باب الواو والجيم، الحاء، الخاء

وجأ

 

الوَجْءُ: اللَّكْزُ. ووَجَأَه باليد والسِّكِّينِ وَجْأً، مقصور: ضَربَه. وَوَجَأَ في عُنُقِه كذلك. وقد تَوَجَّأْتُه بيَدي، ووَجِئ، فهو مَوْجُوءٌ، ووَجَأْتُ عُنُقَه وَجْأً: ضَرَبْتُهُ.
وفي حديث أَبي راشد، رضي اللّه عنه: كنتُ في مَنائِحِ أَهْلي فَنَزَا منها بَعِيرٌ فَوَجَأْتُه بحديدةٍ. يقال: وجَأْتُه بالسكين وغيرها وجْأً إذا ضربته بها.
وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: مَن قَتَلَ نفسَه بحديدةٍ فحديدتُه في يَدِه يَتَوَجَّأُ بها في بطنِه في نار جَهَنَّمَ.
والوَجْءُ: أَن تُرَضَّ أُنْثَيا الفَحْلِ رَضّاً شديداً يُذْهِبُ شَهْوَة الجماع ويتَنَزَّلُ في قَطْعِه مَنْزِلةَ الخَصْي. وقيل: أَن تُوجَأَ العُروقُ والخُصْيَتان بحالهما. ووَجَأَ التَّيْسَ وَجْأً ووِجَاءً، فهو مَوْجُوءٌ ووَجِيءٌ، إذا دَقَّ عُروقَ خُصْيَتَيْه بين حجرين من غير أَن يُخْرِجَهما. وقيل: هو أَن تَرُضَّهما حتى تَنْفَضِخَا، فيكون شَبِيهاً بالخِصاءِ. وقيل: الوَجْءُ المصدر، والوِجَاءُ الاسم. وفي الحديث: عَلَيْكُمْ بالبَاءَةِ فَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصَّوْمِ فإِنه له وِجَاءٌ، ممدود. فإن أَخْرَجَهما من غير أَن يَرُضَّهما، فهو الخِصاءُ. تقول منه: وَجَأْتُ الكَبْشَ. وفي الحديث: أَنه ضَحَّى بكَبْشَيْن مَوْجُوءَيْن، أَي خَصِيَّيْنِ. ومنهم من يرويه مُوْجَأَيْن بوزن مُكْرَمَيْن، وهو خَطَأٌ. ومنهم من يرويه مَوْجِيَّيْنِ، بغير همز على التخفيف، فيكون من وَجَيْتُه وَجْياً، فهو مَوْجِيٌّ. أَبو زيد: يقال للفحل إذا رُضَّتْ أُنْثَياه قد وُجِئ وِجَاءً، فأَراد أَنه يَقْطَعُ النِّكاحَ لأَن المَوْجُوءَ لا يَضْرِبُ. أَراد أَن الصومَ يَقْطَعُ النِّكاحَ كما يَقْطَعُه الوِجَاءُ، وروي وَجىً بوزن عَصاً، يريد التَّعَب والحَفَى، وذلك بعيد، إلا أَن يُراد فيه معنى الفُتُور لأَن من وَجِيَ فَتَرَ عن المَشْي، فَشَبَّه الصوم في باب النِّكاحِ بالتَّعَبِ في باب المَشْي.
وفي الحديث: فلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَراتٍ مِنْ عَجْوةِ المدينة فَلْيَجَأْهُنَّ أَي فلْيَدُقَّهُنَّ، وبه سُمِّيت الوَجِيئةُ، وهي تَمْر يُبَلُّ بلَبن أَو سَمْن ثم يُدَقُّ حتى يَلْتَئِمَ. وفي الحديث: أَنه، صلى اللّه عليه وسلم، عادَ سَعْداً، فوَصَفَ له الوَجِيئةَ. فأَمَّا قول عبد الرحمن بن حَسَّانَ:

فكنتَ أَذَلَّ من وَتِدٍ بِـقـاعٍ،

 

يُشَجِّجُ رأْسَه، بالفِهْرِ، واجِي

فإنما أَرادَ واجِئ، بالهمز، فَحَوَّلَ الهمزةَ ياء للوصل ولم يحملها على التخفيف القياسي، لأَن الهمز نفسه لا يكونُ وَصْلاً،وتَخْفِيفُه جارٍ مَجْرَى تَحْقِيقه، فكما لا يَصِلُ بالهمزة المحققة كذلك لم يَسْتَجِز الوَصْلَ بالهمزة المُخفَّفة إذ كانت المخففةُ كأَنها المُحقَّقةُ. ابن الأَعرابي: الوَجِيئةُ: البقَرةُ، والوَجِيئة، فَعِيلةٌ: جَرادٌ يُدَقُّ ثم يُلَتُّ بسمن أَو زيت ثم يُؤْكل. وقيل: الوَجِيئةُ: التمر يُدَقُّ حتى يَخْرُجَ نَواه ثم يُبَلُّ بلبن أَو سَمْن حتى يَتَّدِنَ ويلزَم بعضُه بعضاً ثم يؤْكل. قال كراع: يقال الوَجِيَّةُ، بغير همز، فإن كان هذا على تخفيف الهمز فلا فائدة فيه لأَن هذا مطَّرد في كل فَعيِلة كان لامه همزةً، وإِن كان وصفاً أَو بدلاً فليس هذا بابه.
وأَوجَأَ: جاءَ في طلب حاجة أَو صيد فلم يُصِبْه. وأَوْجَأَتِ الرَّكِيَّةُ وأَوْجَت: انْقَطَع ماؤُها أَو لم يكن فيها ماءٌ. وأَوْجَأَ عنه: دَفَعَه ونَحَّاه.

وجا

الوَجا: الحَفا، وقيل: شِدَّة الحفا، وَجِيَ وَجاً ورجل وَجٍ ووَجِيٌّ، وكذلك الدابة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

يَنْهَضْنَ نَهْضَ الغائِبِ الوَجِيِّ

 وجَمْعُها وَجْيَا. ويقال: وجِيَتِ الدابةُ تَوْجَى وَجاً، وإِنه ليَتَوَجَّى في مشْيته وهو وَجٍ، وقيل: الوَجَا قبل الحَفا ثم النَّقَبُ، وقيل: هو أَشدّ من الحَفا، وتَوَجَّى في جميع ذلك: كَوَجِيَ. ابن السكيت: الوَجا أَن يَشْتَكِيَ البعيرُ باطِنَ خُفه والفرسُ باطن حافِره. أَبو عبيدة: الوَجا قَبلَ الحفا، والحفا قبل النَّقَبِ. ووَجِيَ الفرس، بالكسر: وهو أَن يَجِد وجَعاً في حافره، فهو وَجٍ، والأُنثى وَجْياء، وأَوْجَيْته أَنا وإِنه ليَتَوَجَّى.
ويقال: تَرَكْتُه وما في قَلْبي منه أَوْجَى أَي يَئِست منه، وسأَلته فأَوْجَى عليّ أَي بَخِل. وأَوْجَى الرجلُ: جاء لحاجةٍ أَو صَيْد فلم يُصِبها كأَوْجاً، وقد تقدَّم في الهمز. وطَلَبَ حاجة فأَوْجَى أَي أَخطأَ؛ وعلى أَحد هذه الأَشياء يحمل قول أَبي سَهْم الهُذَلي:

فَجاء، وقَدْ أَوْجَتْ مِنَ المَوْتِ نَفْسُه

 

به خُطَّفٌ قد حذَّرَتْه المَقـاعِـدُ

ويقال: رَمَى الصيدَ فأَوْجَى، وسأَلَ حاجةً فأَوْجى أَي أَخْفَقَ. أَبو عمرو: جاء فلان مُوجىً أَي مردوداً عن حاجته، وقد أَوْجَيْتُه. وحَفَرَ فأَوْجَى إذا انْتَهى إِلى صلابةٍ ولم يُنْبِطْ. وأَوْجَى الصائدُ إذا أَخْفَقَ ولم يَصد. وأَوْجَأَتِ الرَّكِيَّةُ وأَوْجَتْ إذا لم يكن فيها ماء. وأَتيْناه فَوَجَيْناه أَي وَجَدْناه وَجِيّاً لا خَيْرَ عنده.
يقال: أَوْجَتْ نَفْسُه عن كذا أَي أَضْرَبَتْ وانتَزَعَت، فهي مُوجِيةٌ.
وماء يُوجَى أَي ينقطع، وماء لا يُوجَى أَي لا يَنْقَطِعُ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

تُوجَى الأَكُفُّ وهُما يَزِيدانْ

يقول: ينقطع جُودُ أَكُفِّ الكِرام، وهذا الممدوح تَزِيدُ كَفَّاه.
وأَوجى الرجلَ: أَعطاه؛ عن أَبي عبيد: وأَوْجاهُ عنه: دَفَعَه ونَحّاه ورَدَّه. الليث: الإِيجاء أَن تَزْجُرَ الرجل عن الأَمر؛ يقال: أَوْجَيْتُه فرَجَع، قال: والإِيجاء أَن يُسْأَلَ فلا يُعْطي السائل شيئاً؛ وقال ربيعة بن مقروم:

أَوْجَيْتُه عَنِّي فأَبْصَرَ قَـصْـدَهُ

 

وكَوَيْتُه فوْقَ النَّواظِرِ مِنْ عَلِ

وأَوْجَيْتُ عنكم ظُلْمَ فلان أَي دفَعْته؛ وأَنشد:

كأَنَّ أَبي أَوْصَى بِكُمْ أَنْ أَضُمَّكمْ

 

إِليَّ، وأُوجي عَنْكُمُ كلَّ ظالـم

ابن الأَعرابي: أَوْجى إذا صَرَفَ صَدِيقَه بغير قَضاء حاجته، وأَوجى أَيضاً إذا باعَ الأَوْجِيةَ، واحدها وِجاء، وهي العُكُومُ الصِّغار؛ وأَنشد:

كَفَّاكَ غَيْثانِ عَليْهِمْ جُـودانْ

 

تُوجَى الأَكفُّ وهما يزيدانْ

أَي تنقطع. أَبو زيد: الوَجْيُ الخَصْيُ. الفراء: وجَأْتُه ووَجَيْتُه وِجاء. قال: والوِجاءُ في غير هذا وِعاء يُعمل من جِران الإِبل تَجعل فيه المرأَةُ غسْلَتها وقُماشَها، وجمعه أَوْجِيَةٌ.
والوَجِيَّةُ، بغير همز؛ عن كراع: جَرادٌ يُدَقُّ ثم يُلَتُّ بسمن أَو زيت ثم يؤْكل؛ قال ابن سيده: فإِن كان من وجَأْت أَي دققت فلا فائدة في قوله بغير همز، ولا هو من هذا الباب، وإِن كان من مادة أُخرى فهو من و ج ي، ولا يكون من و ج و لأَن سيبويه قد نفى أَن يكون في الكلام مثل وعوت.

وجب

وَجَبَ الشيءُ يَجِبُ وُجوباً أَي لزمَ. وأَوجَبهُ هو، وأَوجَبَه اللّه، واسْتَوْجَبَه أَي اسْتَحَقَّه. وفي الحديث: غُسْلُ الجُمُعةِ واجِبٌ على كل مُحْتَلِم. قال ابن الأَثير: قال الخَطَّابي: معناه وُجُوبُ الاخْتِيار والاسْتِحْبابِ، دون وُجُوب الفَرْض واللُّزوم؛ وإِنما شَبَّهَه بالواجب تأْكيداً، كما يقول الرجلُ لصاحبه: حَقُّكَ عليَّ واجبٌ، وكان الحَسنُ يراه لازماً، وحكى ذلك عن مالك.
يقال: وَجَبَ الشيءُ يَجِبُ وُجوباً إذا ثَبَتَ، ولزِمَ. والواجِبُ والفَرْضُ، عند الشافعي، سواءٌ، وهو كل ما يُعاقَبُ على تركه؛ وفرق بينهما أَبو حنيفة، فالفَرْض عنده آكَدُ من الواجب. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه أَوجَبَ نَجِيباً أَي أَهْداه في حج أَو عمرة، كأَنه أَلزَمَ نفسه به. والنَّجِيبُ: من خيار الإِبل. ووجَبَ البيعُ يَجبُ جِبَةً، وأَوجَبْتُ البيعَ فوَجَبَ. وقال اللحياني: وَجَبَ البيعُ جِبَةً ووُجوباً، وقد أَوْجَبَ لك البيعَ وأَوْجَبهُ هو إِيجاباً؛ كلُّ ذلك عن اللحياني. وأَوْجَبَه البيعَ مواجبة، ووِجاباً، عنه أَيضاً.
أَبو عمرو: الوَجِيبةُ أَن يُوجِبَ البَيْعَ، ثم يأْخذَه أَوَّلاً، فأَوَّلاً؛ وقيل: على أَن يأْخذ منه بعضاً في كل يوم، فإِذا فرغ قيل: اسْتَوْفى وَجِيبَتَه؛ وفي الصحاح: فإِذا فَرَغْتَ قيل: قد استَوفيْتَ وَجِيبَتَك. وفي الحديث: إذا كان البَيْعُ عن خِيار فقد وجَبَ أَي تَمَّ ونَفَذ. يقال: وجب البيعُ يَجِبُ وجوباً، وأَوْجَبَه إِيجاباً أَي لَزِمَ وأَلْزَمَه؛ يعني إذا قال بعد العَقْد: اخْتَرْ رَدَّ البيع أَو إِنْفاذَه، فاختارَ الإِنْفاذَ، لزِمَ وإِن لم يَفْتَرِقا.
واسْتَوْجَبَ الشيءَ: اسْتَحَقَّه.
والمُوجِبةُ: الكبيرةُ من الذنوب التي يُسْتَوْجَبُ بها العذابُ؛ وقيل: إِن المُوجِبَةَ تَكون من الحَسَناتِ والسيئات. وفي الحديث: اللهم إِني أَسأَلك مُوجِبات رَحْمَتِك.
وأَوْجَبَ الرجلُ: أَتى بمُوجِبةٍ مِن الحَسناتِ أَو السيئات.
وأَوْجَبَ الرجلُ إذا عَمِلَ عَمَلاً يُوجِبُ له الجَنَّةَ أَو النارَ. وفي الحديث: مَنْ فعل كذا وكذا، فقد أَوْجَبَ أَي وَجَبَتْ له الجنةُ أَو النارُ. وفي الحديث: أَوْجَبَ طَلْحَةُ أَي عَمِل عَمَلاً أَوْجَبَ له الجنةَ.
وفي حديث مُعاذٍ: أَوْجَبَ ذو الثلاثة والاثنين أَي من قَدَّم ثلاثةً من الولد، أَو اثنين، وَجَبَت له الجنةُ.
وفي حديث طَلحة: كلمة سَمِعتُها من رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، مُوجِبةٌ لم أَسأَله عنها، فقال عمر: أَنا أَعلم ما هي: لا إِله إِلا اللّه، أَي كلمة أَوْجَبَتْ لقائلها الجنة، وجمعُها مُوجِباتٌ. وفي حديث النَّخَعِيِّ: كانوا يَرَوْنَ المشيَ إِلى المسجدِ في الليلة المظلمة، ذاتِ المَطَر والريح، أَنها مُوجِبةٌ، والمُوجِباتُ الكبائِرُ من الذُّنُوب التي أَوْجَبَ اللّهُ بها النارَ.
وفي الحديث: أَن قوماً أَتَوا النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فقالوا: يا رسول اللّه، إِن صاحِباً لنا أَوْجَبَ أَي رَكِبَ خطيئةً اسْتَوْجَبَ بها النارَ، فقال: مُرُوه فلْيُعْتِقْ رَقَبَةً. وفي الحديث: أَنه مَرَّ برجلين يَتَبايعانِ شاةً، فقال أَحدُهما: واللّه لا أَزِيدُ على كذا، وقال الآخر: واللّه لا أَنقُصُ من كذا، فقال: قد أَوْجَبَ أَحدُهما أَي حَنِثَ، وأَوْجَبَ الإِثم والكَفَّارةَ على نفسه.
ووَجَبَ الرجلُ وُجُوباً: ماتَ؛ قال قَيْسُ بن الخَطِيم يصف حَرْباً وَقَعَتْ بين الأَوْسِ والخَزْرَج، في يوم بُعاثَ، وأَن مُقَدَّم بني عَوْفٍ وأَميرَهم لَجَّ في المُحاربة، ونَهَى بني عَوْفٍ عن السِّلْمِ، حتى كانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ:

ويَوْمَ بُعاثٍ أَسْلَمَتْنـا سـيُوفُـنـا

 

إِلى نَشَبٍ، في حَزْمِ غَسَّانَ، ثاقِبِ

أَطاعتْ بنو عَوْفٍ أَمِيراً نَهاهُـمُ

 

عن السِّلْمِ، حتى كان أَوَّلَ وَاجِبِ

أَي أَوَّلَ مَيِّتٍ؛ وقال هُدْبة بن خَشْرَم:

فقلتُ له: لا تُبْكِ عَيْنَـكَ، إِنـه

 

بِكَفَّيَّ ما لاقَيْتُ، إِذ حانَ مَوْجِبي

أَي موتي. أَراد بالمَوْجِبِ مَوْتَه. يقال: وَجَبَ إذا ماتَ مَوْجِباً. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، جاءَ يَعُودُ عبدَاللّه بنَ ثابتٍ، فوَجَدَه قد غُلِبَ، فاسْتَرْجَعَ، وقال: غُلِبْنا عليك يا أَبا الرَّبِيعِ، فصاحَ النساءُ وبَكَيْنَ، فَجعلَ ابنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ؛ فقال رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: دَعْهُنَّ، فإِذا وَجَبَ فلا تَبْكِيَنَّ باكيةٌ، فقال: ما الوُجوبُ؟ قال: إذا ماتَ. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: فإِذا وَجَبَ ونَضَبَ عُمْرُه. وأَصلُ الوُجُوبِ: السُّقوطُ والوقُوعُ. ووَجَبَ الميتُ إذا سقَط وماتَ. ويقال للقتيل: واجِبٌ. وأَنشد: حتى كانَ أَوَّلَ واجِبِ.
والوَجْبة: السَّقطة مع الهَدَّة. وَوجَبَ وجْبة: سَقَط إِلى الأَرض؛ ليست الفَعْلة فيه للمرَّة الواحدة، إِنما هو مصدرُ كالوُجوب. ووَجَبَتِ الشمسُ وَجْباً، ووُجوباً: غابت، والأَوَّلُ عن ثعلب. وفي حديث سعيدٍ: لولا أَصْواتُ السافِرَة لسَمِعْتم وَجْبةَ الشمس أَي سُقُوطَها مع المَغيب. وفي حديث صِلَةَ: فإِذا بوَجْبةٍ وهي صَوت السُّقُوط. ووَجَبَتْ عَيْنُه: غارَتْ، على المَثَل. ووَجَبَ الحائطُ يَجِبُ وَجْباً ووَجْبةً: سقط. وقال اللحياني: وَجَبَ البيتُ وكلُّ شيءٍ: سَقَطَ وَجْباً ووَجْبَة. وفي المثل: بِجَنْبِه فلْتَكُنْ الوَجْبَة، وقوله تعالى: فإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها؛ قيل معناه سَقَطَتْ جُنُوبها إِلى الأَرض؛ وقيل: خَرَجَت أَنْفُسُها، فسقطتْ هي، فكُلُوا منها؛ ومنه قولُهم: خَرَجَ القومُ إِلى مَواجِبِهِم أَي مَصارِعِهم. وفي حديث الضحية: فلما وَجَبَتْ جُنُوبُها أَي سَقَطَتْ إِلى الأَرض، لأَن المستحب أَن تُنْحَرَ الإِبل قياماً مُعَقَّلةً. ووَجَّبْتُ به الأَرضَ تَوجيباً أَي ضَرَبْتُها به.
والوَجْبَةُ: صوتُ الشيءِ يَسْقُطُ، فيُسْمَعُ له كالهَدَّة، ووَجَبَت الإِبلُ ووَجَّبَتْ إذا لم تَكَدْ تَقُومُ عن مَبارِكها كأَنَّ ذلك من السُّقوط. ويقال للبعير إذا بَرَكَ وَضَرَبَ بنفسه الأَرضَ: قد وَجَّبَ تَوْجِيباً. ووَجَّبَتِ الإِبل إذا أَعْيَتْ.
ووَجَبَ القلبُ يَجِبُ وَجْباً ووَجِيباً ووُجُوباً ووَجَباناً: خَفَق واضْطَرَبَ. وقال ثعلب: وَجَبَ القَلْبُ وَجِيباً فقط. وأَوْجَبَ اللّهُ قَلْبَه؛ عن اللحياني وحده. وفي حديث علي: سمعتُ لها وَجْبَةَ قَلْبه أَي خَفَقانَه. وفي حديث أَبي عبيدة ومُعاذٍ: إِنَّا نُحَذِّرُك يوماً تَجِبُ فيه القُلوبُ.
والوَجَبُ: الخَطَرُ، وهو السَّبقُ الذي يُناضَلُ عليه؛ عن اللحياني.
وقد وَجَبَ الوَجَبُ وَجْباً، وأَوْجَبَ عليه: غَلَبه على الوَجَب. ابن الأَعرابي: الوَجَبُ والقَرَعُ الذي يُوضَع في النِّضال والرِّهان، فمن سَبقَ أَخذَه.
وفي حديث عبداللّه بن غالبٍ: أَنه إذا كان سَجَد، تَواجَبَ الفِتْيانُ، فَيَضَعُون على ظَهْره شيئاً، ويَذْهَبُ أَحدُهم إِلى الكَلاَّءِ، ويجيءُ وهو ساجدٌ. تَواجَبُوا أَي تَراهَنُوا، فكأَنَّ بعضَهم أَوْجَبَ على بعض شيئاً، والكَلاَّءُ، بالمد والتشديد: مَرْبَطُ السُّفُن بالبصرة، وهو بعيد منها.
والوَجْبةُ: الأَكْلَة في اليوم والليلة. قال ثعلب: الوَجْبة أَكْلَةٌ في اليوم إِلى مثلها من الغَد؛ يقال: هو يأْكلُ الوَجْبَةَ. وقال اللحياني: هو يأْكل وَجْبةً؛ كلُّ ذلك مصدر، لأَنه ضَرْبٌ من الأَكل. وقد وَجَّبَ لنفسه تَوْجيباً، وقد وَجَّبَ نَفْسَه تَوجيباً إذا عَوَّدَها ذلك.
وقال ثعلب: وَجَبَ الرجلُ، بالتخفيف: أَكلَ أَكْلةً في اليوم؛ ووَجَّبَ أَهلَه: فَعَلَ بهم ذلك. وقال اللحياني: وَجَّبَ فلانٌ نفسَه وعيالَه وفرَسَه أَي عَوَّدَهم أَكْلَةً واحدة في النهار. وأَوْجَبَ هو إذا كان يأْكل مرةً. التهذيب: فلانٌ يأكل كلَّ يوم وَجْبةً أَي أَكْلَةً واحدةً. أَبو زيد: وَجَّبَ فلانٌ عيالَه تَوْجيباً إذا جَعَل قُوتَهم كلَّ يوم وَجْبةً، أَي أَكلةً واحدةً. والمُوَجِّبُ: الذي يأْكل في اليوم والليلة مرة.
يقال: فلانٌ يأْكل وَجْبَةً. وفي الحديث: كنت آكُلُ الوَجْبَة وأَنْجُو الوَقْعةَ؛ الوَجْبةُ: الأَكلةُ في اليوم والليلة، مرة واحدة. وفي حديث الحسن في كفَّارة اليمين: يُطْعِمُ عَشَرَةَ مساكين وَجْبةً واحدةً. وفي حديث خالد بن معَد: إِنَّ من أَجابَ وَجْبةَ خِتان غُفِرَ له. ووَجَّبَ الناقة، لم يَحْلُبْها في اليوم والليلة إِلا مرة. والوَجْبُ: الجَبانُ؛ قال الأَخْطَلُ:

عَمُوسُ الدُّجَى، يَنْشَقُّ عن مُتَضَرِّمٍ،

 

طَلُوبُ الأَعادي، لا سَؤُومٌ ولا وَجْبُ

قال ابن بري: صواب إِنشاده ولا وجبِ؛ بالخفض؛ وقبله:

إِليكَ، أَميرَ المؤْمنـين، رَحَـلْـتُـهـا

 

على الطائرِ المَيْمُونِ، والمَنْزِلِ الرَّحْبِ

إِلى مُؤْمِنٍ، تَجْلُو صَـفـائِحُ وَجْـهِـهِ

 

بلابلَ، تَغْشَى من هُمُومٍ، ومِنْ كَـرْبِ

قوله: عَموسُ الدُّجى أَي لا يُعَرِّسُ أَبداً حتى يُصْبِحَ، وإِنما يُريدُ أَنه ماضٍ في أُموره، غيرُ وانٍ. وفي يَنْشَقُّ: ضمير الدُّجَى.
والمُتَضَرِّمُ: المُتَلَهِّبُ غَيْظاً؛ والمُضْمَرُ في مُتَضَرِّم يَعُودُ على الممدوح؛ والسَّؤُوم: الكالُّ الذي أَصابَتْه السآمةُ؛ وقال الأَخطل أَيضاً:  

أَخُو الحَرْبِ ضَرَّاها، وليس بناكِلٍ

 

جَبان، ولا وَجْبِ الجَنانِ ثَـقِـيلِ

وأَنشد يعقوب:

قال لها الوَجْبُ اللئيمُ الخِبْرَهْ:

أَما عَلِمْتِ أَنني من أُسْرَهْ

لا يَطْعَم الجادي لَديْهم تَمْرَهْ؟

تقول منه: وَجُبَ الرجلُ، بالضم، وُجُوبةً. والوَجَّابةُ: كالوَجْبِ، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

ولستُ بدُمَّيْجَةٍ في الفِـراشِ،

 

ووَجَّابةٍ يَحْتَمي أَن يُجِـيبـا

ولا ذي قَلازِمَ، عند الحِياضِ،

 

إِذا ما الشَّريبُ أَرادَ الشَّريبا

قال: وَجَّابةٌ فَرِقٌ. ودُمَّيْجة: يَنْدَمِج في الفِراشِ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لرؤْبة:

فجاءَ عَوْدٌ، خِنْدِفِيٌّ قَشْـعَـمُـهْ،

 

مُوَجِّبٌ، عاري الضُّلُوعِ جَرْضَمُهْ

وكذلك الوَجَّابُ؛ أَنشد ثعلب:

أَو أَقْدَمُوا يوماً فأَنتَ وَجَّابْ

والوَجْبُ: الأَحْمَقُ، عن الزجاجي. والوَجْبُ: سِقاءٌ عظيم من جلْد تَيْسٍ وافرٍ، وجمعه وِجابٌ، حكاه أَبو حنيفة.
ابن سيده: والمُوَجِّبُ من الدَّوابِّ الذي يفْزَعُ من كل شيءٍ؛ قال أَبو منصور: ولا أَعرفه. وفي نوادر الأَعراب: وَجَبْتُه عن كذا ووكَبْتُه إذا رَدَدْتُه عنه حتى طالَ وُجُوبُه ووكُوبُه عنه.
ومُوجِبٌ: من أَسماءِ المُحَرَّم، عادِيَّةٌ.

