باب النون والصاد، الضاد، الطاء، الظاء

نصأ

نَصَأَ الدابةَ والبَعِيرَ يَنْصَؤُها نَصْأً إذا زَجَرَها.
ونَصَأَ الشيءَ نَصْأً، بالهمز رَفَعَه، لغة في نَصَيْتُ. قال طرفة: أَمُونٍ، كأَلْواحِ الإِرانِ، نَصَأتُها على لاحِبٍ، كأَنَّه ظَهْرُ بُرْجُدِ

نصا

النَّاصِيةُ: واحدة النَّواصي. ابن سيده: الناصِيةُ والنَّصاةُ، لغة طيئية، قُصاصُ الشعر في مُقدَّم الرأْس؛ قال حُرَيْث بن عَتاب الطائي:

لقَدْ آذَنَتْ أَهْلَ اليَمـامةِ طَـيِّء

 

بحَرْبٍ كناصاةِ الحِصانِ المُشَهَّرِ

وليس لها نظير إِلا حرفين: بادِيةٌ وباداةٌ وقارِيةٌ وقاراةٌ، وهي الحاضِرةُ. ونَصاه نَصْواً: قبض على ناصِيَتِه، وقيل: مَدَّ بها. وقال الفراء في قوله عز وجل: لنَسْفَعَنْ بالنّاصِيةِ؛ ناصِيَتُه مقدَّمُ رأْسه أَي لنَهْصُرَنَّها لنَأْخُذَنَّ بها أَي لنُقِيمَنَّه ولَنُذِلَّنَّه. قال الأَزهري: الناصِية عند العرب مَنْبِتُ الشعر في مقدَّم الرأْس، لا الشعَرُ الذي تسميه العامة الناصية، وسمي الشعر ناصية لنباته من ذلك الموضع، وقيل في قوله تعالى: لنَسْفَعَنْ بالناصِية؛ أَي لنُسَوِّدَنَّ وجهه، فكَفَتِ الناصِيةُ لأَنها في مقدّم الوجه من الوجه؛ والدليل على ذلك قول الشاعر:

وكُنتُ، إذا نَفْس الغَوِيِّ نَزَتْ به

 

سَفَعْتُ على العِرْنِينِ منه بِمِيسَمِ

ونَصَوْته: قبضت على ناصِيَتِه. والمُناصاةُ: الأَخْذُ بالنَّواصي.
وقوله عز وجل: ما من دابة إِلا هو آخِذٌ بناصِيَتِها؛ قال الزجاج: معناه في قَبْضَته تَنالُه بما شاء قُدرته، وهو سبحانه لا يَشاء إِلا العَدْلَ.
وناصَيْتُه مُناصاةً ونِصاء: نَصَوْتُه ونَصاني؛ أَنشد ثعلب:

فأَصْبَحَ مِثْلَ الحِلْسِ يَقْتادُ نَفْسَه

 

خَلِيعاً تُناصِيه أُمُورٌ جَـلائِلُ

وقال ابن دريد: ناصَيْتُه جَذَبْت ناصِيَتَه؛ وأَنشد:

قِلالُ مَجْدٍ فَرَعَتْ آصاصا

 

وعِزَّةً قَعْساءَ لَنْ تُناصى

وناصَيْتُه إذا جاذبْته فيأْخذ كل واحد منكما بناصِيةِ صاحبه. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: لم تكن واحدةٌ من نساء النبي، صلى الله عليه وسلم، تُناصِيني غير زَيْنَبَ أَي تُنازِعُني وتباريني، وهو أَن يأْخذ كل واحد من المُتنازعين بناصِيةِ الآخر. وفي حديث مقتل عُمر: فثارَ إِليه فتَناصَيا أَي تَواخَذا بالنَّواصِي؛ وقال عمرو بن مَعْدِ يكرب:  

أَعَبَّاسُ لو كانت شَنـاراً جِـيادُنـا

 

بتَثْلِيثَ، ما ناصَيْتَ بَعْدي الأَحامِسا

وفي حديث ابن عباس: قال للحسين حين أَراد العِراق لولا أَني أَكْرَهْ لنَصَوْتك أَي أَخذت بناصِيَتِك ولم أَدَعْك تخرج.
ابن بري: قال ابن دريد النَّصِيُّ عَظْم العُنُق؛ ومنه قول ليلى الأَخيلية:

يُشَبّهُونَ مُلوكاً في تَجِلَّتِـهـمْ

 

وطولِ أَنْصِيةِ الأَعْناقِ والأُمَمِ

ويقال: هذه الفلاة تُناصِي أَرض كذا وتُواصِيها أَي تَتَّصل بها.
والمفازة تَنْصُو المَفازة وتُناصيها أَي تتصل بها؛ وقول أَبي ذؤيب:

لِمَنْ طَلَلٌ بالمُنْتَصى غَيْرُ حائلِ

 

عَفا بَعْدَ عَهْدٍ من قِطارٍ ووابِلِ؟

قال السكري: المُنْتَصى أَعلى الوادِيين. وإِبل ناصِيةٌ إذا ارتَفَعتْ في المرعى؛ عن ابن الأَعرابي.وإِني لأَجِد في بطني نَصْواً ووَخْزاً أَي وَجَعاً، والنَّصْوُ مثل المَغَس، وإِنما سمي بذلك لأَنه يَنْصوك أَي يُزْعِجُك عن القَرار. قال أَبو الحسن: ولا أَدري ما وجه تعليله له بذلك. وقال الفراء: وجدْتُ في بطني حَصْواً ونَصْواً وقَبْصاً بمعنى واحد. وانْتَصى الشيءَ: اخْتارَه؛ وأَنشد ابن بري لحميد بن ثور يصف الظبية:

وفي كلِّ نَشْزٍ لها مَـيْفَـعٌ

 

وفي كلِّ وَجْهٍ لها مُنْتَصى

قال: وقال آخر في وصف قطاة:

وفي كلِّ وَجْهٍ لها وِجْـهةٌ

 

وفي كلِّ نَحْوٍ لها مُنْتَصى

قال: وقال آخر:

لَعَمْرُكَ ما ثَوْبُ ابنِ سَعْدٍ بمُخْلِقٍ

 

ولا هُوَ مِمّا يُنْتَصى فـيُصـانُ

يقول: ثوبه من العُذْر لا يُخْلِقُ، والاسم النِّصْيةُ، وهذه نَصِيَّتي.
وتَذَرَّيت بني فلان وتَنَصَّيْتُهم إذا تَزَوَّجت في الذِّروة منهم والنّاصِية. وفي حديث ذِي المِشْعارِ: نَصِيّةٌ من هَمْدان من كلِّ حاضِر وبادٍ؛ النَّصِيّةُ منْ يُنْتَصى من القوم أَي يُخْتار من نَواصِيهم، وهمُ الرُّؤوس والأَشْراف، ويقال للرُّؤساء نواصٍ كما يقال للأَتباع أَذْنابٌ. وانْتَصَيْتُ من القوم رَجلاً أَي اخترته. ونَصِيّةُ القومِ: خِيارُهم.
ونَصِيَّةُ المال: بَقِيَّتُه. والنَّصِيّة: البَقِيَّة؛ قاله ابن السكيت؛ وأَنشد للمَرّار الفَقْعَسي:

تَجَرَّدَ مِنْ نَصِيَّتهـا نَـواجٍ

 

كما يَنْجُو من البَقَر الرَّعِيلُ

وقال كعب بن مالك الأَنصاري:

ثَلاثةُ آلافٍ ونحـنُ نَـصِـيّةٌ

 

ثلاثُ مِئينٍ، إِن كَثُرْنا، وأَربَعُ

وقال في موضع آخر: وفي الحديث أَن وفْدَ هَمْدانَ قَدِمُوا على النبي،صلى الله عليه وسلم، فقالوا نحْنُ نَصِيَّةٌ من هَمْدانَ؛ قال الفراء: الأَنْصاء السابقُونَ، والنَّصِيَّةُ الخِيار الأَشراف، ونَواصي القوم مَجْمَعُ أَشرافِهم، وأَما السَّفِلة فهم الأَذْنابُ؛ قالت أُمّ قُبَيْسٍ الضَّبِّيّة:

ومَشْهَدٍ قد كـفَـيْتُ الـغـائِبـينَ بـه

 

في مَجْمَعٍ، من نَواصي النّاسِ، مَشْهُودِ

والنَّصِيَّةُ من القوم: الخِيارُ، وكذلك من الإِبل وغيرها.
ونَصَتِ الماشِطةُ المرأَةَ ونَصَّتْها فتَنَصَّتْ، وفي الحديث: أَن أُم سلمة تَسَلَّبَت على حمزة ثلاثة أَيام فدعاها رسول الله،صلى الله عليه وسلم، وأَمرها أَن تنَصَّى وتَكْتَحِلَ؛ قوله: أَمرها أَن تنَصَّى أَي تُسَرِّح شَعَرَها، أَراد تَنَصَّى فحذف التاء تخفيفاً. يقال: تنَصَّتِ المرأَةُ إذا رجَّلت شَعْرَها. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، حين سُئِلت عن الميت يُسرَّح رأْسه فقالت: عَلامَ تَنْصُون ميِّتَكم؟ قولها: تَنْصُون مأْخوذ من الناصِية، يقال: نَصَوْتُ الرجل أَنْصُوه نَصْواً إذا مَدَدْت ناصِيَتَه، فأَرادت عائشة أَنَّ الميتَ لا يَحتاجُ إِلى تَسْريحِ الرَّأْس، وذلك بمنزلة الأَخذ بالناصِيةِ؛ وقال أَبو النَّجم:

إِنْ يُمْسِ رأْسي أَشْمَطَ العَناصي

 

كأَنما فَـرَّقَـه مُـنـاصـي

قال الجوهري: كأَنَّ عائشةَ، رضي الله عنها، كَرِهَت تَسْريحَ رأْسِ الميّتِ. وانْتَصى الشعَرُ أَي طال.والنَّصِيُّ: ضَرْب من الطَّريفةِ ما دام رَطْباً، واحدتُه نَصِيّةٌ، والجمع أَنْصاء، وأَناصٍ جمعُ الجمع؛ قال:

تَرْعى أَناصٍ مِنْ حرير الحَمْضِ

وروي أَناضٍ، وهو مذكور في موضعه. قال ابن سيده: وقال لي أَبو العلاء لا يكون أَناضٍ لأَنَّ مَنْبِتَ النصيِّ غير منبت الحمض. وأَنْصَتِ الأَرضُ: كثر نَصِيُّها. غيره: النَّصِيُّ نَبت معروف، يقال له نَصِيٌّ ما دام رَطباً، فإِذا ابْيضَّ فهو الطَّريفة، فإِذا ضَخُمَ ويَبِس فهو الحَلِيُّ؛ قال الشاعر:

لَقَدْ لَقِيَتْ خَيْلٌ بجَنْـبَـيْ بُـوانةٍ

 

نَصِيّاً، كأَعْرافِ الكَوادِنِ، أَسْحَما

وقال الراجز:

نَحْنُ مَنَعْنا مَنْبِتَ النَّصِـيِّ

 

ومَنْبِتَ الضَّمْرانِ والحَلِيِّ

وفي الحديث: رأَيتُ قبُورَ الشُّهداء جثاً قد نَبَتَ عليها النَّصِيُّ؛ هو نَبْتٌ سَبْطٌ أَبيضُ ناعِمٌ من أَفضل المَرْعى. التهذيب: الأَصْناء الأَمْثالُ، والأَنْصاءُ السَّابقُون.

نصب

النَّصَبُ: الإِعْياءُ من العَناءِ. والفعلُ نَصِبَ الرجلُ، بالكسر،نَصَباً: أَعْيا وتَعِبَ؛ وأَنْصَبه هو، وأَنْصَبَني هذا الأَمْرُ. وهَمٌّ ناصِبٌ مُنْصِبٌ: ذو نَصَبٍ، مثل تامِرٍ ولابِنٍ، وهو فاعلٌ بمعنى مفعول، لأَنه يُنْصَبُ فيه ويُتْعَبُ.
وفي الحديث: فاطمةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُنْصِبُني ما أَنْصَبَها أَي يُتْعِبُني ما أَتْعَبَها.
والنَّصَبُ: التَّعَبُ؛ قال النابغة:

كِليني لهَمٍّ، يا أُمَيْمَةَ، ناصِبِ

قال: ناصِب، بمعنى مَنْصُوب؛ وقال الأَصمعي: ناصِب ذي نَصَبٍ، مثلُ لَيْلٌ نائمٌ ذو نومٍ يُنامُ فيه، ورجل دارِعٌ ذو دِرْعٍ؛ ويقال: نَصَبٌ ناصِبٌ، مثل مَوْتٌ مائِت، وشعرٌ شاعر؛ وقال سيبويه: هَمٌّ ناصبٌ، هو على النَّسَب. وحكى أَبو علي في التَّذْكرة: نَصَبه الهَمُّ؛ فناصِبٌ إذا على الفِعْل. قال الجوهري: ناصِبٌ فاعل بمعنى مفعول فيه، لأَنه يُنْصَبُ فيه ويُتْعَبُ، كقولهم: لَيْلٌ نائمٌ أَي يُنامُ فيه، ويوم عاصِفٌ أَي تَعْصِفُ فيه الريح. قال ابن بري: وقد قيل غير هذا القول، وهو الصحيح، وهو أَن يكون ناصِبٌ بمعنى مُنْصِبٍ، مثل مكان باقلٌ بمعنى مُبْقِل، وعليه قول النابغة؛ وقال أَبو طالب:

أَلا مَنْ لِهَمٍّ، آخِرَ اللَّيْلِ، مُنْصِبِ

قال: فناصِبٌ، على هذا، ومُنْصِب بمعنىً. قال: وأَما قوله ناصِبٌ بمعنى مَنْصوب أَي مفعول فيه، فليس بشيءٍ. وفي التنزيل العزيز: فإِذا فَرَغْتَ فانْصَبْ؛ قال قتادة: فإِذا فرغتَ من صَلاتِكَ، فانْصَبْ في الدُّعاءِ؛ قال الأَزهري: هو من نَصِبَ يَنْصَبُ نَصَباً إذا تَعِبَ؛ وقيل: إذا فرغت من الفريضة، فانْصَبْ في النافلة.
ويقال: نَصِبَ الرجلُ، فهو ناصِبٌ ونَصِبٌ؛ ونَصَبَ لهُمُ الهَمُّ، وأَنْصَبَه الهَمُّ؛ وعَيْشٌ ناصِبٌ: فيه كَدٌّ وجَهْدٌ؛ وبه فسر الأَصمعي قول أَبي ذؤيب:

وغَبَرْتُ بَعْدَهُمُ بعيشٍ ناصِبٍ،

 

وإِخالُ أَني لاحِقٌ مُسْتَتْبِـعُ

قال ابن سيده: فأَما قول الأُمَوِيِّ إِن معنى ناصِبٍ تَرَكَني مُتَنَصِّباً، فليس بشيءٍ؛ وعَيْشٌ ذو مَنْصَبةٍ كذلك. ونَصِبَ الرجلُ: جَدَّ؛ وروي بيتُ ذي الرمة:

إِذا ما رَكْبُها نَصِبُوا

ونَصَبُوا. وقال أَبو عمرو في قوله ناصِب: نَصَب نَحْوي أَي جَدَّ.
قال الليث: النَّصْبُ نَصْبُ الدَّاءِ؛ يقال: أَصابه نَصْبٌ من الدَّاءِ. والنَّصْبُ والنُّصْبُ والنُّصُبُ: الداءُ والبَلاءُ والشرُّ. وفي التنزيل العزيز: مَسَّني الشيطانُ بنُصْبٍ وعَذابٍ. والنَّصِبُ: المريضُ الوَجِعُ؛ وقد نَصَبه المرض وأَنْصَبه. والنَّصْبُ: وَضْعُ الشيءِ ورَفْعُه، نَصَبه يَنْصِبُه نَصْباً، ونَصَّبَه فانْتَصَبَ؛ قال:

فباتَ مُنْتَصْباً وما تَكَرْدَسا

أَراد: مُنْتَصِباً، فلما رأَى نَصِباً من مُنْتَصِبٍ، كفَخِذٍ، خففه تخفيف فَخِذٍ، فقال: مُنْتَصْباً. وتَنَصَّبَ كانْتَصَبَ.
والنَّصِيبةُ والنُّصُبُ: كلُّ ما نُصِبَ، فجُعِلَ عَلَماً. وقيل: النُّصُب جمع نَصِيبةٍ، كسفينة وسُفُن، وصحيفة وصُحُفٍ. الليث: النُّصُبُ جماعة النَّصِيبة، وهي علامة تُنْصَبُ للقوم. والنَّصْبُ والنُّصُبُ: العَلَم المَنْصُوب. وفي التنزيل العزيز: كأَنهم إِلى نَصْبٍ يُوفِضُونَ؛ قرئ بهما جميعاً، وقيل: النَّصْبُ الغاية، والأَول أَصحّ. قال أَبو إِسحق: مَن قرأَ إِلى نَصْبٍ، فمعناه إِلى عَلَمٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُون إِليه؛ ومن قرأَ إِلى نُصُبٍ، فمعناه إِلى أَصنام كقوله: وما ذُبِحَ على النُّصُب، ونحو ذلك قال الفراء؛ قال: والنَّصْبُ واحدٌ، وهو مصدر، وجمعه الأَنْصابُ.
واليَنْصُوبُ: عَلم يُنْصَبُ في الفلاةِ.
والنَّصْبُ والنُّصُبُ: كلُّ ما عُبِدَ من دون اللّه تعالى، والجمع أَنْصابٌ. وقال الزجاج: النُّصُبُ جمع، واحدها نِصابٌ. قال: وجائز أَن يكون واحداً، وجمعه أَنْصاب. الجوهري: النَّصْبُ ما نُصِبَ فعُبِدَ من دون اللّه تعالى، وكذلك النُّصْب، بالضم، وقد يُحَرّكُ مثل عُسْر؛ قال الأَعشى يمدح سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم:

وذا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ

 

لعافيةٍ، واللّهَ رَبَّكَ فـاعـبُـدا

أَراد: فاعبدنْ، فوقف بالأَلف، كما تقول: رأَيت زيداً؛ وقوله: وذا النُّصُبَ، بمعنى إِياك وذا النُّصُبَ؛ وهو للتقريب، كما قال لبيد:

ولقد سَئِمْتُ من الحَياةِ وطولِها،

 

وسُؤَالِ هذا الناسِ كيف لَبـيدُ

ويروى عجز بيت الأَعشى:

ولا تَعْبُدِ الشيطانَ، واللّهَ فاعْبُدا

التهذيب، قال الفراء: كأَنَّ النُّصُبَ الآلهةُ التي كانت تُعْبَدُ من أَحجار. قال الأَزهري: وقد جَعَلَ الأَعشى النُّصُبَ واحداً حيث يقول:

وذا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّه

والنَّصْبُ واحد، وهو مصدر، وجمعه الأَنْصابُ؛ قال ذو الرمة:

طَوَتْها بنا الصُّهْبُ المَهاري، فأَصْبَحَتْ

 

تَناصِيبَ، أَمثالَ الرِّماحِ بها، غُبْـرا

والتَّناصِيبُ: الأَعْلام، وهي الأَناصِيبُ، حجارةٌ تُنْصَبُ على رؤوس القُورِ، يُسْتَدَلُّ بها؛ وقول الشاعر:

وَجَبَتْ له أُذُنٌ، يُراقِبُ سَمْعَهـا

 

بَصَرٌ، كناصِبةِ الشُّجاعِ المُرْصَدِ

يريد: كعينه التي يَنْصِبُها للنظر.
ابن سيده: والأَنْصابُ حجارة كانت حول الكعبة، تُنْصَبُ فيُهَلُّ عليها، ويُذْبَحُ لغير اللّه تعالى.
وأَنْصابُ الحرم: حُدوده.
والنُّصْبةُ: السَّارِية.
والنَّصائِبُ: حجارة تُنْصَبُ حَولَ الحَوض، ويُسَدُّ ما بينها من الخَصاص بالمَدَرة المعجونة، واحدتها نَصِيبةٌ؛ وكلُّه من ذلك.
وقوله تعالى: والأَنْصابُ والأَزْلامُ، وقوله: وما ذُبِحَ على النُّصُبِ؛ الأَنْصابُ: الأَوثان. وفي حديث زيد بن حارثة قال: خرج رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، مُرْدِفي إِلى نُصُبٍ من الأَنْصاب، فذَبحنا له شاةً، وجعلناها في سُفْرتِنا، فلَقِيَنا زيدُ بن عَمْرو، فقَدَّمْنا له السُّفرةَ، فقال: لا آكل مما ذُبحَ لغير اللّه. وفي رواية: أَن زيد بن عمرو مَرَّ برسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فدعاه إِلى الطعام فقال زيدٌ: إِنَّا لا نأْكل مما ذُبحَ على النُّصُب. قال ابن الأَثير، قال الحربيُّ: قوله ذَبحنا له شاةً له وجهان: أَحدهما أَن يكون زيد فعله من غير أَمر النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ولا رِضاه، إِلاَّ أَنه كان معه، فنُسِب إِليه، ولأَنَّ زيداً لم يكن معه من العِصْمة، ما كان مع سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم. والثاني أَن يكون ذبحها لزاده في خروجه، فاتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده، لا أَنه ذبحها للصنم، هذا إذا جُعِلَ النُّصُب الصَّنم، فأَما إذا جُعِلَ الحجر الذي يذبح عنده، فلا كلام فيه، فظن زيد بن عمرو أَن ذلك اللحم مما كانت قريش تذبحه لأَنصابها، فامتنع لذلك، وكان زيد يخالف قريشاً في كثير من أُمورها، ولم يكن الأَمْرُ كما ظَنَّ زيد.
القُتَيْبيُّ: النُّصُب صَنَم أَو حَجَرٌ، وكانت الجاهلية تَنْصِبُه، تَذْبَحُ عنده فيَحْمَرُّ للدمِ؛ ومنه حديث أَبي ذرّ في إِسلامه، قال: فخَررْتُ مَغْشِيّاً عليّ ثم ارْتَفَعْتُ كأَني نُصُبٌ أَحمر؛ يريد أَنهم ضَرَبُوه حتى أَدْمَوْه، فصار كالنُّصُب المُحْمَرِّ بدم الذبائح. أَبو عبيد: النَّصائِبُ ما نُصِب حَوْلَ الحَوْضِ من الأَحْجار؛ قال ذو الرمة:

هَرَقْناهُ في بادي النَّشِيئةِ داثرٍ

 

قَديمٍ بعَهْدِ الماءِ، بُقْعٍ نَصائِبُهْ

والهاءُ في هَرَقْناه تَعُودُ على سَجْلٍ تقدم ذكره. الجوهري: والنَّصِيبُ الحَوْضُ.
وقال الليث: النَّصْبُ رَفْعُك شيئاً تَنْصِبُه قائماً مُنْتَصِباً، والكلمةُ المَنْصوبةُ يُرْفَعُ صَوْتُها إِلى الغار الأَعْلى، وكلُّ شيءٍ انْتَصَبَ بشيءٍ فقد نَصَبَهُ. الجوهري: النَّصْبُ مصدر نَصَبْتُ الشيءَ إذا أَقَمته.
وصَفِيحٌ مُنَصَّبٌ أَي نُصِبَ بعضُه على بعض.
ونَصَّبَتِ الخيلُ آذانَها: شُدِّد للكثرة أَو للمبالغة. والمُنَصَّبُ من الخَيلِ: الذي يَغْلِبُ على خَلْقه كُلِّه نَصْبُ عِظامه، حتى يَنْتَصِبَ منه ما يحتاج إِلى عَطْفه.
ونَصَبَ السَّيْرَ يَنْصِبه نَصْباً: رَفَعه.
وقيل: النَّصْبُ أَن يسيرَ القومُ يَوْمَهُم، وهو سَيْرٌ لَيِّنٌ؛ وقد نَصَبوا نَصْباً. الأَصمعي: النَّصْبُ أَن يسير القومُ يومَهم؛ ومنه قول الشاعر:

كأَنَّ راكِبَها، يَهْوي بمُـنْـخَـرَقٍ

 

من الجَنُوبِ، إذا ما رَكْبُها نَصَبوا

قال بعضهم: معناه جَدُّوا السَّيْرَ.
وقال النَّضْرُ: النَّصْبُ أَوَّلُ السَّيْر، ثم الدَّبيبُ، ثم العَنَقُ، ثم التَزَيُّدُ، ثم العَسْجُ، ثم الرَّتَكُ، ثم الوَخْدُ، ثم الهَمْلَجَة. ابن سيده: وكلُّ شيءٍ رُفِعَ واسْتُقْبِلَ به شيءٌ، فقد نُصِبَ.
ونَصَبَ هو، وتَنَصَّبَ فلانٌ، وانْتَصَبَ إذا قام رافعاً رأْسه. وفي حديث الصلاة: لا يَنْصِبُ رأْسه ولا يُقْنِعُه أَي لا يرفعه؛ قال ابن الأَثير: كذا في سنن أَبي داود، والمشهور: لا يُصَبِّي ويُصَوِّبُ، وهما مذكوران في مواضعهما.
وفي حديث ابن عمر: مِنْ أَقْذَرِ الذُّنوبِ رجلٌ ظَلَمَ امْرَأَةً صَداقَها؛ قيل للَّيْثِ: أَنَصَبَ ابنُ عمر الحديثَ إِلى رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم؟ قال: وما عِلْمُه، لولا أَنه سمعه منه أَي أَسنَدَه إِليه ورَفَعَه.
والنَّصْبُ: إِقامةُ الشيءِ ورَفْعُه؛ وقوله:

أَزَلُّ إِنْ قِيدَ، وإِنْ قامَ نَصَبْ

هو من ذلك، أَي إِن قام رأَيتَه مُشْرِفَ الرأْس والعُنُق.
قال ثعلب: لا يكون النَّصْبُ إِلا بالقيام.
وقال مرة: هو نُصْبُ عَيْني، هذا في الشيءِ القائم الذي لا يَخْفى عليَّ، وإِن كان مُلْقىً؛ يعني بالقائم، في هذه الأَخيرة: الشيءَ الظاهرَ. القتيبي: جَعَلْتُه نُصْبَ عيني، بالضم، ولا تقل نَصْبَ عيني.
ونَصَبَ له الحربَ نَصْباً: وَضَعَها. وناصَبَه الشَّرَّ والحربَ والعَداوةَ مُناصبةً: أَظهَرَهُ له ونَصَبه، وكلُّه من الانتصابِ.
والنَّصِيبُ: الشَّرَكُ المَنْصوب. ونَصَبْتُ للقَطا شَرَكاً.
ويقال: نَصَبَ فلانٌ لفلان نَصْباً إذا قَصَدَ له، وعاداه، وتَجَرَّدَ له.
وتَيْسٌ أَنْصَبُ: مُنْتَصِبُ القَرْنَيْنِ؛ وعَنْزٌ نَصْباءُ: بَيِّنةُ النَّصَب إذا انْتَصَبَ قَرْناها؛ وتَنَصَّبَتِ الأُتُنُ حَوْلَ الحِمار. وناقة نَصْباءُ: مُرْتَفِعةُ الصَّدْر. وأُذُنٌ نَصْباءُ: وهي التي تَنْتَصِبُ، وتَدْنُو من الأُخرى.
وتَنَصَّبَ الغُبارُ: ارْتَفَعَ. وثَرىً مُنَصَّبٌ: جَعْدٌ. ونَصَبْتُ القِدْرَ نَصْباً.
والمِنْصَبُ: شيءٌ من حديد، يُنْصَبُ عليه القِدْرُ؛ ابن الأَعرابي: المِنْصَبُ ما يُنْصَبُ عليه القِدْرُ إذا كان من حديد.
قال أَبو الحسن الأَخفش: النَّصْبُ، في القَوافي، أَن تَسْلَمَ القافيةُ من الفَساد، وتكونَ تامَّةَ البناءِ، فإِذا جاءَ ذلك في الشعر المجزوءِ، لم يُسَمَّ نَصْباً، وإِن كانت قافيته قد تَمَّتْ؛ قال: سمعنا ذلك من العربِ، قال: وليس هذا مما سَمَّى الخليلُ، إِنما تؤْخَذ الأَسماءُ عن العرب؛ انتهى كلام الأَخفش كما حكاه ابن سيده. قال ابن سيده، قال ابن جني: لما كان معنى النَّصْبِ من الانْتِصابِ، وهو المُثُولُ والإِشْرافُ والتَّطاوُل، لم يُوقَعْ على ما كان من الشعر مجزوءاً، لأَن جَزْأَه عِلَّةٌ وعَيْبٌ لَحِقَه، وذلك ضِدُّ الفَخْرِ والتَّطاوُل. والنَّصِيبُ: الحَظُّ من كلِّ شيءٍ. وقوله، عز وجل: أُولئك يَنالُهم نَصيبُهم من الكتاب؛ النَّصِيب هنا: ما أَخْبَرَ اللّهُ من جَزائهم، نحو قوله تعالى: فأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى؛ ونحوُ قوله تعالى: يَسْلُكْه عذاباً صَعَداً؛ ونحو قوله تعالى: إِن المنافقين في الدَّرْكِ الأَسْفل من النار؛ ونحو قوله تعالى: إذا الأَغْلالُ في أَعْناقِهِم والسَّلاسِلُ، فهذه أَنْصِبَتُهم من الكتاب، على قَدْرِ ذُنُوبِهم في كفرهم؛ والجمع أَنْصِباءُ وأَنْصِبةٌ.
والنِّصْبُ: لغة في النَّصِيبِ.
وأَنْصَبَه: جَعَلَ له نَصِيباً. وهم يَتَناصَبُونَه أَي يَقْتَسمونه.
والمَنْصِبُ والنِّصابُ: الأَصل والمَرْجِع.
والنِّصابُ: جُزْأَةُ السِّكِّين، والجمع نُصُبٌ.
وأَنْصَبَها: جَعَلَ لها نِصاباً، وهو عَجْزُ السكين. ونِصابُ السكين: مَقْبِضُه. وأَنْصَبْتُ السكين: جَعَلْتُ له مَقْبِضاً. ونِصابُ كلِّ شيءٍ: أَصْلُه. والمَنْصِبُ: الأَصلُ، وكذلك النِّصابُ؛ يقال: فلانٌ يَرْجِعُ إِلى نِصاب صِدْقٍ، ومَنْصِبِ صِدْقٍ، وأَصْلُه مَنْبِتُه ومَحْتِدُه. وهَلَكَ نِصابُ مالِ فلانٍ أَي ما اسْتَطْرفه. والنِّصابُ من المال: القَدْرُ الذي تجب فيه الزكاة إذا بَلَغَه، نحو مائَتَيْ درهم، وخَمْسٍ من الإِبل. ونِصابُ الشَّمْسِ: مَغِيبُها ومَرْجِعُها الذي تَرْجِعُ إِليه. وثَغْرٌ مُنَصَّبٌ: مُسْتَوي النِّبْتةِ كأَنه نُصبَ فسُوِّيَ.
والنَّصْبُ: ضَرْبٌ من أَغانيّ الأَعراب.
وقد نَصَبَ الراكبُ نَصْباً إذا غَنَّى النَّصْبَ. ابن سيده: ونَصْبُ العربِ ضَرْبٌ من أَغانِيّها. وفي حديث نائل مولى عثمان: فقلنا لرباحِ بن المُغْتَرِفِ: لو نَصَبْتَ لنا نَصْبَ العَرب أَي لو تَغَنَّيْتَ؛ وفي الصحاح: لو غَنَّيْتَ لنا غِناءَ العَرَب، وهو غِناءٌ لهم يُشْبِه الحُداءَ، إِلا أَنه أَرَقُّ منه. وقال أَبو عمرو: النَّصْبُ حُداءٌ يُشْبِهُ الغِناءَ. قال شمر: غِناءُ النَّصْبِ هو غِناءُ الرُّكْبانِ، وهو العَقِيرةُ؛ يقال: رَفَعَ عَقيرته إذا غَنَّى النَّصْبَ؛ وفي الصحاح: غِناءُ النَّصْبِ ضَرْب من الأَلْحان؛ وفي حديث السائبِ بن يزيد: كان رَباحُ بنُ المُغْتَرِفِ يُحْسِنُ غِناءَ النَّصْبِ، وهو ضَرْبٌ من أَغانيّ العَرب، شَبيهُ الحُداءِ؛ وقيل: هو الذي أُحْكِمَ من النَّشِيد، وأُقِيمَ لَحْنُه ووزنُه. وفي الحديث: كُلُّهم كان يَنْصِبُ أَي يُغَنِّي النَّصْبَ. ونَصَبَ الحادي: حَدا ضَرْباً من الحُداءِ.
والنَّواصِبُ: قومٌ يَتَدَيَّنُونَ ببِغْضَةِ عليّ، عليه السلام.
ويَنْصُوبُ: موضع.
ونُصَيْبٌ: الشاعر، مصغَّر. ونَصيبٌ ونُصَيْبٌ: اسمان.
ونِصابٌ: اسم فرس.
والنَّصْبُ، في الإِعْراب: كالفتح، في البناءِ، وهو من مُواضَعات النحويين؛ تقول منه: نَصَبْتُ الحرفَ، فانْتَصَبَ.
وغُبار مُنْتَصِبٌ أَي مُرْتَفِع.
ونَصِيبينَ: اسمُ بلد، وفيه للعرب مذهبان: منهم مَن يجعله اسماً واحداً، ويُلْزِمُه الإِعرابَ، كما يُلْزم الأَسماءَ المفردةَ التي لا تنصرف، فيقول: هذه نَصِيبينُ، ومررت بنَصِيبينَ، ورأَيتُ نَصِيبينَ، والنسبة نَصِيبيٌّ، ومنهم مَن يُجْريه مُجْرى الجمع، فيقول هذه نَصِيبُونَ، ومررت بنَصِيبينَ، ورأَيت نَصِيبينَ. قال: وكذلك القول في يَبْرِينَ، وفِلَسْطِينَ، وسَيْلَحِينَ، وياسمِينَ، وقِنَّسْرينَ، والنسبة إِليه، على هذا: نَصِيبينيٌّ، ويَبْرينيٌّ، وكذلك أَخواتها. قال ابن بري، رحمه اللّه: ذكر الجوهري أَنه يقال: هذه نَصِيبينُ ونَصِيبون، والنسبة إِلى قولك نَصِيبين، نصيبيٌّ، وإِلى قولك نصيبون، نصيبينيّ؛ قال: والصواب عكس هذا، لأَن نَصِيبينَ اسم مفرد معرب بالحركات، فإِذا نسبتَ إِليه أَبقيته على حاله، فقلت: هذا رجلٌ نَصِيبينيٌّ؛ ومن قال نصيبون، فهو معرب إِعراب جموع السلامة، فيكون في الرفع بالواو، وفي النصب والجر بالياءِ، فإِذا نسبت إِليه، قلت: هذا رجل نَصِيبيّ، فتحذف الواو والنون؛ قال: وكذلك كلُّ ما جمعته جمع السلامة، تَرُدُّه في النسب إِلى الواحد، فتقول في زيدون، اسم رجل أَو بلد: زيديّ، ولا تقل زيدونيّ، فتجمع في الاسم الإِعرابَين، وهما الواو والضمة.

