باب الهاء والواو

هوأ

هاءَ بِنَفْسِه إلى المَعالِي يَهُوءُ هَوْءاً: رَفَعَها وسَما بها إلى المَعالِي.
والهَوْءُ، الهِمَّةُ، وإِنَّه لبَعِيدُ الهَو ءِ، بالفتح، وبَعِيدُ الشَّأْوِ أَي بَعِيدُ الهمَّة. قال الراجز: لا عاجِزُ الهَوْءِ، ولا جَعْدُ القَدَمْ وإنه لذو هَوْءٍ إذا كان صائبَ الرَّأْي ماضِياً. والعامة تقول: يَهْوِي بِنَفْسِه. وفي الحديث: إذا قامَ الرجلُ إلى الصلاةِ، فكان قَلْبُه وهَوْءُه إلى اللّهِ انْصَرفَ كما ولَدَتْه أُمُّه. الهَوْءُ، بوزن الضَوْءِ: الهِمَّةُ. وفلان يَهُوءُ بنَفْسِه إلى المَعالِي أَي يرْفَعُها ويَهُمُّ بها. وما هُؤْتُ هَوْءَه أَي ما شَعَرْتُ به ولا أَرَدْتُه. وهُؤْتُ به خَيْراً فأَنا أَهُوءُ به هَوْءاً: أَزْنَنْته به، والصحيح هُوتُ، كذلك حكاه يعقوب، وهو مذكور في موضعه. وقال اللحياني: هُؤْته بخير، وهُؤْتُه بِشَرٍّ، وهُؤْتُه بمال كثير هَوْءاً أَي أَزْنَنْتُه به. ووَقَع ذلك في هَوْئي وهوئِي أَي ظَنِّي. قال اللحياني وقال بعضهم: إني لأَهُوءُ بك عن هذا الأَمْر أَي أَرْفَعُكَ عنه. أَبو عمرو: هُؤْتُ به وشُؤْتُ به أَي فَرِحْتُ به.
ابن الأَعرابي: هَأَى أَي ضَعُفَ، وأَهَى إذا قَهْقَهَ في ضَحِكه.
وهَاوَأْتُ الرجلَ: فاخَرْتُه كَهاوَيْتُه.
والمُهْوَأَنُّ، بضم الميم: الصَّحراءُ الواسعة. قال رؤبة: جاؤُوا بِأُخْراهُمْ على خُنْشُوشِ، في مُهْوَأَنٍّ، بالدَّبَى مَدْبُوشِ قال ابن بري: جَعْلُ الجَوْهَريِّ مُهْوَأَنّاً، في فصل هَوَأَ، وَهَمٌ منه، لأَنَّ مُهْوَأَنّاً وزنه مُفْوَعَلٌّ. وكذلك ذكره ابن جني، قال: والواو فيه زائدة لأَن الواو لا تكون أَصلاً في بناتِ الأَربعة.
والمَدْبُوشُ: الذي أَكَل الجَرادُ نَبْتَه. وخُنْشُوشٌ: اسم موضع. وقد ذكر ابن سيده المُهْوَأَنَّ في مقلوب هَنَأَ قال: المُهْوَأَنُّ: المكان البَعِيدُ. قال: وهو مثال لم يذكره سيبويه.
وهاءَ كلمة تُسْتَعَمَلُ عند المُناولةِ تقول: هاءَ يا رجلُ، وفيه لغات، تقول للمذكر والمؤنث هاءَ على لفظ واحد، وللمذكَّرَين هاءَا، وللمؤَنثتين هائِيا، وللمذكَّرِين هاؤُوا، ولجماعة المؤَنث هاؤُنَّ، ومنهم من يقول: هاءٍ للمذكر، بالكسر مثل هاتِ، وللمؤَنث هائِي، بإِثبات الياءِ مثل هاتي، وللمذكَّرَيْنِ والمُؤَنَّثَيْنِ هائِيا مثل هاتِيا، ولجماعة المذكر هاؤُوا، ولجماعة المؤَنث هائِينَ مثل هاتِينَ، تُقِيمُ الهمزة، في جميع هذا، مُقامَ التاءِ، ومنهم من يقول: هاءَ بالفتح، كأَنَّ معناه هاكَ، وهاؤُما يارجلان، وهاؤُمُوا يا رِجال، وهاءِ يا امْرَأَةُ، بالكسر بلا ياءٍ، مثل هاعِ.
وهاؤُما وهاؤُمْنَ. وفي الصحاح: وهاؤُنَّ، تُقِيمُ الهمز، في ذلك كُلِّه، مُقام الكاف. ومنهم من يقول: هَأْ يا رَجُل، بهمزة ساكنة، مثل هَعْ، وأَصله هاءْ، أُسقطت الأَلف لاجتماع الساكنين. وللاثنين هاءَا، وللجميع هاؤُوا، وللمرأَة هائِي، مثل هاعِي، وللاثنين هاءَا للرجلين وللمرأَتين،.
 مثل هاعا، وللنسوة هَأْنَ، مثل هَعَنْ، بالتسكين. وحديث الرَّبا: لا تَبيعُوا الذهب بالذهب إلا هاء؛ وهاء نذكره في آخره الكتاب في باب الالف اللينة، إن شاءِ اللّه تعالى. وإذا قيل لك: هاءَ بالفتح، قلت: ما أهاءُ أَي ما آخُذُ، وما أَدري ما أَهاءُ أَي ما اُعْطِي، وما أُهاءُ على ما لم يُسمَّ فاعله، أَي ما أُعْطَى.
وفي التنزيل العزيز: هاؤُمُ أَقْرَؤوا كِتابِيَهْ. وسيأتي ذكره في ترجمة ها.
وهاءَ، مفتوح الهمزة ممدود: كلمة بمعنى التَّلْبِيةِ.

هوا

الهَواء، ممدود: الجَوُّ ما بين السماء والأَرض، والجمع الأَهْوِيةُ، وأَهلُ الأَهْواء واحدها هَوىً، وكلُّ فارغٍ هَواء. والهَواء: الجَبانُ لأَنه لا قلب له، فكأَنه فارغٌ، الواحد والجمع في ذلك سواء. وقلب هواء: فارغٌ، وكذلك الجمع. وفي التنزيل العزيز: وأَفْئِدَتُهم هَواء؛ يقال فيه: إِنه لا عُقولَ لهم. أَبو الهيثم: وأَفْئِدَتُهم هَواء قال كأَنهم لا يَعْقِلون من هَوْلِ يوم القيامة، وقال الزجاج: وأَفْئِدَتُهم هَواء أَي مُنْحَرِفة لا تَعِي شيئاً من الخَوْفِ، وقيل: نُزِعَتْ أَفْئدَتُهم من أَجْوافِهم؛ قال حسان:

أَلا أَبْلِغْ أَبا سُفيانَ عَنِّـي

 

فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواه

والهَواء والخَواء واحد. والهَواء: كل فُرْجةٍ بين شيئين كما بَيْنَ أَسْفَلِ البيت إِلى أَعْلاه وأَسْفَلِ البئرِ إِلى أَعْلاها. ويقال: هَوَى صَدْرُه يَهْوِي هَواء إذا خلا؛ قال جرير:

ومُجاشِعٌ قَصَبٌ هَوَتْ أَجْوافُـه

 

لَوْ يُنْفَخُونَ مِنَ الخُؤُورةِ طارُوا

أَي هم بمنزلة قَصَبٍ جَوْفُه هَواء أَي خالٍ لا فُؤادَ لهم كالهَواء الذي بين السماء والأَرض؛ وقال زهير:

كأَنّ الرَّحل مِنها فَوْق صَعْلٍ

 

من الظِّلْمانِ، جُؤْجُؤه هَواه

وقال الجوهري: كل خالٍ هَواء؛ قال ابن بري: قال كعب الأَمثال:

ولا تَكُ مِـنْ أَخْـدانِ كُـلِّ يَراعة

 

هَواء كسَقْبِ البان، جُوفٍ مَكاسِرُهْ

قال: ومثله قوله عز وجل: وأَفْئِدَتُهم هَواء؛ وفي حديث عاتكة:

فَهُنَّ هَواءٌ والحُلُومُ عَوازِبُ

أَي بَعِيدةٌ خاليةُ العقول من قوله تعالى: وأَفْئِدَتُهم هَواء.
والمَهْواةُ والهُوَّةُ والأُهْوِيَّةُ والهاوِيةُ: كالهَواء. الأَزهري: المَهْواةُ مَوْضِع في الهَواء مُشْرِفٌ ما دُونَه من جبل وغيره: ويقال: هَوَى يَهْوِي هَوَياناً، ورأَيتهم يَتَهاوَوْنَ في المَهْواةِ إذا سقط بعضُهم في إِثْر بعض. الجوهري: والمَهْوَى والمَهْواةُ ما بين الجبلين ونحو ذلك. وتَهاوَى القَوْمُ من المَهواةِ إذا سقَط بَعضُهم في إِثر بعض.وهَوتِ الطَّعْنَةُ تَهْوِي: فتَحَت فاها بالدم؛ قال أَبو النجم:

فاخْتاضَ أُخْرَى فَهَوَتْ رُجُوحا

 

لِلشِّقِّ، يَهْوِي جُرْحُها مَفْتُوحا

وقال ذو الرمة:

طَوَيْناهُما، حتى إذا ما أُنِـيخَـتـا

 

مُناخاً، هَوَى بَيْنَ الكُلَى والكَراكِرِ

أَي خَلا وانفتح من الضُّمْر. وهَوَى وأَهْوَى وانْهَوَى: سَقَط؛ قال يَزيدُ بن الحَكَم الثقفي:

وكَمْ مَنْزِلٍ لَوْلايَ طِحْتَ، كما هَوَى

 

بأَجْرامِه مِن قُلَّةِ النِّيقِ، مُنْهَـوِي

وهَوت العُقابُ تَهْوِي هُوِيّاً إذا انْقَضَّت على صيد أَو غيره ما لم تُرِغْه، فإِذا أَراغَتْه قِيل: أَهْوَتْ له إِهْواء؛ قال زهير:

أَهْوَى لها أَسْفَعُ الخَدَّيْنِ مُـطَّـرِقٌ

 

رِيش القَوادِمِ، لَمْ يُنْصَبْ له الشَّبَك

والإِهْواء: التَّناوُل باليد والضَّرْبُ، والإِراغةُ: أَن يَذْهَبَ الصَّيدُ هكذا وهكذا والعُقاب تَتْبَعُه. ابن سيده: والإِهْواء والاهْتِواء الضَّرب باليد والتناوُلُ. وهَوَت يدي للشيء وأَهْوَتْ: امْتَدَّت وارْتَفَعَت. وقال ابن الأَعرابي: هَوَى إِليه مِن بُعْدٍ، وأَهْوَى إِليه من قُرْبٍ، وأَهْوَيْت له بالسيف وغيره، وأَهْوَيْت بالشيء إذا أَوْمَأْت به، وأَهْوَى إِليه بيده ليأْخذه. وفي الحديث: فأَهْوَى بيده إِليه أَي مَدَّها نَحْوَه وأَمالها إِليه. يقال: أَهْوَى يَده وبيده إِلى الشيء ليأْخذه. قال ابن بري: الأَصمعي ينكر أَن يأْتي أَهْوَى بمعنى هَوَى، وقد أَجازه غيره، وأَنشد لزهير:  

أَهْوَى لَها أَسْفَعُ الخَدَّيْنِ مُطَّرِقٌ

وكان الأَصمعي يرويه: هَوَى لها؛ وقال زهير أَيضاً:

أَهْوَى لَها فانْتَحَتْ كالطَّيْرِ حانيةً

 

ثم اسْتَمَرَّ عليها، وهو مُخْتَضِعُ

قال ابن أَحمر:

أَهْوَى لَها مِشْقَصاً حَشْراً فَشَبْرَقَهاوكُنْتُ أَدْعُو قَذاها الإِثْمِدَ القَرِدا

وأَهْوَى إِليه بسَهْم واهْتَوَى إِليه به. والهاوِي من الحُروف واحد: وهو الأَلف، سمي بذلك لشدّة امتداده وسَعة مَخرجه. وهَوَتِ الرِّيح هَوِيّاً: هَبَّتْ؛ قال:

كأَنَّ دَلْوِي في هَوِيِّ رِيحِ

وهَوَى، بالفتح، يَهْوِي هَوِيّاً وهُوِيّاً وهَوَياناً وانْهَوَى: سَقَط مِن فوقُ إِلى أَسفل، وأَهْواهُ هُو. يقال: أَهْوَيْتُه إذا أَلقَيْتَه من فوق. وقوله عز وجل: والمُؤْتَفِكةَ أَهْوَى؛ يعني مَدائنَ قومِ لُوط أَي أَسْقَطَها فَهَوَت أَي سَقَطَت. وهَوَى السهم هُوِيّاً: سَقَط من عُلْو إِلى سُفْل. وهَوَى هَوِيّاً وهَى، وكذلك الهُوِيّ في السير إذا مضى. ابن الأَعرابي: الهُوِيُّ السَّرِيعُ إِلى فَوْقُ، وقال أَبو زيد مثله، وأَنشد:

والدَّلْوُ في إِصْعادِهَا عَجْلَى الهُوِيُّ

وقال ابن بري: ذكر الرياشي عن أَبي زيد أَنَّ الهَوِيّ بفتح الهاء إِلى أَسفل، وبضمها إِلى فوق؛وأَنشد: عَجْلَى الهُوي؛ وأَنشد:

هَوِيَّ الدَّلْوِ أَسْلَمَها الرِّشاء

فهذا إِلى أَسفل؛ وأَنشد لمعقر بن حمار البارقي:

هَوَى زَهْدَمٌ تحْتَ الغُبارِ لِحاجِبٍ

 

كما انْقَضَّ بازٍ أَقْتَمُ الرِّيشِ كاسِرُ

وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: كأَنَّما يَهْوِي مِن صَبَبٍ أَي يَنْحَطُّ، وذلك مِشية القَوِيّ من الرجال. يقال: هَوَى يَهْوِي هَوِيّاً، بالفتح، إذا هبط، وهَوَى يَهْوِي هُوِيّاً، بالضم، إذا صَعِدَ، وقيل بالعكس، وهَوَى يَهْوِي هُوِيّاً إذا أَسرع في السير. وفي حديث البراق: ثم انْطَلَق يَهْوِي أَي يُسْرِعُ. والمُهاواةُ: المُلاجَّةُ. والمُهاواةُ: شدَّة السير.وهاوَى: سارَ سَيْراً شديداً؛ قال ذو الرمة:

فلم تَسْتَطِعْ مَيٌّ مُهاواتَنا السُّـرَى

 

ولا لَيْلَ عِيسٍ في البُرِينَ خَواضِعِ

وفي التهذيب:

ولا لَيْلَ عِيسٍ في البُرينَ سَوامِ

وأَنشد ابن بري لأَبي صخرة:

إِيّاكَ في أَمْرِك والمُهاواهْ

 

وكَثْرَة التَّسْويفِ والمُماناهْ

الليث: العامة تقول الهَوِيُّ في مصدر هَوَى يَهْوي في المَهْواةِ هُوِيّاً. قال: فأَما الهَويُّ المَلِيُّ فالحينُ الطويل من الزمان، تقول: جلست عنده هَوِيّاً. والهَويُّ: الساعة المُمتدَّة من الليل. ومضى هَويٌّ من الليل، على فَعِيلٍ أَي هَزيعٌ منه. وفي الحديث: كنتُ أَسْمَعُه الهَوِيَّ من الليل؛ الهَوِيُّ، بالفتح: الحين الطويل من الزمان، وقيل: هو مختص بالليل. ابن سيده: مضى هَوِيٌّ من الليل وهُوِيٌّ وتَهْواء أَي ساعة منه.ويقال: هَوَتِ الناقةُ والأَتانُ وغيرهما تَهْوي هُوِيّاً، فهي هاوِيةٌ إذا عَدَتْ عَدْواً شديداً أَرْفَعَ العَدْو، كأَنه في هَواء بئر تَهْوي فيها، وأَنشد:

فشَدَّ بها الأَماعِزَ، وهْيَ تَهْوي

 

هُويَّ الدَّلْوِ أَسْلمها الرِّشـاءُ

والهَوى، مقصور: هَوَى النَّفْس، وإِذا أَضفته إِليك قلت هَوايَ. قال ابن بري: وجاء هَوَى النفْس ممدوداً في الشعر؛ قال:

وهانَ على أَسْماءَ إِنْ شَطَّتِ النَّوى

 

نَحِنُّ إِليهـا، والـهَـواء يَتُـوقُ

ابن سيده: الهَوى العِشْق، يكون في مداخل الخير والشر. والهَوِيُّ: المَهْوِيُّ؛ قال أَبو ذؤيب:

فَهُنَّ عُكُوفٌ كنَوْحِ الكَرِي

 

مِ، قدْ شَفَّ أَكْبادَهُنَّ الهَويُّ

أَي فَقْدُ المَهْويِّ. وهَوى النفسِ: إِرادتها، والجمع الأَهْواء. التهذيب: قال اللغويون الهَوَى محبةُ الإِنسان الشيء وغَلَبَتُه على قلبه؛ قال الله عز وجل: ونَهى النفْسَ عن الهَوى؛ معناه نَهاها عن شَهَواتِها وما تدعو إِليه من معاصي الله عز وجل. الليث: الهَو مقصور هَوى الضَّمير، تقول: هَوِيَ، بالكسر، يَهْوى هَوىً أَي أَحبَّ. ورجل هَوٍ: ذو هَوىً مُخامِرُه. وامرأَة هَوِيةٌ: لا تزال تَهْوى على تقدير فَعِلة، فإِذا بُنيَ منه فَعْلة بجزم العين تقول هَيَّة مثل طَيَّة. وفي حديث بَيْعِ الخِيار: يأْخُذُ كلُ واحد من البيع ما هَوِيَ أَي ما أَحب، ومتى تُكُلِّمَ بالهَوى مطلقاً لم يكن إِلا مذموماً حتى يُنْعَتَ بما يُخرجُ معناه كقولهم هَوىً حَسَنٌ وهَوىً موافق للصواب؛ وقول أَبي ذؤيب:

سَبَقوا هَوَيَّ وأَعْنَقُوا لِهَواهُـم

 

فتُخُرِّمُوا، ولكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ

قال ابن حبيب: قال هَوَيَّ لغة هذيل، وكذلك تقول قَفَيَّ وعَصَيَّ، قال الأَصمعي: أَي ماتوا قبلي ولم يَلْبثُوا لِهَواي وكنت أُحِبُّ أَن أَموت قبلهم، وأَعْنَقُوا لِهَواهم: جعلهم كأَنهم هَوُوا الذَّهابَ إِلى المَنِيَّةِ لسُرْعتهم إِليها، وهم لم يَهْوَوْها في الحقيقة، وأَثبت سيبويه الهَوَى لله عز وجل فقال: فإِذا فعَلَ ذلك فقد تَقَرَّب إِلى الله بهَواه.
وهذا الشيءُ أَهْوى إليَّ من كذا أَي أَحَبُّ إِليَّ؛ قال أَبو صخر الهذلي:

ولَلَيْلةٌ مِنهـا تَـعُـودُ لَـنـا

 

في غَيْرِ ما رَفْثٍ ولا إِثْـمِ

أَهْوى إِلى نَفْسِي، ولَوْ نَزَحَتْ

 

مِمَّا مَلَكْتُ، ومِنْ بَني سَهْـمِ

وقوله عز وجل: فاجْعَلْ أَفْئِدةً من الناس تَهْوَى إِليهم وارْزُقْهم من التَّمرات، فيمن قرأَ به إِنما عدَّاه بإِلى لأَن فيه معنى تميل، والقراءَة المعروفة تَهْوي إِليهم أَي تَرْتَفِع، والجمع أَهْواء؛ وقد هَوِيَه هَوىً، فهو هَوٍ؛ وقال الفراء: معنى الآية يقول اجعل أَفئدة من الناس تُريدُهم، كما تقول: رأَيت فلاناً يَهْوي نَحْوَك، معناه يُريدك، قال: وقرأَ بعض الناس تَهْوى إِليهم، بمعنى تَهْواهم، كما قال رَدِفَ لكم ورَدِفَكم؛ الأَخفش: تَهْوى إِليهم زعموا أَنه في التفسير تَهْواهم؛ الفراء: تَهْوي إِليهم أَي تُسْرعُ. والهَوى أَيضاً: المَهْويُّ؛ قال أَبو ذُؤيب:

زَجَرْتُ لها طَيْرَ السَّنِيحِ، فإِنْ تَكُـنْ

 

هَواكَ الذي تَهْوى، يُصِبْكَ اجْتِنابُها

واسْتَهْوَتْه الشياطينُ: ذهبت بهَواه وعَقْله. وفي التنزيل العزيز: كالذي اسْتَهْوَتْه الشياطينُ؛ وقيل: اسْتَهْوَتْه استَهامَتْه وحَيَّرَتْه، وقيل: زيَّنت الشياطينُ له هَواه حَيْرانَ في حال حيرته. ويقال للمُسْتَهام الذي استَهامَتْه الجنُّ: اسْتَهْوَته الشياطين. القتيبي: استَهْوته الشَّياطينُ هَوَتْ به وأَذْهَبتْه، جعله من هَوَى يَهْوي، وجعله الزجاج من هَوِيَ يَهْوَى أَي زيَّنت له الشياطينُ هَواه. وهَوى الرَّجل: ماتَ؛ قال النابغة:

وقال الشَّامِتُونَ: هَوى زِيادٌ

 

لِكُلِّ مَنِيَّةٍ سَببٌ مَـتِـينُ

قال: وتقول أَهْوى فأَخذ؛ معناه أَهْوى إِليه يَدَه، وتقول: أَهْوى إِليه بيَدِه.
وهاوِيةُ والهاوِيةُ: اسم من أَسماء جهنم، وهي معرفة بغير أَلف ولام.
وقوله عز وجل: فأُمُّه هاوِيةٌ؛ أَي مَسْكنه جهنمُ ومُسْتَقَرُّه النار، وقيل: إِنَّ الذي له بدل ما يسكن إِليه نارٌ حامية. الفراء في قوله، فأُمُّه هاوِية: قال بعضهم هذا دعاءٌ عليه كما تقول هَوَتْ أُمه على قول العرب؛ وأَنشد قول كعب بن سعد الغنوي يرثي أَخاه:

هَوَتْ امُّه ما يَبْعَثُ الصُّبْحُ غادِياً

 

وماذا يُؤَدِّي الليلُ حـين يَؤُوبُ

ومعنى هَوت أُمه أَي هلَكَت أُمُّه. وتقول: هَوَت أُمُّه فهي هاويةٌ أَي ثاكِلةٌ. وقال بعضهم: أُمّه هاويةٌ صارَتْ هاويةٌ مأْواه، كما تُؤْوي المرأَةُ ابنها، فجعلها إذْ لا مأْوى له غَيْرَها أُمّاً له، وقيل: معنى قوله فأُمُّه هاويةٌ أُمُّ رأْسه تَهْوي في النار؛ قال ابن بري: لو كانت هاوية اسماً علماً للنار لم ينصرف في الآية. والهاوِيةُ: كلُّ مَهْواة لا يُدْرَك قَعْرُها؛ وقال عمرو بن مِلْقَط الطائي:

يا عَمْرُو لو نالتْك أَرْماحُنـا

 

كنتَ كمَنْ تَهْوي به الهاوِيَهْ

وقالوا: إذا أَجْدَبَ الناسُ أَتى الهاوي والعاوي، فالهاوي الجَرادُ، والعاوي الذئبُ. وقال ابن الأَعرابي: إنما هو الغاوي، بالغين المعجمة، والهاوي، فالغاوي الجَرادُ، والهاوي الذِّئبُ لأَن الذِّئابَ تأْتي إلى الخِصْب. ابن الأَعرابي: إذا أَخْصَب الزَّمانُ جاء الغاوي والهاوي؛ قال: الغاوي الجَراد وهو الغَوْغاء، والهاوي الذئاب لأَن الذئاب تَهْوي إلى الخصب. قال: وقال إذا جاءت السنة جاء معها أَعوانُها، يعني الجَراد والذئاب والأَمراض.
ويقال: سمعتُ لأُذُني هَوِياًّ أَي دَوِيّاً، وقد هَوَت أُذُنه تَهْوي.
الكسائي: هاوَأْتُ الرَّجل وهاوَيْتُه، في باب ما يهمز وما لا يهمز، ودارَأْتُه ودارَيْتُه.
والهَواهي: الباطلُ واللَّغْوُ من القول، وقد ذكر أَيضاً في موضعه؛ قال ابن أَحمر:

أَفي كلِّ يَوْمٍ يَدْعُـوانِ أَطـبّةً

 

إليَّ، وما يُجْدُونَ إلا الهَواهِيا؟

قال ابن بري: صوابه الهَواهِيُّ الأباطيلُ، لأَن الهَواهِيَّ جمع هَوْهاءة من قوله هَوْهاءة اللُّبّ أَخْرَقُ، وإنما خففه ابن أَحمر ضرورة؛ وقياسُه هَواهِيُّ كما قال الأَعشى:

أَلا مَنْ مُبْلِغُ الفِتْـيا

 

نِ أَنَّا في هَواهيِّ

وإِمْساءِ وإِصبـاح

 

وأَمْرٍ غَيْرِ مَقْضِيِّ

قال: وقد يقال رجل هَواهِيةٌ إلا أَنه ليس من هذا الباب.
والهَوْهاءة، بالمد: الأَحْمَقُ. وفي النوادر: فلان هُوَّة أي أَحْمَقُ لا يُمْسِكُ شيئاً في صدره.
وهَوٌّ من الأَرض: جانِبٌ منها. والهُوّة: كلُّ وَهْدَةٍ عَمِيقةٍ؛ وأَنشد:

كأَنه في هُوَّةٍ تَقَحْذَما

قال: وجمع الهُوَّةِ هُوىً. ابن سيده: الهُوَّةُ ما انهَبَطَ من الأَرضَ، وقيل: الوَهْدةُ الغامضةُ من الأرض، وحكى ثعلب: اللهم أَعِذْنا من هُوَّةِ الكُفْر ودَواعي النفاق، قال: ضربه مثلاً للكُفْر، والأُهْوِيّة على أُفْعُولة مثلها. أَبو بكر: يقال وَقَعَ في هُوَّة أَي في بئر مُغَطَّاةٍ؛ وأَنشد:

إنكَ لو أُعْطِيتَ إَرْجاء هُـوّة

 

مُغَمَّسَةٍ، لا يُسْتَبانُ تُرابُـهـا

بِثَوْبِكَ في الظَّلْماء، ثم دَعَوْتَني

 

لجِئْتُ إِليها سادِماً، لا أَهابُها

النضر: الهَوَّةُ، بفتح الهاء، الكَوّةُ؛ حكاها عن أَبي الهذيل، قال: والهُوّةُ والمَهْواةُ بين جبلين. ابن الفرج: سمعت خليفة يقول للبيت كِواءٌ كثيرة وهِواء كثيرة، الواحدة كَوَّةٌ وهَوَّةٌ، وأَما النضر فإِنه زعم أَن جمع الهَوَّة بمعنى الكَوَّة هَوىً مثل قريةٍ وقُرىً؛ الأَزهري في قول الشماخ:

ولمّا رأَيتُ الأَمْرَ عَرْشَ هُوَيَّةً

 

تسَلَّيْتُ حاجاتِ الفُؤَادِ بشَمَّرا

قال: هُوَيَّةٌ تصغير هُوّة، وقيل: الهَوِيَّةُ بئر بَعِيدةُ المَهْواةِ، وعَرْشُها سقفها المُغَمَّى عليها بالتراب فيَعْتَرُّ به واطِئُه فيَقَع فيها ويَهْلِك، وأَراد لما رأَيتُ الأَمرَ مُشْرِفاً بي على هَلَكةِ طواطي سَقْفِ هَوَّةٍ مُغَمَّاةٍ تركته ومضيت وتسَلَّيْت عن حاجتي من ذلك الأَمر، وشَمَّرُ: اسم ناقة أَي ركبتها ومضيت. ابن شميل: الهُوَّةُ ذاهبةٌ في الأَرض بعيدة القعر مثل الدَّحْلِ غير أَن له أَلجافاً، والجماعةُ الهُوُّ، ورأْسُها مثلُ رأْس الدَّحْل. الأَصمعي: هُوَّةٌ وهُوىً. والهُوَّة: البئر؛ قال أَبو عمرو، وقيل: الهُوَّة الحُفْرة البعيدة القعر، وهي المَهْواةُ. ابن الأَعرابي: الرواية عَرْشَ هُوِيَّة، أَراد أُهْوِيَّةٍ، فلما سقطت الهمزة رُدَّت الضمة إلى الهاء، المعنى لما رأَيت الأَمر مشرفاً على الفوت مضيت ولم أُقم. وفي الحديث: إذا عَرَّسْتم فاجْتَنِبُوا هُوِيَّ الأَرضِ؛ هكذا جاء في رواية، وهي جمع هُوَّة، وهي الحُفْرة والمطمئن من الأَرض، ويقال لها المَهْواةُ أَيضاً. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، ووصفت أَباها قالت: وامْتاحَ من المَهْواة،أَرادت البئر العَمِيقَة أَي أَنه تحَمَّل ما لم يَتحَمَّل غيره. الأَزهري: أَهْوى اسم ماء لبني حِمَّان، واسمه السُّبَيْلةُ، أَتاهم الرَّاعي فمنعوه الوِرْدَ فقال:

إِنَّ على أَهْوى لأَلأَمَ حاضِر

 

حَسَباً، وأَقْبَحَ مَجْلسٍ أَلوانا

قَبَحَ الإِلهُ، ولا أُحاشي غَيْرَهُمْ

 

أَهْلَ السُّبَيْلةِ من بَني حِمَّانـا

وأَهْوى، وسُوقةُ أَهْوى، ودارة أَهْوى: موضع أَو مَواضِعُ، والهاء حرف هجاء، وهي مذكورة في موضعها من باب الأَلف اللينة.

هوب

الهَوْبُ: الرجلُ الكثيرُ الكلام، وجمعه أَهْوابٌ. والهَوْبُ: اسمُ النار. والهَوْبُ: اشْتِعالُ النارِ ووَهَجُها؛ يمانية. وهَوْبُ الشمسِ: وهَجُها، بلغتهم. وتركته بِهَوْبٍ دابِرٍ، وهُوبٍ دابِرٍ أَي بحيث لا يُدْرَى أَين هُوَ. والهَوْبُ: البُعْدُ.

هوت

الهَوْتَةُ والهُوتة، بالفتح والضم: ما انخفض من الأَرض واطْمَأَنَّ.
وفي الدُّعاء: صَبَّ الله عليه هَوْتَةً ومَوْتَةً؛ قال ابن سيده: ولا أَدْرِي ما هَوْتة هنا.
ومضَى هِيتَاءٌ من الليل أَي وَقْتٌ منه؛ قال أَبو علي: هو عندي فِعْلاء، مُلْحق بِسرْداح، وهو مأْخوذ من الهَوْتة، وهو الوَهْدَةُ وما انْخَفَضَ عن صَفْحة المُسْتَوَى.
وقيل لأُم هِشامٍ البَلَوِيَّة: أَين مَنْزِلُك؟ فقالت: بهاتَا الهُوتَةِ؛ قيل: وما الهُوتة؟ قالتْ: بهاتَا الوَكْرةِ؛ قيل: وما الوَكْرَةُ؟ قالت: بهاتَا الصُّدَّاد؛ قيل: وما الصُّدَّاد؟ قالت: بهاتا المَوْرِدَة؛ قال ابن الأَعرابي: وهذا كلُّه الطريقُ المُنْحَدِرُ إِلى الماء. وروي عن عثمان أَنه قال: وَدِدْتُ أَنَّ بيننا وبين العَدُوِّ هَوْتَةً لا يُدْرَكُ قَعْرُها إِلى يوم القيامة؛ الهَوْتَة، بالفتح والضم: الهُوَّةُ من الأَرض، وهي الوَهْدة العَمِيقةُ؛ قال ذلك حِرْصاً على سلامة المسلمين، وحَذَراً من القتال؛ وهو مِثْلُ قول عمر، رضي الله عنه: وَدِدْتُ أَن ما وَراء الدَّرب جَمْرةٌ واحدةٌ ونارٌ تَوَقَّدُ، تأْكلونَ ما وَراءه وت أْكلُ ما دُونه.

هوث

تركهم هَوْثاً بَوْثاً: أَوْقَعَ بهم

هوج

الهَوَجُ كالهَوَكِ: الحُمْقُ؛ هَوِجَ هَوَجاً، فهو أَهْوَجُ، والأُنثى هَوْجاء، والهَوَجُ مصدر الأَهْوَجِ، وهو الأَحمق.
وأَهْوَجَه: وجده أَهْوَجَ.
والأَهْوَجُ: الشجاع الذي يرمي بنفسه في الحرب، على التشبيه بذلك.
والأَهْوَجُ: المُفْرِطُ الطُّول مع هَوَج، ويقال للطُّوال إذا أَفرط في طوله: أَهْوَجُ الطُّول. ورجل أَهْوَجُ بَيِّنُ الهَوَجِ أَي طويل، وبه تَسَرُّعٌ وحُمْقٌ. وفي حديث عثمان: هذا الأَهْوَجُ البَجْباجُ. الأَهْوَجُ: المُسْرِعُ إِلى الأُمور كما يتفق، وقيل: الأَحمق القليل الهداية؛ وفي حديث عمر: أَما والله لئن شاء لَتَجِدَّنَّ الأَشعثَ أَهْوَجَ جَرِيئاً.
والهَوْجاءُ من الإِبل الناقة التي كأَن بها هَوَجاً من سُرْعتها، وكذلك بعير أَهْوَجُ؛ قال أَبو الأَسود:

على ذاتِ لَوْثٍ أَو بأَهْوَجَ دَوْسَرٍ

 

صَنِيعٍ نَبيل، يَمْلأُ الرَّحْلَ كاهِلُهْ

وريح هَوْجاء: متدارِكة الهُبوب كأَن بها هَوَجاً؛ وقيل: هي التي تَحْمِلُ المُورَ وتجرُّ الذَّيل. والهَوْجاء: الرِّيح التي تَقْلَعُ البيوت، والجمع هُوجٌ. وقال ابن الأَعرابي: هي الشديدة الهُبوب من جميع الرياح؛ قال ابن الأَحمر:

وَلِهَتْ عليه كلُّ مُعْصِفَةٍ

 

هَوْجاء، ليس للُبِّها زَبْرُ

قال ابن سيده: أَنشده سيبويه برفع هوجاء على أَنه وصف لكل، وأَنث الشاعر الوصف حملاً على المعنى إِذِ الكل هنا ريح، والريح أُنثى؛ ونظيره قوله تعالى: كلُّ نَفْسٍ ذائقةُ الموتِ؛ وضَرْبةٌ هَوْجاءُ هَجَمَتْ على الجوف.
والهَوْجاء: من صفة الناقة خاصة، ولا يقال: جمل أَهْوَجُ، قال: وهي الناقة السريعة لا تَتَعاهَدُ مَواطِئ مَناسِمِها من الأَرض. أَبو عمرو: في فلان عَوَجٌ وهَوَجٌ، بمعنى واحد. وفي حديث مكحول: ما فَعَلْتَ في تلك الهَاجةِ؟ يريد الحاجة لأَن مكحولاً كان في لسانه لُكْنةٌ، وكان من سَبْي كابُلَ، قال: أَو هو على قلب الحاء هاء.

هود

الهَوْدُ: التَّوْبَةُ، هادَ يَهُودُ هوْداً وتَهَوَّد: تابَ ورجع إِلى الحق، فهو هائدٌ. وقومٌ هُودٌ: مِثْلُ حائِكٍ وحُوكٍ وبازِلٍ وبُزْلٍ؛ قال أَعرابي: إِنِّي امرُؤٌ مِنْ مَدْحِهِ هائِد وفي التنزيل العزيز: إِنَّا هُدْنا إِليك؛ أَي تُبْنا إِليك، وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير وإِبراهيم. قال ابن سيده: عدّاه بإِلى لأَن فيه معنى رجعنا، وقيل: معناه تبنا إِليك ورجعنا وقَرُبْنا من المغفرة؛ وكذلك قوله تعالى: فتُوبوا إِلى بارِئِكم؛ وقال تعالى: إِن الذين آمنوا والذين هادوا؛ وقال زهير:

سِوَى رُبَعٍ لم يَأْتِ فيها مَخافةً،

 

ولا رَهَقاً مِنْ عابِدٍ مُتَـهَـوِّد

قال: المُتَهَوِّد المُتَقَرِّبُ. شمر: المُتَهَوِّدُ المُتَوَصِّلُ بِهَوادةٍ إِليه؛ قال: قاله ابن الأَعرابي. والتَّهَوُّدُ: التوبةُ والعمل الصالح.
والهَوادَةُ: الحُرْمَةُ والسبب. ابن الأَعرابي: هادَ إذا رجَع من خير إِلى شرّ أَو من شرّ إِلى خير، وهادَ إذا عقل. ويَهُودُ: اسم للقبيلة؛ قال:

أُولئِكَ أَوْلى مِنْ يَهُودَ بِمِدْحةٍ،

 