وجج

الوَجُّ: عِيدانٌ يُتبخر بها، وفي التهذيب: يُتَداوَى بها؛ قال الأَزهري: ما أُراه عربيّاً محضاً؛ وقيل: الوَجُّ ضَرْب من الأَدوية، فارسي معرّب. والوَجُّ: خشبة الفَدَّانِ.
ووَجٌّ: موضع بالبادية، وقيل: هي بلد بالطائف، وقيل: هي الطائف؛ قال أَبو الهِنْدِيِّ واسمه عبد المؤمن بن عبد القدّوس:

فإِن تُسْقَ من أَعْـنـابِ وَجٍّ فـإِنـنـا

 

لنا العَيْنُ تَجْرِي، من كَسِيسٍ ومن خَمْرِ

الكَسِيسُ: نبيذ التمر؛ وقال:

لَحاها اللهُ صابِـئَةً بِـوَجٍّ،

 

بمكةَ أَو بأَطْرَافِ الحَجُونِ،

وأَنشد ابن دريد:

صَبَحْتُ بها وَجّاً، فكانت صَبِيحَةً

 

على أَهل وَجٍّ، مثلَ راغِيةِ البَكْرِ

وفي الحديث: صَيْدُ وَجٍّ وعِضاهُه حرامٌ مُحَرَّمٌ؛ قال: هو موضع بناحية الطائف ويحتمل أَن يكون حَرّمه في وقت معلوم ثم نسخ. وفي حديث كعب: أَن وَجّاً مُقَدَّسٌ، منه عَرَجَ الربُّ إِلى السماء؛ وفي الحديث: إِن آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَها اللهُ بِوَجٍّ، قال: وَجٌّ هو الطائف، وأَراد بالوطأَة الغَزاةَ ههنا، وكانت غزوة الطائف آخر غزواته، صلى الله عليه وسلم.
ابن الأَعرابي: الوَجُّ السُّرعة.
والوُجُجُ: النعام السريعة العَدْوِ؛ وقال طرفة:

وَرِثَتْ في قَيسَ مَلْقَى نُمْرُقٍ،

 

ومَشَتْ بين الحَشايَا مَشْيَ وَجّ

وقيل: الوَجُّ القَطا.

وجح

وَجَحَ الطريقُ: ظهر ووَضَحَ.
وأَوْجَحَتِ النارُ: أَضاءَت وبدت. وأَوْجَحَتْ غُرَّةُ الفرس إِيجاحاً: اتَّضَحَتْ.
وليس دونه وِجاحٌ ووَجاحٌ ووُجاجٌ أَي سِتْرٌ، واختار ابن الأَعرابي الفتح، وحكى اللحياني: ما دونه أُجاح وإِجاح؛ عن الكسائي. وحكي: ما دونه أَجاحٌ؛ عن أَبي صفوان، وكل ذلك على إِبدال الهمزة من الواو. وجاء فلان وما عليه وَجاحٌ أَي شيء يستره، وتبنى هذه الكلمة على الكسر في بعض اللغات؛ قال:

أُسُودُ شَرىً لَقِينَ أُسُودَ غابٍ

 

ببَرْزٍ، ليس بينهمُ وَجـاحِ

والمعروف وَجاحٌ وإِن كانت القوافي مجرورة.
والمُوجَحُ: المُلْجَأُ كأَنه أُلْجِئ إِلى موضع يستره. والوَجَحُ: المَلْجَأُ، وكذلك الوَجِيحُ؛ وأَنشد:

فلا وَجَحٌ يُنْجِيكَ إِن رُمْتَ حَرْبَنا،

 

ولا أَنتَ مِنَّا عند تـلـك بـآيِلِ

وقال حميد بن ثور:

نَضْح السُّقاةِ بصُباباتِ الرَّجا،

 

ساعةَ لا يَنْفَعُها منه وَجَـعْ

قال: وقد وَجَحَ يَوْجَحُ وَجْحاً إذا التجأَ، كذلك قرئ بخط شمر.
 وأَوْجَحه البولُ: ضَيَّقَ عليه. وروي عن عمر، رضي الله تعالى عنه، أَنه صلى صلاة الصبح فلما سَلَّم قال: من استطاع منكم فلا يُصَلِّيَنَّ وهو مُوجَحٌ، وفي رواية: فلا يصلِّ مُوجَحاً، قيل: وما المُوجحُ؟ قال: المُرْهَقُ من خَلاءٍ أَو بَولٍ، يعني مُضَيَّقاً عليه؛ قال شمر: هكذا روي بكسر الجيم، وقال بعضهم: مُوجَحٌ قد أَوْجَحَه بولُه؛ قال: وسمعت أَعرابيّاً سأَلته عنه، فقال: هو المُجِحُّ ذهب به إِلى الحامل. وأَوْجَحَ البيتَ: سَتَرَه؛ قال ساعدة بن حؤية الهذلي:

وقد أَشْهَدُ البيتَ المُحَجَّبَ، زانَه

 

فِراشٌ، وخِدْرٌ مُوجَحٌ، ولَطائمُ

وأَورد الأَزهري هذا البيت في التهذيب وقال: المُوجَحُ الكثيفُ الغليظُ، وثوب متين كثيف. وثوب مُوجَحٌ: كثير الغزل كثيف. وثوب وَجِيحٌ ومُوجَحٌ: قوي، وقيل: ضَيِّق مَتِين؛ قال شمر: كأَنه شبه ما يجد المُحْتَقِنُ من الامتلاء والانتفاخ بذلك. قال: ويكون من أَوْجَحَ الشيءُ إذا ظهر؛ وقد أَوجَحَه بوله، فهو مُوجَحٌ إذا كَظَّه وضَيَّقَ عليه. والمُوجِحُ: الذي يُخْفي الشيء ويستره، مِن الوِجاحِ وهو السِّتْر فشبه به ما يجده المُحْتَقِنُ من الامتلاء.
وروي عن أَبي معاذ النحوي: ما بيني وبينه جَاحٌ بمعنى وِجاح. الفراء: ليس بيني وبينه وِجاحٌ وإِجاحٌ وأُجاحٌ وأَجاحٌ أَي ليس بيني وبينه سِتْر؛ قال أَبو خَيْرَةَ:

جَوْفاءُ مَحْشُوَّةٌ في مُوجَحٍ مَغِصٍ،

 

أَضيافُه جُوَّعٌ منـه مَـهـازِيلُ

أَراد بالمُوجَحِ جلداً أَمْلَسَ. وأَضيافه: قِرْدانُه. الجوهري: الرِجاحُ والوُجاحُ والوَجاحُ السِّتْرُ: قال القَطَامِيُّ:

لم يَدَعِ الثَّلْجُ لهم وَجاحا

قال: وربما قلبوا الواو أَلفاً وقالوا: أُجاح وإِجاح وأَجاح. الأَزهري في ترجمة جوح: والوَجاحُ بقية الشيء من مال وغيره؛ وطريق مُوجِحٌ مَهْيَعٌ. قال الأَزهري: المحفوظ في المُلْجإِ تقديم الحاء على الجيم فإِن صحت الرواية فلعلهما لغتان، وروي الحديث بفتح الجيم وكسرها على المفعول والفاعل. والمُوجِحُ: الذي يُوجِحُ الشيءَ ويُمْسِكُه ويمنعه من الوَجَحِ وهو المَلْجَأُ؛ قال الأَزهري: وأَقرأَني إِبراهيم بن سعد الواقدي:

أَتَتْرُكُ أَمرَ القـومِ فـيهـم بَـلابِـلٌ،

 

وتَتْرُكُ غيظاً كان في الصدرِ مُوجِحا؟

قال شمر: رواه موجحاً، بكسرالجيم. والوَجَحُ: شبه الغار؛ وقال:

بكلِّ أَمْعَزَ مها غير ذي وَجَحٍ،

 

وكلَّ دارةِ هَجْلٍ ذاتِ أَوجاحِ

أَي ذاتِ غِيرانٍ. والوَجاحُ: الصَّفا الأَمْلَسُ؛ قال الأَفْوَهُ:

وأَفْراسٌ مُذَلَّلةٌ وبِـيضٌ،

 

كأَن مُتُونَها فيها الوَجاحُ

ويقال للماء في أَسفل الحوض إذا كان مقدار ما يستره: وَجاحٌ: ويقال: لقيته أَدنى وَجاحٍ لأَوّلِ شيء يُرَى.
وباب موجوحٌ أَي مردود.
ويقال: حَفَرَ حتى أَوجَحَ إذا بلغ الصفاة.

وجد

وجَد مطلوبه والشيء يَجِدُه وُجُوداً ويَجُده أَيضاً، بالضم، لغة عامرية لا نظير لها في باب المثال؛ قال لبيد وهو عامريّ:

لو شِئْت قد نَقَعَ الفُؤادُ بِشَـرْبةٍ،

 

تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجُدْنَ غَلِـيلا

بالعَذبِ في رَضَفِ القِلاتِ مَقِيلةً

 

قَضَّ الأَباطِحِ، لا يَزالُ ظَلِـيلا

قال ابن بريّ: الشعر لجرير وليس للبيد كما زعم. وقوله: نَقَعَ الفؤادُ أَي روِيَ. يقال نَقَعَ الماءُ العطشَ أَذْهبه نَقْعاً ونُقوعاً فيهما، والماء الناقعُ العَذْبُ المُرْوي. والصَّادِي: العطشان. والغليل: حَرُّ العطش. والرَّضَفُ: الحجارة المرضوفةُ. والقِلاتُ: جمع قَلْت، وهو نقرة في الجبل يُستَنْقَعُ فيها ماء السماء. وقوله: قَضّ الأَباطِحِ، يريد أَنها أَرض حَصِبةٌ وذلك أَعذب للماء وأَصفى.
قال سيبويه: وقد قال ناس من العرب: وجَدَ يَجُدُ كأَنهم حذفوها من يَوْجُد؛ قال: وهذا لا يكادُ يوجَدُ في الكلام، والمصدر وَجْداً وجِدَةً ووُجْداً ووجُوداً ووِجْداناً وإِجْداناً؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:

آخَر مُلْتاث، تَجُـرُّ كِـسـاءَه،

 

فَى عنه إِجْدانُ الرِّقِين المَلاوِيا

قال: وهذا يدل على بَدَل الهمزة من الواو المكسورة كما قالوا إِلْدةٌ في وِلْدَة. وأَوجَده إِياه: جَعَلَه يَجِدُه؛ عن اللحياني؛ ووَجَدْتَني فَعَلْتُ كذا وكذا، ووَجَدَ المالَ وغيرَه يَجِدُه وَجْداً ووُجْداً وجِدةً.
التهذيب: يقال وجَدْتُ في المالِ وُجْداً ووَجْداً ووِجْداً ووِجْداناً وجِدَةً أَي صِرْتُ ذا مال؛ ووَجَدْت الضَّالَّة وِجْداناً. قال: وقد يستعمل الوِجْدانُ في الوُجْد؛ ومنه قول العرب: وِجْدانُ الرِّقِين يُغَطِّي أَفَنَ الأَفِين. وفي حديث اللقطة: أَيها الناشدُ، غيرُك الواجِدُ؛ مِن وَجَدَ الضَّالّة يَجِدُها. وأَوجده الله مطلوبَه أَي أَظفره به.
والوُجْدُ والوَجْدُ والوِجْدُ: اليسار والسَّعةُ. وفي التنزيل العزيز: أَسكِنُوهُنَّ من حيثُ سكَنْتم من وَجْدِكم؛ وقد قرئ بالثلاث، أَي من سَعَتكم وما ملكتم، وقال بعضهم: من مساكنكم.
والواجِدُ: الغنِيُّ؛ قال الشاعر:

لحمدُ للَّه الغَنِيِّ الواجِد

وأَوجَده الله أَي أَغناه. وفي أَسماء الله عز وجل: الواجدُ، هو الغني الذي لا يفتقر. وقد وجَدَ تَجِدُ جِدة أَي استغنى غنىً لا فقر بعده. وفي الحديث: لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه أَي القادرِ على قضاء دينه. وقال: الحمد لله الذي أَوْجَدَني بعد فقر أَي أَغناني، وآجَدَني بعد ضعف أَي قوّاني. وهذا من وَجْدِي أَي قُدْرتي. وتقول: وجَدْت في الغِنى واليسار وجْداً ووِجْداناً قال أَبو عبيد: الواجدُ الذي يَجِدُ ما يقضي به دينه.
ووُجِدَ الشيءُ عن عدَم، فهو موجود، مثل حُمّ فهو محموم؛ وأَوجَدَه الله ولا يقال وجَدَه، كما لا يقال حَمّه.
ووَجَد عليه في الغَضب يَجُدُ ويَجِدُ وَجْداً وجِدَةً وموجَدةً ووِجْداناً: غضب. وفي حديث الإِيمان: إِني سائلك فلا تَجِدْ عليّ أَي لا تَغْضَبْ من سؤالي؛ ومنه الحديث: لم يَجِدِ الصائمُ على المُفْطر، وقد تكرَّرَ ذكره في الحديث اسماً وفعلاً ومصدراً وأَنشد اللحياني قول صخر الغيّ:

كِلانا رَدَّ صاحِبَه بِيَأْس

 

تَأْنِيبٍ، ووِجْدانٍ شَديدِ

فهذا في الغضب لأَن صَخْرَ الغيّ أَيأَسَ الحَمامَة من ولدها فَغَضِبَتْ عليه، ولأَن الحمامة أَيْأَسته من ولده فغَضِبَ عليها. ووَجَدَ به وَجْداً: في الحُبِّ لا غير، وإِنه ليَجِدُ بفلانة وَجْداً شديداً إذا كان يَهْواها ويُحِبُّها حُبّاً شديداً. وفي الحديث، حديث ابن عُمر وعُيينة بن حِصْن: والله ما بطنها بوالد ولا زوجها بواجد أَي أَنه لا يحبها؛ وقالت شاعرة من العرب وكان تزوجها رجل من غير بلدها فَعُنِّنَ عنها:

مَنْ يُهْـدِ لـي مِـن مـاءٍ بَـقْــعـــاءَ شَـــرْبةً،

 

فانَّ لـه مِـــنْ مـــاءِ لِـــينةَ أَرْبـــعَـــا

لقـد زادَنـي وَجْـداً بِـبَـقْـعـــاءَ أَنَّـــنـــي

 

جَدْتُ مَـطـايانـا بِــلِـــينةَ ظُـــلَّـــعـــا

فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ بالرَّمْلِ أَننيبَكَيْتُ، فلم أَترُكْ لِعَيْنَيَّ مَدْمَعا؟

 

 

تقول: من أَهدى لي شربة من ماءِ بَقْعاءَ على ما هو من مَرارة الطعم فإِن له من ماءِ لِينةَ على ما هو به من العُذوبةِ أَربعَ شربات، لأَن بقعاء حبيبة إِليَّ إِذ هي بلدي ومَوْلِدِي، ولِينةُ بَغِيضَةٌ إِليّ لأَن الذي تزوجني من أَهلها غير مأْمون عليّ؛ وإِنما تلك كناية عن تشكيها لهذا الرجل حين عُنِّنَ عنها؛ وقولها: لقد زادني حبّاً لبلدتي بقعاء هذه أَن هذا الرجل الذي تزوجني من أَهل لينة عنن عني فكان كالمطية الظالعة لا تحمل صاحبها؛ وقولها: فمن مبلغ تربيّ تقول: هل من رجل يبلغ صاحِبَتَيَّ بالرمل أَن بعلي ضعف عني وعنن، فأَوحشني ذلك إِلى أَن بكيت حتى قَرِحَتْ أَجفاني فزالت المدامع ولم يزل ذلك الجفن الدامع؛ قال ابن سيده: وهذه الأَبيات قرأْتها على أَبي العلاء صاعد بن الحسن في الكتاب الموسوم بالفصوص. ووجَد الرجلُ في الحزْن وَجْداً، بالفتح، ووَجِد؛ كلاهما عن اللحياني: حَزِنَ. وقد وَجَدْتُ فلاناً فأَنا أَجِدُ وَجْداً، وذلك في الحزن.
وتَوَجَّدْتُ لفلان أَي حَزِنْتُ له. أَبو سعيد: تَوَجَّد فلان أَمر كذا إذا شكاه، وهم لا يَتَوَجَّدُون سهر ليلهم ولا يَشْكون ما مسهم من مشقته.

وجذ

الوَجْذُ، بالجيم: النقرة في الجبل تُمْسك الماء ويستنقع فيها، وقيل هي البركة، والجمعِ وجْذان ووِجاذٌ؛ قال أَبو محمد الفقعسي يصف الأَثافي:

غَيْرَ أَثافي مِرْجلٍ جَواذِي،

 

كأَنّهنّ قِطَعُ الأَفلاذِ،

أُسُّ جَرامِيزَ على وِجاذِ

الأَثافي: حجارة القدر. والجواذي: جمع جاذ، وهو المنتصب. والأَفْلاذ، جمع فِلْذ: القطعة من الكبد.
والجراميز: الحياض، واحدها جرموز. قال سيبويه: وسمعت من العرب من يقال له: أَما تعرف بمكان كذا وكذا وَجْذاً؟ وهو موضع يُمْسك الماء، فقال: بلى وِجاذاً أَي أَعرف بها وِجاذاً.
أَبو عمرو: أَوجَذته على الأَمر ايجاذاً إذا أَكْرَهته.

وجر

الوَجْرُ: أَن توجِرَ ماء أَو دواء في وسط حلق صبي. الجوهري: الوَجُورُ الدواء يُوجَرُ في وسط الفم. ابن سيده: الوَجُورُ من الدواء في أَيِّ الفَمِ كان، وَجَرَه وَجْراً وأَوْجَرَه وأَوْجَرَه إِياه وأَوْجَرَه الرُّمْحَ لا غير: طعنه به في فيه، وأَصله من ذلك. الليث: أَوْجَرْتُ فلاناً بالرمح إذا طعنته في صدره؛ وأَنشد:

أَوْجَرْتُه الرُّمْحَ شَذْراً ثم قلتُ له

 

هَذِي المُرُوءَةُ لا لِعْبُ الزَّحالِيقِ

وفي حديث عبد الله بن أُنَيْسٍ، رضي الله عنه: فوَجَرْته بالسيف وَجْراً أَي طعنته. قال ابن الأَثير: من المعروف في الطعن أَوْجَرْتُه الرمح، قال: ولعله لغة فيه.
وتَوَجَّرَ الدواءَ: بلعه شيئاً بعد شيء. أَبو خَيْرَةَ: الرجل إذا شرب الماء كارهاً فهو التَّوَجُّرُ والتَّكارُه. والمِيجَرُ والمِيجَرَةُ: شبه المُسْعُطِ يُوجَرُ به الدواءُ، واسم ذلك الدواء الوَجُورُ. ابن السكيت: الوَجُورُ في أَيِّ الفم كان واللَّدُودُ في أَحد شقيه، وقد وَجَرْتُه الوَجُورَ وأَوْجَرْتُه. وقال أَبو عبيدة: أَوْجَرْتُه الماء والرمح والغيظ أَفْعَلْتُ في هذا كله. أَبو زيد: وَجَرْتُه الدواء وَجْراً جعلته في فيه. واتَّجَرَ أَي تداوَى بالوَجُور، وأَصله اوْتَجَرَ. والوَجْرُ: الخوف. وَجِرْتُ منه، بالكسر، أَي خفت، وإِني منه لأَوْجَرُ: مثل لأَوْجَلُ.
ووَجِرَ من الأَمر وَجَراً: أَشفَقَ، وهو أَوْجَرُ وَوَجِرٌ، والأُنثى وَجِرَةٌ، ولم يقولوا وَجْراءُ في المؤنث.
والوَجْرُ: مثل الكهف يكون في الجبل؛ قال تأَبط شرّاً:

إِذا وَجْرٌ عظيمٌ، فيه شـيخٌ

 

من السُّودَانِ يُدْعَى الشَّرَّتَيْنِ

والوَجارُ والوِجارُ: سَرَبُ الضَّبُعِ، وفي المحكم: جُحْرُ الضبع والأَسد والذئب والثعلب ونحو ذلك، والجمع أَوْجِرَةٌ ووُجُرٌ، واستعاره بعضهم لموضع الكلب؛ قال:

كِلابُ وِجارٍ يَعْتَلِجْـنَ بـغـائِطٍ

 

دُمُوسَ اللَّيالي، لا رُواءٌ ولا لُبُّ

قال ابن سيده: ولا أبعد أن تكون الرواية ضِباعُ وِجارٍ، على أَنه قد يجوز أَن تسمى الضباع كلاباً من حيث سَمَّوْا أَولادها جِراءً؛ أَلا ترى أَن أَبا عبيد لما فسر قول الكميت:

حتى غال أَوسٌ عِيالَها

قال: يعني أَكل جِراءَها؟ التهذيب: الوِجارُ سَرَبُ الضبع ونحوه إذا حفر فأَمْعَنَ. وفي حديث الحسن: لو كنت في وِجار الضَّبِّ، ذكره للمبالغة لأَنه إذا حفر أَمعن؛ وقال العجاج:

تَعَرَّضَتْ ذا حَدَبٍ جَرْجارَا

 

أَمْلَسَ إِلا الضِّفْدَعَ النَّقَّـارَا

يَرْكُضُفي عَرْمَضِه الطَّرَّارا

 

تَخالُ فيه الكواكبَ الزَّهَّارَا

لُؤْلُؤَة في الماءِ أَو مِسْمـارَا

 

وخافَت الرامِينَ والأَوْجارَا

قال: الأَوجار حفر يجعل للوحوش فيها مناجل فإِذا مرت بها عرقبتها، الواحدة وَجْرَةٌ ووَجَرَةٌ:

حتى إذا ما بَلَّتِ الأَغْمـارَا

 

رِيّاً، ولَمَّا تَقْصَعِ الإِصْرارَا

يعني جمع غِمْرٍ، وهو حَرٌّ يَجِدْنَهُ في صدورهن. وأَراد بالأِصرارِ إِصْرارَ العطش. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: وانْجَحر انْجِحارَ الضَّبَّةِ في جُحْرِها والضَّبُعِ في وِجارِها؛ هو جُحْرُها الذي تأْوي إِليه. وفي حديث الحجاج: جِئْتُكَ في مِثْلِ وِجارِ الضَّبُعِ. قال ابن الأَثير: قال الخطابي هو خطأٌ وإِنما هو في مثل جارِ الضبع. يقال: غَيْثٌ جارُ الضبع أَي يدخل عليها في وِجارِها حتى يخرجها منه، قال: ويشهد لذلك أَنه جاء في رواية أُخرى وجئتك في ماءٍ يَجُرُّ الضَّبُعَ ويستخرجُها من وِجارِها. أَبو حنيفة: الوِجارانِ الجُرْفانِ اللذان حفرهما السيل من الوادي.ووَجْرَةُ: موضع بين مكة والبصرة، قال الأَصمعي: هي أَربعون ميلاً ليس فيها منزل فهي مَرْتٌ للوَحْشِ، وقد أَكثرت الشعراء ذكرها؛ قال الشاعر:

تَصُدُّ وتُبْدي عن أَسِيلٍ وتَـتَّـقـي

 

بناظِرَةٍ، من وَحْشِ وَجْرَةَ، مُطْفِلِ

وجز

وَجُزَ الكلامُ وَجازَةً ووَجْزاً وأَوْجَزَ: قَلَّ في بلاغة، وأَوْجَزَه: اختصره. قال ابن سيده: بين الإِيجاز والاختصار فرق مَنْطِقِيٌّ ليس هذا موضعه. وكلامٌ وَجْزٌ: خفيف. وأَمر وَجْزٌ وواجِزٌ ووَجِيزٌ ومُوجَزٌ ومُوجِزٌ. والوَجْزُ: الوَحَى؛ يقال: أَوْجَزَ فلانٌ إِيجازاً في كل أَمر. وأَمرٌ وَجِيزٌ وكلام وَجِيز أَي خفيف مقتصر؛ قال رؤبة:

لولا عَطاءٌ من كَريمٍ وَجْز

أَبو عمرو: الوَجْزُ السريع العطاء. يقال: وَجَزَ في كلامه وأَوْجَزَ؛ قال رؤبة:

على جَزَابِيٍّ جُلالٍ وَجْز

يعني بعيراً سريعاً. وأَوْجَزْتُ الكلام: قَصَرْتُه. وفي حديث جَرِيرٍ: قال له، عليه السلام: إذا قُلْتَ فأَوجِز أَي أَسرع واقْتَصِرْ.
وتَوَجَّزْتُ الشيء: مثل تَنَجَّزْتُه. ورجل مِيْجاز: يُوجِزُ في الكلام والجواب. وأَوْجَزَ القولَ والعطاء: قلَّله، وهو الوَجْزُ؛ قال:

ما وَجْزُ مَعْرُوفِكِ بالرِّماقِ

ورجل وَجْزٌ: سريع الحركة فيما أَخَذَ فيه، والأُنثى بالهاء.
ووَجْزَةُ: فرس يزيد بنِ سِنانٍ، وهو من ذلك. وأَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ سعدُ بن بَكْرٍ: شاعر معروف ومُحَدِّثٌ.
ومُوجِزٌ: من أَسماء صَفَرَ؛ قال ابن سيده: أُراها عادِيَّةً.