نصت

نَصَتَ الرجلُ يَنْصِتُ نَصْتاً، وأَنْصَتَ، وهي أَعْلى، وانْتَصَتَ: سكَتَ؛ وقال الطرماح في الانْتِصاتِ:

يُخافِتْنَ بعضَ المَضْغِ من خَشْيةِ الرَّدَى،ويُنْصِتْنَ للسَّمْعِ انْتِصاتَ القَناقِنِ

يُنْصِتْنَ للسمع أَي يَسْكُتْنَ لكي يَسْمَعْنَ. وفي التنزيل العزيز: وإِذا قُرئ القرآنُ فاسْتَمِعُوا له وأَنْصِتُوا؛ قال ثعلب: معناه إذا قرأَ الإِمام، فاستمعوا إِلى قراءَته، ولا تتكلموا.
والنُّصْتةُ: الاسم من الإِنْصاتِ؛ ومنه قول عثمان لأُم سلمة، رضي الله عنهما: لكِ عليَّ حَقُّ النُصْتةِ. وأَنْصَتَه وأَنْصَتَ له: مثل نَصَحَه ونَصَحَ له، وأَنْصَتُّه ونَصَتُّ له: مثل نَصَحْتُه ونَصَحْتُ له.
والإِنْصاتُ: هو السكوتُ والاسْتِماعُ للحديث؛ يقول: أَنْصِتُوه وأَنْصِتُوا له؛ وأَنشد أَبو علي لوُشَيْمِ بن طارقٍ، ويقال للُحَيْمِ بن صَعْبٍ:

إِذا قالت حَذامِ، فأَنْصِتُوها؛

 

فإِنَّ القولَ ما قالَتْ حَذامِ

ويروى: فَصَدِّقُوها بدل فأَنْصِتوها. وحَذامِ: اسم امرأَة الشاعر، وهي بنتُ العَتِيكِ بن أَسْلَم بن يَذْكُرَ بن عَنزَة. ويقال: أَنْصَتَ إذا سَكَتَ؛ وأَنْصَتَ غيرَه إذا أَسْكَتَه. شمر: أَنْصَتُّ الرجل إذا سَكَتَّ له؛ وأَنْصَتُّه إذا أَسْكَتَّه، جعله من الأَضداد؛ وأَنشد للكميت:

صَهٍ، أَنْصِتُونا بالتَّحاوُرِ، واسْمَعُوا

 

تَشَهُّدَها من خُطْبةٍ وارْتِجالِهـا

أَراد: أَنْصِتُوا لنا؛ وقال آخر في المعنى الثاني:

أَبوكَ الذي أَجْدَى عَليَّ بنَصْرِه،

 

فأَنْصَتَ عَنِّي بعدَه كُلَّ قـائل

قال الأَصمعي: يريد فأَسْكَتَ عني. وفي حديث الجمعة: وأَنْصَتَ ولم يَلْغُ. أَنْصَتَ يُنْصِتُ إِنْصاتاً إذا سَكَتَ سُكوتَ مُسْتَمع؛ وقد أَنْصَتَ وأَنْصَتَه إذا أَسْكَته، فهو لازم ومُتَعَدٍّ. وفي حديث طلحة، قال له رجل بالبصرة: أَنْشُدُك اللهَ، لا تكن أَوَّلَ من غَدَر. فقال طلحة: أَنْصِتُوني، أَنْصِتُوني، قال الزمخشري: أَنْصِتُوني من الإِنْصاتِ، قال: وتَعَدِّيه بإِلى فحذفه أَي اسْتَمِعُوا إِليَّ.
وأَنْصَتَ الرجلُ للَّهْو: مالَ؛ عن ابن الأَعرابي.

نصح

نَصَحَ الشيءُ: خَلَصَ. والناصحُ: الخالص من العسل وغيره. وكل شيءٍ خَلَصَ، فقد نَصَحَ؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ الهذلي يصف رجلاً مزج عسلاً صافياً بماءٍ حتى تفرق فيه:

فأَزالَ مُفْرِطَها بأَبيضَ ناصِحٍ،

 

من ماءِ أَلْهابٍ، بهنَّ التَّأْلَـبُ

وقال أَبو عمرو: الناصح الناصع في بيت ساعدة، قال: وقال النضر أَراد أَنه فرّق به خالصها ورديئها بأَبيض مُفْرِطٍ أَي بماء غدير مملوء.
والنُّصْح: نقيض الغِشّ مشتق منه نَصَحه وله نُصْحاً ونَصِيحة ونَصاحة ونِصاحة ونَصاحِيةً ونَصْحاً، وهو باللام أَفصح؛ قال الله تعالى: وأَنْصَحُ لكم. ويقال: نَصَحْتُ له نَصيحتي نُصوحاً أَي أَخْلَصْتُ وصَدَقْتُ، والاسم النصيحة.
والنصيحُ: الناصح، وقوم نُصَحاء؛ وقال النابغة الذبياني:

نَصَحْتُ بني عَوْفٍ فلم يَتَقَبَّـلـوا

 

رَسُولي، ولم تَنْجَحْ لديهم وَسائِلي

ويقال: انْتَصَحْتُ فلاناً وهو ضدّ اغْتَشَشْتُه؛ ومنه قوله:

أَلا رُبَّ من تَغْتَشُّه لك ناصِحٌ،

 

ومُنْتَصِحٍ بادٍ عليك غَوائِلُـهْ

تَغْتَشُّه: تَعْتَدُّه غاشّاً لك. وتَنْتَصِحُه: تَعْتَدُّه ناصحاً لك.
قال الجوهري: وانْتَصَحَ فلان أَي قبل النصيحة. يقال: انْتَصِحْني إِنني لك ناصح؛ وأَنشده ابن بري:

تقولُ انْتَصِحْنُ إِنني لك ناصِحٌ،

 

وما أَنا، إِن خَبَّرْتُها، بأَمِـينِ

قال ابن بري: هذا وَهَمٌ منه لأَن انتصح بمعنى قبل النصيحة لا يتعدَّى لأَنه مطاوع نصحته فانتصح، كما تقول رددته فارْتَدَّ، وسَدَدْتُه فاسْتَدَّ، ومَدَدْتُه فامْتَدَّ، فأَما انتصحته بمعنى اتخذته نصيحاً، فهو متعدّ إِلى مفعول، فيكون قوله انتصحْني إِنني لك ناصح، يعني اتخذني ناصحاً لك؛ ومنه قولهم: لا أُريد منك نُصْحاً ولا انتصاحاً أَي لا أُريد منك أَن تنصحني ولا أَن تتخذني نصيحاً، فهذا هو الفرق بين النُّصْح والانتصاح. والنُّصْحُ: مصدر نَصَحْتُه. والانتصاحُ: مصدر انْتَصَحْته أَي اتخذته نصيحاً، ومصدر انْتَصَحْتُ أَيضاً أَي قبلت النصيحة، فقد صار للانتصاح معنيان.
وفي الحديث: إِن الدِّينَ النصيحةُ لله ولرسوله ولكتابه ولأَئمة المسلمين وعامّتهم؛ قال ابن الأَثير: النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إِرادة الخير للمنصوح له، فليس يمكن أَن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناها غيرها. وأَصل النُّصْحِ: الخلوص. ومعنى النصيحة لله: صحة الاعتقاد في وحدانيته وإِخلاص النية في عبادته. والنصيحة لكتاب الله: هو التصديق به والعمل بما فيه. ونصيحة رسوله: التصديق بنبوّته ورسالته والانقياد لما أَمر به ونهى عنه. ونصيحة الأَئمة: أَن يطيعهم في الحق ولا يرى الخروج عليهم إذا جاروا. ونصيحة عامّة المسلمين: إِرشادهم إِلى المصالح؛ وفي شرح هذا الحديث نظرٌ وذلك في قوله نصيحة الأَئمة أَن يطيعهم في الحق ولا يرى الخروج عليهم إذا جاروا، فأَيّ فائدة في تقييد لفظه بقوله يطيعهم في الحق مع إِطلاق قوله ولا يرى الخروج عليهم إذا جاروا؟ وإِذا منعه الخروج إذا جاروا لزم أَن يطيعهم في غير الحق. وتَنَصَّح أَي تَشَبَّه بالنُّصَحاء.
واسْتَنْصَحه: عَدَّه نصيحاً.
ورجل ناصحُ الجَيْب: نَقِيُّ الصدر ناصح القلب لا غش فيه، كقولهم طاهر الثوب، وكله على المثل؛ قال النابغة:

أَبْلِغِ الحرثَ بنَ هِنْدٍ بأَنـي

 

ناصِحُ الجَيْبِ، بازِلٌ للثوابِ

وقومٌ نُصَّح ونُصَّاحٌ. والتَّنَصُّح: كثرة النُّصْحِ؛ ومنه قول أَكْثَمَ بن صَيْفِيٍّ: إِياكم وكثرةَ التَّنَصُّح فإِنه يورث التُّهَمَة. والتوبة النَّصُوح: الخالصة، وقيل: هي أَن لا يرجع العبد إِلى ما تاب عنه؛ قال الله عز وجل: توبةً نَصُوحاً؛ قال الفراء: قرأَ أَهل المدينة نَصُوحاً، بفتح النون، وذكر عن عاصم نُصُوحاً، بضم النون؛ وقال الفراء: كأَنّ الذين قرأُوا نُصُوحاً أَرادوا المصدر مثل القُعود، والذين قرأُوا نَصُوحاً جعلوه من صفة التوبة؛ والمعنى أَن يُحَدّث نفسه إذا تاب من ذلك الذنب أَن لا يعود إِليه أَبداً، وفي حديث أُبيّ: سأَلت النبي، صلى الله عليه وسلم، عن التوبة النصوح فقال: هي الخالصة التي لا يُعاوَدُ بعدها الذنبُ؛ وفَعُول من أَبنية المبالغة يقع على الذكر والأُنثى، فكأَنَّ الإِنسانَ بالغ في نُصْحِ نفسه بها، وقد تكرّر في الحديث ذكر النُّصْح والنصيحة.
وسئل أَبو عمرو عن نُصُوحاً فقال: لا أَعرفه؛ قال الفراء وقال المفضَّل: بات عَزُوباً وعُزُوباً وعَرُوساً وعُرُوساً؛ وقال أَبو إِسحق: توبةٌ نَصُوح بالغة في النُّصْح، ومن قرأَ نُصُوحاً فمعناه يَنْصَحُون فيها نُصوحاً. وقال أَبو زيد: نَصَحْتُه أَي صَدَقْتُه؛ ومنه التوبة النصوح، وهي الصادقة.
والنِّصاحُ: السِّلكُ يُخاط به. وقال الليث: النِّصاحة السُّلوك التي يخاط بها، وتصغيرها نُصَيِّحة. وقميص مَنْصُوح أَي مَخِيط.
ويقال للإِبرة: المِنْصَحة فإِذا غَلُظَتْ، فهي الشعيرة. والنُّصْحُ: مصدر قولك نَصَحْتُ الثوبَ إذا خِطْتَه. قال الجوهري: ومنه التوبة النصوح اعتباراً بقوله، صلى الله عليه وسلم: من اغتابَ خَرَقَ ومن استغفر الله رَفَأَ. ونَصَحَ الثوبَ والقميص يَنْصَحُه نَصْحاً وتَنَصَّحه: خاطه. ورجل ناصح وناصِحِيٌّ ونَصَّاحٌ: خائط. والنِّصاحُ: الخَيْطُ وبه سمي الرجل نِصاحاً، والجمع نُصُحٌ ونِصاحةٌ، الكسرة في الجمع غير الكسرة في الواحد، والأَلف فيه غير الأَلف، والهاء لتأْنيث الجمع.
والمِنْصَحة: المِخْيَطة. والمِنْصَحُ: المِخْيَطُ. وفي ثوبه مُتَنَصِّحٌ لم يُصلحه أَي موضع إِصلاح وخياطة، كما يقال: إِن فيه مُتَرَقَّعاً؛ قال ابن مقبل:

ويُرْعِدُ إِرعادَ الهجِينِ أَضاعـه،

 

غَداةَ الشَّمالِ، الشُّمْرُخُ المُتَنَصَّحُ

وقال أَبو عمرو: المُتَنَصَّحُ المَخيطُ، وأَنشد بيت ابن مقبل.
وأَرض مَنْصوحة: متصلة بالغيت كما يُنْصَحُ الثوبُ، حكاه ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: وهذه عبارة رديئة إِنما المَنْصُوحة الأَرض المتصلة النبات بعضه ببعض، كأَنَّ تلك الجُوَبَ التي بين أَشخاص النبات خيطت حتى اتصل بعضها ببعض. قال النضر: نَصَحَ الغيثُ البلادَ نَصْحاً إذا اتصل نبتها فلم يكن فيه فَضاء ولا خَلَلٌ؛ وقال غيره: نَصَحَ الغيثُ البلادَ ونَضَرها بمعنى واحد؛ وقال أَبو زيد: الأَرض المنصوحة هي المَجُودةُ نُصِحتْ نَصْحاً.
ونَصَحَ الرجلُ الرِّيَّ نَصْحاً إذا شرب حتى يَرْوى؛ وكذلك نَصَحتِ الإِبلُ الشُّرْبَ تَنْصَحُ نُصُوحاً: صَدَقَتْه. وأَنْصَحْتُها أَنا: أَرويتها؛ قال:

هذا مَقامِي لكِ حتى تَنْصَحِي

 

رِيّاً، وتَجْتازي بَلاطَ الأَبْطَحِ

ويروى: حتى تَنْضَحِي، بالضاد المعجمة، وليس بالعالي. البَلاطُ: القاعُ.
وأَنْصَح الإِبلَ: أَرْواها.
والنِّصاحاتُ: الجلودُ؛ قبال الأَعشى يصف شَرْباً:

فتَرى القومَ نَشاوى كلَّهُـمْ،

 

مثلما مُدَّتْ نِصاحاتُ الرُّبَحْ

قال الأَزهري: أَراد بالرُّبَحِ الرُّبَعَ في قول بعضهم؛ وقال ابن سيده: الرُّبَحُ من أَولاد الغنم، وقيل: هو الطائر الذي يسمى بالفارسية زاغ؛ وقال المُؤَرِّج: النِّصاحاتُ حبال يجعل لها حَلَقٌ وتنصب للقُرود إذا أَرادوا صيدها: يَعْمدُ رجل فيجعلُ عِدّة حبال ثم يأْخذ قرداً فيجعله في حبل منها، والقرود تنظر إِليه من فوق الجبل، ثم يتنحى الحابل فتنزل القرود فتدخل في تلك الحبال وهو ينظر إِليها من حيث لا تراه، ثم ينزل إِليها فيأْخذ ما نَشِبَ في الحبال؛ قال وهو قول الأَعشى:

مثلما مدّت نصاحات الربح

قال: والرُّبَحُ القرود وأَصلها الرُّباح.
وشَيْبَةُ بن نِصاحٍ: رجل من القرّاء.
والنَّصْحاء ومَنْصَح: موضعان؛ قال ساعدة بن جؤية

لهنَّ بما بين الأَصاغِي ومَنْصَحٍ

 

تَعاوٍ، كما عَجَّ الحَجِيحُ المُبَلِّدُ

نصر

النَّصر: إِعانة المظلوم؛ نصَره على عدوّه ينصُره ونصَره ينصُره نصْراً، ورجل ناصِر من قوم نُصَّار ونَصْر مثل صاحب وصحْب وأَنصار؛ قال:

واللهُ سَمَّى نَصْرَك الأَنْصَارَا

 

آثَرَكَ اللهُ به إِيْثارا وفـي

الحديث: انصُر أَخاك ظالِماً أَو مظلوماً، وتفسيره أَن يمنَعه من الظلم إِن وجده ظالِماً، وإِن كان مظلوماً أَعانه على ظالمه، والاسم النُّصْرة؛ ابن سيده: وقول خِدَاش بن زُهَير:

فإِن كنت تشكو من خليل مَخانَةً

 

فتلك الحَوارِي عَقُّها ونُصُورُها

يجوز أَن يكون نُصُور جمع ناصِر كشاهد وشُهود، وأن يكون مصدراً كالخُروج والدُّخول؛ وقول أُمية الهذلي:

أُولئك آبائي، وهُمْ لِيَ ناصـرٌ

 

وهُمْ لك إِن صانعتَ ذا مَعْقِلُ

أَراد جمع ناصِر كقوله عز وجل: نَحْنُ جميع مُنْتَصِر. والنَّصِير: النَّاصِر؛ قال الله تعالى: نِعم المولى ونِعم النَّصير، والجمع أَنْصَار مثل شَرِيف وأَشرافٍ. والأَنصار: أَنصار النبي، صلى الله عليه وسلم، غَلبت عليهم الصِّفة فجرى مَجْرَى الأَسماء وصار كأَنه اسم الحيّ ولذلك أُضيف إِليه بلفظ الجمع فقيل أَنصاري. وقالوا: رجل نَصْر وقوم نَصْر فَوصَفوا بالمصدر كرجل عَدْلٍ وقوم عَدْل؛ عن ابن الأَعرابي.
والنُّصْرة: حُسْن المَعُونة. قال الله عز وجل: من كان يَظُنّ أَن لَنْ ينصُره الله في الدنيا والآخرة؛ المعنى من ظن من الكفار أَن الله لا يُظْهِر محمداً، صلى الله عليه وسلم، على مَنْ خالفَه فليَخْتَنِق غَيظاً حتى يموت كَمَداً، فإِن الله عز وجل يُظهره، ولا يَنفعه غيظه وموته حَنَقاً، فالهاء في قوله أَن لن يَنْصُرَه للنبيّ محمد، صلى الله عليه وسلم.
وانْتَصَر الرجل إذا امتَنَع من ظالِمِه. قال الأَزهري: يكون الانْتصَارَ من الظالم الانْتِصاف والانْتِقام، وانْتَصَر منه: انْتَقَم. قال الله تعالى مُخْبِراً عن نُوح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ودعائِه إِياه بأَن يَنْصُره على قومه: فانْتَصِرْ ففتحنا، كأَنه قال لِرَبِّه: انتقم منهم كما قال: رَبِّ لا تَذَرْ على الأَرض من الكافرين دَيَّاراً.
والانتصار: الانتقام. وفي التنزيل العزيز: ولَمَنِ انْتَصَر بعد ظُلْمِه؛ وقوله عز وجل: والذين إذا أَصابهم البغي هم يَنْتَصِرُون؛ قال ابن سيده: إِن قال قائل أَهُمْ مَحْمُودون على انتصارهم أَم لاف قيل: من لم يُسرِف ولم يُجاوِز ما أمر الله به فهو مَحْمُود.
 والاسْتِنْصار: اسْتِمْداد النَّصْر. واسْتَنْصَره على عَدُوّه أَي سأَله أَن ينصُره عليه. والتَّنَصُّرُ: مُعالَجَة النَّصْر وليس من باب تَحَلَّم وتَنَوَّر. والتَّناصُر: التَّعاون على النَّصْر. وتَناصَرُوا: نَصَر بعضُهم بعضاً. وفي الحديث: كلُّ المُسْلِمِ عَنْ مُسْلِمٍ مُحَرَّم أَخَوانِ نَصِيرانَ أَي هما أَخَوانِ يَتَناصَران ويَتعاضَدان. والنَّصِير فعيل بمعنى فاعِل أَو مفعول لأَن كل واحد من المتَناصِرَيْن ناصِر ومَنْصُور. وقد نصره ينصُره نصْراً إذا أَعانه على عدُوّه وشَدَّ منه؛ ومنه حديث الضَّيْفِ المَحْرُوم: فإِنَّ نَصْره حق على كل مُسلم حتى يأْخُذ بِقِرَى ليلته، قيل: يُشْبه أَن يكون هذا في المُضْطَرّ الذي لا يجد ما يأْكل ويخاف على نفسه التلف، فله أَن يأْكل من مال أَخيه المسلم بقدر حاجته الضرورية وعليه الضَّمان. وتَناصَرَتِ الأَخبار: صدَّق بعضُها بعضاً.
والنَّواصِرُ: مَجاري الماء إِلى الأَودية،واحدها ناصِر، والنَّاصِر: أَعظم من التَّلْعَةِ يكون مِيلاً ونحوَه ثم تمج النَّواصِر في التِّلاع.
أَبو خيرة: النَّواصِر من الشِّعاب ما جاء من مكان بعيد إِلى الوادي فَنَصَرَ سَيْلَ الوادي، الواحد ناصِر. والنَّواصِر: مَسايِل المِياه، واحدتها ناصِرة، سميت ناصِرة لأَنها تجيء من مكان بعيد حتى تقع في مُجْتَمع الماء حيث انتهت، لأَن كل مَسِيل يَضِيع ماؤه فلا يقع في مُجتَمع الماء فهو ظالم لمائه. وقال أَبو حنيفة: الناصِر والناصِرة ما جاء من مكان بعيد إِلى الوادي فنَصَر السُّيول. ونصَر البلاد ينصُرها: أَتاها؛ عن ابن الأَعرابي. ونَصَرْتُ أَرض بني فلان أَي أَتيتها؛ قال الراعي يخاطب خيلاً:

إِذا دخل الشهرُ الحرامُ فَوَدِّعِـي

 

بِلادَ تميم، وانْصُرِي أَرضَ عامِرِ

ونَصر الغيثُ الأَرض نَصْراً: غاثَها وسقاها وأَنبتها؛ قال:

من كان أَخطاه الربيعُ، فإِنمـا

 

نصر الحِجاز بِغَيْثِ عبدِ الواحِدِ

ونَصَر الغيثُ البلَد إذا أَعانه على الخِصْب والنبات. ابن الأَعرابي: النُّصْرة المَطْرَة التَّامّة؛ وأَرض مَنْصُورة ومَضْبُوطَة. وقال أَبو عبيد: نُصِرَت البلاد إذا مُطِرَت، فهي مَنْصُورة أَي مَمْطُورة. ونُصِر القوم إذا غِيثُوا. وفي الحديث: إِنَّ هذه السَّحابةَ تَنصُر أَرضَ بني كَعْب أَي تُمطرهم. والنَّصْر: العَطاء؛ قال رؤبة:

إِني وأَسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرا

 

لَقائِلٌ: يا نَصْرُ نَصْراً نَصْراً

ونَصَره ينصُره نَصْراً: أَعطاه. والنَّصائِرُ: العطايا.
والمُسْتَنْصِر: السَّائل. ووقف أَعرابيّ على قوم فقال: انْصُرُوني نَصَركم الله أَي أَعطُوني أَعطاكم الله.
ونَصَرى ونَصْرَى وناصِرَة ونَصُورِيَّة قرية بالشام، والنَّصارَى مَنْسُوبُون إِليها؛ قال ابن سيده: هذا قول أَهل اللغة، قال: وهو ضعيف إِلا أَن نادِر النسب يَسَعُه، قال: وأَما سيبويه فقال أَما نَصارَى فذهب الخليل إِلى أَنه جمع نَصْرِيٍّ ونَصْران، كما قالوا ندْمان ونَدامى، ولكنهم حذفوا إِحدى الياءَين كما حذفوا من أُثْفِيَّة وأَبدلوا مكانها أَلفاً كما قالوا صَحارَى، قال: وأَما الذي نُوَجِّهه نحن عليه جاء على نَصْران لأَنه قد تكلم به فكأَنك جمعت نَصْراً كما جمعت مَسْمَعاً والأَشْعَث وقلت نَصارَى كما قلت نَدامى، فهذا أَقيس، والأَول مذهب، وإِنما كان أَقْيَسَ لأَنا لم نسمعهم قالوا نَصْرِيّ. قال أَبو إِسحق: واحِد النصارَى في أَحد القولين نَصْرَان كما ترى مثل نَدْمان ونَدامى، والأُنثى نَصْرانَة مثل نَدْمانَة؛ وأَنشد لأَبي الأَخزر الحماني يصف ناقتين طأْطأَتا رؤوسهما من الإِعياء فشبه رأْس الناقة من تطأْطئها برأْس النصوانية إذا طأْطأَته في صلاتها:

فَكِلْتاهُما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رأْسُها

 

كما أَسْجَدَتْ نَصْرانَة لم تحَنَّفِ

فَنَصْرانَة تأْنيث نَصْران، ولكن لم يُستعمل نَصْران إِلا بياءي النسب لأَنهم قالوا رجل نَصْراني وامرأَة نَصْرانيَّة، قال ابن بري: قوله إِن النصارى جمع نَصْران ونَصْرانَة إِنما يريد بذلك الأَصل دون الاستعمال، وإِنما المستعمل في الكلام نَصْرانيٌّ ونَصْرانِيّة، بياءي النسب، وإِنما جاء نَصْرانَة في البيت على جهة الضرورة؛ غيره: ويجوز أَن يكون واحد النصارى نَصْرِيّاً مثل بعير مَهْرِيّ وإِبِل مَهارَى، وأَسْجَد: لغة في سَجَد. وقال الليث: زعموا أَنهم نُسِبُوا إِلى قرية بالشام اسمها نَصْرُونة.
التهذيب: وقد جاء أَنْصار في جمع النَّصْران؛ قال:

لما رأَيتُ نَبَطاً أَنْصارا

بمعنى النَّصارى. الجوهري: ونَصْرانُ قرية بالشأْم ينسب إِليها النَّصارى، ويقال: ناصِرَةُ.
والتَّنَصُّرُ: الدخول في النَّصْرانية، وفي المحكَم: الدخول في دين النصْري ونَصَّرَه: جعله نَصْرانِيّاً. وفي الحديث: كلُّ مولود يولد على الفِطْرة حتى يكونَ أَبواه اللذان يَهَوِّدانِه ويُنَصِّرانِه؛ اللَّذان رفع بالابتداء لأَنه أُضمر في يكون؛ كذلك رواه سيبويه؛ وأَنشد:

إِذا ما المرء كان أَبُوه عَبْسٌ

 

فَحَسْبُك ما تُرِيدُ إِلى الكلامِ

أَي كان هو. والأَنْصَرُ: الأَقْلَفُ، وهو من ذلك لأَن النصارى قُلْف.
وفي الحديث: لا يَؤمَّنَّكُم أَنْصَرُ أَي أَقْلَفُ؛ كذا فُسِّر في الحديث.ونَصَّرُ: صَنَم، وقد نَفَى سيبويه هذا البناء في الأَسماء.
وبُخْتُنَصَّر: معروف، وهو الذي كان خَرَّب بيت المقدس، عَمَّره الله تعالى. قال الأَصمعي: إِنما هو بُوخَتُنَصَّر فأُعرب، وبُوخَتُ ابنُ، ونَصَّرُ صَنَم، وكان وُجد عند الصَّنَم ولم يُعرف له أَب فقيل: هو ابن الصنم. ونَصْر ونُصَيْرٌ وناصِر ومَنْصُور: أَسماء. وبنو ناصِر وبنو نَصْر: بَطْنان.
ونَصْر: أَبو قبيلة من بني أَسد وهو نصر ابن قُعَيْنٍ؛ قال أَوس بن حَجَر يخاطب رجلاً من بني لُبَيْنى بن سعد الأَسَدِي وكان قد هجاه:

عَدَدْتَ رِجالاً من قُعَيْنٍ تَفَـجُّـسـاً

 

فما ابنُ لُبَيْنى والتَّفَجُّسُ والفَخْـرُف

شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّهـا وسَـمِـينُـهـا

 

وأَنت السَّهُ السُّفْلى، إذا دُعِيَتْ نَصْرُ

التَّفَجُّس: التعظُّم والتكبر. وشأَتك: سَبَقَتْك. والسَّه: لغة في الاسْتِ.

نصص

النَّصُّ: رفْعُك الشيء. نَصَّ الحديث يَنُصُّه نصّاً: رفَعَه. وكل ما أُظْهِرَ، فقد نُصَّ. وقال عمرو بن دينار: ما رأَيت رجلاً أَنَصَّ للحديث من الزُّهْري أَي أَرْفَعَ له وأَسْنَدَ. يقال: نَصَّ الحديث إِلى فلان أَي رفَعَه، وكذلك نصَصْتُه إِليه. ونَصَّت الظبيةُ جِيدَها: رفَعَتْه.
ووُضِعَ على المِنَصَّةِ أَي على غاية الفَضِيحة والشهرة والظهور.
والمَنَصَّةُ: ما تُظْهَرُ عليه العروسُ لتُرَى،وقد نَصَّها وانتَصَّت هي، والماشِطةُ تَنْتَصُّ عليها العروسَ فتُقْعِدُها على المِنَصَّة، وهي تَنْتَصُّ عليها لتُرَى من بين النساء. وفي حديث عبدالله بن زمعة: أَنه تَزَوَّج بنتَ السائب فلما نُصَّت لتُهْدَى إِليه طلَّقها، أَي أُقعِدَت على المِنَصَّة، وهي بالكسر، سريرُ العروسِ، وقيل: هي بفتح الميم الحجَلةُ عليها من قولهم نَصَّصْت المتاعَ إذا جعلت بعضه على بعض. وكل شيء أَظْهرْته، فقد نَصَّصْته. والمِنَصّة: الثياب المُرَفّعة والفرُشُ الموَطَّأَة.
ونصَّ المتاعَ نصّاً: جعلَ بعضه على بعض. ونَصَّ الدابةَ يَنُصُّها نصّاً: رَفَعَها في السير، وكذلك الناقة. وفي الحديث: أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، حين دَفَع من عرفات سار العَنَقَ فإِذا وجد فَجْوةً نَصَّ أَي رفَع ناقتَه في السير، وقد نصَّصْت ناقتي: رفَعْتها في السير، وسير نصٌّ ونَصِيصٌ. وفي الحديث: أَن أُم سلمة قالت لعائشة، رضي اللّه عنهما: ما كنتِ قائلةً لو أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، عارَضَكِ ببعض الفلوات ناصَّةً قَلُوصَك من منهلٍ إِلى آخر؟ أَي رافعةً لها في السير؛ قال أَبو عبيد: النَّصُّ التحريك حتى تستخرج من الناقة أَقصَى سيرها؛ وأَنشد:

وتَقْطَعُ الخَرْقَ بسَيْرٍ نَصِّ

 والنَّصُّ والنَّصِيصُ: السير الشديد والحثُّ، ولهذا قيل: نَصَصْت الشيء رفعته، ومنه مِنَصَّة العروس. وأَصل النَّصّ أَقصى الشيء وغايتُه، ثم سمي به ضربٌ من السير سريع. ابن الأَعرابي: النَّصُّ الإِسْنادُ إِلى الرئيس الأَكبر، والنَّصُّ التوْقِيفُ، والنصُّ التعيين على شيءٍ ما، ونصُّ الأَمرِ شدتُه؛ قال أَيوب بن عباثة:

ولا يَسْتَوي، عند نَصِّ الأُمو

 

رِ، باذِلُ معروفِه والبَخِيل

ونَصَّ الرجلَ نصّاً إذا سأَله عن شيءٍ حتى يستقصي ما عنده. ونصُّ كلِّ شيءٍ: منتهاه. وفي الحديث عن عليّ، رضي اللّه عنه، قال: إذا بلَغَ النساءُ نَصَّ الحِقاقِ فالعَصَبَةُ أَوْلى، يعني إذا بلغت غاية الصغر إِلى أَن تدخل في الكبر فالعصبة أَوْلى بها من الأُمِّ، يريد بذلك الإِدراكَ والغاية. قال الأَزهري: النصُّ أَصلُه منتهى الأَشياء ومَبْلغُ أَقْصاها، ومنه قيل: نصَصْتُ الرجلَ إذا استقصيت مسأَلته عن الشيء حتى تستخرج كل ما عنده، وكذلك النصّ في السير إِنما هو أَقصى ما تقدر عليه الدابة، قال: فنصُّ الحِقاقِ إِنما هو الإِدراكُ، وقال المبرد: نصُّ الحقاق منتهى بلوغ العقل، أَي إذا بلغت من سِنِّها المبلغَ الذي يصلح أَن تُحاقِقَ وتُخاصم عن نفسها، وهو الحِقاقُ، فعصبتُها أَولى بها من أُمِّها.
ويقال: نَصْنَصْت الشيءَ حركته. وفي حديث أَبي بكر حين دخل عليه عمر، رضي اللّه عنهما، وهو يُنَصْنِصُ لِسانَه ويقول: هذا أَوْرَدَني المواردَ؛ قال أَبو عبيد: هو بالصاد لا غير، قال: وفيه لغة اُخرى ليست في الحديث نَضْنَضْت، بالضاد. وروي عن كعب أَنه قال: يقول الجبار احْذَرُوني فإِني لا أُناصُّ عبداً إِلا عذَّبْتُه أَي لا أَستقصي عليه في السؤال والحساب، وهي مفاعلة منه، إِلا عذَّبته. ونَصَّصَ الرجلُ غريمَه إذا استقصى عليه.
وفي حديث هرقل: يَنُصُّهم أَي يستخرجُ رأْيهم ويُظْهِرُه؛ ومنه قول الفقهاء: نَصُّ القرآنِ ونَصُّ السنَّة أَي ما دل ظاهرُ لفظهما عليه من الأَحكام. شمر: النَّصْنَصَة والنَّضْنَضَةُ الحركة. وكل شيءٍ قَلْقَلْتَه، فقد نَصْنَصْته.
والنُّصَّة: ما أَقبل على الجبهة من الشعر، والجمع نُصَصٌ ونِصاصٌ.
ونَصَّ الشيءَ: حركه. ونَصْنَصَ لسانه: حركه كنَضْنَضَه، غير أَن الصاد فيه أَصل وليست بدلاً من ضاد نَضْنَضَه كما زعم قوم، لأَنهما ليستا أُخْتَين فتبدل إِحداهما من صاحبتها. والنَّصْنَصَةُ: تحرُّك البعير إذا نَهَضَ من الأَرض. ونَصْنَص البعيرُ: فَحَص بصدره في الأَرض ليبرُك. الليث: النَّصْنَصَة إِثبات البعير ركبتيه في الأَرْض وتحرُّكه إذا همَّ بالنهوض.
ونَصْنَص البعيرُ: مثل حَصْحَصَ. ونَصْنَص الرجل في مشيه: اهتز منتصباً.
وانْتَصَّ الشيءُ وانتصب إذا استوى واستقام؛ قال الراجز:

فبات مُنْتَصّاً وما تَكَرْدَسَا

وروى أَبو تراب عن بعض الأَعراب: كان حَصِيصُ القومِ ونَصِيصُهم وبَصِيصُهم كذا وكذا أَي عَدَدُهم، بالحاء والنون والباء.

