المقالة التاسعة : مقالة المذاهب والاعتقادات - الفن الأول

الفن الأول من المقالة التاسعة

وصف مذاهب الحرنانية الكلدانيين

المعروفين بالصابة ومذاهب الثانوية الكلدانيين

حكاية من خط أحمد بن الطيب في أمرهم حكاها عن الكندي اجتماع القوم على أن للعالم علة لم يزل واحد لا يكثر لا يلحقه صفة شيء من المعلولات كلف أهل التمييز من خلقه الإقرار بربوبيته وأوضح لهم السبيل وبعث رسلاً للدلالة وتثبيتاً للحجة أمرهم أن يدعوا إلى رضوانه ويحذروا غضبه ووعدوا من أطاع نعيماً لا يزول وأوعدوا من عصى عذاباً اقتصاصاً بقدر استحقاقه ثم ينقطع ذلك وقد حكى عن بعض أوائلهم أنه قال يعذب الله تسعة ألف دور ثم يصير إلى رحمة الله وأن يخص هؤلاء القوم الذين دعوا إلى الله وإلى الحنيفية التي يقسمون بها وأن مشهوريهم وأعلامهم أراني وأغاثاذيمون وهرميس وبعضهم يذكر سولون جد أفلاطون الفيلسوف لأمه ودعوة هؤلاء القوم كلهم واحدة وسنتهم وشرائعهم غير مختلفة جعلوا قبلتهم واحدة بأن صيروها لقطب الشمال في سفرة العقلاء قصدوا بذلك للبحث عن الحكمة ودفعوا ما ناقض القطر ولزموا فضائل النفس الأربع وأخذوا بالفضائل الجزئية وتجنبوا الرذائل الجزئية وقالوا إن السماء تتحرك حركة اختيارية وعقلية المفترض عليهم من الصلاة في كل يوم ثلاث أولها قبل طلوع الشمس بنصف ساعة أو أقل لتنقضي مع طلوع الشمس وهي ثمان ركعات وثلاث سجدات في كل ركعة الثانية انقضاؤها مع زوال الشمس وهي خمس ركعات وثلاث سجدات في كل ركعة الثالثة مثل الثانية انقضاؤها عند غروب الشمس وإنما ألزمت هذه الأوقات لمواضع الأوتاد الثلاثة التي هي وتد المشرق ووتد وسط السماء ووتد المغرب ولم يذكر أحد منهم أن من الفرض صلاة لوقت وتد الأرض وصلواتهم النافلة التي هي بمنزلة الوتر في لزومه للمسلمين ثلاث في كل يوم الأولى في الساعة الثانية من النهار والثانية في الساعة التاسعة من النهار والثالثة في الساعة الثالثة من الليل ولا صلاة عندهم إلا على طهور والمفترض عليهم من الصيام ثلاثون يوماً أولها لثمان مضين من اجتماع آذار وتسعة أخر أولها لتسع بقين من اجتماع كانون الأول وسبعة أيام أخر أولها لثمان مضين من شباط وهي أعظمها ولهم تنفل من صيامهم وهو ستة عشر وسبعة وعشرون يوماً ولهم قربان يتقربون به وإنما يذبحون للكواكب ويقول بعضهم أنه إذا قرب باسم الباري كانت دلالة القربان رديئة لأنه عندهم تعدى إلى أمر عظيم وترك ما هو دونه لما جعله متوسطاً في التدبير والذي يذبح للقربان الذكور من البقر والضأن والمعز وسائر ذي الأربع غير الجذور مما ليس له أسنان في اللحيين جميعاً ومن الطير غير الحمام مما لا مخلب له والذبيحة عندهم مع قطع الأوداج والحلقوم والتذكية متصلة مع الذبيحة لا انفصال بينهما وأكثر ذبائحهم الديوك ولا يؤكل القربان ويحرق ولا يدخل الهياكل ذلك اليوم وللقربان أربعة أوقات في الشهر الاجتماع والاستقبال وسبعة عشر وثمانية وعشرين وأعيادهم عيد يسمى عيد فطر السبعة وفطر الشهر وقيل فطر الثلاثين بيومين وبعد هذا الفطر بخمسة أيام وبعد هذا الفطر بثمانية عشر يوماً وهو يوم ستة وعشرين من الشهر وعيد الحبل وهو في خمسة وعشرين من تشرين الأول وعيد الميلاد وهو في ثلاثة وعشرين من كانون وعيد في تسعة وعشرين من تموز وعليهم الغسل من الجنابة وتغيير الثياب ومن مس الطامث وتغيير الثياب ويعتزل الطامث البتة وقد يغتسل من الجنابة ومس الطامث بالغسل والنطرون ولا ذبيحة عندهم إلا لماله رئة ودم وقد نهوا عن أكل الجذور وما لم يذك وكل ما له أسنان في اللحيين جميعاً كالخنزير والكلب والحمار ومن الطير غير الحمام وما له مخلب ومن النبات غير الباقلى والثوم ويتعدى بعضهم اللوبيا والقنبيط والكرنب والعدس ويفرطون في كراهة الجمل حتى يقولون أن من مشى تحت خطام بعير لم يقض حاجته ذلك ويجتنبون كل من به مرض الوضح والجذام وسائر الأمراض التي تعدي ويتركون الاختتان ولا يحدثون على فعل الطبيعة حدثاً ويتزوجون بشهود لا من القريب القرابة وفريضة الذكر والأنثى سواء ولا طلاق إلا بحجة بينة عن فاحشة ظاهرة ولا يراجع المطلقة ولا يجمع بين امرأتين ولا يطأهن إلا لطلب الولد وعندهم أن الثواب والعقاب إنما يلحق الأرواح وليس يؤخر ذلك عندهم إلى أجل معلوم ويقولون أن النبي هو البريء من المذمومات في النفس والآفات في الجسم والكامل في كل محمود وأن لا يقصر عن الإجابة بصواب كل مسألة ويخبر بما في الأوهام ويجاب في دعوته في إنزال الغيث ودفدفع الآفات عن النبات والحيوان ويكون مذهبه ما يصلح به العالم ويكثر به عامره وقولهم في الهيولي والعنصر والصورة والعدم والزمان والمكان والحركة كما قال ارسطاطاليس في سمع الكيان وقولهم في السماء إنها طبيعة خامسة ليست من العناصر الأربعة لا تضمحل ولا تفسد ما قال في كتاب السماء وقولهم في الطبائع الأربع وفسادها إلى الحرث والنسل وكون الحرث والنسل منها وكونها منه كما قال في كتاب الكون والفساد وقولهم في الآثار العلوية والأحداث تحت جرم القمر كما قال في كتاب العلوية وقولهم في النفس إنها دراكة لا تبيد وإنها جوهر ليست بجسم ولا يلحقها لواحق الجسم كما قال في كتاب النفس وقولهم في الرؤيا الصادقة وغيرها والحس والمحسوس كما قال في كتاب الحس والمحسوس وقولهم في أن الله واحد لا تلحقه صفة ولا يجوز عليه خبر موجب وإنه لذلك لا يلحقه سولوجسس كما قال في كتاب مطاطافوسيقا وقولهم في براهين الأشياء على ما شرط في كتاب فوديقطيقا وقال الكندي أنه نظر في كتاب يقر به هؤلاء القوم وهو مقالات لهرمس في التوحيد كتبها لابنه على غاية من التقانة في التوحيد لا يجد الفيلسوف إذا أتعب نفسه مندوحة عنها والقول بها

حكاية أخرى في أمرهم

قال أبو يوسف ايشع القطيعي النصراني في كتابه في الكشف عن مذاهب الحرنانيين المعروفين في عصرنا بالصابة أن المأمون اجتاز في آخر أيامه بديار مضر يريد بلاد الروم للغزو فتلقاه الناس يدعون له وفيهم جماعة من الحرنانيين وكان زيهم إذ ذاك لبس الأقبية وشعورهم طويلة بوفرات كوفرة قرة جد سنان بن ثابت فأنكر المأمون زيهم وقال لهم من أنتم من الذمة فقالوا نحن الحرنانية فقال أنصاري أنتم قالوا لا قال فيهود أنتم قالوا لا قال فمجوس أنتم قوا لا قال لهم أفلكم كتاب أم نبي فمجمجوا في القول فقال لهم فأنتم إذا الزنادقة عبدة الأوثان وأصحاب الرأس في أيام الرشيد والدي وأنتم حلال دماؤكم لا ذمة لكم فقالوا نحن نؤدي الجزية فقال لهم إنما تؤخذ الجزية ممن خالف الإسلام من أهل الأديان الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه ولهم كتاب وصالحه المسلمون عن ذلك فأنتم ليس من هؤلاء ولا من هؤلاء فاختاروا الآن أحد أمرين إما أن تنتحلوا دين الإسلام أو دينا من الأديان التي ذكرها الله في كتابه وإلا قتلتكم عن آخركم فإني قد أنظرتكم إلى أن أرجع من سفرتي هذه فإن أنتم دخلتم في الإسلام أو في دين من هذه الأديان التي ذكرها الله في كتابه وإلا أمرت بقتلكم واستئصال شأفتكم ورحل المأمون يريد بلد الروم فغيروا زيهم وحلقوا شعورهم وتركوا لبس الأقبية وتنصر كثير منهم ولبسوا زنانير وأسلم منهم طائفة وبقي منهم شرذمة بحالهم وجعلوا يحتالون ويضطربون حتى انتدب لهم شيخ من أهل حران فقيه فقال لهم قد وجدت لكم شيئاً تنجون به وتسلمون من القتل فحملوا إليه مالاً عظيماً من بيت مالهم أحدثوه منذ أيام الرشيد إلى هذه الغاية وأعدوه للنوائب وأنا أشرح لك أيدك الله السبب في ذلك فقال لهم إذا رجع المأمون من سفره فقولوا له نحن الصابئون فهذا اسم دين قد ذكره الله جل اسمه في القرآن فانتحلوه فأنتم تنجون به وقضى أن المأمون توفي في سفرته تلك بالبذندون وانتحلوا هذا الاسم منذ ذلك الوقت لأنه لم يكن بحران ونواحيها قوم يسمون بالصابة فلما اتصل بهم وفاة المأمون ارتد أكثر من كان تنصر منهم ورجع إلى الحرنانية وطولوا شعورهم حسب ما كانوا عليه قبل مرور المأمون بهم على انهم صابئون ومنعهم المسلمون من لبس الأقبية لأنه من لبس أصحاب السلطان ومن أسلم منهم لم يمكنه الارتداد خوفا من أن يقتل فأقاموا متسترين بالإسلام فكانوا يتزوجون بنساء حرانيات ويجعلون الولد الذكر مسلما والأنثى حرنانية وهذه كانت سبيل كل أهل ترعوز وسلمسين القريتين المشهورتين العظيمتين بالقرب من حران إلى منذ نحو عشرين سنة فان الشيخين المعروفين بأبي زرارة وأبي عروبة علماء شيوخ أهل حران بالفقه والأمر بالمعروف وسائر مشايخ أهل حران وفقهائهم احتسبوا عليهم ومنعوهم من أن يتزوجوا بنساء حرانيات أعني صابئات وقالوا لا يحل للمسلمين نكاحهم لأنهم ليس من أهل الكتاب وبحران أيضاً منازل كثيرة إلى هذه الغاية بعض أهلها حرنانية ممن كان أقام على دينه في أيام المأمون وبعضهم مسلمون وبعضهم نصارى ممن كان دخل في الإسلام وتنصر في ذلك الوقت إلى هذه الغاية مثل قوم يقال لهم بنو ابلوط وبنو قيطران وغيرهم مشهورين بحران.

