء دُلِّي فانْتُشِطَ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، ثم أُعِيد فانتُشِط أَبو بكر، رضي اللّه عنه، أَي جُذِب إِلى السماء ورفع إِليها؛ ومنه حديث أُمّ سَلمة: دخل علينا عَمَّار، رضي اللّه عنهما، وكان أَخاها من الرّضاعة فنَشَط زينبَ من حَجْرها، ويروى: فانتشط. ونَشَطَه في جنبه ينْشُطه نشْطاً: طعَنَه، وقيل: النشْطُ الطعْنُ، أَيّاً كان من الجسد ونشَطَتْه الحيةُ تَنْشِطُه وتنْشُطُه نشطاً وأَنْشَطتْه: لدغَتْه وعضَّتْه بأَنيابها. وفي حديث أَبي المِنهال وذكرَ حَيَّات النار وعَقارِبَها فقال: وإِنَّ لها نَشْطاً ولَسْباً، وفي رواية: أَنْشأْنَ به نَشطاً أَي لِسْعاً بسُرعة واخْتِلاس، وأَنْشأْن بمعنى طَفِقْن وأَخذْن. ونَشَطَتْه شَعُوبُ نشطاً، مثَلٌ بذلك. وانتشطَ الشيءَ: اختَلَسه. قال شمر: انتشط المالُ المَرْعَى والكلأَ انتزعه بالأَسنان كالاختلاس. ويقال: نشَطْتُ وانْتَشَطْت أَي انتزعت.
والنَّشيطةُ: ما يغنَمُه الغُزاة في الطريق قبل البلوغ إِلى موضع الذي قصدوه. ابن سيده: النَّشِيطة من الغنيمة ما أَصاب الرئيسُ في الطريق قبل أَن يصير إِلى بَيْضةِ القوم؛ قال عبد اللّه بن عَنَمة الضَّبِّي:

لَكَ المِرْباعُ منها والصّفـايَا،

 

وحُكْمُكَ والنَّشِيطةُ والفُضُولُ

يخاطب بِسْطامَ بن قَيْس. والمِرْباعُ: ربع الغنيمة يكون لرئيس القوم في الجاهلية دون أَصحابه، وله أَيضاً الصفايا جمع صَفِيّ، وهو يَطْطَفِيه لنفسه مثل السيف والفرس والجارية قبل القسمة مع الربع الذي له. واصْطَفَى رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، سيفَ مُنَبِّه بن الحجَّاج من بني سَهْم بن عمرو بن هُصَيْصِ بن كَعب بن لُؤَي ذا الفَقارِ يوم بَدْر، واصطفى جُوَيْرية بنت الحرث من بني المُصْطَلِق من خُواعةَ يوم المُرَيْسِيع، جَعل صداقَها عِتقَها وتزوَّجها، واصْطَفَى صَفِيَّةَ بنت حُيَيّ ففعل بها مثل ذلك، وللرئيس أَيضاً النَّشِيطةُ مع الربع والصَّفيِّ، وهو ما انْتُشِط من الغنائم ولم يُوجِفوا عليه بخيل ولا رِكاب. وكانت للنبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، خاصَّة وكان للرئيس أَيضاً الفُضُولُ مع الربعِ والصفيِّ والنشِيطة، وهو ما فَضَل من القِسْمةِ مما لا تصح قِسمتُه على عدَد الغُزاةِ كالبعير والفرس ونحوهما، وذهبت الفُضول في الإِسلام. والنشِيطةُ من الإِبل: التي تُؤْخَذ فتُساق من غير أَن يُعْمَد لها؛ وقد انْتَشطوه.
والنَّشُوط: كلام عراقي وهو سَمك يُمْقَر في ماء ومِلح. وانْتَشَطْتُ السمكةَ: قَشَرْتُها. والنَّشُوطُ: ضرب من السمك وليس بالشَّبُّوطِ.
وقال أَبو عبيد في قوله عزَّ وجل: والنَّاشِطاتِ نَشْطاً، قال: هي النجوم تَطْلُع ثم تَغِيب، وقيل: يعني النجوم تَنْشِط من بُرْج إِلى برج كالثور الناشط من بلد إِلى بلد، وقال ابن مسعود وابن عباس: إِنها الملائكة، وقال الفراء: هي الملائكة تنشِط نفْس المؤْمن بقَبْضِها، وقال الزجاج: هي الملائكة تنشِط الأَرْواحَ نشطاً أَي تَنْزِعُها نَزْعاً كما تنزِع الدَّلْوَ من البئر. ونَشَّطْتُ الإِبل تنشيطاً إذا كانت ممنوعة من المَرْعى فأَرسلْتها تَرْعى، وقالوا: أَصلها من الأُنشوطة إذا حُلَّت؛ وقال أَبو النجم:

نَشَّطَها ذُو لِمّة لـم تَـقْـمَـلِ،

 

صُلْبُ العَصا جافٍ عن التَّعَزُّلِ

أَي أَرْسلَها إِلى مَرْعاها بعدما شربت.
ابن الأَعرابي: النُّشُطُ ناقِضُو الحِبال في وقت نَكْثها لتُضْفَر ثانية. وتَنَشَّطت الناقةُ في سيرها: وذلك إذا شدّت. وتنشَّطت الناقةُ الأَرضَ: قطعَتْها؛ قال:

تَنَشَّطَتْه كلُّ مِغْلاةِ الوَهَقْ

يقول: تناوَلَتْه وأَسرعت رَجْع يديها في سيرها. والمِغْلاةُ: البعيدةُ الخَطْو. والوهَقُ: المُباراةُ في السير. قال الأَخفش: الحِمارُ يَنْشِطُ من بَلد إِلى بلد، والهُمُومُ تَنْشِطُ بصاحِبها؛ وقال هِمْيانُ:

أَمْسَتْ هُمُومِي تَنْشِطُ المَناشِطا:

 

الشامَ بي طَوْراً، وطَوْراً واسِطا

ونَشِيطٌ: اسم. وقولهم: لا حتى يرجِعَ نَشِيطٌ من مَرْو، هو اسم رجل بَنى لزِياد داراً بالبَصرة فهَرَبَ إِلى مَرْو قبل إِتمامها، فكان زياد كلما قيل له: تَمِّم دارك، يقول: لا حتى يرجع نشيط من مرو، فلم يَرجع فصار مثلاً.

نشظ

الليث: النُّشوظُ نبات الشيء من أُرُومَتِه أَوّل ما يبدو حين يَصدع الأَرضَ نحو ما يخرج من أُصول الحاجِ، والفعل منه نَشَظَ يَنْشُظُ؛ وأَنشد:

ليسَ له أَصْلٌ ولا نُشُوظُ

قال: والنشْظُ الكَسْعُ في سيرْعة واخْتِلاس. قال أَبو منصور: هذا تصحيف وصوابه النشْط، بالطاء، وقد تقدّم ذكره.

نشع

النَّشْعُ: جُعْلُ الكاهِنِ، وقد أَنْشَعَه؛ قال رؤبة:

قال الحَوازي، وأَبَى أَن يُنْشَعا:

 

يا هِنْدُ ما أَسْرَعَ ما تَسَعْسَعا،

وهذا الرجَزُ لم يُورِد الأَزهريُّ ولا ابن سيده منه إِلا البيتَ الأَولَ على صوره:

قال الحَوازي، واسْتَحَتْ أَن تُنشَعا

ثم قال: ابن سيده: الحَوازي الكَواهِنُ، واسْتَحَتْ أَن تأْخذ أَجر الكَهانةِ، وفي التهذيب: واشْتَهَتْ أَن تُنْشَعا، وأَما الجوهري فإِنه أَورد البيتين كما أَوْرَدْناهما؛ قال الشيخ ابن بري: البيتان في الأُرجوزة لا يلي أَحدهما الآخر؛ والضمير في يُنْشَعا غير الضمير الذي في تَسَعْسَعا لأَنه يعود في يُنْشَعا على تميم أَبي القبيلة بدليل قوله قبل هذا البيت:  

إِنَّ تَمِيماً لم يُراضَعْ مُسْبَعا

 

ولم تَلِدْه أُمُّه مُقَـنَّـعـا

ثم قال:

قال الحَوازي وأَبَى أَن يُنْشَعا

ثم قال بعده:

أَشَرْيةٌ في قَرْيةٍ ما أَشْنَعا

أَي قالت الحَوازي، وهُنَّ الكَواهِنُ: أَهذا المولود شَرْية في قرْيةٍ أَي حَنْظلة في قريةِ تَمْلٍ أَي تمِيمٌ وأَولادُه مُرُّونَ كالحَنْظَلِ كثيرون كالنمل؛ قال ابن حمزة: ومعنى أَن يُنْشَعا أَي أَن يؤخَذ قهراً.
والنشْعُ: انْتِزاعُكَ الشيء بعُنْفٍ، والضمير في تَسَعْسَعا يعود على رؤبة نفسه بدليل قوله قبل البيت:

لَمّا رأَتْني أُمّ عَمْروٍ أَصْلَعا،

قالتْ، ولم تَأْلُ به أَن يَسْمَعا:

يا هِنْدُ ما أَسْرَعَ ما تَسَعْسَعا!

والنَّشُوعُ والنَّشُوغُ، بالعين والغين معاً: السَّعُوطُ، والوَجُورُ: الذي يُوجَرُه المريض أَو الصبي؛ قال الشيخ ابن بري: يريد أَن السَّعُوطَ في الأَنْفِ والوَجُورَ في الفم. ويقال: إِن السَّعُوطَ يكون للاثنين ولهذا يقال للمُسْعُطِ مِنْشَعٌ ومِنْشَغٌ؛ قال أَبو عبيد: كان الأَصمعي ينشد بيت ذي الرمة:

فأَلأُمُ مُرْضَعٍ نُشِعَ المَحارا

بالعين والغين، وهو إِجارُك الصبيّ الدَّواءَ. وقال ابن الأَعرابي: النَّشُوعُ السَّعُوطُ، ثم قال: نُشِعَ الصبُّ ونُشِغَ، بالعين والغين معاً، وقد نَشَعَهُ نَشْعاً وأَنْشَعَه سَعَّطَه مثل وجَرَه وأَوْجَرَه، وانْتَشَعَ الرجلُ مثل اسْتَعَطَ، وربما قالوا أَنْشَعْتُه الكلام إذا لَقَّنْتَه. ونَشَعَ الناقةَ يَنْشَعُها نُشُوعاً: سَعَّطَها، وكذلك الرجلَ؛ قال المرّارُ:

إِلَيْكُمْ، يا لِئامَ المـاسِ، إِنِّـي

 

نُشِعْتُ العِزَّ في أَنْفي نُشُوعا

والنُّشُوعُ، بالضم: المصدر. وذات النُّشُوعِ: فرس بَسْطامِ بن قَيْسٍ.
ونُشِعَ بالشيءِ: أُولِعَ به. وإِنه لَمَنْشُوعٌ بأَكل اللحم أَي مُولَعٌ به، والغين المعجمة لغة؛ عن يعقوب. وفلان مَنْشُوعٌ بكذا أَي مُولَعٌ به؛ قال أَبو وَجْزَة:

نَشِيعٌ بماءِ البَقْـلِ بَـينَ طَـرائِقٍ

 

من الخَلْقِ، ما مِنْهُنَّ شيءٌ مُضيَّعُ

والنَّشْعُ والانْتِشاعُ: انْتِزاعُك الشيء بعُنْفٍ. والنُّشاعةُ: ما انْتَشَعَه بيده ثم أَلقاه. قال أَبو حنيفة: قال الأَحمر نَشَعَ الطيِّبَ شَمَّه.
والنَّشَعُ من الماءِ: ما خَبُثَ طَعْمُه.

نشغ

النَّشُوغُ: الوَجُورُ والسَّعُوطُ، وهو بالعين المهملة أَيضاً، وهو أَعلى، وقد نُشِغَ الصبيُّ نُشُوغاً؛ قال ذو الرمة:

إذا مَرْئِيَّةٌ ولَدَتْ غُـلامـاً

 

فَأَلأَمُ مُرْضَعٍ نُشِغَ المَحارا

وروي نُشِعَ، بالعين المهملة، وهو إيجارُك الصبي الدَّواءَ، وقد تَقَدّم نَشغَه ونَشَعه إذا أَوْجَره. ابن الأَعرابي: نُشِعَ الصبي ونشِغَ، بالعين والغين، إذا أُوجِرَ في الأَنف. الليث: نَشَغْتُ الصبيَّ وَجُوراً فانْتَشَغَه جُرْعةً بعد جُرْعةٍ. وفي الحديث: فإِذا هو يَنْشَغُ أَي يَمَصُّ بِفِيه.
والمِنْشَغةُ: المُسْعُطُ أَو الصَّدَفةُ يُسْعَطُ بها؛ قال الشاعر:

سَأَنْشَغُه حتى يَلِينَ شَرِيسُه

 

بِمِنْشغةٍ فيها سِمامٌ وعَلْقَمُ

والنَّشَغُ: التَّلْقِينُ، وربما قالوا نَشَغْته الكلام نَشْغاً أَي لقَّنْتُه وعَلَّمته، وهو على التشبيه. ويقال نَشَغْتُه الكلامَ ونَسَغْتُه الكلامَ، بالشين والسين؛ ونَشَغَه يَنْشَغُه نَشْغاً وأَنْشَغَه فَنَشَغَ وتَنَشَّغَ وانْتَشَغَ وناشَغَ؛ قال:

أَهْوى وقد ناشَغَ شِرْباً واغِلا

والنَّشْغُ: الشَّهِيقُ حتى يَكاد يَبْلُغُ به الغَشْيَ. وفي حديث أُمِّ إسماعيل: فإِذا الصبي يَنْشَغُ للموت، وقيل: معناه يَمْتَصُّ بِفيه من نَشَغْتُ الصبيّ دَواء فانْتَشَغَه. ونَشَغَ يَنْشَغُ نَشْغاً: شَهِقَ حتى كاد يُغْشى عليه وإِنما ذلك من شَوْقِه. وفي حديث أَبي هريرة: أَنه ذكرَ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَنَشَغَ نَشْغَةً أَي شَهِقَ وغُشِيَ عليه؛ قال أَبو عبيد: وإنما يفعل ذلك الإنسان شَوْقاً إلى صاحبه أَو إِلى شيء فائتٍ وأَسَفاً عليه وحُبّاً للِقائه. قال: وهذا نَشْغٌ، بالغين، لا اختلاف فيه؛ قال رؤبة يمدحُ رجلاً ويذكر شَوْقَه إليه:

عَرَفْتُ أَني ناشِغٌ في النُّشَّغِ

 