نصع

الناصِعُ والنَّصِيعُ: البالغُ من الأَلوان الخالص منها الصافي أَيّ لون كان، وأَكثر ما يقال في البياض؛ قال أَبو النجم:

إِنَّ ذَواتِ الأُزْرِ والبَراقِعِ،

والبُدْنِ في ذاكَ البَياضِ النّاصِعِ،

لَيْسَ اعْتِذارٌ عندها بِنافِعِ

وقال المرّار:

راقَه منها بَياضٌ نـاصِـعٌ

 

يُونِقُ العَينَ، وشَعْرٌ مُسْبَكِر

وقد نَصَعَ لونُه نَصاعةً ونُصوعاً: اشتَدَّ بَياضُه وخَلَصَ؛ قال سُويد بن أَبي كاهل:

صَقَلَتْه بِقَـضِـيبٍ نـاعِـمٍ

 

مِن أَراكٍ طَيِّبٍ، حَتى نَصَعْ

وأَبيَضُ ناصِعٌ ويَقَقٌ، وأَصفَرُ ناصع: بالغوا به كما قالوا أَسودُ حالِكٌ. وقال أَبو عبيدة في الشِّياتِ: أَصفر ناصِعٌ، قال: هو الأَصفر السّراةِ تَعْلو مَتنَه جُدَّةٌ غَبْساءُ، والناصِعُ في كل لون خَلصَ ووَضَح، وقيل: لا يقال أَبيض ناصِعٌ ولكن أَبيض يَقَقٌ وأَحمر ناصِعٌ ونَصّاعٌ؛ قال:

بُدِّلْنَ بُؤْساً بعدَ طُولِ تَـنَـعُّـمٍ

 

ومِنَ الثِّيابِ يُرَيْنَ في الأَلـوانِ

مِنْ صُفْرةٍ تَعْلو البياضَ وحُمْرةٍ

 

نَصّاعةٍ، كَشَقائِقِ النُّـعْـمـانِ

وقال الأَصمعي: كلُّ ثوب خالِصِ البياضِ أَو الصُّفرة أَو الحُمْرة فهو ناصِعٌ؛ قال لبيد:

سُدُماً قليلاً عَهْدُه بأَنِـيسِـه

 

مِن بَينِ أَصفَرَ ناصِعٍ ودِفانِ

أي ورَدتْ سُدُماً. ونَصَعَ لونُه نُصوعاً إذا اشتد بياضُه. ونَصَعَ الشيءُ: خلَص، والأَمر: وضَحَ وبانَ؛ قال ابن بري: شاهده قول لقِيطٍ الإِبادِيّ:

إِني أَرى الرَّأْيَ، إِن لم أُعْصَ، قد نَصَعا

والناصِعُ: الخالِصُ من كل شيء. وشيء ناصِعٌ: خالِصٌ. وفي الحديث: المدينةُ كالكِير تَنْفي خَبَثها وتَنْصَعُ طِيبَها أَي تُخَلِّصُه، وقد تقدم في بضع. وحسَبٌ ناصِعٌ: خالِصٌ. وحَقٌّ ناصِعٌ: واضح، كلاهما على المثل.
يقال: أَنْصَعَ للحقّ إِنْصاعاً إذا أَقَرَّ به، واستعمل جابر بن قَبِيصة النَّصاعةَ في الظَّرْف، وأُراه إِنما يعني به خُلوصَ الظَّرْف، فقال: ما رأَيت رجلاً أَنْصَعَ ظَرْفاً منك ولا أَحْضَر جواباً ولا أَكثر صَواباً من عمرو بن العاص، وقد يجوز أَن يعنيَ به اللونَ كأَن تقول: ما رأَيت رجلاً أَظهر ظَرْفاً، لأَن اللون واسطة في ظُهورِ الأَشياء، وقالوا: ناصِعِ الخَبَرَ أَخاكَ وكُنْ منه على حذَرٍ، وهو من الأَمر الناصِعِ أَي البَيِّنِ أَو الخالِصِ. ونَصَعَ الرجلُ: أَظهَرَ عَداوتَه وبَيَّنَها وقصَدَ القِتالَ؛ قال رؤبة:

كَرَّ بِأَحْجَى مانِعٍ أَنْ يَمْنَعا

 

حتى اقْشَعَرَّ جِلْدُه وأَنْصَعا

وقال أَبو عمرو: أَظهر ما في نفسه ولم يُخَصِّصِ العَداوةَ؛ قال أَبو زبيد:

والدَّارُ إِنْ تُنْئِهمْ عَنِّي، فـإِنَّ لـهُـمْ

 

ودِّي ونَصْري، إذا أَعْداؤُهم نصَعوا

قال ابن الأَثير: وأَنْصَعَ أَظْهَرَ ما في نفْسِه. والناصِعُ من الجيْشِ والقومِ: الخالصون الذين لا يَخْلِطُهم غيرُهم؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

ولمَّا أَنْ دَعَوْتُ بَنِي طريفٍ

 

أَتَوْني ناصِعِينَ إِلى الصِّياحِ

وقيل: إِن قوله في هذا البيت أَتوني ناصعين أَي قاصدين، وهو مشتق من الحقّ الناصِعِ أَيضاً.
والنِّصْعُ والنَّصْعُ والنُّصْعُ: جلد أَبيض. وقال المُؤَرِّج: النِّصَعُ والنِّطَعُ لواحد الأَنْطاعِ، وهو ما يتخذ من الأَدَمِ؛ وأَنشد لحاجز بن الجُعَيد الأَزْدي:

فنَنْحَرُها ونَخْلِطُها بِأُخْرى

 

كأَنَّ سَراتَها نِصَعٌ دَهِين

ويقال: نِصْعٌ، بسكون الصاد. والنِّصْعُ: ضرب من الثِّيابِ شديد البياض؛ قال الشاعر:

يَرْعى الخُزامى بذِي قارٍ، فقد خَضَبَتْ

 

منه الجَحافِلَ والأَطْرافَ والزَّمَـعـا

مُجْتابُ نِصْعٍ يَمانٍ فوْقَ نُـقْـبَـتِـه

 

وبالأَكارِعِ من دِيبـاجِـه قـطَـعـا

وعَمَّ بعضهم به كلّ جلد أَبيض أَو ثوب أَبيض؛ قال يصف بقر الوَحْش:

كأَنَّ تَحْتي ناشِطاً مُوَلَّعـا،

بالشامِ حتى خِلْته مُبَرْقَعا،

بنيقة مِنْ مرْحَليٍّ أَسْفَعا،

تَخالُ نِصْعاً فَوْقَها مُقَطَّعا،

يُخالِطُ التَّقْلِيصَ إِذْ تَدَرَّعا

يقول: كأَنَّ عليه نِصْعاً مُقَلَّصاً عنه، يقول: تخالُ أَنه لَبِس ثوباً أَبيض مقلصاً عنه لم يبلغ كُروعَه التي ليست على لونه. وأَنْصَعَ الرجلُ للشرِّ إِنْصاعاً: تَصَدَّى له.
والنَّصِيعُ: البحر؛ قال:

أَدْلَيْتُ دَلْوي في النَّصِيعِ الزَّاخِرِ

قال الأَزهري: قوله النَّصِيعُ البحرُ غير معروف، وأَراد بالنَّصِيعِ ماء بِئرٍ ناصِعِ الماء ليس بِكَدِرٍ لأَن ماء البحر لا يُدْلى فيه الدَّلْوُ. يقال: ماءٌ ناصِعٌ وماصِعٌ ونَصِيعٌ إذا كان صافياً، والمعروف البحر البَضيعُ، بالباء والضاد. وشَرِبَ حتى نَصَعَ وحتى نَقَعَ، وذلك إذا شَفى غَلِيلَه، والمعروفُ بَضَعَ، وقد تقدّم. والمَناصِعُ: المواضعُ التي يُتَخَلَّى فيها لبَوْلٍ أَو غائِطٍ أَو لحاجة، الواحد مَنْصَعٌ، لأَنه يُبْرَزُ إِليها ويُظْهَرُ. وفي حديث الإِفك: كان مُتَبَرَّزُ النساءِ في المدينةِ قبل أَن تُسَوَّى الكُنُفُ في الدُّورِ المناصِعَ، حكاه الهرويّ في الغريبين، قال الأَزهري: أَرى أَن المناصعَ موضع بعينه خارجَ المدينة، وكُنَّ النساءُ يَتَبَرَّزْن إِليه بالليل على مذاهبِ العرب بالجاهِليَّة. وفي الحديث: إِنَّ المَناصِعَ صَعِيدٌ أَفيَحُ خارجَ المدينة.
ونَصَعَتِ الناقةُ إذا مَضَغَتِ الجِرّة؛ عن ثعلب. وحكى الفراء: أَنْصَعَتِ الناقةُ للفحْل إِنصاعاً قَرَّت له عند الضِّرابِ. وقال أَبو يوسف: يقال قبَّح الله أمّاً نَصَعَتْ به، أَي ولَدَتْه، مثل مَصَعَتْ به.

نصف

النِّصْفُ: أَحد شقَّي الشيء. ابن سيده: النِّصْفُ والنُّصف، بالضم، والنَّصِيفُ والنَّصْفُ؛ الأَخيرة عن ابن جني: أَحد جزأَي الكمال، وقرأَ زيد بن ثابت: فلها النُّصْف. وفي الحديث: الصبر نِصْف الإيمان؛ قال ابن الأَثير: أَراد بالصبر الوَرَع لأَن العبادة قِسمان: نُسُك وورَعٌ، فالنُّسُك ما أَمَرَتْ به الشريعة، والورَعُ ما نَهَت عنه، وإنما يُنْتَهى عنه بالصبر فكان الصبرُ نِصفَ الإيمانِ، والجمع أَنْصاف. ونصَفَ الشيءَ يَنْصُفُه نَصْفاً وانتَصَفه وتَنَصَّفَه ونَصَّفه: أَخذ نِصْفَه.والمُنَصَّفُ من الشراب: الذي يُطبَخ حتى يذهب نِصْفُه. ونصَفَ القَدَحَ يَنْصفُه نَصْفاً: شرب نِصْفَه. ونصفَ الشيءُ الشيءَ ينصُفُه: بلغ نِصْفَه. ونصَف النهارُ يَنْصُف وينصِف وانْتَصَف وأَنْصَف: بلغ نِصْفه، وقيل: كلُّ ما بَلغ نِصْفه في ذاته فقد أَنصَف؛ وكلُّ ما بلغ نصفه في غيره فقد نصَف؛ وقال المسيب بن علس يصف غائصاً في البحر على دُرَّة:

نَصَفَ النهارُ، الماءُ غامِرُه

 

ورَفِيقُه بالغَـيْبِ لا يدري

أَراد انتصَف النهارُ والماءُ غامره فانتَصَفَ النهارُ ولم يخرج من الماء، فحذف واو الحال، ونصَفْت الشيء إذا بلغت نِصْفه؛ تقول: نَصَفْت القرآن أَي بلغت النصف؛ ونصَفَ عُمُرَه ونصَف الشيبُ رأْسَه. ويقال: قد نصَف الإزارُ ساقَه يَنْصُفها إذا بلغ نِصفها؛ وأَنشد لأَبي جُنْدَب الهذلي:

وكنتُ، إذا جارِي دَعا لِمَضُـوفةٍ

 

أُشَمِّر حتى يَنْصُف الساقَ مِئْزَرِي

وقال ابنُ مَيَّادةَ يمدح رجلاً:

ترَى سَيْفَه لا يَنْصُفُ السَّاقَ نَعْلُـه

 

أَجَلْ لا، وإن كانت طِوالاً مَحامِلُهْ

اليزيديّ: ونصف الماءُ البئر والحُبَّ والكُوزَ وهو يَنصُفه نَصفاً ونُصوفاً، وقد أَنصَف الماءُ الحبّ إنْصافاً؛ وكذلك الكوز إذا بلغ نصفه، فإن كنت أَنت فعَلْت به قلت: أَنصَفْتُ الماءَ الحُبَّ والكوز إنصافاً، وتقول: أَنصَف الشيبُ رأْسه ونصَّف تَنْصيفاً، وإذا بلغت نصْف السّنّ قلت: قد أَنصَفْته ونصَّفْته إنصافاً وتنصيفاً وأَنصفْته من نفسي.
وإناء نَصْفان، بالفتح: بلغ الكيلُ أَو الماء نِصْفَه، وجُمْجُمةٌ نَصْفَى، ولا يقال ذلك في غير النِّصْف من الأَجزاء أَعني أنه، لا يقال ثَلْثان ولا رَبْعان ولا غير ذلك من الصفات التي تقتضي هه الأجزاء، وهذا مرويّ عن ابن الأَعرابي. ونصَّف البُسْرُ: رطَّب نصفُه؛ هذه عن أَبي حنيفة.
ومَنْصَفُ القَوْسِ والوتَر: موضع النِّصف منهما. ومَنْصَف الشيء: وسَطُه. والمَنْصَف من الطريق ومن النهار ومن كل شيء: وسطه. والمَنْصَف: نصف الطريق. وفي الحديث: حتى إذا كان بالمَنصف أَي الموضع الوسَط بين الموضعين. ومُنْتَصفُ الليل والنهار: وسَطُه. وانتصف النهارُ ونصَفَ، فهو يَنْصُف. ويقال: أَنصَف النهار أَيضاً أَي انتصف، وكذلك نصَّف؛ قال الفرزدق:

وإنْ نَبَّهَتْهُـنَّ الـولائدُ بـعـدمـا

 

تصعَّد يومُ الصَّيْف، أَو كاد يَنْصُف

وقال العجاج:

حتى إذا الليلُ التَّمامُ نصَّفا

وكل شيء بلَغ نصف غيره فقد نصَفَه؛ وكل شيء بلغ نِصْف نفْسِه فقد أَنصَف. ابن السكيت: نصَف النهارُ إذا انتصف؛ وأَنصفَ النهارُ إذا انتصف.ونصَّفْت الشيء؛ إذا أَخذت نِصفه. وتَنْصِيفُ الشيء: جعله نِصْفَين. وناصَفْته المال: قاسَمْته على النصف. والنَّصَفُ: الكَهْل كأَنه بلغ نِصف عُمُره. وقوم أَنصاف ونَصَفُون، والأُنثى نصَف ونَصَفة كذلك أَيضاً: كأَنَّ نِصفَ عمرها ذهب؛ وقد بيَّن ذلك الشاعر في قوله:

لا تَنْكِحَنَّ عَجُوزاً أَو مُطلَّـقةً

 

ولا يَسُوقَنَّها في حَبْلِك القَدَرُ

وإن أَتَوْكَ فقالوا: إنها نَصَـفٌ

 

فإنَّ أَطْيَبَ نِصْفَيْها الذي غَبَرا

أَنشده ابن الأَعرابي. ابن شميل: إن فلانة لعلى نَصَفِها أَي نِصْف شبابها؛ وأَنشد:

إنَّ غُلاماً، غَرَّه جَـرْشَـبِـيَّةٌ

 

على نَفْسِها من نفْسِه، لَضَعِيف

الجَرْشَبِيّة: العجوز الكبيرة الهَرِمة، وقيل: النَّصَف، بالتحريك، المرأَة بين الحَدَثة والمُسِنّة، وتصغيرها نُصَيْف بلا هاء لأَنها صفة؛ وفي قصيدة كعب:

شَدَّ النهارِ ذِراعَيْ عَيْطَلٍ نَصَفٍ

النصف، بالتحريك: التي بين الشابَّة والكهْلة، وقيل: النصَف من النساء التي قد بلغت خمساً وأَربعين ونحوها، وقيل: التي قد بلغت خمسين، والقياس الأَول لأَنه يجرّه اشتقاق وهذا لا اشتقاق له، والجمع أَنصاف ونُصُفٌ ونُصْفٌ؛ الأَخيرة عن سيبويه، وقد يكون النصَف للجمع كالواحد، وقد نَصَّف.
والنَّصِيف: مِكيال. وقد نصَفَهم: أخذ منهم النِّصف يَنْصُفهم نَصْفاً كما يقال عشَرَهم يَعْشُرُهم عَشْراً. وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم: لاتسُبُّوا أَصحابي فإن أَحدكم لو أَنفق ما في الأَرض جميعاً ما أَدرك مُدَّ أَحدِهم ولا نَصِيفَه؛ قال أَبو عبيد: العرب تسمي النِّصف النصيف كما يقولون في العُشر العَشِير وفي الثُّمن الثَّمِين؛ وأَنشد لسلَمة بن الأَكوع:

لم يَغْذُهـا مُـدٌّ ولا نَـصِـيفُ

 

ولاتُمَيْراتٌ ولا تـعْـجِـيفُ

لكنْ غذاها اللَّبَـن الـخَـريفُ

 

أَلمَحْضُ والقارِصُ والصَّريفُ

والنصِيف: الخِمار، وقد نَصَّفَتِ المرأَةُ رأْسها بالخمار. وانتَصَفَت الجارية وتَنَصَّفت أَي اختمرت، ونصَّفْتها أَنا تَنْصيفاً؛ ومنه الحديث في صفة الحور العين: ولَنَصِيفُ إحداهن على رأْسها خير من الدنيا وما فيها؛ هو الخِمار، وقيل المِعْجَر؛ ومنه قول النابغة يصف امرأَة:

سقَطَ النَّصِيف، ولم تُرِد إسقاطَه

 

فَتناوَلَتْه واتَّـقَـتْـنـا بـالـيَدِ

قال أَبو سعيد: النصِيف ثوب تتجلَّل به المرأَة فوق ثيابها كلها، سمي نصيفاً لأَنه نصَفٌ بين الناس وبينها فحَجز أَبصارهم عنها، قال: والدليل على صحة ما قاله قول النابغة: سقط النصيف، لأَن النصيف إذا جعل خِماراً فسقط فليس لستْرِها وجهَها مع كشفِها شعَرها معنىً، وقيل: نَصِيف المرأَة مِعْجَرُها.
والنَّصَفُ والنَّصَفةُ والإنْصاف: إعطاء الحق، وقد انتصف منه، وأَنصف الرجلُ صاحبه إنْصافاً، وقد أَعطاه النَّصفَةَ. ابن الأَعرابي: أَنصف إذا أَخذ الحق وأَعطى الحق. والنصَفة: اسم الإنصاف، وتفسيره أَن تعطيه من نفسك النصَف أَي تُعْطيه من الحق كالذي تستحق لنفسك. ويقال: انتصفت من فلان أَخذْت حقي كَمَلاً حتى صرت أَنا وهو على النَّصَف سَواءً. وتَنَصَّفْت السلطان أَي سأَلته أَن يُنْصِفَني. والنِّصْفُ: الإنْصافُ؛ قال الفرزدق:

ولكنَّ نِصْفاً، لو سَبَبْتُ وسَبَّنـي

 

بنُو عبد شَمسٍ من مَنافٍ وهاشِمِ

وأَنصَف الرجلُ أَي عدل. ويقال: أَنْصفَه من نفْسه وانْتصفْت أَنا منه وتَناصَفوا أَي أَنصف بعضُهم بعضاً من نفسه؛ وفي حديث عمر مع زِنْباع بن رَوْح:

مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بـن رَوْحٍ بـبـلـدةٍ

 

لي النِّصْفُ منها، يَقْرَع السِّنَّ من نَدَمْ

النصف، بالكسر: الانتصاف، وقد أَنصَفه من خصمه يُنْصِفُه إنْصافاً ونَصَفه ينْصِفه ويَنْصُفه نَصْفاً ونِصافة ونَصافاً ونِصافاً وأَنصَفَه وتَنَصَّفَه كلُّه: خدَمه. الجوهري: تنصَّف أَي خَدم؛ قالت الحُرَقة بنت النعمان بن المنذر:

فبَيْنا نَسُوسُ الناسَ، والأَمْرُ أَمْرُنا

 

إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَـصَّـفُ

فأُفٍّ لدُنيا لا يدُوم نَـعـيمُـهـا

 

تقَلَّبُ تاراتٍ بِنـا وتَـصَـرَّفُ

ويقال: تنصَّفْته بمعنى خدَمْته وعبَدْته؛ وأَنشد ابن بري:

فإنَّ الإلَه تَنَصَّـفْـتـه

 

بأَنْ لاأَعُقَّ وأَن لا أَحُوبا

قال: وعليه بيت الحُرَقة بنت النعمان بن المنذر:

إذا نحن فيهم سوقة نتنصف

ونصف القومَ أَيضاً: خدمهم؛ قال لبيد:

لها غَلَلٌ من زازِقيٍّ وكُرْسُفٍ

 

بأَيْمانِ عُجْمٍ يَنْصُفون المَقاوِلا

قوله لها أَي لظُروف الخمر. والناصِفُ والمِنْصَف، بكسر الميم: الخادم.
ويقال للخادم: مِنْصَف ومَنْصَفٌ. والنَّصِيفُ: الخادم. وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: أَنه ذكر داود، عليه السلام، فقال: دخل المِحراب وأَقعد مِنْصفاً على الباب، يعني خادماً، والجمع مَناصِف؛ قال ابن الأَثير: المنصف، بكسر الميم، الخادم، وقد تفتح الميم. وفي حديث ابن سَلام، رضي اللّه عنه: فجاءني مِنصف فرَفع ثيابي من خَلْفي. ويقال: نصَفْت الرجل فأَنا أَنْصُفُه وأَنْصِفُه نِصافة ونَصافة أَي خدمته. والنَّصَفةُ:الخُدَّام، واحدهم ناصِفٌ، وفي الصحاح: والنصَف الخدَّام. وتنصَّفه: طلَب مَعْرُوفه؛ قال:

فإن الإله تَنَـصَّـفْـتُـه

 

بأَنْ لا أَخُونَ وأَنْ لا أُخانا

وقيل: تَنَصَّفْته أَطعْته وانْقَدْت له؛ وقول ابن هَرْمَةَ:

مَنْ ذا رسولٌ ناصِحٌ فَـمُـبَـلِّـغٌ

 

عنَّي عُلَيَّةَ غَيرَ قِـيلِ الـكـاذِبِ

أَني غَرِضْتُ إلى تَناصُف وجْهِهـا

 

غَرَضَ المُحِبِّ إلى الحبيبِ الغائِبِ

أَي اشْتَقْت، وقيل: معناه خِدْمة وجهها بالنظر إليه، وقيل: إلى محاسنه التي تقَسَّمت الحسن فتَناصَفَتْه أَي أَنصفَ بعضُها بعضاً فاستوت فيه؛ وقال ابن الأَعرابي: تناصُف وجهِها محاسنها أَنها كلّها حَسَنة يُنْصِفُ بعضها بعضاً، يريد أَن أَعضاءها متساوية في الجمال والحسن فكأَنَّ بعضها أَنصف بعضاً فتناصف؛ وقال الجوهري: يعني استواء المحاسن كأَنَّ بعض أَعضاء الوجه أَنصف بعضاً في أَخذ القِسْط من الجمال؛ ورجل متناصف: مُتساوي المحاسن، وأَنصف إذا خدم سيده. وأَنصف إذا سار بنصف النهار.
والمَناصِف: أَودية صغار، والنواصِف: صخور في مَناصِف أَسناد الوادي ونحو ذلك من المَسايِل؛ وفي حديث ابن الصَّبْغاء:

بين القِرانِ السَّوْء والنَّواصِف

جمع ناصفة وهي الصخرة. قال ابن الأَثير: ويروى التَّراصُف. والنواصِفُ: مجاري الماء في الوادي، واحدتها ناصفة: وأَنشد:

خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِف من دَدِ

والناصفة من الأَرض: رَحَبة بها شجر لا تكون ناصفة إلا ولها شجر.
والناصفة: الأَرض التي تُنبت الثُّمام وغيره. وقال أَبو حنيفة: الناصفة موضع مِنبات يتَّسع من الوادي؛ قال الأَعشى:

كخَذُولٍ تَرْعى النَّواصِفَ من تَثْ

 

لِيثَ قَفْراً، خَلا لهـا الأَسْـلاقُ

والناصفة: مجرى الماء، والجمع النواصف، وقيل: النواصف أَماكن بين الغِلَظ واللَّين؛ وأَنشد قول طرفة:

كأَنَّ حُدُوجَ المالِكِـيّةِ، غُـدْوةً

 

خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِفِ من دَدِ

وقيل: النواصِف رِحاب من الأَرض. وناصفةُ: موضع؛ قال:

بناصِفةِ الجَوَّيْن أَو بمُحَجِّر

نصل

التهذيب: النَّصْلُ نصلُ السهم ونَصْلُ السيفِ والسِّكِّينِ والرمحِ، ونَصْلُ البُهْمَى من النبات ونحوه إذا خرجت نصالُها. المحكم: النَّصْلُ حديدةُ السهم والرمحِ، وهو حديدة السيف ما لم يكن لها مَقْبَض؛ حكاها ابن جني قال: فإِذا كان لها مَقْبَض فهو سيف؛ ولذلك أَضاف الشاعر النَّصْل إِلى السيف فقال:

قد عَلِمتْ جارية عُطْـبـول

 

أَنِّي، بنَصْل السيف، خَنْشَلِيل

ونَصْل السيف: حديده. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد النصْل كل حديدة من حدائد السِّهام، والجمع أَنصُل ونُصُول ونِصال. والنَّصْلانِ: النَّصْل والزُّجُّ؛ قال أَعشى باهلة:

عِشْنا بذلك دَهْراً ثم فـارَقَـنـا

 

كذلك الرُّمْحُ ذُو النَّصْلَيْن ينكَسِر

وقد سمِّي الزُّجُّ وحدَه نَصْلاً. ابن شميل: النَّصْل السهم العريضُ الطويلُ يكون قريباً من فِتْر والمِشْقَصُ على النصف من النَّصْل، قال: والسهم نفس النَّصْل، فلو التقطْتَ نَصْلاً لقلْتُ ما هذا السهم معك؟ ولو التقطتَ قِدْحاً لم أَقل ما هذا السهم معك. وأَنْصَل السهمَ ونَصَّله: جعل فيه النَّصْلَ، وقيل: أَنْصَله أَزال عنه النَّصْل، ونَصَّله ركَّب فيه النَّصْل، ونَصَل السهمُ فيه ثبت فلم يخرج، ونَصَلْته أَنا ونَصَل خرج، فهو من الأَضداد، وأَنْصَلَه هو. وكل ما أَخرجته فقد أَنْصَلته. ابن الأَعرابي: أَنْصَلْت الرمحَ ونَصَلْته جعلت له نَصْلاً، وأَنْصَلْته نزعت نَصْلَه. وفي حديث أَبي سفيان: فَامَّرَطَ قُذَذُ السهم وانْتَصَل أَي سقط نَصْلُه. ويقال: أَنْصَلْت السهمَ فانْتَصَل أَي خرج نَصْلُه. وفي حديث أَبي موسى: وإِن كان لِرُمْحِك سِنان فأَنْصِلْه أَي انزعْه.
ويقال: سهم ناصِل إذا خرج منه نَصْلُه، ومنه قولهم: ما بَلِلْتُ من فلان بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي ما ظفِرت منه بسهم انكسر فُوقُه وسقط نَصْلُه.
وسهم ناصِل: ذو نَصْل، جاء بمعنيين مُتضادَّين. الجوهري: ونَصَل السهمُ إذا خرج منه النَّصْل؛ ومنه قولهم: رَماه بأَفْوَقَ ناصِلٍ؛ قال ابن بري: ومنه قول أَبي ذؤيب:

فَحُطَّ عليها والضُّلـوعُ كـأَنـهـا

 

من الخَوْفِ، أَمثالُ السِّهام النَّواصِلِ

وقال رَزِين بن لُعْط:

أَلا هل أَتى قُصْوَى الأَحابيشِ أَننا

 

رَدَدْنا بني كَعْب بأَفْوَقَ ناصِلِ؟

وفي حديث علي، كرم الله وجهه: ومَنْ رَمَى بكم فقد رَمَى بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي بِسَهم منكسر الفُوق لا نَصْل فيه. ويقال أَيضاً نَصَل السهم إذا ثبت نصله في الشيء فلم يخرج، وهو من الأَضداد.
ونَصَّلْت السهمَ تَنْصيلاً: نزعت نَصْلَه، وهو كقولهم قَرَّدْت البعيرَ وقَذَّيْت العينَ إذا نزعت منها القُراد والقَذَى، وكذلك إذا ركَّبت عليه النَّصْل فهو من الأَضداد، وكان يقال لِرَجَب: مُنْصِل الأَلَّةِ ومُنْصِل الإِلال ومُنْصِل الأَلِّ لأَنهم كانوا يَنزِعون فيه أَسِنَّة الرِّماح؛ وفي الحديث: كانوا يسمون رَجَباً مُنْصِل الأَسِنَّة أَي مخرِج الأَسِنَّة من أَماكنها، كانوا إذا دخل رَجَبٌ نزَعوا أَسِنَّة الرِّماح ونِصالَ السِّهام إِبطالاً للقتال فيه وقطعاً لأَسباب الفِتَن لحُرْمته، فلما كان سبباً لذلك سمِّي به. المحكم: مُنْصِلُ الأَلِّ رَجَبٌ، سمي بذلك لأَنهم كانوا ينزِعون الأَسِنَّة فيه أَعْظاماً له ولا يَغْزُون ولا يُغِيرُ بعضهم على بعض؛ قال الأَعشى:

تَدارَكَه في مُنْصِل الأَلِّ بعـدمـا

 

مضَى غير دَأْداءٍ، وقد كادَ يَذْهَبُ

أَي تَداركه في آخر ساعة من ساعاته. الكسائي: أَنْصَلْت السهمَ، بالأَلف، جعلت فيه نَصْلاً، ولم يذكر الوجه الآخر أَن الإِنْصال بمعنى النَّزْع والإِخراج، قال: وهو صحيح، ولذلك قيل لرجبٍ مُنْصِل الأَسِنَّة. وقال ابن الأَعرابي: النَّصْل القَهَوْباة بلا زِجاجٍ، والقَهَوْبات السِّهامُ الصغارُ.
ونَصَل فيه السهم: ثبت فلم يخرج، وقيل: نَصَلَ خرج، وقال شمر: لا أَعرف نَصَل بمعنى ثَبت، قال: ونَصَل عندي خرج. ونَصْلُ الغَزْلِ: ما يخرج من المِغْزَلِ. ويقال للغزْل إذا أُخْرج من المِغْزَل: نَصَل. ونَصَل من بين الجبال نُصولاً: خرج وظهر. ونَصَلَ فلان من الجبل إِلى موضع كذا وكذا علينا أَي خرج. ونَصَل الطريقُ من موضع كذا: خرج. وفي الحديث: مرت سحابة فقال تَنَصَّلَت هذه تَنْصُرُ بَني كعب أَي أَقبلت، من قولهم نَصل علينا إذا خرج من طريق أَو ظهر من حجاب، ويروى: تَنْصَلِتُ أَي تقصِد للمطر.
ونَصَل الحافرُ نُصولاً إذا خرج من موضعه فسقط كما يَنْصُلُ الخِضابُ.
ونَصَلتِ اللحيةُ تَنْصُل نُصولاً، ولحيةٌ ناصِل، بغير هاء، وتَنَصَّلت: خرجت من الخِضاب؛ وقوله:

كما اتَّبَعَتْ صَهْباءُ صِرْفٌ مُدامةٌ

 

مُشاشَ المُرَوَّى، ثم لَمَّا تَنَصَّـلِ

معناه لم تَخرج فيَصْحو شارِبُها، ويروى: ثم لمّا تَزَيَّل. ونَصَل الشَّعَرُ يَنْصُل: زال عنه الخِضاب. ونَصَلتِ اللسعةُ والحُمَةُ تَنْصُل: خرج سَمُّها وزال أَثَرُها؛ وقوله:

ضَوْرِيةٌ أُولِعْتُ باشتِهارِها،

 

ناصِلة الحِقْوَينِ من إِزارِها

إِنما عنى أَن حِقْوَيْها يَنْصُلان من إِزارِها، لتسلُّطها وتَبَرُّجِها وقلَّة تثقُّفها في ملابسها لأَشَرِها وشَرَهِها. ومِعْوَلٌ نَصْل: نَصَل عنه نِصابُه أَي خرج، وهو مما وصِف بالمصدر؛ قال ذو الرمة:

شَرِيح كحُمَّاض الثَّماني عَـلَـتْ بـه

 

على راجِفِ اللَّحْيَين، كالمِعْوَل النَّصْل

وتَنَصَّل فلان من ذنبه أَي تبرَّأَ. والتَّنَصُّل: شبه التبرُّؤ من جناية أَو ذنب. وتنصَّل إِليه من الجناية: خرج وتبرَّأَ. وفي الحديث: من تنصَّل إِليه أَخوه فلم يقبَل أَي انتفى من ذنبه واعتذر إِليه. وتنصَّل الشيءَ: أَخرجه. وتنصَّله: تَخَيَّره. وتنصَّلوه: أَخذوا كل شيء معه.
وتنصَّلْت الشيء واسْتَنْصَلْته إذا استخرجته؛ ومنه قول أَبي زبيد:

قَرْم تنصَّله من حاصِنٍ عُمَرُ

والنَّصْل: ما أَبْرَزتِ البُهْمَى ونَدَرتْ به من أَكِمَّتها، والجمع أَنْصُل ونِصال.
والأُنْصولةُ: نَوْرُ نَصْل البُهْمَى، وقيل: هو ما يُوبِسُه الحرُّ من البُهْمَى فيشتد على الأَكَلَة؛ قال:

كأَنه واضِحُ الأَقْراب في لُقُحٍ

 

أَسْمَى بهنَّ، وعَزَّتْه الأَناصِيلُ

أَي عزَّت عليه. واسْتَنْصَل الحرُّ السَّفَا جعله أَناصِيل؛ أَنشد ابن الأَعرابي: إِذا اسْتَنْصَلَ الهَيْفُ السَّفَا، بَرَّحَتْ به عِراقيَّةُ الأَقْياظِ نَجْدُ المَراتِع ويروى المَرابع؛ عِراقيَّة الأَقْياظ أَي تطلُب الماء في القَيْظ، قال غيره: هي منسوبة إِلى العِراق الذي هو شاطئ الماء، وقوله: نَجْدُ المَراتِع أَراد جمع نَجْديٍّ فحذف ياء النسب في الجمع، كما قالوا زَنْجِيّ وزَنْج.
ويقال: اسْتَنْصَلَتِ الريحُ اليَبِيسَ إذا اقتلَعَتْه من أَصله.
وبُرٌّ نَصِيلٌ: نَقِيٌّ من الغَلَثِ. والنَّصِيل: حجر طويل قدْرُ ذِراع يُدقُّ به. ابن شميل: النَّصِيل حجر طويل رقيقٌ كهيئة الصفيحة المحدَّدة، وجمعه النُّصُل، وهو البِرْطِيلُ، ويشبه به رأْس البعير وخُرْطومه إذا رَجَف في سيره؛ قال رؤبة يصف فحلاً:

عَرِيض أَرْآدِ النَّصِيل سَلْجَمُهْ

 

ليس بلَحْيَيْه حِجامٌ يَحْجُمُـهْ

وقال الأَصمعي: النَّصِيل ما سَفَل من عَيْنَيْه إِلى خَطْمه، شبَّه بالحجر الطويل؛ وقال أَبو خراش في النَّصِيل فجعله الحجَر:

ولا أَمْغَرُ السَّاقَيْن بات كأَنـه

 

على مُحْزَئِلاَّت الإِكام، نَصِيلُ

وفي حديث الخُدْرِيّ: فقام النَّحَّامُ العَدَويّ يومئذ وقد أَقام على صُلْبه نَصِيلاً؛ النَّصِيلُ: حَجر طويل مُدَمْلَك قدر شبر أَو ذراع، وجمعه نُصُل. وفي حديث خَوَّاتٍ: فأَصاب ساقَه نَصِيل حجَرٍ. والنَّصِيل: الحنَك على التشبيه بذلك. والنَّصِيل: مَفْصِل ما بين العنق والرأْس تحت اللَّحْيين، زاد الليث: من باطن من تحت اللَّحْيين. والنَّصِيل: الخَطْمُ.
ونَصِيلُ الرأْس ونَصْله: أَعلاه. والنَّصْلُ: الرأْس بجميع ما فيه.
والنَّصْلُ: طول الرأْس في الإِبل والخيل ولا يكون ذلك للإِنسان؛ وقال الأَصمعي في قوله:

بِناصِلاتٍ تُحْسَبُ الفُؤُوسا

قال: الواحد نَصِيل وهو ما تحت العين إِلى الخَطْم فيقول تَحْسَبها فؤُوساً. وقال ابن الأَعرابي: النَّصِيل حيث تَصِل الجِباه.
والمُنْصُل، بضم الميم والصاد، والمُنْصَل: السيف اسم له. قال ابن سيده: لا نعرف في الكلام اسماً على مُفْعُل ومُفْعَل إِلا هذا، وقولهم مُنْخُل ومُنْخَل. والنَّصِيل: اسم موضع؛ قال الأَفوه:

تُبَكِّيها الأَرامِلُ بالمـآلـي

 

بِداراتِ الصَّفائِح والنَّصِيلِ

نصم

ابن الأَعرابي: الصَّنَمةُ والنَّصَمةُ الصورةُ التي تُعْبَدُ.

نضا

نَضا ثوبَه عنه نَضْواً: خَلَعه وأَلقاه عنه. ونَضَوْت ثِيابي عني إذا أَلقَيْتَها عنك. ونَضاه من ثوبه: جَرَّدَه؛ قال أَبو كبير:

ونُضِيتُ ممّا كُنتُ فيه فأَصْبَحَتْ

 

نَفْسِي، إِلى إِخْوانِها، كالمَقْـذَرِ

ونَضا الثَّوبُ الصِّبْغَ عن نَفْسِه إذا أَلقاه، ونَضَتِ المرأَةُ ثَوبَها؛ ومنه قول امرئ القيس:

فَجِئْتُ، وقد نَضَتْ لِنَوْمٍ ثِيابَهـا

 

لدى السِّتْرِ، إِلاَّ لِبْسةَ المُتَفَضِّلِ

قال الجوهري: ويجوز عندي تشديده للتكثير. والدابة تَنْضُو الدوابُّ إذا خرجت من بينها. وفي حديث جابر: جعَلَتْ ناقتي تَنْضُو الرِّفاقَ أَي تَخرج من بينها. يقال: نَضَتْ تَنْضُو نُضُوّاً ونُضِيّاً، ونَضَوْتُ الجُلَّ عن الفرس نَضْواً. والنِّضْوُ: الثوبُ الخَلَقُ. وأَنْضَيْتُ الثوبَ وانْتَضَيْتُه: أَخْلَقْتُه وأَبَلَيْتُه. ونَضا السيفَ نَضْواً وانْتَضاه: سَلَّه من غِمْدِه. ونَضا الخِضابُ نَضْواً ونُضُوّاً: ذَهَبَ لَوْنُه ونَصَل، يكون ذلك في اليد والرِّجْل والرأْسِ واللحيةِ، وخصَّ بعضُهم به اللحيةُ والرأْس. وقال الليث: نَضا الحِنَّاءُ يَنْضُو عن اللِّحْيةِ أَي خرج وذَهب عنه. ونُضاوةُ الخِضاب: ما يُوجد منه بعد النُّصُول.
ونُضاوةُ الحِنَّاء: ما يَبس منه فأُلقي؛ هذه عن اللحياني. ونُضاوةُ الحِنَّاء: ما يؤخذ من الخِضاب بعدما يُذهب لونه في اليد والشعَر؛ وقال كثير:

ويا عَزِّ لِلْوَصْل الذي كان بَـيْنَـنـا

 

نَضا مِثْلَ ما يَنْضُو الخِضابُ فَيَخْلَقُ

الجوهري: نَضا الفرَسُ الخيلَ نُضِيّاً سَبَقها وتقدَّمها وانْسَلَخَ منها وخَرَجَ منها. ورَمْلةٌ تَنْضُو الرِّمالَ: تخرج من بينها. ونضا السَّهمُ: مَضَى؛ وأَنشد:

يَنْضُونَ في أَجْوازِ لَيْلٍ غاضي

 

نَضْوَ قِداحِ النَّابِلِ النَّواضِـي

وفي حديث علي وذكر عمر فقال: تَنَكَّبَ قوسَه وانْتَضَى في يده أَسْهماً أَي أَخذ واسْتَخْرَجَها مِن كِنانَتِه. يقال: نَضَا السيفَ من غمده وانْتَضاه إذا أَخْرَجَه. ونَضا الجُرْحُ نُضُوّاً: سَكَنَ ورَمُه. ونَضا الماءُ نُضُوّاً: نَشِفَ. والنِّضْوُ، بالكسر: البَعير المهزول، وقيل: هو المهزول من جميع الدواب، وهو أَكثر، والجمع أنضاء، وقد يستعمل في الإِنسان؛ قال الشاعر:

إِنَّا من الدَّرْبِ أَقْبَلْنا نَـؤُمُّـكُـمُ

 

أَنضاءَ شَوْقٍ على أَنْضاء أَسْفارِ

قال سيبويه: لا يكسَّر نِضْوٌ على غير ذلك؛ فأَما قوله:

تَرْعَى أَناضٍ من حَريرِ الحَمْضِ

فعلى جمع الجمع، وحكمه أَناضيّ فخَفَّفَ، وجعَل ما بقي من النّبات نِضْواً لقِلَّته وأَخذه في الذهاب، والأُنثى نِضْوةٌ، والجمع أَنضاء كالمُذَكَّر، على توهم طرح الزائد؛ حكاه سيبويه. والنَّضِيُّ: كالنِّضْوِ؛ قال الراجز:

وانْشَنَجَ العِلْباءُ فاقْفَـعَـلاَّ

 

مِثْلَ نَضِيّ السُّقْمِ حينَ بَلا

ويقال لأَنْضاء الإِبل: نِضْوانٌ أَيضاً، وقد أَنْضاه السَّفَرُ.
وأَنْضَيْتها، فهي مُنْضاةٌ، ونَضَوْتُ البِلاد: قَطَعْتُها؛ قال تأَبَّط شرّاً:

ولكِنَّنِي أُرْوِي مِن الخمْرِ هامَتي

 

وأَنْضُو الفَلا بالشَّاحِبِ المُتشَلْشِل

وأَنْضَى الرَّجلُ إذا كانت إِبلُه أَنْضاء. الليث: المُنْضِي الرَّجلُ الذي صار بعيره نِضْواً. وأَنضَيْتُ الرَّجلَ: أَعطيته بعيراً مهزولاً.
وأَنْضَى فلان بعيره أَي هَزَله، وتَنَضَّاه أَيضاً؛ وقال:

لو اصْبَحَ في يُمْنَى يَدَيَّ زِمامُهـا

 

وفي كَفِّيَ الأُخْرَى وَبيلٌ تُحاذِرُهْ

لجَاءتْ على مَشْي التي قد تُنُضِّيَتْ

 

وذَلَّتْ وأَعْطَتْ حَبْلَها لا تُعاسِـرُهْ

ويروى: تُنُصِّيَتْ أَي أُخِذَتْ بناصِيتها، يعني بذلك امرأَة اسْتَصعَبَتْ على بَعْلها. وفي الحديث: إِن المؤمِنَ ليُنْضِي شَيْطانه كما يُنْضِي أَحَدُكم بَعِيرَه أَي يَهْزِلُه ويجعله نِضْواً. والنِّضْوُ: الدابة التي هَزَلَتْها الأَسفار وأَذْهَبَتْ لحمها. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: كلِماتٌ لو رَحَلْتُم فيهن المَطِيَّ لأَنْضَيْتُموهُنَّ. وفي حديث ابن عبد العزيز: أَنْضَيْتُم الظَّهْر أَي هَزَلْتُموه. وفي الحديث: إِن كان أَحَدُنا ليأْخُذ نِضْوَ أَخيه. ونِضْوُ اللِّجام: حَدِيدَتُه بلا سَيْر، وهو من ذلك. قال دُرَيدُ ابن الصِّمَّة:

إِمّا تَرَيْنِي كَنِضْوِ اللِّجـام

 

أُعِضَّ الجَوامِحَ حتى نَحَلْ

أَراد أُعِضَّتْه الجَوامِحُ فقَلَبَ، والجمع أَنْضاء؛ قال كثير:

رأَتْنِي كأَنضاءِ اللِّجامِ وبَعْلُـهـا

 

مِنَ المَلْءِ، أَبْزَى عاجِزٌ مُتَباطِنُ

ويروى: كأَشْلاء اللجام. وسَهمٌ نِضْوٌ: رُمِيَ به حتى بَلِيَ. وقِدْحٌ نِضْوٌ: دقيق؛ حكاه أَبو حنيفة. والنَّضِيُّ من السِّهام والرِّماح: الخَلَقُ. وسَهم نِضْوٌ إذا فَسَدَ من كثرة ما رُمِيَ به حتى أَخْلَقَ. أَبو عمرو: النَّضِيُّ نَصْلُ السهم. ونِضوُ السَّهم: قِدْحُه. المحكم: نَضِيُّ السهم قِدْحُه وما جاوَزَ من السَّهمِ الرِّيشَ إِلى النَّصل، وقيل: هو النصل، وقيل: هو القِدْحُ قبل أَن يُعْمَل، وقيل: هو الذي ليس له ريش ولا نصل؛ قال أَبو حنيفة: وهو نَضِيٌّ ما لم يُنَصَّلْ ويُرَيَّشْ ويُعَقَّب، قال: والنّضِيُّ أَيضاً ما عَرِيَ من عُوده وهو سهم؛ قال الأَعشى وذَكَرَ عَيْراً رُمِيَ:

فَمَرَّ نَضِيُّ السَّهْمِ تَحتَ لبَانِه

 

وجالَ على وَحْشِيِّة لم يُعَتِّمِ

لم يُبْطئ. والنَّضِيُّ، على فَعِيل: القِدْحُ أَوَّل ما يكون قبل أَن يُعْمَل. ونَضِيُّ السهم: ما بين الرِّيش والنَّصل. وقال أَبو عمرو: النَّضِيُّ نصل السَّهم. يقال: نَضِيٌّ مُفَلَّلٌ؛ قال لبيد يصف الحمار وأُتُنَه قال:

وأَلزَمَها النِّجادَ وشايَعَتْـه

 

هَوادِيها كأَنْضِيَة المُغالي

قال ابن بري: صوابه المَغالي جمع مِغْلاة للسهم. وفي حديث الخوارج: فَينظُرُ في نَضِيِّه؛ النَّضِيُّ: نَصل السهم، وقيل: هو السهم قبل أَن يُنحَت إذا كان قِدْحاً، قال ابن الأَثير: وهو أَولى لأَنه قد جاء في الحديث ذكر النصل بعد النَّضيّ، قالوا: سمي نضِيّاً لكثرة البَرْي والنَّحْت، فكأَنه جُعل نِضْواً. ونَضِيُّ الرُّمح: ما فوقَ المَقْبِض من صدره، والجمع أَنْضاء؛ قال أَوْس بن حَجَر:

تُخُيِّرْنَ أَنْضاءً ورُكِّبْـنَ أَنْـصُـلاً

 

كجَزْلِ الغَضَى في يومِ رِيحٍ تَزَيَّلا

ويروى: كجَمْرِ الغَضَى؛ وأَنشد الأَزهري في ذلك:

وظلَّ لِثيران الصَّرِيم غَماغِمٌ

 

إِذا دَعَسُوها بالنَّضِيِّ المُعَلَّبِ

الأَصمعي: أَوَّل ما يكون القِدْحُ قبل أَن يُعْمَل نَضِيٌّ، فإِذا نُحِتَ فهو مَخْشُوب وخَشِيبٌ، فإِذا لُيِّنَ فهو مَخَلَّقٌ. والنَّضِيُّ: العُنُق على التشبيه، وقيل: النَّضِيُّ ما بين العاتق إِلى الأُذن، وقيل: هو ما عَلا العُنُقَ مما يَلي الرأْسَ، وقيل: عَظْمه؛ قال:

يُشَبَّهُونَ ملو كاً في تَجِلَّتِهِـمْ

 

وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَمِ

ابن دريد: نَضِيُّ العُنق عَظْمه، وقيل: طُوله. ونَضِيُّ كل شيء طوله؛ وقال أَوْس:

يُقَلِّب للأَصْواتِ والرِّيحِ هادِياً

 

تَمِيمَ النَّضِيِّ كَدَّحَتْه المَناشِفُ

يقول: إذا سمع صوتاً خافَه التَفَتَ ونظر، وقوله: والرِّيحِ، يقول يَسْتَرْوِحُ هل يَجِدُ رِيحَ إِنسان، وقوله: كَدَّحَته المَناشف، يقول: هو غَلِيظ الحاجبين أَي كان فيه حجارةٌ. ونَضِيُّ السهمِ: عُوده قبل أَن يُراشَ. والنَّضِيُّ: ما بين الرأْس والكاهِل من العُنق؛ قال الشاعر:

يُشَبَّهُون سُيُوفاً في صَرائِمِهمْ

 

وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَمِ

قال ابن بري: البيت لليلى الأَخيلية، ويروى للشَّمَرْدل ابن شريك اليربوعي، والذي رواه أَبو العباس:

يشبهون ملوكاً في تجلتهم

والتَّجلَّة: الجلالةُ، والصحيحُ والأُمَمِ، جمع أُمَّةٍ، وهي القامةُ.
قال: وكذا قال عليّ بن حَمْزة، وأَنكر هذه الرواية في الكامل في المسأَلة الثامنة، وقال لا تُمْدَح الكُهول بطول اللِّمم، إِنما تُمْدح به النِّساء والأَحداثُ؛ وبعد البيت:

إِذا غَدا المِسْكُ يَجْرِي في مَفارِقِهِمْ

 

راحُوا تَخالُهُمُ مَرْضى مِنَ الكَرَمِ

وقال القتَّال الكلابي:

طِوالُ أَنْضِيةِ الأَعْناقِ لم يجِدُوا

 

رِيحَ الإِماء، إذا راحَتْ بأَزْفارِ

ونَضِيُّ الكاهِل: صَدْرُه. والنَّضِيُّ: ذكر الرجل؛ وقد يكون للحِصان من الخيل، وعمَّ به بعضهم جميع الخَيل، وقد يقال أَيضاً للبَعير، وقال السِّيرافي: هو ذكر الثعلب خاصة. أَبو عبيدة: نَضا الفرسُ يَنْضُو نُضوّاً إذا أَدْلَى فأَخرج جُرْدانه، قال: واسم الجُرْدانِ النّضِيُّ. يقال: نَضا فلان موضع كذا يَنْضُوه إذا جاوزَه وخَلَّفه. ويقال: أَنْضَى وجهُ فلان ونَضا على كذا وكذا أَي أَخْلَقَ. نضب

نَضَبَ الشيءُ: سالَ. ونَضَبَ الماءُ يَنْضُبُ، بالضم، نُضوباً، ونَضَّبَ إذا ذَهَبَ في الأَرض؛ وفي المحكم: غارَ وبَعُدَ؛ أَنشد ثعلب:

أَعْدَدْتُ للحَوْض، إذا ما نَضَبا،

 

بَكْرَةَ شِيزى، ومُطاطاً سَلْهَبا

ونُضُوبُ القوم أَيضاً: بُعْدُهم.
والنَّاضِبُ: البعيد.
وفي الحديث: ما نَضَبَ عنه البحرُ، وهو حُيٌّ، فمات، فكُلُوه؛ يعني حيوانَ البحر أَي نَزَحَ ماؤُه ونَشِفَ. وفي حديث الأَزْرَقِ بن قَيْس: كنا على شاطئِ النهر بالأَهواز، وقد نَضَبَ عنه الماءُ؛ قال ابن الأَثير: وقد يستعار للمعاني. ومنه حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: نَضَبَ عُمْرُه، وضَحَى ظِلُّه أَي نَفِدَ عُمْرُه، وانْقَضَى. ونَضَبَتْ عَيْنُه تَنْضُبُ نُضوباً: غارَتْ؛ وخَصَّ بَعْضُهم به عَيْنَ الناقة؛ وأَنشد ثعلب:

من المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ، بَعْدَما

 

يُرى، في فُروع المُقْلَتَيْنِ، نُضُوبُ

ونَضَبَتِ المَفازةُ نُضُوباً: بَعُدَتْ؛ قال:

إِذا تَغالَين بسَهْمٍ ناضِبِ

ويروى: بسهمٍ ناصبِ، يعني شَوْطاً وطَلَقاً بعيداً، وكلُّ بعيدٍ ناضِبٌ؛ وأَنشد ثعلب:

جَريءٌ على قَرْعِ الأَساوِدِ وَطْؤُه،

 

سميعٌ بِرِزِّ الكَلْبِ، والكَلْبُ ناضِبُ

وجَرْيٌ ناضِبٌ أَي بعيدٌ. الأَصمعي: الناضِبُ البعيد، ومنه قيل للماءِ إذا ذَهَبَ: نَضَبَ أَي بَعُدَ. وقال أَبو زيد: إِن فلاناً لَناضِبُ الخَير أَي قليل الخير، وقد نَضَبَ خيرُه نُضوباً؛ وأَنشد:

إِذا رَأَيْنَ غَفْلةً من راقِبِ،

يُومِينَ بالأَعْينِ والحَواجِبِ،

إِيماءَ بَرْقٍ في عَماءٍ ناضِبِ

ونَضَبَ الخِصْبُ: قَلَّ أَو انْقَطَعَ. ونَضَبَتِ الدَّبَرَةُ نُضُوباً: اشْتَدَّت. ونَضَبَ الدَّبَرُ إذا اشْتَدَّ أَثَرُهُ في الظَّهْر. وأَنْضَبَ القَوْسَ، لغةٌ في أَنْبَضَها: جَبَذَ وتَرها لتُصَوِّتَ؛ وقيل: أَنْضَبَ القوسَ إذا جَبَذَ وتَرها، بغير سهم، ثم أَرسله. وقال أَبو حنيفة: أَنْضَبَ في قوسه إِنْضاباً، أَصاتَها؛ مَقْلُوبٌ. قال أَبو الحسن: إِن كانت أَنْضَبَ مقلوبةً، فلا مصدر لها، لأَن الأَفعال المقلوبة ليست لها مصادر لعلة قد ذكرها النحويون: سيبويه، وأَبو علي، وسائرُ الحُذَّاق؛ وإِن كان أَنْضَبْتُ، لغةً في أَنْبَضْتُ، فالمصدر فيه سائغ حسن؛ فأَما أَن يكون مقلوباً ذا مصدر، كما زعم أَبو حنيفة، فمحال. الجوهري: أَنْضَبْتُ وتَرَ القَوْس، مثل أَنْبَضْتُه، مقلوب منه. أَبو عمرو: أَنْبَضْتُ القوسَ وانْتَضَبْتُها إذا جَذَبْتَ وتَرَها لتُصَوِّتَ؛ قال العجاج:

تُرِنُّ إِرناناً إذا ما أَنْضَبا

وهو إذا مَدَّ الوتَرَ، ثم أَرسله. قال أَبو منصور: وهذا من المقلوب.
ونَبَضَ العِرْقُ يَنْبِضُ نِباضاً، وهو تَحَرُّكُه.
شمر: نَضَّبَتِ الناقة؛ وتَنْضِيبُها: قلةُ لبنها وطول فُواقِها، وإِبطاءُ دِرَّتِها.
والتَّنْضُبُ: شجر ينبت بالحجاز، وليس بنجد منه شيءٌ إِلا جِزْعةً واحدةً بطَرَفِ ذِقانٍ، عند التُّقَيِّدة، وهو يَنْبُتُ ضَخْماً على هيئة السَّرْحِ، وعيدانُه بيضٌ ضَخمة، وهو مُحْتَظَر، وورقُه مُتَقَبِّضٌ، ولا تراه إِلا كأَنه يابس مُغْبَرٌّ وإِن كان نابتاً، وله شوك مثل شوك العَوْسَج، وله جَنىً مثل العِنَبِ الصغار، يؤْكل وهو أُحَيْمِرٌ. قال أَبو حنيفة: دخانُ التَّنْضُب أَبيض في مثل لون الغبار، ولذلك شَبَّهَتِ الشعراءُ الغُبارَ به؛ قال عُقَيْل بن عُلَّفة المُرِّي:

وهل أَشْهَدَنْ خَيلاً، كأَنَّ غُبارَها،

 

بأَسفلِ علْكَدٍّ، دَواخِنُ تَنْضُـبِ؟

وقال مرَّة: التَّنْضُبُ شجر ضِخَامٌ، ليس له ورق، وهو يُسَوِّقُ ويَخْرُجُ له خَشَبٌ ضِخام وأَفنانٌ كثيرة، وإِنما ورقُه قُضْبان، تأْكله الإِبل والغنم. وقال أَبو نصر: التَّنْضُبُ شجر له شوك قِصارٌ، وليس من شجر الشَّواهِق، تأْلفه الحَرابِيُّ؛ أَنشد سيبويه للنابغة الجَعْدِيّ:

كأَنَّ الدُّخانَ، الذي غادَرَتْ

 

ضُحَيّاً، دواخِنُ من تَنْضُبِ

قال ابن سيده: وعندي أَنه إِنما سُمِّي بذلك لقلة مائه. وأَنشد أَبو علي الفارسي لرجل واعدتْه امرأَةٌ، فعَثَر عليه أَهلُها، فضربوه بالعِصِيِّ؛ فقال:

رأَيْتُكِ لا تُغْنِـينَ عـنـي نَـقْـرَةً،

 

إِذا اخْتَلَفَتْ فِيَّ الهَراوَى الدَّمـامِـكُ

فأَشْهَدُ لا آتيك، مـا دامَ تَـنْـضُـبٌ

 

بأَرْضِكِ، أَو ضَخْمُ العَصا من رِجالِكِ

وكان التَّنْضُبُ قد اعْتِيد أَن تُقْطَعَ منه العِصِيُّ الجِيادُ، واحدته تَنْضُبة؛ أَنشد أَبو حنيفة:

أَنى أُتِيح له حِرْباء تَـنْـضُـبةٍ،

 

لا يُرْسِلُ الساقَ، إِلاَّ مُمْسِكاً ساقا

التهذيب، أَبو عبيد: ومن الأَشجار التَّنْضُبُ، واحدتُها تَنْضُبَةٌ.
قال أَبو منصور: هي شجرة ضَخْمة، تُقطع منها العُمُد للأَخْبِيَةِ، والتاء زائدة، لأَنه ليس في الكلام فَعْلُل؛ وفي الكلام تَفعُل، مثل تَقْتُل وتَخْرُجُ؛ قال الكميت:

إِذا حَنَّ بين القَوْم نَبْعٌ وتَنْضُبُ

قال ابن سلمة: النَّبعُ شجر القِسِيّ، وتَنْضُبُ شجر تُتَّخَذ منه السِّهامُ.

نضج

نَضِجَ اللحمُ قَدِيداً وشِواءً، والعِنبُ والتَّمْرُ والثَمَرُ يَنْضَجُ نُضْجاً ونَضْجاً أَي أَدرَكَ.
والنُّضْجُ: الاسم. يقال: جادَ نُضْجُ هذا اللحمِ، وقد أَنْضَجَه الطاهِي وأَنْضَجَه إِبّانُه، فهو مُنْضَجٌ ونَضِيجٌ وناضِجٌ، وأَنْضَجْتُه أَنا، والجمع نِضاجٌ؛ قال النَّمِر يصف الدَّجاج:

ولا يَنْفَعْنَني إِلاّ نِضاجا

وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فترك صِبْيَةً صِغاراً ما يُنْضِجُون كُراعاً أَي ما يَطْبُخون كُراعاً لعَجْزهم وصِغَرِهم؛ يعني لا يَكْفُون أَنفُسَهم خدمةَ ما يأْكُلونه فكيف غيره؟ وفي رواية: ما تَسْتَنْضِجُ كُراعاً؛ والكُراع: يَدُ الشاةِ. ومنه حديث لقمان: قريبٌ من نَضِيج، بَعيدٌ من نِيءٍ؛ النضِيجُ: المَطْبُوخ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول، أَراد أَنه يأْخُذُ ما طُبخ لأِلْفِه المنزلَ وطُول مُكْثِه في الحيّ، وأَنه لا يأْكل النِّيء كما يأْكلُ مَن أَعْجَلَه الأَمرُ عن إِنضاج ما اتَّخذَ، وكما يأْكل مَن غزا واصطاد.
قال ابن سيده: واستعمل أَبو حنيفة الإِنْضاج في البَرْد في كتابه المَوْسوم بالنبات: المَهْروء الذي قد أَنضَجه البَرْدُ، قال: وهذا غريب إِذ الإِنضاج إِنما يكون في الحرّ، فاستعمله هو في البردِ.
ورجل نَضِيجُ الرأْي: مُحْكَمُه، على المَثَلِ. وفلان لا يُنْضِجُ الكُراعَ أَي أَنه ضَعيفٌ لا غَناءَ عنده. ونَضِجَت الناقةُ بولدها ونَضَّجَتْه، وهي مُنَضِّجٌّ: جاوَزَت الحَقَّ بشهر ونحوه ولم تُنْتَج أَي زادَتْ على وقتِ الولادة؛ قال حُميد بن ثور:

وصَهْباء منها كالسَّفينة، نَضَّجَـتْ

 

به الحَمْلَ، حتى زادَ شَهْراً عَديدُها

ونوقٌ مُنَضِّجات؛ قال عُوَيف القَوافي يَصِف بعيراً له تأَخَّرتْ ولادتُه عن حِينِه بشهر أَو قِراب شهر:

هو ابنُ مُنَضِّجاتٍ، كُنَّ قِدْمـاً

 

يَزِدْن على العَدِيدِ، قِرابَ شهر

ولم يَكُ بابنِ كاشِفة الضَّواحِي،

 

كأَنَّ غُرُورَها أَعْشـارُ قِـدْر

والمُنَضِّجة: التي تأَخَّرَتْ وِلادتُها عن حِينِ الولادة شهراً، وهو أَقْوَى للوَلدِ. والضَّواحي: النَّواحي من الجسد. وغُرورُ الجِلْدِ وغيره: مَكاسِرُه، واحده غَرٌّ. الأَصمعي: إذا حَمَلَت الناقةُ فجازَت السَّنَةَ من يومَ لَقِحَتْ، قيل: أَدْرَجَتْ ونَضَّجَتْ، وقد جازت الحَقَّ، وحَقُّها الوقتُ الذي ضُرِبَتْ فيه، ويقال لها: مِدْراج ومُنْضِجٌ؛ وأَنشد المبرد للطرماح:

أَنْضَجَتْه عشرينَ يَوماً ونِيلَـتْ،

 

حينَ نِيلَتْ، يَعارَةً في العِراض

سوفَ تُدْنِيكَ من لَمِيسَ سَبَنْـدا

 

ةٌ، أَمارَتْ بالبَولِ ماءَ الكِراض

قال: أَنْضَجَتْه عشرين يوماً، إِنما يُريد بعدَ الحَولِ من يومَ حَمَلتْ، فلا يَخرُجُ الوَلدُ إِلا مُحْكَماً؛ كما قال الحطيئة:

لأَدْماء منها كالسَّفينةِ، نَضَّـجَـتْ

 

به الحَولَ، حتى زادَ شهراً عَدِيدُها

قال الأَزهري: ما ذُكِرَ في بيت الحُطَيئة من التنضيج هو كما فسره المبرّد، وأَما بيت الطرماح فمعناه غيرُ ما ذهب إِليه، لأَنَّ معناه في بيته صِفةُ الناقةِ نفسِها بالقُوَّة، لا قُوَّة وَلدِها؛ أَراد أَنَّ الفَحْلَ ضَرَبَها يَعارةً لأَنها كانت نجِيبةً، فضَنَّ بها صاحبُها لنجابَتِها عن ضِرابِ الفحلِ إِياها، فعارضها فحلٌ فضَرَبَها فأَرْتَجَتْ على مائِهِ عشرين يوماً، ثم أَلْقَتْ ذلك الماءَ قبلَ أَن يُثقِلَها الحَمْلُ فَتذهب مُنَّتُها، وروَى الرُّواةُ البيتَ: أَضْمَرَتْه عشرين يوماً لا أَنْضَجَتْه، فإِن رُوِيَ أَنضَجته، فمعناه أَنَّ ماءَ الفَحلِ نَضِجَ في رحِمِها في عشرين يوماً، ثم رَمَتْ به كما تَرْمِي بوَلَدِها التَّمامِ الخَلْقِ وبَقِيَ لها مُنَّتُها؛ وقال الشماخ:

وأَشْعَث قد قدَّ السِّفارُ قَمِيصَـه،

 

وحرّ السواء بالعصا غيرُ مُنْضِج

وقد استعمل ثعلب نَضَّجته في المرأَة؛ وقال في قوله:

تَمَطَّتْ به أُمُّه في النِّفاسِ،

 

فليس بِـيَتْـنٍ ولا تَـوْأَم

يريد أَنها زادت على تسعة أَشهر حتى نَضَّجَتْه.
ونَضَّجَت الناقةُ بِلَبَنِها إذا بلغت الغاية؛ قال ابن سيده: وأُراه وَهَماً، إِنما هو نَضَّجَت بوَلَدِها.