وجس

أَوْجَسَ القلبُ فَزَعاً: أَحَسَّ به. وفي التنزيل العزيز: فأَوْجَسَ منهم خيفة؛ قال أَبو إِسحق: معناه فأَضْمَر منهم خَوْفاً، وكذلك التوَجُّس، وقال في موضع آخر: معنى أَوْجَسَ وقع في نفسه الخوفُ. الليث: الوَجْس فَزْعة القلب. والوَجْس: الفَزَع يقع في القلب أَو في السمع من صوت أَو غير ذلك. والتوَجُّس: التَّسَمُّع إِلى الصوت الخفي؛ قال ذو الرمة يصف صائداً:

إِذا تَوَجَّس رِكزاً من سَنابِـكِـهـا

 

أَو كان صاحِبَ أرْضٍ أَوْ بِهِ المُومُ

وأَوْجَسَت الأُذنُ وتَوجَّسَت: سمعت حسّاً؛ وقول أَبي ذؤيب:

حتَّى أُتِيح لهُ، يَوْماً بِمُحْـدَلَةٍ

 

ذُو مِرَّةٍ بِدِوارِ الصَّيْد وَجَّاسُ

قال ابن سيده: هو عندي أَنه على النسب إِذ لا نعرف له فِعلاً.
والوَجْسُ: الصوت الخفي. وفي الحديث: أَنه نهى عن الوَجْس؛ هو أَن يجامع الرجل امرأَته أَو جاريته والأُخرى تسمع حسهما. وسئل الحسن عن الرجل يجامع المرأَة والأُخرى تسمع، فقال: كانوا يكرهون الوَجْس؛ قال أَبو عبيد: هو الصوت الخفي. وفي الحديث: دخلت الجنة فسمعت في جانبها وَجْساً، فقيل: هذا بلال؛ الوَجْس الصوت الخفي. وتَوَجَّسَ بالشيء: أَحَسَّ به فَتَسَمَّع ه.
وتوَجَّسْت الشيءَ والصوتَ إذا سمعته وأَنت خائف؛ ومنه قوله:

فَغَدَا صَبِيحَةَ صَوْتِها مُتَوَجّسَا

والواجِسُ: الهَاجِسُ، والأَوْجَس والأَوْجُس: الدهر، وفتح الجيم هو الأَفصح. يقال: لا أَفعل ذلك سَجِيسَ الأَوْجَس والأَوْجُس، وسَجِيسَ عُجَيس الأَوْجس؛ حكاه الفارسي، أَي لا أَفعله طول الدهر. وما ذقت عنده أَوْجَسَ أَي طعاماً، لا يستعمل إِلا في النفي. ويقال: تَوَجَّسْت الطعام والشراب إذا تَذَوَّقته قليلاً، وهو مأْخوذ من الأَوْجس.

وجع

الوَجَع: اسم جامِعٌ لكل مَرَضٍ مُؤْلِمٍ، والجمع أَوْجاعٌ، وقد وَجِعَ فلان يَوْجَعُ ويَيْجَعُ وياجَعُ، فهو وجِعٌ، من قوم وَجْعَى ووَجاعَى ووَجِعِينَ ووِجاعٍ وأَوجاعٍ، ونِسْوةٌ وَجاعى ووَجِعاتٌ؛ وبنو أَسَد يقولون يِيجَعُ، بكسر الياء، وهم لا يقولون يِعْلَمُ اسْتِثْقالاً للكسرة على الياء، فلما اجتمعت الياءَان قَوِيَتا واحْتَمَلَتْ ما لم تحتمله المفردة، وينشد لمتمم بن نويرة على هذه اللغة:

قَعِيدَكِ أَن لا تُسْمِعِيني مَلامةً

 

ولا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤادِ فَيِيجَعا

ومنهم من يقول: أَنا إِيجَعُ وأَنت تِيجَعُ، قال ابن بري: الأَصل في يِيجَعُ يَوْجَعُ، فلما أَرادوا قلب الواو ياء كسروا الياء التي هي حرف المضارعة لتنقلب الواو ياء قلباً صححياً، ومن قال يَيْجلُ ويَيْجَعُ فإِنه قلب الواو ياء قلباً ساذَجاً بخلاف القلب الأَول لأَنَّ الواو الساكنة إِنما تَقْلِبُها إِلى الياء الكسرةُ قبلها. قال الأَزهري: ولُغةٌ قبيحةٌ من يقول وَجِعَ يَجِعُ، قال: ويقول أَنا أَوْجَعُ رأْسي ويَوْجَعُني رأْسي وأَوْجَعْتُه أَنا. ووَجِعَ عُضْوُه: أَلِمَ وأَوْجَعَهُ هو. الفراء: يقال للرجل وَجِعْتَ بَطْنَكَ مثل سَفِهْتَ رأْيَكَ ورَشِدْتَ أَمرَك، قال: وهذا من المعرفة التي كالنكرة لأَن قولك بَطْنَكَ مُفَسِّرٌ، وكذلك غُبِنْتَ رأْيَك، والأَصل فيه وَجِعَ رأْسُك وأَلم بَطْنُكَ وسَفِهَ رأْيُك ونَفْسُك، فلما حُوِّلَ الفعلُ خرج قولك وَجِعْتَ بطنَك وما أَشبهه مَفَسِّراً، قال: وجاء هذا نادراً في أَحرف معدودة؛ وقال غيره: إِنما نصبوا وَجِعْتَ بطنَك بنزع الخافض منه كأَنه قال وَجِعْت من بطنك، وكذلك سفهت في رأْيك، وهذا قول البصريين لأَن المُفَسِّراتِ لا تكون إِلا نكرات. وحكى ابن الأَعرابي: أَمَضَّني الجُرْحُ فَوَجِعْتُه. قال الأَزهري: وقد وَجِعَ فلانٌ رأْسَه وبطنَه. وأَوْجَعْتُ فلاناً ضَرْباً وجِيعاً، وضَرْبٌ وجِيعٌ أَي مُوجِعٌ، وهو أَحد ما جاء على فَعِيلٍ من أَفْعَلَ، كما يقال عذاب أَلِيمٌ بمعنى مؤلم، وقيل: ضربٌ وجِيعٌ وأَلِيمٌ ذو أَلَمٍ. وفلان يَوْجَعُ رأْسَه، نصبْتَ الرأْسَ، فإِن جئت بالهاء قلت يَوْجَعُه رأْسُه وأَنا أَيْجَع رأْسي ويَوْجَعُني رأْسي، ولا تقل يُوجِعني رأْسي، والعامة تقوله؛ قال صِمّة بن عبد الله القشيري:

تَلَفَّتُّ نحوَ الحَيِّ، حتى وجَدْتُنـي

 

وجِعْتُ من الإِصْغاءِ لِيتاً وأَخْدَعا

والإِيجاعُ: الإِيلامُ. وأَوْجَعَ في العَدُوّ: أَثْخَنَ. وتَوَجَّعَ: تَشَكَّى الوجَعَ. وتوجَّعَ له مما نزل به: رَثى له من مكروه نازل.
والوجْعاءُ: السافِلةُ وهي الدُّبُر، ممدودة؛ قال أَنسُ ابن مُدْرِكةَ الخَثْعَمِي:

غَضِبتُ للمَرْءِ، إِذْ نِيكَتْ حَلِيلَـتُـه

 

وإِذْ يُشَدُّ على وَجْعائِها الـثَّـفَـرُ

أَغْشَى الحُزوبَ، وسِرْبالي مُضاعَفةٌ

 

تَغْشَى البَنانَ، وسَيْفي صارِمٌ ذَكَـرُ

إِني وقَتْلي سُلَيْكـاً ثـم أَعْـقِـلَـه

 

كالثَّوْرِ يُضْرَبُ لَمَّا عافَتِ البَـقَـرُ

يعني أَنها بُوضِعَتْ. وجمعُ الوَجْعاءِ وَجْعاواتٌ، والسبب في هذا الشعْرِ أَنَّ سُلَيْكاً مَرَّ في بعض غَزَواتِه ببيت من خَثْعَمَ، وأَهله خُلوفٌ، فَرأَى فيهنَّ امرأَة بَضَّةً شابةً فَعلاها، فأُخْبر أَنس بذلك فأَدْركه فقتله. وفي الحديث: لا تَحِلُّ المسأَلةُ إِلا لذي دَمٍ مُوجِعٍ؛ هو أَنْ يتحمل دِيةً فيسعى بها حتى يُؤَدِّيَها إِلى أَولياءِ المقتول، فإِن لم يؤدِّها قُتِل المُتَحَمَّلُ عنه فَيُوجِعُه قَتْلُه. وفي الحديث: مُري بَنِيكِ يقلموا أَظْفارَهم أَن يُوجِعُوا الضُّرُوعَ أَي لئلا يُوجِعُوها إذا حَلَبُوها بأَظْفارِهم.
وذكر الجوهري في هذه الترجمة الجِعةَ فقال: والجِعةُ نَبِيذُ الشعير، عن أَبي عبيد، قال: ولست أَدري ما نُقْصانُه؛ قال ابن بري: الجِعةُ لامها واو من جَعَوْت أَي جَمَعْتُ كأَنها سميت بذلك لكونها تَجْعُو الناسَ على شُرْبِها أَي تجمعهم، وذكر الأَزهري هذا الحرف في المعتل، وسنذكره هناك.
وأُمُّ وجَعِ الكَبدِ: نبتة تنفع من وجَعِها.

وجف

 الوَجْفُ: سُرْعة السير. وجَفَ البعيرُ والفرس يَجِف وجْفاً ووجِيفاً: أَسْرعَ. والوجِيف: دون التقريب من السير. الجوهري: الوجِيفُ ضرب من سير الإبل والخيل، وقد وجف البعير يجف وجفاً ووجيفاً. وأَوجف دابته إذا حثَّها، وأَوجفْته أَنا. وفي الحديث: ليس البِرُّ بالإيجاف. وفي حديث عليّ، كرم اللّه وجهه: وأَوجَفَ الذِّكْرَ بلسانه أَي حرَّكه، وأَوجفَه راكبُه. وحديث علي، عليه السلام: أَهونُ سيرِها فيه الوَجِيف؛ هو ضرب من السير سريع.و ناقة مِيجاف: كثيرة الوجيف.وراكب البعير يُوضِع وراكب الفرس يُوجِف. قال الأَزهري: الوجيف يصلح للبعير والفرس.ووَجَف الشيءُ إذا اضطرب. ووجَف القلب وجِيفاً: خَفَق، وقلب واجِف. وفي التنزيل العزيز: قلوبٌ يومئذ واجفة؛ قال الزجاج: شديدة الاضطراب؛ قال قتادة: وجفَت عما عاينت، وقال ابن الكلبي: خائفة. وقوله تعالى: فما أَوجفتم عليه من خيل ولا رِكاب؛ أَي ما أَعملتم يعني ما أَفاء اللّه على رسوله من أَموال بني النضير مما لم يُوجف المسلمون عليه خيلاً ولا رِكاباً، والرِّكاب الإبل. وفي الحديث: لم يُوجِفوا عليه بخيل ولا ركاب؛ الإيجاف: سُرعة السير؛ ويقال أَوجف فأَعجَف؛ قال العجاج:

ناجٍ طَواه الأَيْنُ مما وَجَفا

طيَّ اللَّيالي زُلَفاً فَزُلَفا

سَماوَةَ الهِلالِ حتى احْقَوْقَفا

ويقال: استوْجَف الحُبُّ فُؤاده إذا ذهب به؛ وأَنشد:

ولكنّ هذا القلبَ قلبٌ مُضَلَّلٌ

 

هَفا هَفْوةً فاسْتَوْجَفَته المَقادِرُ

وجل

الوجل:الفزع والخوف،وجل وجلا بالفتح.وفي الحديث:وعظنا موعظه وجلت منها القلوب، ووجلت توجبل وفي لغه تيجل، ويقال تاجل، قال سيبويه:وجل، ياجل، وييجل، ابدولوا الواو الفا كراهيه الواو مع الياء،وقلوبهم في ييحل ياء لقربها من الياء، وكسروا الياء اشعارا بوجل وهو شاذ؛الجوهري:في المستقبل منه اربع لغات يوجل وباجل ييجل وييجل،بكسر الياء،قال:وكذلك فيما اشبه من باب المثال إذا كان لازما فمن قال ياجل جعل الواو الفا لفتحه ما قبلها،ومن قال ييجل بكسر الياء فهي على لغه بني اسد فانهم يقولون انا ايجل ونحن ايجل وانت تيجل،كلها بالكسر وهم لا يكسرون في ييجل لتقوى احدى الياء ين بالاخرى ومن قال يجيل بناه على هذه اللغه ولكنه فتح الياء كما فتحوها في يعلم والامر منه ايجل صارت الواو ياء ماقبلها قال ابن بري: انما كسرت الياء من ييجل ليكون قلب الواو ياء بوجه صحيح،فاما يجل بفتح الياء فان قلب الواو فيه على غير قياس صحيح،وتقول منه:اني لاوجل ورجل اوجل ووجل قال الشاعر معن بن اوس المزني:

لعمرك ما ادري،واني لاوجـل

 

على اينا تغدوا المـنـيه اول

وكان لها جاران لايخـفـران

 

ابو جعدة العادي وعفراء جيال

ابوجعدة:الذئب وعرفاء الضبع واذا وقع الذئب والضبع في غنم منع كل واحدمنها صاحبه وقال سيبويه في قوله:اللهم ضبعا وذئبا أي اجمعهما،اذا اجتمعا سلمت الغنم وجمعه وجال قالت جنوب اخت عمرو ذي الكلب ترثيه

وكل قتيل،وان لم تكـن

 

اردتهم،منك باتوا وجالا

والأنثى وجله ولايقال وجلاء،وقوم وجلون ورجال واوجله فوجله:كان اسد وجلا منه وهذا موجله بالكسر للموضع والوجيل والموجل:حفرة يستنقع فيها الماء،يمانيه

وجم

الوُجومُ: السكوتُ على غَيْظٍ، أَبو عبيد: إذا اشتدَّ حُزْنُه حتى يُمْسِك عن الطعام فهو الواجمُ، والواجمُ: الذي اشتدَّ حُزْنه حتى أَمْسَك عن الكلام. يقال: ما لي أَراكَ واجِماً؛ وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه لَقِيَ طَلْحةَ فقال: ما لي أَراك واجِماً؟ أَي مُهْتَمّاً. والواجمُ: الذي أَسْكتَه الهمُّ وعَلَتْه الكآبةُ، وقيل: الوُجومُ الحُزْنُ. ويقال: لم أَجِمْ عنه أَي لم أَسكُتْ عنه فَزَعاً. والواجِمُ والوَجِمُ: العَبوسُ المُطْرِقُ من شدَّةِ الحُزْن، وقد وَجَمَ يَجِمُ وَجْماً ووُجُوماً وأَجَمَ على البدل؛ حكاها سيبويه. ووجَمَ الشيءَ وَجْماً ووُجوماً: كرِهَه. ووَجَم الرجلَ وَجْماً: لكَزَه، يمانية. ورجلٌ وَجَمٌ: رديءٌ. وأَوْجَمُ الرملِ: مُعْظمُه؛ قال رؤبة:

والحِجْرُ والصَّمّانُ يَحْبُو أَوْجَمُه

ووَجْمةُ: اسمُ موضع؛ قال كثيِّر:  

أَجَدَّتْ خُفوفاً من جُنـوبِ كُـتـانةٍ

 

إِلى وَجْمةٍ، لمَّا اسجَهَرَّتْ حَرورُها

ابن الأَعرابي: الوَجَمُ جبل صغير مثل الإرَم. ابن شميل: الوَجَمُ حجارةٌ مركومةٌ بعضُها فوق بعض على رؤوس القُورِ والأِكام، وهي أَغلظُ وأَطولُ في السماء من الأُرومِ، قال: وحجارتُها عظامٌ كحجارة الصِّيرة والأَمَرَة، لو اجتمع على حجرٍ أَلفُ رجل لم يُحَرِّكوه، وهي أَيضاً من صَنْعة عاد، وأَصلُ الوَجَمِ مُستدِيرٌ وأَعلاهُ مُحدَّد، والجماعة الوُجوم؛ قال رؤبة:

وهامة كالصَّمْدِ بين الأَصْمادْ،

 

أَو وَجَمِ العادِيّ بين الأَجْمادْ

الجوهري: والوجَمُ، بالتحريك، واحد الأَوْجامِ، وهي علاماتٌ وأَبْنِيةٌ يُهْتَدى بها في الصَّحارَى. ابن الأَعرابي: بيتٌ وَجْمٌ ووَجَمٌ، والأَوْجامُ: البيوتُ وهي العِظامُ منها؛ قال رؤبة:

لو كان مِنْ دُونِ رُكامِ المُرْتَكَمْ،

 

وأَرْمُلِ الدَّهْنا وصَمّانِ الوَجَمْ

قال: والوَجَمُ الصَّمّانُ نفْسُه، ويُجمع أَوْجاماً؛ وقال رؤبة:

كأَنَّ أَوْجاماً وصَخْراً صاخِرا

ويومٌ وَجِيمٌ أَي شديدُ الحرِّ، وهو بالحاء أَيضاً، ويقال: يكون ذلك وَجَمة أَي مَسَبَّةً. والوَجْمةُ مثل الوَجْبة: وهي الأَكْلة الواحدة.

وجن

الوَجْنَةُ: ما ارتفع من الخَدَّيْنِ للشِّدْق والمَحْجِرِ. ابن سيده: الوَجْنةُ والوِجْنَةُ والوُجْنةُ والوَجَنةُ والأُجْنة والأَجْنةُ؛ الأَخيرة عن يعقوب حكاه في المبدل: ما انحدر من المَحْجِرِ ونتأَ من الوجه، وقيل: ما نتأَ من لحم الخدين بين الصُّدْغين وكَنَفَي الأَنف، وقيل:هو فَرَقُ ما بين الخَدَّيْنِ والمَدْمَعِ من العظم الشاخص في الوجه، إذا وَضَعْتَ عليه يَدَك وجدت حَجْمَه. وحكى اللحياني: إِنه لَحَسَن الوَجَناتِ كأَنه جعل كل جزء منها وَجْنةً، ثم جمع على هذا. ورجل أَوْجَنُ ومُوَجَّنٌ: عظيم الوَجَنات. والمُوَجَّنُ: الكثير اللحم. ابن الأَعرابي: إِنما سميت الوَجْنَةُ وَجْنَةً لنُتُوئها وغلظها. وفي حديث الأَحْنَفِ: كان ناتئ الوَجْنةِ؛ هي أَعلى الخدّ.
والوَجْنُ والوَجَنُ والوَجين والوَاجِنُ؛ الأَخير كالكاهِل والغارِبِ: أَرض صُلْبةٌ ذات حجارة، وقيل: هو العارض من الأَرض ينقاد ويرتفع قليلاً، وهو غليظ، وقيل: الوَجِين الحجارة؛ وفي حديث سَطِيحٍ:

تَرْفَعُني وَجْناً وتَهْوِي بي وَجَنْ

هي الأَرض الغليظة الصُّلْبة، ويروى: وُجْناً، بالضم، جمع وَجِينٍ.
وناقة وَجْناءُ: تامة الخَلْق غليظة لحم الوَجْنةِ صُلْبة شديدة، مشتقة من الوَجِين الي هي الأَرض الصلبة أَو الحجارة، وقال قوم: هي العظيمة الوَجْنَتَين. والأَوْجَنُ من الجمال والوَجْناء من النُّوق: ذات الوَجْنةِ الضخمة، وقلما يقال جَمَلٌ أَوْجَنُ. ويقال: الوَجْناء الضخمة، شبهت بالوَجِين العارض من الأَرض وهو مَتْنٌ ذو حجارة صغيرة. وقال ابن شميل: الوَجْناءُ تشبه بالوجين وهي العظيمةُ؛ وفي قصيد كَعْب بن زُهَيْر:

وَجْناء في حُرَّتَيْها للبَصِير بها

وفيها أَيضاً:

غَلْباء وَجْناء عُلكوم مُذَكَّرَة

الوَجْناءُ: الغليظة الصُّلْبة. وفي حديث سَواد بن مُطَرِّف: وَأْدَ الذِّعْلِب الوَجْناءِ أَي صوت وطئها على الأَرض؛ ابن الأَعرابي: الأَوْجَنُ الأَفْعَلُ من الوَجِين في قول رؤبة:

أَعْيَسَ نَهَّاضٍ كحَيْدِ الأَوْجَن

قال: والأَوْجَنُ الجبَلُ الغليظ. ابن شميل: الوَجِينُ قُبُل الجبل وسَنَده، ولا يكون الوَجينُ إِلا لواد وَطِيءٍ تعارض فيه الوادي الداخل في الأَرض الذي له أَجْرافٌ كأَنها جُدُرٌ، فتلك الوُجُنُ والأَسْنادُ.
والوَجينُ: شَطُّ الوادي. ووَجَنَ به الأَرضَ: ضربها به. وما أَدري أَي من وَجَّنَ الجلدَ هو؛ حكاه يعقوب ولم يفسره؛ وقال في التهذيب وغيره: أَي أَيُّ الناس هو. والوَجْنُ: الدَّقُّ. والمِيجَنةُ: مِدَقَّةُ القَصّارِ، والجمع مَواجِنُ ومَياجِنُ على المعاقبة؛ قال عامر بن عُقَيْلٍ السَّعديّ:

رِقابٌ كالمَوَاجِن خاظِياتٌ،

 

وأَسْتاهٌ على الأَكْوار كُومُ

قوله خاظيات، بالظاء، من قولهم خَظاً بَظاً؛ قال ابن بري: اسم هذا الشاعر في نوادر أَبي زيد عليُّ بن طُفيل السعدي؛ وقبل البيت:  

وأَهْلَكَني، لكُمْ في كل يومٍ،

 

تَعَوُّجُكُمْ عَلَيَّ، وأَسْتَقِـيمُ

وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: ما شَبَّهْتُ وَقْعَ السيوف على الهامِ إِلا بوَقْعِ البَيازِرِ على المَوَاجِنِ؛ جمع مِيجَنةٍ وهي المِدَقَّةُ.
يقال: وَجَنَ القصّارُ الثوب يَجِنُه وَجْناً دَقَّه، والميم زائدة، وهي مِفْعَلةٌ، بالكسر. وقال أَبو القاسم الزجاجي: جمع مِيجَنةٍ على لفظها مَياجن وعلى أَصلها مَوَاجن. اللحياني: المِيجَنةُ التي يُوجَّنُ بها الأَديمُ أَي يُدَقُّ ليلين عند دباغه؛ وقال النابغة الجعدي:

ولم أَرَ فيمَنْ وَجَّنَ الجِلدَ نِسْوةً

 

أَسَبَّ لأَضْيافٍ، وأَقْبَحَ مَحْجِرا

ابن الأَعرابي: والتَّوَجُّنُ الذل والخضوع. وامرأَة مَوْجُونةٌ: وهي الخَجِلَةُ من كثرة الذنوب.