حكاية في الرأس

قال الرجل المقدم ذكره أنه رأس إنسان صورته عطاردية على ما يعتقدونه في صور الكواكب يؤخذ ذلك الإنسان إذا وجد على الصورة التي يزعمون أنها عطاردية بحيلة وغيلة فيفعل به أشياء كثيرة منها يقعد في الزيت والبورق مدة طويلة حتى تسترخي مفاصله وتصير في حال إذا جذب رأسه انجذب من غير ذبح فيما أرى ولذلك يقال فلان في الزيت مثل قديم هذا إذا كان في شدة يفعلون ذلك في كل سنة إذا كان عطارد في شرفه ويزعمون أن نفس ذلك الإنسان تتردد من عطارد إلى هذا الرأس وينطق على لسانه ويخبر بما حدث ويجيب عما يسأل عنه لأنهم يزعمون أن طبيعة الإنسان أليق وأشبه بطبيعة عطارد من سائر الحيوان وأقرب إليه بالنطق والتمييز وغير ذلك مما يعتقدونه فيه فتعظيمهم لهذا الرأس وحيلتهم فيه وما يعملونه قبل أخذه عن الجثة وبعد ذلك وما يتخذونه من جثته أيضاً بعد أخذ الرأس عنها طويل مثبت في كتاب لهم يلقب بالكتاب الحاتفي لهم فيه عجائب من النيرنجات ورقى وعقد وصور وتعليقات من أعضاء حيوان مختلفة الأجناس مثل خنزير وحمار وغراب وغير ذلك وتدخينات وتماثيل حيوانات تنقش على فصوص الخواتيم تصلح بزعمهم لفنون وشاهدت أكثرها منقوشاً على فصوص خواتيمهم إلى هذه الغاية وسألتهم عنها فزعموا أنهم يصيبونها في قبور موتاهم القديمة يتبركون بها

نسخة ما قرأته بخط أبي سعيد

وهب بن أهيم النصراني من القربانات

يوم الأحد للشمس واسمها ايليوس يوم الاثنين للقمر واسمه سين يوم الثلاثاء للمريخ واسمه آريس يوم الأربعاء لعطارد واسمه نابق يوم الخميس للمشتري واسمه بال يوم الجمعة للزهرة واسمها بلثى، يوم السبت لزحل و واسمه قرنس.

معرفة أعيادهم

أول سنتهم نسيان أول يوم من نسيان والثاني والثالث يضرعون لآلهتهم بلثى وهي الزهرة يدخلون في هذا اليوم إلى بيت الآلهة جماعة جماعة متفرقين ويذبحون الذبائح ويحرقون الحيوان أحياء ويوم السادس منه يذبحون ثوراً لآلهتهم القمر ويأكلونه آخر النهار ويوم الثامن منه يصومون ويفطر على لحوم الخراف ويعملون في هذا اليوم عيداً للسبعة الآلهة والشياطين والجن والأرواح ويحرقون سبعة خرفان للسبعة الآلهة وخروفاً لرب العميان وخروفاً للآلهة الشياطين ويوم الخامس عشر منه يعملون سر الشمال وقربان وتشميس وذبائح وإحراقات ويأكلون ويشربون ويوم العشرين منه يخرجون إلى دير كادي وهو دير على باب من أبواب حران يسمى باب فندق الزيت ويذبحون ثلاثة زبرخ والزبرخ فحل البقر واحداً لقرنس الآلهة وهو زحل وواحداً لآريس وهو المريخ وهو الإله الأعمى وواحداً للقمر وهو سين الإله ويذبحون تسعة خرفان سبعة للسبعة الآلهة وواحداً لإله الجن وواحداً لرب الساعات ويحرقون خرفانا وديكة كثيرة وفي يوم ثمانية وعشرين يخرجون إلى دير لهم في قرية تسمى سبتى على باب من أبواب حران يقال له باب السراب ويذبحون ثوراً كبيراً لهرمس الآله ويذبحون تسعة خرفان للسبعة الآلهة ولإله الجن ولرب الساعات ويأكلون ويشربون ولا يحرقون في هذا اليوم شيئاً من الحيوان.

أيار

أول يوم م من أيار يعملون قربان السر للشمال وتشميس ويشمون الورد ويأكلون ويشربون وفي اليوم الثاني يعملون عيداً لابن السلام ونذوراً ويملون موائدهم كل طرفة وفاكهة وحلوا ويأكلون ويشربون

حزيران

يوم سبعة وعشرين منه يعملون تشميس السر للشمال للإله الذي يطير النشاب وينصبون في هذا اليوم مائدة ويجعلون عليها سبعة أقسام للسبعة الآلهة للشمال ويحضر الكمر قوساً فيوترها ويجعل فيها نشابة فيها بوصين في رأسه نار وهو خشب ينبت في أراضي حران عليه زئير تشتعل النار فيه كما تشتعل في الشمع ويرمي الكمر اثني عشر سهماً ثم يمشي الكمر على يديه ورجليه كما يمشي الكلب حتى يرد تلك السهام يفعل ذلك خمس عشر مرة وهو يقصم أي يتفاءل إن طفئ ذلك البوصين فعنده أن العيد غير مقبول وإن لم يطفأ فقد قبل العيد

تموز

في النصف منه عيد البوقات يعني النساء المبكيات وهو تاوز عيد يعمل لتاوز الإله وتبكي النساء عليه كيف قتله ربه وطحن عظامه في الرحا ثم ذراها في الريح ولا تأكل النساء شيئاً مطحونا في رحا بل تأكلن حنطة مبلولة وحمصاً وتمراً وزبيباً وما أشبه ذلك وفي سبعة وعشرين منه يعمل الرجال سر الشمال للجن والشياطين والآلهة ويعملون طرموساً كثيراً من دقيق وبطم وزبيب ميس وجوز مقشر كما يعمل الرعاة ويذبحون تسعة خرفان لهامان الرئيس أبي الآلهة وقرباناً لنمريا ويأخذ الرئيس من كل رجل منهم في هذا اليوم درهمين ويأكلون ويشربون.

آب

في ثمانية أيام منه يعصرون خمراً حديثاً للآلهة ويسمونه بأسماء مختلفة كثيرة ويضحون في هذا اليوم بصبي طفل حين يولد للآلهة أولى الأصنام يذبح الصبي ثم يسلق حتى يتهرأ ويؤخذ لحمه فيعجن بدقيق السميد وزعفران وسنبل وقرنفل وزيت ويعمل منه أقراص صغار مثل التين ويخبز في تنور جديد ويكون لأهل السر للشمال لكل سنة ولا تأكل منه امرأة ولا عبد ولا ابن أمة ولا مجنون ولا يطلع على ذبيحة هذا الطفل وعمله إذا عمل إلا الثلاثة كمرين وما بقي من عظامه وغضاريفه وعروقه وأوردته يحرقه الكمرين قرباناً للآلهة.

أيلول

في ثلاثة أيام منه يطبخون ماء يستحمون به سراً للشمال لرئيس الجن وهو الإله الأعظم ويطرحون في هذا الماء شيئاً من طرفاء وشمع وصنوبر وزيتون وقصب وشيطرج ثم يغلونه ويجعلون ذلك قبل أن تطلع الشمس ويصبونه على أبدانهم مثل السحرة ويذبحون في هذا اليوم ثمانية خرفان سبعة للآلهة وواحداً لإله الشمال ويأكلون في مجمعهم ويشرب كل واحد سبعة كاسات من خمر ويأخذ الرئيس منهم لبيت المال من كل رأس درهمين وفي يوم ستة وعشرين من هذا الشهر يخرجون إلى الجبل ويعملون استقبال الشمس وزحل والزهرة ويحرقون ثمانية فراريج وديوك عتق وثمانية خرفان ومن كان عليه نذر لرب البخت يأخذ ديكاً عتيقاً أو فروجاً ويشد في جناحه بوصينا قد أشعل طرفيه بالنار ويرسل الفروج لرب البخت فان احترق الفروج كله فقد قبل نذره وإن انطفأ البوصين قبل أن يحترق الفروج لم يتقبل منه رب البخت النذر ولا القربان وفي يوم سبعة وعشرين ويوم ثمانية وعشرين لهم أسرار وقرابين وذبائح وإحراقات للشمال وهو الرب الأعظم وللشياطين والجن التي تدبرهم وتوقيهم وتعطيهم البخت.

تشرين الأول

في النصف من هذا الشهر يعملون إحراق الطعام للموتى وهو أن يشتري كل واحد منهم من كل شيء يؤكل مما وجد في السوق من صنوف اللحوم والفواكه الرطبة واليابسة ويطبخون أصناف الطبيخ والحلوى ثم يحرق جميع ذلك بالليل للموتى ويحرق مع هذا الطعام عظم من فخذ جمل ويجعل ذلك لكلب الموذية حتى لا ينبح على موتاهم فيفزعون ويصبون أيضاً لموتاهم على النار خمراً ممزوجاً ليشربوه كما يأكلون الطعام المحرق

تشرين الثاني

يصومون في أحد وعشرين يوماً منه تسعة أيام آخرها يوم تسعة وعشرين لرب البخت ويفتون في كل ليلة الخبز اللين ويخلطون معه الشعير والتبن واللبان والآس الرطب ويرشون عليه الزيت ويخلطونه ويبددونه في منازلهم ويقولون يا طراق البخت هاكم خبزاً لكلابكم وشعيراً وتبناً لدوابكم وزيتا لسرجكم وآساً لأكاليلكم أدخلوا بسلام واخرجوا بسلام واتركوا لنا أجرة حسنة ولأولادنا

كانون الأول

في اليوم الرابع منه ينصبون قبة يسمونها الخدر لبلثى وهي الزهرة الآلهة برقيا ويسمونها السحمية وينصبون هذه القبة على الرخامة التي في المحراب ويعلقون عليها أصناف الفاكهة والرياحين والورد الأحمر اليابس والأترج والدستبوية وسائر ما يقدرون عليه من الفاكهة اليابسة والرطبة ويذبحون الذبائح من كل الحيوان الذي يقدرون عليه من ذوات الأربع والطير بين يدي هذه القبة ويقولون هذه ذبائح إلهتنا بلثى وهي الزهرة يفعلون ذلك سبعة أيام ويحرقون أيضاً في هذه الأيام إحراقات كثيرة من الحيوان للآلهة والإلهات المستورات البعيدة النائية وبنات الماء وفي ثلاثين يوماً منه رأس شهر رئيس الحمد يجلس في هذا اليوم الكمر على منبر مرتفع يصعد إليه تسع مراقي ويأخذ في يده قضيباً من طرفاء ويمر به سائرهم فيضرب كل واحد منهم ثلاثة بالقضيب أو خمسة أو سبعة ثم يخطب خطبة لهم يدعو فيها لجماعتهم بالبقاء وكثرة النسل والإمكان والعلو على جميع الأمم وبرد دولتهم وأيام ملكهم إليهم وبخراب مسجد الجامع بحران وكنيسة الروم والسوق المعروفة بسوق النساء لأن هذه المواضع كانت فيها أصنامهم فقلعها ملوك الروم لما تنصروا وبإقامة دين عزوز التي كانت في مواضع هذه الأشياء التي وصفنا ثم ينزل عن المنبر فيأكلون من الذبائح ويشربون ويأخذ الرئيس من كل رجل في هذا اليوم لبيت مالهم درهمين

كانون الثاني

في أربعة وعشرين يوماً منه ميلاد الرب الذي هو القمر يعملون فيه سراً للشمال ويذبحون الذبائح ويحرقون ثمانين حيواناً من ذوات الأربع والطير ويأكلون ويشربون ويوقدون الداذي وهو قضبان الصنوبر للآلهة والإلهات.

شباط

يصومون فيه سبعة أيام أولها يوم التاسع منه وهذا الصوم للشمس هي الرب العظيم رب الخير ولا يأكلون في هذه الأيام شيئاً من الزفر ولا يشربون الخمر ولا يصلون في هذا الشهر إلا للشمال والجن والشياطين.

