عن المبرد قال: قال الجاحظ: أنشدني بعض الحمقى: مجزوء الرمل:
إن داء الحب سـقـمٌ |
|
ليس يهنيه الـقـرار |
ونجا من كـان لا يع |
|
شق من تلك المخازي |
فقلت: إن القافية الأولى راء والثاني زاي؟ فقال: لا تنقط شيئاً، فقلت: إن الأولى مرفوعة والثانية مكسورة، فقال: أنا أقول تنقط وهو يشكل.
وحكى بعضهم: قال: اجتمعنا ثلاثة نفر من الشعراء في قرية تسمى طيهاثا فشربنا يومنا، ثم قلنا: ليقل كل واحد بيت شعر في وصف يومنا فقلت: نلنا لذيذ العيش في طيهاثا، فقال الثاني: لما احتثثنا القدح احتثاثا فارتج على الثالث فقال: امرأته طالق ثلاثا ثم قعد يبكي على امرأته ونحن نضحك عليه.
عن أبي الحسن علي بن منصور الحلبي قال: كنت أحضر مجلس سيف الدولة فحضرته وقد انصرف من غزو عدو له ظفر به، فدخل الشعراء ليهنئوه فدخل رجل وأنشد: الطويل:
وكانوا كفأرٍ وسوسوا خلف حائطٍ |
|
وكنت كسنورٍ عليهم تسـلـقـا |
فأمر سيف الدولة بإخراجه، فقام على الباب يبكي، فأخبر سيف الدولة ببكائه فأمر برده فقال: ما لك تبكي؟ فقال: قصدت مولانا بكل ما أقدر عليه فلما خاب أملي وقابلني بالهوان ذلت نفسي فبكيت، فقال له سيف الدولة: ويلك من يكون له مثل هذا النثر يكون له ذلك النظم! فكم أملت؟ قال: خمس مائة درهم فأمر له بألف درهم.
عن الصولي، قال لمحمد بن الحسن ابن فقال له: إني قد قلت شعراً، قال: انشدنيه، قال: فإن أجدت تهب لي جاريةً أو غلاماً؟ قال: أجمعهما لك. فأنشده: مجزوء الكامل:
إن الـديار طـيفـا |
|
هيجن حزناً قد عفا |
أبكينني لشقـاوتـي |
|
وجعلن رأسي كالقفا |
فقال: يا بني، والله ما تستاهل جاريةً ولا غلاماً، ولكن أمك مني طالق ثلاثاً إذا ولدت مثلك.
قال أبو سجادة الفقيه في شعر له: المتقارب:
ومنا الوزير ومنا الأمير |
|
ومنا المشير ومنا أنـا |
وقد وقع شيء يشبه التغفيل من فطناء الشعراء، قال: فإن البحتري دخل على بعض من يمدحه فأنشده: لك الويل من ليل تطاول آخره فقال الممدوح: لك الويل والحرب.
ومدح رجل معن بن زائدة فقال: الطويل:
أتيتك إذا لم يبق غيرك جـابـر |
|
ولا واهب يعطي اللها والرغائبا |
فقال معن: ليس هذا مدحاً، وهلا قلت كما قال أخو بني تيم لمالك بن مسمع: الخفيف:
قلدته عرى الأمـور نـزار |
|
قبل أن تملك السراة النحورا |