إِذا أَنتَ يَوْماً قُلْتَها لم تُؤنَّب

وقيل: إِنما اسم هذه القبيلة يَهُوذ فعرب بقلب الذال دالاً؛ قال ابن سيده: وليس هذا بقويّ. وقالوا اليهود فأَدخلوا الأَلف واللام فيها على إِرادة النسب يريدون اليهوديين. وقوله تعالى: وعلى الذين هادُوا حَرَّمْنا كلَّ ذي ظُفُر؛ معناه دخلوا في اليهودية. وقال الفراء في قوله تعالى: وقالوا لَنْ يَدْخُلَ الجنةَ إِلا من كان هُوداً أَو نصارى؛ قال: يريد يَهُوداً فحذف الياء الزائدة ورجع إِلى الفعل من اليهودية، وفي قراءة أُبيّ: إِلا من كان يهوديّاً أَو نصرانيّاً؛ قال: وقد يجوز أَن يجعل هُوداً جمعاً واحده هائِدٌ مثل حائل وعائط من النُّوق، والجمع حُول وعُوط، وجمع اليهوديّ يَهُود، كما يقال في المجوسيّ مَجُوس وفي العجمي والعربيّ عجم وعرب.
والهُودُ: اليَهُود، هادُوا يَهُودُون هَوْداً. وسميت اليهود اشتقاقاً من هادُوا أَي تابوا، وأَرادوا باليَهُودِ اليَهُودِيِّينَ ولكنهم حذفوا ياء الإِضافة كما قالوا زِنْجِيٌّ وزنْج، وإِنما عُرِّف على هذا الحد فجُمِع على قياس شعيرة وشعير، ثم عُرّف الجمع بالأَلِف واللام، ولولا ذلك لم يجز دخول الأَلِف واللام عليه لأَنه معرفة مؤنث فجرى في كلامهم مجرى القبيلة ولم يجعل كالحيّ؛ وأَنشد علي بن سليمان النحوي:

فَرَّتْ يَهُودُ وأَسْلَمَتْ جِيرانَهـا،

 

صَمِّي، لِما فَعَلَتْ يَهُودُ، صَمامِ

قال ابن برِّيّ: البيت للأَسود بن يعفر. قال يعقوب: معنى صَمِّي اخْرسي يا داهيةُ، وصَمامِ اسم الداهيةِ علم مثل قَطامِ وحَذامِ أَي صَمِّي يا صَمامِ؛ ومنهم من يقول: الضمير في صمي يعود على الأُذن أَي صَمِّي يا أُذُن لما فعلتْ يَهُود. وصَمامِ اسم للفعل مثل نَزالِ وليس بنداء.
وهَوَّدَ الرجلَ: حَوّلَه إِلى ملة يَهُودَ. قال سيبويه: وفي الحديث: كلُّ مَوْلُود يُولَدُ على الفِطْرَةِ حتى يكون أَبواه يُهَوِّدانِه أَو يُنَصِّرانِه، معناه أَنهما يعلمانه دين اليهودية والنصارى ويُدْخِلانه فيه. والتَّهْوِيدُ: أَن يُصَيَّرَ الإِنسانُ يَهُوديّاً. وهادَ وتَهَوَّد إذا صار يهوديّاً.
والهَوادةُ: اللِّينُ وما يُرْجَى به الصلاحُ بين القوم. وفي الحديث: لا تأْخُذُه في الله هَوادةٌ أَي لا يَسْكُنُ عند حد الله ولا يُحابي فيه أَحداً. والهَوادةُ: السُّكونُ والرُّخْصة والمحاباة. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أُتِيَ بِشاربٍ فقال: لأَبْعَثَنَّكَ إِلى رجل لا تأْخُذُه فيك هَوادةٌ. والتَّهْوِيدُ والتَّهْوادُ والتَّهَوُّدُ: الإِبْطاءُ في السَّيْر واللِّينُ والتَّرَفُّقُ. والتَّهْوِيدُ: المشيُ الرُّوَيْدُ مثل الدَّبيب ونحوه، وأَصله من الهَوادةِ. والتَّهْوِيدُ: السَّيْرُ الرَّفِيقُ.
وفي حديث عِمْران بن حُصين أَنه أَوْصَى عند موتِه: إذا مُتُّ فَخَرَجْتُمْ بي، فأَسْرِعُوا المَشْيَ ولا تُهَوِّدُوا كما تُهَوِّدُ اليهودُ والنصارى. وفي حديث ابن مسعود: إذا كنتَ في الجَدْبِ فأَسْرِعِ السَّيْرَ ولا تُهَوِّد أَي لا تَفْتُرْ. قال: وكذلك التَّهْوِيدُ في المَنْطِقِ وهو الساكِنُ؛ يقال: غِناءٌ مُهَوِّد؛ وقال الراعي يصف ناقة:  

وخُود منَ اللاَّئي تَسَمَّعْنَ، بالضُّحى،

 

قَرِيضَ الرُّدافَى بالغِناءِ المُـهَـوِّدِ

قال: وخُود الواو أَصلية ليست بواو العطف، وهو من وَخَدَ يخد إذا أَسرعَ. أَبو مالك: وهَوّدَ الرجلُ إذا سكَن. وهَوَّدَ إذا غَنَّى. وهَوَّدَ إذا اعتَمد على السير؛ وأَنشد:

سَيْراً يُراخِي مُنَّةَ الجَلِيد

 

ذا قُحَمٍ، وليس بالتَّهْوِيدِ

أَي ليس بالسَّيْر اللَّيِّن. والتهوِيدُ أَيضاً: النومُ. وتَهْوِيدُ الشراب: إِسكارُه. وهَوَّدَه الشرابُ إذا فَتَّرَه فأَنامَه؛ وقال الأَخطل:

ودافَعَ عَني يومَ جِلَّقَ غَـمْـزُه،

 

وصَمَّاءُ تُنْسِيني الشرابَ المُهَوِّدا

والهَوادَةُ: الصُّلْحُ والمَيْلُ. والتهوِيدُ والتَّهْوادُ: الصوتُ الضعيفُ اللَّيِّنُ الفاتِرُ. والتهوِيدُ: هَدْهَدةُ الريحِ في الرمل ولِينُ صوتها فيه. والتَّهْوِيدُ: تَجاوُبُ الجنِّ لِلِينِ أَصواتِها وضَعْفِها؛ قال الراعي:

يُجاوِبُ البومَ تَهْوِيدُ العَزِيفِ به،

 

كما يَحِنُّ لِغَيْثٍ جِـلَّةٌ خُـورُ

وقال ابن جَبَلَةَ: التهوِيدُ الترجيعُ بالصوت في لِين. والهَوادةُ: الرُّخْصة، وهو من ذلك لأَن الأَخذ بها أَلْيَنُ من الأَخذ بالشدّة.
والمُهاوَدةُ: المُوادَعَةُ. والمُهاوَدةُ: المُصالَحَةُ والمُمايَلةُ.
والمُهَوِّدُ: المُطْرِبُ المُلْهِي؛ عن ابن الأَعرابي. والهَوَدَةُ، بالتحريك: أَصل السنامِ. شمر: الهَوَدةُ مجتَمَعُ السَّنامِ وقَحَدَتُه، والجمع هَوَدٌ؛ وقال:

كُومٌ عليها هَوَدٌ أَنضادُ

وتسكن الواو فيقال هَوْدةٌ.
وهُودٌ: اسم النبي، صلى الله على نبينا محمد وعليه وسلم، ينصرف، تقول: هذه هُودٌ إذا أَردْتَ سورة هُودٍ، وإِن جعلت هُوداً اسم السورة لم تصرفه، وكذلك نُوحٌ ونُونٌ، والله أَعلم.

هوذ

الهَوْذَةُ: القطاة الأُنثى، وفي الصحاح: هَوْذة القطاةُ، وخص بعضهم بها الأُنثى، وبها سمي الرجلُ هَوْذَةَ؛ قال الأَعشى:

من يَلْقَ هَوْذَةَ يَسْجُدْ غير مُتَّئِب

 

إذا تعمم فوق التاج أَو وضَعَا

والجمع هُوذ على طرح الزائد؛ قال الطرماح:

من الهُوذِ كَدْراءُ السَّراةِ، ولَوْنُها

 

خَصِيفٌ كَلَوْنِ الحَيْقُطانِ المُسَيَّح

وقيل: هَوْذَةُ ضرب من الطير غيرها. والهاذَة: شجرة لها أَغصان سبطة لا ورق لها، وجمعها الهاذ؛ قال الأَزهري: روى هذا النضر، قال: والمحفوظ في باب الاشجار الحاذ.

هور

هارَه بالأَمرِ هَوْراً: أَزَنَّه. وهُرْتُ الرجلَ بما ليس عنده من خير إذا أَزْنَنْتَه، أَهُورُه هَوْراً؛ قال أَبو سعيد: لا يقال ذلك في غير الخبر. وهارَه بكذا أَي ظنه به؛ قال أَبو مالك بن نُوَيْرَة يصف فرسه:

رَأَى أَنَّني لا بالكـثـير أَهُـورُه

 

ولا هُوَ عَنِّي في المُواساةِ ظاهرُ

أَهُورُه أَي أَظن القليلَ يكفيه. يقال: هو يُهارُ بكذا أَي يُظَنُّ بكذا؛ وقال آخر يصف إِبلاً:

قد عَلِمَتْ جِلَّتُها وخُورُها أَني

 

بِشِرْبِ السُّوءِ، لا أَهُورُهـا

أَي لا أَظن أَن القليل يكفيها ولكن لها الكثير.
ويقل: هُرْتُ الرجلَ هَوْراً إذا غَشَتشْتَه. وهُرْتُه بالشيء: اتَّهَمْتُه به، والاسم الهُورَةُ. وهارَ الشيءَ: حَزَرَه. وقيل للفَزارِيِّ: ما القطعة من الليل؟ فقال: حُزْمَةٌ يَهُورُها أَي قطعة يَحْزُرها.
وهُرْتُه: حملته على الشيء وأَردته به. وضَرَبَه فَهارَه وهَوَّره إذا صرعه.
وهارَ النباءَ هَوْراً: هَدَمَه. وهار البناءُ والجُرْفُ يَهُورُ هَوْراً وهُؤُوراً، فهو هائِرٌ وهارٍ، على القلب.
وتهور وتهير،الأخيرة على المعاقبة، وقد يكون تفعيل، كله: تهدم، وقيل: انصد من قلفه وهو ثابت بعد في مكانه، فإذا سقط فقد انثار وتهور. وفي حديث ابن الضباء: فتهور القليب بن عليه. يقال هار البناء يهور ونهور إذا سقط، وقول بشر بن أبي خازم:

بكل قرارة من حيث حارت

 

ركية سنبك فيها انـهـيار

قال ابن الأعرابي: الانهيار موضع لين ينهار، سماه بالمصدر وهكذا عبر عنه، وكل ما سقط من أعلى جرف أو شفير ركية في أسفلها، فقد تهور وتدهور. وفي حديث خزيمة: تركت المخ رارا والمطي هارا، الهار الساقط الضعيف. يقال: هو هار وهار وهائر، فأما هائر فهو الأصل من هار يهور، وأما هار بالرفع فعلى حذف الهمزة، وأما هار بالجر فعلى نقل الهمزة إلى بعد الراء، كما قالوا في شائك السلاح: شاك السلاح ثم عمل به ما عمل بالمنقوص نحو قاض وداع، ويروى هارا، بالتشديد. وتهور الشتاء: ذهب أشده وأكثره وانكسر برده. وتهور الليل: ذهب، وقيل: تهور الليل ولى أكثره وانكسر ظلامه. ويقال في هذا المعنى بعينه: توهر الليل والشتاء، وتوهر الليل إذا تهور. وفي الحديث: حتى تهور الليل أي ذهب أكثره. الجوهري: ويقال جرف هار، خفضوه في موضع الرفع وأرادوا هائر، وهو مقلوب من الثلاثي إلى الرباعي كما قلبوا شائك السلاح إلى شاك السلاح، قال ابن بري: قول الجوهري جرف هار في موضع الرفع وأصله هائر وهو مقلوب من الثلاثي إلى الرباعي، قال: هذه العبارة ليست بصحيحة لأن الثلاثي إلى الرباعي، قال: المقلوب من الثلاثي وهو من هور، ألا ترى أن هائرا وهاريا على وزن فاعل؟ وإنما أراد الجوهري أن قولهم هار هو على ثلاثة أحرف وهائر على أربعة أحرف وليس الأمر على ذلك أيضا بل هار على أربعة أحرف وإنما حذفت الياء لسكونها وسكون التنوين، وما حذف لالتقاء الساكنين فهو بمنزلة الموجود، ألا ترى أنك إذا نصبته ثبتت الياء لتحركها فتقول: رأيت جرفا هاريا؟ فهو على فاعل، كما أن قولك رأيت جرفا هائرا هو أيضا على فاعل فقد ثبت أن كلا منهما على أربعة أحرف.
وهورته فتهور وانهار أي انهدم. والتهور: الوقوع في الشيء بقلة مبالاة. يقال: فلان متهور. واهتور الشيء: هلك. ابن الأعرابي: الهائر الساقط والراهي المستقيم والهورة الهلكة. أبو عمرو: الهورورة المرأة الهالكة. ورجل هار وهار، الأخيرة على القلب: ضعيف. الأزهري: رجل هارر إذا كان ضعيفا في أمره، وأنشد:

ماضي العزيمة لا هار ولا خزل

وخرق هور أي واسع بعيد، قال ذو الرمة:

هيماء يهماء وخرق أهيم

هور عليه هبوات جثم

للريح وشيء فوقه منمنم

وهورنا عنا القيظ وجرمناه وجرمناه وكببناه بمعنى. ويقال: هرت القوم أهورهم هورا إذا قتلتهم وكببت بعضهم على بعض كما ينهار الجرف، قال الهذلي:

فاستدبروهم فهاروهم كأنهـم

 

أفناد كبكب ذات الشث الخزم

واهتور إذا هلك، ومنه الحديث: من أطاع ربه فلا هوارة عليه أي لا هلك. وفي الحديث: من اتقى الله وقي الهورات يعني المهالك، واحدتها هورة. وفي حديث أنس: أنه خطب فقال: من يتقي الله لا هوارة عليه، فلم يدروا ما قال، فقال يحيى بن يعمر: أي لا ضيعة عليه.
والهور: بحيرة تغيض فيها مياه غياض وآجام فتتسع ويكثر ماؤها، والجمع أهوار.
والتهيور: ما انهار من الرمل، وقيل: التهيور ما اطمأن من الرمل. وتيه تيهور: شديد، ياؤه على هذا معاقبة بعد القلب.