آذار

يصومون يوم الثامن منه ثلاثين يوماً للقمر وفي عشرين منه يقسم الرئيس خبز شعير على جماعتهم لأريس الإله وهو المريخ وفي ثلاثين يوماً منه رأس شهر التمر أعني القسب وهو عرس الآلهة والإلهات ويقسمون فيه القسب ويكحلون فيه أعينهم ويدعون تحت المخاد التي تحت رؤوسهم في الليل سبع قسبات باسم السبعة الآلهة وكسرة خبز وملح للإله الذي يمس البطون ويأخذ الرئيس من كل واحد منهم لبيت المال درهمين ويخرجون في كل يوم سبعة وعشرين من الشهر أعني شهر الهلال إلى دير لهم يعرف بدير كادي فيذبحون ويحرقون إحراقات لسين الإله وهو القمر ويأكلون ويشربون ويخرجون في يوم ثمانية وعشرين إلى قبة الأجر ويذبحون ويحرقون خروفاً وديوكاً وفراريج كثيرة لأريس الإله وهو المريخ وإذا أرادوا أن يذبحوا ذبيحة كبيرة مثل الزبرخ وهو فحل البقر أو خروف يصبون عليه الخمر وهو حي فان انتفض قالوا هذا قربان يتقبل وان لم ينتفض قالوا الإله غضبان لا يقبل هذا النذر وسبيلهم في الذبيحة من أي الحيوان كان أن يقطعوا رأسه دفعة واحدة ثم يتأملون عينيه وحركتهما وفمه واضطرابه وكيف يختلج فيزجرون عليه ويقصمون ويتفاءلون بما يحدث ويكون وإذا أرادوا إحراق الحيوان الكبير مثل البقر والغنم والديوك وهي أحياء يعلقونها بكلاليب وسلاسل ويمده جماعة منهم على النار من كل ناحية حتى يحترق وذلك عندهم القربان الكبير الذي يجمع الآلهة والإلهات ويذكرون أن هذه النجوم السبعة التي هي الآلهة ذكور وإناث وأنها تتناكح ويعشق بعضها بعضاً وأنها تنحس وتسعد.

فهذا آخر ما كتبناه من خط أبي سعيد

وهب ومن خط غيره في أمرهم

من آلهة الحرنانيين رب الآلهة الرب الأعمى المريخ روحاً شريراً بيل شيخ الوقار فسفر الحبر الكامل قوسطير الشيخ المنتخب ذات جناح الريح صارح ابنة الفقر التي خرج هؤلاء من بطنها وحساب الفارسية أمهم التي كان لها ستة أرواح شريرينت توجه بهم إلى ساحل البحر أبورم ربة الثل التي قبلت تموراً أرو الرب بلثى الإلهة فأما ربة الثل التي جعلت تحفظ المعزى المحرمات التي لم يطلق لأحد منهم بيعهن بل يقربونها ذبائح ولا يقربهن امرأة حامل ولا يدنون منهن ومن آلهتهم صنم الماء الذي سقط بين الآلهة في أيام أسطة وطرينقوس وخرج زعموا هاربا قاصدا إلى بلد الهند وخرجوا في طلبه وسألوه وتضرعوا إليه أن يرجع ولا يتأخر فقال لهم إني لا أدخل بعدها مدينة حران ولكني أجيء إلى هاهنا ومعنى هاهنا بالسريانية كاذا وهو مما يلي الشرق من حران وأتعهد مدينتكم وأفاضلكم وردهم فهم إلى يومنا هذا يخرجون في كل عشرين يوما من شهر نيسان الرجال والنساء معا يتوقعون ورود صنم الماء وقدومه عليهم ويسمى المكان كاذا.

ومن طرائف مالهم

أنهم يحتفظون بالجناح الأيسر من الفراريج التي تكون في سر بيت الآلهة الرجال يعرقونه على الاستقصاء ويعلقونه في أعناق الصبيان وقلائد النساء وعلى أوساط الحوامل ويزعمون أن هذا حفظ وحرز عظيم وقال الثقة وقد كان فيهم قديماً مقالات و وبدع ولا أعلم أهي فيهم اليوم أم لا منها أن طائفة منهم يسمون الروفسيين كانت نساؤهم لا يلبسن ولا يتحلين بذهب البتة ولا يلبسن خفاً أحمر وكان لهم في كل سنة يوم يضحون فيه الخنازير ويقربونها لآلهتهم وكانوا يأكلون في ذلك اليوم كلما وقع في أيديهم من لحوم الخنازير وطائفة أخرى مذهبهم أن يلزموا بيوتهم ويحلقوا رؤوسهم بالمواسي أو بالنورة وكان فيهم نسوة إذا هن تزوجن الأزواج يحلقن رؤوسهن على مثل ذلك.

تاريخ رؤساء الصابئين

الحرانيين الذين جلسوا على كرسي الرياسة في الإسلام منذ عهد عبد الملك بن مروان وذلك في سنة أربع وألف للإسكندر أولهم ثابت بن أحوسا رأس أربعاً وعشرين سنة ثابت بن طبون رأس ست عشرة سنة ثابت بن قرثيا رأس سبع عشرة سنة ثابت بن ايليا رأس عشرين سنة قرة بن ثابت ابن ايليا رأس إحدى وعشرين سنة جابر بن قرة بن ثابت رأس عشرنين سنان بن جابر بن قرة بن ثابت بن ايليا رأس تسع سنين عمروس بن طيبا رأس سبع عشرة سنة ميخائيل بن أهر بن بقراريس رأس ثلاث عشرة سنة نقين بن قصرونا رأس خمس سنين مغلس بن طيبا رأس خمس سنين عثمان بن مالي رأس أربعاً وعشرين سنة قرة بن الأشتر رأس تسع سنين القاسم بن القوقائي رأس تسع سنين وكان هذا الرجل أعني القاسم مسافراً ثم عاد فرأس أربع سنين قسطاس بن يحيى ابن زونق رأس اثنتين وأربعين سنة وبعد هؤلاء ممن لم يجلس على كرسي وكان مطاعاً يجري مجرى الرؤساء سعدون بن خيرون من بني هرقليس حكيم بن يحيى من بني هرقليس.

حكاية أخرى في أمرهم

وقع إلي جزء قد نقله بعض النقلة من كتبهم ويحتوي على أسرارهم الخمسة فأما أول السر الأول فسقط منه ورقة وآخر كلمات فيه هذه الكلمات بلفظ الناقل كالخروف في القطيع والعجل في الباقر وكحداثة الرجال المعزمين الرعفانين الأقربائين المرسلين إلى بيت البغداريين ربنا القاهر ونحن نسره وأول السر الثاني وهو سر الأبالسة والأوثان فمن كلامهم يقول الكاهن لأحد الغلمان أليس الذي أعطيتني قد أعطيته وما سلمت إلي منه فقد سلمته فيجيب ويقول للكلاب والغربان والنمل فيجيب قائلاً له وما الذي يجب علينا للكلاب والغربان والنمل فيجيب قائلاً يا كمراه إنهم إخواننا والرب القاهر ونحن نسره وآخر السر الثاني أيضا كالخراف في الغنم والعجاجيل في البقر ومثل حداثة الرجال الرعن الأفراريين الداخلين في بيت البوغداريين بيت القاهر ونحن نسره وأول السر الثالث ويقول أيضاً أنتم بنو البوغداريين أي القول والنظر فيجيب من اتفق ويقول من خلفه نحن ناصتون وآخر السر الثالث وقد يتظهر مثل الخراف والغنم والعجاجيل في قطيع البقر ومثل حداثة الرجال يترددون إلى بيت البوغداريين ربنا القاهر ونحن نسره وأول السر الرابع يقول الكاهن من بعد ذلك يا بني البوغداريين كونوا سامعين فيجيب من خلفه من اتفق قائلاً نحن ناصتون فينادي كونوا ناصتين فيجيبون قائلين نحن سامعون وآخر السر الرابع المترددين إلى بيت البغداريين ربنا القاهر ونحن نسره وأول السر الخامس يقول الكاهن يا بني البوغداريين كونوا سامعين فيجيبون قائلين نحن راضيون فيقول كونوا ناصتين فيجيبون أيضاً قائلين نحن سامعون فيبتدي قائلاً وأي فإني قائل ما أعلم وما أقصر عنه وآخر السر الخامس المتوجهين إلى بيت البوغداريين ربنا القاهر ونحن نسره قال صاحب الكتاب وعدد الأمثال التي تقال من الكاهنة في هذا البيت في هذه السبعة الأيام اثنان وعشرون مثلاً تقال فيهم على سبيل أحدوثة تنشد وترتل فأما الغلمان الذين يترسمون بالدخول إلى هذا البيت فانهم يقيمون فيه سبعة أيام يأكلون ويشربون ولا تنظر إليهم امرأة في هذه السبعة الأيام ويأخذون الشراب من السبعة الكاسات المصفوفة التي يسمونها يسوراً ويمسحون ذلك الشراب على أعينهم ومن قبل أن يقولوا أو يلفظوا بشيء يطعمونهم خبزاً وملحاً من تلك الكؤوس ومن تلك القرص والفراريج وفي اليوم السابع فانهم يأكلونه عن آخره وقد يكون أيضاً في ذلك البيت قدس من شراب موضوعاً في زاوية ويسمونه فاعا ويقولون لرئيسهم فيقرأ مبدع يا كبيرنا فيجيب قائلاً لتملأ الأجانة مسطيراً انتقطا الوتر فهو سر السبعة الغير مقهور قال محمد بن إسحاق الناقل لهذه الأسرار الخمسة كان عفطياً غير فصيح بالعربية أو أراد بنقلها على هذا التقبيح والرداءة الصدق عنهم والتحري لألفاظهم فتركها على حالها في بعد الائتلاف وتقطع الكلام وقد كان هارون بن إبراهيم بن حماد بن إسحاق القاضي لما كان يلي بحران وأعمالها القضاء وقع إليه كتاب سرياني فيه أمر مذاهبهم وصلواتهم فأحضر رجلاً فصيحاً بالسريانية والعربية ونقله له بحضرته من غير زيادة ولا نقصان والكتاب موجود كثير بيد الناس واحتسب هارون بن إبراهيم حمله إلى أبي الحسن علي بن عيسى وفي ذلك الكتاب أمرهم مشروح فلينظر فيه فإنه يغني عن كثير من الكتب المعمولة في معناه.

مذاهب المنانية

قال محمد بن إسحاق ماني بن قتق بابك بن أبي برزام من الحسكانية واسم أمه ميس ويقال أوتاخيم ويقال مرمريم من ولد الأشغانية وقيل إن ماني كان أسقف قنى والعربان من أهل حوحى وما يلي بادرايا وباكسايا وكان أحنف الرجل وقيل أن أصل أبيه من همدان انتقل إلى بابل وكان ينزل المداين في الموضع الذي يسمى طيسفون وبها بيت الأصنام وكان فتق يحضر كما يحضر سائر الناس فلما كان في يوم من الأيام هتف به من هيكل بيت الأصنام هاتف يا فتق لا تأكل لحماً ولا تشرب خمراً ولا تنكح بشراً تكرر ذلك عليه دفعات في ثلاثة أيام فلما رأى فتق ذلك لحق بقوم كانوا بنواحي دستميسان يعرفون بالمغتسلة وبتيك النواحي والبطائح بقاياهم إلى وقتنا هذا وكانوا على المذهب الذي أمر فتق بالدخول فيه وكانت امرأته حاملاً بماني فلما ولدته زعموا كانت ترى له المنامات الحسنة وكانت ترى في اليقظة كأن آخذا يأخذه فيصعد به إلى الجو ثم يرده وربما أقام اليوم واليومين ثم يرد ثم أن أباه أنفذ فحمله إلى الموضع الذي كان فيه فربي معه وعلى ملته وكان يتكلم ماني على صغر سنه بكلام الحكمة فلما تم له اثنتا عشرة سنة أتاه الوحي على قوله من ملك جنان النور وهو الله تعالى عما يقوله وكان الملك الذي جاءه بالوحي يسمى التوم وهو بالنبطية ومعناه القرين فقال له اعتزل هذه الملة فلست من أهلها وعليك بالنزاهة وترك الشهوات ولم يأن لك أن تظهر، لحداثة سنك فلما تم له أربع وعشرون سنة أتاه التو فقال قد حان لك أن تخرج فتنادي بأمرك.