وجه

الوَجْهُ: معروف، والجمع الوُجُوه. وحكى الفراء: حَيِّ الأُجُوهَ وحَيِّ الوُجُوه. قال ابن السكيت: ويفعلون ذلك كثيراً في الواو إذا انضمت. وفي الحديث: أَنه ذكر فِتَناً كوُجُوهِ البَقَرِ أَي يُشْبِه بَعْضُها بعضاً لأَن وُجُوهَ البقر تتشابه كثيراً؛ أَراد أَنها فِتَنٌ مُشْتَبِهَةٌ لا يُدْرَى كيف يُؤْتَى لها. قال الزمخشري: وعندي أَن المراد تأْتي نواطِحَ للناس ومن ثم قالوا نَواطِحُ الدَّهْرِ لنوائبه. ووَجْهُ كُلِّ شيء: مُسْتَقْبَلُه، وفي التنزيل العزيز: فأَيْنَما تُوَلُّوا فثَمَّ وَجْهُ اللهِ. وفي حديث أُمّ سلمة: أَنها لما وَعَظَتْ عائشة حين خرجت إلى البصرة قالت لها: لو أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عَارَضَكِ ببعض الفَلَواتِ ناصَّةً قَلُوصاً من مَنْهَلٍ إلى مَنْهَلٍ قد وَجِّهْتِ سدافَتَه وتَرَكْتِ عُهَّيْداهُ في حديث طويل؛ قولها: وَجَّهْتِ سِدافَتَه أَي أَخذتِ وَجْهاً هَتَكْتِ سِتْرَك فيه، وقيل: معناه أَزَلْتِ سِدافَتَهُ، وهي الحجابُ، من الموضع الذي أُمِرْتِ أَن تَلْزَمِيه وجَعَلْتِها أَمامَكِ. القتيبي: ويكون معنى وَجَّهْتِهَا أَي أَزَلْتِهَا من المكان الذي أُمِرْتِ بلزومه وجَعَلْتِهَا أَمامَكِ. والوَجْهُ: المُحَيَّا.
وقوله تعالى: فأَقِمْ وَجْهَكَ للدِّين حَنِيفاً؛ أَي اتَّبِع الدِّينَ القَيِّمَ، وأَراد فأَقيموا وجوهكم، يدل على ذلك قوله عز وجل بعده: مُنِيبِينَ إليه واتَّقُوهُ؛ والمخاطَبُ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، والمراد هو والأُمَّةُ، والجمع أَوْجُهٌ ووُجُوهٌ. قال اللحياني: وقد تكون الأَوْجُهُ للكثير، وزعم أَن في مصحف أُبَيٍّ أَوْجُهِكُمْ مكان وُجُوهِكُمْ، أُراه يريد قوله تعالى: فامسحوا بوُجُوهِكُمْ. وقوله عز وجل: كلُّ شيءٍ هالكٌ إلا وَجْهَهُ؛ قال الزجاج: أَراد إلا إيَّاهُ. وفي الحديث: كانَتْ وُجُوهُ بُيُوت أَصحابِهِ شارعةً في المسجد؛ وَجْهُ البيتِ: الخَدُّ الذي يكون فيه بابه أَي كانت أَبواب بيوتهم في المسجد، ولذلك قيل لَخَدِّ البيت الذي فيه الباب وَجْهُ الكَعْبةِ. وفي الحديث: لتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَو لَيُخالِفَنَّ الله بين وُجُوهكم؛ أَراد وُجوهَ القلوب، كحديثه الآخر: لا تَخْتَلِفُوا فتَخْتَلِفَ قُلُوبكم أَي هَوَاها وإرادَتُها.
وفي حديث أَبي الدَّرْداءِ: لا تَفْقَهُ حتى تَرَى للقرآن وُجُوهاً أَي تَرَى له مَعَانيَ يحتملها فتَهابَ الإقْدامَ عليه. ووُجُوهُ البلد:أَشرافُه. ويقال: هذا وَجْهُ الرأْيِ أَي هو الرأْيُ نَفْسُه. والوَجْه والجِهَةُ بمعنىً، والهاء عوض من الواو، والاسم الوِجْهَةُ والوُجْهَةُ، بكسر الواو وضمها، والواو تثبت في الأَسماء كما قالوا وِلْدَةٌ، وإنما لا تجتمع مع الهاء في المصادر. واتَّجَهَ له رأْيٌ أَي سَنَحَ، وهو افْتَعَلَ، صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت ثم بُنِيَ عليه قولك قعدت تُجاهَكَ وتِجَاهَكَ أَي تِلْقاءَك. ووَجْهُ الفَرَسِ: ما أَقبل عليك من الرأْس من دون مَنَابت شعر الرأْس. وإنه لعَبْدُ الوَجْهِ وحُرُّ الوَجْهِ، وإنه لسَهْلُ الوَجْهِ إذا لم يكن ظاهر الوَجْنَةِ.
ووَجْهُ النهار: أَوَّلُهُ. وجئتك بوَجْهِ نهارٍ أَي بأَوّل نهار. وكان ذلك على وَجْهِ الدهرأَي أَوَّلِهِ؛ وبه يفسره ابن الأَعرابي. ويقال: أَتيته بوَجْهِ نهارٍ وشَبابِ نهارٍ وصَدْرِ نهارٍ أَي في أَوَّله؛ ومنه قوله:  

مَنْ كان مَسْروراً بمَقْتَلِ مالِكٍ،

 

فليأْتِ نِسْوَتَنَا بوَجْهِ نـهـارِ

وقيل في قوله تعالى: وَجْهَ النهارِ واكْفُروا آخِرَهُ؛ صلاة الصبح، وقيل: هو أَوّل النهار. ووَجْهُ النجم: ما بدا لك منه. ووَجْهُ الكلام: السبيلُ الذي تقصده به.
وجاهاهُ إذا فاخَرَهُ.
ووُجُوهُ القوم: سادتهم، واحدهم وَجْهٌ، وكذلك وُجَهَاؤهم، واحدهم وَجِيهٌ. وصَرَفَ الشيءَ عن وَجْهِهِ أَي سَنَنِهِ.
وجِهَةُ الأَمرِ وجَهَتُهُ ووِجْهَتُه ووُجْهَتُهُ: وَجْهُهُ. الجوهري: الاسم الوِجْهَة والوُجْهة، بكسر الواو وضمها، والواو تثبت في الأَسماء كما قالوا وِلْدَةٌ، وإنما لا تجتمع مع الهاء في المصادرِ. وما له جِهَةٌ في هذا الأَمرِ ولا وِجْهَةٌ أَي لا يبصر وجْهَ أَمره كيف يأْتي له.
والجِهَةُ والوِجْهَةُ جميعاً: الموضعُ الذي تَتَوَجَّهُ إليه وتقصده.
وضَلَّ وِجْهَةَ أَمْرهِ أَي قَصْدَهُ؛ قال:

نَبَذَ الجِوَارَ وضَلَّ وِجْهَةَ رَوْقِهِ،

 

لما اخْتَلَلْتُ فُؤَادَهُ بالمِـطْـرَدِ

ويروى: هِدْيَةَ رَوْقِهِ. وخَلِّ عن جِهَتِه: يريد جِهَةَ الطريقِ.
وقلت كذا على جِهَةِ كذا، وفعلت ذلك على جهة العدل وجهة الجور؛ والجهة: النحو، تقول كذا على جهة كذا، وتقول: رجل أَحمر من جهته الحمرة، وأَسود من جهته السواد. والوِجهةُ والوُجهةُ: القِبلةُ وشِبْهها في كل وجهة أَي في كل وجه استقبلته وأَخذت فيه. وتَجَهْتُ إليك أَتْجَهُ أَي توجهتُ، لأَن أَصل التاء فيهما واو.وتوَجَّه إليه: ذهب. قال ابن بري: قال أَبو زيد تَجِهَ الرجلُ يَتْجَهُ تَجَهاً. وقال الأَصمعي: تَجَهَ،بالفتح؛ وأَنشد أَبو زيد لمِرْداسِ بن حُصين:

قَصَرْتُ له القبيلةَ، إذ تَجِهْنا

 

وما ضاقَتْ بشَدّته ذِراعي

والأَصمعي يرويه: تَجَهْنا، والذي أَراده اتَّجَهْنا، فحذف أَلف الوصل وإحدى التاءين، وقَصَرْتُ: حبَسْتُ. والقبيلةُ: اسم فرسه، وهي مذكورة في موضعها، وقيل: القبيلة اسم فرسٍ؛ أَنشد ابن بري لطُفيلٍ:

بناتُ الغُرابِ والوجِيهِ ولاحِقٍ،

 

وأَعْوَجَ تَنْمي نِسْبَةَ المُتَنسِّـبِ

واتَّجَهَ له رأْيٌ أَي سَنَحَ، وهو افْتَعَل، صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت ثم بني عليه قولك قعدت تُجاهَكَ وتِجاهَكَ أَي تِلْقاءك. وتَجَهْتُ إليك أَتْجَهُ أَي توجهتُ لأَن أَصل التاء فيهما واو. ووَجَّه إليه كذا: أَرسله، ووجَّهْتُهُ في حاجةٍ ووجَّهْتُ وجْهِيَ لله وتوَجَّهْتُ نحوَكَ وإليك. ويقال في التحضيض: وَجِّهِ الحَجَرَ وجْهةٌ مّا له وجِهَةٌ مّا له ووَجْهٌ مّا له، وإنما رفع لأَن كل حَجَرٍ يُرْمى به فله وجْهٌ؛ كل ذلك عن اللحياني، قال: وقال بعضهم وجِّه الحَجَرَ وِجْهةً وجِهةً مّا له ووَجْهاً مّا له، فنصب بوقوع الفعل عليه، وجعل ما فَضْلاً، يريد وَجِّه الأَمرَ وَجْهَهُ؛ يضرب مثلاً للأَمر إذا لم يستقم من جهةٍ أَن يُوَجِّهَ له تدبيراً من جِهةٍ أُخرى، وأَصل هذا في الحَجَرِ يُوضَعُ في البناء فلا يستقيم، فيُقْلَبُ على وجْهٍ آخر فيستقيم.
أَبو عبيد في باب الأَمر بحسن التدبير والنهي عن الخُرْقِ: وَجِّهْ وَجْهَ الحَجَرِ وِجْهةً مّا له، ويقال: وِجْهة مّا له، بالرفع، أَي دَبِّرِ الأَمر على وجْهِه الذي ينبغي أَن يُوَجَّهَ عليه. وفي حُسْنِ التدبير يقال: ضرب وجْهَ الأَمر وعيْنَه. أَبو عبيدة: يقال وَجِّه الحجر جهةٌ مّا له، يقال في موضع الحَضِّ على الطلب، لأَن كل حجر يُرْمى به فله وجْهٌ، فعلي هذا المعنى رفعه، ومن نصبه فكأَنه قال وَجِّه الحجر جِهَتَه، وما فضْلٌ، وموضع المثل ضَعْ كلَّ شيء موضعه. ابن الأَعرابي: وَجِّه الحجر جِهَةً مّا له وجهةٌ مّا له ووِجْهةً مّا له ووِجهةٌ مّا له ووَجْهاً مّا له ووَجْهٌ مّا له.
والمُواجَهَةُ: المُقابلَة. والمُواجَهةُ: استقبالك الرجل بكلام أَو وَجْهٍ؛ قاله الليث. وهو وُجاهَكَ ووِجاهَكَ وتُجاهَكَ وتِجاهَكَ أَي حِذاءَكَ من تِلْقاءِ وَجْهِكَ. واستعمل سيبويه التُّجاهَ اسماً وظرفاً. وحكى اللحياني: داريِ وجاهَ دارِكَ ووَجاهَ دارِكَ ووُجاهَ دارك، وتبدل التاء من كل ذلك. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وكان لعلي، رضوان الله عليه، وَجْهٌ من الناس حياةَ فاطمةَ، رِضوانُ الله عليها، أَي جاهٌ وعِزٌّ فقَدَهما بعدها.والوُجاهُ والتُّجاهُ: الوجْهُ الذي تقصده. ولقيه وِجاهاً ومُواجَهةً: قابَل وجْهَهُ بوجْهِه. وتواجَهَ المنزلانِ والرجلان: تقابلا. والوُجاهُ والتُّجاه: لغتان، وهما ما استقبل شيء شيئاً، تقول: دارُ فلانٍ تُجاهَ دار فلان. وفي حديث صلاة الخوف: وطائفةٌ وُجاهَ العدوّ أَي مُقابَلتَهم وحِذاءَهم، وتكسر الواو وتضم؛ وفي رواية: تُجاهَ العدوِّ، والتاء بدل من الواو مثلها في تُقاةٍ وتُخَمةٍ، وقد تكرر في الحديث.
ورجل ذو وَجْهينِ إذا لَقِيَ بخلاف ما في قلبه.
وتقول: توجَّهوا إليك ووَجَّهوا، كلٌّ يقال غير أَن قولك وَجَّهوا إليك على معنى وَلَّوْا وُجوهَهُم، والتَّوَجُّه الفعل اللازم. أَبو عبيد: من أَمثالهم: أَينما أُوَجِّهْ أَلْقَ سَعْداً؛ معناه أَين أَتَوَجَّه.
وقَدَّمَ وتَقَدَّمَ وبَيَّنَ وتبَيَّنَ بمعنى واحد. والوجْهُ: الجاهُ. ورجل مُوَجَّهٌ ووَجِيهٌ: ذو جاه وقد وَجُهَ وَجاهةٌ. وأَوْجَهَه: جعل له وجْهاً عند الناس؛ وأَنشد ابن بري لامرئ القيس:

ونادَمْتُ قَيْصَرَ في مُلْكِه،

 

فأَوْجَهَني وركِبْتُ البَريدا

ورجل وَجِيهٌ: ذو وَجاهةٍ. وقد وَجُه الرجلُ، بالضم: صار وَجِيهاً أَي ذا جاهٍ وقَدْر. وأَوجَهَه الله أَي صَيَّرَه وَجِيهاً. ووجَّهَه السلطانُ وأَوجَهَه: شرَّفَه. وأَوجَهْتُه: صادَفْتُه وَجِيهاً، وكلُّه من الوَجْهِ؛ قال المُساوِرُ بن هِنْدِ بن قيْس بن زُهَيْر:

وأَرَى الغَواني، بَعْدَما أَوْجَهْنَني،

 

أَدْبَرْنَ ثُمَّتَ قُلْنَ: شيخٌ أَعْوَرُ،

ورجل وَجْهٌ: ذو جاه. وكِساءٌ مُوَجَّهٌ أَي ذو وَجْهَينِ. وأَحْدَبُ مُوَجَّهٌ: له حَدَبَتانِ من خلفه وأَمامه، على التشبيه بذلك. وفي حديث أَهل البيت: لايُحِبُّنا الأَحْدَبُ المُوَجَّهُ؛ حكاه الهروي في الغريبين. ووَجَّهَتِ الأَرضَ المَطَرَةُ: صَيَّرتَهْا وَجْهاً واحداً، كما تقول: تَرَكَتِ الأَرضَ قَرْواً واحداً. ووَجَّهَها المطرُ: قَشَرَ وَجْهَها وأَثر فيه كحَرَصَها؛ عن ابن الأَعرابي.
وفي المثل: أَحمق ما يتَوَجَّهُ أَي لا يُحْسِنُ أَن يأْتي الغائط. ابن سيده: فلان ما يتَوَجَّهُ؛ يعني أَنه إذا أَتى الغائط جلس مستدبر الريح فتأْتيه الريح بريح خُرْئِه. والتَّوَجُّهُ: الإقبال والانهزام.
وتَوَجَّهَ الرجلُ: وَلَّى وكَبِرَ؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:

كعَهْدِكِ لا ظِلُّ الشَّبابِ يُكِنُّني،

 

ولا يَفَنٌ مِمَّنْ تَوَجَّهَ دالِـفُ

ويقال للرجل إذا كَبِرَ سِنُّهُ: قد تَوَجَّهَ.ابن الأَعرابي: يقال شَمِطَ ثم شاخ ثم كَبِرَ ثم تَوَجَّهَ ثم دَلَف ثم دَبَّ ثم مَجَّ ثم ثَلَّبَ ثم الموت. وعندي امرأَة قد أَوْجَهَتْ أَي قعدت عن الولادة.
ويقال: وَجَّهَتِ الريحُ الحصى تَوْجِيهاً إذا ساقته؛ وأَنشد:

تُوَجِّهُ أَبْساطَ الحُقُوفِ التَّياهِرِ

ويقال: قاد فلانٌ فلاناً فوَجَّه أَي انقاد واتّبع. وشيءٌ مُوَجَّهٌ إذا جُعِلَ على جِهَةٍ واحدة لا يختلف. اللحياني: نظر فلانٌ بِوُجَيْهِ سُوءٍ وبجُوهِ سُوءٍ وبِجيهِ سوءٍ. وقال الأَصمعي: وَجَهْتُ فلاناً إذا ضربت في وجْهِه، فهو مَوْجوهٌ. ويقال: أَتى فلان فلاناً فأَوْجَهَهُ وأَوْجَأَهُ إذا رَدَّهُ. وجُهتُ فلاناً بما كره فأَنا أَجُوهه إذا استقبلته به؛ قاله الفراء، وكأَن أَصله من الوَجْه فقُلِبَ، وكذلك الجاهُ وأَصله الوَجْهُ. قال الفراء: وسمعت امرأَة تقول أَخاف أَن تجُوهَني بأَكثر من هذا أَي تستقبلني. قال شمر: أُراه مأْخوذاً من الوَجْهِ؛ الأَزهري: كأَنه مقلوب. ويقال: خرج القوم فوَجَّهُوا للناس الطريقَ توجيهاً إذا وَطِئُوه وسَلَكوه حتى استبان أَثَرُ الطريق لمن يسلكه. وأَجْهَتِ السماءُ فهي مُجْهِيَةٌ إذا أَصْبَحت، وأَجْهَت لك السَّبيلُ أَي استبانت. وبيتٌ أَجْهَى: لا سِتْرَ عليه. وبيوتٌ جُهْوٌ، بالواو، وعَنْزٌ جَهْواء: لا يستر ذَنَبُها حياءها. وهم وِجاهُ أَلْفٍ أَي زُهاءُ أَلفٍ؛ عن ابن الأَعرابي.
ووَجَّهَ النخلةَ: غرسها فأَمالها قِبَلَ الشَّمال فأَقامتْها الشَّمالُ. والوَجِيهُ من الخيل: الذي تخرج يداه معاً عند النِّتاج، واسم ذلك الفعل التَّوْجيهُ. ويقال للولد إذا خرجت يداه من الرحم أَوّلاً: وَجِيهٌ، وإذا خرجت رجلاه أَلاً: يَتْنٌ. والوجيهُ: فرس من خيل العرب نَجِيبٌ، سمي بذلك.
والتَّوْجيهُ في القوائم: كالصَّدَفِ إلاَّ أَنه دونه، وقيل: التَّوْجيهُ من الفَرَس تَدانِي العُجايَتَيْنِ وتَداني الحافرين والْتِواءٌ مِنَ الرُّسْغَيْنِ. وفي قَوافي الشِّعْرِ التأْسيس والتَّوْجيهُ والقافيةُ، وذلك في مثل قوله:

كِلِيني لهَمٍّ، يا أُمَيمَةَ، ناصِبِ

فالباء هي القافية، والأَلف التي قبل الصاد تأْسيسٌ، والصادُ تَوْجِيهٌ بين التأْسيس والقافية، وإِنما قيل له تَوْجِيهٌ لأَن لك أَن تُغَيِّرَه بأَيِّ حرفٍ شئتَ، واسم الحرف الدَّخِيلُ. الجوهري: التَّوْجيهُ هو الحرف الذي بين أَلف التأْسيس وبين القافية، قال: ولك أَن تغيره بأَي حرف شئتَ كقول امرئ القيس: أَنِّي أَفِرْ، مع قوله: جميعاً صُبُرْ، واليومُ قَرّ، ولذلك قيل له تَوْجيهٌ؛ وغيره يقول: التوجيه اسم لحركاته إذا كان الرَّوِيُّ مُقَيَّداً. قال ابن بري: التَّوْجيهُ هو حركة الحرف الذي قبل الرويِّ المقيد، وقيل له توجيه لأَنه وَجَّهَ الحرفَ الذي قبل الرَّوِيِّ المقيد إِليه لا غير، ولم يَحْدُث عنه حرفُ لِينٍ كما حدث عن الرَّسِّ والحَذْوِ والمَجْرَى والنَّفادِ، وأَما الحرف الذي بين أَلف التأْسيس والرَّوِيِّ فإِنه يسمى الدَّخيلَ، وسُمِّي دَخِيلاً لدخوله بين لازمين، وتسمى حركته الإِشباعَ، والخليل لا يجيز اختلاف التوجيه ويجيز اختلاف الإِشباع، ويرى أَن اختلاف التوجيه سِنادٌ، وأَبو الحسن بضدّه يرى اختلاف الإِشباع أَفحش من اختلاف التوجيه، إِلا أَنه يرى اختلافهما، بالكسر والضم، جائزاً، ويرى الفتح مع الكسر والضم قبيحاً في التوجيه والإِشباع، والخليل يستقبحه في التوجيه أَشدّ من استقباحه في الإِشباع، ويراه سِناداً بخلاف الإِشباع، والأَخفش يجعل اختلاف الإِشباع بالفتح والضم أَو الكسر سِناداً؛ قال: وحكاية الجوهري مناقضة لتمثيله، لأَنه حكى أَن التَّوْجِيهَ الحرف الذي بين أَلف التأْسيس والقافية، ثم مثَّله بما ليس له أَلف تأْسيس نحو قوله: أَني أَفرْ، مع قوله: صُبُرْ، واليومُ قَرّ. ابن سيده: والتَّوْجِيهُ في قَوافي الشِّعْرِ الحرفُ الذي قبل الرَّوِيّ في القافية المقيدة، وقيل: هو أَن تضمه وتفتحه، فإِن كسرته فذلك السِّنادُ؛ هذا قول أَهل اللغة، وتحريره أَن تقول: إِن التَّوْجيهَ اختلافُ حركة الحرف الذي قبل الرَّوِيَّ المقيد كقوله:

وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ

وقوله فيها:

أَلَّفَ شَتَّى ليس بالراعي الحَمِقْ

وقوله مع ذلك:

سِرّاً وقد أَوَّنَ تأْوينَ العُقُقْ

قال: والتوجيه أَيضاً الذي بين حرف الروي المطلق والتأْسيس كقوله:

أَلا طالَ هذا الليلُ وازْوَرَّ جانِبُهْ

فالأَلف تأْسيس، والنون توجيه، والباء حرف الروي، والهاء صلة؛ وقال الأَحفش: التَّوْجيهُ حركة الحرف الذي إلى جنب الرَّوِيّ المقيد لا يجوز مع الفتح غيره نحو:

قد جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجَبَرْ

التزم الفتح فيها كلها، ويجوز معها الكسر والضم في قصيدة واحدة كما مثَّلنا. وقال ابن جني: أَصله من التَّوْجِيه، كأَن حرف الرَّوِيّ مُوَجَّهٌ عندهم أَي كأَنَّ له وجهين: أَحدهما من قبله، والآخر من بعده، أَلا ترى أَنهم استكرهوا اختلاف الحركة من قبله ما دام مقيداً نحو الحَمِقْ والعُقُقْ والمُخْتَرَقْ؟ كما يستقبحون اختلافها فيه ما دام مطلقاً نحو قوله:

عَجْلانَ ذا زَادٍ وغيرَ مُزَوَّدِ

مع قوله فيها:

وبذاك خَبَّرَنا الغرابُ الأَسْوَدُ

وقوله:

عَنَمٌ يكادُ من اللَّطافَةِ يُعْقَدُ

 فلذلك سميت الحركة قبل الرويّ المقيد تَوجيهاً، إَعلاماً أَن للرويّ وجهين في حالين مختلفين، وذلك أَنه إذا كان مقيداً فله وَجْهٌ يتقدّمه، وإِذا كان مطلقاً فله وَجْهٌ يتأَخر عنه، فجرى مجرى الثوب المُوَجَّهِ ونحوِه؛ قال: وهذا أَمثل عندي من قول مَنْ قال إِنما سُمِّي تَوْجيهاً لأَنه يجوز فيه وُجُوهٌ من اختلاف الحركات، لأَنه لو كان كذلك لمَا تَشدَّد الخليل في اختلاف الحركات قبله، ولمَا فَحُشَ ذلك عنده. والوَجِيهَةُ: خَرَزَةٌ، وقيل: ضرب من الخَرَزِ. وبنو وَجِيهةَ: بطن.

وحت

طعام وَحْتٌ: لا خير فيه.

وحح

الوَحْوَحَة: صوت مع بَحَحٍ.
ووَحْوَحَ الثوبُ: صَوَّت.
ووَحْ وَحْ: زجر للبقر. ووَحْوَحَ البقرَ: زَجَرها، وكذلك وَحْوَحَ بها.
وإِذا طردت الثورَ قلت له: قَعْ قَعْ، وإِذا زجرته قلت له: وَحْ وَحْ.
ووَحْوَحَ الرجلُ من البرد إذا ردَّد نَفَسه في حَلْقه حتى تسمع له صوتاً؛ قال الكُمَيْتُ: ووَحْوَحَ في حِضْنِ الفَتاةِ ضَجِيعُها، ولم يَكُ في النُّكْدِ المَقاليتِ مَشْخَبُ ووَحْوَحَ الرجلُ إذا نفخ في يده من شدَّة البرد.
ورجل وَحْواحٌ أَي خفيف؛ قال أَبو الأَسود العِجْلي:

مُلازِمِ آثارَها صَـيداحِ

 

واتَّسَقَتْ لزاجِرٍ وَحْواحِ

والصَّيْداحُ والصَّيْدَحُ: الشديد الصوت، وكذلك الوَحْوَحُ؛ قال الجعدي يرثي أَخاه:

ومِنْ قَبْلِه ما قد رُزِئْتُ بوَحْـوَحٍ

 

وكان ابنَ أُمِّي والخليلَ المُصافِيا

قال ابن بري: وَحْوَح في البيت اسم علم لأَخيه وليس بصفة، ورَثى في هذه القصيدة مُحارِبَ بن قيس بن عَدَسٍ من بني عمه ووَحْوَحاً أَخاه؛ وقبله:

أَلم تَعْلَمِي أَني رُزِئْتُ مُحـارِبـاً

 

فما لك فيه اليومَ شيءٌ ولا لِـيا

فَتىً كمُلَتْ أَخلاقُه، غـيرَ أَنـه

 

جَوادٌ، فلا يُبْقِي من المالِ باقِـيا

ومن قبله ما قد رزئت بوحـوح

 

وكانَ ابنَ أُمي والخليلَ المصافيا

ورجل وَحْوَحٌ: شديد القوّة يَنْحِمُ عند عمله لنشاطه وشدته؛ ورجال وَحاوِحُ. والأَصل في الوَحْوَحة الصوت من الحلق؛ وكلب وَحْواحٌ ووَحْوَحٌ. وتَوَحْوَح الظَّلِيمُ فوق البيض إذا رَئِمَها وأَظهر وُلوعَه؛ قال تميم بن مقبل:

كبَيْضَةِ أُدْحِيٍّ تَوَحْوَحَ فَوْقَـهـا

 

هِجَفَّانِ مِرْياعا الضُّحَى، وَحَدانِ

وتركها تُوَحْوِحُ وتَوَحْوَحُ: تُصَوِّت من البَرْدِ من الطَّلْق بين القَوابل. والوَحْوَحُ والوَحْواحُ: المُنْكَمِشُ الحديدُ النَّفْسِ؛ قال:

يا رُبَّ شَيْخٍ من لُكَيْزٍ وَحْوَحِ

 

عَبْلٍ، شَدِيدٍ أَسْرُه، صَمَحْمَحِ

يَغْدو بدَلْوٍ ورِشاءٍ مُصْـلَـحِ

 

حتى أَتَتْه ماءَةٌ كالإِنْـفَـحِ

أَي جاءت صافيةَ السَّحْناءِ كأَنها إِنْفِحَة؛ وقال:

وذُعِرَت من زاجرٍ وَحْواحِ

ابن الأَثير: وفي شعر أَبي طالب يمدح النبي، صلى الله عليه وسلم:

حتى تُجالِدكم عـنـه وَحـاوِحةٌ

 

شِيبٌ صَنادِيدُ، لا يَذْعَرْهُمُ الأَسَلُ

هو جمع وَحْواح وهو السيد، والهاء فيه لتأْنيث الجمع؛ ومنه حديث الذي يَعْبُر الصراطَ حَبْواً: وهم أَصحابُ وَحْوَحٍ أَي أَصحاب من كان في الدنيا سيداً، وهو كالحديث الآخر: هَلَك أَصحابُ العُقْدة يعني الأُمراء؛ ويجوز أَن يكون من الوَحْوَحةِ وهو صوت فيه بُحُوحة كأَنه يعني أَصحاب الجدال والخصام والشَّغَبِ في الأَسواق وغيرها. ومنه حديث عليّ: لقد شَفَى وَحاوِحَ صَدْري حَسُّكم إِياهم بالنِّصال.
والوَحْوَحُ: ضرب من الطير؛ قال ابن دريد: ولا أَعرف ما صِحَّتُها.
ووَحْوَحٌ: اسم.
ابن الأَعرابي: الوَحُّ الوَتِدُ؛ يقال: هو أَفقر من وَحٍّ وهو الوَتِدُ، وهذا قول المفَضَّل، وقال غيره: وَحٌّ كان رجلاً زَجَرَ فقيراً فضرب به المثل في الحاجة.