هوز

هَوَّزَ الرجلُ: مات. قال: وما أَدري أَيُّ الهُوزِ هو أَي الخَلْقِ، وما أَدري أَيُّ الطَّمْشِ هو، ورواه بعضهم: ما أَدري أَيُّ الهُونِ هو، والزاي أَعرف.
قال ابن سيده: والأَهْوازُ سَبْعُ كُوَرٍ بين البصرة وفارِسَ، لكل واحدة منها اسم، وجمعها الأَهْوازُ أَيضاً، وليس للأَهواز واحد من لفظه ولا يفرد واحد منها بِهُوزٍ.
وهَوَّز وهَوَّاز: حروف وضعت لحساب الجُمَّلِ: الهاء خمسة والواو ستة والزاي سبعة.
ويقال: ما في الهُوزِ مثله وما في الغَاطِ مثله أَي ليس في الخلق مثله.

هوس

الهَوْس: الطَّوَفان بالليل والطلب بِجُرْأَة. هاسَ يَهُوس هَوْساً: طاف بالليل في جرْأَة. وأَسد هَوَّاس وكذلك النَّمِر؛ قال:

وفي يَدِي مِثْلُ ماء الثَّغْبِ ذُو شُطَبٍأَنَّى نَحَيْتُ يَهُوسُ اللَّيْثُ والنَّمِرُ

قال ابن الأَعرابي: أَراد الثَّغَب فسكن للضرورة، وأَما سيبويه فقال: الثَّغْب، بسكون الغين، الغَدير.
ورجل هَوَّاس وهَوَّاسَةٌ: شجاع مجرَّب.
والهَوْس: الإِفساد، هاسَ الذئب في الغنم هَوْساً. والهَوْس: الدَّقُّ، هاسَه يَهُوسُه وهَوَّسه. الأَصمعي: هُسْتُه هَوْساً وهِسْتُه هيساً وهو الكسر والدقُّ؛ وأَنشد:  

إِنَّ لنَا هَوَّاسَةً عَرِيضَا

والتَّهَوُّس: المشي الثقيل في الأَرض الليِّنَة. وهَوِسَ الناس هَوَساً: وقعوا في اختلاط وفساد. وهَوِسَت الناقة هَوَساً، فهي هَوِسَةٌ: اشتدت ضَبَعَتُها، وقيل: ترددت فيها الضَّبَعَة. وضَبَعٌ هَوَّاس: شديد؛ قال:

يُوشِك أَن يُؤْنَسَ في الإِينَـاسِ

 

في مَنْبِتِ البَقْل وفي اللُّسَاسِ،

منها هَدِيمُ ضَبَـعٍ هَـوَّاسِ

 

 

والهَوِيس: النظر والفكر. والهَوْس: الأَكل الشديد. والهَوْس: شديد الأَكل. والعرب تقول: الناس هَوْسَى والزمان أَهْوَس؛ قال: الناس يأْكلون طيّبات الزمان، والزمانُ يأْكلهم بالموت. والهَوَّاس: الأَسد؛ قال الكميت:

هُوَ الأَضْبَطُ الهَوَّاسُ فينا شَجَاعَةً

 

وفيمَنْ يُعادِيهِ الهِجَفُّ المُثَّقَّـل

والهَوْس: المَشي الذي يعتمد فيه صاحبه على الأَرض اعتماداً شديداً، ومنه سمي الأَسد الهَوَّاس. والهَوْس: السوق اللين. يقال: هُسْت الإِبل فَهَاست أَي ترعى وتسير، وإِنما شبه هَوَسان الناقة بهَوَان الأَسد لأَنها تمشي خَطْوة خطوة وهي ترعى.
والهَوَس، بالتحريك: طَرف من الجنون. وفي حديث أَبي الأَسود: فإِنه أَهْيَسُ أَلْيَسُ، يذكر في ترجمة هيس، واللَّه أَعلم.

هوش

هاشَت الإِبلُ هَوْشاً: نفَرَت في الغارة فتبدَّدَتْ وتفرَّقت.
وإِبل هَوّاشةٌ: أَخَذَت من هنا وهنا. والهَوْشَةُ: الفِتْنةُ والهَيْجُ والاضطرابُ والهَرْجُ والاختلاطُ. يقال: قد هَوَّشَ القوم إذا اختلطوا؛ وكذلك كل شيء خَلَطْتَه فقد هَوَّشْته؛ قال ذو الرمة يصِفُ المنازل وأَن الرياح قد خلَطت بعضَ آثارها ببعض:

تَعَفَّتْ لِتَهْتانِ الشِّتاءِ، وهَوَّشَـتْ

 

بها نائِجاتُ الصَّيْفِ شَرْقِيَّةً كُدْرا

وفي حديث الإِسراء: فإِذا بَشَرٌ كثيرٌ يَتَهاوَشُون؛ التَّهاوُشُ: الاختلاطُ، أَي يَدْخُل بعضُهم في بعض. وفي حديث قيس بن عاصم: كنت أُهاوِشُهم في الجاهلية أَي أُخالِطُهم على وَجْهِ الإِفْساد. والهَوْشةُ: الفسادُ.
وهاشَ القومُ وهَوِشُوا هَوَشاً وتَهَوّشوا: وقعُوا في فساد. وتهَوَّشوا عليه: اجْتَمَعُوا. وهَوَّشَ بينهم: أَفسَد؛ وقول الراجز:

قد هَوَّشَتْ بُطونُها واحْقَوْقَفَتْ

أَي اضطربت من الهُزال، وكذلك هاشَ القومُ يَهُوشون هَوْشاً.
ويقال للعدد الكثير: هَوْشٌ. والهُواشاتُ، بالضم: الجماعاتُ من الناس ومن الإِبل إذا جمعوها فاختلط بعضها ببعض. قال عرام: يقال رأَيت هُوَاشةً من الناس وهَوِيشةً أَي جماعة مختلطة. قال أَبو عدنان: سمعت التميميات يقلْن الهَوْشُ والبَوْشُ كثرةُ الناس والدواب؛ ودخلنا السوق فما كِدْنا نَخْرُج من هَوْشِها وبَوْشِها. وقال: إتقوا هَوَشاتِ السُّوق أَي اتقوا الضلال فيها وأَن يُحْتالَ عليكم فتُسْرَقُوا. وهَوَشاتُ الليل: حوادثُه ومكروهُه. قال ابن سيده: وهَوَشاتُ السوق قال حكاه ثعلب بفتح الواو ولم يفسره، قال: وأَراه اخْتِلاطَها وما يُوكَسُ فيه الإِنسانُ عندها ويُغْبَن.
وفي حديث ابن مسعود: إيّاكم وهَوَشاتِ الليلِ وهَوَشاتِ الأَسواق، ورواه بعضهم: وهَيَشاتِ، بالياء، أَي فِتَنها وهَيْجَها. والهُوَاشُ، بالضم: ما جُمِع من مالٍ حرام وحلالٍ كأَنه جمعُ مَهْوَشٍ من الهَوْش الجمع والخلْط.
والمَهاوِشُ: مكاسبُ السُّوء؛ ومنه الحديث: مَن اكتسبَ مالاً من مَهاوِشَ أَذْهَبَهُ اللَّه في نَهابِرَ؛ المَهاوِشُ: كلُّ مالٍ يُصاب من غير حِلَّة ولا يُدْرَى ما وجهُه كالغَصْب والسَّرِقة ونحو ذلك وهو شبيه بما ذكر من الهَوَشاتِ؛ وقال ابن الأَعرابي: ويروى: مِنْ نَهاوِشَ، وقد تقدم في موضعه، وهو أَن يَنْهشَ من كلّ مكان، ورواه بعضهم: من تَهاوِشَ. ابن الأَنباري؛ وقول العامّة شَوَّشَ الناسُ إِنما صوابه هَوَّشَ وشَوَّشَ خطأٌ.
الليث: إذا أُغِيرَ على مالِ الحيِّ فنَفَرت الإِبلُ واخْتَلَط بعضُها ببعض قيل: هاشَت تَهُوش، فهي هَوائِشُ.
وجاء بالهَوْشِ والبَوْشِ أَي بالجَمْع الكثير من الناس. والهَوْشُ: المجتمعون في الحرْب، والهَوْش: خلاءُ البطن.
وأَبو المهْوَشِ: من كُناهم. وذو هاشٍ: موضعٌ ذكره زهير في شعره.

هوع

هاع يَهُوع ويَهاع هَوْعاً وهُواعاً: تَهَوَّع وقاءَ، وقيل: قاء بلا كُلْفة، وإِذا تكلف ذلك قيل تَهَوَّعَ، وما خرج من حَلْقه هُواعة.
ويقال: تهوَّع نفْسَه إذا قاءَ بنفْسه كأَنه يخرجها، قال رؤْبة يصف ثوراً طعن كلاباً:

يَنْهَى به سَوَّارَهُنَّ الأَشْجَعا

 

حتّى إذا ناهَزَها تَهَوَّعـا

قال بعضهم: تَهَوَّع أَي قاءَ الدم. ويقال: قاءَ نفْسَه فأَخْرَجَها.
وحى اللحياني: هاعَ هَيْعُوعةً، في بنات الواو، تهوّع، ولا يتوجه، اللهم إِلا أَن يكون محذوفاً. وتهوَّع: تَكَلَّف القَيءَ. وهَوَّعَه: قَيّأَه.
والتهوّع: التقيؤُ. يقال: لأُهَوِّعَنَّه ما أَكَلَ أَي لأُقَيِّئَنَّه ولأَسْتَخْرِجَنَّه من حَلْقه. وفي الحديث كان إذا تسوَّك قال أُعْ أُعْ كأَنه يَتَهوَّع أَي يَتَقَيّأُ؛ والهُواعُ: القيءُ؛ ومنه حديث علقمة: الصائمُ إذا ذَرَعَه القيءُ فليُتِمَّ صومَه وإِذا تَهَوَّع فَعَلَيْه القضاء أَي إذا اسْتَقاءَ.
وهاعَ القومُ بعضُهم إِلى بعض أَي هَمُّوا بالوُثوب. والهُواعةُ: ما هاعَ به.
ورجُل هاعٌ لاعٌ: جَزُوعٌ، وامرأَة هاعةٌ لاعةٌ؛ قال ابن جني: تقديره عندنا فَعِلٌ مكسور العين.
وهُواعٌ: ذو القَعْدة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

وقَوْمِي لَدَى الهَيْجاءِ أَكْرَمُ مَوْقِفاً

 

إذا كانَ يومٌ من هُواعٍ عَصِيبُ

هوغ

الهَوْغُ: الشيء الكثير، وليس باللغة المستعملة.

هوف

رجل هُوفٌ: لا خير عنده. والهُوفُ من الرَّياح: كالهَيْفِ، وهي الباردةُ الهُبوب، وفي الصحاح: الهوف الريح الحارّة؛ ومنه قول أُم تأَبَّط شرّاً: واابْناه، ليس بعُلْفُوف تَلُفُّه هُوف حَشيّ من صُوف، وقيل: لم يسمع هذا إلاَّ في كلام أُم تأَبط شرّاً، وإنما قالته لأَن فِقَر كلامها موضوعة على هذا، أَلا ترى أَن قبل هذا ما قدّمناه من قولها ليس بعُلْفُوف وبعده حشيّ من صوف؟ فإذا كان ذلك فهو من هيف، وسنذكره بعد ذلك إن شاء اللّه تعالى.