نضح

النَّضْحُ: الرَّشُّ.
نَضَح عليه الماءَ يَنْضَحُه نَضْحاً إذا ضربه بشيء فأَصابه منه رَشاشٌ. ونَضَح عليه الماءُ: ارْتَشَّ. وفي حديث قتادة: النَّضْحُ من النَّضْحِ؛ يريد من أَصابه نَضْحٌ من البول وهو الشيء اليسير منه فعليه أَن يَنْضَحَه بالماء وليس عليه غسله؛ قال الزمخشري: هو أَن يصيبه من البول رَشاشٌ كرؤُوس الإِبَرِ؛ وقال الأَصمعي: نَضَحْتُ عليه الماءَ نَضْحاً وأَصابه نَضْحٌ من كذا. وقال ابن الأَعرابي: النَّضْح ما كان على اعتماد وهو ما نَضَحْته بيدك معتمداً، والناقة تَنْضَحُ ببولها.
والنَّضْحُ: ما كان على غير اعتماد، وقيل: هما لغتان بمعنى واحد، وكله رش.
والقربةُ تَنْضَحُ من غير اعتماد... فَوطِئ على ماء فنَضَح عليه وهو لا يريد ذلك؛ ومنه نَضْحُ البول في حديث إِبراهيم: أَنه لم يكن يرى بنَضْح البول بأْساً. وحكى الأَزهري عن الليث: النَّضْح كالنَّضْخ ربما اتفقا وربما اختلفا. ويقولون: النَّضْح ما بقي له أَثر كقولك على ثوبه نَضْحُ دَمٍ، والعين تَنْضَحُ بالماء نَضْحاً إذا رأَيتها تفور، وكذلك تَنْضَخُ العين؛ وقال أَبو زيد: يقال نَضَخَ عليه الماءُ يَنْضَخُ، فهو ناضخٌ؛ وفي الحديث: يَنْضَخُ البحرُ ساحلَه. وقال الأَصمعي: لا يقال من الخاء فَعَلْتُ، إِنما يقال أَصابه نَضْخ من كذا؛ وقال أَبو الهيثم: قول أَبي زيد أَصح، والقرآن يدل عليه، قال الله تعالى: فيهما عينان نَضَّاختان؛ فهذا يشهد به. يقال: نَضَخَ عليه الماء لأَن العين النَّضَّاخة هي الفَعَّالة، ولا يقال لها: نَضَّاخة حتى تكون ناضحة؛ قال ابن الفرج: سمعت جماعة من قيس يقولون: النَّضح والنَّضْخُ واحد؛ وقال أَبو زيد: نَضَحْتُه ونَضَخْته بمعنى واحد؛ قال: وسمعت الغَنَوِيّ يقول: النَّضْح والنَّضْخُ وهو فيما بان أَثره وما رق بمعنى واحد. قال: وقال الأَصمعي: النَّضْح الذي ليس بينه فُرَجٌ، والنَّضْخُ أَرَقّ منه؛ وقال أَبو لَيْلى: النَّضْحُ والنَّضْخُ ما رَقَّ وثَخُن بمعنى واحد.
ونَضَحَ البيتَ يَنْضِحُه، بالكسر، نَضْحاً: رَشَّه؛ وقيل: رشه رشّاً خفيفاً. وانْتَضَح عليهم الماء أَي تَرَشَّش. وفي الحديث: المدينة كالكِير تَنْفي خَبَثَها وتَنْضَحُ طِيبَها، روي بالضاد والخاء المعجمتين وبالحاء المهملة، من النَّضْح وهو رش الماء، وهو مذكور في بضع. ونَضَح الماءُ العطشَ يَنْضِحُه: رَشَّه فذهب به أَو كاد يذهب به. ونَضَح الماءُ المالَ يَنْضِحُه: ذهب بعطشه أَو قارب ذلك.
والنَّضَحُ، بفتح الضاد، والنضيح: الحوض لأَنه يَنْضَح العطش أَي يَبُلُّه؛ وقيل: هما الحوض الصغير، والجمع أَنضاح ونُضُحٌ. وقال الليث: النضيح من الحياض ما قَرُب من البئر حتى يكون الإِفراغ فيه من الدلو ويكون عظيماً؛ وقال الأَعشى:

فَغَدَوْنا عليهمُ بُكْـرَةَ الـوِرْ

 

دِ، كما تُورِدُ النَّضِيحَ الهِياما

قال ابن الأَعرابي: سمي بذلك لأَنه يَنْضِحُ عطشَ الإِبل أَي يَبُلُّه. قال أَبو عبيد وقال أَبو عمرو: نَضَحْتُ الرِّيَّ، بالضاد؛ وقال الأَصمعي: فإِن شرب حتى يَرْوَى قال نَصَحْتُ، بالصاد، نَصْحاً ونَصَعْتُ به ونَقَعْتُ.
قال: والنَّضْحُ والنَّشْحُ واحد، وهو أَن يشرب دون الرِّيّ.
والنَّضْحُ: سقي الزرع وغيره بالسانية. ونَضَحَ زرعَه: سقاه بالدَّلْو.
والناضحُ: البعير أَو الثور أَو الحمار الذي يستقى عليه الماء، والأُنثى بالهاء، ناضحة وسانية. وفي الحديث: ما سُقِيَ من الزرع نَضْحاً ففيه نصف العشر؛ يريد ما سقي بالدِّلاءِ والغُروب والسَّواني ولم يُسْقَ فَتْحاً.
والنواضح من الإِبل: التي يستقى عليها، واحدها ناضح؛ ومنه الحديث: أَتاه رجل فقال: إِن ناضح بني فلان قد أَبَدَ عليهم. وفي حديث معاوية قال للأَنصار وقد قعدوا عن تلقيه لما حج: ما فَعَلَتْ نَواضِحُكم؟ كأَنه يُقَرِّعُهم بذلك لأَنهم كانوا أَهل حَرْثٍ وزَرْعٍ وسَقْيٍ، وقد تكرر ذكره في الحديث مفرداً ومجموعاً. والنَّضَّاح: الذي يَنْضَحُ على البعير أَي يسوق السانية ويسقي نخلاً؛ قال أَبو ذؤيب:

هَبَطْنَ بَطْنَ رُهاط واعْتَصَبْنَ، كمـا

 

يَسْقِي الجُذُوعَ، خِلالَ الدُّورِ، نَضَّاحُ

وهذه نخل تُنْضَحُ أَي تُسْقَى. ويقال: فلان يَسْقي بالنَّضْحِ، وهو مصدر.
والنَّضْحاتُ: الشيء اليسير المتفرق من المطر. قال شمر: وقد قالوا في نَضَحَ المطرُ، بالحاء والخاء. والناضحُ: المطر؛ وقد نَضَحَتْنا السماء.
والنَّضْحُ أَمْثَلُ من الطَّلّ: وهو قَطْرٌ بين قَطْرَيْن. قال: ويقال لكل شيء يَتَحَلَّب من ماء أَو عَرَقٍ أَو بول: يَنْضَحُ: وأَنشد:

يَنْضَحْنَ في حافاته بالأَبْوال

ونَضَحَ الرجلُ بالعَرَق نَضْحاً: فَضَّ به، وكذلك الفرس. والنَّضِيحُ والتَّنْضاحُ: العرق؛ قال الراجز:

تَنْضَحُ ذِفْراه بماء صَبِّ

والنَّضُوحُ: الوَجُور في أَيّ الفم كان. ونَضَحَتِ العين تَنْضَحُ نَضْحاً وانْتَضَحَت: فارت بالدمع؛ وعيناه تَنْضَحانِ. والنَّضْحُ يدعوه الهَمَلانُ: وهو أَن تمتلئ العين دمعاً ثم تَنْفَضِحَ هَمَلاناً لا ينقطع.
ونَضَحَتِ الخابية والجَرَّة تَنْضَحُ إذا كانت رقيقة فخرج الماء من الخَزَف ورشَحَتْ؛ وكذلك الجبل الذي يتحلب الماء بين صخوره. ومَزادةٌ نَضُوح: تَنْضَح الماءَ؛ ونَضَحَتْ ذِفْرَى البعير بالعَرَق نَضْحاً؛ وقال القَطامِيّ:

حَرَجاً كأَنَّ، من الكُحَيْلِ، صُبابةً،

 

نَضَحَتْ مَغابِنُها به نَضَحَـانـا

قال: ورواه المُؤَرِّجُ نُضِخَتْ.
واسْتَنْضَح الرجلُ وانْتَضَح: نَضَح شيئاً من ماء على فرجه بعد الوضوء؛ وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه عَدَّ عَشْرَ خِلالٍ من السنَّة وذكر فيها الانتضاحَ بالماءِ، وهو أَن يأْخذ ماء قليلاً فيَنْضَحَ به مذاكيره ومُؤْتَزَرَه بعد فراغه من الوضوء، لينفي بذلك عنه الوَسْواس: وفي خبر آخر: انْتِفاض الماء، ومعناهما واحد. وفي حديث عطاء: وسئل عن نَضَحِ الوضوء؛ هو بالتحريك، ما يَتَرَشَّشُ منه عند التَّوَضُّؤ كالنَّشَرِ.
ونَضَح بالبول على فخذيه: أَصابهما به؛ وكذلك نَضَحَ بالغبار.
ونَضَحَ الجُلَّة يَنْضِحُها نَضْحاً: رَشَّها بالماء ليَتَلازَب قَمْرُها ويلزم بعضُه بعضاً. ونَضَحَ الجُلَّة أَيضاً: نثر ما فيها؛ وقول الشاعر:

يَنْضَحُ بالبَوْلِ، والغُبارُ على

 

فَخْذَيْه، نَضْحَ العِيدِيَّةِ الجُلَلا

يفسر بكل واحد من هاتين. ونَضَحَ الرِّيّ نَضْحاً: شَرِبَ دونه؛ وقيل: هو أَن يشرب حتى يَرْوَى، فهو من الأَضداد؛ وقال شمر: يقال نَضَحْتُ الأَدِيمَ بللته أَن لا ينكسر؛ قال الكميت:

نَضَحْتُ أَدِيمَ الوُدِّ بيني وبينكم

 

بِآصِرةِ الأَرْحامِ، لو تَتَبَلَّـلُ

نَضَحْتُ أَي وَصَلْتُ. والنَّضُوحُ، بالفتح: ضرب من الطيب؛ وقد انْتَضَحَ به. والنَّضْحُ: منه ما كان رقيقاً كالماء، والجمع نُضُوح وأَنْضِحَة، والنَّضْخُ ما كان منه غليظاً كالخَلُوق والغالية. وفي حديث الإِحرام: ثم أَصبح محرماً يَنْضَحُ طِيباً أَي يفوح. النَّضُوح: ضرب من الطيب تفوح رائحته، وأَصل النَّضْح الرَّشْح فشبه كثرة ما يفوح من طيبه بالرشح؛ ومنه حديث عليّ: وجد فاطمة وقد نَضَحَتِ البيتَ بنَضُوح أَي طَيَّبته وهي في الحج. وأَرض مُنْضِحة: واسعة. ونَضَّحَتِ الغنم: شَبِعَت. ونَضَحْناهم بالنَّبْل نَضْحاً: رميناهم ورَشَقْناهم. ونَضَحْناهم نَضْحاً: وذلك إذا فرَّقوها فيهم. وفي حديث هجاء المشركين: كما تَرْمُون نَضْحَ النَّبْل.
ويقال: انْضَحْ عَنَّا الخيلَ أَي ارْمِهم. وفي الحديث أَنه قال للرُّماة يوم أُحُد: انْضَحوا عنا الخيل لا نُؤْتَى من خَلْفِنا أَي ارموهم بالنُّشَّاب. ونَضَحَ عنه: ذَبَّ ودفع. ونَضَح الرجل: ردَّ عنه؛ عن كراع.
ونَضَحَ الرجلُ عن نفسه إذا دفع عنها بحُجَّة. وهو يَنْضَح عن فلان أَي يَذُبُّ عنه ويدفع. ورأَيته يَتَنَضَّحُ مما قُرِف به أَي ينتفي ويَتَنَصَّل منه. وقال شُجاعٌ: مَضَحَ عن الرجل ونَضَح عنه وذَبَّ بمعنى واحد.
ويقال: هو يناضِحُ عن قومه ويُنافِحُ عنهم أَي يذب عنهم؛ وأَنشد:

ولو بَلا، في مَحْفِلٍ، نِضاحِي

أَي ذَبِّي ونَضْحِي عنه. وقَوْس نَضُوح: شديدة الدفع والحَفْز للسهم، حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد لأَبي النجم:

أَنْحَى شِمالاً هَمَزَى نَضُوحا

أَي مدَّ شماله في القوس. هَمَزَى يعني القوسَ أَنها شديدة.
والنَّضُوحُ: من أَسماء القوس كما تَنْضَحُ بالنبل.
والنَّضَّاحة: الآلة التي تُسَوَّى من النحاس أَو الصُّفْر للنَّفْطِ وزَرْقِه؛ ابن الأَعرابي: المِنْضَحَة والمَنْضَحة الزَّرَّاقة؛ قال الأَزهري: وهي عند عوامِّ الناس النَّضَّاحة ومعناهما واحد.
وقال ابن الفرج: سمعت شُجاعاً السُّلَمِيّ يقول: أَمْضَحْتَ عِرْضِي وأَنْضَحْتَه إذا أَفسدته؛ وقال خَليفة: أَنضَحْتُه إذا أَنْهَبْتَه الناس. وانْتَضَحَ من الأَمر: أَظهر البراءة منه. والرجل يُرْمَى أَو يُقْرَف بتُهَمَة فيَنْتَضِح منه أَي يُظْهِرُ التَبَرِّي منه. وإِذا ابتدأَ الدقيق في حب السُّنْبُل وهو رطب فقد نَضَحَ وأَنْضَح، لغتان؛ قال ابن سيده: وأَنْضَحَ الدقيقُ بدأَ في حَبِّ السنبل وهو رَطْبٌ. ونَضَح الغَضا نَضْحاً: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ والنبات وعَمَّ بعضُهم به الشجر؛ قال أَبو طالب بن عبد المطلب:

بُورِكَ المَيِّتُ الغَرِيبُ، كما بُو

 

رِكَ نَضْحُ الرُّمَّانِ والزَّيْتُونِ

فأَما قول أَبي حنيفة نُضُوح الشجر فلا أَدري أَرآه للعرب أَم هو أَقْدَمَ فجمع نَضْحَ الشجر على نُضُوح، لأَن بعض المصادر قد يجمع كالمرض والشُّغْل والعقل، قالوا: أَمراض وأَشغال وعُقُول. ونَضَح الزَّرعُ: غَلُظَت جثته.

نضخ

نضَخَ عليه الماءَ يَنْضَخ نَضْخاً، وهو دون النضح؛ وقيل: النضخ ما كان على غير اعتماد، والنضح ما كان على اعتماد؛ قال الأَصمعي: ما كان من فَعَلَ الرجلُ، فهو بالحاء غيرَ معجمة؛ وأَصابه نَضْخٌ من كذا، بالخاء معجمة، وهو أَكثر من النَّضْح؛ قال أَبو عبيد: وهو أَعجب إِليّ من القول الأَول ولا يقال منه فَعِل ولا يَفْعِل. والنَّضْخ: شدّة فور الماء في جَيَشانه وانفجاره من يَنْبوعه؛ قال أَبو علي: ما كان من سُفْل إِلى علْو، فهو نَضْخ.
وعين نضَّاخة: تَجيش بالماء. وفي التنزيل: فيهما عينان نضَّاختان أَي فوُارتان. التهذيب: والنَّضْخ من فور الماء من العين والجيشان، ينضَخان بكل خير؛ وفي قصيد كعب:

ن كُل نضَّاخة الذِّفْرَى إذا عَرِقَتْ

يقال: عين نضاخة أَي كثيرة الماء فوارة؛ أَراد أَن ذِفْرَى الناقة كثير النضخ بالعرق.
وانضَجَّ الماءُ وانضاخ: انْصَبَّ؛ وقال ابن الزبير: إن الموت تغشَّاكم سحابه، فهو مُنضاخ عليكم بوابل البلايا؛ قال: حكاه الهروي في الغريبين.
والنَّضْخ: الرَّدْع واللَّطْخ يبقى في الجسد أَو الثوب من الطيب ونحوه. والنَّضْخُ: كاللَّطْخ مما يبقى له أَثر؛ ونضخ ثوبه بالطيب. أَبو عمرو: النَّضْخ ما كان من الدم والزعفران والطين وما أَشبهه، والنضخ بالماء وبكل ما رقَّ مثل الخل وما أَشبهه؛ وأَنشد أَبو عبيدة لجرير:

يابُكُمُ ونَضْخ دمِ القتيل

أَبو عثمان التوزي: النضخ: الأَثر يبقى في الثوب وغيره، والنَّضْحُ، بالحاء غير معجمة، الفعل. وفي الحديث: ينضَخ البحرُ ساحِلَه؛ النَّضْخ: قريب من النضح وقد اختلف في أَيهما أَكثر، والأَكثر أَنه بالمعجمة أَقل من المهملة؛ وقيل: هو بالمعجمة الأَثر يبقى في الثوب والجسد، وبالمهملة الفعل نفسه؛ وقيل: هو بالمعجمة ما فعل تعمداً، وبالمهملة من غير تعمد؛ وفي حديث النخعي: لم يكن يرى بنَضْخ البول بأْساً يعني نَشْرَه وما ترشش منه، ذكره الهروي بالخاء المعجمة والنِّضاخ: المُناضَخَةُ. ونضَخْناهُم بالنبل: لغة في نضَحْناهم إذا فرّقوها فيهم.
وانْتَضَخَ الماءُ: ترشَّشَ. أَبو زيد: النَّضْخ الرش مثل النَّضْحِ، وهما سواء، تقول: نضَخْت أَنْضَخ، بالفتح؛ قال الشاعر:

ه من نَضاخ الشَّوْلِ رَدْعٌ، كأَنَّه

 

قاعَةُ حِنَّاءٍ بماء الصَّنَـوْبَـرِ

وقال القطامي:

إِذا تَضَيَّفُني الهُمومُ، قَرَيْتُهـا

 

سرحَ اليَدَيْن تُخالسُ الخَطَرانا

رَجاً كأَنَّ من الكُحَيلِ صُبابَةً،

 

ضخَتْ مَغابنُها بِها نَضَخَانَـا

وفي الحديث: المدينة كالكير تَنْفي خَبَثَها ويَنْضَخُ طِيبُها، بالضاد والخاء المعجمتين وبالحاء المهملة، من النَّضْخ، وهو رش الماء.
وغَيثٌ نضّاخ: غزير؛ وقال جِران العَوْد: مِنْهُ على قَصْرَيْ عُمانَ سَخيفَةٌ، الخَطِّ نضَّاخُ العَثَانين واسعُ السخيفة: المطرة الشديدة. وعُثْنونَ المَطر: أَوله.
والنَّضْخَة: المَطرة. يقال: وقعت نضْخة بالأَرض أَي مطرة؛ وأَنشد أَبو عمرو:

ا يَفْرَحُون إذا ما نَضْخَةٌ وقَعَتْ،

 

هُمْ كرامٌ إذا اشْتَدَّ المَـلازيبُ

جمعِ ملْزابٍ، وهي الشدّة؛ وأَنشد أَيضاً:

قلتُ: لعلَّ الله يُرْسِلُ نَضْخَةً،

 

يُضْحِي كِلانا قَائِماً يَتَذَمَّـرُ

وأَكثر ما ورد في هذا الباب بالحاء والخاء المعجمة، وقد تقدّم ذكر نضح في بابه مستوفى.

نضد

نَضَدْتُ المَتاعَ أَنْضِدُه، بالكسر، نَضْداً ونَضَّدْتُه: جَعَلْتُ بعضَه على بعض؛ وفي التهذيب: ضَمَمْتُ بَعْضَه إِلى بعض.
والتَّنْضِيدُ: مثله شُدِّد للمبالغة في وضعه مُتراصِفاً.
والنَّضَدُ، بالتحريك: ما نُضِّدَ من مَتاعِ البيت، وفي الصحاح: متاعُ البيتِ المَنْضُودُ بعْضُه فوق بعض، وقيل: عامَّتُه، وقيل: هو خِيارُه وحُرُّه، والأَوَّل أَولى. والنَّضَدُ: ما نُضِّدَ من متاع البيت، مثَّل به سيبويه وفسره السيرافي، والجمع من كل ذلك أَنْضادٌ؛ قال النابغة:

خَلَّتْ سَبِيلَ أَتِيٍّ كان يَحْبِسُـه،

 

ورفَّعَتْه إِلى السَّجْفَيْنِ فالنَّضَدِ

وفي الحديث: أَنّ الوحي، وقيل جبريل، احْتَبَسَ أَياماً فلما نزل استبطأَه النبي، صلى الله عليه وسلم، فَذَكر أن احتباسَه كان لِكَلْبٍ كان تحت نَضَدٍ لهم؛ والنَّضَدُ: السريرُ يُنَضَّدُ عليه المتاعُ والثيابُ. قال الليث: النَّضَدُ السريرُ في بيت النابغة؛ قال الأَزهري: وهو غلط إِنما النَّضَدُ ما فسره ابن السكيت، وهو بمعنى المَنْضُود. والنَّضَدُ: السَّحابُ المتراكم؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

أَلا تَسْأَل الأَطْلالَ بالجَرَعِ العُفْـرِ؟

 

سَقاهُنَّ رَبِّي صَوْبَ ذي نَضَدٍ صُمْرِ

والجمع أَنضادٌ. ونَضَدَ الشيءَ: جَعَلَ بعضَه على بعض مُتَّسِقاً أَو بعضه على بعض، والنَّضَدُ الاسم، وهو من حُرِّ المتاعِ يُنَضَّدُ بعضه فوق بعض، وذلك الموضع يسمى نَضَداً. وأَنضادُ الجِبالِ: جَنادِلُ بعضُها فوق بعض؛ وكذلك أَنضادُ السحاب: ما تراكبَ منه؛ وأَما قول رؤبة يصف جيشاً:

إِذا تَدانَى لم يُفَرَّجْ أَجَـمُـهْ،

 

يُرْجِفُ أَنْضادَ الجِبالِ هَزَمُه

فإِنّ أَنضادَ الجِبالِ ما تراصَفَ مِن حِجارتها بعضها فوق بعض. وطَلْعٌ نَضِيدٌ: قد رَكِبَ بعضُه بعضاً. وفي التنزيل: لها طَلْعٌ نَضِيدٌ؛ أَي منضود؛ وفيه أَيضاً: وطَلْحٍ مَنْضُود؛ قال الفراء: طلع نضيد يعني الكُفُرّى ما دام في أَكمامه فهو نَضِيدٌ، وقيل: النَّضِيدُ شِبْهُ مِشْجَبٍ نُضِّدَتْ عليه الثيابُ، ومعنى منضود بعضُه فوق بعض، فإِذا خرج من أَكمامِه فليس بِنَضِيدٍ. وقال غيره في قوله: وطَلْحٍ مَنْضُودٍ، هو الذي نُضِّدَ بالحمل من أَوله إِلى آخره أَو بالورق ليس دونه سُوق بارزة، وقيل في قوله في الحديث: إِن الكلب كان تحت نَضَدٍ لهم أَي كان تحت مِشْجَبٍ نُضِّدَتْ عليه الثيابُ والآثاثُ، وسمي السرير نَضَداً لأَن النَّضَدَ عليه. وفي حديث أَبي بكر: لَتَتَّخِذُنَّ نَضائِدَ الدِّيباجِ وسُتورَ الحَريرِ ولَتَأْلَمُنَّ النَّوْمَ على الصُّوفِ الأَذَرِيّ كما يَأْلَمُ أَحدُكُمُ النَّوْمَ على حَسَكِ السَّعْدانِ؛ قال المبرد: قوله نَضائِدَ الدِّيباجِ أَي الوَسائدَ، واحدها نَضِيدةٌ وهي الوسادةُ وما حُشِي من المتاع؛ وأَنشد:

وقَرَّبَتْ خُدّامُها الوَسائِدا،

 

حتى إذا ما عَلَّوُا النَّضائِدا

قال: والعرب تقول لجماعة ذلك النضَدُ؛ وأَنشد:

ورَفَّعَتْه إِلى السَّجْفَيْنِ فالنَّضَدِ

وفي حديث مسروق: شجرُ الجنة نَضِيدٌ من أَصلها إِلى فرعها أَي ليس لها سُوق بارِزَةٌ ولكنها مَنْضُودةٌ بالورق والثمارِ من أَسفلها إِلى أَعلاها، وهو فَعِيل بمعنى مفعول.
وأَنضادُ القوم: جماعتُهم وعددُهم. والنضَدُ: الأَعْمام والأَخوال المتقدّمون في الشرف، والجمع أَنضادٌ؛ قال الأَعشى:

وقَوْمُك إِنْ يَضْمَنُوا جارةً،

 

يَكُونوا بِمَوضِعِ أَنْضادِها

أَراد أَنهم كانوا بموضع ذوي شرفها وأَحسابها؛ وقال رؤبة:

لا تُوعِدَنِّي حَيَّةٌ بالنَّكْـزِ،

 

أَنا ابنُ أَنْضادٍ إِليها أَرْزي

ونَضَدْتُ اللَّبِنَ على الميت. والنضَدُ: الشريف من الرجال، والجمع أَنْضادٌ.
ونَضادِ: جبَلٌ بالحجاز؛ قال كثير عَزَّة:

كأَنّ المَطايا تَتَّقِي، من زُبانةٍ،

 

مَناكِبَ رُكْنٍ من نَضادٍ مُلَمْلَمِ

نضر

النضرة:النعمة والعيش والغنى، وقيل: الحسن والرونق، وقد نضر الشجر والورق والوجه واللون، وكل شيء ينض ونضرا ونضرة ونضارة ونضورا، ونضر ونضر، فهو ناضر ونضير ونضر أي حسن، والأنثى نضرة. وأنضر: كنضر. ونضره الله ونضره وأنضره ونضر الله جهه ينضره نضرة أي حسن. ونضر وجهه يتعدى. ويقال: نضر، بالضم، نضارة، وفيه لغة ثالثة نضر، لاكسر، حكاها أبو عبيد. ويقال: نضر الله وجهه، بالتشديد، وأنضر الله وجهه بمعنى. وإذا قلت: نضر الله امرأ يعني نعمه. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من يسمعها، نضره ونضرة وأنضره أي نعمة، يروى بالتخفيف والتشديد من النضارة، وهي في الأصل حسن الوجه والبريق، وإنما أراد حسن خلقه وقدره، قال شمر: الرواة يروون هذا الحديث بالتخفيف والتشديد وفسره أبوعبيدة فقال: جعله الله ناضرا، قال: وروي عن الأصمعي فيه التشديد: نضر الله وجهه، وأنشد:

نضر الله أعظما دفنـوهـا

 

بسبحستان طلحة الطلحات.

وأنشد شمر في لغة من رواه بالتخفيف قول جرير:

والوجه لا حسنا ولا منضورا

ومنضور لا يكون إلا من نضره، بالتخفيف. قال شمر: وسمعت ابن الأعرابي يقول: نضره الله فنضر ينضر ونضر ينضر. وقال ابن الأعرابي: نضر وجهه ونضر وأنضر وأنضره الله، بالتخفيف، ونضره، بالتخفيف أيضا. أبو داود عن النضر: نضر الله امرأ وأنضر الله أمر أفعل كذا ونضر الله امرأ، قال الحسن المؤدب: ليس هذا من الحسن في الوجه إنما معناه حسن الله وجهه في خلقه أي جاهه وقدره، قال: وهو مثل قوله: اطلبوا الحوائج إلى حسان الوجوه، يعني به ذوي الوجوه في الناس وذوي الأقدار. أبو الهزيل: نضر الله وجهه ونضر وجه الرجل سواء. وفي الحديث: يا معشر محارب، نضركم الله لا تسقوني حلب امرأة، قال: كان حلب النساء عندهم عيبا يتعايرون عليه. وقال الفراء في قوله عز وجل: وجوه يومئذ ناضرة، قال: مشرقة بالنعيم، قال وقوله: تعرف في وجوههم نضرة النعيم، قال: بريقه ونداه، والنضرة نعيم الوجه. وقال الزجاج في قوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناضرة، قال: نضرت بنعيم الجنة والنظر إلى ربها عز وجل. وأنضر النبت. نضر ورقه.
وغلام نضير: ناعم، والأنثى نضيرة. ويقال: غلام غض نضير وجارية غضة نضيرة. وقد أنضر الشجر إذا اخضر ورقه، وربما صار النضر نعتا، يقال، شيء نضر ونضير وناضر. والناضر: الأخضر الشديد الخضرة. يقال: أخضر ناضر كما يقال: أبيض ناصع وأصفر فاقع، وقد يبلغ بالناضر في كل لون. يقال: أحمر ناضر وأصفر ناضر، روي ذلك عن ابن الأعرابي وحكاه في نوادره. أبو عبيد: أخضر ناضر معناه ناعم. ابن الأعرابي: الناضر في جميع الألوان، قال أبو منضور: كأنه يجيز أبيض ناضر وأحمر ناضر ومعناه الناعم الذي له بريق في صفائه. والنضير والنضار والأنضر: اسم الذهب والفضة، وقد غلب على الذهب، وهو النضر، عن ابن جني، وقال الأعشى:

إذا جردت يوما حسبت خميصة

 

عليها وجريال النضير الدلامصا

وجمعه نضار وأنضر، قال أبو كبير الهذلي:

وبياض وجه لم تحل أسـراره

 

مثل الوذيلة أو كشنف الأنضر

التهذيب: النضر الذهب، وجمعه أنضر، قال الشاعر:

كناحلة من زينها حلي أنضـر

 

بغير ندى من لا يبالي اعتطالها

وأنشد الجوهري للكميت:

ترى السابح الخنذيذ منها كأنمـا

 

جرى بين ليتيه إلى الخد أنضر.