وحد

الواحدُ: أَول عدد الحساب وقد ثُنِّيَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

فلما التَقَيْنا واحِدَيْنِ عَـلَـوْتُـه

 

بِذي الكَفِّ، إِني للكُماةِ ضَرُوبُ

وجمع بالواو والنون؛ قال الكميت:

فَقَدْ رَجَعُوا كَحَيٍّ واحدِدِينا

التهذيب: تقول: واحد واثنان وثلاثة إِلى عشرة فإِن زاد قلت أَحد عشر يجري أَحد في العدد مجرى واحد، وإِن شئت قلت في الابتداء واحد اثنان ثلاثة ولا يقال في أَحد عشر غير أَحد، وللتأْنيث واحدة، وإِحدى في ابتداء العدد تجري مجرى واحد في قولك أَحد وعشرون كما يقال واحد وعشرون، فأَما إِحدى عشرة فلا يقال غيرها، فإِذا حملوا الأَحد على الفاعل أُجري مجرى الثاني والثالث، وقالوا: هو حادي عِشْريهم وهو ثاني عشريهم، والليلة الحاديةَ عشْرَةَ واليوم الحادي عشَر؛ قال: وهذا مقلوب كما قالوا جذب وجبذ، قال ابن سيده: وحادي عشر مقلوبٌ موضِع الفاء إِلى اللام لا يستعمل إِلا كذلك، وهو فاعِل نقل إِلى عالف فانقلبت الواو التي هي الأَصل ياءً لانكسار ما قبلها.
وحكى يعقوب: معي عشرة فأَحِّدْهُنَّ لِيَهْ أَي صَيِّرْهُنَّ لي أَحد عشر. قال أَبو منصور: جعل قوله فأَحِّدْهُنَّ ليه، من الحادي لا من أَحد، قال ابن سيده: وظاهر ذلك يؤنس بأَن الحادي فاعل، قال: والوجه إِن كان هذا المروي صحيحاً أَن يكون الفعل مقلوباً من وحَدْت إِلى حَدَوْت، وذلك أَنهم لما رأَوا الحادي في ظاهر الأَمر على صورة فاعل، صار كأَنه جارٍ على حدوث جَرَيانَ غازٍ على غزوت؛ وإِحدى صيغة مضروبة للتأْنيث على غير بناء الواحد كبنت من ابن وأُخت من أَخ. التهذيب: والوُحْدانُ جمع الواحِدِ ويقال الأُحْدانُ في موضع الوُحْدانِ. وفي حديث العيد: فصلينا وُحداناً أَي منفردين جمع واحد كراكب ورُكْبان. وفي حديث حذيفة: أَوْ لَتُصَلُّنّ وُحْداناً. وتقول: هو أَحدهم وهي إِحداهنّ، فإِن كانت امرأَة مع رجال لم يستقم أَن تقول هي إِحداهم ولا أَحدهم ولا إِحداهنّ إِلاّ أَن تقول هي كأَحدهم أَو هي واحدة منهم. وتقول: الجُلوس والقُعود واحد، وأَصحابي وأَصحابك واحد. قال: والمُوَحِّدُ كالمُثَنِّي والمُثَلِّث. قال ابن السكيت: تقول هذا الحاديَ عَشَرَ وهذا الثانيَ عَشَرَ وهذا الثالثَ عَشَرَ مفتوح كله إِلى العشرين؛ وفي المؤَنث: هذه الحاديةَ عَشْرة والثانيةَ عشرة إِلى العشرين تدخل الهاء فيها جميعاً. قال الأَزهري: وما ذكرت في هذا الباب من الأَلفاظ النادرة في الأَحد والواحد والإِحدى والحادي فإِنه يجري على ما جاء عن العرب ولا يعدّى ما حكي عنهم لقياس متوهّم اطراده، فإِن في كلام العرب النوادر التي لا تنقاس وإِنما يحفظها أَهل المعرفة المعتنون بها ولا يقيسون عليها؛ قال: وما ذكرته فإِنه كله مسموع صحيح. ورجل واحد: مُتَقَدِّم في بَأْس أَو علم أَو غير ذلك كأَنه لا مثل له فهو وحده لذلك؛ قال أَبو خراش:

أَقْبَلْتُ لا يَشْتَدُّ شَدِّيَ واحِدٌ،

 

عِلْجٌ أَقَبُّ مُسَيَّرُ الأَقْرابِ

والجمع أُحْدانٌ ووُحْدانٌ مثل شابٍّ وشُبّانٍ وراع ورُعْيان. الأَزهري: يقال في جمع الواحد أُحْدانٌ والأَصل وُحْدان فقلبت الواو همزة لانضمامها؛ قال الهذلي:

يَحْمِي الصَّريمةَ، أُحْدانُ الرجالِ له

 

صَيْدٌ، ومُجْتَرِئ بالليلِ هَـمّـاسُ

قال ابن سيده: فأَما قوله:

طارُوا إِليه زَرافاتٍ وأُحْدانا

فقد يجوز أَن يُعْنى أَفراداً، وهو أَجود لقوله زرافات، وقد يجوز أَن يعنى به الشجعان الذين لا نظير لهم في البأْس؛ وأَما قوله:

لِيَهْنِئ تُراثي لامْرئ غيرِ ذِلّةٍ،

 

صَنابِرُ أُحْدانٌ لَهُنَّ حَـفِـيف

سَريعاتُ مَوتٍ رَيِّثاتُ إِفاقةٍ،

 

إِذا ما حُمِلْنَ، حَمْلُهُنَّ خَفِيفُ

فإِنه عنى بالأُحْدانِ السهام الأَفْراد التي لا نظائر لها، وأَراد لامْرئ غير ذي ذِلّةٍ أَو غير ذليل. والصَّنابِرُ: السِّهامُ الرِّقاقُ.
والحَفِيف: الصوتُ. والرَّيِّثاتُ: البِطاءُ. وقوله: سَرِيعاتُ موت رَيِّثاتُ إِفاقة، يقول: يُمِتْنَ مَن رُميَ بهن لا يُفيق منهن سريعاً، وحملهن خفيف على من يَحْمِلُهُنَّ. وحكى اللحياني: عددت الدراهم أَفْراداً ووِحاداً؛ قال: وقال بعضهم: أَعددت الدراهم أَفراداً ووِحاداً، ثم قال: لا أَدري أَعْدَدْتُ أَمن العَدَد أَم من العُدّة. والوَحَدُ والأَحَدُ: كالواحد همزته أَيضاً بدل من واو، والأَحَدُ أَصله الواو. وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه سئل عن الآحاد: أَهي جمع الأَحَدِ؟ فقال: معاذ الله، ليس للأَحد جمع، ولكن إِن جُعلت جمعَ الواحد، فهو محتمل مثل شاهِد وأَشْهاد. قال: وليس للواحد تثنية ولا لللاثنين واحد من جنسه. وقال أَبو إِسحق النحوي: الأَحَد أَن الأَحد شيء بني لنفي ما يذكر معه من العدد، والواحد اسم لمفتتح العدد، وأَحد يصلح في الكلام في موضع الجحود وواحد في موضع الإِثبات. يقال: ما أَتاني منهم أَحد، فمعناه لا واحد أَتاني ولا اثنان؛ وإِذا قلت جاءني منهم واحد فمعناه أَنه لم يأْتني منهم اثنان، فهذا حدُّ الأَحَد ما لم يضف، فإِذا أُضيف قرب من معنى الواحد، وذلك أَنك تقول: قال أَحد الثلاثة كذا وكذا وأَنت تريد واحداً من الثلاثة؛ والواحدُ بني على انقطاع النظير وعَوَزِ المثل، والوحِيدُ بني على الوَحْدة والانفراد عن الأَصحاب من طريق بَيْنُونته عنهم.
وقولهم: لست في هذا الأَمر بأَوْحَد أَي لست بعادم فيه مثلاً أَو عِدْلاً. الأَصمعي: تقول العرب: ما جاءَني من أَحد ولا تقول قد جاءَني من أَحد، ولا يقال إذا قيل لك ما يقول ذلك أَحد: بَلى يقول ذلك أَحد. قال: ويقال: ما في الدّار عَريبٌ، ولا يقال: بلى فيها عريب. الفراء قال: أَحد يكون للجمع والواحد في النفي؛ ومنه قول الله عز وجل: فما منكم من أَحد عنه حاجزين؛ جُعِل أَحد في موضع جمع؛ وكذلك قوله: لا نفرّق بين أَحد من رسله؛ فهذا جمع لأَن بين لا تقع إِلا على اثنين فما زاد.
قال: والعرب تقول: أَنتم حَيّ واحد وحي واحِدون، قال: ومعنى واحدين واحد. الجوهري: العرب تقول: أَنتم حيّ واحد وحيّ واحدون كما يقال شِرْذِمةٌ قليلون؛ وأَنشد للكميت:

فَضَمَّ قَواصِيَ الأَحْياءِ منهم،

 

فَقَدْ رَجَعوا كَحَيٍّ واحِدينـا

ويقال: وحَّدَه وأَحَّدَه كما يقال ثَنَّاه وثَلَّثه. ابن سيده: ورجل أَحَدٌ ووَحَدٌ ووَحِدٌ ووَحْدٌ ووَحِيدٌ ومُتَوَحِّد أَي مُنْفَرِدٌ، والأُنثى وَحِدةٌ؛ حكاه أَبو علي في التذكرة، وأَنشد:

كالبَيْدانةِ الوَحِدهْ

الأَزهري: وكذلك فَريدٌ وفَرَدٌ وفَرِدٌ. ورجل وحِيدٌ: لا أَحَدَ معه يُؤنِسُه؛ وقد وَحِدَ يَوْحَدُ وَحادةً ووَحْدةً وَوَحْداً. وتقول: بقيت وَحيداً فَريداً حَريداً بمعنى واحد. ولا يقال: بقيت أَوْحَدَ وأَنت تريد فَرْداً، وكلام العرب يجيء على ما بني عليه وأُخذ عنهم، ولا يُعَدّى به موضعُه ولا يجوز أَن يتكلم فيه غير أَهل المعرفة الراسخين فيه الذين أَخذوه عن العرب أَو عمن أَخذ عنهم من ذوي التمييز والثقة. وواحدٌ ووَحَد وأَحَد بمعنى؛ وقال:

فلَمَّا التَقَيْنا واحدَيْن عَلَوْتُهُ

اللحياني: يقال وَحِدَ فلان يَوْحَدُ أَي بقي وحده؛ ويقال: وَحِدَ وَوَحُدَ وفَرِدَ وفَرُدَ وفَقِهَ وفَقُهَ وسَفِهَ وسَفُهَ وسَقِمَ وسَقُمَ وفَرِعَ وفَرُعَ وحَرِضَ وحَرُضَ. ابن سيده: وحِدَ ووحُدَ وحادةً وحِدةً ووَحْداً وتَوَحَّدَ: بقي وحده يَطَّرد إِلى العشرة؛ عن الشيباني. وفي حديث ابن الحنظلية: وكان رجلا مُتوحّداً أَي مُنْفرداً لا يُخالِط الناس ولا يُجالِسهم. وأَوحد الله جانبه أَي بُقِّي وَحْدَه. وأَوْحَدَه للأَعْداء: تركه. وحكى سيبويه: الوَحْدة في معنى التوَحُّد. وتَوَحَّدَ برأْيه: تفرّد به، ودخل القوم مَوْحَدَ مَوْحَدَ وأُحادَ أُحادَ أَي فُرادى واحداً واحداً، معدول عن ذلك. قال سيبويه: فتحوا مَوْحَد إِذ كان اسماً موضوعاً ليس بمصدر ولا مكان. ويقال: جاؤوا مَثْنَى مَثنى ومَوْحَدَ مَوْحد، وكذلك جاؤوا ثُلاثَ وثُناءَ وأُحادَ. الجوهري: وقولهم أُحادَ وَوُحادَ ومَوْحَد غير مصروفات للتعليل المذكور في ثُلاثَ. ابن سيده: مررت به وحْدَه، مصدر لا يثنى ولا يجمع ولا يُغَيّر عن المصدر، وهو بمنزلة قولك إِفْراداً وإِن لم يتكلم به، وأَصله أَوْحَدْتُه بِمُروري إِيحاداً ثم حُذِفت زياداته فجاءَ على الفعل؛ ومثله قولهم: عَمْرَكَ اللَّهَ إِلاَّ فعلت أَي عَمَّرتُك الله تعميراً. وقالوا: هو نسيجُ وحْدِه وعُيَبْرُ وحْدِه وجْحَيْشُ وحْدِه فأَضافوا إِليه في هذه الثلاثة، وهو شاذّ؛ وأَما ابن الأَعرابي فجعل وحْدَه اسماً ومكنه فقال جلس وحْدَه وعلا وحْدَه وجلَسا على وحْدَيْهِما وعلى وحْدِهما وجلسوا على وَحْدِهم، وقال الليث: الوَحْد في كل شيء منصوب جرى مجرى المصدر خارجاً من الوصف ليس بنعت فيتبع الاسم، ولا بخبر فيقصد إِليه، فكان النصب أَولى به إِلا أَن العرب أَضافت إِليه فقالت: هو نَسيجُ وحْدِه، وهما نَسِيجا وحْدِهما، وهم نُسَجاءُ وحدِهم، وهي نَسِيجةُ وحدِها، وهنَّ نسائج وحْدِهنَّ؛ وهو الرجل المصيب الرأْي. قال: وكذلك قَريعُ وحْدِه، وكذلك صَرْفُه، وهو الذي لا يقارعه في الفضل أَحد.
قال أَبو بكر: وحده منصوب في جميع كلام العرب إِلا في ثلاثة مواضع، تقول: لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، ومررت بزيد وحده؛ وبالقوم وحدي. قال: وفي نصب وحده ثلاثة أَقوال: قال جماعة من البصريين هو منصوب على الحال، وقال يونس: وحده هو بمنزلة عنده، وقال هشام: وحده منصوب على المصدر، وحكى وَحَدَ يَحِدُ صَدَر وَحْدَه على هذا الفعل. وقال هشام والفراء: نَسِيجُ وحدِه وعُيَيْرُ وحدِه وواحدُ أُمّه نكرات، الدليل على هذا أَن العرب تقول: رُبَّ نَسِيجِ وحدِه قد رأَيت، وربّ واحد أُمّه قد أَسَرْتُ؛ وقال حاتم:

أَماوِيّ إِنـي رُبَّ واحِـدِ أُمِّـه

 

أَخَذْتُ، فلا قَتْلٌ عليه، ولا أَسْرُ

وقال أَبو عبيد في قول عائشة، رضي الله عنها، ووصْفِها عمر، رحمه الله: كان واللهِ أَحْوذِيّاً نَسِيجَ وحدِه؛ تعني أَنه ليس له شبيه في رأْيه وجميع أُموره؛ وقال:

جاءَتْ به مُعْتَجِراً بِبُرْدِه،

 

سَفْواءُ تَرْدي بِنَسيجِ وحدِه

قال: والعرب تنصب وحده في الكلام كله لا ترفعه ولا تخفضه إِلا في ثلاثة أَحرف: نسيج وحده، وعُيَيْر وحده، وجُحَيْش وحده؛ قال: وقال البصريون إِنما نصبوا وحده على مذهب المصدر أَي تَوَحَّد وحدَه؛ قال: وقال أَصحابنا إِنما النصْبُ على مذهب الصفة؛ قال أَبو عبيد: وقد يدخل الأَمران فيه جميعاً؛ وقال شمر: أَما نسيج وحده فمدح وأَما جحيش وحده وعيير وحده فموضوعان موضع الذمّ، وهما اللذان لا يُشاوِرانِ أَحداً ولا يُخالِطانِ، وفيهما مع ذلك مَهانةٌ وضَعْفٌ؛ وقال غيره: معنى قوله نسيج وحده أَنه لا ثاني له وأَصله الثوب الذي لا يُسْدى على سَداه لِرِقّة غيره من الثياب. ابن الأَعرابي: يقال نسيجُ وحده وعيير وحده ورجلُ وحده. ابن السكيت: تقول هذا رجل لا واحد له كما تقول هو نسيج وحده. وفي حديث عمر: من يَدُلُّني على نسيج وحده؟ الجوهري: الوَحْدةُ الانفراد. يقال: رأَيته وحده وجلس وحده أَي منفرداً، وهو منصوب عند أَهل الكوفة على الظرف، وعند أَهل البصرة على المصدر في كل حال، كأَنك قلت أَوحدته برؤْيتي إِيحاداً أَي لم أَرَ غيره ثم وضَعْت وحده هذا الموضع. قال أَبو العباس: ويحتمل وجهاً آخر، وهو أَن يكون الرجل بنفسه منفرداً كأَنك قلت رأَيت رجلاً منفرداً انفراداً ثم وضعت وحده موضعه، قال: ولا يضاف إِلا في ثلاثة مواضع: هو نسيج وحده، وهو مدح، وعيير وحده وجحيش وحده، وهما ذم، كأَنك قلت نسيج إِفراد فلما وضعت وحده موضع مصدر مجرور جررته، وربما قالوا: رجيل وحده. قال ابن بري عند قول الجوهري رأَيته وحده منصوب على الظرف عند أَهل الكوفة وعند أَهل البصرة على المصدر؛ قال: أَما أَهل البصرة فينصبونه على الحال، وهو عندهم اسم واقع موقع المصدر المنتصب على الحال مثل جاء زيد رَكْضاً أَي راكضاً. قال: ومن البصريين من ينصبه على الظرف، قال: وهو مذهب يونس. قال: وليس ذلك مختصاً بالكوفيين كما زعم الجوهري. قال: وهذا الفصل له باب في كتب النحويين مُسْتَوْفىً فيه بيان ذلك.
التهذيب: والوحْد خفِيفٌ حِدةُ كلِّ شيء؛ يقال: وَحَدَ الشيءُ، فهو يَحِدُ حِدةً، وكلُّ شيء على حِدةٍ فهو ثاني آخَرَ. يقال: ذلك على حِدَتِه وهما على حِدَتِهما وهم على حِدَتِهم. وفي حديث جابر ودَفْنِ أَبيه: فجعله في قبر على حِدةٍ أَي منفرداً وحدَه، وأَصلها من الواو فحذفت من أَولها وعوّضت منها الهاء في آخرها كعِدة وزِنةٍ من الوعْد والوَزْن؛ والحديث الآخر: اجعل كلَّ نوع من تمرك على حِدةٍ. قال ابن سيده: وحِدةُ الشيء تَوَحُّدُه وهذا الأَمر على حِدته وعلى وحْدِه. وحكى أَبو زيد: قلنا هذا الأَمر وحْدينا، وقالتاه وحْدَيْهِما، قال: وهذا خلاف لما ذكرنا.
وأَوحده الناس تركوه وحده؛ وقول أَبي ذؤَيب:

مُطَأْطَأَة لم يُنْبِطُوها، وإِنَّهـا

 

لَيَرْضَى بها فُرِّاطُها أُمَّ واحِدِ

أَي أَنهم تَقَدَّمُوا يَحْفِرونها يَرْضَوْن بها أَن تصير أُمّاً لواحد أَي أَن تَضُمَّ واحداً، وهي لا تضم أَكثر من واحد؛ قال ابن سيده: هذا قول السكري. والوحَدُ من الوَحْش: المُتَوَحِّد، ومن الرجال: الذي لا يعرف نسبه ولا أَصله. الليث: الوحَدُ المنفرد، رجل وحَدٌ وثَوْر وحَد؛ وتفسير الرجل الوَحَدِ أَن لا يُعرف له أَصل؛ قال النابغة:

بِذي الجَلِيلِ على مُسْتَأْنِسٍ وحَدِ

والتوحيد: الإِيمان بالله وحده لا شريك له. والله الواحِدُ الأَحَدُ: ذو الوحدانية والتوحُّدِ. ابن سيده: والله الأَوحدُ والمُتَوَحِّدُ وذُو الوحْدانية، ومن صفاته الواحد الأَحد؛ قال أَبو منصور وغيره: الفرق بينهما أَن الأَحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول ما جاءَني أَحد، والواحد اسم بني لِمُفْتَتَح العدد، تقول جاءني واحد من الناس، ولا تقول جاءني أَحد؛ فالواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير، والأَحد منفرد بالمعنى؛ وقيل: الواحد هو الذي لا يتجزأُ ولا يثنى ولا يقبل الانقسام ولا نظير له ولا مثل ولا يجمع هذين الوصفين إِلا الله عز وجل؛ وقال ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى الواحد، قال: هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر؛ قال الأَزهري: وأَما اسم الله عز وجل أَحد فإِنه لا يوصف شيء بالأَحدية غيره؛ لا يقال: رجل أَحَد ولا درهم أَحَد كما يقال رجل وحَدٌ أَي فرد لأَن أَحداً صفة من صفات الله عز وجل التي استخلصها لنفسه ولا يشركه فيها شيء؛ وليس كقولك الله واحد وهذا شيء واحد؛ ولا يقال شيء أَحد وإِن كان بعض اللغويين قال: إِن الأَصل في الأَحَد وحَد؛ قال اللحياني: قال الكسائي: ما أَنت من الأَحد أَي من الناس؛ وأَنشد:

وليس يَطْلُبُني في أَمـرِ غـانِـيَة

 

إِلا كَعَمروٍ، وما عَمروٌ من الأَحَدِ

قال: ولو قلت ما هو من الإِنسان، تريد ما هو من الناس، أَصبت. وأَما قول الله عز وجل: قل هو الله أَحد الله الصمَد؛ فإِن أَكثر القراء على تنوين أَحد. وقد قرأَه بعضهم بترك التنوين وقرئ بإِسكان الدال: قل هو الله أَحَدْ، وأَجودها الرفع بإِثبات التنوين في المرور وإِنما كسر التنوين لسكونه وسكون اللام من الله، ومن حذف التنوين فلالتقاء الساكنين أَيضاً.
وأَما قول الله تعالى: هو الله، فهو كناية عن ذكر الله المعلوم قبل نزول القرآن؛ المعنى: الذي سأَلتم تبيين نسبه هو الله، وأَحد مرفوع على معنى هو الله أَحد، وروي في التفسير: أَن المشركين قالوا للنبي، صلى الله عليه وسلم: انْسُبْ لنا ربَّك، فأَنزل الله عز وجل: قل هو الله أَحد الله الصمد.
قال الأَزهري: وليس معناه أَنّ لله نَسَباً انْتَسَبَ إِليه ولكن معناه نفي النسب عن اللهِ تعالى الواحدِ، لأَن الأَنْسابَ إِنما تكون للمخلوقين، والله تعالى صفته أَنه لم يلد ولداً ينسب إِليه، ولم يولد فينتسب إِلى ولد، ولم يكن له مثل ولا يكون فيشبه به تعالى الله عن افتراء المفترين، وتقدَّس عن إِلحادِ المشركين، وسبحانه عما يقول الظالمون والجاحدون علوّاً كبيراً. قال الأَزهري: والواحد من صفات الله تعالى، معناه أَنه لا ثاني له، ويجوز أَن ينعت الشيء بأَنه واحد، فأَما أَحَد فلا ينعت به غير الله تعالى لخلوص هذا الاسم الشريف له، جل ثناؤه. وتقول: أَحَّدْتُ الله تعالى ووحَّدْته، وهو الواحدُ الأَحَد. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال لرجل ذَكَرَ اللَّهَ وأَومَأَ بإِصْبَعَيْهِ فقال له: أَحِّدْ أَحِّدْ أَي أَشِرْ بِإِصْبَعٍ واحدة. قال: وأَما قول الناس: تَوَحَّدَ الله بالأَمر وتفرّد، فإِنه وإِن كان صحيحاً فإِني لا أُحِبُّ أَن أَلْفِظَ به في صفة الله تعالى في المعنى إِلا بما وصف به نفسه في التنزيل أَو في السُّنَّة، ولم أَجد المُتَوَحِّدَ في صفاته ولا المُتَفَرِّدَ، وإِنما نَنْتَهِي في صفاته إِلى ما وصف به نفسه ولا نُجاوِزُه إِلى غيره لمَجَازه في العربية. وفي الحديث: أَن الله تعالى لم يرض بالوَحْدانيَّةِ لأَحَدٍ غيره، شَرُّ أُمَّتي الوَحْدانيُّ المُعْجِبُ بدينه المُرائي بعَمَلِه، يريد بالوحْدانيِّ المُفارِقَ للجماعة المُنْفَرِدَ بنفسه، وهو منسوب إِلى الوَحْدةِ والانفرادِ، بزيادة الأَلف والنون للمبالغة.
والمِيحادُ: من الواحدِ كالمِعْشارِ، وهو جزء واحد كما أَن المِعْشارَ عُشْرٌ، والمَواحِيدُ جماعة المِيحادِ؛ لو رأَيت أَكَماتٍ مُنْفَرِداتٍ كل واحدة بائنة من الأُخرى كانت مِيحاداً ومواحِيدَ. والمِيحادُ: الأَكمة المُفْرَدةُ. وذلك أَمر لَسْتُ فيه بأَوْحَد أَي لا أُخَصُّ به؛ وفي التهذيب: أَي لست على حِدةٍ. وفلانٌ واحِدُ دَهْرِه أَي لا نَظِيرَ له. وأَوحَدَه اللَّهُ: جعله واحد زمانه؛ وفلانٌ أَوْحَدُ أَهل زمانه وفي حديث عائشة تصف عمر، رضي الله تعالى عنهما: للهِ أُمٌّ حَفَلَتْ عليه ودَرَّتْ، لقد أَوْحَدَت به أَي ولَدَتْه وحِيداً فَرِيداً لا نظير له، والجمع أُحْدان مثل أَسْوَدَ وسُودان؛ قال الكميت:

فباكَرَه، والشمسُ لم يَبْدُ قَرْنُها،

 

بِأُحْدانِه المُسْتَوْلِغاتِ، المُكَلِّبُ

يعني كلابَه التي لا مثلها كلاب أَي هي واحدة الكلاب. الجوهري: ويقال: لست في هذا الأَمر بأَوْحَد ولا يقال للأُنثى وَحْداء. ويقال: أَعْطِ كل واحد منهم على حِدَة أَي على حِيالِه، والهاء عِوَضٌ من الواو كما قلنا.
أَبو زيد: يقال: اقتضيت كل درهم على وَحْدِه وعلى حِدته. تقول: فعل ذلك من ذاتِ حدته ومن ذي حدته بمعنى واحد. وتَوَحَّده الله بعِصْمته أَي عَصَمه ولم يَكِلْه إِلى غيره. وأَوْحَدَتِ الشاةُ فهي مُوحِدٌ أَي وَضَعَتْ واحِداً مثل أَفَذَّتْ. ويقال: أَحَدْتُ إِليه أَي عَهِدْتُ إِليه؛ وأَنشد الفراء:

سارَ الأَحِبَّةُ بالأَحْدِ الذي أَحَدُوا

يريد بالعَهْدِ الذي عَهِدُوا؛ وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال في قوله:

لقدْ بَهَرْتَ فما تَخْفَى على أَحَدٍ

قال: أَقام أَحداً مقام ما أَو شيءٍ وليس أَحد من الإِنس ولا من الجن، ولا يتكَلَّمُ بأَحَد إِلا في قولك ما رأَيت أَحداً، قال ذلك أَو تكلم بذلك من الجن والإِنس والملائكة. وإِن كان النفي في غيرهم قلت: ما رأَيت شيئاً يَعْدِلُ هذا وما رأَيت ما يعدل هذا، ثم العَربُ تدخل شيئاً على أَحد وأَحداً على شيء. قال الله تعالى: وإِن فاتكم شيء من أَزواجكم وقرأَ ابن مسعود: وإن فاتكم أَحد من أَزواجكم؛ وقال الشاعر:

وقالتْ: فلَوْ شَيءٌ أَتانا رَسُوله

 

سِواكَ، ولكنْ لم نَجِدْ لكَ مَدْفَعا

أَقام شيئاً مقام أَحَدٍ أَي ليس أَحَدٌ مَعْدُولاً بك. ابن سيده: وفلان لا واحد له أَي لا نظير له. ولا يقوم بهذا الأَمرِ إِلا ابن إِحداها أَي كريم الآباءِ والأُمهاتِ من الرجال والإِبل؛ وقال أَبو زيد: لا يقوم بهذا الأَمرِ إِلا ابن إِحداها أَي الكريم من الرجال؛ وفي النوادر: لا يستطيعها إِلا ابن إِحْداتها يعني إِلا ابن واحدة منها؛ قال ابن سيده وقوله:

حتى اسْتثارُوا بيَ إِحْدَى الإِحَدِ،

 

لَيْثاً هِزَبْراً ذا سِلاحٍ مُعْتَـدِي

فسره ابن الأَعرابي بأَنه واحد لا مثل له؛ يقال: هذا إِحْدَى الإِحَدِ وأَحَدُ الأَحَدِين وواحِدُ الآحادِ. وسئل سفيان الثوري عن سفيان بن عيينة قال: ذلك أَحَدُ الأَحَدِين؛ قال أَبو الهيثم: هذا أَبلغ المدح. قال: وأَلف الأَحَد مقطوعة وكذلك إِحدى، وتصغير أَحَد أُحَيْدٌ وتصغير إِحْدَى أُحَيدَى، وثبوت الأَلِف في أَحَد وإِحْدى دليل على أَنها مقطوعة، وأَما أَلِف اثْنا واثْنَتا فأَلِف وصل، وتصغير اثْنا ثُنَيَّا وتصغير اثْنَتا ثُنَيَّتا.
وإِحْدَى بناتِ طَبَقٍ: الدّاهِيةُ، وقيل: الحَيَّةُ سميت بذلك لِتَلَوِّيها حتى تصير كالطَّبَق.
وبَنُو الوَحَدِ: قوم من بني تَغْلِب؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ قال وقوله:

فَلَوْ كُنتُمُ مِنَّا أَخَذْنا بأَخْذِكم،

 

ولكِنَّها الأَوْحادُ أَسْفَلُ سافِلِ

أَراد بني الوَحَد من بني تَغْلِبَ، جعل كل واحد منهم أَحَداً. وقوله: أَخَذْنا بأَخْذِكم أَي أَدْرَكْنا إِبلكم فرددناها عليكم.
قال الجوهري: وبَنُو الوَحِيدِ بطْنٌ من العرب من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صَعْصَعةَ.
والوَحِيدُ: موضع بعينه؛ عن كراع. والوحيد: نَقاً من أَنْقاء الدَّهْناءِ؛ قال الراعي:

مَهارِيسُ، لاقَتْ بالوَحِيدِ سَحـابة

 

إِلى أُمُلِ الغَرّافِ ذاتِ السَّلاسِلِ

والوُحْدانُ: رِمال منقطعة؛ قال الراعي:

حتى إذا هَبَطَ الوُحْدانُ، وانْكَشَفَتْ

 

مِنْه سَلاسِلُ رَمْلٍ بَيْنَهـا رُبَـدُ

 وقيل: الوُحْدانُ اسم أَرض. والوَحِيدانِ: ماءانِ في بلاد قَيْس معروفان. قال: وآلُ الوَحِيدِ حيٌّ من بني عامر. وفي حديث بلال: أَنه رَأَى أُبَيَّ بنَ خَلَفٍ يقول يوم بدر: يا حَدْراها؛ قال أَبو عبيد: يقول هل أَحد رأَى مثل هذا؟ وقوله عز وجل: إِنما أَعظُكم بواحدة هي هذه أَنْ تقوموا لله مَثْنَى وفُرادَى؛ وقيل: أَعظُكم أَنْ تُوَحِّدُوا الله تعالى. وقوله: ذَرْني ومَن خَلَقْتُ وحِيداً؛ أَي لم يَشْرَكْني في خلقه أَحَدٌ، ويكون وحيداً من صفة المخلوق أَي ومَنْ خَلَقْتُ وحْدَه لا مال له ولا وَلد ثم جَعَلْت له مالاً وبنين. وقوله: لَسْتُنَّ كأَحَد من النساءِ، لم يقل كَواحِدة لأَن أَحداً نفي عام للمذكر والمؤنث والواحد والجماعة.

وحر

الوَحَرَةُ: وزَغَة تكون في الصَّحاري أَصغرُ من العِظاءَةِ، وهي على شكل سامِّ أَبْرَصَ، وفي التهذيب: وهي لف سوامّ أَبرص خلقةً، وجمعها وَحَرٌ. غيره: والوَحَرَة ضرب من العظاءِ، وهي صغيرة حمراء تعدو في الجَبابِينِ لها ذنب دقيق تَمْصَعُ به إذا عَدَتْ، وهي أَخبث العظاء لا تطأُ طعاماً ولا شراباً إِلا شمته، ولا يأْكله أَحد إِلاَّ دَقِيَ بطنُه وأَخذه قَيْءٌ وربما هلك آكله؛ قال الأَزهري: وقد رأَيت الوَحَرَةَ في البادية وخِلقتها خلقة الوَزَغ إِلا أَنها بيضاء منقطة بحمرة، وهي قذرة عند العرب لا تأْكلها. الجوهري: الوحرة، بالتحريك، دويبة حمراء تلتزق بالأَرض كالعظاء. وفي حديث الملاعنة: إِن جاءَت به أَحمر قصيراً مثل الوَحَرَةِ فقد كذب عليها؛ هو بالتحريك ما ذكرناه.
ووَحِرَ الرجلُ وَحَراً: أَكل ما دَبَّتْ عليه الوَحَرَةُ أَو شربه فأَثر فيه سَمُّها. ولَبَنٌ وَحِرٌ: وقعت فيه الوَحَرَةُ. ولحم وَحِرٌ: دَبَّ عليه الوَحَرُ. قال أَبو عمرو: الوَحَرَةُ إذا دبت على اللحم أَوْحَرَتْه، وإِيحارها إِياه أَن يأْخذَ آكلَه القيءُ والمَشِيُّ. وقال أَعرابي: من أَكل الوَحَرَة، فأُمّه منتحرة، بغائط ذي جحرة. وامرأَة وَحَرةٌ: سوداء دَميمة، وقيل حمراء. والوَحَرَةُ من الإِبل: القصيرة. ابن شميل: الوَحَرُ أَشدّ الغضْب. يقال: إِنه لوَحِرٌ عَليَّ؛ قال ابن أَحمر:

هل في صُدُورهمُ من ظُلْمنا وَحَرُ؟

الوَحَرُ: الغيظ والحِقْدُ وبَلابِلُ الصدر ووساوسه،والوَحَرُ في الصدر مثل الغِلّ. وفي الحديث: الصومُ يَذْهَبُ بوَحَرِ الصُّدور، وهو بالتحريك: غِشُّه ووساوسه، وقيل: الحقد والغيظ، وقيل: العداوة. وفي الحديث: من سَرَّه أَن يذهب كثيرٌ من وَحَرِ صدرِه فَلْيَصُمْ شهرَ الصَّبْر وثلاثةَ أَيام من كل شهر؛ قال الكسائي والأَصمعي في قوله وَحِرَ صدرُه: الوَحَرُ غش الصدر وبلابله. ويقال: إِن أَصل هذا من الدُّوَيْبَّة التي يقال لها الوَحَرَةُ، شبهت العداوة والغلّ ها، شبهوا العداوة ولزوقها بالصدر بالتزاق الوَحَرَةِ بالأَرض. وفي صدره وَحَرٌ ووَحْرٌ أَي وَغْرٌ من غيظ وحقد. وقد وَحِرَ صدره عليّ يَحِرُ وَحَراً، ويَوْحَرُ أَعلى، أَي وَغِرَ، فهو وَحِرٌ. وفي صدره وَحْرٌ، بالتسكين، أَي وَغْرٌ، وهو اسم والمصدر بالتحريك.

وحش

الوَحْش: كلُّ شيء من جواب البَرّ مما لا يَسْتأْنس مُؤنث، وهو وَحْشِيّ، والجمع وُحُوشٌ لا يُكسّر على غير ذلك؛ حمارٌ وحْشَيٌّ وثورٌ وَحْشِيٌّ كلاهما منسوب إِلى الوَحْشِ. ويقال: حمارُ وَحْشٍ بالإِضافة وحمارٌ وحْشِيٌّ. ابن شميل: يقال للواحد من الوحْشِ هذا وحْشٌ ضَخْم وهذه شاةٌ وَحْش، والجماعة هي الوَحْشُ والوُحُوش والوَحِيش؛ قال أَبو النجم:

أَمْسى يَبَاباً، والنَّعامُ نَعَـمُـهْ

 

قَفْراً، وآجَالُ الوَحِيشِ غَنَمُهْ

وهذا مثل ضائِنِ وضَئينٍ. وكل شيء يسْتَوْحِشُ عن الناس، فهو وَحْشِيّ؛ وكل شيء لا يَسْتَأْنس بالناس وَحْشِيٌّ. قال بعضهم: إذا أَقبل الليلُ استأْنس كلُّ وَحْشِيٍّ واسْتَوْحَش كل إِنْسِيّ.
والوَحْشةُ: الفَرَقُ من الخَلْوة. يقال: أَخذَتْه وَحْشةٌ. وأَرض مَوْحُوشةٌ: كثيرة الوَحْشِ. واسْتَوْحَشَ منه: لم يَأْنَسْ به فكان كالوَحْشيّ؛ وقول أَبي كبير الهذلي:

ولقد عَدَوْتُ وصاحِبي وَحْشِـيّةٌ

 

تحتَ الرِّداء، بَصِيرةٌ بالمُشْرِف

قيل: عَنى بوَحْشِيّة رِيحاً تدخل تحت ثيابه، وقوله بَصِيرة بالمُشْرف يعني الرِّيحَ أَي من أَشْرَفَ لها أَصابته، والرِّداءُ السَّيفُ. وفي حديث النجاشي: فنَفَخَ في إِحْلِيل عُمارَةَ فاسْتَوْحَشَ أَي سُحِرَ حتى جُنَّ فصار يَعْدُو مَع الوَحْشِ في البَرِّية حتى مات، وفي رواية: فطارَ مع الوَحْشِ. ومكانٌ وَحْشٌ: خالٍ، وأَرض وَحْشةٌ، بالتسكين، أَي قَفْرٌ.
وأَوْحَشَ المكانُ من أَهله وتوَحّشَ: خَلا وذهبَ عنه الناسُ. ويقال للمكان الذي ذهب عنه الناسُ: قد أَوْحَشَ، وطَلَلٌ مُوحِشٌ؛ وأَنشد:

لِسَلْمى مُوحِشاً طَلَلُ

 

يَلُوح كأَنه خِلَـلُ

وهذا البيت أَورده الجوهري فقال: لِمَيّةَ موحشاً؛ وقال ابن بري: البيت لكُيَيّر، قال وصواب إِنشاده: لِعَزَّةَ موحشاً، وأَوْحَشَ المكانَ: وجَدَه وحْشاً خالياً. وتوَحَّشَت الأَرضُ: صارت وحْشةً؛ وأَنشد الأَصمعي لعبّاس بن مِرْداس:

لأَسْماءَ رَسْمٌ أَصْبَحَ اليومَ دارِسا

 

وأَوْحَشَ منها رَحْرَحانَ فراكِسا

ويروى:

وأَقْفَر إِلاَّ رَحْرَحانَ فراكِسا

ورَحْرَحانُ وراكِس: موضعان. وفي الحديث: لا تَحْقِرَنَّ شيئاً من المعروف ولو أَن تُؤْنِسَ الوَحْشانَ؛ الوَحْشانُ: المُغْتَمُّ. وقومٌ وَحاشَى: وهو فَعْلانُ من الوَحْشة ضدّ الأُنْس. والوَحْشةُ: الخَلْوة والهَمُّ.
وأَوْحَشَ المكانُ إذا صارَ وَحْشاً، وكذلك توحّشَ، وقد أَوْحَشْت الرجلَ فاسْتَوْحَشَ. وفي حديث عبد اللَّه: أَنه كان يَمْشِي مع رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، في الأَرضِ وَحْشاً أَي وحْدَه ليس معه غيره. وفي حديث فاطمة بنت قيس: أَنها كانت في مكانٍ وحْشٍ فخِيفَ على ناحِيتها أَي خَلاءٍ لا ساكنَ به. وفي حديث المدينة: فيَجدانه وَحْشاً. وفي حديث ابن المسيب وسئل عن المرأَة: هي في وَحْشٍ من الأَرض. ولَقِيَه بوَحْشِ إِصْمِتَ وإِصْمِتَةَ، ومعناه كمعنى الأَول، أَي ببلد قَفْر. وتركته بوَحْشِ المَتْنِ أَي بحيث لا يُقْدر عليه، ثم فسّر المَتْنَ فقال: وهو المتنُ من الأَرض وكلُّه من الخَلاء.
وبلادٌ حِشُون: قَفْرةٌ خالية؛ وأَنشد:

منازلُها حِشُونا

على قياس سِنُونَ وفي موضع النصب والجرّ حِشِينَ مثل سِنِينَ؛ وأَنشد:

فأَمْسَتْ بَعْدَ ساكِنها حِشِينَا

قال أَبو منصور: حِشُون جمعُ حِشَةٍ وهو من الأَسماء الناقصة، وأَصلُها وِحْشةٌ فنُقِصَ منها الواوُ كما نَقَصُوها من زِنَةٍ وصِلَةٍ وعِدَة، ثم جَمَعُوها على حِشِينَ كما قالوا عِزِينَ وعِضِينَ من الأَسماء الناقصة.
وباتَ وَحْشاً ووَحِشاً أَي جائعاً لم يأْكل شيئاً فخلا جَوفُه، والجمع أَوْحاشٌ. والوَحْشُ والمُوحِشُ: الجائعُ من الناس وغيرهم لخُلُوِّهِ من الطعام. وتوَحَّشَ جوفُه: خَلا من الطعام. ويقال: تَوَحَّشْ للدَّواء أَي أَخْل جوفَك له من الطعام. وتوَحَّشَ فلان للدَّواء إذا أَخلى مَعِدَتَه ليكون أَسْهَلَ لخروج الفُضول من عُروقه. والتوَحُّشُ للدواء.
الخُلُوُّ له. ويقال للجائع الخالي البطن: قد توَحَّشَ. أَبو زيد: رجل مُوحِشٌ ووحْشٌ ووحِشٌ وهو الجائع من قوم أَوْحاشٍ. ويقال: بات وَحْشاً ووَحِشاً أَي جائعاً. وأَوْحَشَ الرجلُ: جاعَ. وبِتْنا أَوْحاشاً أَي جِياعاً. وقد أَوْحَشْنا مُذْ لَيْلَتانِ أَي نِفِدَ زادُنا؛ قال حُمَيد يصف ذئباً:

وإِن بات وحْشاً لَيْلةً لم يَضِقْ بهـا

 

ذِراعاً، ولم يُصْبِحْ بها وهو خاشِعُ

وفي الحديث: لقد بِتْنا وَحْشِينَ ما لنا طعام. يقال: رجل وَحْشٌ، بالسكون، من قوم أَوْحاشٍ إذا كان جائعاً لا طعام له؛ وقد أَوْحَشَ إذا جاع.
قال ابن الأَثير: وجاء في رواية الترمذي: لقد بِتْنا لَيْلتَنا هذه وَحْشى، كأَنه أَراد جماعةَ وحْشِيٍّ؛ والوَحْشِيُّ والإِنْسِيُّ: شِقَّا كلِّ شيء. ووَحْشِيُّ كلِّ شيء: شِقُّه الأَيْسَرُ، وإِنْسِيُّه شِقُّه الأَيْمنُ، وقد قيل بخلاف ذلك. الجوهري: والوَحْشِيُّ الجانبُ الأَيْمن من كل شيء؛ هذا قول أَبي زيد وأَبي عمرو؛ قال عنترة:

وكأَنما تَنْأَى بجانب دَفّـهـا ال

 

وَحْشِيّ من هَزَجِ العَشِيّ مُؤوَّم

وإِنما تَنْأَى بالجانب الوَحْشِيّ لأَنَّ سوطَ الراكب في يده اليمنى؛ وقال الراعي:  

فمالَتْ على شِقِّ وَحْشِيِّها

 

وقدْ رِيعَ جانِبُها الأَيْسَرُ

ويقال: ليس من شيء يَفْزَع إِلا مال على جانبه الأَيمن لأَن الدابة لا تؤْتى من جانبها الأَيْمَن وإِنما تُؤْتى في الاحْتِلاب والركُوبِ من جانبها الأَيْسر، فإِنما خَوْقُه منه، والخائف إِنما يَفِرّ من موضع المخافة إِلى موضع الأَمْن. والأَصمعي يقول: الوحْشِيُّ الجانبُ الأَيْسرُ من كل شيء. وقال بعضهم: إِنْسِيُّ القَدَمِ ما أَقْبَلَ منها على القدم الأُخرى، ووَحْشِيُّها ما خالفَ إِنْسِيَّها. ووَحْشِيُّ القَوْسِ الأَعْجمِيّةِ: ظَهرُها، وإِنْسِيُّها: بَطنُها المُقْدِمُ عليك، وفي الصحاح: وإِنْسِيُّها ما أَقْبَل عليك منها، وكذلك وَحْشِيُّ اليدِ والرجْل وإِنْسِيُّهما، وقيل: وحْشِيُّها الجانبُ الذي لا يقع عليه السَّهمُ، لم يَخُصَّ بذلك أَعْجميّةٌ من غيرها. ووَحْشِيُّ كلِّ دابة: شِقَّه الأَيمن، وإِنْسِيُّه: شقُّه الأَيسر. قال الأَزهري: جوّدَ الليثُ في هذا التفسير في الوَحْشِيّ والإِنْسِيّ ووافَقَ قولُه قول الأَئمة المُتْقِنِينَ. ورُوي عن المفضل وعن الأَصمعي وعن أَبي عبيدة قالوا كلُّهم: الوَحْشِيُّ من جميع الحيوان ليس الإِنسان، هو الجانبُ الذي لا يُحْلَب منه ولا يُرْكَبُ، والإِنسيُّ الجانبُ الذي يَرْكَب منه الراكب ويَحْلُب منه الحالب. قال أَبو العباس: واختلف الناس فيهما من الإِنسان، فبعضهم يُلْحِقه في الخيل والدواب والإِبل، وبعضهم فرّق بينهما فقال: الوَحْشِيّ ما وَليَ الكتِفَ، والإِنْسِيُّ ما وَليَ الإِبْطَ، قال: هذا هو الاختيار ليكون فرقاً بين بني آدم وسائرٍ الحيوان؛ وقيل: الوَحْشِيُّ من الدابة ما يَرْكب منه الراكبُ ويَحْتَلِبُ منه الحالبُ، وإِنما قالوا: فَجالَ على وَحْشِيّه وانْصاعَ جانبُه الوَحْشِيُّ لأَنه لا يؤْتى في الركوب والحلب والمُعالجة وكلِّ شيء إِلا منه فإِنما خوْفُه منه، والإِنْسِيُّ الجانبُ الآخر؛ وقيل: الوحشي الذي لا يُقدَر على أَخذ الدابة إذا أَفْلَتت منه وإِنما يؤخذ من الإِنْسِيّ، وهو الجانب الذي تُرْكب منه الدابة. وقال ابن الأَعرابي: الجانب الوَحِيشُ كالوَحْشِيّ؛ وأَنشد:

بأَقدامِنا عن جارِنا أَجـنَـبِـيّة

 

حَياء، وللمُهْدى إِلـيه طَـريقُ

لِجارتِنا الشِّقُّ الوَحِيشُ، ولا يُرى

 

لِجارتِنـا مـنّـا أَخٌ وصـديقُ

وتَوَحَّشَ الرجلُ: رَمى بثوبه أَو بما كان. ووَحَشَ بِثَوْبه وبسيفه وبرُمْحه، خَفِيف: رَمى؛ عن ابن الأَعرابي، قال: والناسُ يقولون وَحَّشَ، مُشَدَّداً، وقال مرّة: وحَشَ بثوبه وبدِرْعه ووَحَّش، مخفف ومثقَّل، خافَ أَن يُدْرَك فرَمى به ليُخَفِّفَ عن دابته. قال الأَزهري: ورأَيت في كتابٍ أَن أَبا النجم وَحَّشَ بثيابه وارْتَدَّ يُنْشِد أَي رَمى بثيابه.
وفي الحديث: كانَ بين الأَوْس والخَزْرج قِتال فجاء النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، فلما رآهم نادى: أَيُّها الناسُ، اتَّقوا اللَّه حق تُقاتِه الآيات فوَحَّشُوا بأَسْلحتهم واعْتَنَق بعضُهم بعضاً أَي رَمَوْها؛ قالت أُم عمرو بنت وَقْدانَ:

إِن أَنتُمُ لم تَطْلُبـوا بـأَخِـيكُـم

 

فذَرُوا السِّلاحَ وَوَحِّشُوا بالأَبْرَقِ

وفي حديث عليّ، رضي اللَّه عنه: أَنه لَقي الخوارجَ فوَحَّشُوا برِماحِهم واستَلّوا السيوف؛ ومنه الحديث: كان لرسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، خاتم من حديد فَوَحَّشَ به بين ظَهْرانَيْ أَصحابهِ فَوحّشَ الناسُ بخواتيمهم، وفي الحديث: أَتاه سائلٌ فأَعطاه تمرةً تَوَحَّشَ بها. والوحشي من التِّين: ما نَبَت في الجبال وشَواحِط الأَوْدية، ويكون من كل لون: أَسود وأَحمر وأَبيض، وهو أَصغر التين، وإِذا أَكل جَنِيّاً أَحْرق الفم، ويُزَبَّبُ؛ كل ذلك عن أَبي حنيفة.
ووَحْشِيٌّ: اسم رجل، ووَحْشِيَّةُ: اسم امرأَة؛ قال الوَقَّافُ أَو المرّار الفقعسي:

إِذا تَرَكَتْ وَحْشِيَةُ النَّجْدَ لم يكن

 

لِعَيْنَيك، مما تَشْكُوانِ، طَبِيبُ

والوَحْشةُ: الخَلْوةُ والهَمُّ، وقد أَوْحَشْت الرجلَ فاسْتَوْحَشَ.