هوق

قالهَوْقَةُ: كالأوْقةِ وهي حفرة يجتمع فيها الماء ويكثر فيه الطين وتأْلفها الطير، والجمع هُوق، والله أعلم.

هوك

لأَهْوَكُ الأَحمق وفيه بقيَّةٌ، والاسم الهَوَكُ، وقد هَوِكَ هَوَكاً. ورجل هَوَّاك ومُتَهَوِّك: متحير؛ أنشد ثعلب:

إذا تُرِكَ الكَعْبيُّ والقَوْلَ سادِراً،

 

تَهَوَّكَ حتى مـا يَكـادُ يَرِيعُ

وقد هَوَّكه غيرُه. والأَهْوَكُ والأَهوَجُ واحد. والتَّهَوُّكُ: السُّقوط في هُوَّة الرَّدى. وروي عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنه قال للنبي، صلى الله عليه وسلم: إنا نسمع أحاديث من يَهُودَ تعجبنا أفَتَرى أن نكتبها؟ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: أمُتَهَوِّكونَ أنتم كما تَهَوَّكَتِ اليهودُ والنصارى؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقِيَّة قال أبو عبيدة: معناه أمُتَحَيِّرونَ أنتم في الإسلام حتى تأخذوه من اليهود؟ وقال ابن سيده؛ يعني أمتحيرون؟ وقيل: معناه أمُتَرَدِّدُونَ ساقطون؟ وإنه لمُتَهَوِّكٌ لما هو فيه أي يركب الذنوب والخطايا. الجوهري: التَّهَوُّكُ مثل التَّهَوُّر، وهو الوقوع في الشيء بقلة مُبالاة وغير رَوِيَّةٍ. والتَّهَوُّك: التحيُّر. ابن الأَعرابي: الأَهْكاء المُتَحيرون، وهاكاه إذا استصغر عقله.
والمُتَهَوِّك: الذي يقع في كل أَمر. وفي الحديث من طريق آخر: أن عمر أتاه بصحيفة أخذها من بعض أهل الكتاب فغضب وقال: أمُتَهَوِّكونَ فيها يا ابن الخطاب؟

هول

الهَوْلُ: المخافة من الأَمر لا يَدْرى ما يَهْجِم عليه منه كَهَوْل الليل وهَوْل البحر، والجمع أَهْوال وهُؤُول، والهُؤُول جمع هَوْل؛ وأَنشد أَبو زيد:

رَحَلْنا من بلاد بني تمـيم

 

إِليك، ولم تَكَاءَدْنا الهُؤُولُ

يهمزون الواو لانضمامها. والهِيلَة: الهَوْلُ. وهالَنِي الأَمرُ يَهُولُني هَوْلاً: أَفزَعَني؛ وقوله:

وَيْهاً فِدَاءً لك يا فَضالَهْ

 

أَجِرَّهُ الرُّمْحَ، ولا تُهالَهْ

فتح اللام لسكون الهاء وسكون الأَلف قبلها، واختاروا الفتحة لأَنها من جنس الأَلف التي قبلها، فلما تحرَّكت اللام لم يلتق ساكنان فتحذف الأَلف لالتقائهما؛ قال ابن سيده: فأَما قول الآخر:  

إِضْرِبَ عنكَ الهُمُومَ طارِقَهـا

 

ضَرْبَك بالسَّوْطِ قَوْنَسَ الفَرَس

فإِنَّ ابن جني قال: هو مَدْفوع مصنوع عند عامة أَصحابنا ولا رواية تثبُت به، وأَيضاً فإِنه ضعيف ساقط في القياس، وذلك لأَن التأْكيد من مواضع الإِطْناب والإِسْهاب فلا يَليق به الحَذْف والاختصار، فإِذا كان السماعُ والقياسُ يدفعان هذا التأْويل وَجَب إِلغاؤه والعُدول إِلى غيره مما كثر استعماله وصحَّ قياسه. وهَوْلٌ هائلٌ ومَهُول، وكَرِهَها بعضهم، وقد جاء في الشعر الفصيح.
والتَّهْوِيل: التفريع؛ الأَزهري: أَمر هائل ولا يقال مَهُول إِلا أَن الشاعر قد قال:

ومَهُولٍ، منَ المَناهِل، وَحْشٍ

 

ذي عَراقيبَ آجِنٍ مِدْفـانِ

وتفسير المَهُول أَي فيه هَوْل، والعرب إذا كان الشيء هُوَ لَهُ أَخرجوه على فاعِل مثل دارِع لذي الدِّرْع، وإِن كان فيه أَو عليه أَخرجوه على مَفْعول، كقولك مَجْنون فيه ذاك، ومَدْيون عليه ذاك. ومكان مَهِيل أَي مَخُوف؛ قال رؤبة:

مَهِيلُ أَفْيافٍ لها فُيُوفُ

وكذلك مكان مَهالٌ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:

أَلا يا لَقَوْمي لِطَيفِ الـخَـيا

 

لِ، أَرَّقَ من نازِحٍ ذي دَلالِ

أَجازَ إِلينا، عـلـى بُـعْـده

 

مَهاوِيَ خَرْقٍ مَهابٍ مَهالِ

ويقال: اسْتَهال فلان كذا يَسْتَهِيله، ويقال يَسْتَهْوِله، والجيِّد يَسْتَهِيله. وهُلْته فاهْتال: أَفزعته ففزع، وقد هَوَّل عليه.
والتَّهْوِيل والتَّهاوِيلُ: ما هُوِّلَ به؛ قال:

على تَهاوِيلَ لها تَهْوِيلُ

التهذيب: التَّهاوِيلُ جماعة التَّهْوِيل، وهو ما هالك من شيء، وهَوَّل القومُ على الرجل. وفي حديث أَبي سفيان: أَن محمداً لم يُناكِرْ أَحداً قطُّ إِلا كانت معه الأَهْوال؛ هي جمع هَوْل وهو الخوف والأَمرُ الشديد.
وفي حديث أَبي ذرٍّ: لا أَهُولَنَّك أَي لا أُخِيفُك فلا تَخَفْ مني. وفي حديث الوحْيِ: فهُلْت أَي خِفْت ورُعِبْت، كقُلْتُ من القَوْل. وهَوَّل الأَمرَ: شنَّعه.
والهُولةُ من النساء: التي تَهُول الناظرَ من حسنها؛ قال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:

بَيْضاءُ صافِيةُ المَدامِعَ، هُولةٌ

 

للناظرين، كدُرَّة الغَـوَّاصِ

ووَجْهُه هُولةٌ من الهُوَلِ أَي عَجَب. أَبو عمرو: يقال ما هو إِلاَّ هُولةٌ من الهُوَل إذا كان كَرِيهَ المنظَر. والهُولةُ: ما يفزَّع به الصبي، وكل ما هالك يسمَّى هُولةً؛ قال الكميت:

كَهُولَة ما أَوْقَدَ المُحْلِفُون

 

لَدى الحالِفِينَ، وما هَوَّلُوا

وهَوَّل على الرجل: حَمل. وناقة خِولُ الجَنان: حديدةٌ. وتَهَوَّل للناقة تَهَوُّلاً: تشبَّه لها بالسبُع ليكون أَرْأَمَ لها على الذي تُرْأَم عليه، وهو مثل تَذَأَّبت لها تَذَؤُّباً إذا لبست لها لباساً تَتَشبَّه بالذئب، قال: وهو أَن تستخْفي لها إذا ظَأَرْتها على ولد غيرها فتَشَبَّهت لها بالسبع فيكون أَرْأَم لها عليه. والتَّهاوِيل: زينة التَّصاوِير والنُّقوش والوَشْي والسلاح والثياب والحَلْي، واحدها تَهْويل.
والتَّهاوِيل: الأَلوان المختلفة من الأَصْفر والأَحْمر. وهَوَّلت المرأَة: تزينت بزينة اللِّباس والحَلْيِ؛ قال:

وهَوَّلتْ من رَيْطِها تَهاوِلا

والتَّهاويل: ما على الهَوادِج من الصوف الأَحمر والأَخضر والأَصفر؛ ويقال للرِّياض إذا تزيَّنَت بِنَوْرها وأَزاهِيرها من بين أَصفر وأَحمر وأَبيض وأَخضر: قد علاها تَهْوِيلُها؛ وقال عبد المسيح بن عَسَلة فيما أَخرجه الزرعُ من الأَلوان؛ وفي المحكم: يصِف نباتاً:

وعازِبٍ قد عَلا التَّهْويلُ جَنْبَـتَـهُ

 

لا تنفعُ النَّعْل في رَقْراقِهِ الحافِي

ومثله لعدي: حتى تَعاوَنَ مُسْتَكٌّ له زَهَرٌ من التَّهاوِيل، شَكْل العِهْن في التُّوَمِ وروى الأَزهري بإِسناده عن ابن مسعود في قوله عز وجل: ولقد رآه نَزْلةً أُخرى؛ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: رأَيت لجبريل، عليه الصلاة والسلام، سِتَّمائة جَناح ينتَشِرُ من ريشه التَّهاوِيلُ والدرُّ والياقوتُ أَي الأَشياء المختلفة الأَلْوان؛ أَراد بالتَّهاوِيل تَزايينَ ريشه وما فيه من صفرة وحمرة وبياض وخضرة مثل تَهاوِيلِ الرياض؛ ويقال لما يخرج من أَلوان الزَّهْر في الرياض التَّهاوِيل، واحدها تَهْوال، وأَصلها ما يَهُول الإِنسانَ ويحيره. والتَّهْوِيلُ: شيء كان يفعل في الجاهليَّة، كانوا إذا أَرادوا أَن يستحلِفوا الرجل أَوْقَدُوا ناراً وأَلْقَوْا فيها مِلْحاً.
والمُهَوِّل: المحلِّف، وكان في الجاهلية لكل قوم نار وعليها سَدَنةٌ، فكان إذا وقع بين الرجلين خُصومة جاءَا إِلى النار فيحلَّف عندها وكان السَّدَنة يطرَحون فيها مِلْحاً من حيث لا يشعُر يُهَوِّلون بها عليه، واسم تلك النار الهُولَةُ، بالضم؛ التهذيب: كانت الهُولَةُ ناراً يُوقِدونها عند الحَلِف ويُلْقون فيها مِلْحاً فيَتَفَقَّع، يُهَوِّلون بها، وكذلك إذا استحلفوا رجلاً؛ قال أَوس بن حجر يصف حمار وحش:

إِذا اسْتَقْبَلَتْه الشمسُ صَدَّ بِوَجْهِه

 

كما صَدَّ عن نارِ المُهَوِّل حالِفُ

وهِيلَ السكران يُهالُ إذا رأَى تَهاوِيل في سكره فيفزع لها؛ وقال ابن أَحمر يصف خمراً وشاربها:

تَمَشَّى في مَفاصِلِه، وتَغْشى

 

سَناسِنَ صُلْبِه حتى يُهـالا

ورجل هَوَلْوَلٌ: خفيف؛ حكاه ابن الأَعرابي، وهو فَعَلْعَل؛ وأَنشد:

هَوَلْوَلٌ إذا ونَى القومُ نَزَلْ

والمعروف حَوَلْوَل.
والهَالُ: فُوهٌ من أَفْواهِ الطِّيبِ.
والهَالةُ: دارةُ القمر، وهَالةُ: الشمْسُ معرفة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

ومُنْتَخَـبٍ كـأَنَّ هـالةَ أُمُّـهُ

 

سَبَاهِي الفُؤادِ ما يَعِيش بمَعْقُول

ويروى أُمَّه، يريد أَنه فَرس كريم كأَنما نُتِجَته الشمسُ، ومُنْتَخَب حذِر كأَنه من ذَكاء قلْبه وشُهومته فزِعٌ، وسَباهِي الفُؤاد: مُدَلَّهه غافِلهُ إِلا من المَرَح، وهو مدكور في موضعه. وهَالةُ: اسم امرأَة عبد المطلب. وهَالٌ: من زجر الخيل.