الكلام الذي قاله له التو

عليك السلام ماني مني ومن الرب الذي أرسلني إليك واختارك لرسالته وقد أمرك أن تدعو بحقك وتبشر ببشرى الحق من قبله وتحتمل في ذلك كل جهدك قالت المانوية فخرج يوم ملك سابور بن أردشير ووضع التاج على رأسه وهو يوم الأحد أول يوم من نيسان والشمس في الحمل ومعه رجلان قد تبعاه على مذهبه أحدهما يقال له شمعون والآخر زكوا ومعه أبوه ينظر ما يكون من أمره قال محمد بن إسحاق ظهر ماني في السنة الثانية من ملك الغالوس الرومي وظهر مرقيون قبله بنحو مائة سنة في ملك ططوس أنطونيانوس في السنة الأولى من ملكه وظهر بن ديصان بعد مرقيون بنحو ثلاثين سنة وإنما سمي بن ديصان لأنه ولد على نهر يقال له ديصان وزعم مانى أنه الفارقليط المبشر به عيسى عليه السلام واستخرج ماني مذهبه من المجوسية والنصرانية وكذلك القلم الذي يكتب به كتب الديانات مستخرج من السرياني والفارسي وجول ماني البلاد قبل أن يلقى سابور نحو أربعين سنة ثم أنه دعا فيروز أخا سابور بن أردشير فأوصله فيروز إلى أخيه سابور قالت المنانية فدخل إليه وعلى كتفيه مثل السراجين من نور فلما رآه أعظمه وكبر في عينه وكان قد عزم على الفتك به وقتله فلما لقيه داخلته له هيبة وسر به وسأله عما جاء فيه فوعده أنه يعود إليه وسأله ماني عدة حوائج منها أن يعز أصحابه في البلد وسائر بلاد مملكته وأن ينفذوا حيث شاءوا من البلاد فأجابه سابور إلى جميع ما سأل وكان مانى دعا الهند والصين وأهل خراسان وخلف في كل ناحية صاحبا له

ذكر ما جاء به ماني وقوله في صفة القديم

تبارك وتعالى وبناء العالم والحروب التي كانت بين النور والظلمة

قال ماني مبدأ العالم كونين أحدهما نور والآخر ظلمة كل واحد منهما منفصل من الآخر فالنور هو العظيم الأول ليس بالعدد وهو الإله ملك جنان النور وله خمسة أعضاء الحلم والعلم والعقل والغيب والفطنة وخمسة أخر روحانية وهي الحب والإيمان والوفاء والمروة والحكمة وزعم أنه بصفاته هذه أزلي ومعه شيئان اثنان أزليان أحدهما الجو والآخر الأرض قال ماني وأعضاء الجو خمسة الحلم والعلم والعقل والغيب والفطنة وأعضاء الأرض النسيم والريح والنور والماء والنار والكون الآخر وهو الظلمة وأعضاؤها خمسة الضباب والحريق والسموم والسم والظلمة قال ماني وذلك الكون النير مجاور للكون المظلم لا حاجز بينهما والنور يلقي الظلمة بصفحته ولا نهاية للنور من علوه ولا يمنته ولا يسرته ولا نهاية للظلمة في الأسفل ولا في اليمنة واليسرة قال ماني ومن تلك الأرض المظلمة كان الشيطان لا أن يكون أزلياً بعينه ولكن جواهره كانت في عناصره أزلية فاجتمعت تلك الجواهر من عناصره فتكونت شيطاناً رأسه كرأس أسد وبدنه كبدن تنين وجناحه كجناح طائر وذنبه كذنب حوت وأرجله أربع كأرجل الدواب فلما تكون هذا الشيطان من الظلمة وتسمى إبليس القديم أزدرد وأسترط وأفسد ومر يمنة ويسرة ونزل إلى الأسفل في كل ذلك يفسد ويهلك من غالبه ثم رام العلو فرأى لمحات النور فأنكرها ثم رآها متعالية فارتعد وتداخل بعضه في بعض ولحق بعناصره ثم أنه رام العلو فعلمت الأرض النيرة بأمر الشيطان وما هم به من القتال والفساد فلما علمت به علم به عالم الفطنة ثم عالم العلم ثم عالم الغيب ثم عالم العقل ثم عالم الحلم قال ثم علم به ملك جنان النور فاحتال لقهره قال وكان جنوده أولئك يقدرون على قهره ولكنه أراد أن يتولى ذلك بنفسه فأولد بروح يمنته وبخمسة عالميه وبعناصره الاثني عشر مولوداً وهو الإنسان القديم وندبه لقتال الظلمة قال فتدرع الإنسان القديم بالأجناس الخمسة وهي الآلهة الخمسة النسيم والريح والنور والماء والنار واتخذهم سلاحاً فأول ما لبس النسيم وارتدى على النسيم العظيم بالنور المسبغ وتعطف على النور بالماء ذي الهباء واكتن بالريح الهابة ثم أخذ النار بيده كالمجن والسنان وانحط بسرعة من الجنان إلى أن انتهى إلى الحد مما بلى الحربي وعمد إبليس القديم إلى أجناسه الخمسة وهي الدخان والحريق والظلمة والسموم والضباب فتدرعها وجعلها جنة له ولقي الإنسان القديم فاقتتلوا مدة طويلة واستظهر إبليس القديم على الإنسان القديم واسترط من نوره وأحاط به مع أجناسه وعناصره وأتبعه ملك جنان النور بآلهة أخر واستنقذه واستظهر على الظلمة ويقال لهذا الذي أتبع به الإنسان حبيب الأنوار فنزل وخلص الإنسان القديم من الجهنمات مع ما أخذ وأسر من أرواح الظلمة قال ثم أن البهجة وروح الحياة ظعناً إلى الحد فنظرا إلى غور تلك الجهنم السفلى وأبصرا الأسنان القديم والملائكة وقد أحاط بهم إبليس والزجريون العتاة والحياة المظلمة قال فدعا روح الحياة الإنسان القديم بصوت عال كالبرق في سرعة فكان إلها آخر قال ماني فلما شابك إبليس القديم بالإنسان القديم بالمحاربة اختلط من أجزاء النور الخمسة بأجزاء الظلمة الخمسة فخالط الدخان النسيم فمها هذا النسيم ممزوج فما فيه من اللذة والترويح عن الأنفس وحياة الحيوان فمن النسيم وما فيه من الهلاك والإيذاء فمن الدخان وخالط الحريق النار فمنها هذه النار فما فيها من الإحراق والهلاك والفساد فمن الحريق وما فيها من الإضاءة والإنارة فمن النار وخالط النور الظلمة فمنها هذه الأجسام الكثيفة مثل الذهب والفضة وأشابه ذلك فما فيها من الصفاء والحسن والنظافة والمنفعة فمن النور وما فيها من الدرن والكدر والغلظ والقساوة فمن الظلمة وخالط السموم الريح فمنها هذه الريح فما فيها من المنفعة واللذة فمن الريح وما فهيا من الكرب والتعوير والضرر فمن السموم وخالط الضباب الماء فمنها هذا الماء فما فيه من الصفاء والعذوبة والملائمة للأنفس فمن الماء وما فيه من التغريق والتخنيق والإهلاك والثقل والفساد فمن الضباب قال ماني فلما اختلط الأجناس الخمسة الظلمية بالأجناس الخمسة النورية نزل الإنسان القديم إلى غور العمق فقطع أصول الأجناس الظلمية لئلا تزيد ثم انصرف صاعدا إلى موضعه في الناحية الحربية قال ثم أمر بعض الملائكة باجتذاب ذلك المزاج إلى جانب من أرض الظلمة يلي أرض النور فعلقوهم بالعلو ثم أقام ملكاً آخر فدفع إليه تلك الأجزاء الممتزجة قال ماني وأمر ملك عالم النور بعض ملائكته بخلق هذا العالم وبنائه من تلك الأجزاء الممتزجة لتخلص تلك الأجزاء النورية من الأجزاء الظلمية فبنى عشر سماوات وثماني أرضين ووكل ملكا يحمل السماوات وآخر يرفع الأرضين وجعل لكل سماء أبوابا اثني عشر بدهاليزها عظاما واسعة كل واحد من الأبواب بإزاء صاحبه وقبالته على كل واحد من الدهاليز مصراعين وجعل في تلك الدهاليز في كل باب من أبوابها ست عتبات وفي كل واحدة من العتبات ثلاثين سكة وفي كل سكة اثني عشر صفاً وجعل العتبات والسكك والصوف من أعاليها في علو السماوات قال ووصل الجو بأسفل الأرضين على السماوات وجعل حول هذا العالم خندقا ليطرح فيه الظلام الذي يستصفي من النور وجعل خلف ذلك الخندق سورا لكي لا يذهب شيء من تلك الظلمة المفردة عن النور قال ماني ثم خلق الشمس والقمر لاستصفاء ما في العالم من النور فالشمس يستصفي النور الذي اختلط بشياطين الحر والقمر يستصفي النور الذي اختلط بشياطين البرد في عمود السبح يتصاعد ذلك مع ما يرتفع من التسابيح والتقاديس والكلام الطيب وأعمال البر قال فيدفع ذلك إلى الشمس ثم أن الشمس تدفع ذلك إلى نور فوقها في عالم التسبيح فيسير في ذلك العالم إلى النور الأعلى الخالص فلا يزال ذلك من فعلها حتى يبقى من النور شيء منعقد لا تقدر الشمس والقمر على استصفائه فعند ذلك يرتفع الملك الذي كان لحمل الأرضين ويدع الملك الآخر اجتذاب السماوات فيختلط الأعلى على الأسفل وتفور نار فتضطرم في تلك الأشياء فلا تزال مضطرمة حتى يتحلل ما فيها من النور قال ماني ويكون ذلك الاضطرام مقدار ألف سنة وأربعمائة وثمان وستين سنة قال فإذا انقضى هذا التدبير ورأت الهمامة روح الظلمة خلاص النور وارتفاع الملائكة والجنود والحفظة استكانت ورأت القتال فيزجرها الجنود من حولها فترجع إلى قبر قد أعد لها ثم يسد ذلك القبر بصخرة تكون مقدار الدنيا فيردمها فيه فيستريح النور حينئذ من الظلمة وأذاها وزعمت الماسية من المانوية أن النور يبقى منه شيء في الظلمة ابتداء التناسل على مذهب ماني

