الباب العشرون: في ذكر المغفلين من القصاص

القصاص سيفويه

فمنهم سيفويه القاص، كان يضرب به المثل في التغفيل: عن محمد بن العباس بن حيويه قال: قيل لسيفويه قد أدركت الناس فلم لم تحدث؟ قال: اكتبوا، حدثنا شريك عن مغيرة عن إبراهيم بن عبد الله مثله سواء، قالوا له: مثل إيش؟ قال: كذا سمعنا وكذا نحدث.
عن ابن خلف قال: جاء يوماً رجل من عرس، فسأله سيفويه: ما أكل؟ فأقبل يصف له، فقال: ليت ما في بطنك في حلقي.

تمنيات قصاص

وقال ابن خلف: قال عبد العزيز القاص: ليت أن الله لم يكن خلقني وأني الساعة أعور، فحكيت ذلك لابن غياث، فقال: بئس ما قال، ووددت والله الذي لا إله إلا هو، أن الله لم يكن خلقني وإني الساعة أعمى مقطوع اليدين والرجلين.

من غفلات سيفويه

وروى أبو العباس بن مشروح قال: كان سيفويه اشترى لمنزله دقيقاً بالغداة وراح عشاء يطلب الطعام، فقالوا: لم نخبز، لم يكن عندنا حطباً، قال: كنتم تخبزونه فطيراً.

وحكى أبو منصور الثعالبي: أن رجلاً سأل سيفويه عن الغسلين في كتاب الله تعالى فقال: على الخبير سقطت، سألت عنه شيخاً فقيهاً من أهل الحجاز فما كان عنده قليل ولا كثير.

وقف سيفويه راكباً على حمار في المقابر، فنفر حماره عند قبر منها، فقال: ينبغي أن يكون صاحب هذا القبر بيطاراً.
وقرأ سيفويه ثم في سلسلة ذرعها تسعون ذراعاً، فقيل له قد زدت عشرين، فقال: هذه خلقت لبغاء ووصيف، فأما أنتم فيكفيكم شريط بدانق ونصف. وقرأ قارىء بين يديه "كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً" فقال: ماذا لقي القوم والله من أجل صلاتهم بالليل.

وقرأ القارىء: "كأنهن الياقوت والمرجان" فقال: هؤلاء خلاف نسائكم الفجار.

قيل لسيفويه إن اشتهى أهل الجنة عصيدة كيف يعملون؟ قال: يبعث الله لهم أنها دبس ودقيق وأرز. ويقال: اعملوا وكلوا واعذرونا.

القصاص أبو أحمد التمار

وعن محمد بن خلف، قال أبو أحمد التمار في قصصه: لقد عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الجار حتى قال فيه قولاً أستحي والله أن أذكره.

يروي العلم ولا يعمل به

قال ابن خلف: قص قاص بالمدينة فقال: رأى أبو هريرة على ابنته خاتم ذهب، فقال: يا بنية لا تتخمي بالذهب فإنه لهب، فبينا هو يحدثهم إذ بدت كفه فإذا فيها خاتم ذهب، فقالوا له: تنهانا عن لبس الذهب وتلبسه؟ فقال: لم أكن ابنة أبي هريرة.

يفسر القرآن برأيه

عن محمد بن الجهم أنه قال: سمعت الفراء يقول: كان عندنا رجل يفسر القرآن برأيه فقيل له: "أرأيت الذي يكذب بالدين" فقال: رجل سوء الله، فقيل: "فذلك الذي يدع اليتيم"، فسكت طويلاً، ثم قال: من هذا عجبت.

اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف

وعن عبد الرحمن بن محمد الحنفي قال: قال أبو كعب القاص في قصصه: كان اسم الذئب الذي أكل يوسف كذا وكذا، فقالوا له: فإن يوسف لم يأكله الذئب، قال: فهو اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف.

قال: حكاها الجاحظ، عن أبي علقمة القاص، قال: كان اسم الذئب حجوناً.

سورة الإخلاص تحتاج إلى مجلسين

عن العلاء بن صالح قال: كان عبد الأعلى بن عمر قاصاً، فقص يوماً، فلما كاد مجلسه ينقضي قال: إن ناساً يزعمون أني لا أقرأ من القرآن شيئاً، وأني لا أقرأ منه الكثير بحمد الله، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم "قل هو الله أحد" فارتج عليه فقال: من أحب أن يشهد خاتمة السورة فليحضرنا إلى مجلس فلان.

غفلة الواعظ

حكى أبو محمد التميمي أن أبا الحسن السماك الواعظ دخل عليهم يوماً وهم يتكلمون في أبابيل، فقال: في أي شيء أنتم؟ فقالوا: نحن في ألف أبابيل هل هو ترون أنه بلبل عليهم عيشهم! فضحك القوم من ذلك.

دعاء غريب

جاء رجل إلى قاص وهو يقرأ: "يتجرعه ولا يكاد يسيغه" فقال: اللهم اجعلنا ممن يتجرعه ويسيغه.

القصاص الأحمق

قال الجاحظ: سمعت قاصاً أحمق وهو يقص حديث موسى وفرعون وهو يقول: لما صار فرعون في وسط البحر في الطريق اليابس، فقال الله للبحر: انطبق، فما زال حتى علاه الماء، فجعل فرعون يضرط مثل الجاموس نعوذ بالله من ذلك الضراط. قال: وسمعت قاصاً بالكوفة يقول: والله لو أن يهودياً مات وهو يحب علياً ثم دخل النار ما ضره حرها.

كيف يقضي الأحمق على الشيطان

قال بعض القصاص: يا معشر الناس، إن الشيطان إذا سمي على الطعام والشراب لم يقربه، فكلوا خبز الأرز المالح ولا تسموا، فيأكل معكم ثم اشربوا الماء وسموا حتى تقتلوه عطشاً.

القصاص أبو سالم

كان أبو سالم القاص يقص يوماً قال: يابن آدم يابن الزانية أما تستحي من الملك الجليل حتى تقدم على العمل القبيح؟ وسرق باب أبي سالم القاص جاء إلى باب المسجد وقلعه، قالوا: ما تصنع؟ قال: اقلع هذا الباب فإن صاحبه يعلم من قلع بابي.

لا تسألوا عن أشياء

سئل بعض الوعاظ: لم لم تنصرف أشياء؟ فلم يفهم ما قيل له، ثم سكت ساعة فقال: تسأل سؤال الملحدين لأن الله يقول: "لا تسألوا عن أشياء".

دعاؤه يشمل كل شيء

قال بعض الأشياخ: إنه كتب في رقعة إلى بعض القصاص يسأله الدعاء لامرأة حامل فقرأ الرقعة ثم قلبها وفي ظهرها صفة دواء قد كتبه طبيب وفيه قنبيل وخشيرك وافتيمون ونحو هذا، فظنها كلمات يسأل بها، فدعا وجعل يقول: يا رب قنبيل، يا رب خشيرك ويا رب افتيمون إلى أن أنهى ما ذكر.