هوم

الهَوْم والتَّهَوُّم والتَّهْويم: النوم الخفيف؛ قال الفرزدق يصف صائداً:

عاري الأَشاجِع مَشْفوهٌ أَخو قَنَصٍ،

 

ما تَطْعَمُ العَينُ نَوْماً غير تَهْـوِيم

وهَوَّم الرجلُ إذا هَزَّ رأْسَه من النُّعاس، وهَوَّمَ القومُ وتَهوَّمُوا كذلك، وقد هَوَّمْنا. أَبو عبيد: إذا كان النوم قليلاً فهو التَّهْويم. وفي حديث رُقَيقة: فبَينا أَنا نائمة أَو مُهَوِّمةٌ؛ التَّهْويم: أَولُ النوم وهو دون النوم الشديد.
والهامَةُ: رأْس كل شيء من الرُّوحانيين؛ عن الليث؛ قال الأَزهري: أراد الليث بالرُّوحانيين ذوي الأجسام القائمة بما جعَل اللهُ فيها من الأَرْواح؛ وقال ابن شميل: الرُّوحانيون هم الملائكة والجنّ التي ليس لها أَجسام تُرى، قال: وهذا القول هو الصحيح عندنا. الجوهري: الهامَة الرأْس، والجمع هامٌ، وقيل: الهامَة ما بين حَرْفَي الرأْس، وقيل: هي وسَطُ الرأْس ومُعظمه من كل شيء، وقيل: من ذوات الأَرواح خاصة. أَبو زيد: الهامَة أَعلى الرأْس وفيه الناصية والقُصَّة، وهما ما أقَبَل على الجبهة من شعر الرأْس، وفيه المَفْرَق، وهو فَرْق الرأْسِ بين الجَبينين إلى الدائرة، وكانت العرب تزعُم أن رُوح القتيل الذي لم يُدْرَك بثأْره تصيرُ هامَة فتَزْقو عند قبره، تقول: اسقُوني اسقُوني، فإذا أُدْرِك بثأْره طارت؛ وهذا المعنى أَراد جرير بقوله:

ومِنَّا الذي أَبكى صُدَيَّ بن مالكٍ،

 

ونَفَّرَ طَيراً عن جُعادةَ وُقَّعـا

يقول: فُتِلَ قاتِلُه فنَفَرَت الطيرُ عن قبره. وأَزْقَيْت هامَة فلان إذا قتلته؛ قال:

فإنْ تَكُ هامة بِهَراةَ تَزْقُو،

 

فقد أَزْقَيْتُ بالمَرْوَيْنِ هاما

وكانوا يقولون: إن القتيل تخرُج هامةٌ من هامَته فلا تزالُ تقول اسْقوني اسقُوني حتى يُقتل قاتِلُه؛ ومنه قول ذي الإصبع:  

يا عَمْرُو، إنْ لا تَدَعْ شَتْمِي ومَنْقَصَتي،

 

أَضْرِبْك حتى تقولَ الهامةُ: اسقونـي

يريد أَقْتُلْك. ويقال: هذا هامةُ اليومِ أو غدٍ، أي يموت اليومَ أو غدٍ؛ قال كُثَيِّر:

وكلُّ خليلٍ رانيءٍ فـهـو قـائلٌ

 

مِنَ اجْلِكَ: هذا هامَةُ اليومِ أو غد

وفي الحديث: وتَرَكَت المَطِيَّ هاماً؛ قيل: هو جمع هامة من عظام الميت التي تصيرُ هامةً، أَو هو جمع هائمٍ وهو الذاهب على وجهه؛ يريد أَن الإبل من قلة المَرْعَى ماتت من الجَدْبِ أَو ذهَبَتْ على وجهها. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم قال: لا عَدْوَ ولا هامةَ ولا صَفَرَ؛ الهامَة: الرأْس واسمُ طائر، وهو المراد في الحديث، وقيل: هي البومة. أَبو عبيدة: أما الهامَةُ فإن العرب كانت تقول إن عظام الموتَى، وقيل أَرواحهم، تصير هامَةً فتطير، وقيل: كانوا يسمون ذلك الطائرَ الذي يخرج من هامَة الميت الصَّدَى، فنَفاه الإسلامُ ونهاهم عنه؛ ذكره الهرويّ وغيره في الهاء والواو، وذكره الجوهري في الهاء والياء؛ وأَنشد أَبو عبيدة:

سُلِّطَ الموتُ والمَنونُ عليهمْ،

 

فَلَهُمْ في صَدَى المقابِرِ هامُ

وقال لبيد:

فليس الناسُ بَعْدَكَ في نَقيرٍ،

 

ولا هُمْ غيرُ أَصْداءٍ وهامِ

ابن الأَعرابي: معنى قوله لا هامَةَ ولا صفَر؛ كانوا يتشاءمون بهما، معناه لا تتشاءموا. ويقال: أصبَحَ فلانٌ هامةً إذا مات. وبناتُ الهامِ: مُخُّ الدِّماغ؛ قال الراعي:

يُزِيلُ بَناتِ الهام عن سَكِناتِها،

 

وما يَلْقَهُ منْ ساعدٍ فهو طائحُ

والهامَةُ: تميمٌ، تشبيهاً بذلك؛ عن ابن الأَعرابي. وهامَةُ القومِ: سيِّدُهم ورئيسُهم؛ وأَنشد ابن بري للطرماح:

ونحن أَجازَت بالأُقَيْصِر هامُنا

 

طُهَيَّةَ، يومَ الفارِعَيْنِ، بلا عَقْدِ

وقال ذو الرمة:

لنا الهامَةُ الكُبْرى التي كلُّ هامةٍ،

 

وإن عُظَمت، منها أَذَلُّ وأَصْغَرُ

وفي حديث أبي بكر والنسَّابةِ: أَمِنْ هامِها أمْ مِن لَهازِمِها؟ أي مِنْ أَشْرافِها أَنت أو من أَوْساطِها، فشبّه الأَشْرافَ بالهامِ، وهو جمع هامةِ الرأْس. والهامةُ: جماعةُ الناس، والجمع من كل ذلك هامٌ؛ قال جُرَيْبة بن أَشْيم:

ولَقَلَّ لي، مما جَعَلْتُ، مَطِيَّةٌ

 

في الهامِ أَرْكَبُها، إذاما رُكِّبُوا

يعني بذلك البَلِيَّةَ، وهي الناقةُ تُعْقَل عند قبر صاحِبها تَبْلى، وكان أهلُ الجاهلية يزعمون أَن صاحَبها يركبُها يوم القيامة ولا يمشي إلى المحشر. والهامة مِن طيرِ الليلِ: طائرٌ صغير يأْلَفُ المَقابِرَ، وقيل: هو الصَّدى، والجمع هامٌ؛ قال ذو الرمة:

قد أَعْسِفُ النازحَ المجهول مَعْسِفُه

 

في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَه البُومُ

ابن سيده: والهامةُ طائرٌ يخرج من رأْس الميّت إذا بَلِيَ، والجمع أَيضاً هامٌ. ويقال: إنما أَنتَ مِن الهامِ. ويقال للفرس هامةٌ، بتخفيف الميم، وأَنكرها ابن السكيت وقال: إنما هي الهامّة، بالتشديد. ابن الأثير في الحديث: اجْتَنِبوا هَوْمَ الأَرض فإنها مأْوَى الهَوامِّ؛ قال: هكذا جاء في رواية والمشهور هَزْم الأَرض، بالزاي، وقد تقدم؛ وقال الخطابي: لسْتُ أَدْري ما هَوْمُ الأَرض، وقال غيره: هَوْمُ الأَرض بطنٌ منها في بعض اللغات. والهامةُ: موضعٌ مِن دُونِ مِصر، حماها الله تعالى: قال:

مارَسْنَ رَمْلَ الهامةِ الدَّهاسا

وهامةُ: اسمُ حائطٍ بالمدينة؛ أَنشد أَبو حنيفة:

من الغُلْبِ من عِضْدان هامَةَ شرِّبت

 

لِسَقْيٍ، وجُمَّتْ للنَّواضِح بـئْرُهـا

الهَوْماةُ: الفَلاة، وبعضهم يقول الهَوْمة والهَوْماةُ، وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة قال: وفي حديث صفوانَ: كنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سفر إذ ناداه أَعرابيّ بصوتٍ جَهْوَريٍّ يا محمد، فأَجابه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بنَحْوٍ من صوتِه:هاؤُمْ، بمعنى تعالَ ويمعنى خُذْ، ويقال للجماعة كقوله عز وجل: هاؤمُ اقْرَؤُوا كِتابِيَهْ، وإنما رفَع صوتَه، صلى الله عليه وسلم، من طريق الشَّفقة عليه لئلا يَحْبَطَ عملُه، من قوله عز وجل: لا تَرْفَعُوا أَصواتَكم فوقَ صوت النبيّ؛ فعَذَره بجَهْلِه ورَفع النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، صوتَه حتى كانَ مثلَ صوِته أو فوقَه لفَرْطِ رأْفتِه به، صلى الله عليه وسلم، ولا أَعْدَمَنا رأْفَتَه ورحمتَه يومَ ضَرورتِنا إلى شفاعتِه وفاقَتنا إلى رحمته، إنه رؤوف رحيم.

هون

الهُونُ: الخِزْيُ. وفي التنزيل العزيز: فأَخَذَتْهُمْ صاعقةُ العذاب الهُونِ؛ أَي ذي الخزي. والهُونُ، بالضم: الهَوَانُ. والهُونُ والهَوانُ: نقيض العِزِّ، هانَ يَهُونُ هَواناً، وهو هَيْنٌ وأَهْوَنُ. وفي التنزيل العزيز: وهو أَهْوَنُ عليه؛ أَي كل ذلك هَيِّنٌ على الله، وليست للمفاضلة لأَنه ليس شيءٌ أَيْسَرَ عليه من غيره، وقيل: الهاء هنا راجعة إلى الإنسان، ومعناه أَن البعث أَهونُ على الإنسان من إنشائه، لأَنه يقاسي في النَّشْءِ ما لا يقاسيه في الإعادة والبعث؛ ومثل ذلك قول الشاعر:

لَعَمْرُك، ما أَدْري، وإني لأَوْجَلُ،

 

على أَيِّنا تَعْدُو الـمَـنِـيَّةُ أَوَّلُ

وأَهانه وهَوَّنه واسْتَهانَ به وتَهاوَنَ بهِ: استخفَّ به، والاسم الهَوَانُ والمَهانة. ورجل فيه مَهانة أَي ذُلٍّ وضعف. قال ابن بري: المَهانةُ من الهَوانِ، مَفْعَلة منه وميمها زائدة. والمَهانة من الحَقارة: فَعالة مصدر مَهُنَ مَهانة إذا كان حقيراً. وفي الحديث: ليس بالجافي ولا المَهين؛ يروى بفتح الميم وضمها، فالفتح من المَهانة، وقد تقدَّم في مَهَنَ، والضم من الإِهانة الاستخفافِ بالشيء والاستحقار، والاسم الهَوانُ، وهذا موضعه. واسْتَهانَ به وتَهاوَنَ به: استحقره؛ وقوله:

ولا تُهِينَ الفقيرَ، عَـلَّـكَ أَن

 

تَرْكَعَ يوماً، والدَّهْرُ قد رَفَعَهْ

أَراد: لا تُهِينَنْ، فحذف النونَ الخفيفة لما استقبلها ساكنٌ.
والهَوْنُ: مصدر هانَ عليه الشيءُ أَي خَفَّ. وهَوَّنه الله عليه أَي سهَّله وخففه. وشيءٌ هَيِّنٌ، على فَيْعِلٍ أَي سهل، وهَيْنٌ، مخفف، والجمع أَهْوِناءُ كما قالوا شيءٌ وأَشيئاءُ على أَفْعِلاءَ؛ قال ابن بري: أَشيئاء لم تنطق بها العرب وإنما نطقت بأَشياء فقال بعضهم: أَصله أَشيئاء، فحذفت الهمزة تخفيفاً، وقال الخليل: أَصله شَيْئاء في فَعْلاء ثم قدِّمت الهمزة التي هي لام فصارت أَشياء، ووزنها الآن لَفْعاء؛ وقال بعضهم: الهَوْنُ والهُونُ واحد، وقيل: الهُونُ الهَوانُ والهَوْنُ الرِّفق؛ وأَنشد:

مررتُ على الوَدِيعةِ، ذاتَ يومٍ،

 

تَهادَى في رِداء المِرْطِ هَوْنـا

وقال امرؤ القيس:

تَمِيلُ عليه هُونَةٌ غيرُ مِعْطالِ

قال: هُونة ضعيفة من خِلْقتها لا تكون غليظة كأَنها رجل، وروى غيره: هَوْنة أَي مُطاوعة؛ وقال جَنْدَلٌ الطُّهَويّ:

داوَيْتُهم من زَمَنٍ إلى زَمَنْ،

دَواءَ بُقْيا بالرُّقَى وبالهُوَنْ،

وبالهُوَيْنا دائبـاً فـلـم أُوَنْ

بالهْوَن، يريد: بالتسكين والصلح ابن الأَعرابي: هَيِّنٌ بَيِّنُ الهُونِ. ابن شميل: إنه ليَهُونُ عليَّ هَوْناً وهَواناً.
الفراء في قوله تعالى: أَيُمْسِكُه على هُون؛ قال: الهُونُ في لغة قريش الهَوان، قال: وبعض بني تميم يجعل الهُونَ مصدراً للشيء الهَيِّنِ، قال: وقال الكسائي سمعت العرب تقول إن كُنْت لقليل هَوْنِ المؤُونة مُذ اليوم، قال: وقد سمعت الهَوانَ في مثل هذا المعنى؛ قال رجل من العرب لبعير له: ما به بأْسٌ غيرُ هَوانِه، يقول: إنه خفيف الثمن. وإذا قالت العرب: أَقْبَلَ يَمْشي على هَوْنِه، لم يقولوه إلا بالفتح؛ قال الله عز وجل: الذين يَمْشُون على الأَرض هَوْناً؛ قال عكرمة ومجاهد: بالسكينة والوقار؛ وقال الكميت:  

شُمٌّ مَهاوِينُ أَبْدانِ الجَزُورِ، مَخـا

 

مِيصُ العَشيّات، لا خُورٌ ولا قُزُمُ

قال ابن سيده: يجوز أَن يكون مهاوين جمع مهْوَنٍ، ومذهب سيبويه أَنه جمع مِهْوانٍ. ورجل هَيِّنٌ وهَيْنٌ، والجمع أَهْوِناءٌ، وشيءٌ هَوْنٌ: حقير. قال ابن بري: الهَوْن هَوانُ الشيءِ الحقير الهَيِّنِ الذي لا كرامة له. وتقول: أَهَنْتُ فلاناً وتَهاوَنْتُ به واستَهْنتُ به.
والهُونُ: الهَوانُ والشِّدَّة. أَصابه هُونٌ شديد أَي شدة ومضَرَّة وعَوَزٌ؛ قالت الخنساء:

تُهِينُ النفوسَ وهُون النُّفوسْ

تريد: إهانة النفوس: ابن بري: الهُون، بالضم، الهَوان؛ قال ذو الإصبع:

اذهَبْ إلـيك، فـمـا أُمِّـي بـراعِـيةٍ

 

ترْعَى المَخاضَ، ولا أُغضِي على الهُونِ

ويقال: إنه لَهَوْنٌ من الخيل، والأُنثى هَوْنة، إذا كان مِطْواعاً سَلِساً. والهَوْنُ والهُوَيْنا: التُّؤَدة والرِّفْق والسكينة والوقار. رجل هَيِّن وهَيْن، والجمع هَيْنونَ؛ ومنه: قوم هَيْنُونَ لَيْنُونَ؛ قال ابن سيده: وتسليمه يشهد أَنه فَيْعِلٌ. وفلان يمشي على الأَرض هَوْناً؛ الهَوْن: مصدر الهَيِّن في معنى السكينة والوقار. قال ابن بري: الهَوْنُ الرِّفق؛ قال الشاعر:

هَوْنَكُما لايَرُدُّ الدَّهْرُ ما فاتـا،

 

لا تَهْلِكا أَسَفاً في إثْرِ من ماتا

وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: يَمْشي هَوْناً؛ الهَوْن: الرِّفْق واللِّين والتثبت، وفي رواية: كان يمشي الهُوَيْنا، تصغير الهُونَى تأنيث الأَهْوَن، وهو من الأَّوَّل، وفرَق بعضُهم بين الهَيِّن والهَيْن فقال: الهَيِّن من الهِوان، والهَيْنُ من اللِّين. وامرأَة هَوْنة وهُونة؛ الأَخيرة عن أَبي عبيدة: مُتَّئِدَة؛ أَنشد ثعلب:

تَنُوءُ بمَتْنَيها الـرَّوابـي وهَـوْنَةٌ،

 

على الأَرضِ، جَمَّاءُ العظامِ لَعُوبُ

وتَكَلَّم علي هِينَتِه أَي رِسْله. وفي الحديث: أَنه سار على هِينَتِه أَي على عادته في السُّكون والرِّفق. يقال: امش على هينتك أَي على رِسْلك. وجاء عن على، عليه السلام: أَحْبِبْ حَبيبك هَوْناً مّا أَي حبّاً مُقْتَصِداً لا إفراط فيه، وإضافة ما إليه تُفيدُ التقليل، يعني لا تُسْرِف في الحُبّ والبُغْض، فعسى أَن يصيرَ الحبيب بَغيضاً والبَغِيض حبيباً، فلا تكون قد أَسرفت في الحُب فتندمَ، ولا في البُغْض فتستَحْيي. وتقول: تكَلَّمْ على هِينَتك. ورجل هَيِّن لَيِّن وهَيْن لَيْن. شمر: الهَوْن الرِّفْق والدَّعَة. وقال في تفسير حديث علي، عليه السلام: يقول لا تُفْرِطْ في حُبّه ولا في بغضه. ويقال: أَخذ أَمرَه بالهُونى، تأنيث الأَهْون، وأَخذ فيه بالهُوَيْنا، وإنك لَتَعْمِد للهُوَيْنا من أَمرك لأَهْونه، وإنه ليَأْخذ في أَمره بالهَوْن أَي بالأَهْوَن. ابن الأَعرابي: العرب تمدح بالهَيْن اللَّيْن، مخفف، وتذم بالهَيّن اللَّيّن، مثقل. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: المُسلِمُون هَيْنُونَ لَيْنُونَ، جعله مدحاً لهم. وقال غير ابن الأَعرابي: هَيِّن وهَيْن ولَيِّن ولَيْن بمعنى واحد، والأَصل هَيِّن، فخفف فقيل هَيْن، وهَيّن، فَيْعِل من الهَوْن، وهو السكينة والوقار والسهولة، وعينه واو. وشيءٌ هَيِّن وهَيْن أَي سهل. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: النساء ثلاث فهَيْنة لَيْنة عفِيفة.
وفي النوادر: هُنْ عندي اليومَ، واخْفِض عندي اليومَ، وأَرِحْ عندي، وارْفَهْ عندي، واستَرْفِهْ عندي، ورَفِّهْ عندي، وأَنْفِهْ عندي، واسْتَنفِهْ عندي؛ وتفسيره أَقم عندي واسترح واسْتَجِمَّ؛ هُنْ من الهَوْن وهو الرفق والدَّعة والسكون.
وأَهُوَنُ: اسمُ يومِ الاثنين في الجاهلية؛ قال بعض شعراء الجاهلية:

أُؤَمِّلُ أَن أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي

 

بأَوَّلَ أَو بأَهْونَ أَو جُبـارِ

أَو التالي دُبارٍ أَم فيوْمـي

 

بمُؤنِسٍ أَو عَروُبة أَو شِيارِ

قال ابن بري: ويقال ليوم الاثنين أَيضاً أَوْهَدُ من الوَهْدة، وهي الانحطاط لانخفاض العدد من الأَول إلى الثاني. والأَهْوَنُ: اسم رجل. وما أَدري أَيُّ الهُون هو أَي أَيُّ الخلق. قال ابن سيده: والزاي أأَوالهُونُ: أَبو قبيلة، وهو الهُونُ بن خزيمة بن مُدْرِكة ابن إلْياس بن مُضَرَ أَخو القارة. وقال أَبو طالب: الهَوْنُ والهُونُ جميعاً ابن خُزيمة بن مدركة بن ذات القارة أَتْيَغَ بنِ الهُون بن خزيمة سموا قارَة لأَن هَرير بن الحرث قال لغوثِ بن كعب حين أَراد أَن يُفَرِّقَ بين أَتْيغ: دَعْنا قارةً واحدةً، فمن يومئذ سُمُّوا قارة؛ ابن الكلبي: أَراد يَعْمَرُ الشَّدَّاخُ أَن يُفَرِّقَ بُطونَ الهُون في بُطون كنانة، فقال رجل من الهُون:

دَعُونا قارةً، لا تُنْفِرُونـا

 

فنَجْفُلَ، مثلَما جفَلَ الظَّليمُ

المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ: القارة بنو الهُون. والهاوَن والهاوُنُ والهاوُون، فارسي معرب: هذا الذي يُدَقُّ فيه؛ قيل: كان أَصله هاوُون لأَن جمعه هَوَاوينُ مثل قانون وقَوَانين، فحذفوا منه الواو الثانية استثقالاً وفتحوا الأُولى، لأَنه ليس في كلامهم فاعُلٌ بضم العين.
والمُهْوَئِنُّ: الوَطِيءُ من الأَرض نحو الهَجْلِ والغائط والوادي، وجمعه مُهْوَئِنَّاتٌ.

هوه

هَهْ: كلمة تَذَكُّرٍ وتكون بمعنى التحذير أَيضاً، ولا يُصَرَّفُ منه فعل لثقله على اللسان وقبحه في المنطق، إلا أَن يضطر شاعر. قال الليث: هَهْ تَذْكِرَةٌ في حال، وتحذيرٌ في حال، فإذا مدَدْتَها وقلتَ هاهْ كانت كانت وعيداً في حال، وحكاية لضحك الضاحك في حال، تقول: ضحك فلان فقال هاهْ هاهْ؛ قال: وتكون هاهْ في موضع آهْ من التَّوَجُّعِ من قوله:

إذا ما قُمْتُ أَرْحَلُها بلَيْلٍ،

 

تأَوَّهُ آهَةَ الرجلِ الحَزينِ

ويروى:

تَهَوَّهُ هاهَةَ الرجلِ الحزين

قال: وبيان القطع أَحسن. ابن السكيت: الآهةُ من التَّأَوُّهِ، وهو التوجع. يقال: تأَوَّهْتُ آهةً، وكذلك قولهم في الدعاء آهةً وأَمِيهَةً، وتفسيرهما مذكور في موضعه. والهَوْهاءةُ والهَوْهاءُ: البئر التي لا مُتَعَلَّقَ بها ولا موضع لرِجْلِ نازِلها لبُعْدِ جالَيْها؛ قال:

بهُوَّة هَوْهاءةِ التَّرَجُّلِ

ورجل هَوْهاءٌ وهَوْهاءةٌ وهَوْهاةٌ: ضعيف الفؤاد جبان من ذلك. قال ابن بري: وحكى ابن السكيت هوَاهِيةً أَيضاً للجبان. ورجل هُوهَةٌ، بالضم، أَي جبان. وفي حديث عمرو بن العاص: كنتَ الهَوْهاةَ الهُمَزَةَ؛ الهَوْهاةُ: الأَحمق. أَبو عبيد: المَوْماةُ والهَوْهاةُ واحد، والجمع المَوَامي والهَياهي.
وتَهَوَّهَ الرجلُ: تفَجَّعَ.
والهَواهي: ضرب من السير، واحدتها هَوْهاةٌ. ويقال: إن الناقة لَتَسِير هَواهِيَ من السير؛ قال الشاعر:

تَغالَتْ يداها بالنَّجـاءِ وتَـنْـتـهِـي

 

هَواهِيَ من سَيرٍ، وعُرْضَتُها الصَّبرُ

ابن السكيت: رجل هَواهِيَةٌ وهَوْهاءةٌ إذا كان منْخُوبَ الفؤاد، وأَصل الهواهاءة البئر لا مُتعلَّقَ بها، كما تقدم. ويقال: جاء فلان بالهَواهِي أَي بالتخاليط والأَباطيل. والهَواهِي: اللغو من القول والأَباطيل؛ قال ابن أَحمر:

وفي كل يومٍ يَدْعُوانِ أَطِـبَّةً

 

إليَّ، وما يُجْدُونَ إلا هَوَاهِيا

وسمعتُ هَواهِيَةَ القومِ: وهو مثل عَزِيف الجِنِّ وما أَشبهه. ورجل هُوهٌ: كهَوْهاءةٍ. وهُوهْ: اسم لقارَبْتَ. والعرب تقول عند التَّوَجُّعِ والتَّلَهُّفِ: هاهْ وهاهِيه؛ وأَنشد الأَصمعي:

قال الغَوَاني: قد زَهاهُ كِبَرُهْ،

وقُلْنَ: يا عَمِّ فمـا أُغَـيِّرُهْ،

وقلتُ: هاهٍ لحديثٍ أُكْـثِـرُهْ

الهاء في أُكْثِرُهُ لِهاهٍ. وفي حديث عذاب القبر: هاهْ هاهْ. قال: هذه كلمة تقال في الإيعاد وفي حكاية الضحك، وقد تقال للتوجع، فتكون الهاء الأُولى مبدلة من همزة آه، وهو الأَليق بمعنى هذا الحديث. يقال: تأَوَّهَ وتَهَوَّهَ آهَةً وهاهةً.