قال ثم أن أحد أولئك الأراكنة والنجوم والزجر والحرص والشهوة والإثم تناكحوا فحدث من تناكحهم الإنسان الأول الذي هو آدم والذي تولى ذلك أركونان ذكر وأنثى ثم حدث تناكح آخر فحدث منه المرأة الحسناء التي هي حواء قال فلما رأيي الملائكة الخمسة نور الله وطيبه الذي استلبه الحرص وأسره في ذينك المولودين سألوا البشير وأم الحياة والإنسان القديم وروح الحياة أن يرسلوا إلى ذلك المولود القديم من يطلقه ويخلصه ويوضح له العلم والبر ويخلصه من الشياطين قال فأرسلوا عيسى ومعه أله فعمدوا إلى الأركونين فحبسوهم واستنقذوا المولودين قال فعمد عيسى فكلم المولود الذي هو آدم وأوضح له الجنان والآلهة وجهنم والشياطين والأرض والسماء والشمس والقمر وخوفه من حواء وأراه زجرها ومنعه منها وخوفه أن يدنو إليها ففعل ثم أن الأركون عاد إلى ابنته التي هي حواء فنكحها بالشبق الذي فيه فأولدها ولدا أشوه الصورة أشقر واسمه قاين الرجل الأشقر ثم أن ذلك الولد نكح أمه فأولدها ولداً أبيض سماه هابيل الرجل الأبيض ثم رجع قاين فنكح أمه فأولدها جاريتين تسمى إحداهما حكيمة الدهر والأخرى ابنة الحرص فاتخذ ابنة الحرص قاين زوجة ودفع حكيمة الدهر إلى هابيل فاتخذها امرأة له قال فكان في حكيمة الدهر فضل من نور الله وحكمته ولم يكن في ابنة الحرص من ذلك شيء ثم أن ملكا من الملائكة جاز إلى حكيمة الدهر فقال لها احفظي نفسك فإنه يولد منك جاريتان مكملتان لمسرة الله ووقع عليها فولدت منه جاريتين فسمت إحداهما فرياد والأخرى فرفرياد فلما بلغ هابيل ذلك احتشى غضباً وشمله الحزن وقال لها ممن جئت بهذين الولدين أحسبهما من قاين وهو الذي خالطك فشرحت له صورة الملك فتركها ومضى إلى أمه حواء فشكا إليها ما فعله قاين وقال لها بلغك ما فعله بأختي وامرأتي فبلغ ذلك قاين فعمد إلى هابيل فدمغه بصخرة فقتله ثم اتخذ حكيمة الدهر امرأة قال ماني ثم أن أولئك الأراكنة وذلك الصنديد وحواء اغتموا لما رأوا من قاين وعلم الصنديد لحواء رطانة السحر لتسحر آدم فمضت ففعلت وتصدت له بإكليل من زهر الشجر فلما رآها آدم لشهوته وقع عليها فحملت منه وولدت رجلا جميلا صبيح الوجه فبلغ الصنديد ذلك فاغتم له واعتل وقال لحواء أن هذا المولود ليس من وهو غريب فرامت قتله فأخذه آدم وقال لحواء إني أغذوه بألبان البقر وثمار الشجر وأخذه ومضى فأنفذ الصنديد الأراكنة ليحملوا الشجر والبقر ويباعدوها من آدم فلما رأى آدم ذلك أخذ ذلك المولود وأدار حوله ثلاث دائرات ذكر على الأولى اسم ملك الجنان وعلى الثانية اسم الإنسان القديم وعلى الثالثة اسم روح الحياة وتنجى وضرع إلى الله جل اسمه فقال له أن كنت أنا اجترمت إليكم جرماً فما ذنب هذا المولود ثم أن واحداً من الثلاثة عجل ومعه إكليل البهاء أخذه بيده إلى آدم فلما رآه الصنديد والأراكنة مضوا لوجوههم قال ثم ظهرت لآدم شجرة يقال لها لوطيس فظهر منها لبن فكان يغذى الصبي به وسماه باسمها ثم سماه بعد ذلك شاثل ثم أن ذلك الصنديد نصب العداوة لآدم ولأولئك المولودين فقال لحواء اطلعي إلى آدم فلعلك أن ترديه إلينا ا فانطلقت فاستغوت آدم فخالطها بالشهوة فما رآه شاثل وعظه وعذله وقال له هلم تنطلق إلى المشرق إلى نور الله وحكمته فانطلق معه وأقام ثم إلى أن توفي وصار إلى الجنان ثم أن شائل ورفرياد وبرفرياد وحكيمة الدهر أمهما دبروا بالصديقوت نحو واحد وسبيل واحدة إلى وقت وفاتهم وصارت حواء وقاين وابنة الحرص إلى جهنم

صفة أرض النور وجو النور

وهما الاثنان اللذان كانا مع إله النور أزليين

قال ماني لأرض النور أعضاء خمسة النسيم والريح والنور والماء والنار ولجو النور أعضاء خمسة الحلم والعلم والعقل والغيب والفطنة قال العظمة هذه الأعضاء العشرة كلها التي هي للجو والأرض قال وتلك الأرض النيرة ذات جسم نضيرة بهجة ذات وميض وشروق يشرق عليه صفاء طهرها وحسن أجسامها صورة صورة وحسناً حسناً وبياضاً بياضاً وصفاء صفاء وبهجاً بهجاً ونوراً نوراً وضياء ضياء ومنظراً منظراً وطيباً طيباً وجمالاً جمالاً وأبوابات أبوابات وبروجاً بروجاً ومساكن مساكن ومنازل منازل وجناناً جناناً وأشجاراً أشجاراً وغصوناً غصوناً ذات فروع وثمار بهجة المنظر ونور بهي بألوان شتى بعضها أطيب وأزهر من بعض وغماماً غماماً وظلالاً ظلالاً وذلك الإله النير في هذه الأرض إله أزلي قال وللإله في هذه الأرض عظمات اثني عشر يسمون الأبكار صورهم كصورته كلها علماء عاقلون قال وعظمات يسمون العمار العاملون الأقوياء قال والنسيم حياة العالم.

صفة أرض الظلمة وحرها

قال ماني أرضها ذات أعماق وأغوار وأقطار وأطباق وردوم وغياض وآجام أرض متفرقة متشعبة مملوة حرشات وينابيع دخان منها من بلاد بلاد ومن ردم ردم وينبع النار منها من بلاد بلاد وينبع الظلمة من بلاد بلاد وبعض ذلك أرفع من بعض وبعضه أسف والدخان الذي ينبع منه وهو حمة الموت ينبع من ينبوع غور قواعده من الزفية تراب وعناصر النار وعناصر الريح الشديدة المظلمة وعناصر الماء الثقيل والظلمة مجاورة لتلك الأرض النيرة فوق وتلك أسفل لا نهاية لواحد منها في جهة العلو والظلمة من جهة الأسفل.

كيف ينبغي للإنسان أن يدخل في الدين

قال وينبغي للذي يريد الدخول في الدين أن يمتحن نفسه فإن رآها تقدر على قمع الشهوة والحرص وترك أكل اللحم وشرب الخمر والتناكح وترك أذية الماء والنار والسحر والرياء فليدخل في الدين وإن لم يقدر على ذلك كله فلا يدخل في الدين وإن كان يحب الدين ولم يقدر على قمع الشهوة والحرص فليغتنم حفظ الدين والصديقين وليكن له بإزاء أفعاله القبيحة أوقات يتجر فيها للعمل والبر والتهجد والمسألة والتضرع فان ذلك يقنعه في عاجله وآجله ويكون صورته الصورة الثانية في المعاد ونحن نذكرها فيما بعد أن شاء الله تعالى.

الشريعة التي جاء بها ماني والفرائض التي فرضها

فرض ماني على أصحابه عشر فرائض على السماعين ويتبعها ثلاث خواتيم وصيام سبعة أيام أبداً في كل شهر فالفرائض هي الإيمان بالعظائم الأربع الله ونوره وقوته وحكمته فالله جل اسمه ملك جنان النور ونوره الشمس والقمر وقوته الأملاك الخمسة وهي النسيم والريح والنور والماء والنار وحكمته الدين المقدس وهو على خمسة معاني المعلين أبناء الحلم المشمسين أبناء العلم القسيسين أبناء العقل الصديقين أبناء الغيب السماعين أبناء الفطنة والفرائض العشر ترك عبادة الأصنام ترك الكذب ترك البخل ترك القتل ترك الزنا ترك السرقة وتعليم العلل والسحر والقيام بهمتين وهو الشك في الدين والاسترخاء والتواني في العمل.

وفرض صلوات أربع أو سبع

وهو أن يقوم الرجل فيمسح بالماء الجاري أو غيره ويستقبل النير الأعظم قائماً ثم يسجد ويقول في سجوده مبارك هادينا الفارقليط رسول النور ومبارك ملائكته الحفظة ومسبح جنوده النيرون يقول هذا وهو يسجد ويقوم ولا يلبث في سجوده ويكون منتصبا ثم يقول في السجدة الثانية مسبح أنت أيها النير ماني هادينا أصل الضياء وغصن الحياء الشجرة العظيمة التي هي شفاء كلها ويقول في السجدة الثالثة أسجد وأسبح بقلب طاهر ولسان صادق للإله العظيم أبي الأنوار وعنصرهم مسبح مبارك أنت وعظمتك كلها وعالموك المباركون الذين دعوتهم يسبحك مسبح جنودك وأبرارك وكلمتك وعظمتك ورضوانك من أجل أنك أنت الإله الذي كله حق وحياة وبر ثم يقول في الرابعة أسبح وأسجد للآلهة كلهم وللملائكة المضيئين كلهم وللأنوار كلهم وللجنود كلهم الذين كانوا من الإله العظيم ثم يقول في الخامسة أسجد وأسبح للجنود الكبراء وللآلهة النيرين الذين بحكمتهم طعنوا وأخرجوا الظلمة وقمعوها ويقول في السادسة أسجد وأسبح لأبي العظمة العظيم المنير الذي جاء من العلمين وعلى هذا إلى السجدة الثانية عشرة فإذا فرغ من الصلوات العشر ابتدأ في صلاة أخرى ولهم فيها تسبيح لا حاجة بنا إلى ذكره فأما الصلاة الأولى فعند الزوال والصلاة الثانية بين الزوال وغروب الشمس ثم صلاة المغرب بعد غروب الشمس ثم صلاة العتمة بعد المغرب بثلاث ساعات ويفعل في كل صلاة وسجدة مثل ما فعل في الصلاة الأولى وهي صلاة البشير فأما الصوم فإذا نزلت الشمس القوس وصار القمر نورا كله يصام يومين لا يفطر بينهما فإذا أهل الهلال يصام يومين لا يفطر بينهما ثم من بعد ذلك يصام إذا صار نوراً يومين في الجدي ثم إذا أهل الهلال ونزلت الشمس الدلو ومضى من الشهر ثمانية أيام يصام حينئذ ثلاثين يوماً يفطر كل يوم عند غروب الشمس والأحد يعظمه عامة المنانية والاثنين يعظمه خواصهم كذا أوجب عليهم ماني

اختلاف المانوية في الإمامة بعد ماني

قال المانوية لما ارتفع ماني إلى جنان النور أقام قبل ارتفاعه سيس الإمام بعده فكان يقيم دين الله وطهارته إلى أن توفي وكانت الأئمة يتناولون الدين واحداً عن واحد لا اختلاف بينهم إلى أن ظهرت خارجة منهم يعرفون بالديناورية فطعنوا على إمامهم وامتنعوا من طاعته وكانت الإمامة لا تتم إلا ببابل ولا يجوز أن يكون إمام في غيرها فقالت هذه الطائفة بخلاف هذا القول ولم يزالوا عليه وعلى غيره من الخلاف الذي لا فائدة في ذكره إلى أن أفضت الرياسة الكلية إلى مهر وذلك في ملك الوليد بن عبد الملك في ولاية خالد بن عبد الله القسري العراق وانضم إليهم رجل يقال له زاد هرمز فمكث عندهم مدة ثم فارقهم وكان رجلاً له دنيا عريضة فتركها وخرج إلى الصديقوت وزعم أنه يرى أموراً ينكرها وأراد اللحاق بالديناورية وهم وراء نهر بلخ فأتى المدائن وكان بها كاتب للحجاج بن يوسف ذو مال كثير وقد كانت بينهما صداقة فشرح له حاله والسبب الذي أخرجه من الجملة وأنه يريد خراسان لينضم إلى الدنياورية فقال له الكاتب أنا خراسانك وأنا أبني لك البيع وأقيم لك ما تحتاج إليه فأقام عنده وبنى له البيع فكتب زاد هرمز إلى الديناورية يستدعي منهم رئيساً يقيمه فكتبوا إليه أنه لا يجوز أن يكون الرياسة إلا في وسط الملك ببابل فسأل عمن يصلح لذلك فلم يكن غيره فنظر في الأمر فلما انحل ومعناه حضرته الوفاة سألوه أن يجعل لهم رئيساً فقال هذا مقلاص قد عرفتم مكانه وأنا أرضاه وأثق بتدبيره لكم فلما مضى زاد هرمز أجمعوا على تقديم مقلاص.