والنضرة: السبيكة من الذهب. وذهب نضار: صار ههنا نعتا. ونضارة كل شيء: خالصه. والنضار: الخالص من كل شيء، قالت الخرنق بنت هفان:

لا يبعدن قومي الـذين هـم

 

سم العـداة وآفة الـجـزر

الخالطين نحيتهم بنضارهـم

 

وذوي الغنى منهم بذي الفقر

ويروى هذا البيت لحاتم الطائي في قصيدته له مشهورة أولها:

إن كنت كارهة لعيشتنا

 

هاتا فحلي في بني بدر

والنضر: أبو قريش، وهو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر. ابن سيده: النضر بن كنانة أبو قريش خاصة، من لم يلده النضر فليس من قريش. والنضار: الأثل، وقيل: هو ما كان عذيا على غيره ماء، وقيل: هو الطويل منه المستقيم الغصون، وقيل: هو ما نبت منه في الجبل، وهو أفضله، قال رؤبة:

فرع نما منه نـضـار الأثـل

 

طيب أعراق الثرى في الأصل

قال أبو حنيفة: النضار والنضار لغتان، والأول أعرف، قال: وهو أجود الخشب للآنية لأنه يعمل منه ما رق من الأقداح واتسغ وما غلظ ولا يحتمله من الخشب غيره. قال: ومنبر سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نضار. وقدح نضار: اتخذ من نضار الخشب، وقيل: هو يتخذ من أثل ورسي اللون، يضاف ولا يضاف، يكون بالغور. وفي حديث إبراهيم النخعي: لا بأس أن يشرب في قدح النضار، قال شمر: قال بعضهم معنى النضار هذه الأقداح الحمر الجيشانية سميت نضارا. ابن الأعرابي: النضار النبع، والنضار شجر الأثل، والنضار الخالص من كل شيء. وقال يحيى بن نجيم: كل شجر أثل ينبت في جبل فهو نضار، وقال الأعشى:

تراموا به غربا أو نضارا

والغرب والنضار: ضربان من الشجر تعمل منهما الأقداح. وقال مؤرخ: النضار من الخلاف يدفن خشبه حتى ينضر ثم يعمل فيكون أمكن لعامله في ترقيقه، وقال ذو الرمة:

نقح جسمي عن نضار العود

 

بعد اضطراب العنق الأملود

قال: نضاره حسن عوده، وأنشد:

ألقوم نبع ونضار وعشر

 وزعم أن النضار تتخذ منه الآنية التي يشرب فيها، قال: وهي أجود العيدان التي تتخذ منها الأقداح. قال الليث: النضار الخالص من جوهر التبر والخشب وجمعه أنضر. وفي حديث عاصم الأحول: رأيت قدح رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عند أنس وهو قدح عريض من نضار أي من خشب نضار، وهو خشب معروف، وقيل هو الأثل الورسي اللون، وقيل النبع، وقيل الخلاف، وقيل أقداح النضار حمر من خشب أحمر.
شمر فيما روى عنه الإيادي: امرأة الرجل يقال لها هي الحدادة وهي النضر، بالضاد، قال: وهي شاعته أي امرأته. والناضر: الطحلب. وبنو النضير: حي من يهود خيبر من آل هرون أو موسى، عليهما السلام، وقد دخلوا في العرب. والنضرة والنضيرة: اسم امرأة، قال حسان:

حي النضيرة ربة الـخـدر

 

أسرت إليك ولم تكن تسري

نطر: النَّاطِر والنَّاطور من كلام أَهل السَّواد: حافظ الزرع والتَّمر والكَرْم، قال بعضهم: وليست بعربية محضة، وقال أَبو حنيفة: هي عربية؛ قال الشاعر:

أَلا يا جارَتَا بـأُبـاضَـإِنـي

 

رأَيتُ الريحَ خَيْراً منكِ جارَا

تُغَذِّينا إذا هبَّـت عـلـينـا،

 

وتَمْلأُ وَجْهَ ناطِرِكم غُبـارَا

قال: النَّاطِر الحافظ، ويُروى: إذا هبَّت جَنُوباً. قال أَبو منصور: ولا أَدري أَخذه الشاعر من كلام السَّوادِيِّين أَو هو عَربيّ. قال: ورأَيت بالبَيْضاء من بلاد بني جَذِيمة عَرازِيل سُوِّيت لمن يحفظ ثمر النخيل وقت الصِّرَام، فسأَلت رجلاً عنها فقال: هي مَظالُّ النَّواطِير كأَنه جمع النَّاطُور؛ وقال ابن أَحمر في النَّاطُور:

وبُسْتان ذي ثورَين لا لِينعنـدَه،

 

إِذا ما طَغَى ناطُوره وتَغَشْمَرَا

وجمع النَّاطِر نُطَّار ونُطَراء، وجمع النَّاطُور نَواطِير، والفعل النَّطْر والنِّطارة، وقد نَطَر يَنْطُر. ابن الأَعرابي: النَّطْرة الحفظ بالعينين، بالطاء، قال: ومنه أُخذ النَّاطُور.
والنَّاطِرُون: موضع

ولهـا بـالـنَّـاطِـرُونَ، إِذا

 

أَكلَ النَّمْلُ الذي جَمَعا وذكره

الأَزهري في مَطَر بالميم، وقد تقدم، فقال: هو موضع.

نضض

النَّضُّ: نَضِيضُ الماء كما يَخرج من حجر. نَضَّ الماءُ يَنِضُّ نَضّاً ونَضِيضاً: سالَ، وقيل: سالَ قليلاً قليلاً، وقيل: خرج رَشْحاً؛ وبئر نَضُوضٌ إذا كان ماؤها يخرج كذلك. والنَّضَضُ: الحِسى وهو ماء على رَمْل دونَه إِلى أَسفل أَرض صُلْبة فكُلَّما نَضَّ منه شيء أَي رَشَحَ واجتمع أُخِذ. واسْتَنَضَّ الثِّمادَ من الماء: تَتَبَّعها وتَبَرَّضَها؛ واستعاره بعضُ الفُصَحاء في العَرَضِ فقال يصف حالَه:

وتَسْتَنِضُّ الثِّماد من مَهَلي

والنَّضِيضُ: الماء القَلِيلُ، والجمع نِضاضٌ. وفي حديث عِمْرانَ والمرأَة صاحِبةِ المَزادةِ قال: والمَزادةُ تكاد تَنِضُّ من الماء أَي تَنْشَقُّ ويخرج منها الماء. يقال: نَضَّ الماءُ من العين إذا نَبَعَ، ويُجْمَعُ على أَنِضَّةٍ؛ وأَنشد الفراء:

وأَخْوَتْ نُجُومُ الأَخْذِ إِلا أَنِـضّةً،

 

أَنِضَّةَ مَحْلٍ، ليس قاطِرُها يُثْرِي

أَي ليس يَبُلُّ الثَّرى. والنَّضِيضةُ: المطر الضعيفُ القليل، والجمع نَضائضُ؛ قال الأَسدي، وقيل لأَبي محمد الفقعسي:

يا جُمْل أَسْقاكِ البُرَيْقُ الوامِضُ،

والدِّيَمُ الغادِيةُ النَّـضـانِـضُ،

في كلِّ عامٍ قَطْرُه نَـضـائضُ

والنَّضِيضةُ: السحابةُ الضعيفةُ، وقيل: هي التي تَنِضُّ بالماء تسيل.
والنَّضِيضةُ من الرِّياح: التي تَنِضّ بالماء فتَسِيل، وقيل الضعيفة.
ونضَّ إِليه من مَعْروفِه شيء يَنِضُّ نَضّاً ونَضِيضاً: سالَ، وأَكثرُ ما يُستعمل في الجَحْد، وهي النُّضاضةُ. ويقال: نَضَّ من معروفك نُضاضةٌ، وهو القليل منه. وقال أَبو سعيد: عليهم نَضائضُ من أَموالهم وبَضائضُ، واحدتها نَضِيضةٌ وبَضِيضةٌ. الأَصمعي: نَضَّ له بشيء وبَضَّ له بشيء، وهو المعروف القليل.
والنَّضِيضةُ: صوتُ نَشِيشِ اللحم يُشْوى على الرَّضْفِ؛ قال الراجز:

تَسْمَعُ للرَّضْفِ بها نَضائضا

والنَّضائضُ: صوت الشِّواء على الرَّضْف؛ قال ابن سيده: وأَراد للواحد كالخَشارِم، وقد يجوز أَن يُعْنى بصوتِ الشِّواء أَصواتُ الشواء. وتركتِ الإِبلُ الماءَ وهي ذاتُ نَضِيضةٍ وذاتُ نَضائضَ أَي ذاتُ عطَش لم ترْوَ.
ويقال: أَنضَّ الراعي سِخالَه أَي سَقاها نَضيضاً من اللَبن. وأَمْرٌ ناضٌّ: مُمْكِنٌ، وقد نَضَّ يَنِضُّ. ونُضاضةُ الشيء: ما نَضَّ منه في يدِك.
ونُضاضةُ الرجل: آخِرُ ولده؛ أَبو زيد: هو نُضاضةُ ولدِ أَبويه، يستوي فيه المذكر والمؤنث والتثنية والجمع مثل العِجْزةِ والكِبْرةِ. وقيل: نُضاضةُ الماء وغيره وكلِّ شيء آخِرُه وبَقِيَّتُه، والجمع نَضائضُ ونُضاضٌ.وفلان يَسْتَنِضُّ معروفَ فلان: يَسْتَقْطِرُه، وقيل: يستخرِجُه، والاسم النِّضاضُ؛ قال:

يَمْتاحُ دَلْوِي مُطْرَبُ النِّضاضِ،

 

ولا الجَدَى من مُتْعَب حَبّاض

وقال:

إِن كان خَيْرٌ منكِ مُسْتَنَضّـا

 

فاقْني، فَشَرُّ القَوْلِ ما أَمَضّا

ابن الأَعرابي: استَنْضَضْتُ منه شيئاً ونَضْنَضْتُه إذا حرَّكْته وأَقْلَقْتَه؛ ومنه قيل للحية نَضْناضٌ، وهو القَلِقُ الذي لا يَثْبت في مكانه لشِرَّتِه ونَشاطِه.
والنَّضُّ: الدِّرهم الصامِتُ. والناضُّ من المَتاعِ: ما تحوَّل ورِقاً أَو عيناً. الأَصمعي: اسم الدراهم والدنانير عند أَهل الحجاز الناضُّ والنضُّ، وإِنما يسمونه ناضّاً إذا تحوّلَ عيناً بعدما كان مَتاعاً لأَنه يقال: ما نضَّ بيدي منه شيء. ابن الأَعرابي: النَّضُّ الإِظهار، والنضُّ الحاصل. يقال: خذ ما نَضَّ لك من غَرِيمِك، وخذ ما نَضَّ لك من دَيْنٍ أَي تيَسَّر. وهو يَسْتَنِضُّ حقه من فلان أَي يستنجزه. ويأْخذ منه الشيءَ بعد الشيء. وتَضْنَضَ الرجل إذا كثر ناضُّه، وهو ما ظهر وحصل من ماله، قال: ومنه الخبر: خذ صدقةَ ما نَضَّ من أَمْوالهم أَي ما ظهر وحصل من أَثمان أَمْتِعَتهم وغيرها. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كان يأْخذ الزَّكاةَ من ناضِّ المالِ؛ هو ما كان ذهباً أَو فِضَّةً عيناً أَو وَرِقاً. ووُصف رجل بكثرة المال فقيل: أَكثر الناس ناضّاً. وفي الحديث عن عِكْرِمةَ: إِنَّ الشريكين إذا أَرادا أَن يَتَفَرَّقا يقْتَسِمانِ ما نَضَّ من أَمْوالهما ولا يقتَسِمانِ الدَّيْنَ. قال شمر: ما نضَّ أَي ما صار في أَيديهما وبينهما من العين، وكره أَن يُقْتَسَمَ الدَّينُ لأَنه ربما اسْتَوفاه أَحدُهما ولم يَسْتَوْفِه الآخر فيكون رِباً، ولكن يقتسمانه بعد القبض.
والنَّضُّ: الأَمْرُ المكروه. تقول: أَصابني نَضٌّ من أَمرِ فلان.
ونَضَّ الطائرُ: حرَّك جناحَيْه ليَطير. ونَضْنَضَ البعيرُ ثَفِناته: حركها وباشَر بها الأَرضَ؛ قال حميد:

ونَضْنَضَ في صُمِّ الحَصَى ثَفِناتِه،

 

ورامَ بسَلْمَى أَمره، ثم صَمَّـمـا

ونَضْنَضَ لسانَه: حرَّكه، الضاد فيه أَصل وليست بدلاً من صاد نَصْنَصَه، كما زعم قوم، لأَنهما ليستا أُختين فتُبدلَ إِحداهما من صاحبتها. وفي الحديث عن أَبي بكر: أَنه دُخل عليه وهو يُنَضْنِضُ لسانَه أَي يحرِّكُه، ويروى بالصاد، وقد تقدَّم.
والنَّضْنَضةُ: صوتُ الحيَّةِ. والنَضْنَضةُ: تحريك الحية لسانَها.
ويقال للحية: نَضْناضٌ ونَضْناضةٌ. وحيَّةٌ نَضْناضٌ: تحرك لسانَها. قال ابن جني: أَخبرني أَبو عليّ يرفعه إِلى الأَصمعيّ قال: حدثنا عيسى ابن عمر قال: سأَلتُ ذا الرمَّةِ عن النَّضْناضِ فأَخرج لسانه فحرّكه، وقيل: هي المُصَوِّتةُ، وقيل: هي التي تقتلُ إذا نَهشَتْ من ساعتها، وقيل: هي التي لا تَسْتَقِرُّ في مكان؛ قال الرَّاعي:

يَبِيتُ الحَيَّةُ النَّضْناضُ منـه،

 

مكَانَ الحِبِّ، يَسْتَمِعُ السِّرارا

الحِبُّ: القُرْطُ، وقيل: الحَبيبُ، وقيل: النَّضْناض الحية الذكر، وهو كله يرجع إِلى الحركة.

نضف

النَّضَفُ: الصَّعْتر، الواحدة نضَفة؛ وأَنشد:

ظَلاَّ بأَقْريَةِ التُّفَّاحِ، يَوْمَهُمـا

 

يُنَبِّشانِ أُصولَ المَغْدِ والنَّضَفا

ابن الأَعرابي: أَنضَف الرجلُ إذا دام على أَكل النَّضَف وهو الصَّعتر.
ومرَّ بنا قوم نَضِفُون نَجِسُون بمعنى واحد. ونضَف الفَصِيلُ جميع ما في ضَرْع أُمه يَنْضِفُه ويَنْضُفُه وانْتَضَفَه: شربه جميعه. وانْتَضَف ما في الإناء: شرب جميع ما فيه. وانتضفَتِ الإبل ماء حوضها: شربته أَجمع، قال: وقد يقال ذلك بالصاد، ونضَفْت ما في الإناء مثله. وانْتَضَفْته: مثل لَعِقْته. وانتضف الفَصيلُ ما في بطن أُمه أَي امْتَكَّه، بالضاد المعجمة، وكذلك نَضِفَه، بالكسر، نَضَفاً. وقال أَبو تراب عن الخصيبي: أَنضَفَت الناقة وأَوضَفَت إذا خَبَّت، وأَوْضَفْتُها فوضَفَتْ إذا فعلت. ابن الأَعرابي: النَّضَفُ إبداء الحُصاص. وقال غيره: رجل ناضِف ومِنْضَف وخاضفٌ ومِخْضَفٌ إذا كان ضَرّاطاً؛ وأَنشد:

وأَيْنَ مَوَالِينا الضِّعافُ المَناضِفُ

نضل

ناضَله مُناضَلةً ونِضالاً ونِيضالاً: باراهُ في الرَّمْي؛ قال الشاعر:

لا عَهْدَ لي بنِيضـالْ

 

أَصبحتُ كالشَّنِّ البالْ

قال سيبويه: فِيعالٌ في المصدر على لغة الذين قالوا تحمَّل تِحْمالاً، وذلك أَنهم يُوَفِّرون الحروف ويجيئُون به على مثال قولهم كلَّمْتُه كِلاَّماً، وأَما ثعلب فقال إِنه أَشبع الكسرة فأَتبعها الياء كما قال الآخر أَدْنُو فأَنْظُورُ، أَتبع الضمة الواو اختياراً، وهو على قول ثعلب اضطراراً.
ونَضَلْته أَنْضُله نَضْلاً: سبقته في الرِّماءِ. وناضَلْت فلاناً فنَضَلْته إذا غلبته. الليث: نَضَل فلان فلاناً إذا نَضَله في مُراماةٍ فَغَلَبه.
وخرج القوم يَنْتضِلون إذا اسْتَبَقوا في رَمْي الأَغْراض. وفي الحديث: أَنه مَرَّ بقومٍ يَنْتَضِلون أَي يَرْتَمُون بالسِّهام. يقال: انْتَضَل القوم وتَناضَلوا أَي رَمَوْا للسَّبْق. وناضَلْت عنه نِضالاً: دافَعْت.
وتَنَضَّلْت الشيءَ: أَخرجته. واجْتَلْت منهم جَوْلاً معناه الاختيار أَي اخترت. وانْتَضَل سيفَه: أَخرجه. وانْتَضَلْت منهم نَضْلة: اخْتَرْت.
وفلانٌ نَضِيلي: وهو الذي يُرامِيه ويُسابِقه. ويقال: فلان يُناضِلُ عن فلان إذا نَصَح عنه ودافع وتكلم عنه بعذره وحاجَجَ. وفي الحديث: بُعْداً لكُنّ وسُحْقاً، فعَنْكُنّ كنتُ أُناضِل أَي أُجادل وأُخاصِمُ وأُدافِعُ؛ ومنه شعر أَبي طالب يمدح سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:

كَذَبْتُم، وبَيْتِ اللهِ، يُبْزَى محمدٌ

 

ولَمَّا نُطاعِنْ دونَه ونُناضِـل

وانْتضَل القومُ وتَناضَلوا أَي رَمَوْا للسَّبْق؛ ومنه قيل: انْتَضلوا بالكلام والأَشعارِ. وانْتَضَلْت رجلاً من القوم وانْتَضَلْت سهماً من الكِنانة أَي اخْتَرْت. والمُناضَلةُ: المُفاخَرة؛ قال الطرماح:

مَلِكٌ تَدِينُ له الـمـلـو

 

ك، ولا يُجاثِيه المُناضِل

وانْتَضَل القومُ إذا تفاخَروا؛ قال لبيد:

فانْتَضَلْنا، وابنُ سَلْمى قاعدٌ

 

كعَتِيق الطيرِ يُغْضي ويُجَل

ابن السكيت: انْتَضى السيف من غِمْدِه وانْتَضَلَه بمعنى واحد.
وتَنَضَّلْتُ الشيءَ إذا استخرجته. وانْتِضال الإِبل: رَمْيُها بأَيديها في السَّيْر.
ونَضِلَ البعيرُ والرجُل نَضْلاً: هُزِلوأَعْيا، وأَنْضَلَه هو. ابن الأَعرابي: النَّضَل والتَّبْدِيدُ التعبُ، وقد نَضِلَ يَنْضَل نَضَلاً. ونَضِلَت الدابة: تعبت.
ونَضْلةُ: اسم، وهو نَضْلةُ بن هاشم، ونَضْلة بنُ حِمار. الجوهري: وكان هاشم بن عبد مناف يُكْنى أَبا نَضْلةَ.

نضم

أَهمله الليث، وروى أَبو العباس عن عمرو عن أَبيه: النَّضْمُ الحنطةُ الحادرةُ السمينة، واحدتها نَضْمةٌ، وهو صحيح.

نطا

نَطَوْتُ الحَبْلَ: مَدَدْتُه. ويقال: نَطَتِ المرأَة غَزْلَها، أَي سَدَّتْه، تَنْطُوه نَطْواً، وهي ناطِيةٌ والغَزْلُ مَنْطُوٌّ ونَطِيٌّ أَي مُسَدّىً. والنَّاطِي: المُسَدِّي؛ قال الراجز:

ذَكّرْتُ سَلْمَى عَهْدَه فَـشَـوَّقـا

وهُنَّ يَذْرَعْنَ الرَّقاقَ السَّمْلَـقـا

ذَرْعَ النَّواطِي السُّحُلَ المُدَقَّـقـا

خُوصاً، إذا ما اللَّيْلُ أَلقَى الأَرْوُقا

خَرَجْنَ مِن تحتِ دُجاه مُـرَّقـا

يَقْلِبْنَ للنَّأْي البَعِـيدِ الـحَـدَقـا

تَقْلِيبَ وِلْدانِ العِراقِ البُـنْـدُقـا

والنَّطْوُ: البُعْدُ. ومكانٌ نَطِيٌّ: بَعيدٌ، وأَرضٌ نطِيّةٌ؛ وقال العجاج:  

وبلْدةٍ نِياطُها نَطِـيُّ

 

قِيٌّ تُناصِيها بِلادٌ قِيُّ

نِياطُها نَطِيٌّ أَي طريقها بعيد. والنَّطْوة: السَّفْرة البَعيدة. وفي حديث طَهْفةَ: في أَرضٍ غائلةِ النِّطاء؛ النِّطاءُ: البُعدُ. وبَلَدٌ نَطِيٌّ: بَعِيدٌ، ورُوي المَنْطَى وهو مَفْعَلٌ منه.
والمُناطاةُ: أَن تَجْلس المَرَتانِ فترمِي كلُّ واحدة منهما إِلى صاحبتها كُبَّةَ الغَزْل حتى تُسَدِّيا الثوبَ. والنَّطْوُ: التَّسدِيةُ، نَطَتْ تَنْطُو نَطْواً. والنَّطاةُ: قِمَعُ البُسْرةِ، وقيل: الشُّمْرُوخ، وجمعه أَنطاء؛ عن كراع، وهو على حذف الزائد. ونَطاةُ: حِصْنٌ بخَيْبَرَ، وقيل: عَينٌ بها، وقيل: هي خَيْبَرُ نَفْسُها. ونَطاةُ: حُمَّى خيبر خاصةً، وعمْ به بعضهم؛ قال أَبو منصور: هذا غلط. ونَطاةُ: عينٌ بخيبر تَسْقِي نَخيلَ بَعضِ قُراها، وهي وَبِئةٌ؛ وقد ذكرها الشماخ:

كأَنَّ نَطاةَ خَيْبرَ زَوَّدَتْـه

 

بَكُورُ الوِرْدِ رَيِّثةُ القُلُوعِ

فظنَّ الليث أَنها اسم للحُمَّى، وإِنما نَطاةُ اسم عين بخيبر. الجوهري: النَّطاةُ اسم أُطُمٍ بخيبر؛ قال كثير:

حُزِيَتْ لي بحَزْمِ فَيْدَةَ تُحْدَى

 

كاليَهُودِيِّ مِن نَطاةَ الرِّقالِ

حُزِيَتْ: رُفِعَتْ. حَزاها الآلُ: رَفَعها، وأَراد كنخل اليهودي الرِّقالِ. ونطاةُ: قَصَبَة خيبر. وفي حديث خيبر: غَدا إِلى النَّطاةِ؛ هي عَلَم لِخَيْبَرَ أَو حِصْنٌ بها، وهي من النَّطْو البُعد. قال ابن الأَثير:وقد تكررت في الحديث، وإدخالُ اللام عليها كإِدخالها على حَرثٍ وعباس، كأَنَّ النّطاةَ وصف لها غلب عليها.
ونَطا الرَّجلُ: سَكَتَ. وفي حديث زيد بن ثابت، رضي الله عنه: كنتُ مع رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يُمْلي عليَّ كتاباً وأَنا أَسْتَفهمُه، فدخل رجل فقال له: انْطُ أَي اسكت، بلغة حِمْيَر. قال ابن الأَعرابي: لقد شَرَّفَ سيدُنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، هذه اللغةَ وهي حِمْيَرِيَّة. قال المفضل وزجر للعرب تقوله للبعير تسكيناً له إذا نَفَرَ: انْطُ، فيَسْكُن، وهي أَيضاً إِشْلاء للكلب.
وأَنْطَيْتُ: لغة في أَعطيت، وقد قرئ: إِنَّا أَنْطَيْناك الكَوْثَرَ؛ وأَنشد ثعلب:

مِنَ المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ بَعْدَمايُرَى، في فُرُوعِ المُقْلَتَينِ، نُضُوبُ

والأَنْطاء: العَطِيّاتُ. وفي الحديث: وإِنَّ مالَ اللهِ مَسْؤولٌ ومُنْطىً، أَي مْعطىً. وروى الشعبي أَن رسول الله،صلى الله عليه وسلم، قال لرجل: أَنْطِه كذا وكذا أَي أَعْطِه. والإِنْطاء: لغة في الإِعْطاءِ، وقيل: الإِنطاءُ الإِعطاءُ، بلغة أَهل اليمن. وفي حديث الدعاء: لا مانِعَ لِمَا أَنْطَيْتَ ولا مُنْطِيَ لَمَا مَنَعْتَ، قال: هو لغة أَهل اليمن في أَعْطَى. وفي الحديث: اليدُ المُنطِيةُ خَيرٌ مِنَ اليدِ السُّفلى. وفي كتابه لوائل: وأَنْطُوا الثَّبَجَةَ.والتَّناطِي: التَّسابُقُ في الأَمرِ. وتَناطاه: مارَسَه. وحكى أَبو عبيد: تَناطَيْتُ الرِّجالَ تَمَرَّسْتُ بهم.ويقال: لا تُناطِ الرِّجالَ أَي لا تمرَّسْ بهم ولا تُشارِّهِم؛ قال ابن سيده: وأُراه غلطاً، وإِنما هو تَناطَيْت الرجالَ ولا تَناطَ الرجالَ؛ قال أَبو منصور: ومنه قول لبيد:

وهُمُ العَشِيرةُ إِنْ تناطى حاسِدٌ

أَي هم عشيرتي إِن تَمَرَّسَ بي عَدُوّ يَحْسُدني. والتَّناطي: تَعاطي الكلام وتَجاذُبه. والمُناطاةُ: المُنازَعةُ؛ قال ابن سيده: وقضينا على هذا بالواو لوجود ن ط و وعدم ن ط ي، والله أَعلم.

نطب

النَّواطِبُ: خُروق تُجعل في مِبْزَلِ الشَّراب، وفيما يُصَفَّى به الشيءُ، فيُبْتَزَلُ منه ويَتَصَفَّى، واحدتُه ناطبةٌ؛ قال:

تَحلَّبَ من نَواطِبَ ذي ابْتِزالِ

وخُروقُ المِصْفاةِ تُدْعَى النَّواطِبَ؛ وأَنشد البيت أَيضاً: ذِي نَواطِبَ وابْتِزال.
والمَنْطَبَةُ والمِنْطَبَةُ والمَنْطَبُ والمِنطَبُ: المِصفاةُ.
ونَطَبه يَنْطُبُه نَطْباً: ضَرَبَ أُذنه بأُصْبُعِه.
ويقال للرجل الأَحْمق: مَنْطَبَةٌ؛ وقول الجُعَيْدِ المُرادي:

نَحْنُ ضَرَبْناه على نِطابهِ

قال ابن السكيت: لم يفسره أَحد؛ والأَعْرَفُ: على تَطْيابه أَي ما كان فيه من الطِّيبِ، وذلك أَنه كان مُعَرِّساً بامرأَة من مُرادٍ؛ وقيل: النِّطابُ هنا حَبْلُ العُنُق، حكاه أَبو عَدْنان، ولم يُسمع مِن غيره؛ وقال ثعلب: النِّطابُ الرأْس. ابن الأَعرابي: النِّطابُ حَبْلُ العاتِق؛ وأَنشد:

نحنُ ضَرَبْناهُ على نِطابِه،

 

قُلْنا بهِ، قُلْنا به، قُلْنا بـهِ

قُلْنا به أَي قتَلْناه.
أَبو عمرو: النَّطْبُ نَقْرُ الأُذُن؛ يقال: نَطَبَ أُذُنَه، ونَقَرَ، وبَلَّطَ، بمعنىً واحد.
الأَزهري: النَّطْمة النَّقْرةُ من الديك، وغيره، وهي النَّطْبة، بالباءِ أَيضاً.

نطح

النَّطْحُ: للكِبَاشِ ونحوها؛ نَطَحه يَنْطِحُه ويَنْطَحُه نَطْحاً. وكَبْشٌ نَطَّاح، وقد انتَطَحَ الكبشان وتَناطَحا، ويُقْتاس من ذلك تَناطَحَتِ الأَمواجُ والسيول والرجال في الحرب: وأَنشد:

الليلُ داجٍ والكِباشُ تَنْتَطِحْ

وكبشٌ نَطِيحٌ من كباش نَطْحَى ونَطائح، الأَخيرة عن اللحياني. ونَعْجة نَطِيحٌ ونَطِيحةٌ من نِعاجٍ نَطْحى ونَطائِحَ. وفي التنزيل: والمُتَرَدِّيةٌ والنطيحةُ؛ يعني ما تَنَاطَحَ فمات؛ الأَزهري: وأما النَّطِيحة في سورة المائدة؛ فهي الشاة المَنْطوحة تموت فلا يحل أَكلها، وأُدخلت الهاء فيها لأَنها جعلت اسماً لا نعتاً؛ قال الجوهري: إِنما جاءت بالهاء لغلبة الاسم عليها، وكذلك الفَريسة والأَكِيلة والرَّمِيَّة لأَنه ليس هو على نَطَحتها، فهي منطوحة، وإِنما هو الشيء في نفسه مما يُنْطَحُ والشيء مما يُفْرَسُ ومما يؤكل.
وقولهم: ما له ناطح ولا خابط: فالناطح الكبش والتيس والعَنْزُ، والخابط:البعير. وما نَطَحَتْ فيه جَمَّاءَ ذاتُ قَرْنٍ؛ يقال ذلك فيمن ذهب هَدَراً؛ عن ابن الأَعرابي، ابن سيده: والنَّطِيحُ والناطِحُ ما يستقبلك ويأْتيك من أَمامك من الطير والظباءِ والوحش وغيرها مما يُزْجَرُ، وهو خلاف القَعِيد. ورجل نَطِيحٌ: مَشْؤُوم؛ قال أَبو ذؤيب:

فأَمْكَنَّه مما يُرِيدُ، وبعضُهم

 

شَقِيٌّ، لَدَى خَيْراتِهِنَّ، نَطِيحُ

وفرسٌ نَطِيحٌ إذا طالت غُرَّتُه حتى تسيل تحت إِحدى أُذنيه وهو يُتشَاءم به؛ وقيل: النطيح من الخيل الذي وسَطَ جَبْهته دائرتان، وإِن كانت واحدة، فهي اللَّطْمةُ وهو اللَّطِيمُ، ودائرة الناطح من دوائر الخيل وكل ذلك شُؤْم؛ الأَزهري: قال أَبو عبيد: من دوائر الخيل دائرة اللَّطَاةِ وهي التي وسط الجبهة؛ قال: وإِن كانت دائرتان قالوا: فرس نَطِيح، قال: وتكره دائرتا النَّطِيح؛ وقال الجوهري: دائرة اللَّطَاةِ ليست تكره.
ويقال للشَّرَطَيْنِ: النَّطْحُ والناطحُ وهما قَرْنا الحَمل. ابن سيده: النَّطْحُ نجم من منازل القمر يتشاءم به أَيضاً؛ قال ابن الأَعرابي: ما كان من أَسماء المنازل، فهو يأْتي بالأَلف واللام وبغير أَلف ولام، كقولك نَطْحٌ والنَّطْحُ، وغَفْرٌ والغَفْرُ. الجوهري: ونَواطِحُ الدهر شدائده. ويقال: أَصابه ناطِحٌ أَي أَمر شديد ذو مشقة؛ قال الراعي:

وقد مَسَّه مِنَّا ومنهنَّ ناطِحُ

وفي الحديث: فارسُ نَطْحَةٌ أَو نَطْحَتانِ ثم لا فارسَ بعْدها أَبداً؛ قال أَبو بكر: معناه فارسُ تقاتل المسلمين مرة أَو مرتين؛ وقيل: معناه فارس تَنْطَحُ مرى أَو مرتين فيبطل ملكها ويزول أَمرها، فحذف تنطح لبيان معناه؛ كما قال الشاعر:

رأَتْني بحَبْلَيْها فَصَدَّتْ مخـافةً،

 

وفي الحَبْل رَوْعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ

أَراد: رأَتْني أَقبلتُ بحبليها فحذف الفعل. وفي الحديث: لا يَنْتَطِحُ فيها عَنْزانِ أَي لا يَلْتَقِي فيها اثنان ضعيفان، لأَن النِّطاحَ من شأْن التيوس والكباش لا العَتُود، وهو إِشارة إِلى قضية مخصوصة لا يجري فيها خُلْفٌ ونِزاعٌ.

نطس

رجل نَطْس ونَطُسٌ ونَطِسٌ ونَطِيس ونِطاسِيٌّ: عالم بالأُمور حاذق بالطب وغيره، وهو بالرومية النِّسْطاسُ، يقال: ما أَنْطَسَه؛ قال أَوس ابن حجر:

فهَلْ لَكُمْ فيها إِليَّ فَـإِنَّـنـي

 

طَبِيبٌ بما أَعْيا النِّطاسِيَّ حِذْيَما

أَراد ابن حذيم كما قال:

يَحْمِلْنَ عَبَّاس بن عَبْدِ المُطَّلِبْ

يعني عبدَ اللَّه بنَ عباس، رضي اللَّه عنهما. والنُّطُسُ: الأَطباء الحُذَّاق. ورجل نَطِس ونَطُس: للمبالغ في الشيء.
وتَنَطَّسَ عن الأَخبار: بَحَثَ. وكل مُبالغ في شيء مُتَنَطِّس.
وتَنَطَّسْتُ الأَخبار: تَجَسَّسْتُها. والنَّاطِسُ: الجاسوس. وتَنَطَّس: تَقَزَّزَ وتَقَذَّرَ. والتَنَطُّسُ: المبالغة في التَّطَهُّرِ. والتَنَطُّس: التَقَذُّرُ. ومنه حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه خرج من الخَلاء فدعا بطعام فقيل له: أَلا تَتَوَضَّأُ؟ قال: لولا التَّنَطُّس ما باليت أَن لا أَغْسِل يدي؛ قال الأَصمعي: وهو المبالغة في الطُّهُور والتَّأَنُّق فيه.
وكل من تَأَنَّق في الأُمور ودقق النظر فيها، فهو نَطِس ومُتَنَطِّس؛ وكذلك كل من أَدَقَّ النظر في الأُمور واسْتَقصى عليها، فهو مُتَنَطِّس، وقد نَطِس، بالكسر، نَطَساً؛ ومنه قيل للطبيب: نِطاسِيٌّ ونِطِّيس مثل فِسِّيقٍ، وذلك لدقة نظره في الطِّبِّ؛ وقال البعيث بن بشر يصف شَجَّة أَو جراحة:

إِذا قاسَها الآسِي النِّطاسِيُّ أَدْبَرَتْ

 

غَثِيثَتُها، وازْدادَ وَهْياً هُزُومُهـا

قال أَبو عبيد: وروي النِّطاسِي، بفتح النون؛ وقال رؤبة:

وقَدْ أَكُونُ مَرَّةً نِطِّيسـا

 

طَبّاً بأَدْواء الصِّبا نِقْرِيسا

قال: النِّقْريس قريب المعنى من النِّطِّيس وهو الفَطِنُ للأُمور العالم بها. أَبو عمرو: امرأَة نَطِسَة على فَعِلَةٍ إذا كانت تَنَطَّس من الفُحْشِ أَي تَقَزَّزُ. وإِنه لشديد التَّنَطُّس أَي التَّقَزُّز. ابن الأَعرابي: المُتَنَطِّس والمُتَطَرِّسُ المتَنَوِّقُ المُخْتار. وقال: النَّطَس المبالغة في الطهارة، والنَّدَس الفِطْنة والكَيْس.