وحص

ابن الأَعرابي: الوَحْصُ البَثْرةُ تخرج في وجه الجارية المَلِيحة.
 ووَحَصَه وَحْصاً: سَحَبَه؛ يمانية. قال ابن السكيت: سمعت غير واحد من الكلابيين يقول: أَصْبَحَت وليس بها وَحْصَة أَي بَرْدٌ يعني البلاد والأَيامَ، والحاء غير معجمة. الأَزهري: قال ابن السكيت أَصْبَحَتْ وليس بها وَحْصَة ولا وَذْية، قال الأَزهري: معناه ليس بها عِلَّة.

وحف

الأَزهري: الوحْف الشعر الأَسود، ومن النبات الرَّيّان. وعُشب وحْف وواحِف أَي كثير. وشعر وحْف أَي كثير حسَن، ووحَفٌ أَيضاً، بالتحريك.
وفي حديث ابن أُنَيْس: تَناهى وحْفُها، هو من الشعر الوحف. ابن سيده: الوحف من النبات والشعر ما غَزُر وأَثَّتْ أُصوله واسودّ، وقد وحِفَ ووَحُف يَوْحَف وَحافة ووُحُوفة، والواحِفُ كالوحْف؛ قال ذو الرمة:

تَمادَتْ على رَغْمِ المَهاري، وأَبْرَقَتْ

 

بأَصْفَرَ مثل الوَرْسِ في واحِفِ جَثْلِ

والوَحْفاء: الأَرض السَّوداء، وقيل: الحَمراء، والجمع وَحافى.
والوَحْفةُ: أَرض مُستديرةٌ مُرْتفِعة سوداء، والجمع وِحافٌ. والوَحْفةُ: صخرة في بطن وادٍ أَو سَنَدٍ ناتئة في موضعها سوداء، وجمعها وِحاف؛ قال:

دَعَتْها التَّناهي برَوْضِ القَطا

 

فنَعْفِ الوِحافِ إلى جُلْجُلِ

والوَحْفاء: الحَمراء من الأَرض، والمَسْحاء: السوداء. وقال بعضهم: الوَحْفاء السوداء، والمسحاء الحمراء. والصخر السوداء وحْفة. أَبو خيرة: الوَحْفة القارةُ مثل القُنَّة غبراء وحمراء تضرب إلى السواد. والوِحافُ: جِماعُه؛ قال رؤبة:

وعَهْد أَطْلالٍ، بوادي الرَّضْمِ

 

غَيَّرها بين الوِحافِ السُّحْمِ

وقال أَبو عمرو: الوِحافُ ما بين الأَرضين ما وصل بعضَها بعضاً؛ وأَنشد للبيد:

منها وِحافُ القَهْرِ أَو طِلْحامُها

والوَحْفاء من الأَرض: فيها حجارة سود وليست بحرّة، وجمعها وحافَى.
ومَواحِفُ الإبل: مبارِكها. وزُبْدة وحْفةٌ: رقيقة، وقيل: هو إذا احترق اللبن ورقَّت الزبدة، والمعروف رَخْفة. والوحْفةُ: الصوت.
ويقال: وَحَف الرَّجلُ ووحَّف تَوْحِيفاً إذا ضرب بنفسه الأَرض، وكذلك البعير. ووحَف فلان إلى فلان إذا قصده ونزل به؛ وأَنشد:

لا يَتَّقي اللّه في ضَيْفٍ إذا وَحَفا

ووحَفَ وأَوحَفَ ووحَّف وأَوحف كله إذا أَسْرَعَ. ووحَف إليه وحْفاً: جلَس، وقيل: دَنا. ووحَف الرجلُ والليلُ: تَدانَيا؛ عن ابن الأَعرابي.
ووحَف إليه: جاءه وغَشِيَه؛ عنه أَيضاً؛ وأَنشد:

لمَّا تآزَيْنا إلى دِفء الكُنُـفْ

 

أَقبلَتِ الخودُ إلى الزّاد تَحِفْ

ووحَف البعيرُ والرجل بنفسه وحْفاً: رَمَى.
والمَوْحِف: المكان الذي تَبْرُك فيه الإبل. وناقة مِيحاف إذا كانت لا تفارق مَبْرَكها، وإبل مواحِيف. ومَوْحِف الإبل: مبركها. والمَوْحِف: موضع، وكذلك وِحافٌ وواحف. والوحْف: الجناح الكثير الريش؛ ووِحافُ القَهْرِ: موضع، وهو في شعر لبيد في قوله:

فصُوائق إن ألينت فـمِـظَـنَّةٌ

 

منها وحاف القهر أَو طلخامها

والمُوَحَّف: البعير المَهْزول؛ قال الراجز:

جَوْنٍ تَرى فيه الجِبال خُشَّفا

 

كما رأَيتَ الشارِفَ المُوَحَّفا

ووحْفةُ: فرس عُلاثةَ بن الجُلاس الحَنظلي؛ وفيه يقول:

ما زِلْتُ أَرْميهم بوحْفةَ ناصِبا

والتوْحِيفُ: الضرب بالعصا.

وحل

الوَحَل، بالتحريك: الطينُ الرَّقيق الذي ترتَطِمُ فيه الدوابّ، والوَحْل، بالتسكين، لغة رديَّة، والجمع أَوْحالٌ ووُحُولٌ. والمَوْحَل بالفتح المصدر، وبالكسر المكان.
واسْتَوْحَل المكان: صار فيه الوَحَل.
ووَحِل، بالكسر، يَوْحَل وَحَلاً، فهو وَحِلٌ: وقع في الوَحَل؛ قال لبيد:

فَتَوَلَّوْا فاتِـراً مَـشْـيُهُـمُ

 

كَرَوايا الطِّبْعِ هَمَّتْ بالوَحَلْ

وأَوْحَله غيرُه إذا أَوقعَه فيه. وفي حديث سُراقة: فوَحِل بي فَرَسي وإِنني لَفي جَلَدٍ من الأَرض أَي أَوقعني في الوَحَل؛ يريد كأَنه يسِير بي في طِينٍ وأَنا في صُلْب من الأَرض. وفي حديث أَسْرِ عُقْبة بن أَبي مُعَيْط: فوَحِل به فرسُه في جَدَدٍ من الأَرض، والجَدَدُ: ما استوى من الأَرض. وواحَلَني فوحَلته أَحِلُه: كنتُ أَخْوَضَ للوَحَل منه، وواحَلَه فوَحَلَه. والمَوْحِل: الموضع الذي فيه الوَحَل؛ قال المتنخل الهُذلي:  

فأَصْبَحَ العِينُ رُكوداً علـى ال

 

أَوْشاذِ أَن يَرْسَخْنَ في المَوْحَلِ

يروى بالفتح والكسر من المصدر والمكان، يقول: وقفتْ بقَرُ الوَحْش على الرَّوابي مَخافة الوَحَل لكثرة الأَمطار. وأَوْحَل فلانٌ فلاناً شرّاً: أَثقله به. ومَوْحَل: موضع؛ قال: من قُلَلِ الشِّحْرِ فجَنْبَيْ مَوْحَل

وحم

وَحِمَت المرأَة تَوْحَم وَحَماً إذا اشتَهت شيئاً على حَبَلِها، وهي تَحِمُ، والاسم الوِحامُ والوَحام، وليس الوِحامُ إِلا في شَهْوة الحَبَل خاصَّة. وقد وَحَّمْناها تَوْحيماً: أَطْعَمناها ما تَشْتهيه. ويقال أَيضاً: وحَّمْنا لها أَي ذَبَحنا. وامرأَة وَحْمَى: بيِّنة الوِحامِ. وفي المثل في الشَّهْوان: وحْمَى ولا حَبَل أَي أَنه لا يُذْكر له شيءٌ إِلا اشتهاه. وفي حديث المَوْلِد: فجعلَتْ آمنةُ أُمُّ النبي، صلى الله عليه وسلم، تَوْحَمُ أَي تَشْتهي اشْتِهاءَ الحامِل.
وقال أَو عبيدة: في المثل وَحْمَى فأَمّا حَبَل فلا؛ يقال ذلك لمن يطلب ما لا حاجة له فيه من حِرْصِه لأَن الوَحْمى التي تَوْحَمُ فتشتهي كلَّ شيء على حبَلِها، فيقال هذا يشتهي كما تشتهي الحُبْلى وليس به حَبَلٌ، قال: وقيل لِحُبْلى ما تشتهي؛ فقالت: التمرةَ وواهاً بِيَهْ وأَنا وَحْمى للدِّكَة أَي للوَدَك؛ الوَحَمُ: شدَّةُ شهوةِ الحُبْلى لشيءٍ تأْكله، ثم يقال لكل مَن أَفْرَطَت شهوتُه في شيء: قد وَحِمَ يَوْحَمُ وَحَماً ونسوةٌ وِحامٌ ووَحامَى. والوِحامُ من الدوابِّ: أَن تَسْتَصعِب عند الحَمْل، وقد وَحِمَت، بالكسر، قال: والوَحَمُ في الدَّوابّ إذا حَملَت واستَعْصتْ؛ وأَنشد:

قد رابَه عِصْيانُها ووِحامُها

التهذيب: أَما قول الليث الوِحامُ في الدوابّ استعصاؤُها إذا حمَلتْ فهو غلَطٌ وإِنما غَرَّه قولُ لبيد يصف عَيْراً وأُتُنَه:

قد رابه عصيانها ووحامها

يظن أَنه لما عطف قولَه ووِحامُها على عصيانُها أَنهما شيءٌ واحد، والمعنى في قوله وِحامُها شهوةُ الأُتُنِ للعَير، أَراد أَنها تَرْمَحُه مرَّةً وتستعصي عليه مع شهوتها لضِرابِه إِياها، فقد رابَه ذلك منها حين أَظهرت شيئين متضادَّين. والوَحَمُ: اسمُ الشيء المُشتَهى؛ قال:

أَزمان لَيلى عامَ لَيلى وَحَمِي

أَي شَهْوتي كما يكون الشيء شهوةَ الحُبْلى، لا تُريدُ غيرَه ولا تَرْضى منه ببدَلٍ، فجعل شهوته للِّقاء لَيلاً وَحَماً، وأَصلُ الوَحَمِ للحُبْلى. ووَحَّم المرأَةَ ووَحَّمَ لها: ذبَح لها ما تَشهَّت. والوَحَمُ: شهوةُ النكاح؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

كتَمَ الحُبَّ فأَخْفاه، كـمـا

 

تَكْتُم البِكْرُ من الناسِ الوَحَمْ

وقيل: الوَحَمُ الشهوةُ في كل شيء. ووَحَمْتُ وَحْمَه: قصدتُ قصدَه.
والتَّوْحِيمُ: أَن يَنْطُفَ الماءُ من عُودِ النَّوامي إذا كُسِرَ.
ويومٌ وَحيمٌ: حارٌّ؛ عن كراع.

وحن

الحِنَةُ: الحِقْدُ. وَحَنَ عليه حِنَةً: مثل وَعَدَ عِدَةً، وقال اللحياني: وَحِنَ عليهم، بالكسر، حِنةً كذلك.
التهذيب: ابن الأَعرابي التَّوَحُّنُ عِظَم البطن، والتَّحَوُّنُ الذُّل والهلاك، والوَحْنةُ الطين المُزْلقُ.

وحي

الوَحْيُ: الإِشارة والكتابة والرِّسالة والإِلْهام والكلام الخَفِيُّ وكلُّ ما أَلقيته إِلى غيرك. يقال: وحَيْتُ إِليه الكلامَ وأَوْحَيْتُ. ووَحَى وَحْياً وأَوْحَى أَيضاً أَي كتب؛ قال العجاج:

حتى نَحَاهُمْ جَدُّنا والنَّاحِي

لقَدَرٍ كانَ وحَاه الوَاحِي

بِثَرْمَداء جَهْرَةَ الفِضاحِ

والوَحْيُ: المكتوب والكِتاب أَيضاً، وعلى ذلك جمعوا فقالوا وُحِيٌّ مثل حَلْيٍ وحُلِيٍّ؛ قال لبيد:

فمَدافِعُ الرَّيّانِ عُرِّيَ رَسْمُـهـا

 

خَلَقاً، كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها

 أَراد ما يُكتب في الحجارة ويُنقش عليها. وفي حديث الحرث الأَعْوَر: قال علقمة قرأْتُ القُرآن في سنتين، فقال الحرثُ: القرآن هَيِّنٌ، الوَحْيُ أَشدُّ منه؛ أَراد بالقرآن القِراءة وبالوَحْي الكِتابة والخَطَّ. يقال: وحَيْتُ الكِتاب وَحْياً، فأَنا واحٍ؛ قال أَبو موسى: كذا ذكره عبد الغافر، قال: وإِنما المفهوم من كلام الحرث عند الأَصحاب شيء تقوله الشيعة أَنه أُوحِيَ إِلى سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم، شيءٌ فخَصَّ به أَهل البيت. وأَوْحى إِليه: بَعَثه. وأَوْحى إِليه: أَلْهَمَه. وفي التنزيل العزيز: وأَوْحى ربك إِلى النَّحْل، وفيه: بأَنَّ ربك أَوْحى لها؛ أَي إِليها، فمعنى هذا أَمرها، ووَحَى في هذا المعنى؛ قال العجاج:

وحَى لها القَرارَ فاسْتَقَرَّتِ

 

وشَدَّها بالرّاسِياتِ الثُّبَّـتِ

وقيل: أَراد أَوْحى إِلا أَنَّ من لغة هذا الراجز إِسقاط الهمزة مع الحرف، ويروى أَوْحى؛ قال ابن بري: ووَحَى في البيت بمعنى كتب. ووَحَى إِليه وأَوْحَى: كلَّمه بكلام يُخفِيه من غيره. ووَحى إِليه وأَوْحى: أَوْمَأَ.
وفي التنزيل العزيز: فأَوْحى إِليهم أَنْ سَبِّحوا بُكْرَة وعَشِيّاً؛ وقال:

فأَوْحَتْ إِلينا والأَنامِلُ رُسْلُها

وقال الفراء في قوله، فأَوْحى إليهم: أَي أَشار إِليهم، قال: والعرب تقول أَوْحى ووَحَى وأَوْمى ووَمى بمعنى واحد، ووَحى يحِي ووَمى يَمِي.
الكسائي: وَحَيْتُ إليه بالكلام أَحي به وأَوْحَيْتُه إِليه، وهو أَن تكلمه بكلام تخفيه من غيره؛ وقول أَبي ذؤيب:

فقال لها، وقدْ أَوْحَتْ إِليه

 

أَلا للهِ أُمُّك ما تَـعِـيفُ

أَوحت إليه أَي كلمته، وليست العَقاة متكلمة، إنما هو على قوله:

قد قالتِ الأَنْساعُ للبَطْن الحَقي

وهو باب واسع، وأَوْحى الله إلى أَنبيائه. ابن الأَعرابي: أَوْحى الرجلُ إذا بعَث برسول ثقة إلى عبد من عبيدِه ثِقة، وأَوْحى أَيضاً إذا كَلَّم عبدَه بلا رسول، وأَوْحى الإِنسانُ إذا صارَ ملِكاً بعد فَقْر، وأَوْحى الإنسانُ ووَحَى وأَحَى إذا ظَلَمَ في سلطانه، واسْتَوْحَيْتُه إذا اسْتَفْهَمْته. والوَحْيُ: ما يُوحِيه اللهُ إِلى أَنْبيائه. ابن الأَنباري في قولهم: أَنا مُؤْمِنٌ بوَحْيِ الله، قال: سمي وَحْياً لأَنَّ الملك أَسَرَّه على الخلق وخَصَّ به النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، المبعوثَ إِليهِ؛ قال الله عز وجل: يُوحي بعضُهم إِلى بعض زُخْرُفَ القَوْلِ غُروراً؛ معناه يُسِرُّ بعضُهم إِلى بعض، فهذا أَصل الحرف ثم قُصِرَ الوَحْيُ للإِلهامِ، ويكون للأَمر، ويكون للإِشارة؛ قال علقمة:

يُوحي إِليها بأَنْقاضٍ ونَقْنَقَةٍ

وقال الزجاج في قوله تعالى: وإِذْ أَوْحَيْتُ إِلى الحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بي وبرسُولي؛ قال بعضهم: أَلْهَمْتُهم كما قال عز وجل: وأَوْحى ربك إلى النَّحل، وقال بعضهم: أَوْحَيْتُ إِلى الحَوارِيِّين أَمرتهم؛ ومثله:

وحَى لها القَرارَ فاسْتَقَرَّتِ

 أَي أَمرها، وقال بعضهم في قوله: وإِذ أَوْحَيْتُ إِلى الحَوارِيِّينَ؛ أَتَيْتُهم في الوَحْي إليك بالبَراهِين والآيات التي استدلوا بها على الإِيمان فآمنوا بي وبك. قال الأَزهري: وقال الله عز وجل: وأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ موسى أَن أَرْضِعِيه؛ قال: الوَحْيُ ههنا إِلقاءُ اللهِ في قلبِها، قال: وما بعد هذا يدل، والله أَعلم، على أَنه وَحْيٌ من الله على جهة الإِعلامِ للضَّمانِ لها: إِنَّا رادُّوه إليك وجاعلوه من المرسلين؛ وقيل: إنَّ معنى الوَحْي ههنا الإِلهام، قال: وجائز أَن يُلْقِيَ الله في قلبها أَنه مردود إليها وأَنه يكون مرسلاً، ولكن الإعلام أَبين في معنى الوحي ههنا. قال أَبو إسحق: وأَصل الوحي في اللغة كلها إعلام في خَفاء، ولذلك صار الإِلهام يسمى وَحْياً؛ قال الأَزهري: وكذلك الإِشارةُ والإِيماءُ يسمى وَحْياً والكتابة تسمى وحياً. وقال الله عز وجل: وما كان لِبَشر أَن يُكَلِّمَه الله إِلا وَحْياً أَو من وراءحِجاب؛ معناه إلا أَن يُوحيَ إِليه وَحْياً فيُعْلِمَه بما يَعْلمُ البَشَرُ أَنه أَعْلَمَه،إِما إلهاماً أَو رؤْيا، وإما أَن يُنزل عليه كتاباً كما أُنزِل على موسى، أَو قرآناً يُتْلى عليه كما أَنْزَله على سيدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكل هذا إعْلامٌ وإن اختلَفت أَسبابُ الإعلامِ فيها. وروى الأَزهري عن أَبي زيد في قوله عز وجل: قل أُوحِيَ إِليَّ، من أَوْحَيْتُ، قال: وناسٌ من العرب يقولون وحَيْتُ إليه ووَحَيْتُ له وأَوْحَيْتُ إِليه وله، قال: وقرأَ جُؤَيَّة الأَسدي قل أُحِيَ إليَّ من وحَيْتُ، همز الواو. ووَحَيْتُ لك بخبر كذا أَي أَشَرْتُ وصَوَّتُّ به رُوَيْداً. قال أَبو الهيثم: يقال وَحَيْتُ إلى فلان أَحي إليه وَحْياً، وأَوْحَيْتُ إِليه أُوحِي إيحاءً إذا أَشرت إِليه وأَوْمأْتَ، قال: وأَما اللغة الفاشية في القرآن فبالأَلف، وأَما في غير القرآن العظيم فوَحَيْتُ إلى فلان مشهورة؛ وأَنشد العجاج:

وحى لها القَرارَ فاسْتَقَرَّتِ

أَي وحَى اللهُ تعالى للأَرض بأَن تَقِرَّ قراراً ولا تميدَ بأَهلها أَي أَشار إليها بذلك، قال: ويكون وَحى لها القَرارَ أَي كَتب لها القَرارَ.
يقال: وحَيْتُ الكتابَ أَحِيهِ وَحْياً أَي كتبته فهو مَوحِيٌّ. قال رؤبة:

إِنْجيلُ تَوْراةٌ وَحى مُنَمْنِمُهْ

أَي كتَبه كاتِبُه.
والوَحى: النارُ، ويقال للمَلِكِ وَحىً من هذا. قال ثعلب: قلت لابن الأَعرابي ما الوَحى؟ فقال: المَلِكُ، فقلت: ولم سمي الملِكُ وَحىً؟ فقال: الوَحى النار فكأَنه مِثلُ النار يَنْفَع ويَضُرُّ. والوَحى: السِّيدُ من الرجال؛ قال:

وعَلِمْتُ أَني إِن عَلِقْتُ بحَبْـلِـه

 

نشِبَتْ يَدايَ إِلى وَحىً لم يَصْقَعِ

يريد: لم يذهب عن طريق المكارم، مشتق من الصَّقْع. والوَحْيُ والوَحى مثل الوَغى: الصوت يكون في الناس وغيرهم؛ قال أَبو زبيد:

مُرْتَجِز الجَوفِ بوَحْيٍ أَعْجَم

وسمعت وَحاهُ ووَغاه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

يَذُودُ بسَحْـمـاوَيْن لـم يَتَـفَـلَّـلا

 

وَحى الذئبِ عن طَفْلٍ مَناسِمهُ مُخْلي

وهذا البيت مذكور في سحم؛ وأَنشد الجوهري على الوَحى الصوت لشاعر:

مَنَعْناكُمْ كَـراء وجـانِـيَيْه

 

كما مَنَعَ العَرِينُ وَحى اللُّهامِ

وكذلك الوَحاة بالهاء؛ قال الراجز:

يَحدُو بها كلُّ فَتىً هَيَّاتِ

تَلْقاهْ بَعْدَ الوَهْنِ ذا وحاةِ

وهُنَّ نحوَ البيْتِ عامِداتِ

ونصب عامدات على الحال. النضر: سمعت وَحاةَ الرَّعْد وهو صوته الممدود الخفيّ، قال: والرَّعْدُ يَحي وَحاةً، وخص ابن الأَعرابي مرة بالوحاة صوتَ الطائر. والوَحى: العَجَلةُ، يقولون: الوَحى الوَحى، والوَحاء الوَحاء، يعني البِدارَ البِدارَ، والوَحاء الوَحاء يعني الإِسراع، فيمدُّونهما ويَقْصُرونهما إذا جمعوا بينهما، فإِذا أَفردوه مدّوه ولم يَقْصروه؛ قال أَبو النجم:

يَفِيضُ عَنْهُ الرَّبْوُ من وَحائه

التهذيب: الوَحاء ممدود، السُّرْعة، وفي الصحاح: يمدّ ويقصر، وربما أَدخلوا الكاف مع الأَلف واللام فقالوا الوَحاك الوَحاك، قال: والعرب تقول النَّجاء النَّجاء والنَّجى النَّجى والنَّجاك النَّجاك والنَّجاءك النَّجاءك. وتَوحَّ يا هذا في شأْنك أَي أَسْرِع. ووحَّاه تَوْحِيةً أَي عَجَّله.
وفي الحديث: إذا أَرَدْتَ أَمراً فتَدَبَّر عاقِبتَه، فإِن كانت شَرّاً فانْتَهِ، وإِن كانت خيراً فَتَوَحَّهْ أَي أَسْرِعْ إِليه، والهاء للسكت.
ووَحَّى فلان ذبيحته إذا ذَبَحها ذَبْحاً سَرِيعاً وَحِيّاً؛ وقال الجعدي:

أَسِيرانِ مَكْبُولانِ عندَ ابنِ جعْفَرٍ

 

وآخرُ قد وحَّيْتُمُوه مُشـاغِـبُ

والوَحِيُّ، على فعيل: السَّريعُ. يقال: مَوْتٌ وَحِيٌّ. وفي حديث أَبي بكر: الوَحا الوَحا أَي السُّرْعةَ السُّرعةَ، يمدّ ويقصر. يقال: تَوَحَّيْتُ تَوَحِّياً إذا أَسرعت، وهو منصوب على الإِغْراء بفعل مضمر.
واسْتَوْحَيْناهم أَي اسْتَصْرَخْناهم. واسْتَوْحِ لنا بني فلان ما خَبَرُهم أَي اسْتَخْبِرهم، وقد وَحى. وتَوَحَّى بالشيء: أَسْرَعَ. وشيء وَحِيٌّ: عَجِلٌ مُسْرِعٌ.واسْتَوْحى الشيءَ: حرَّكه ودَعاه ليُرْسِله. واسْتَوْحَيْتُ الكلبَ واسْتَوْشَيْتُه وآسَدْتُه إذا دعوته لترسله. بعضهم: الإِيحاء البُكاء.
يقال: فلان يُوحي أَباه أَي يَبْكِيه. والنائحةُ تُوحي الميت: تَنُوحُ عليه؛ وقال:

تُوحي بِحالِ أَبيها، وهو مُتَّكِـئ

 

على سِنانٍ كأَنْفِ النِّسْرِ مَفْتُوقِ

أَي مَحَدِّد. ابن كثوة: من أَمثالهم: إِن من لا يَعرِف الوَحى أَحْمَقُ؛ يقال للذي يُتَواحى دُونه بالشيء أَو يقال عند تعيير الذي لا يعرف الوَحْى. أَبو زيد من أَمثالهم: وَحْيٌ في حجَر؛ يضرب مثلاً لمن يَكْتُم سِرَّه، يقول: الحجر لا يُخْبِر أَحداً بشيء فأَنا مثله لا أُخبر أَحداً بشيء أَكْتُمُه؛ قال الأَزهري: وقد يضرب مثلاً للشيء الظاهر البين. يقال: هو كالوَحْي في الحجر إذا نُقِرَ فيه؛ ومنه قول زهير:

كالوَحْي في حَجَرِ المَسيل المُخْلِدِ

وخخ

الوَخْوَخَة: حكاية بعض أَصوات الطير.
ورجل وَخْواخٌ: سمين كثير اللحم مضطربه، وقيل: هو الجبان الضعيف؛ قال الزفيان:

إِني، ومَنْ شاءَ ابتَغَى قِفاخـا،

 

لم أَكُ في قَوْمي امْرَأَ وَخْواخا

وقيل: الوَخْواخ الكسل الثقيل؛ وأَنشد:

لَيْسَ بوَخْواخ ولا مُسْتَطل

والوَخْواخ: الكسلان عن العمل. ويقال للرجل العنين: وَخْواخ وذَوْذَخ وبَخْباخ؛ ورجل وَخْواخ وبخباخ إذا استرخى بطنه واتسع جلده. ابن الأَعرابي: الذَّوْذَخ والوَخْواخ العذْيَوْط. وتَمْرٌ وخواخ: لا حلاوة له ولا طعم، قيل: مسترخي اللحى، وكل مسترخ وَخواخ، وذكر في هذه الترجمة عن ابن الأَعرابي: الوَخُّ الأَلم، والوخ: القصد.