فصارت المانوية فرقتين المهرية والمقلاصية

وخالف مقلاص الجماعة إلى أشياء من الدين منها في الوصالات حتى قدم أبو هلال الديحوري من إفريقية وقد انتهت رياسة المانوية إليه وذلك في أيام أبي جعفر المنصور فدعا المقالصة إلى ترك ما رسمه لهم مقلاص في الوصالات فأجابوه إلى ذلك وظهر من المقالصة في ذلك الوقت رجل يعرف ببزرمهر واستمال جماعة منهم وأحدث أشياء أخر ولم يزل أمرهم على ذلك إلى أن انتهت الرياسة إلى أبي سعيد رحا فردهم في الوصالات إلى رأي المهرية وهو الذي لم يزل الدين عليه في الوصالات ولم يزل حالهم على ذلك إلى أن ظهر في خلافة المأمون رجل منهم أحسبه يزدانبخت فخالف في الأمور وأدرى بهم ومالت إليه شرذمة منهم. ومما نقمته المقالصة على المهرية

أنهم زعموا أن خالد القسري حمل مهراً على بغلة وختمه بخاتم فضة وخلع عليه ثياب وشي وكان رئيس المقالصة في أيام المأمون والمعتصم أبو علي سعيد ثم خلفه بعد كاتبه نصر بن هرمزد السمرقندي وكانوا يرخصون لأهل المذهب والداخلين فيه أشياء محظورة في الدين وكانوا يخالطون السلاطين ويؤاكلونهم وكان من رؤسائهم أبو الحسن الدمشقي وقتل ماني في مملكة بهرام بن سابور ولما قتله صلبه نصفين النصف الواحد على باب والآخر على باب آخر من مدينة جنديسابور ويسمى الموضعين المار الأعلى والمار الأسفل ويقال أنه كان في محبس سابور فلما مات سابور أخرجه بهرام ويقال بل مات في الحبس والصلب لا شك فيه وحكى بعض الناس أنه كان أحنف الرجلين وقيل الرجل اليمنى وماني ينتقص سائر الأنبياء في كتبه ويزري عليهم ويرميهم بالكذب ويزعم أن الشياطين استحوذت عليهم وتكلمت على ألسنتهم بل يقول في مواضع من كتبه إنهم شياطين فأما عيسى المشهور عندنا وعند النصارى فيزعم أنه شيطان.

قول المانوية في المعاد

قال ماني إذا حضرت وفاة الصديق أرسل إليه الإنسان القديم إلهاً نيراً بصورة الحكيم الهادي ومعه ثلاثة آلهة ومعهم الزكوة واللباس والعصابة والتاج وإكليل النور ويأتي معهم البكر الشبيهة بنسمة ذلك الصديق ويظهر له شيطان الحرص والشهوة والشياطين فإذا رآهم الصديق استغاث بالآلهة التي على صورة الحكيم والآلهة الثلاثة فيقربون منه فإذا رأتهم الشياطين ولت هاربة وأخذوا ذلك الصديق وألبسوه التاج والإكليل واللباس وأعطوه الركوة بيده وعرجوا به في عمود السبح إلى فلك القمر وإلى الإنسان القديم وإلى النهنهة أم الأحياء إلى ما كان عليه أولاً في جنان النور ثم يبقى ذلك الجسد ملقى فتجتذب منه الشمس والقمر والآلهة النيرون القوي التي هي الماء والنار والنسيم فيرتفع إلى الشمس ويصير إلهاً ويقذف باقي جسده التي هي ظلمة كله إلى جهنم فأما الإنسان المحارب القابل للدين والبر الحافظ لهما وللصديقين فإذا حضرت وفاته حضر أولئك الآلهة الذين ذكرتهم وحضرت الشياطين واستغاث ومت بما كان يعمل من البر وحفظ الدين والصديقين فيخلصونه من الشياطين فلا يزال في العالم شبه الإنسان الذي يرى في منامه الأهوال ويغوص في الوحل والطين فلا يزال كذلك إلى أ أن يتخلص نوره وروحه ويلحق بملحق الصديقين ويلبس لباسهم بعد المدة الطويلة من تردده فأما الإنسان الأثيم المستعلي عليه الحرص والشهوة فإذا حضرت وفاته حضرته الشياطين فأخذوه وعذبوه وأروه الأهوال فيحضر أولئك الآلهة ومعهم ذلك اللباس فيظن الإنسان الأثيم أنهم قد جاءوا لخلاصه وإنما حضروا لتوبيخه وتذكيره أفعاله وإلزامه الحجة في ترك إعانته الصديقين ثم لا يزال يتردد في العالم في العذاب إلى وقت العاقبة فيدحي به في جهنم قال ماني فهذه ثلاث طرق يقسم فيه نسمات الناس أحدها إلى الجنان وهم الصديقون والثاني إلى العالم والأهوال وهم حفظة الدين ومعينو الصديقين والثالث إلى جهنم وهو الإنسان الأثيم.

كيف حال المعاد بعد فناء العالم وصفة الجنة والجحيم

قال ثم أن الإنسان القديم يأتي من عالم الجدي والبشير من المشرق والبناء الكبير من اليمن وروح الحياة من عالم المغرب فيقفون على البني العظيم الذي هو الجنة الجديدة مطيفين بتلك الجحيم فينظرون إليها ثم يأتي الصديقون من الجنان إلى ذلك النور فيجلسون فيه ثم يتعجلون إلى مجمع الآلهة فيقومون حول تلك الجحيم ثم ينظرون إلى عملة الإثم يتقلبون ويترددون ويتضورون في تلك الجحيم وليست تلك الجحيم قادرة على الأضرار بالصديقين فإذا نظر أولئك الآثمون إلى الصديقين يسألونهم ويتضرعون إليهم فلا يجيبونهم إلا بما لا منفعة لهم فيه من التوبيخ فيزداد الأثمة ندامة وهماً وغماً فهذه صورتهم أبد الأبد.

أسماء كتب ماني

لماني سبعة كتب أحدها فارسي وستة سوري بلغة سوريا فمن ذلك كتاب سفر الأسرار ويحتوي على أبواب باب ذكر الديصانيين باب شهادة يستأسف على الحبيب باب شهادة على نفسه ليعقوب باب بن الأرملة وهو عند ماني المسيح المصلوب الذي صلبوه اليهود باب شهادة عيسى على نفسه في يهودا باب ابتداء شهادة اليمين بعد غلبه باب الأرواح السبع باب القول في الأرواح الأربع الزوال باب الضحكة باب شهادة آدم على عيسى باب السقاط من الدين باب قول الديصانيين في النفس والجسد باب الرد على الديصانيين في نفس الحياة باب الخنادق الثلاثة باب حفظ العالم باب الأيام الثلاثة باب الأنبياء باب القيامة فهذا ما يحتوي عليه سفر الأسرار كتاب سفر الجبابرة ويحتوي كتاب فرائض السماعين باب فرائض المجتبين كتاب الشابرقان ويحتوي على باب انحلال السماعين باب انحلال المجتبين باب انحلال الخطاة كتاب سفر الأحياء ويحتوي كتاب فرقماطيا ويحتوي

أسماء الرسائل التي لماني والأئمة بعده

رسالة الأصلين رسالة الكبراء رسالة هند العظيمة رسالة هيئ البر رسالة قضاء العدل رسالة كسكر رسالة فتق العظيمة رسالة أرمينية رسالة أموليا الكافر رسالة طيسفون في الورقة رسالة الكلمات العشر رسالة المعلم في الوصلات رسالة رحمن في خاتم الفم رسالة خبرهات في التعزية رسالة خبرهات في.. رسالة أمهسم الطيسفونية رسالة يحيى في العطر رسالة خبرهات في.. رسالة طيسفون إلى السماعين رسالة فافي رسالة الهدى الصغيرة رسالة سيس ذات الوجهين رسالة بابل الكبيرة رسالة سيس وفتق في الصور رسالة الجنة رسالة سيس في الزمان رسالة سعيوس في العشر رسالة سيس في الرهون رسالة التدبير رسالة أبا التلميذ رسالة ايرني إلى الرها رسالة أبا في الحب رسالة ميسان في النهار رسالة أبا في رسالة بحرانا في الهول رسالة أبا في ذكر الطيب رسالة عبد يسوع في العصبات رسالة بحرانا في الوصالات رسالة شايل وسكنى رسالة أبى في الزكوات رسالة حدانا في الحمامة رسالة أفقورياً في الزمان رسالة زكو في الزمان رسالة سهراب في العشر رسالة الكرح والعراب رسالة سهراب في الفرس رسالة ابراحيا رسالة أبي يسام المهندس رسالة ابراحيا الكافر رسالة المعمودية رسالة يحيى في الدراهم رسالة أفعند في الأعشار الأربعة وبعد ذلك رسالة أفعند في السعد الأول رسالة سوفي ذكر الوسائد رسالة يوحنا في تدبير الصدقة رسالة السماعين في الصوم والنذر رسالة السماعين في النار الكبرى رسالة الأهواز في ذكر الملك رسالة السماعين في تعبير يزدادنبخت رسالة مينق الفارسية الأولى رسالة مينق الثانية رسالة العشر والصدقات رسالة أردشير ومينق رسالة سلم وعنصرا رسالة حطا رسالة خبرهات في الملك رسالة ابراحيا في الأصحاء والمرضى رسالة أردد في الدواب أجا في الخفاف رسالة الحملان النيرة رسالة مانا في التصليب رسالة مهر السماع رسالة فيروز وراسين رسالة عبد بال في سفر الأسرار ورسالة سمعون ورمين رسالة عبد بال في الكسوة.

قطعة من أخبار المنانية

وتنقلهم في البلدان وأخبار رؤسائهم

أول من دخل بلاد ما وراء النهر من غير السمنية من الأديان المنانية وكان السبب فيه أن ماني لما قتله كسرى وصلبه وحرم على أهل مملكته الجدل في الدين جعل يقتل أصحاب ماني في أي موضع وجدهم فلم يزالوا يهربون منه إلى أن عبروا نهر بلخ ودخلوا في مملكة خان فكانوا عنده وخان بلسانهم لقب يلقبون به ملوك الترك فلما نزل المنانية بما وراء النهر إلى أن انتثر أمر الفرس وقوي أمر العرب فعادوا إلى هذه البلاد وسيما في فتنة الفرس وفي أيام ملوك بين أمية فان خالد بنبن عبد الله القسري كان يعنى بهم إلا أن الرياسة ما كانت تعقد إلا ببابل في هذه الديار ثم يمضي الرئيس إلى حيث يأمن من البلاد وآخر ما انجلوا في أيام المقتدر فإنهم لحقوا بخراسان خوفاً على نفوسهم ومن تبقى منهم ستر أمره وتنقل هذه البلاد وكان اجتمع منهم بسمرقند نحو خمس مائة رجل فاشتهر أمرهم وأراد صاحب خراسان قتلهم فأرسل إليه ملك الصين وأحسبه صاحب التغزغز يقول أن في بلادي من المسلمين أضعاف من في بلادك من أهل ديني ويحلف له أن قتل واحداً منهم قتل الجماعة به وأخرب المساجد وترك الأرصاد على المسلمين في سائر البلاد فقتلهم فكف عنهم صاحب خراسان وأخذ منهم الجزية وقد قلوا في المواضع الإسلامية فأما مدينة السلم فكنت أعرف منهم في أيام معز الدولة نحو ثلاثمائة وأما في وقتنا هذا فليس بالحضرة منهم خمسة أنفس وهؤلاء القوم يسمون أجاري وهم برستاق سمرقند والصغد وخاصة بنو نكث.

أسماء وذكر رؤساء المنانية في دولة بني العباس

وقبل ذلك كان الجعد بن درهم الذي ينسب إليه مروان بن محمد فيقال مروان الجعدي وكان مؤدباً له ولولده فأدخله في الزندقة وقتل الجعد هشام بن عبد الملك في خلافته بعد أن أطال حبسه في يد خالد بن عبد الله القسري فيقال أن آل الجعد رفعوا قصة إلى هشام يشكون ضعفهم وطول حبس الجعد فقال هشام أهو حي بعد وكتب إلى خالد في قتله فقتله يوم أضحى وجعله بدلاً من الأضحية بعد أن قال ذلك على المنبر بأمر هشام فإنه كان يرمى أعني خالداً بالزندقة وكانت أمه نصرانية وكان مروان الجعدي زنديقاً.

ومن رؤسائهم المتكلمين

الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة

ابن طالوت أبو شاكر بن أخي أبي شاكر بن الأعدي الحريزي نعمان بن أبي العوجا صالح بن عبد القدوس ولهؤلاء كتب مصنفة في نصرة الإثنين ومذاهب أهلها وقد نقضوا كتباً كثيرة صنفها المتكلمون في ذلك ومن الشعراء بشار بن برد إسحاق بن خلف بن سبانة سلم الخاسر علي بن الخليل علي بن ثابت وممن تشهر أخيراً أبو عيسى الوراق وأبو العباس الناشي والجبهاني محمد بن أحمد

ذكر من كان يرمى بالزندقة من الملوك والرؤساء

قيل أن البرامكة بأسرها إلا محمد بن خالد بن برمك كانت زنادقة وقيل في الفضل وأخيه الحسن مثل ذلك وكان محمد بن عبيد الله كاتب المهدي زنديقاً واعترف بذلك فقتله المهدي قرأت بخط بعض أهل المذهب أن المأمون كان منهم وكذب في ذلك وقيل كان محمد بن عبد الملك الزيات زنديقاً.