نطش

النَطْشُ: شِدَّةُ جَبْلةِ الخَلْقِ. ورجلٌ نَطِيشُ جَبْلةِ الظَّهْرِ: شديدُها. وقولُهم ما به نَطِيشٌ أَي ما به حَراكٌ وقوَّة؛ قال رؤبة:

بَعْدَ اعتمادِ الجَرَزِ النَّطِيشِ

وفي النوادر: ما به نَطِيشٌ ولا حَويلٌ ولا حَبِيصٌ ولا نَبِيصٌ أَي ما به قوة. وعطْشان نَطْشان: إِتباع.

نطط

النطُّ: الشدُّ. نَطَّه وناطَه ونطَّ الشيءَ يَنُطُّه نَطّاً مدَّه.والأَنَطُّ: السفَر البعيد، وعقَبةٌ نَطَّاء. وأَرض نَطِيطةٌ: بعِيدة.
وتَنَطْنَطَ الشيءُ: تباعَد. ونَطْنَطَ إذا باعَد سفره. والنُّطُطُ: الأَسْفارُ البعيدة. ونطَّ في الأَرض يَنِطُّ نَطّاً: ذهب، وإِنه لنَطَّاط.
ورجل نَطَّاطٌ مِهْذار: كثير الكلام والهَذْر؛ قال ابن أَحمر:

فلا تَحْسَبَنِّي مُسْتَعِدّاً لنَـفْـرةٍ،

 

وإِنْ كنْت نَطّاطاً كَثِيرَ المَجاهلِ

وقد نَطَّ يَنِطُّ نَطِيطاً. ورجل نَطْناطٌ: طويل، والجمع النَّطانِطُ.
وفي حديث أَبي رُهْمٍ: سأَله النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، عمن تَخَلَّف من غِفار فقال: ما فعل النفَرُ الحُمْرُ النَّطانِطُ؟ جمع نَطْناطٍ وهو الطويل، وقيل: هو الطويل المَدِيد القامة، وفي رواية: ما فعل الحمر الطوالُ النّطانِطُ؟ ويروى الثِّطاط، بالثاء المثلثة، وقد تقدم. ونَطْنَطْتُ الشيء: مَدَدْته.

نطع

النَّطْعُ والنَّطَعُ والنِّطْعُ والنِّطَعُ من الأَدَمِ: معروف؛ قال التميمي:

يَضْرِبْنَ بـالأَزِمَّةِ الـخُـدُودا

 

ضَرْبَ الرِّياحِ النِّطَعَ المَمْدُودا

قال ابن بري: أَنكر زياد نَطْع وقال نِطْع، وأَنكر علي بن حَمْزةَ نَطَع وأَثبت نِطَع لا غير، وحكى ابن سيده عن ابن جني قال: اجتمع أَبو عبد الله ابن الأَعرابي وأَبو زياد الكلابي على الجِسْرِ فسأَل أَبو زياد أَبا عبد الله عن قوْلِ النابغةِ:

على ظَهْرِ مِبْناةٍ جدِيدٍ سُيُورُها

فقال أَبو عبد الله: النَّطْعُ، بالفتح، فقال أَبو زياد: لا أَعرفه، فقال: النِّطْعُ، بالكسر، فقال أَبو زياد: نَعَمْ والجمع أَنْطُعٌ وأَنْطاعٌ ونُطُوعٌ.
والنُّطاعةُ والقُطاعةُ والقُضاضةُ: اللُّقْمةُ يُؤكل نِصْفُها يم تُرَدُّ إِلى الخِوانِ، وهو عَيْبٌ. يقال: فلان لاطِعٌ ناطِعٌ قاطِعٌ. والنِّطْعُ والنِّطَعُ والنَّطَعُ والنَّطَعةُ: ما ظهرَ من غارِ الفَمِ الأَعلى، وهي الجِلْدةُ المُلْتَزِقةُ بعظم الخُلَيْقاءِ فيها آثار كالتَّحْزِيزِ، وهناك مَوقِعُ اللسان في الحَنَكِ، والجمع نُطُوعٌ لا غير، ويقال لِمَرْفَعِه من أَسْفَلِه الفِراشُ.
والتَّنَطُّعُ في الكلام: التَّعَمُّقُ فيه مأْخوذ منه. وفي الحديث: هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ؛ هم المُتَعَمِّقُونَ المُغالُونَ في الكلامِ الذين يتَكلمون بأَقْصَى حُلُوقِهم تَكَبُّراً كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَبْغَضَكُم إِليّ الثَّرْثارُونَ المُتَفَيْهِقُون، وكل منها مذكور في موضعه؛ قال ابن الأَثير: هو مأْخوذ من النِّطَعِ وهو الغارُ الأَعْلى في الفَمِ، قال: ثم استعمل في كل تَعَمُّقٍ قوْلاً وفِعْلاً. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لن تَزالوا بخَيْرٍ ما عَجَّلْتُم الفِطْرَ ولم تَنَطَّعُوا تَنَطُّعَ أَهْلِ العِراقِ أَي تتكلفوا القول والعمل، وقيل: أَراد به ههنا الإِكثارَ من الأَكلِ والشرْبِ والتوسُّعَ فيه حتى يَصِلَ إِلى الغارِ الأَعْلى، ويستحب للصائم أَن يُعَجِّلَ الفِطْرَ بتَناوُلِ القَليلِ من الفَطُورِ. ومنه حديث ابن مسعود: إِيّاكُم والتَّنَطُّعَ والاخْتِلافَ فإِنما هو كقول أَحدكم هَلُمَّ وتعالَ؛ أَراد النهْيَ على المُلاحاةِ في القِراءاتِ المختلفةِ وأَنّ مَرْجِعَها كُلِّها إِلى وجه واحد من الصواب كما أَن هَلُمَّ بمعنى تعالَ. ابن الأَعرابي: النُّطُعُ المُتَشَدِّقُون في كلامهم. وتَنَطَّعَ في الكلام وتَنَطَّسَ إذا تأَنَّقَ فيه وتَعَمَّقَ. وتَنَطَّعَ في شَهَواتِه: تأَنَّقَ.
ويقال: وطِئْنا نِطَاع بني فلان أَي دخَلْنا أَرْضَهم. قال: وجَنابُ القومِ نِطاعُهم. قال الأَزهري: ونَطاعِ بوزن قَطامِ ماءٌ في بلادِ بني تَمِيمٍ وقد ورَدْتُه. يقال: شَرِبَتْ إِبلُنا من ماءِ نَطاعِ، وهي رَكِيّةٌ عَذْبةُ الماء غَزِيرَتُه. ويومُ نطاعِ: يومٌ من أَيامِ العرب؛ قال الأَعشى:

بظُلْمِهِمْ بِنَطاعِ المَلْكَ ضـاحِـيةً

 

فقد حَسَوْا بَعْدُ من أَنْفاسِها جُرَعا

نطف

النطَفُ والوحَرُ: العَيْب. يقال: هم أَهل الرَّيْب والنطَف. ابن سيده: نطَفَه نَطْفاً ونطَّفه لطَّخه بعيب وقَذَفَه به. وقد نَطِف، بالكسر، نَطَفاً ونَطافةً ونُطوفة، فهو نطِف: عابَ وأَرابَ. ويقال: مرَّ بنا قوم نَطِفُون نَضِفون وحَرُون نَجِسُون كفَّار. والنطَف: التَّلَطُّخ بالعيب؛ قال الكميت:

فَدَعْ ما ليس منك ولستَ منه

 

هما رِدْفَين من نَطَفٍ قَرِيبُ

قال رِدْفين على أَنهما اجتمعا عليه مترادفين فنصبهما على الحال. وفلان يُنْطَف بسُوء أَي يُلَطَّخ. وفلان يُنْطَف بفُجور أَي يُقْذَف به. وما تنَطَّفْت به أَي ما تلطَّخْت. وقد نَطِف الرجل، بالكسر، إذا اتُّهم بريبة، وأَنطفه غيره. والنَّطِفُ: الرجل المُرِيب. وإنه لَنطِف بهذا الأَمر أَي متَّهَم، وقد نطِف ونُطِف نطَفاً فيهما. ووقع في نطَف أَي شرّ وفساد.
ونَطِف الشيءُ أَي فسد. ونطِف البعير نطَفاً، فهو نطِف: أَشرفت دَبَرَتُه على جوفه ونَقَّبت عن فُؤاده، وقيل: هو الذي أَصابته الغُدّة في بطنه، والأُنثى نطَفة. والنطَفُ: إشراف الشجَّة على الدماغ والدبَرة على الجوف، وقد نطِف البعير؛ قال الراجز:

كَوْسَ الهِبَلِّ النَّطِفِ المَحْجوزِ

قال ابن بري: ومثله قول الآخر:

شدّاً عليّ سُرَّتي لا تَنْقَـعِـفْ

 

إذا مَشَيْتُ مِشْيَةَ العَوْدِ النَّطِفْ

ورجل نطِف: أَشرفت شَجَّته على دِماغه. ونطِف من الطعام يَنطَف نطَفاً: بَشِم. والنَّطف: علة يُكوى منها الرجل، ورجُل نطِف: به ذلك الداء؛ أَنشد ثعلب:

واسْتَمَعُوا قَوْلاً به يُكْوى النَّطِفْ

 

يَكادُ مَنْ يُتْلَى عليه يُجْـتـأَفْ

والنَّطْفُ: عَقْر الجُرح. ونطَف الجرحَ والخُراجَ نَطْفاً: عقره.
والنَّطَف والنُّطَف: اللؤلؤ الصافي اللون، وقيل: الصغار منها، وقيل: هي القِرَطةُ، والواحدة من كل ذلك نَطَفة ونُطَفة، شبهت بقَطْرة الماء.
والنَّطَفة، بالتحريك: القُرط. وغلام مُنَطَّف: مُقَرَّط. ووصيفة مُنطَّفة ومُتَنطِّفة أَي مُقَرَّطة بتُومَتَيْ قُرْط؛ قال:  

كأَنَّ ذا فَدّامةٍ مُنَـطَّـفـا

 

قَطَّف من أَعْنابه ما قَطَّفا

وقال الأَعشى:

يَسْعى بها ذو زُجاجاتٍ له نَطَفٌ

 

مُقَلِّصٌ أَسْفَلَ السِّربالِ مُعْتَمِـلُ

وتَنَطَّفَتِ المرأَة أَي تَقَرَّطت.
والنُّطْفة والنُّطافة: القليل من الماء، وقيل: الماء القليل يَبقى في القِربة، وقيل: هي كالجُرْعة ولا فِعل للنُّطفة. والنُّطفة: الماء القليل يبقى في الدَّلْو؛ عن اللحياني أَيضاً، وقيل: هي الماء الصافي، قلَّ أَو كثر، والجمع نُطَف ونِطاف، وقد فرق الجوهري بين هذين اللفظين في الجمع فقال: النُّطفة الماء الصافي، والجمع النِّطاف، والنُّطفة ماء الرجل، والجمع نُطَف. قال أَبو منصور: والعرب تقول للمُويْهة القليلة نُطفة، وللماء الكثير نُطفة، وهو بالقليل أَخص، قال: ورأَيت أَعرابيّاً شرب من رَكِيّة يقال لها شَفِيَّة وكانت غزيرة الماء فقال: واللّه إنها لنطفة باردة؛ وقال ذو الرمة فجعل الخمر نُطفة:

تَقَطُّعَ ماء المُزْنِ في نُطَفِ الخَمْرِ

وفي الحديث: قال لأَصحابه: هل من وَضوء؟ فجاء رجل بنُطفة في إداوة؛ أَراد بها ههنا الماء القليل، وبه سمي المنيُّ نُطفة لقلته. وفي التنزيل العزيز: أَلم يك نُطفة من منيّ يُمْنى. وفي الحديث: تخيروا لِنُطَفِكم، وفي رواية: لا تجعلوا نُطَفكم إلا في طَهارة، وهو حث على استخارة أُم الولد وأَن تكون صالحة، وعن نكاح صحيح أَو ملك يمين. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: لا يزالُ الإسلامُ يزيد وأَهله ويَنْقُصُ الشِّرك وأَهله حتى يسير الراكب بين النُّطْفتين لا يخشى إلا جوراً؛ أَراد بالنطفتين بحر المشرق وبحر المغرب، فأَما بحر المشرق فإنه ينقطع عند نواحي البصرة، وأَما بحر المغرب فمُنْقَطَعُه عند القُلْزم؛ وقال بعضهم: أَراد بالنطفتين ماء الفُرات وماء البحر الذي يلي جُدّة وما والاها فكأَنه، صلى اللّه عليه وسلم، أَراد أَن الرجل يسير في أَرض العرب بين ماء الفرات وماء البحر لا يخاف في طريقه غير الضَّلال والجَوْر عن الطريق، وقيل: أَراد بالنطفتين بحر الروم وبحر الصين لأَن كل نطفة غير الأُخرى، واللّه أعلم بما أَراد؛ وفي رواية: لا يخشى جوراً أَي لا يخاف في طريقه أَحداً يجور عليه ويظلمه. وفي الحديث: قطَعْنا إليهم هذه النُّطفةَ أَي البحر وماءه. وفي حديث علي، كرم اللّه وجهه: وليُمْهِلْها عند النِّطاف والأَعْشاب، يعني الإبل والماشية، النطاف: جمع نُطفة، يريد أَنها إذا وردت على المياه والعُشب يدَعُها لتَرِد وترعى. والنطفة: التي يكون منها الولد.
والنَّطْفُ: الصبُّ. والنَّطْفُ: القَطْر. ونطَف الماءُ ونطَف الحُبُّ والكوز وغيرهما يَنْطِفُ ويَنْطُف نَطْفاً ونُطوفاً ونِطافاً ونَطَفاناً: قَطَر. والقِرْبة تَنْطف أَي تقْطُر من وَهْيٍ أَو سَرْبٍ أَو سُخْف.
ونَطَفانُ الماء: سَيَلانُه. ونطَف الماءُ ينطُف وينطِف إذا قطر قليلاً قليلاً. وفي صفة السيد المسيح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ينْطِفُ رأْسه ماء. وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: دخلت على حفصة ونَوْساتُها تنطف. وفي الحديث: أَن رجلاً أَتاه فقال: يا رسول اللّه رأَيتُ ظُلَّة تنطف سمناً وعسلاً أَي تقطُر. والنُّطافةُ: القُطارة. والنَّطُوف: القَطُور.
وليلة نطُوف: قاطرة تمطر حتى الصباح. ونطفَت آذان الماشية وتَنطَّفت: ابتلَّت بالماء فقطَرت؛ ومنه قول بعض الأَعراب ووصف ليلة ذات مطر: تَنْطف آذان ضأْنها حتى الصباح. والناطِفُ: القُبَّيط لأَنه يتَنَطَّف قبل استِضْرابه أَي يقْطُر قبل خُثورته؛ وجعل الجعدي الخمر ناطفاً فقال:

وبات فَريق يَنْضَحُون كـأَنـمـا

 

سُقُوا ناطِفاً، من أَذْرِعاتٍ، مُفَلْفَلا

والتَّنَطُّف: التَّقَزُّزُ. وأَصاب كَنْزَ النَّطِف، وله حديث، قال الجوهري: قولهم لو كان عنده كَنْزُ النَّطِف ما عدا؛ قال: هو اسم رجل من بني يَرْبوعٍ كان فقيراً فأَغار على مال بعث به باذانُ إلى كِسرى من اليمن، فأَعطى منه يوماً حتى غابت الشمس فضربت به العرب المثل؛ قال ابن بري: هذا الرجل هو النَّطِفُ بن الخَيْبَري أَحد بني سَلِيط بن الحرث بن يَرْبُوعٍ، وكان أَصاب عَيْبَتَيْ جوهر من اللَّطِيمة التي كان باذانُ أَرسَل بها إلى كسرى بن هُرْمُزَ، فانتهبها بنو حَنظلةَ فقُتِلت بها تمِيم يوم صَفْقة المُشَقَّر، ورأَيت حاشية بخط الشيخ رضيّ الدين الشاطبي، رحمه اللّه، قال: قال ابن دريد في كتاب الاشتقاق: النَّطِف اسمه حِطَّانُ، قال ابن بري: ويقال النطف رجل من بني يربوع كان فقيراً يحمل الماء على ظهره فينطف أَي يقطر، وكان أغار على مال بعث به باذان إلى كسرى.

نطق

نَطَقَ الناطِقُ يَنْطِقُ نُطْقاً: تكلم. والمَنطِق: الكلام.
والمِنْطِيق: البليغ؛ أَنشد ثعلب:

والنَّوْمُ ينتزِعُ العَصا من ربِّها،

 

ويَلوكُ، ثِنْيَ لسانه، المِنْطِيق

وقد أَنْطَقَه الله واسْتَنْطقه أَي كلَّمه وناطَقَه. وكتاب ناطِقٌ بيِّن، على المثل: كأَنه يَنْطِق؛ قال لبيد:

أو مُذْهَبٌ جُدَدٌ على أَلواحه،

 

أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتومُ

وكلام كل شيء: مَنْطِقُه؛ ومنه قوله تعالى: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطير؛ قال ابن سيده: وقد يستعمل المَنطِق في غير الإنسان كقوله تعالى: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطير؛ وأَنشد سيبويه:

لم يَمْنع الشُّرْبَ منها، غَيْرَ أَن نطقت

 

حمامة في غُصُـونٍ ذاتِ أَوْقـالِ

لما أضاف غيراً إلى أن بناها معها وموضعها الرفع. وحكى يعقوب: أَن أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر فأَشار بإبهامه نحو استه، وقال: إنها خَلْف نَطَقَت خَلْفاً، يعني بالنطق الضرط.
وتَناطَق الرجلان: تَقاوَلا؛ وناطَقَ كلُّ واحد منهما صاحبه: قاوَلَه؛ وقوله أَنشده ابن الأعرابي:

كأَن صَوْتَ حَلْيَها المُناطِقِ

 

تَهزُّج الرِّياح بالعَشارِقِ

أراد تحرك حليها كأنه يناطق بعضه بعضاً بصوته. وقولهم: ما له صامِت ولا ناطِقٌ؛ فالناطِقُ الحيوان والصامِتُ ما سواه، وقيل: الصامِتُ الذهب والفضة والجوهر، والناطِقُ الحيوان من الرقيق وغيره، سمي ناطِقاً لصوته.وصوتُ كلِّ شيء: مَنْطِقه ونطقه.والمِنْطَقُ والمِنْطقةُ والنِّطاقُ: كل ما شد به وسطه. غيره:والمِنْطَقة معروفة اسم لها خاصة، تقول منه: نطَّقْتُ الرجل تَنْطِيقاً فتَنَطَّق أي شدَّها في وسطه، ومنه قولهم: جبل أَشَمُّ مُنَطَّقٌ لأن السحاب لا يبلغ أَعلاه وجاء فلان منُتْطِقاً فرسه إذا جَنَبَهُ ولم يركبه، قال خداش بن زهير:

وأَبرَحُ ما أَدامَ الله قَوْمـي،

 

على الأَعداء، مُنْتَطِقاً مُجِيدا

يقول: لا أَزال أَجْنُب فرسي جواداً، ويقال: إنه أَراد قولاً يُسْتجاد في الثناء على قومي، وأَراد لا أَبرح، فحذف لا، وفي شعره رَهْطي بدل قومي، وهو الصحيح لقوله مُنْتَطِقاً بالإفراد، وقد انْتَطق بالنِّطاق والمِنْطَقة وتَنعطَّق وتَمَنْطَقَ؛ الأَخيرة عن اللحياني. والنِّطاق: شبه إزارٍ فيه تِكَّةٌ كانت المرأَة تَنتَطِق به. وفي حديث أُم إسمعيل: أَوَّلُ ما اتخذ النساءُ المِنْطَقَ من قِبَلِ أُم إسمعيل اتخذت مِنْطَقاً؛ هو النِّطاق وجمعه مناطق، وهو أَن تلبس المرأة ثوبها، ثم تشد وسطها بشيء وترفع وسط ثوبها وترسله على الأسفل عند مُعاناةِ الأَشغال، لئلا تَعْثُر في ذَيْلها، وفي المحكم: النَّطاق شقَّة أو ثوب تلبسه المرأَة ثم تشد وسطها بحبل، ثم ترسل الأعلى على الأسفل إلى الركبة، فالأَسفل يَنْجَرّ على الأَرض، وليس لها حُجْزَة ولا نَيْفَق ولا ساقانِ، والجمع نُطُق. وقد انْتَطَقت وتَنَطَّقت إذا شدت نِطاقها على وسطها؛ وأَنشد ابن الأعرابي:

تَغْتال عُرْضَ النُّقْبَةِ المُذالَهْ،

 

ولم تَنَطَّقْها على غِلالَـهْ،

وانْتَطق الرجل أَي لبس المِنْطَق وهو كل ما شددت به وسطك. وقالت عائشة في نساء الأَنصار: فعَمَدْن إلى حُجَزِ أو حُجوز مناطِقهنّ فَشَقَقْنَها وسَوَّيْنَ منها خُمُراً واخْتَمَرْنَ بها حين أَنزل الله تعالى:ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرهنّ على جيوبهن؛ المَناطِق واحدها مِنْطق، وهو النِّطاق.
يقال: مِنْطَق ونِطاق بمعنى واحد، كما يقال مِئْزر وإزار ومِلحف ولِحاف ومِسْردَ وسِراد، وكان يقال لأسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما، ذات النطاقَيْنِ لأنها كانت تُطارِق نِطاقاً على نِطاق، وقيل: إنه كان لها نِطاقان تلبس أحدهما وتحمل في الآخر الزاد إلى سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، رضي الله عنه، وهما في الغار؛ قال: وهذا أصح القولين، وقيل: إنها شقَّت نِطاقها نصفين فاستعملت أَحدهما وجعلت الآخر شداداً لزادهما. وروي عن عائشة، رضي الله عنها: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما خرج مع أبي بكر مهاجرَيْنِ صنعنا لهما سُفْرة في جِراب فقطعت أَسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما، من نِطاقها وأَوْكَت به الجراب، فلذلك كانت تسمى ذات النطاقين، واستعاره علي، عليه السلام، في غير ذلك فقال: من يَطُلْ أَيْرُ أَبيه يَنْتَطِقْ به أَي من كثر بنو أَبيه يتقوى بهم؛ قال ابن بري: ومنه قول الشاعر:

فلو شاء رَبِّي كان أَيْرُ أَبِـيكـمُ

 

طويلاً، كأَيْرِ الحَرثِ بنَ سَدُوسِ

وقال شمر في قول جرير:

والتَّغْلَبيون، بئس الفَحْلُ فَحْلُهُمُ

 

قِدْماً، وأُمُّهُمُ زَلاَّءُ مِنْطِـيقُ

تحت المَناطق أَشباه مصلَّبة،

 

مثل الدُّوِيِّ بها الأَقلامُ واللِّيقُ

قال شمر: مِنْطيق تأْتزر بحَشِيَّة تعظِّم بها عجيزتها، وقال بعضهم:النِّطاق والإزار الذي يثنى؛ والمِنْطَقُ: ما جعل فيه من خيط أَو غيره؛ وأَنشد:

تَنْبُو المَناطقُ عن جُنُوبهِمُ،

 

وأَسِنَّةُ الخَطِّيِّ ما تَنْبُـو

وصف قوماً بعظم البطون والجُنوب والرخاوة. ويقال: تَنَطَّقَ بالمِنْطقة وانْتَطق بها؛ ومنه بيت خِداش بن زهير:

على الأعداء مُنْتطقاً مُجِيدا

وقد ذكر آنفاً.والمُنَطَّقةُ من المعز: البيضاءُ موضِع النِّطاق. ونَطَّق الماءُ الأَكَمَةَ والشجرة: نَصَفَها، واسم ذلك الماء النِّطاق على التشبيه بالنِّطاق المقدم ذكره، واستعارة عليّ، عليه السلام، للإسلام، وذلك أَنه قيل له:لَمَ لا تَخْضِبُ فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد خَضَب؟ فقال: كان ذلك والإسلامُ قُلٌّ، فأَما الآن فقد اتسع نِطاقُ الإسلام فامْرَأً وما اختار. التهذيب: إذا بلغ الماء النِّصْف من الشجرة والأكَمَة يقال قد نَطَّقَها؛ وفي حديث العباس يمدح النبي، صلى الله عليه وسلم:

حتى احْتَوى بَيْتُكَ المُهَيْمِنُ من

 

خِنْدِفَ عَلْياءَ، تحتها النُّطُـقُ

النُّطُق: جمعِ نطاقٍ وهي أَعراضٌ من جِبال بعضها فوق بعض أَي نواحٍ وأَوساط منها شبهت بالنُّطُق التي يشد بها أوساط الناس، ضربه مثلاً له في ارتفاعه وتوسطه في عشيرته، وجعلهم تحته بمنزلة أوساط الجبال، وأَراد ببيته شرفه، والمُهَيْمِنُ نعته أَي حتى احتوى شرفك الشاهد على فضلك أعلى مكان من نسبِ خِنْدِفَ. وذات النِّطاقِ أَيضاً: اسم أَكَمةٍ لهم. ابن سيده: ونُطُق الماء طرائقه، أَراه على التشبيه بذلك؛ قال زهير:

يُحِيلُ في جَدْوَل تَحْبُو ضفادعُـهُ،

 

حَبْوَ الجَواري تَرى في مائة نُطُقا

والنَّاطِقةُ: الخاصرة.

نطك

التهذيب في الثلاثي: أَنطَاكِيَةُ اسم مدينة، قال: وأُراها رُومية.

نطل

النَّطْلُ: ما على طُعْمِ العنب من القِشْر. والنَّطْلُ: ما يُرْفَع من نَقِيع الزبيب بعد السُّلاف، وإِذا أَنْقَعْت الزبيب فأَوّل ما يُرْفَع من عُصارتِه هو السُّلاف، فإِذا صُبَّ عليه الماء ثانيةً فهو النَّطْل؛ وقال ابن مقبل يصف الخمر:

مما تُعَتَّق في الدِّنانِ كأَنها

 

بِشفاهِ ناطِلِه، ذَبِيحُ غَزالِ

وقال ثعلب: النَّأْطَل، يُهْمز ولا يُهْمز، القدَح الصغير الذي يُري الخمَّارُ فيه النَّمُوذَج. ابن الأَعرابي: والنَّطْلُ اللبن القليل.
والناطِلُ: الجُرْعة من الماء واللبنِ والنبيذِ؛ قال أَبو ذؤيب:  

فلو أَنّ ما عندَ ابنِ بُجْرةَ عندَهـا

 

من الخَمْرِ، لم تَبْلُلْ لَهاتي بناطِل

قوله من الخمر متصل بعند التي في الصلة، وعندها الثانية خبر أَن، التقدير: فلو أَن ما عند ابن بجرة من الخمر عندها، ففصل بين الصلة والموصول، وقيل: الناطِلُ الخمرُ عامَّة. يقال: ما بها طَلٌّ ولا ناطِلٌ، فالناطلُ ما تقدم، والطَّلُّ اللبَن. والناطِلُ أَيضاً: الفضلة تبقى في المِكْيال.
وفي حديث ابن المسيب: كَرِه أَن يُجعل نَطْلُ النَّبيذ في النَّبيذ ليشتدَّ بالنَّطْل؛ هو أَن يؤخذ سُلاف النَّبيذ وما صَفَا منه، فإِذا لم يبق منه إِلاَّ العَكَر والدُّرْدِيُّ صبَّ عليه ماء وخُلِط بالنبيذ الطَّريِّ ليشتدَّ. يقال: ما في الدَّنِّ نَطْلة ناطِل أَي جُرْعة، وبه سمي القدَح الصغير الذي يَعْرِض فيه الخمَّار أُنْموذَجَه ناطِلاً. والناطِلُ والناطَلُ والنَّيْطَل والنَّأْطَل: مكيال الشَّراب واللبن؛ قال لبيد: تكُرُّ علينا بالمِزاجِ النَّياطِلُ أَبو عمرو: النَّياطِل مَكاييل الخمر، واحدها نأْطَل، وبعضهم يقول ناطِل، بكسر الطاء غير مهموز والأَول مهموز. الليث: الناطِلُ مكيال يكال به اللبن ونحوه، وجمعه النَّواطِل. أَبو تراب: يقال انتطَل فلان من الزِّقِّ نَطْلة وامتَطَل مَطْلة إذا اصْطَبَّ منه شيئاً يسيراً. الجوهري: الناطِل، بالكسر غير مهموز، كوز كان يكال به الخمر، والجمع النَّياطِل. قال ابن بري: قول الجوهري الجمع نَياطِل هو قول أَبي عمرو الشيباني، قال: والقياس منعُه لأَن فاعِلاً لا يجمع على فَياعِل، قال: والصواب أَن نَياطِل جمع نَيْطَل لغة في الناطَل والناطِل؛ حكاها ابن الأَنباري عن أَبيه عن الطوسي.
ونَطَل الخَمر: عصَرها. والنِّطْل: خُثارةُ الشراب. والنَّيْطَل: الدلو، ما كانت؛ قال:

ناهَبْتهم بِـنَـيْطَـلٍ جَـرُوفِ

 

بِمَسْك عَنْزٍ من مُسُوك الرِّيفِ

الفراء: إذا كانت الدلو كبيرة فهي النَّيْطَل.
ويقال: نَطَل فلان نفسه بالماء نَطْلاً إذا صبَّ عليه منه شيئاً بعد شيء يَتعالَج به.
والنِّئْطِلُ والنَّيْطلُ: الداهية. ورجل نَيْطَل: داهٍ. وما فيه ناطِلٌ أَي شيء. الأَصمعي: يقال جاء فلان بالنِّئْطِل والضِّئْبِل، وهي الداهية؛ قال ابن بري: جمع النِّئْطِل نآطِل؛ وأَنشد:

قد علم النآطِلُ الأَصْلالُ،

وعلماءُ الناسِ والجهَّالُ،

وَقْعي إذا تَهافَتَ الرُّؤالُ

قال: وقال المتلمس في مفرده:

وعَلِمْتُ أَنِّي قد رُمِيتُ بِـنِـئْطِـلٍ

 

إِذْ قيلَ: صارَ مِنَ آلِ دَوْفَنَ قَوْمَسُ

دَوْفَن: قبيلة، وقَوْمَس: أَمير. ونطلْت رأْس العليل بالنَّطول: وهو أَن تجعل الماء المطبوخ بالأَدْوية في كُوزٍ ثم تصبَّه على رأْسه قليلاً قليلاً. وفي حديث ظبيان: وسقوهم بِصَبِير النَّيْطَل؛ النَّيْطَلُ: الموتُ والهلاك، والياء زائدة، والصَّبِيرُ السحاب، والله أَعلم.

نطم

أَهمله الليث، ابن الأَعرابي: النَّطْمةُ النَّقْرةُ من الدِّيك وغيره، وهي النَّطْبَةُ بالباء أَيضاً.

نظح

الأَزهري خاصة حكى عن الليث: أَنْظَحَ السُّنْبُلُ إذا رأَيت الدقيق في حبه؛ قال الأَزهري: الذي حفظناه وسمعناه من الثقات: نَضَحَ السُّنبل وأَنْضَح، بالضاد، قال: والظاء بهذا المعنى تصحيف إِلا أَن يكون محفوظاً عن العرب فيكون لغة من لغاتهم؛ كما قالوا بَضْرُ المرأَة لبَظْرها.