إِلَيْكَ أَرْجُو من نَداكَ الأُسْبَغِ

والنَّشْغةُ: تَنَفُّسةُ من تَنَفُّسِ الصُّعَداء، يقال منه:نَشَغَ يَنْشَغُ نَشْغاً. والنَّشْغُ: جُعْلُ الكاهِنِ، وقد نَشَفَه، والعينُ المهملة أَعْلى، ونُشِغَ به نَشْغاً: أُولِعَ، والعين المهملة لغة. أَبو عمرو: نُشِغَ به ونُشِعَ به وشُغِفَ به أَي أُولِعَ به. وإنه لنَشُوغٌ بأَكل اللحم ومَنْشُوغٌ به أَي مُولَعٌ.
والنَّاشِغانِ: الواهِنَتانِ وهما ضِلَعانِ من كل جانب ضِلَعٌ. الفراء: النَّواشِغُ مَجاري الماء في الوادي؛ وأَنشد للمرَّار بن سَعِيد:

ولا مُتلاقِياً، والشمسُ طِفْـلٌ

 

ببَعْضِ نَواشِغِ الوادي حُمولا

والناشِغةُ: مَجْرى الماء إلى الوادي، وخَصَّ ابن الأَعرابي بها الشُّعْبةَ المَسِيلةَ أَو الشَعْبَ المَسِيلَ. قال أَبو حنيفة: النَّواشِغُ أَضْخَمُ من الشِّحاحِ، والنَّشَغاتُ فُواقاتٌ خَفِيِّاتٌ جِدّاً عند الموت، واحدتها نَشْغةٌ، وقد نَشَغَ وتَنَشَّغَ. وفي الحديث: لا تَعْجَلُوا بِتَغْطيةِ وجْهِ الميت حتى يَنْشَغَ أَو يَتَنَشَّغَ؛ حكاه الهَرَويُّ في الغريبين. ابن الأَعرابي: أَنْشَغَ الرجل تَنَحَّى. ونَشَغَه بالرُّمْحِ: طَعَنَه؛ قال الأَخطل:

تنَقَّلَتِ الدِّيارُ بها فَحلَّـتْ

 

بِحَزَّةَ، حَيْثُ يَنْتَشِغُ البَعِيرُ

وانْتِشاغُ البَعير: أَن يَضْرِبَ بخُفِّه مَوْضِعَ لَذْعِ الذُّبابِ؛ قال أَبو زبيد:

شَأْسُ الهَبُوطِ زَناءُ الحامِيَيْنِ، متى

 

تَنْشَغْ بِوارِدةٍ، يَحْدُثْ لها فَـزَعُ

يصف طريقاً تَنْشَغُ بِوارِدةٍ أَي يصير فيه الناس فَتَتضايقُ الطَّريقُ بالوارِدةِ، كما يَنْشَغُ بالشيء إذا غَصَّ به. وفي حديث النجاشيّ: هل تَنَشَّغَ فيكم الوَلَدُ؟ أَي اتَّسَعَ وكَثُرَ؛ هكذا جاء في رواية، والمشهور تَفَشَّغَ بالفاء، والله أَعلم.

نشف

نَشِفَ الماءُ: يَبس، ونَشِفَتْه الأَرضُ نَشْفاً، والاسم النَّشَف. ونَشَف الماءَ يَنْشِفُه نَشْفاً ونَشِفَه: أَخذه من غدير أَو غيره بخرقة أَو غيرها. ابن السكيت: النشْفُ مصدر نَشِفَ الحوضُ الماء ينشَفُه نَشْفاً. ونَشِفَ الثوبُ العَرَقَ، بالكسر، يَنْشَفه نشفاً: شربه، وتَنَشَّفه كذلك. وفي حديث طَلْق: أَنه، عليه السلام، قال لنا اكْسِروا بِيعتَكم وانْضَحُوا مكانها واتَّخِذوه مسجداً، قلنا: البلد بعيد والماء يَنْشَفُ؛ قال ابن الأَثير: أَصل النشْف دخول الماء في الأَرض والثوب؛ يقال: نَشِفت الأَرضُ الماء تنْشَفه نَشْفاً شربته. والنُّشافةُ: ما نَشِف من الماء.
وأَرض نَشِفة بيِّنة النَّشَف، بالتحريك، إذا كانت تنْشَف الماءَ، وقيل ينْشَف ماؤها. ابن السكيت في باب فَعِلَ وهو الفصيح الذي لا يتكلم بغيره: ومن العرب من يفتح نَشَف الحوضَ من الماء يَنْشُفه ونَفَدَ الشيءُ يَنْفُدُ لا غير. ابن بزرج: قالوا نَشِفت جَرَّتُك الماءَ ونَشَفت تنْشَف وتنْشُف. والنُّشْفةُ: الشيء القليل يَبْقى في الإناء مثل الجُرْعة؛ هذه عن أَبي حنيفة. وانتشَف الوسَخَ: أَذْهبه مَسْحاً ونحوه. والنَّشْفةُ والنِّشْفةُ: الحجر الذي يُتَدَلَّك به، سمي بذلك لانْتِشافه الوسخ في الحمّامات، والجمع نِشَفٌ ونِشافٌ، فأما النَّشَفُ فاسم الجمع وليس بجمع لأَن فَعْلَة وفِعْلة ليس مما يكسَّر على فَعَلَ، ونظيره فلْكةٌ وفلَك وحَلْقة وحَلَق؛ كله عن سيبويه.
الليث: النَّشَف دُخول الماء في الأَرض، والنَّشَفُ حجارة على قدْر الأَفْهار ونحوها سود كأَنها محترقة تسمى نَشْفةً ونَشَفاً، وهو الذي يُنَقَّى به الوسخ في الحمَّامات، سميت نَشْفة لتَنَشُّفِها الماء، وقيل: سميت نَشفة لانْتِشافِها الوسَخَ عن مواضعه.
الأَصمعي: النَّشْف، بالتسكين، والنشَف، بالتحريك، حجارة الحَرَّة وهي سود كأَنها محترقة، الواحدة نَشْفة؛ قال ابن بري: ونظيره حَلْقة وحَلَق وفَلْكة وفلَك وحَمْأَة وحَمَأٌ وبكْرة وبَكَر لبَكْرة التي في لغة من أَسكن بكْرة ولزْبة ولَزَبَ؛ وقال أَبو عمرو: النَّشْفة الحجارة التي تُدلَك بها الأَقدام؛ قال الشاعر:

طُوبى لمن كانت له هِرْشَفَّهْ

 

ونَشْفَةٌ يملأ منهـا كَـفَّـهْ

وقال الأُمويُّ: النِّشْفة، بكسر النون. وفي حديث عمار: أَتَى النبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فرأَى به صُفرة فقال اغسلها، فذهبْتُ فأَخذْت نَشَفَةً لنا فدَلَكْت بها على تلك الصُّفرة حتى ذهبت؛ قال: النَّشفة، بالتحريك وقد تسكن، واحدة النَّشَف وهي حجارة سود كأَنها أُحْرقت بالنار وإذا تركت على رأْس الماء طفَت ولم تغُص فيه، وهي التي يُحَكُّ بها الوسخ عن اليد والرجل، ومنه حديث حذيفة: أَظلَّتكم الفِتن ترمي بالنَّشَف ثم التي تليها ترمي بالرَّضْف، يعني أَنَّ الأُّولى من الفِتَن لا تؤثِّر في أَديان الناس لخِفَّتِها، والتي بعدها كهيئة حجارة قد أُحميت بالنار فكانت رضْفاً، فهي أَبلغ في أَديانهم وأَثْلَم لأَبدانهم.
والنَّشْفة: الصُّوفة التي يُنَشَّف بها الماء من الأَرض. الصحاح: والنَّشَّافة التي يُنَشَّف بها الماء: وفي الحديث: كان لرسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، نَشَّافةٌ يُنشِّفُ بها غُسالة وجهه يعني مِنْدِيلاً يَمْسَحُ به وضُوءه. وفي حديث أَبي أَيوب: فقمت أَنا وأُم أَيوب بقَطِيفة ما لنا غيرُها نُنَشِّفُ بها الماء. والنُّشافة: الرَّغْوة، وهي الحُفالة. ابن سيده: النُّشْفة والنُّشافة الرَّغْوة التي تعلو اللبن لبن الإبل والغنم إذا حُلب وهو الزَّبَد، وقال اللحياني: هو رَغْوة اللبن، ولم يَخُصَّ وقت الحلب. وانتشف النُّشافة: أَخذها. وأَنشفَه: أَعطاه النُّشافة. ويقال للصبي: أَنْشِفْني أَي أعطني النُّشافة أَشربها. ونَشَّفَت الإبل أَي صارت لأَلبانها نُشافة. ويقال: انتشَف إذا شرب النشافة. حكى يعقوب: أَمست إبلكم تُنَشِّفُ وتُرَغِّي أَي لها نُشافة ورَغْوة من التنشيف والترغية.النضر: نَشَّفت الناقة تنشيفاً، وهي ناقة مُنَشِّف، وهو أَن تراها مرّة حافلاً ومرة ليس في ضرعها لبن، وإنما تفعل ذلك حين يدنو نِتاجها. والنُّشافة والنُّشْفة: ما أَخذت بمغْرفة من القدْر وهو حارّ فتحسَّيْتَه.
والنَّشْفُ: اللَّون؛ ويروى بيت أَبي كبير:

وبَياضُ وجْهِك لم تَحُلْ أَسرارُه

 

مِثْلُ الوَذِيلةِ، أَو كنَشْفِ الأَنْضُرِ

وانتُشِفَ لونه: انتُقع؛ حكاه يعقوب، قال: والسين لغة.

نشق

النَّشْقُ: صب سَعوط في الأَنف. ابن سيده: النَّشُوق سَعُوط يجعل أو يصب في المُنْخُرين، تقول: أَنْشَقْتُه إنْشاقاً. وفي الحديث: إن للشيطان نَشوقاً ولَعُوقاً ودساماً، يعني أَنَّ له وساوس مهما وجَدتْ منفذاً دخلت فيه. وأَنْشَقْتُه الدواء في أَنفه: صببته فيه. الليث: النَّشُوق اسم لكل دواء يُنْشَقُ؛ وأَنشد ابن بري للأغلب:

وافْتَرَّ صاباً ونَشوقاً مالحا

وفي الحديث: أَنه كان يَسْتَنُشِقُ في وُضوئه ثلاثاً في كل مرة يَسْتَنْثِرُ أَي يُبْلِغ الماء خَياشيمه، وهو من اسْتِنْشاق الريح إذا شَمِمْتها مع قوَّة، وقيل: أَنْشَقه الشيءَ فانْتَشَق وتَنَشَّق.
وانْتَشَق الماءَ في أَنفه واسْتَنْشَقَه: صبَّه فيه. واسْتَنْشقُتُ الريح: شممتها. واسْتَنْشَقْتُ الماء وغيره إذا أَدخلته في الأنف. والنشاق:الريح الطيبة، وقد نَشِقَها نَشَقاً ونَشْقاً وانْتَشَقَ وتَنَشَّق. أَبو زيد: نَشِقْتُ من الرجل ريحاً طيِّبة أَنْشَقُ نَشَقاً أَي شَمِمْت، ونَشِيت أَنْشى نِشْوةً مثله. وقال أَبو حنيفة: إن كان المشموم مما تُدْخِلُه أَنفك قلت تَنَشَّقْتُه واسْتَنْشقته. وأَنْشَقَهُ القطنة المحرقة إذا أدناها إلى أَنفه ليَدْخل ريحُها خَياشيمه. ورائحة مكروهة النِّشْق أَي الشم؛ وأَنشد لرؤبة:

حَرّاً من الخَردْلِ مكروه النَّشَقْ

والنُّشْقة: الحلقة تشد بها الغنم، وقيل: النُّشْقة، بالضم: الرِّبْقة التي تجعل في أَعناق البَهْم. ويقال لحلَق الرِّبَق نُشَق، وقد أَنْشَقْته في الحبل أَي أَنشبته؛ وأَنشد:

نَزْوَ القَطا أَنْشَقَهُنَّ المُحْتَبِلْ

وقال آخر:

مناتِينُ أَبْـرامٌ كـأَنَّ أَكُـفَّـهُـمْ

 

أَكُفُّ ضِبابٍ، أُنْشِقَتْ في الحَبائِل

ابن الأَعرابي: أَنْشَقَ الصائدُ إذا عَلِقَت النُّشْقة بعنق الغزال في الكَصِيصةِ، ويقول الصائد لشريكه: لي النَّشاقى ولك العَلاقى، فالنَّشَاقى: ما وقعت النُّشْقة في الحلق وهي الشَّربة، قال: والعَلاقى ما تعلق بالرجْل. ونَشِقَ الصيد في الحِبالة نَشَقاً: نَشِب وعَلِق فيها، وكذلك فَراشةُ القُفْل. اللحياني: يقال نَشِبَ في حبله ونَشِقَ وعَلِقَ وارْتَبَقَ، كل ذلك بمعنى واحد. ابن سيده: وحكى اللحياني نَشِق فلان في حِبالي نَشِب. وفي الحديث: أَنه شُكِيَ إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، كثرةُ الغيث وكان فيما قيل له ونَشِقَ المسافرُ أَي نَشِب فلم يُطِق على البراح من كثرة المطر. ورجل نَشِقٌ إذا كان ممن يدخل في أُمور لا يكاد يتخلص منها.

نشل

نَشَل الشيء يَنْشُله نَشْلاً: أَسرع نَزْعَه. ونَشَل اللحم يَنْشُله ويَنْشِله نَشْلاً وأَنشَله: أَخرجه من القِدْر بيده من غير مِغْرفة.
ولحم نَشِيل: مُنْتَشَل. ويقال: انْتَشَلْت من القدر نَشِيلاً فأَكلتُه.
ونَشَلْت اللحمَ من القدر أَنْشُله، بالضم، وانْتَشَلْته إذا انتزَعته منها.
والمِنْشَل والمِنْشال: حديدة في رأْسها عُقَّافَة يُنْشَل بها اللحم من القِدْر وربما مِنْشال من المَناشِل؛ وأَنشد:

ولو أَنِّي أَشاءُ نَعِمْتُ بـالاً

 

وباكَرَني صَبُوحٌ أَو نَشِيلُ

ونَشَل اللحمَ يَنْشُله ويَنْشِله نَشْلاً وانْتَشَله: أَخذ بيده عُضْواً فتَناول ما عليه من اللحم بفِيه، وهو النَّشِيل. وفي الحديث: ذُكِر له رجل فقيل هو من أَطول أَهل المدينة صَلاةً، فأَتاه فأَخذ بعَضُده فنَشَله نَشَلاتٍ أَي جَذَبه جَذَبات كما يفعل من يَنْشِل اللحم من القدر. وفي الحديث: أَنه مَرَّ على قِدْرٍ فانْتَشَل منها عَظْماً أَي أَخذه قبل النُّضْجِ، وهو النَّشِيل. والنَّشِيل: ما طبخ من اللحم بغير نابِل، والفِعْل كالفِعْل؛ قال لقيط بن زرارة:

إِنَّ الشِّواءَ والنَّشِيلَ والرُّغُفْ،

القَيْنَةَ الحَسْناء والكَأْسَ الأُنُفْ

لِلضَّارِبِينَ الهامَ، والخيلُ قُطُفْ

الليث: النِّشْل لحم يطبَخ بلا توابِل يخرج من المَرَق ويُنْشَل. أَبو عمرو: يقال نَشِّلوا ضيفَكم وسَوِّدُوه ولَوُّوه وسَلِّفُوه بمعنى واحد.
أَبو حاتم: النَّشِيل ما انْتَشَلْت بيدِك من قِدْر اللحم بغير مِغْرَفة، ولا يكون من الشِّواء نَشِيل إِنما هو من القَدِير، وهو من اللبَن ساعة يحلَب. والنَّشِيل: اللبن ساعة بحلَب وهو صَرِيفٌ ورَغْوَته عليه؛ قال:

عَلِقْت نَشِيلَ الضَّأْنِ، أَهْلاً ومَرْحَباً

 

بِخالي، ولا يُهْدَى لِخالك مِحْلَـبُ

وقد نُشِل. وعضُد مَنْشولة وناشِلة: دقيقة. وفخذ ناشِلة: قليلة اللحم، نَشَلَت تَنْشُل نُشولاً، وكذلك السّاقُ، وقال بعضهم: إِنها لَمَنْشُولةُ اللحم؛ وقال أَبو تراب: سمعت بعض الأَعراب يقول فَخِذٌ ماشِلةٌ بهذا المعنى، وقيل: النُّشولُ ذهابُ لحم الساق. والنَّشِيلُ: السيفُ الخفيف الرقيقُ؛ قال ابن سيده: أَراه من ذلك؛ قال لبيد:

نَشِيل من البِيضِ الصَّوارمِ بعدما

 

تَقَضَّضَ، عن سِيلانِه، كلُّ قائِم

قال أَبو منصور: وسمعت الأَعراب يقولون للماء الذي يُسْتَخرَج من الركِيَّة قبل حَقْنِه في الأَسَاقي نَشِيل. ويقال: نَشِيلُ هذه الركيَّة طيِّبٌ، فإِذا حُقِنَ في السقاء نَقَصَت عُذُوبَتُه. ونَشَلَ المرأَة يَنْشُلها نَشْلاً: نكحَها. أَبو تراب عن خليفة: نَشَلَتْه الحَيَّة ونَشَطَتْه بمعنى واحد.
والمَنْشَلة، بالفتح: ما تحت حَلْقة الخاتم من الإِصبع؛ عن الزجاجي، وفي الصحاح: موضع الخاتم من الخِنْصِر. ويقال: تَفَقَّدِ المَنْشَلةَ إذا توضَّأْتَ. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: قال لرجل في وُضوئه: عليك بالمَنْشلة، يعني موضعَ الخاتم من الخنصِر، سميت بذلك لأَنه إذا أَراد غَسْلَه نَشَل الخاتمَ أَي اقْتلعه ثم غَسَله.

نشم

النَّشَمُ، بالتحريك: شجر جبليّ تتخذ منه القسيّ، وهو من عُتُق العِيدان؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:

يأْوي إِلى مُشْمَخِرّاتٍ مُصَعِّدةٍ

 

شُمٍّ، بِهِنّ فُروعُ القانِ والنَّشَم

واحدتُه نَشَمةٌ. الأَصمعي: من أَشجار الجبال النَّبْع والنَّشَمُ وغيره تتَّخذ من النَّشَم القِسِيُّ؛ ومنه قول امرئ القيس:

عارِضٍ زَوْراءَ من نَشَمٍ

 

غَيْرِ باناتٍ على وتَرِهْ

والنَّشَمُ أَيضاً: مثل النَّمَش على القلب؛ يقال منه: نَشِم، بالكسر، فهو ثورٌ نَشِمٌ إذا كان فيه نقط بيض ونقط سود.
ونَشَّمَ اللحمُ تَنْشيماً: تغيَّر وابتدأَتْ فيه رائحةٌ كريهة، وقيل: تغيرت ريحُه ولم يبلغ النَّتْنَ، وفي التهذيب: إذا تغيرت ريحُه لا من نَتْنٍ ولكن كَراهةً. يقال: يَدِي من الجُبْنِ ونحوِه نَشِمةٌ.
والمُنَشِّمُ: الذي قد ابتدأَ يتغيَّر؛ وأَنشد:

وقد أُصاحِبُ فِتْياناً شَرابُـهُـمُ

 

خُضْرُ المَزاد، ولَحْمٌ فيه تَنْشِيمُ

قال: خضر المَزادِ الفَظُّ وهو ماءُ الكَرِش. ويقال: إِن الماء بَقِي في الأَداوي فاخْضَرَّت من القِدَم. وتَنَشَّمْتُ منه علْماً إذا استفَدْت منه علماً. ونَشَّمَ القومُ في الأَمر تَنْشِيماً: نَشَبوا فيه وأَخذوا فيه. قال: ولا يكون ذلك إِلا في الشرّ؛ ومنه قولهم: نَشَّم الناسُ في عُثْمان. ونَشَّمَ في الأَمر: ابتدأَ فيه؛ عن اللحياني، هكذا قال فيه، ولم يقل به. ونَشَّمه ونشَّمَ فيه: نال منه وطَعَن عليه. وقال أَبو عبيد في حديث مَقْتل عثمان: لما نَشَّمَ للناسُ في أَمره؛ قال: معناه طعنوا فيه ونالوا منه، أَصلُه من تَنْشِيم اللحم أَوَّلَ ما يُنْتِن. وتَنَشَّمَ في الشيء ونَشَّم فيه إذا ابتدأَ فيه؛ قال الشاعر:

قد أَغْتَدي، والليلُ في جَرِيمه،

مُعَسْكِراً في الغُرِّ من نجُومِه

والصُّبْحُ قد نَشَّم في أَديمِه،

يَدُعُّه بِضَفَّتَيْ حَيْزُومِه،

دَعَّ الرَّبِيب لحْيَتَيْ يَتِيمِه

قال: نَشَّم في أَديمِه يريد تَبدَّى في أَول الصبح، قال: وأَديمُ الليل سواده، وجريمُه: نفسه. والتَّنشيم: الابتداءُ في كل شيء. وفي النوادر: نَشَمْتُ في الأمر ونَشَّمْت ونَشَّبْت أي ابتدأْت. ونَشَّمَتِ الأَرضُ: نَزَّتْ بالماء.
والمَنْشِم: حبُّ من العِطْر شاقٌّ الدَّقّ.
والمَنْشَم والمَنْشِم: شيء يكون في سنبل العِطر يُسَمِّيه العطّارون رَوْقاً، وهو سَمٌّ ساعةٍ، وقال بعضهم: هي ثمرة سوادء مُنْتِنَة، وقد أَكثرت الشعراءُ ذِكْر مَنْشِمٍ في أَشعارهم؛ قال الأَعشى:

أَراني وعَمْراً بيننا دَقُّ مَنْشِمٍ

 

فلم يبق إلا أَن أُجَنَّ ويَكْلَبَا

ومَنْشِمُ، بكسر الشين: امرأَة عطّارة من هَمْدان كانوا إذا تطيَّبوا من ريحها اشتدَّت الحرب فصارت مثلاً في الشرّ؛ قال زهير:

تَدارَكْتُمُ عَبْساً وذُبْيانَ، بعـدمـا

 

تَفانَوْا، ودَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمِ

صرفه للشِّعر. وقال أَبو عمرو بن العلاء: هو من ابتداء الشرّ، ولم يكن يذهب إلى أَن مَنْشِمَ امرأَةٌ كما يقول غيره؛ وقال ابن الكلبي في عِطْرِ مَنْشِم: مَنْشِمُ امرأَةٌ من حِمْيَر، وكانت تبيع الطيب، فكانوا إذا تطيبوا بطيبِها اشتدَّت حربُهم فصارت مثلاً في الشرّ؛ قال الجوهري: مَنْشِمُ امرأَةٌ كانت بمكة عطّارة، وكانت خُزاعةُ وجُرْهُم إذا أَرادوا القتال تطيَّبوا من طيبها، وكانوا إذا فعلوا ذلك كَثُرَ القَتْلى فيما بينهم فكان يقال: أَشْأَمُ من عِطْرِ مَنْشِم، فصار مثلاً: قال: ويقال هو حبُّ بَلَسانٍ. وحكى ابن بري قال: يقال عطرُ مَنْشَم ومَنْشِم، قال: وقال أَبو عمرو مَنْشَمٌ الشرُّ بعينه، قال: وزعم آخرون أَنه شيء من قُرون السُّنْبُل يقال له البَيْش، وهو سَمُّ ساعةٍ؛ قال: وقال الأَصمعي هو اسم امرأَة عطَّارة كانوا إذا قصدوا الحرب غَمَسوا أَيْدِيَهم في طِيبها، وتحالفوا عليه بأَن يسْتَمِيتُوا في الحرب ولا يُوَلُّوا أو يُقْتَلوا، قال: وقال أَبو عمرو الشَّيْباني: مَنْشِم امرأَة عطارة تبيع الحَنُوط، وهي من خُزاعة، قال: وقال هشامٌ الكَلْبيُّ من قال مَنْشِم، بكسر الشين، فهي مَنشِم بنت الوَجيه من حِمْير، وكانت تبيع العِطْرَ، ويتشاءمون بعطرها، ومن قال مَنشَم، بفتح الشين، فهي امرأَة كانت تَنْتجع العربَ تبيعُهم عِطرها، فأَغار عليها قومٌ من العرب فأَخذوا عِطْرَها، فبلغ ذلك قومَها فاستأْصلوا كلَّ مَنْ شَمُّوا عليه ريحَ عطرها؛ وقال الكلبي: هي امرأَة من جُرهُم، وكانت جُرْهُم إذا خرجت لقتال خُزاعة خرجت معهم فطيَّبتهم، فلا يتطيب بطيبها أَحد إِلا قاتلَ حتى يُقتل أَو يجرح، وقيل: مَنْشِمُ امرأَةٌ كانت صنعت طيباً تُطَيِّب به زوجها، ثم إنها صادقت رجلاً وطيّبته بطيبِها، فلقِيَه زوجُها فشمَّ ريحَ طيبها عليه فقتَله، فاقتتل الحيّانِ من أَجله.