ومن رؤسائهم في المذهب في الدولة العباسية

أبو يحيى الرئيس أبو علي سعيد أبو علي رجا يزدانبخت وهو الذي أحضره المأمون من الري بعد أن أمنه فقطعه المتكلمون فقال له المأمون أسلم يا يزدانبخت فلولا ما أعطيناك إياه من الأمان لكان لنا ولك شان فقال له يزدانبخت نصيحتك يا أمير المؤمنين مسموعة وقولك مقبول ولكنك ممن لا يجبر الناس على ترك مذاهبهم فقال المأمون أجل وكان أنزله بناحية المحرم ووكل به حفظة خوفاً عليه من الغوغاء وكان فصيحاً لسناً.

ومن رؤسائهم في وقتنا هذا

انتقلت الرياسة إلى سمرقند وصاروا يعقدونها ثم بعد أن كانت لا تتم إلا ببابل وصاحبهم ثم في وقتنا هذا.

الديصانية

إنما سمي صاحبهم بديصان باسم نهر ولد عليه وهو قبل ماني والمذهبان قريب بعضهما من بعض وإنما بينهما خلف في اختلاط النور بالظلمة فإن الديصانية اختلفت في ذلك على فرقتين فرقة زعمت أن النور خالط الظلمة باختيار منه ليصلحها فلما حصل فيها ورام الخروج عنها امتنع ذلك عليه وفرقة زعمت أن النور أراد أن يرفع الظلمة عنه لما أحس بخشونتها ونتنها شابكها بغير اختياره ومثال ذلك أن الإنسان إذا أراد أن يرفع عنه شيئاً ذا شظايا محددة دخلت فيه فكلما دفعها ازدادت ولوجا فيه وزعم بن ديصان أن النور جنس واحد والظلمة جنس واحد وزعم بعض الديصانية أن الظلمة أصل النور وذكر أن النور حي حساس عالم وأن الظلمة بضد ذلك عامية غير جاسة ولا عالمة فتكارها وأصحاب بن ديصان بنواحي البطائح كانوا قديماً وبالصين وخراسان أمم منهم متفرقون لا يعرف لهم مجمع ولا بيعة والمنانية كثير جداً ولابن ديصان كتاب النور والظلمة كتاب روحانية الحق كتاب المتحرك والجماد وله كتب كثيرة ولرؤساء المذهب في ذلك أيضاً كتب ولم تقع إلينا.

المرقيونية

أصحاب مرقيون وهم قبل الديصانية وهم طائفة من النصارى أقرب من المنانية والديصانية وزعمت المرقيونية أن الأصلين القديمين النور والظلمة وأن هاهنا كوناً ثالثاً مزجها وخالطها وقالت بتنزيه الله عز وجل عن الشرور وأن خلق جميع الأشياء كلها لا يخلو من ضرر وهو مجل في ذلك واختلفوا في الكون الثالث ما هو فقالت منهم طائفة هو الحياة وهو عيسى وزعمت طائفة أن عيسى رسول ذلك الكون الثالث وهو الصانع للأشياء بامره وقدرته إلا أنهم أجمعوا على أن العالم محدث وأن الصنعة بينة فيه لا يشكون في ذلك وزعمت أن من جانب الزهومات والمسكر وصلى لله دهره وصام أبدا أفلت من حبائل الشيطان والحكايات عنه مختلفة كثيرة الاضطراب وللمرقيونية كتاب يختصون به يكتبون به ديانتهم ولمرقيون كتاب إنجيل سماه ولأصحابه عدة كتب غير موجودة إلا حيث يعلم الله وهم يتسترون بالنصرانية وهم بخراسان كثير وأمرهم ظاهر كظهور أمر المنانية.

الماهانية

طائفة من المرقونية يخالفونهم في شيء ويوافقونهم في شيء فما يوافقون المرقيونية في جميع الأحوال إلا في النكاح والذبائح ويزعمون أن المعدل بين النور والظلمة هو المسيح ولا يعرف من أمرهم غير هذا.

الجنجيين

هؤلاء أصحاب جنجي الجوخاني وكان هذا الرجل يعبد الأصنام ويضرب بالزنجليج في بيت الوثن فترك ذلك المذهب وعدل إلى مذهب ابتدعه وزعم أن هاهنا شيئاً كان قبل النور والظلمة وأنه كان في الظلمة صورتان ذكر وأنثى قال فكان مع زوجته في الظلمة قال فظهر للأنثى نور وسرق قليلاً من النور عالم الأحياء فتحركت كالدودة وارتفعت فقبلها النور وألبسها شيئاً من نوره ثم أنها فارقته وسرقت منه نوراً فرجعت إلى موضعها فخلقت من النور الذي سرقت من الذي ألبسها النور السماء والجبال والأرض وسائر الأشياء ويزعمون أن النار هي ملكة العالم وأشياء نستغفر الله من ذكرها ولا نعرف لهم كتاباً.

مقالة خسرو الأرزمقان

هذا أيضاً من جوخى من قرية على النهروان وكان أصحابه يتفاخرون باللباس والزي وكان يأمرهم بذلك ويزعم أن النور كان حياً لم يزل وأنه كان نائماً فغشيته الظلمة وأخذت منه نوراً وعادت إلى موضعها فأرسل إليها بإله خلقه وسماه ابن الأحياء وقال امض وائتني بما أخذت الظلمة مني من النور فلما صار ابن الأحياء إلى الظلمة أصابها قد تحاكت فحدث منها بقوة النور الذي حصل فيها كونان ذكر وأنثى فمضى وعاد إلى النور والى معدن الحياة والنفوس فأخذ منها وألبسها ذلك المولودين وأنه يذكر أن الماء الذي هو صبابة الاحتكاك خلق منه السماوات والأرضين وما فيها من النجوم والمياه والجبال وكان يطعن على عيسى ويعجزه ويكتم مذهبه ولا يذيعه ولا كتاب له والذي يحفظ من كلامه وكلام أصحابه نحن الذين حفرنا السرب في العالم فسرقنا من الدنيا المال العظيم فعمنا فذهبنا إلى النهر فذهبنا بهن سوداً وأتينا بهن بيضاً ورددناهن مشرقات مضيئات هذا الكلام يغنون به ملحناً موزوناً ويشبه مذهبهم في هذا مذهب الحرمية

الرشيين

يزعمون أنه لم يكن غير الظلمة فقط وكان في جوفها الماء وفي جوف الماء الريح وفي الريح الرحم وفي الرحم المشيمة وفي المشيمة بيضة وفي البيضة الماء الحي وفي الماء الحي ابن الأحياء العظيم وارتفع إلى العلو لخلق البريات والأشياء والسماوات والأرض والآلهة قالوا وأبوه الظلمة لا يعلم ثم عاد.

المهاجرين

هؤلاء يقولون بالمعمودية والقرابين والهدايا ولهم أعياد ويذبحون في بيعهم البقر والغنم والخنازير ولا يمنعون نساءهم من أئمتهم ويقبحون الزنا.

الكشطيين

يقولون بالذبائح والشهوة والحرص والمفاخرة ويقولون أنه كان قبل كل شيء الحي العظيم فخلق من نفسه ابنا وسماه نجم الضياء ويسمونه الحي الثاني ويقولون بالقربان والهدايا والأشياء الحسنة

المغتسلة

هؤلاء القوم كثيرون بنواحي البطائح هم صابة البطائح يقولون بالاغتسال ويغسلون جميع ما يأكلونه ورئيسهم يعرف بالحسيح وهو الذي شرع الملة ويزعم الكونين ذكر وأنثى وأن البقول من شرع الذكر وأن الأكشوث من شرع الأنثى وأن الأشجار عروقه ولهم أقاويل شنيعة تجرى مجرى الخرافة وكان تلميذه يقال له شمعون وكانوا يوافقون المانوية في الأصلين ويفترق ملتهم بعد وفيهم من يعظم النجوم إلى وقتنا هذا.

حكاية أخرى في أمر صابة البطائح

هؤلاء القوم على مذهب النبط القديم يعظمون النجوم ولهم أمثلة وأصنام وهم عامة الصابة المعروفين بالحرنانيين وقد قيل إنهم غيرهم جملة وتفصيلاً.

مقالة أي وعملكما

هؤلاء يزعمون أن الأكوان أربعة لا يشبه بعضها بعضاً يسمون الأول حوسطف العظيم ويسمون الثاني رويمان ويسمون الثالث وردود الحية الأنثى ويسمون الرابع الإسمايحين ويزعمون أن هذه الأشياء قبل كل شيء كان في العالم من الأرض والسماء وغيرهما وان هذه الأكوان الثلاثة دعت حوسطف إلى أن تجعله رئيسها ثم اختلفت بعد فحدث من اختلافها الشرور والآثام.

مقالة الشيليين

كان شيلى من المغتسلة إلا أنه كان يخالفها وكان يلبس الخشن ويأكل الطيب وكان يميل إلى مذهب اليهود ويأخذ به.

مقالة الخولانيين

هؤلاء أصحاب مليح الخولاني وكان تلميذ بابك بن بهرام وكان بابك تلميذ شيلي وكان يوافق شيلي ويقف عن اليهود.

الماريين والدشتيين

وصاحبهم ماري الأسقف ويرون مذاهب الثنوية ولا يحرمون الذبائح وكان دشتى من أصحاب ماري ثم خالفه.

أهل خيفة السماء

صاحبهم أريدي وكان ينزل طيسفون وبهرسير وكان رجلاً موسراً فخدع رجلاً يهودياً فكتب له كتب الأنبياء والحكماء واخترع لنفسه ملة ودعا الناس إليها وبنواحي طيسفون قوم على مذهبه

الأسوريين

وصاحبهم ورئيسهم يقال له بن سقطرى بن أسورى يسقون الأموال والمكاسب ويوافقون اليهود في شيء ويخالفونهم في شيء ويظهرون ملة عيسى.

مقالة الأوردجيين

هؤلاء القوم يعظمون البحر ويقولون أنه هو القديم الذي قبل كل شيء وأنه لما خب أظهرت ريحه زبده فلما رأته الريح صنعت منه مسكناً وسكنته وباضت سبع بيضات قال فكان من تلك البيضات السبع آلهة سبع ويسمون أحد الآلهة النشابة لأنه زعموا غاص في البحر ثم خرج بسرعة كما يخرج النشابة وقال أنه خلق كوثراً ويعرف بالثل وأجرى في ذلك الثل نهراً يسمى الفرات العظيم ثم غرس على ذلك الثل سدرة قالوا وكان من البيضات السبع من إحداهن النشابة ومن الأخرى المرياش ومن الثالثة استبرق ومن الرابعة التاج ومن الخامسة سيدة العالم ومن السادسة الفتى ومن السابعة الليل والنهار قال فنزل التاج على المرياش وأجلسه ثم أنشأ جميع العالم بما فيه من تلك الأشياء وهؤلاء القوم يعظمون البحر ويقولون أنه الإله العظيم ويقال أن منهم بنواحي السواحل أمماً كثيرة ولم نر منهم أحداً ولهم أقاويل طريفة تجري مجرى الخرافة تركنا ذكرها لئلا يطول الكتاب بها.