نظر

 النَّظَر: حِسُّ العين، نَظَره يَنْظُره نَظَراً ومَنْظَراً ومَنْظَرة ونَظَر إِليه. والمَنْظَر: مصدر نَظَر. الليث: العرب تقول نَظَرَ يَنْظُر نَظَراً، قال: ويجوز تخفيف المصدر تحمله على لفظ العامة من المصادر، وتقول نَظَرت إِلى كذا وكذا مِنْ نَظَر العين ونَظَر القلب، ويقول القائل للمؤمَّل يرجوه: إِنما نَنْظُر إِلى الله ثم إِليك أَي إِنما أَتَوَقَّع فضل الله ثم فَضْلك. الجوهري: النَّظَر تأَمُّل الشيء بالعين، وكذلك النَّظَرانُ، بالتحريك، وقد نَظَرت إِلى الشيء. وفي حديث عِمران بن حُصَين قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: النَّظَر إِلى وجه عليّ عِبادة؛ قال ابن الأَثير: قيل معناه أَن عليّاً، كرم الله وجهه، كان إذا بَرَزَ قال الناس: لا إِله إِلا الله ما أَشرفَ هذا الفتى، لا إِله إِلا الله ما أَعلمَ هذا الفتى، لا إِله إِلا الله ما أَكرم هذا الفتى، أَي ما أَتْقَى، لا إِله إِلا الله ما أَشْجَع هذا الفتى، فكانت رؤيته، عليه السلام، تحملُهم على كلمة التوحيد.
والنَّظَّارة: القوم ينظُرون إِلى الشيء. وقوله عز وجل: وأَغرقنا آل فرعون وأَنتم تَنظُرون. قال أَبو إِسحق: قيل معناه وأَنتم تَرَوْنَهم يغرَقون؛ قال: ويجوز أَن يكون معناه وأَنتم مُشاهدون تعلمون ذلك وإِن شَغَلهم عن أَن يَروهم في ذلك الوقت شاغل. تقول العرب: دُور آل فلان تنظُر إِلى دُور آل فلان أَي هي بإِزائها ومقابِلَةٌ لها. وتَنَظَّر: كنَظَر. والعرب تقول: داري تنظُر إِلى دار فلان، ودُورُنا تُناظِرُ أَي تُقابِل، وقيل: إِذا كانت مُحاذِيَةً. ويقال: حَيٌّ حِلالٌ ونَظَرٌ أَي متجاورون ينظر بعضهم بعضاً.
التهذيب: وناظِرُ العَيْنِ النُّقْطَةُ السوداء الصافية التي في وسط سواد العين وبها يرى النَّاظِرُ ما يَرَى، وقيل: الناظر في العين كالمرآة إذا استقبلتها أَبصرت فيها شخصك. والنَّاظِرُ في المُقْلَةِ: السوادُ الأَصغر الذي فيه إِنْسانُ العَيْنِ، ويقال: العَيْنُ النَّاظِرَةُ. ابن سيده: والنَّاظِرُ النقطة السوداء في العين، وقيل: هي البصر نفسه، وقيل: هي عِرْقٌ في الأَنف وفيه ماء البصر. والناظران: عرقان على حرفي الأَنف يسيلان من المُوقَين، وقيل: هما عرقان في العين يسقيان الأَنف، وقيل: الناظران عرقان في مجرى الدمع على الأَنف من جانبيه. ابن السكيت: الناظران عرقان مكتنفا الأَنف؛ وأَنشد لجرير: وأَشْفِي من تَخَلُّجِ كُلِّ جِنٍّ، وأَكْوِي النَّاظِرَيْنِ من الخُنَانِ والخنان: داء يأْخذ الناس والإِبل، وقيل: إِنه كالزكام؛ قال الآخر:

ولقد قَطَعْتُ نَواظِراً أَوجَمْتُهـا

 

ممن تَعَرَّضَ لي من الشُّعَراءِ

قال أَبو زيد: هما عرقان في مَجْرَى الدمع على الأَنف من جانبيه؛ وقال عتيبة بن مرداس ويعرف بابن فَسْوة:

قَلِيلَة لَحْمِ النَّاظِـرَيْنِ، يَزِينُـهـا

 

شَبَابٌ ومخفوضٌ من العَيْشِ بارِدُ

تَناهَى إِلى لَهْوِ الحَدِيثِ كأَنـهـا

 

أَخُو سَقْطَة، قد أَسْلَمَتْهُ العَـوائِدُ

وصف محبوبته بأَسالة الخدّ وقلة لحمه، وهو المستحب. والعيش البارد: هو الهَنِيُّ الرَّغَدُ. والعرب تكني بالبَرْدِ عن النعيم وبالحَرِّ عن البُؤسِ، وعلى هذا سُمِّيَ النَّوْمُ بَرْداً لأَنه راحة وتَنَعُّمٌ. قال الله تعالى: لا يذوقون فيها بَرْداً ولا شَراباً؛ قيل: نوماً؛ وقوله: تناهى أَي تنتهي في مشيها إِلى جاراتها لِتَلْهُوَ مَعَهُنَّ، وشبهها في انتهارها عند المشي بعليل ساقط لا يطيق النهوض قد أَسلمته العوائد لشدّة ضعفه.وتَناظَرَتِ النخلتان: نَظَرَتِ الأُنثى منهما إِلى الفُحَّالِ فلم ينفعهما تلقيح حتى تُلْقَحَ منه؛ قال ابن سيده: حكى ذلك أَبو حنيفة.
والتَّنْظارُ: النَّظَرُ؛ قال الحطيئة:

فما لَكَ غَيْرُ تَنْظارٍ إِلـيهـا

 

كما نَظَرَ اليَتِيمُ إِلى الوَصِيِّ

والنَّظَرُ: الانتظار. ويقال: نَظَرْتُ فلاناً وانْتَظَرْتُه بمعنى واحد، فإِذا قلت انْتَظَرْتُ فلم يُجاوِزْك فعلك فمعناه وقفت وتمهلت. ومنه قوله تعالى: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ من نُوركم، قرئ: انْظُرُونا وأَنْظِرُونا بقطع الأَلف، فمن قرأَ انْظُرُونا، بضم الأَلف، فمعناه انْتَظِرُونا، ومن قرأَ أَنْظِرُونا فمعناه أَخِّرُونا؛ وقال الزجاج: قيل معنى أَنْظِرُونا انْتَظِرُونا أَيضاً؛ ومنه قول عمرو بن كلثوم:

أَبا هِنْدٍ فلا تَعْجَلْ علينا

 

وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا

وقال الفرّاء: تقول العرب أَنْظِرْني أَي انْتَظِرْني قليلاً، ويقول المتكلم لمن يُعْجِلُه: أَنْظِرْني أَبْتَلِع رِيقِي أَي أَمْهِلْنِي. وقوله تعالى: وُجُوهٌ يومئذ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ؛ الأُولى بالضاد والأُخرى بالظاءِ؛ قال أَبو إِسحق: يقول نَضِرَت بِنَعِيم الجنة والنَّظَرِ إِلى ربها. وقال الله تعالى: تَعْرِفُ في وُجُوههم نَضْرَةَ النَّعِيم؛ قال أبو منصور: ومن قال إِن معنى قوله إِلى ربها ناظرة يعني منتظرة فقد أَخطأَ، لأَن العرب لا تقول نَظَرْتُ إِلى الشيء بمعنى انتظرته، إِنما تقول نَظَرْتُ فلاناً أَي انتظرته؛ ومنه قول الحطيئة:

نَظَرْتُكُمُ أَبْناءَ صَادِرَةٍ لِلْوِرْدِ

 

طَالَ بها حَوْزِي وتَنْساسِي

وإِذا قلت نَظَرْتُ إِليه لم يكن إِلا بالعين، وإِذا قلت نظرت في الأَمر احتمل أَن يكون تَفَكُّراً فيه وتدبراً بالقلب.
وفرس نَظَّارٌ إذا كان شَهْماً طامِحَ الطَّرْفِ حدِيدَ القلبِ؛ قال الراجز أَبو نُخَيْلَةَ:

يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّةً لم تُهْجَمِ

نَظَّارِيَّةٌ: ناقة نجيبة من نِتاجِ النَّظَّارِ، وهو فحل من فحول العرب؛ قال جرير:

والأَرْحَبِيّ وجَدّها النَّظَّار

لم تُهْجَم: لم تُحْلَبْ.
والمُناظَرَةُ: أَن تُناظِرَ أَخاك في أَمر إذا نَظَرْتُما فيه معاً كيف تأْتيانه.
والمَنْظَرُ والمَنْظَرَةُ: ما نظرت إِليه فأَعجبك أَو ساءك، وفي التهذيب: المَنْظَرَةُ مَنْظَرُ الرجل إذا نظرت إِليه فأَعجبك، وامرأَة حَسَنَةُ المَنْظَرِ والمَنْظَرة أَيضاً. ويقال: إِنه لذو مَنْظَرَةٍ بلا مَخْبَرَةٍ. والمَنْظَرُ: الشيء الذي يعجب الناظر إذا نظر إِليه ويَسُرُّه.
ويقال: مَنْظَرُه خير من مَخْبَرِه. ورجل مَنْظَرِيٌّ ومَنْظَرانيٌّ، الأَخيرة على غير قياس: حَسَنُ المَنْظَرِ؛ ورجل مَنْظَرانيٌّ مَخْبَرانيّ.
ويقال: إِن فلاناً لفي مَنْظَرٍ ومُستَمَعٍ، وفي رِيٍّ ومَشْبَع، أَي فيما أَحَبَّ النَّظَرَ إِليه والاستماع. ويقال: لقد كنت عن هذا المَقامِ بِمَنْظَرٍ أَي بمَعْزَل فيما أَحْبَبْتَ؛ وقال أَبو زيد يخاطب غلاماً قد أَبَقَ فَقُتِلَ:

قد كنتَ في مَنْظَرٍ ومُسْـتَـمَـعٍ

 

عن نَصْرِ بَهْرَاءَ، غَيرَ ذي فَرَسِ

وإِنه لسديدُ النَّاظِرِ أَي بَرِيءٌ من التهمة ينظر بمِلءِ عينيه.
وبنو نَظَرَى ونَظَّرَى: أَهلُ النَّظَرِ إِلى النساء والتَّغَزُّل بهن؛ ومنه قول الأَعرابية لبعلها: مُرَّ بي على بَني نَظَرَى، ولا تَمُرَّ بي على بنات نَقَرَى، أَي مُرَّ بي على الرجال الذين ينظرون إِليّ فأُعجبهم وأَرُوقُهم ولا يَعِيبُونَني من ورائي، ولا تَمُرَّ بي على النساء اللائي ينظرنني فيَعِبْنَني حسداً ويُنَقِّرْنَ عن عيوب من مَرَّ بهن.
وامرأَة سُمْعُنَةٌ نُظْرُنَةٌ وسِمْعَنَةٌ نِظْرَنة، كلاهما بالتخفيف؛ حكاهما يعقوب وحده: وهي التي إذا تَسَمَّعَتْ أَو تَنَظَّرَتْ فلم تَرَ شيئاً فَظَنَّتْ. والنَّظَرُ: الفكر في الشيء تُقَدِّره وتقيسه منك. والنَّظْرَةُ: اللَّمْحَة بالعَجَلَة؛ ومنه الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لعلي: لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإِن لك الأُولى وليست لك الآخرةُ. والنَّظْرَةُ: الهيئةُ. وقال بعض الحكماء: من لم يَعْمَلْ نَظَرُه لم يَعْمَلْ لسانُه؛ ومعناه أَن النَّظْرَةَ إذا خرجت بإِبكار القلب عَمِلَتْ في القلب، وإِذا خرجت بإِنكار العين دون القلب لم تعمل، ومعناه أَن من لم يَرْتَدِعْ بالنظر إِليه من ذنب أَذنبه لم يرتدع بالقول. الجوهري وغيره: ونَظَرَ الدَّهْرُ إِلى بني فلان فأَهلكهم؛ قال ابن سيده: هو على المَثَلِ، قال: ولستُ منه على ثِقَةٍ.
والمَنْظَرَةُ: موضع الرَّبِيئَةِ. غيره: والمَنظَرَةُ موضع في رأْس جبل فيه رقيب ينظر العدوَّ يَحْرُسُه. الجوهري: والمَنظَرَةُ المَرْقَبَةُ.
ورجلٌ نَظُورٌ ونَظُورَةٌ وناظُورَةٌ ونَظِيرَةٌ: سَيِّدٌ يُنْظَر إِليه، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء. الفراء: يقال فلان نَظُورةُ قومه ونَظِيرَةُ قومهِ، وهو الذي يَنْظُرُ إِليه قومه فيمتثلون ما امتثله، وكذلك هو طَرِيقَتُهم بهذا المعنى. ويقال: هو نَظِيرَةُ القوم وسَيِّقَتُهم أَي طَلِيعَتُهم. والنَّظُورُ: الذي لا يُغفِلُ النَّظَرَ إِلى ما أَهمه.
والمَناظِر: أَشرافُ الأَرضِ لأَنه يُنْظَرُ منها. وتَناظَرَتِ الدَّارانِ: تقابلتا. ونَظَرَ إِليك الجبلُ: قابلك. وإِذا أَخذت في طريق كذا فَنَظَر إِليك الجبلُ فَخُذْ عن يمينه أَو يساره. وقوله تعالى: وتَراهُمْ يَنْظُرونَ إِليك وهم لا يبصرون؛ ذهب أَبو عبيد إِلى أَنه أَراد الأَصنام أَي تقابلك، وليس هنالك نَظَرٌ لكن لما كان النَّظَرُ لا يكون إِلا بمقابلةٍ حَسُنَ وقال: وتراهم، وإِن كانت لا تعقل لأَنهم يضعونها موضع من يعقل.والنَّاظِرُ: الحافظ. وناظُورُ الزرع والنخل وغيرهما: حَافِظُه؛ والطاء نَبَطِيَّة.
وقالوا: انْظُرْني اي اصْغ إِليَّ؛ ومنه قوله عز وجل: وقولوا انْظُرْنا واسمعوا. والنَّظْرَةُ: الرحمةُ. وقوله تعالى: ولا يَنْظُر إِليهم يوم القيامة؛ أَي لا يَرْحَمُهُمْ. وفي الحديث: إِن الله لا يَنْظُر إِلى صُوَرِكم وأَموالكم ولكن إِلى قلوبكم وأَعمالكم؛ قال ابن الأَثير: معنى النظر ههنا الإِحسان والرحمة والعَطْفُ لأَن النظر في الشاهد دليل المحبة، وترك النظر دليل البغض والكراهة، ومَيْلُ الناسِ إِلى الصور المعجبة والأَموال الفائقة، والله سبحانه يتقدس عن شبه المخلوقين، فجعل نَظَرَهُ إِلى ما هو للسَّرِّ واللُّبِّ، وهو القلب والعمل؛ والنظر يقع على الأَجسام والمعاني، فما كان بالأَبصار فهو للأَجسام، وما كان بالبصائر كان للمعاني. وفي الحديث: مَنِ ابتاعَ مِصَرَّاةً فهو بخير النَّظَرَيْنِ أَي خير الأَمرين له: إِما إِمساك المبيع أَو ردُّه، أَيُّهما كان خيراً له واختاره فَعَلَه؛ وكذلك حديث القصاص: من قُتل له قتيل فهو بخير النَّظَرَيْنِ؛ يعني القصاص والدية؛ أَيُّهُما اختار كان له؛ وكل هذه معانٍ لا صُوَرٌ. ونَظَرَ الرجلَ ينظره وانْتَظَرَه وتَنَظَّرَه: تَأَنى عليه؛ قال عُرْوَةُ بن الوَرْدِ:

إِذا بَعُدُوا لا يأْمَنُونَ اقْتِرابَـهُ

 

تَشَوُّفَ أَهلِ الغائبِ المُنتَنَظَّرِ

وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

ولا أَجْعَلُ المعروفَ حلَّ أَلِيَّةٍ

 

ولا عِدَةً في النَّاظِرِ المُتَغَيِّبِ

فسره فقال: الناظر هنا على النَّسَبِ أَو على وضع فاعل موضع مفعول؛ هذا معنى قوله، ومَثَّلَه بِسِّرٍ كاتم أَي مكتوم. قال ابن سيده: وهكذا وجدته بخط الحَامِضِ، بفتح الياء، كأَنه لما جعل فاعلاً في معنى مفعول استجاز أَيضاً أَن يجعل مُتَفَعَّلاً في موضع مُتَفَعِّلٍ والصحيح المتَغَيِّب، بالكسر. والتَّنَظُّرُ: تَوَقَّع الشيء. ابن سيده: والتَّنَظُّرُ تَوَقُّعُ ما تَنْتَظِرُهُ. والنَّظِرَةُ، بكسر الظاء: التأْخير في الأَمر. وفي التنزيل العزيز: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ، وقرأَ بعضهم: فناظِرَةٌ، كقوله عز وجل: ليس لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ؛ أَي تكذيبٌ. ويقال: بِعْتُ فلاناً فأَنْظَرْتُه أَي أَمهلتُه، والاسم منه النَّظِرَةُ. وقال الليث: يقال اشتريته منه بِنَظِرَةٍ وإِنْظارٍ. وقوله تعالى: فَنَظِرَة إِلى مَيْسَرَةٍ؛ أَي إِنظارٌ. وفي الحديث: كنتُ أُبايِعُ الناس فكنتُ أُنْظِر المُعْسِرَ؛ الإِنظار: التأْخير والإِمهال. يقال: أَنْظَرْتُه أُنْظِره. ونَظَرَ الشيءَ: باعه بِنَظِرَة. وأَنْظَرَ الرجلَ: باع منه الشيء بِنَظِرَةٍ.
واسْتَنْظَره: طلب منه النَّظرَةَ واسْتَمْهَلَه. ويقول أَحد الرجلين لصاحبه: بيْعٌ، فيقول: نِظْرٌ أَي أَنْظِرْني حتى أَشْتَرِيَ منك. وتَنَظَّرْه أَي انْتَظِرْهُ في مُهْلَةٍ.
وفي حديث أَنس: نَظَرْنا النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، ذاتَ ليلة حتى كان شَطْرُ الليلِ. يقال: نَظَرتُهُ وانْتَظَرْتُه إذا ارْتَقَبْتَ حضورَه. ويقال: نَظَارِ مثل قَطامِ كقولك: انْتَظِرْ، اسم وضع موضع الأَمر.
وأَنْظَرَه: أَخَّرَهُ. وفي التنزيل العزيز: قال أَنْظِرْني إِلى يوم يُبْعَثُونَ.
والتَّناظُرُ: التَّراوُضُ في الأَمر. ونَظِيرُك: الذي يُراوِضُك وتُناظِرُهُ، وناظَرَه من المُناظَرَة. والنَّظِيرُ: المِثْلُ، وقيل: المثل في كل شيء. وفلان نَظِيرُك أَي مِثْلُك لأَنه إذا نَظَر إِليهما النَّاظِرُ رآهما سواءً. الجوهري: ونَظِيرُ الشيء مِثْلُه. وحكى أَبو عبيدة: النِّظْر والنَّظِير بمعنىً مثل النِّدِّ والنَّدِيدِ؛ وأَنشد لعبد يَغُوثَ بن وَقَّاصٍ الحارِثيِّ:

أَلا هل أَتى نِظْرِيُ مُلَـيْكَةَ أَنَّـنـي

 

أَنا الليثُ، مَعْدِيّاً عـلـيه وعـادِيا؟

وقد كنتُ نَجَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِـلَ الْ

 

سَطِيِّ، وأَمْضِي حيثُ لا حَيَّ ماضِيَا

ويروى: عِرْسِي مُلَيْكَةَ بدل نِظْرِي مليكة. قال الفرّاء: يقال نَظِيرَةُ قومه ونَظُورَةُ قومه للذي يُنْظَر إِليه منهم، ويجمعان على نَظَائِرَ، وجَمْعُ النَّظِير نُظَرَاءُ، والأُنثى نَظِيرَةٌ، والجمع النَّظائر في الكلام والأَشياء كلها. وفي حديث ابن مسعود: لقد عرفتُ النَّظائِرَ التي كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَقُومُ بها عشرين سُورَةً من المُفَصَّل، يعني سُوَرَ المفصل، سميت نظائر لاشتباه بعضها ببعض في الطُّول.
وقول عَديّ: لم تُخطِئ نِظارتي أَي لم تُخْطِئ فِراسَتي. والنَّظائِرُ: جمع نَظِيرة، وهي المِثْلُ والشِّبْهُ في الأَشكال، الأَخلاق والأَفعال والأَقوال. ويقال: لا تُناظِرْ بكتاب الله ولا بكلام رسول الله، وفي رواية: ولا بِسُنَّةِ رسول الله؛ قال أَبو عبيد: أَراد لا تجعل شيئاً نظيراً لكتاب ا ولا لكلام رسول الله فتدعهما وتأْخذ به؛ يقول: لا تتبع قول قائل من كان وتدعهما له. قال أَبو عبيد: ويجوز أَيضاً في وجه آخر أَن يجعلهما مثلاً للشيء يعرض مثل قول إِبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أَن يذكروا الآية عند الشيء يَعْرِضُ من أَمر الدنيا، كقول القائل للرجل إذا جاء في الوقت الذي يُرِيدُ صاحبُه: جئت على قَدَرٍ يا موسى، هذا وما أَشبهه من الكلام، قال: والأَوّل أَشبه. ويقال: ناظَرْت فلاناً أَي صِرْتُ نظيراً له في المخاطبة. وناظَرْتُ فلاناً بفلان أَي جعلته نَظِيراً له. ويقال للسلطان إذا بعث أَميناً يَسْتبرئ أَمْرَ جماعةِ قريةٍ: بَعث ناظِراً.
وقال الأَصمعي: عَدَدْتُ إِبِلَ فلان نَظائِرَ أَي مَثْنَى مثنى، وعددتها جَمَاراً إذا عددتها وأَنت تنظر إِلى جماعتها.
والنَّظْرَةُ: سُوءُ الهيئة. ورجل فيه نَظْرَةٌ أَي شُحُوبٌ؛ وأَنشد شمر:

وفي الهامِ منها نَظْرَةٌ وشُنُوعُ

قال أَبو عمرو: النَّظْرَةُ الشُّنْعَةُ والقُبْحُ. ويقال: إِن في هذه الجارية لَنَظْرَةً إذا كانت قبيحة. ابن الأَعرابي: يقال فيه نَظْرَةٌ ورَدَّةٌ أَي يَرْتَدُّ النظر عنه من قُبْحِهِ. وفيه نَظْرَةٌ أَي قبح؛ وأَنشد الرِّياشِيُّ:

لقد رَابَني أَن ابْنَ جَعْدَةَ بـادِنٌ

 

وفي جِسْمِ لَيْلى نَظْرَةٌ وشُحُوبُ

وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى جارية فقال: إِن بها نَظْرَةً فاسْتَرْقُوا لها؛ وقيل: معناه إِن بها إِصابة عين من نَظَرِ الجِنِّ إِليها، وكذلك بها سَفْعَةٌ؛ ومنه قوله تعالى: غيرَ ناظِرِينَ إِناهُ؛ قال أَهل اللغة: معناه غير منتظرين بلوغه وإِدراكه. وفي الحديث: أَن عبد الله أَبا النبي، صلى الله عليه وسلم، مرّ بامرأَة تَنْظُرُ وتَعْتافُ، فرأَتْ في وجهه نُوراً فدعته إِلى أَن يَسْتَبْضِعَ منها وتُعْطِيَهُ مائةً من الإِبل فأَبى، قوله: تَنْظُرُ أَي تَتَكَهَّنُ، وهو نَظَرُ تَعَلُّمٍ وفِراسةٍ، وهذه المرأَة هي كاظمةُ بنتُ مُرٍّ، وكانت مُتَهَوِّدَةً قد قرأَت الكتب، وقيل: هي أُختُ ورَقَةَ بن نَوْفَلٍ. والنَّظْرَةُ: عين الجن. والنَّظْرَةُ: الغَشْيَةُ أَو الطائف من لجن، وقد نُظِرَ. ورجل فيه نَظْرَةٌ أَي عيبٌ.
والمنظورُ: الذي أَصابته نَظْرَةٌ. وصبي مَنْظُورٌ: أَصابته العين.
والمنظورُ: الذي يُرْجَى خَيْرُه. ويقال: ما كان نَظِيراً لهذا ولقد أَنْظَرْتُه، وما كان خَطِيراً ولقد أَخْطَرْتُه. ومَنْظُورُ بن سَيَّارٍ: رجلٌ.
ومَنْظُورٌ: اسمُ جِنِّيٍّ؛ قال:

ولو أَنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أَسْلـمـا

 

لِنَزْعِ القَذَى، لم يُبْرِئا لي قَذَاكُما

وحَبَّةُ: اسم امرأَة عَلِقَها هذا الجني فكانت تَطَبَّبُ بما يُعَلِّمُها. وناظِرَةُ: جبل معروف أَو موضع. ونَواظِرُ: اسم موضع؛ قال ابن أَحمر:

وصَدَّتْ عن نَواظِرَ واسْتَعَنَّتْ

 

قَتَاماً، هـاجَ عَـيْفِـيّاً وآلا

وبنو النَّظَّارِ: قوم من عُكْلٍ، وإِبل نَظَّاريَّة: منسوبة إِليهم؛ قال الراجز: يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّة سَعُومَا السَّعْمُ: ضَرْبٌ من سير الإِبل.

نظف

النَّظافة: النَّقاوة. والنَّظافة: مصدر التنظيف والفعل اللازم منه نظُف الشيءُ، بالضم، نَظافة، فهو نَظِيف: حَسُن وبَهُوَ. ونظَّفه ينظِّفه تنظيفاً أَي نقّاه. وفي الحديث: أَن اللّه تبارك وتعالى نَظِيف يُيحب النَّظافة. قال ابن الأَثير: نَظافةُ اللّه كناية عن تنزهه من سِمات الحدث وتَعاليه في ذاته عن كل نقص، وحُبُّه النظافة من غيره كناية عن خلوص العقيدة ونفي الشرك ومجانبةِ الأَهواء، ثم نظافة القلب عن الغِلِّ والحِقد والحسد وأَمثالها، ثم نظافة المَطعم والمَلبس عن الحرام والشُّبَه، ثم نظافة الظاهر بملابسة العبادات. ومنه الحديث: نظِّفوا أَفواهكم فإنها طُرق القرآن أَي صُونوها عن اللَّغو والفُحْش والغِيبة والنميمة والكذب وأَمثالها، وعن أَكل الحرام والقاذورات والحث على تطهيرها من النجاسات والسؤال.
والتنظُّف: تكلُّف النظافة. واستنظفت الشيء أَي أَخذته نظيفاً كله. وفي الحديث: تكون فتنة تستنظف العرب أَي تَسْتَوْعِبهم هلاكاً، من استنظَفْت الشيء إذا أَخذته كله؛ ومنه قولهم: استنظفت ما عنده واستغنيت عنه.
والمِنْظفة: سُمَّهة تُتخذ من الخوص. واستنظف الوالي ما عليه من الخراج: استوفاه، ولا يستعمل التَّنْظيف في هذا المعنى؛ قال الجوهري: يقال استَنْظفت الخراج ولا يقال نَظَّفْته.ونظَف الفصِيلُ ما في ضَرْع أُمه وانْتَظفَه: شرب جميع ما فيه، وانتظفْته أَنا كذلك. قال أَبو منصور: والتَّنَظُّف عند العرب التَّنَطُّس والتَّقَزُّز وطلَبُ النَّظافةِ من رائحة غَمَرٍ أَو نَفْي زُهومة وما أَشبهها، وكذلك غَسْل الوسَخ والدَّرَن والدَّنَس. ويقال للأُشْنان وما أَشبهه: نظِيف، لتنظيفه اليد والثوب من غَمَر المَرق واللحم ووضَر الودَك وما أَشبهه. وقال أَبو بكر في قولهم نظِيف السراويل: معناه أَنه عفيف الفَرْج، يكنى بالسراويل عن الفرج كما يقال هو عفيف المِئزر والإزار؛ قال متمم بن نُوَيْرَة يرثي أَخاه:

حُلْو شَمائلُه عَفيف المِئزَر

أَي عفيف الفرج. قال: وفلان نَجِس السراويل إذا كان غير عفيف الفرج. قال: وهم يَكنون بالثياب عن النفْس والقلب، وبالإزار عن العفاف؛ وقال غيره: فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه وقال في قوله:

فسُلِّي ثِيابي من ثِيابكِ تَنْسُلِ

في الثياب ثلاثة أَقوال: قال قوم الثياب ههنا كناية عن الأَمر؛ المعنى اقطعي أَمري من أَمرِك، وقيل: الثياب كناية عن القلب؛ المعنى سُلِّي قلبي من قلبك، وقال قوم: هذا الكلام كناية عن الصريمة، يقول الرجل لامرأَته ثيابي من ثيابك حرام، ومعنى البيت إني في خُلُق لا تَرْضَيْنه فاصْرِميني، وقوله تنسُل تَبِين وتُقْطَع، ونسَلتِ السنُّ إذا بانت، ونسَل رِيش الطائر إذا سقط.

نظم

النَّظْمُ: التأْليفُ، نَظَمَه يَنْظِمُه نَظْماً ونِظاماً ونَظَّمه فانْتَظَم وتَنَظَّم. ونظَمْتُ اللؤْلؤَ أي جمعته في السِّلْك، والتنظيمُ مثله، ومنه نَظَمْتُ الشِّعر ونَظَّمْته، ونَظَمَ الأَمرَ على المثَل.
وكلُّ شيء قَرَنْتَه بآخر أو ضَمَمْتَ بعضَه إلى بعض، فقد نَظَمَتْه.
والنَّظْمُ: المَنْظومُ، وصف بالمصدر. والنَّظْمُ: ما نظَمْته من لؤلؤٍ وخرزٍ وغيرهما، واحدته نَظْمه. ونَظْم الحَنْظل: حبُّه في صِيصائه.
والنِّظامُ: ما نَظَمْتَ فيه الشيء من خيط وغيره، وكلُّ شعبةٍ منه وأَصْلٍ نِظامٌ. ونِظامُ كل أَمر: مِلاكُه، والجمع أَنْظِمة وأَناظيمُ ونُظُمٌ. الليث: النَّظْمُ نَظمُك الخرزَ بعضَه إلى بعض في نِظامٍ واحد، كذلك هو في كل شيء حتى يقال: ليس لأمره نِظامٌ أي لا تستقيم طريقتُه.
والنِّظامُ: الخيطُ الذي يُنْظمُ به اللؤلؤُ، وكلُّ خيطٍ يُنْظَم به لؤلؤ أو غيرهُ فهو نِظامٌ، وجمعه نُظُمٌ؛ وقال:

مِثْل الفَرِيدِ الذي يَجري متى النُّظُم

وفعلُك النَّظْمُ والتَّنْظِيمُ. ونَظْمٌ من لؤلؤٍ، قال: وهو في الأصل مصدر، والانْتِظام: الاتِّساق. وفي حديث أَشراط الساعة: وآيات تَتابعُ كنِظامٍ بالٍ قُطِعَ سِلْكُه؛ النِّظام: العِقْدُ من الجوهر والخرز ونحوهما، وسِلْكُه خَيْطُه. والنِّظامُ: الهَديَةُ والسِّيرة. وليس لأمرهم نِظامٌ أي ليس له هَدْيٌ ولا مُتَعَلَّق ولا استقامة. وما زالَ على نِظامٍ واحد أي عادةٍ.
وتَناظَمتِ الصُّخورُ: تلاصَقَت.
والنِّظامان من الضبِّ: كُشْيَتان مَنْظومتانِ من جانبي كُلْيَتَيْه طويلتان. ونظاما الضبَّةِ وإنظاماها: كُشْيَتاها، وهما خيْطانِ مُنْتَظِمانِ بَيْضاً، يَبْتَدَّان جانبيها من ذَنَبها إلى أُذُنها. ويقال: في بطنها إنْظامان من بَيْضٍ، وكذلك إنظاما السمكة. وحكي عن أَبي زيد: أُنْظومتا الضبِّ والسمكةِ، وقد نَظَمَت ونَظَّمَت وأَنْظَمَت، وهي ناظمٌ ومُنَظِّمٌ ومُنْظِم، وذلك حين تمتلئ من أَصل ذنبها إلى أُذنِها بَيْضاً. ويقال: نَظَّمَت الضبَّةُ بيضها تَنْظِيماً في بطنها، ونَظَمَها نظْماً، وكذلك الدجاجة أَنْظَمَت إذا صار في بطنها بَيْضٌ. والأَنْظامُ: نفس البيض المُنَظَّم كأَنه منظوم في سلك. والإنْظامُ من الخرز:خيطٌ قد نُظِمَ خَرزاً، وكذلك أَناظِيمُ مَكْنِ الضبَّة. ويقال: جاءنا نَظْمٌ من جرادٍ، وهو الكثير. ونِظامُ الرمل وأَنْظامتُه: ضَفِرتُه، وهي ما تعقَّد منه.
ونَظَمَ الحبْلَ: شَكّه وعَقَدَه. ونظَمَ الخَوّاصُ المُقْلَ يَنْظِمُه: شَكّه وضَفَرَه. والنَّظائِمُ: شَكائِكُ الحَبْلِ وخَلَلُه. وطعَنَه بالرُّمح فانْتَظمه أَي اخْتَلَّه. وانْتَظَم ساقيه وجانبيه كما قالوا اخْتَلَّ فؤادَه أي ضمها بالسِّنان؛ وقد روي:

لما انْتَظَمْتُ فُؤادَه بالمِطْرِد

والرواية المشهورة: اخْتَلَلْتُ فُؤادَه؛ قال أَبو زيد: الانْتِظامُ للجانِبَين والاخْتلالُ للفؤاد والكبد. وقال الحسن في بعض مواعظه: يا اينَ آدم عليكَ بنَصيبك من الآخرة، فإنه يأْتي بك على نصيبك من الدنيا فيَنْتَظِمُهُ لك انْتِظاماً ثم يزولُ معك حيثما زُلْتَ. وانتَظَمَ الصيدَ إذا طعنه أو رماه حتى يُنْفِذَه، وقيل: لا يقال انْتَظَمَه حتى يَجْمَعَ رَمْيَتَين بسهم أو رمح. والنَّظْمُ: الثُّريّا، على التشبيه بالنظْمِ من اللؤلؤ؛ قال أَبو ذؤيب:

فوَرَدْن، والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رابئ ال

 

ضُّرَباء فوق النظْمِ، لا يَتَتَلَّـع

ورواه بعضهم: فوق النجم، وهما الثريا معاً. والنَّظْمُ أَيضاً: الدّبَرانُ الذي يلي الثُّريا. ابن الأَعرابي: النَّظْمةُ كواكبُ الثُّريا.
الجوهري: يقال لثلاثة كواكبَ من الجَوْزاء نَظْمٌ.
ونَظْم: موضعٌ. والنظْمُ: ماءٌ بنجد. والنَّظيمُ: موضعٌ؛ قال ابن هَرْمة:

فإنَّ الغَيْثَ قد وَهِيَتْ كُلاهُ

 

ببَطْحاء السَّيالة، فالنَّظيمِ

ابن شميل: النَّظيمُ شِعْبٌ فيه غُدُرٌ أو قِلاتٌ مُتواصلة بعضها قريب من بعض، فالشِّعْبُ حينئذ نَظيمٌ لأَنه نَظَم ذلك الماء، والجماعةُ النُّظُمُ. وقال غيره: النَّظيمُ من الرُّكِيِّ ما تناسق فُقُرُهُ على نسق واحد.