وخد

الوَخْدُ: ضرب من سير الإِبل، وهو سعة الخَطْو في المشي، ومثله الخَدْيُ لغتان. يقال: وخَدَتِ الناقةُ تَخِدُ وخْداً؛ قال النابغة:

فَما وَخَدَتْ بِمِثْلِكِ ذاتُ غَرْبٍ،

 

حَطُوطٌ في الزِّمامِ، ولا لَحُونُ

وأَنشد أَبو عبيدة في الناقة:

وَخُود من اللاَّئي تَسَمَّعْنَ، بالضُّحَى،

 

قَرِيضَ الرُّدافَى بالغِناءِ المُـهَـوِّدِ

ووخَدَ البعير يَخِدُ وَخْداً وَوَخَداناً: أَسْرَعَ ووَسَّع الخَطْو؛ وقيل: رمى بقوائمه كمشي النعام؛ وبعير واخِدٌ ووخّاد وظليم وَخّاد.
ووَخْدُ الفرسِ: ضرْبٌ من سيره؛ حكاه كراع ولم يَحُدَّه. وفي حديث وفاة أَبي ذر: رأَى قوماً تَخِدُ بهم رَواحِلُهم؛ الوَخْدُ ضرب من سير الإِبل سريع.
وفي حديث خيبر ذكر وخْدةَ، هو بفتح الواو وسكون الخاء: قرية من قرى خَيْبَر الحَصِينة بها نخل.

وخز

الوَخْزُ: الشيءُ القليل من الخُضْرَة في العِذْقِ والشيب في الرأْس، وقد وَخَزَهُ وَخْزاً. وقيل: كلُّ قليل وَخْزٌ؛ قال أَبو كاهل اليَشْكُرِيُّ يُشَبِّه ناقته بالعُقابِ:

لها أَشارِيرُ من لَحْمٍ تُتَـمِّـرُه

 

من الثَّعالي، ووَخْزٌ من أَرانيها

الوَخْزُ: شيءٌ منه ليس بالكثير. قال اللحياني: الوَخْزُ الخطيئةُ بعد الخطيئةِ، قال أَبو منصور: ومعنى الخطيئة القليلُ بين ظَهْرانَيِ الكثير؛ وقال ثعلب: هو الشيء بعد الشيء، قال: وقالوا هذه أَرض بني تميم وفيها وَخْزٌ من بني عامر أَي قليل؛ وأَنشد:

سِوَى أَنَّ وَخْزاً من كلابِ بن مُرَّةٍ

 

تَنَزَّوْا إلينا من نَقِـيعَةِ جـابِـرِ

ووَخَزَه بالرُّمْح والخَنْجَرِ يَخِزُه وَخْزاً: طعنه طعناً غير نافذ، وقيل: هو الطعن النافذ في جنب المطعون. وفي الحديث: فإِنه وَخْزُ إِخوانكم من الجن؛ الوَخْزُ طَعْنٌ ليس بنافِذٍ. وفي حديث عمرو بن العاص، وذكر الطاعونَ فقال: إِنما هو وَخْزٌ من الشيطان، وفي رواية: رِجْزٌ. أَبو عدنان: الطعن الوَخْزُ التَّبْزِيغُ؛ قال: التبزيغ والتغزيب واحد غَزَبَ وبَزَغَ. يقال: بَزَغَ البَيْطارُ الحافِرَ إذا عَمَدَ إِلى أَشاعره بِمِبْضَع فَوَخَزَه به وَخْزاً خفيفاً لا يبلغ العَصَبَ فيكونُ دَواءً له؛ ومنه قول الطِّرِمَّاح:

كَبَزْغِ البِيَطْرِ الثَّقْفِ رَهْصَ الكَوادِنِ

وأَما فَصْدُ عِرْقِ الدابة وإِخراج الدم منه فيقال له التَّوْدِيجُ؛ يقال: وَدِّجْ فَرَسَكَ ووَدِّجْ حمارك. قال خالد بن جَنْبَةَ: وَخَزَ في سَنامِها بِمِبْضَعِه، قال: والوَخْزُ كالنَّخْس يكون من الطعن الخفيف الضعيف؛ وقول الشاعر:

قد أَعْجَلَ القومَ عن حاجاتِهم سَـفَـرٌ

 

من وَخْزِ جِنٍّ، بأَرض الرُّومِ، مذكورِ

يعني بالوَخْزِ الطاعونَ ههنا. ويقال: إِني لأَجد في يدي وَخْزاً أَي وجعاً؛ عن ابن الأَعرابي. ووَخَزَه الشَّيْبُ أَي خالطه. ويقال: وَخَزَه القَتِيرُ وَخْزاً ولَهَزَه لَهْزاً بمعنى واحد إذا شَمَط مواضعَ من لحيته، فهو مَوْخُوزٌ. قال: وإِذا دُعِيَ القومُ إِلى طعام فجاؤُوا أَربعة أَربعة قالوا: جاؤُوا وَخْزاً وَخْزاً، وإِذا جاؤوا عُصْبة قيل: جاؤُوا أَفائج أَي فَوْجاً فَوْجاً؛ قال سليمان بن المغيرة: قلت للحسن: أَرأَيت التمر والبُسْرَ انْجَمَعَ بينما؟ قال: لا، قلت: البسر الذي يكون فيه الوَخْزُ، قال: اقطع ذلك، الوَخْزُ: القليل من الإِرْطابِ، فشبه ما أَرْطَبَ من البُسْر في قلته بالوَخْزِ.

وخش

الوَخْشُ: رذالةُ الناس وصغارهم وغيرهم، يكون للواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد. ويقال: ذلك من وَخْشِ الناس أَي من رُذالِهم.
وجاءني أَوْخاشٌ من الناس اي سُقاطُهم؛ ورجل وَخْشٌ وامرأَة وَخْش وقَوم وَخْش، وربما جُمِع أَوْخاشاً، وربما أُدخِل فيه النون؛ وأَنشد لدَهْلَبِ ابن قريع:

جارية ليسَتْ من الوَخْشَنِّ

كأَن مَجْرَى دَمْعِها المُسْتَنِّ

قُطُنَّةٌ من أَجْوَدِ القُطُنِّ

أَراد الوَخْشَ فزاد فيه نوناً ثقيلة. وفي التهذيب: النون صلة الروي، قال ابن سيده: وربما جاء مؤنثه بالهاء؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

وقد لَفَّفَا خَشْناءَ، لَيستْ بِوَخْـشةٍ

 

تُوارِي سَماءَ البيتِ مُشرفة القُتْر

يعني بالخَشْناء جُلَّة التمر، وجمعُ الوَخْشةِ وِخاشٌ. ووخُشَ الشيءُ، بالضم، وَخاشَةً ووُخُوشةً ووُخوشاً: رَذُلَ وصار رَدِيئاً؛ قال الكميت:

تَلْقَى الندَى ومَخْلَداً حَلِيفـين

 

ليسا من الوَكْسِ ولا بوخْشَين

وفي حديث ابن عباس: وإِنّ قَرْنَ الكَبْشِ مُعَلَّقٌ في الكَعْبة قد وَخُشَ وفي رواية: إنّ رَأْسِه مُعلَّق بقَرْنيه في الكعبة، وَخُشَ أَي يَبِس وتَضاءَل. وأَوْخَشَ القومُ أَي رَدُّوا السِّهام في الرِّبابةِ مرةً بعد أُخرى كأَنهم صاروا إِلى الوَخاشةِ والرَّذالةِ؛ وأَنشد أَبو عبيد في الإِيخاشِ ليزيدَ بن الطَثَرِيّة وهي أُمه واسم أَبيه سلمة:

أَرَى سبعةً يَسْعَوْنَ للوَصْل، كلّهـم

 

له عنـد رَيّا دِينةٌ يَسْـتَـدِينُـهـا

وأَلقَيتُ سَهمي وَسْطهم حين أَوخَشوا

 

فما صارَ لي في القَسْمِ إِلا ثَمِينُهـا

قال: أَوْخَشُوا خَلطُوا. وقوله فما صارَ لي في القَسْم إِلا ثمِينُها أَي كنتُ ثامنَ ثمانية ممن يَسْتَدِينها؛ وقال النابغة:

أَبَوْا أَن يُقِيمُوا للرماح، ووَخَّشَـتْ

 

شَغارِ، وأَعْطَوْا مُنيةً كلَّ ذي ذَحْل

قال شمر: وخَّشَتْ أَلقَتْ بأَيديها وأَطاعت.

وخص

أَصْبَحَتْ وليس بها وَخْصَةٌ أَي شيء من برد، لا يستعمل إِلا جحداً؛ كله عن يعقوب.

وخض

الوَخْضُ: الطَّعْنُ غير الجائِف، وقيل: هو الجائفُ، وقد وخَضَه بالرُّمْح وخْضاً؛ قال أَبو منصور: هذا التفسير للوَخْضِ خطأٌ. الأَصمعي: إذا خالطت الطعنةُ الجَوْفَ ولم تنفُذ فذلك الوَخْضُ والوَخْطُ. وقال أَبو زيد: البَجُّ مثل الوخْضِ؛ وأَنشد:  

قَفْخاً على الهام وبَجّاً وخْضا

أَبو عمرو: وخَطَه بالرمح ووخَضَه، والوَخِيضُ المَطْعون؛ قال ذو الرمة:

فكَرَّ يَمْشُقُ طَعْناً في جَواشنِهـا،

 

كأَنَّه الأَجْرُ في الإِقدامِ يُحْتَسَـبُ

وتارةً يَخِضُ الأَسْحارَ عن عُرُضٍ

 

وخْضاً، وتُنْتَظَمُ الأَسْحارُ والحُجُبُ

وخط

الوَخْط من القَتِير: النَّبْذُ، وقيل: هو اسْتِواء البياض والسوادِ، وقيل: هو فُشُوُّ الشَّيْب في الرأْس. وقد وخَطَه الشيبُ وخْطاً ووخَضَه بمعنى واحد أَي خالَطَه؛ وأَنشد ابن بري:

أَتَيْتُ الذي يأْتي السَّفِيهُ لِـغِـرَّتـي،

 

إِلى أَن عَلا وخْطٌ مِن الشيْب مَفْرَقي

ووُخِطَ فلان إذا شابَ رأْسُه، فهو مَوْخُوط.
ويقال في السيْر: وخَطَ يَخِطُ إذا أَسْرعَ، وكذلك وخَطَ الظَّلِيمُ ونحوه. والوَخْطُ: لغة في الوَخْدِ، وهو سرعة السير. وظليم وخَّاطٌ: سريع، وكذلك البعير؛ قال ذو الرمة:

عنِّي وعن شَمَرْدَلٍ مِجْفال،

 

أَعْيَطَ وخَّاطِ الخُطَى طُوال

والمِيخَطُ: الدَّاخِل. ووَخَط أَي دخل. وفَرُّوجٌ واخِطٌ: جاوَزَ حد الفَراريج وصار في حدِّ الدُّيوك. والوَخْطُ: الطَّعْنُ الخَفِيفُ ليس بالنافِذ، وقيل: هو أَن يُخالِطَ الجَوْفَ. قال الأَصمعي: إذا خالطَت الطعْنةُ الجوْفَ ولم تنفذ فذلك الوَخْضُ والوَخْطُ، ووَخَطه بالرمح ووَخَضَه، وفي الصحاح: الوخْطُ الطعنُ النافذ، وقد وخَطَه وخْطاً؛ وطعنٌ وخَّاطٌ، وكذلك رمح وخَّاط؛ قال: وَخْطاً بماضٍ في الكُلى وخَّاطِ وفي التهذيب: وخْضاً بماض. ووخطَه بالسيف: تَناوَله من بعيد، تقول: وُخِطَ فلان يُوخَطُ وخْطاً، قال أَبو منصور: لم أَسمع لغير الليث في تفسير الوَخْط أَنه الضرب بالسيف، قال: وأَراه أَراد أَنه يتناوله بذُبابِ السيفِ طَعْناً لا ضَرْباً. والوَخْطُ في البيْع: أَنْ تَرْبَح مرة وتخسر أُخرى. ووخْطُ النِّعال: خَفْقُها. وفي الحديث عن أَبي أُمامَة قال: خرج رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، فأَخذ ناحية البقيع فاتَّبَعناه، فلما سمع وَخْطَ نِعالِنا خلفَه وقف ثم قال: امْضوا، وهو يُشير بيده، حتى مضينا كلُّنا، ثم أَقبل يمشي خلفنا فالتفتنا فقلنا: بِمَ يا رسول اللّه صنعْتَ ما صنعت؟ فقال: إِني سمعت وخْطَ نِعالكم خلفي فتَخَوَّفْت أَن يَتَداخَلني شيء فقَدَّمْتكم بين يدَيَّ ومشيْتُ خلفكم، فلما بلغ البقيعَ وقف على قبرين فقال: هذا قبر فلان، لقد ضُرِبَ ضَربة تقطَّعت منها أَوْصالُه، ثم وقف على الآخر فقال مثل ذلك، ثم قال: أَمَّا هذا فكان يمشي بالنميمة، وأَما هذا فكان لا يتَنزَّه عن شيء من البول يُصيبه. وفي حديث مُعاذ: كان في جنازة فلما دفن الميت قال: ما أَنتم ببارِحِين حتى يَسمع وخْطَ نِعالكم أَي خَفْقَها وصوتها على الأَرض.

وخف

الوَخْفُ: ضربك الخِطْمِيّ في الطَّشْتِ يُوخَف ليَختلط. وخَف الخطميَّ والسويقَ وخْفاً ووخَّفه وأَوخَفه: ضربه بيده وبلَّه لِيَتَلَجَّن ويتلزَّج ويصير غَسُولاً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

تَسمَع للأَصواتِ منها خَفْخَفـا

 

ضَرْبَ البَراجِيمِ اللَّجِينَ المُوخَفا

كذلك أَنشده البراجيم، بالياء، وذلك لأَن الشاعر أَراد أَن يوفِّيَ الجزء فأَثبت الياء لذلك، وإلاَّ فلا وجه له، تقول: أَما عندك وخِيفٌ أَغسل به رأْسي؟ والوخِيفُ والوخِيفةُ: ما أَوْخَفْت منه؛ قال الشاعر يصف حماراً وأُتُناً:

كأَنَّ على أَكسائها، من لُغامِه

 

وخِيفَةَ خِطْمِيّ بماء مُبَحْزَج

وفي حديث سلمان: لما احتُضِر دعا بمسك ثم قال لامرأَته: أَوخِفيه في تَورٍ وانْضَحِيه حول فراشي أَي اضربيه بالماء؛ ومنه قيل للخطميّ المضروب بالماء: وخِيف. وفي حديث النخعي: يُوخَف للميت سِدْر فيُغسل به، ويقال للإناء الذي يُوخف فيه: مِيخَف؛ ومنه حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه، أَنه قال للحسن بن علي، عليهما السلام: اكْشِف لي عن الموضع الذي كان يقبّله رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، منك، فكشف عن سُرَّته كأَنها مِيخَفُ لُجَين أَي مُدْهُن فِضة، قال: وأَصله مِوْخَف فقلبت الواو ياءً لكسرة الميم؛ وقال ابن الأَعرابي في قول القُلاخِ:

وأَوْخَفَتْ أَيدي الرجالِ الغِسْلا

قال: أَراد خَطَرانَ اليد بالفَخار والكلام كأَنه يضرِب غِسْلاً.
والوَخِيفة: السويق المبلول. ويقال: أَتاه بلبن مثل وِخاف الرأْس. والوَخِيفةُ من طعام الأَعراب: أَقِط مطحونٌ يُذَرُّ على ماء ثم يصب عليه السمن ويضرب بعضه ببعض ثم يؤكل. والوخيفة: التمر يلقى على الزبد فيؤكل. وصار الماء وَخيفة إذا غلب الطين على الماء؛ حكاه اللحياني عن أبي طيبة.
ويقال للأحمق الذي لا يدري ما يقول: إنه ليُوخف في الطين، مثل يُوخِف الخِطْميّ، ويقال له أَيضاً: إنه لمُوخِف أَي يُوخِف زِبْله كما يُوخَف الخِطميُّ، ويقال له العَجّان أَيضاً، وهو من كناياتهم. والوخْفة والوَخَفة:شبه الخَرِيطة من أَدم.

وخم

الوَخْمُ.، بالتسكين، والوَخِمُ، بكسر الخاء، والوَخِيمُ: الثقيلُ من الرجال البَيِّن الوَخامةِ والوُخومةِ، والجمع وَخامى ووِخامٌ وأَوْخامٌ، وقد وخُمَ وَخامةً ووُخوماً. وفي حديث أُمِّ زرع: لا مَخافةَ ولا وَخامةَ أَي لا ثِقَلَ فيها. يقال: وَخُمَ الطعامُ إذا ثَقُل فلم يُستَمْرَأْ، فهو وَخيمٌ، قال: وقد تكونُ الوَخامةُ في المعاني، يقال: هذا الأَمرُ وَخيمُ العاقِبة أَيثقيلٌ رديئٌ. وأَرض وَخامٌ ووَخيمٌ ووَخْمةٌ ووَخِمةٌ ووَخِيمةٌ ومُوخِمةٌ:لا يَنْجَعُ كلأُها، وكذلك الوَبِيلُ. وطعامٌ وَخيمٌ: غيرُ مُوافق، وقد وَخُم وَخامةٌ. وتوَخَّمَه واستَوْخَمه: لم يَستَمْرِئْه ولا حَمِدَ مغَبَّتَه. واستَوْخَمْتُ الطعامَ وتَوَخَّمْتُه إذا استَوْبلْته؛ قال زهير:

قضَوْا ما قضَوْا من أَمرِهم، ثم أَوْرَدُوا

 

إِلى كَلإٍ مُـسـتَـوْبَـلٍ مُـتـوَخَّـمِ

ومنه اشتُقَّت التُّخَمةُ. وشيءٌ وَخِمٌ أَي وَبيءٌ. وبَلْدةٌ وَخِمةٌ ووَخيمةٌ إذا لم يُوافِق سكَنُها، وقد استوْخمْتُها. والتُّخَمة، بالتحريك: الذي يُصِيبك من الطعام إذا استوْخمْتَه، تاؤه مبدلة من واو. وفي حديث العُرَنِيِّين: واستوخَموا المدينة أَي استثقلوها ولم يُوافِق هواؤها أَبدانَهُ، وفي حديث آخر: فاستوْخَمْنا هذه الأَرضَ. ووَخِمَ الرجلُ، بالكسر، أَي اتَّخَمَ؛ قال سيبويه: والجمع تُخَمٌ، وقد تَخمَ يَتْخِمُ وتَخِمَ واتَّخَمَ يتَّخِمُ. وأَتْخمَه الطعامُ، على أَفْعَله، وأَصله أَوْخَمَه، وأَصل التُّخَمة وُخَمةٌ، فحُوِّلت الواوُ تاءً، كما قالوا تُقاةٌ، وأَصلها وُقاةٌ، وتَوْلَج وأَصلُه وَوْلَج. وطعامٌ مَتْخَمةٌ، بالفتح: يُتَّخَم منه، وأَصله مَوْخَمة لأَنهم توهَّموا التاءَ أَصيلة لكثرة الاستعمال. وواخَمَني فوَخَمْتُه أَخِمُه: كنتُ أَشدَّ تُخَمةً منه، وقد اتَّخَمْتُ من الطعامِ وعن الطعام، والاسم التُّخَمة، بالتحريك، كما مضى في وُكَلةٍ وتُكَلةٍ، والجمع تُخَماتٌ وتُخَمٌ، والعامَّة تقول التُّخْمة، بالتسكين؛ وقد جاء ذلك في شعر أَنشده ابن الأَعرابي:

وإِذا المِعْدَةُ جـاشَـتْ،

 

فارْمِها بالمَنْـجَـنـيقِ

بِثـلاثٍ مِـنْ نَـبــيذٍ،

 

ليسَ بالحُلْوِ الـرَّقـيقِ

تَهْضِمُ التُّخْمةَ هَضْمـاً،

 

حين تَجْري في العُروقِ

والوَخَمُ: داءٌ كالباسورِ، وربما خرج في حَياءِ الناقة عند الولادة فقُطِع، وَخِمَت الناقةُ، فهي وَخِمةٌ إذا كان بها ذلك، قال: ويسمى ذلك الباسورُ الوَذَمَ.

وخن

ابن الأَعرابي: التَّوَخُّنُ القصد إِلى خير أَو شر، قال: والوَخْنةُ الفساد والنَّوْخَةُ الإِقامة.

وخي

الوَخْي: الطريقُ المُعْتَمد، وقيل: هو الطريق القاصد؛ وقال ثعلب: هو القصد؛ وأَنشد:

فقلتُ: وَيْحَكَ أَبْصِرْ أَين وَخْيُهُمُـو

 

فقال: قد طَلَعُوا الأَجْمادَ واقْتَحَمُوا

والجمع وُخِيٌّ ووِخِيٌّ، فإِن كان ثعلب عنى بالوَخْي القَصْدَ الذي هو المصدر فلا جمع له، وإن كان إِنما عنى الوَخْيَ الذي هو الطريق القاصد فهو صحيح لأَنه اسم. قال أَبو عمرو: وَخى يَخي وَخْياً إذا تَوَجَّه لوجه؛ وأَنشد الأَصمعي:

قالتْ ولم تَقْصِدْ له ولم تَخِهْ

أَي لم تَتَحَرَّ فيه الصواب. قال أَبو منصور: والتَّوَخِّي بمعنى التَّحَري للحق مأْخوذ من هذا. ويقال: تَوَخَّيْتُ مَحَبَّتَك أَي تَحَرَّيْتُ، وربما قلبت الواو أَلفاً فقيل تأَخَّيْت. وقال الليث: تَوَخَّيْت أَمر كذا أَي تيَمَّمْتُه، وإِذا قلت وَخَّيْتُ فلاناً لأَمر كذا عَدَّيت الفعل إِلى غيره. ووَخَى الأَمْرَ: قصَدَه؛ قال:

قالتْ ولم تَقْصِدُ به ولم تَخِهْ

ما بالُ شَيْخٍ آضَ منْ تَشَيُّخِهْ

كالكُرَّزِ المَرْبُوطِ بينَ أَفْرُخِهْ؟

وتَوخَّاه: كوَخاه. وقد وخَيْتُ غيري، وقد وخَيْتُ وَخْيَكَ أَي قَصَدْتُ قَصْدَكَ. وفي الحديث: قال لهما اذْهَبا فتَوَخَّيا واستَهِما أَي اقْصِدا الحَقَّ فيما تَصْنَعانِه من القِسمة، ولْيأْخذْ كلٌّ منكما ما تخرجه القُرْعة من القِسمة. يقال: تَوَخَّيْتُ الشيء أَتَوَخَّاه تَوخِّياً إذا قَصَدْتَ إِليه وتَعَمَّدْت فِعلَه وتحَرَّيْت فيه. وهذا وَخْيُ أَهْلِك أَي سَمْتُهم حيث سارُوا. وما أَدري أَين وَخَى فلان أَي أَينَ تَوجَّهَ. الأَزهري: سمعت غير واحد من العرب الفصحاء يقول لصاحبه إذا أَرشده لصَوْب بلد يأْتَمُّه: أَلا وخُذْ على سَمْت هذا الوَخْي أَي على هذا القَصْدِ والصَّوْبِ. قال: وقال النضر اسْتَوْخَيْتُ فلاناً عن موضع كذا إذا سأَلته عن قَصْدِه؛ وأَنشد:

أَما مِنْ جَنُوبٍ تُذْهِبُ الغِلَّ طَـلَّةٍ

 

يَمانِيةٍ من نَحْو رَيّا، ولا رَكْـب

يَمانِينَ نَسْتَوخِيهمُ عـن بِـلادِنـا

 

على قُلُصٍ، تَدْمى أَخِشَّتُها الحُدْب

ويقال: عرفتُ وَخى القوم وخِيَّتَهم وأَمَّهم وإمَّتَهم أَي قَصْدَهم.
ووَخَت الناقة تَخي وَخْياً: سارت سيراً قَصْداً؛ وقال:

افْرُغْ لأَمثالِ مِعىً أُلاَّفِ

يَتْبَعْنَ وَخْيَ عَيْهَلٍ نِيافِ

وهْيَ إذا ما ضَمَّها إيجافي

وذكر ابن بري عن أَبي عمرو: الوَخْيُ حُسْنُ صوت مَشْيِها. وواخاه: لغة ضعيفة في آخاه، يبني على تَواخى. وتَوخَّيْتُ مَرْضاتَك أَي تحرَّيْت وقصدْت. وتقول: استَوْخِ لنا بني فلان ما خَبَرُهم أَي استَخْبِرْهم؛ قال ابن سيده: وهذا الحرف هكذا رواه أَبو سعيد بالخاء معجمة؛ وأَنشد: الأَزهري في ترجمة صلخ:

لو أَبْصَرَتْ أَبْكَمَ أَعْمى أَصْلَخا

 

إِذاً لَسَمَّى، واهْتَدى أَنَّى وَخَى

أَي أَنَّى توجّه. يقال: وَخى يَخي وَخْياً، والله أَعلم.