أسماء الفرق

التي كانت بين عيسى عليه السلام ومحمد النبي صلى الله عليه وسلم

قال محمد بن إسحاق ذكر القحطبي في الرد على النصارى هذه الفرق الملكية النسطورية اليعقوبية الصامية الكتثانية البهانية الإليانية المارونية السالية الأربوسية المنانية الديصانية المرقيونية الأجرعانية المقداموسية الماقادونية اليماسية الغولية النولية الأربانموسية العطاحرية الهيلانية الباكولية البولفانية المحرانية السوروانية الساورمية العلانشية الأفخارية اليونانية الحاوحسية الأنسية الكواركية البقالية الردوية العولية الأطمربونية اللوعانية القيراطسية السمغسانية الأثرنية الأرطماسية السابانسية الباونطسة الإسحاقية الثمانية المارونية الموليانية الأقوليارسطية الأوطاخية البوالنطرية البقالوسية المرمسية الملورية الباقورية الآدمية النفسطونية والعنزونية النفسانية الحسبية الديقطانية

مذهب الحرمية والمزدكية

قال محمد بن إسحاق الحرمية صنفان الحرمية الأولى ويسمون المحمرة وهم بنواحي الجبال فيما بين اذربيجان وأرمينية وبلاد الديلم وهمدان ودينور منتشرون وفيما بين أصفهان وبلاد الأهواز وهؤلاء أهل مجوس في الأصل ثم حدث مذهبهم وهم ممن يعرف باللقطة وصاحبهم مزدك القديم أمره بتناول اللذات والانعكاف على بلوغ الشهوات والأكل والشرب والمواساة والاختلاط وترك الاستبداد بعضهم على بعض ولهم مشاركة في الحرم والأهل لا يمتنع الواحد منهم من حرمة الآخر ولا يمنعه ومع هذه الحال فيرون أفعال الخير وترك القتل وإدخال الآلام على النفوس ولهم مذهب في الضيافات ليس هو لاحد من الأمم إذا أضافوا الإنسان لم يمنعوه من شيء يلتمسه كائناً ما كان وعلى هذا المذهب مزدك الأخير الذي ظهر في أيام قباد بن فيروز وقتله أنوشروان وقتل أصحابه وخبره مشهور معروف وقد استقصى البلخي أخبار الحرمية ومذاهبهم وأفعالهم في شربهم ولذاتهم وعباداتهم في كتاب عيون المسائل والجوابات ولا حاجة بنا إلى ذكر ما قد سبقنا إليه غيرنا

أخبار الحرمية البابكية

فأما الحرمية البابكية فان صاحبهم بابك الحرمي وكان يقول لمن استغواه أنه إله وأحدث في مذاهب الحرمية القتل والغصب والحروب والمثلة ولم يكن الحرمية يعرف ذلك.

السبب في بدء أمره وخروجه وحروبه ومقتله

قال واقد بن عمرو التميمي وعمل أخبار بابك قال وكان أبوه رجلاً من أهل المدائن دهاناً نزح إلى ثغر أذربيجان فسكن قرية تدعى بلال أباذ من رستاق ميمد وكان يحمل دهنه في وعاء على ظهره ويطوف في قرى الرستاق فهوى امرأة عوراء وهي أم بابك وكن يفجر بها برهة من دهره فبينا هو وهي منتبذان عن القرية متوحدان في غيضة ومعهم شراب يعتكفان عليه إذ خرج من القرية نسوة يسقين الماء من عين في الغيضة فسمعن صوتاً نبطياً يترنم به فقصدن إليه فهجمن عليهما فهرب عبد الله وأخذن بشعر أم بابك وجئن بها إلى القرية وفضحنها فيها قال واقد ثم أن ذلك الدهان رغب إلى أبيها فزوجه منها فأولدها بابكاً ثم خرج في بعض سفراته إلى جبل سبلان واعترضه من استقفاه وجرحه فقتله فمات بعد مديدة وأقبلت أم بابك ترضع للناس بأجرة إلى أن صار لبابك عشر سنين فيقال إنها خرجت في يوم من الأيام تلتمس بابكاً وكان يرعى بقراً لقوم فوجدته تحت شجرة قائلاً وهو عريان وإنها رأت تحت كل شعرة من صدره ورأسه دما فانتبه من نومه فاستوى قائماً وحال ما رأت من الدم فلم تجده قالت فعلمت أنه سيكون لابني نبأ جليل قال واقد وكان أيضاً بابك مع الشبل بن المنقى الأزدي برستاق سراة يعمل في سياسة دوابه وتعلم ضرب الطنبور من غلمانه ثم صار إلى تبريز من عمل اذربيجان فاشتغل مع محمد بن الرواد الأزدي نحو سنتين ثم رجع إلى أمه وله ثمان عشرة سنة فأقام عندها قال واقد بن عمرو وكان بجبل البذ وما يليه من جباله رجلان من العلوج متحرمين ولهما جدة وثروة وكانا متشاجرين في التملك على من بجبال البذ من الحرمية ليتوحد أحدهما بالرياسة يقال لأحدهما جاويدان بن سهرك والآخر غلبت عليه الكنية يعرف بأبي عمران وكانت تقوم بينهما الحرب في الصيف وتحول بينهما الثلوج في الشتاء لانسداد العقاب فان جاويدان وهو أستاذ بابك خرج من مدينته بألفي شاة يريد بها مدينة زنجان من مدائن ثغور قزوين فدخلها وباع غنمه وانصرف إلى جبل البذ فأدركه الثلج والليل برستاق ميمد فعاج إلى قرية بلال أباذ فسأل جزيرها إنزاله فمضى به بالاستخفاف منه بجاويدان فأنزله على أم بابك وما تستبيت من ضنك وعدم فقامت إلى نار فأججتها ولم تقدر على غيرها وقام بابك إلى غلمانه ودوابه فخدمهم وأسقى لهم الماء وبعث به جاويدان فابتاع له طعاماً وشراباً وعلفاً وأتاه به وخاطبه وناطقه فوجده على رداءة حاله وتعقد لسانه بالأعجمية فهماً ورآه خبيثاً شهماً فقال لأمه أيتها المرأة أنا رجل من جبل البذ ولي بها حال ويسار وأنا محتاج إلى ابنك هذا فادفعيه إلي لأمضي به معي فأوكله بضياعي وأموالي وأبعث بأجرته إليك في كل شهر خمسين درهماً فقالت له إنك لشبيه بالخير وإن آثار السعة عليك ظاهرة وقد سكن قلبي إليك فأنهضه معك إذا نهضت ثم أن أبا عمران نهض من جبله إلى جاويدان فحاربه فهزم فقتل جاويدان أبا عمران ورجع إلى جبله وبه طعنة أخافته فأقام في منزله ثلاثة أيام ثم مات وكانت امرأة جاويدان تتعشق بابكاً وكان يفجر بها فلما مات جاويدان قالت له إنك جلد شهم وقد مات ولم أرفع بذلك صوتي إلى أحد من أصحابه فتهيأ لغد فإني جامعتهم إليك ومعلمتهم أن جاويدان قال إني أريد أن أموت في هذه الليلة وإن روحي تخرج من بدني وتدخل في بدن بابك وتشترك مع روحه وإنه سيبلغ بنفسه وبكم أمراً لم يبلغه أحد ولا يبلغه بعده أحد وإنه يملك الأرض ويقتل الجبابرة ويرد المزدكية ويعز به ذليلكم ويرتفع به وضيعكم فطمع بابك فيما قالت له واستبشر به وتهيأ له فلما أصبحت تجمع إليها جيش جاويدان فقالوا يكف لم يدع بنا ويوصي إلينا قالت ما منعه من ذلك إلا أنكم كنتم متفين في منازلكم من القرى وأنه أن بعث وجمعكم انتشر خبره فلم يأمن عليكم شرة العرب فعهد الي بما أنا أؤديه إليكم أن قبلتموه وعملتم به فقالوا لها قولي ما عهد إليك فإنه لم تكن معنا مخالفة لأمره أيام حياته وليس معنا مخالفة له بعد موته قالت قال لي إني أموت في ليلتي هذه وإن روحي تخرج من جسدي وتدخل بدن هذا الغلام خادمي وقد رأيت أن أملكه على أصحابي فإذا مت فأعلميهم ذلك وأنه لا دين لمن خالفني فيه واختار لنفسه خلاف اختياري قالوا قد قبلنا عهده إليك في هذا الغلام فدعت ببقرة فأمرت بقتلها وسلخها وبسط جلدها وصيرت على الجلد طستاً مملوءاً خمراً وكسرت فيه خبزاً فصيرته حوالي الطست ثم دعت برجل رجل فقالت طأ الجلد برجلك وخذ كسرة واغمسها في الخمر وكلها وقل آمنت بك يا روح بابك كما آمنت بروح جاويدان ثم خذ بيد بابك فكفر عليها وقبلها ففعلوا ذلك إلى وقت ما تهيأ لها فيه طعام ثم أحضرتهم الطعام والشراب وأقعدته على فراشها وقعدت معه ظاهرة لهم فلما شربوا ثلاثاً ثلاثاً أخذت طاقة ريحان فدفعتها إلى بابك فتناولها من يدها وذلك تزويجهم فنهضوا فكفروا لهما رضا بالتزويج والمسلمون غريبهم ومواليهم.

المذاهب التي حدثت بخراسان في الإسلام

من مذاهب المجوس والحرمية

ظهر في صدر الدولة العباسية وقبل ظهور أبي العباسن رجل يقال له بها فريد من قرية يقال لها روى من أبرشهر مجوسي يصلي الصلوات الخمس بلا سجود متياسر عن القبلة وتكهن ودعا المجوس إلى مذهبه فاستجاب له خلق كثير فوجه إليه أبو مسلم شبيب بن داح وعبد الله بن سعيد فعرضا عليه الإسلام وأسلم وسود ثم لم يقبل إسلامه لتكهنه فقتل وعلى مذهبه بخراسان جماعة إلى هذا الوقت هذا ذكره إبراهيم بن العباس الصولي في كتاب الدولة العباسية والله أعلم بالصواب

المسلمية

ومن الاعتقادات التي حدثت بخراسان بعد الإسلام المسلمية أصحاب أبي مسلم يعتقدون إمامته ويقولون أنه حي يرزق وكان المنصور لما قتل أبا مسلم هرب دعاته وأصحابه المتحققون به إلى نواحي البلاد فوقع رجل يعرف بإسحاق إلى الترك إلى بلاد ما وراء النهر وأقام بها داعية لأبي مسلم وادعى أن أبا مسلم محبوس في جبال الري وعندهم أنه يخرج في وقت يعرفونه كما يزعم الكيسانية في محمد بن الحنفية قال حاكي هذا الخبر وسألت جماعة لم سمي إسحاق بالترك فقالوا لأنه دخل إلى بلاد الترك يدعوهم برسالة أبي مسلم وذكر قوم أن إسحاق من العلوية وإنما تستر بهذا المذهب عندهم وهو من ولد يحيى بن زيد بن علي وقال أنه خرج هارباً من بني أمية يجول بلاد الترك وقال صاحب كتاب أخبار ما وراء النهر من خراسان حدثني إبراهيم بن محمد وكان عالماً بأمور المسلمية أن إسحاق إنما كان رجلاً من أهل ما وراء النهر وكان أمياً وكان له تابعة من الجن فكان إذا سئل عن شيء أجاب بعد ليلة فلما كان من أبي مسلم ما كان دعا الناس إليه وزعم أنه نبي أنقذه زرادشت وادعى أن زرادشت حي لم يمت وأصحابه يعتقدون أنه حي لا يموت وأنه يخرج حتى يقيم الدين لهم وهذا من أسرار المسلمية قال بلخي وبعض الناس يسمي المسلمية الحرمدينية وقال بلغني أن عندنا ببلخ منهم جماعة بقرية يقال لها حرماد وتتخافى.

مذاهب السمنية

قرأت بخط رجل من أهل خراسان قد ألف أخبار خراسان في القديم وما آلت إليه في الحديث وكان هذا الجزء يشبه الدستور قال نبي السمنية بوداسف: وعلى هذا المذهب كان أكثر أهل ما وراء النهر قبل الإسلام وفي القديم ومعنى السمنية منسوب إلى سمنى وهم أسخى أهل الأرض والأديان وذلك أن نبيهم بوداسف أعلمهم أن أعظم الأمور التي لا تحل ولا يسع الإنسان أن يعتقدها ولا يفعلها قول لا في الأمور كلها فهم على ذلك قولاً وفعلاً وقول لا عندهم من فعل الشيطان ومذهبهم دفع الشيطان.