باب الواو والفاء، القاف، الكاف

وفد

قال الله تعالى: يوم نحشر المتقين إِلى الرحمن وفْداً؛ قيل: الوَفْدُ الرُّكبان المُكَرَّمُون. الأَصمعي: وفَدَ فلان يَفِدُ وِفادةً إذا خرج إِلى ملك أَو أَمير. ابن سيده: وفَدَ عليه وإِليه يَفِدُ وَفْداً وَوُفُوداً ووَفادةً وإِفادةً، على البدل: قَدِمَ، فهو وافِدٌ؛ قال سيبويه: وسمعناهم ينشدون بيت ابن مقبل:

إِلاَّ الإِفادةَ فاسْتَوْلَتْ رَكائِبُنا،

 

عِنْدَ الجَبابِيرِ بِالبَأْساءِ والنِّعَم

وأَوْفَدَه عليه وهُمُ الوَفْدُ والوُفُودُ؛ فأَما الوَفْدُ فاسم للجميع، وقيل جميع؛ وأَما الوُفُودُ فجمع وافِدٍ، وقد أَوْفَدَه إِليه. ويقال: وفَّدَه الأَميرُ إِلى الأَمير الذي فوقَه. وأَوْفَدَ فلان إِيفاداً إذا أَشْرَف. الجوهري: وَفَدَ فلان على الأَمير أَي وَرَدَ رسولاً، فهو وافِدٌ. وجمع الوَفْدِ أَوْفادٌ ووُفُودٌ. وأَوفَدتُه أَنا إِلى الأَمير: أَرْسَلْتُه. والوافِدُ من الإِبل: ما سبقَ سائِرَها. وقد تكرر الوَفْدُ في الحديث، وهم القوم يجتمعون فَيرِدُونَ البلاد، واحدهم وافِدٌ، والذين يقصدون الأُمراء لزيارة واسْتِرْفَادٍ وانْتجاعٍ وغير ذلك. وفي الحديث: وفْدُ اللهِ ثلاثةٌ. وفي حديث الشهيد: فإِذا قُتل فهو وافِدٌ لسَبْعِينَ يشْهَدُ لهم؛ وقوله: أَجِيزُوا الوَفْدَ بنحو ما كنت أُجِيزُهمْ.
وتَوَفَّدَتِ الإِبلُ والطير: تسابَقَتْ.
وأَوْفَدَ الشيءَ: رَفَعَه. وأَوْفَدَ هو: ارْتَفَع. وأَوْفَدَ الرِّيمُ: رفع رأْسَه ونصَب أُذنيه؛ قال تميم ابن مقبل:

تَراءَتْ لنا يَوْمَ السِّيارِ بِفاحِـمٍ

 

وسُنَّة رِيمٍ خافَ سَمْعاً فَأَوْفَدَا

وَرَكَبٌ مُوفِدٌ: مُرْتَفِعٌ. وفلان مُسْتَوْفِدٌ في قِعْدَتِه أَي منتصب غير مطمئن كَمُسْتَوْفِزٍ. وأَمْسَيْنا على أَوْفادٍ أَي على سفر قد أَشْخَصَنا أَي أَقْلَقَنا.
والإِيفادُ على الشيء: الإِشرافُ عليه. والإِيقادُ أَيضاً: الإِسْراعُ، وهو في شعر ابن أَحمر. والوَفْدُ: ذُروْة الحَبْلِ من الرَّمْل المشرف.
والوَافِدان اللذان في شعر الأَعشى: هما النَّاشِزانِ من الخَدَّينِ عند المضْغ، فإِذا هَرِمَ الإِنسانُ غابَ وافِداهُ. ويقال للفرس: ما أَحْسَنَ ما أَوْفَدَ حارِكُه أَي أَشْرَفَ؛ وأَنشد:

تَرَى العِلافيَّ عَلْيها مُوِفدَا،

 

كأَنَّ بُرْجاً فَوْقَها مُشَـيَّدَا

أَي مُشْرِفاً. والأَوْفادُ: قوم من العرب؛ وقال:

فَلوْ كُنْتمُ منَّا أَخَذتمْ بِأَخْذنا،

 

ولكِنَّما الأَوْفادُ أَسفَلَ سافِلِ

ووافِدٌ: اسم. وبنو وَفْدانَ: حَيٌّ من العرب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

إِنَّ بَني وَفْدانَ قَوْمٌ سُكُّ،

 

مِثْلُ النَّعامِ، والنَّعامُ صُكُّ

وفر

الوَفْرُ من المال والمتاع: الكثيرُ الواسعُ، وقيل: هو العامُّ من كل شيء، والجمع وُفُورٌ؛ وقد وَفَرَ المالُ والنباتُ والشيءُ بنفسه وَفْراً ووُفُوراً وَفِرَةً. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: ولا ادَّخَرْتُ من غنائمها وَفْراً؛ الوَفْرُ: المال الكثير، وفي التهذيب: المال الكثير الوافر الذي لم ينقص منه شيء، وهو موفور وقد وَفَرْناه فِرَةً، قال: والمستعمل في التعدّي وفَّرْناه تَوْفِيراً.
وفي الحديث: الحمد لله الذي لا يَفِرُه المَنْعُ أَي لا يُكْثِرُه من الوافِر الكثير. يقال: وَفَرَه يَفِرُه كوَعَدَه يَعِدُه.
وأَرض وَفْراءُ: في نباتها فِرَةٌ. وهذه أَرض في نباتها وَفْرٌ ووَفْرَةٌ وفِرَةٌ أَيضاً أَي وُفُورٌ لم تُرْعَ. والوَفْراءُ: الأَرضُ التي لم يَنْقُصْ من نبتها؛ قال الأَعشى:

عَرَنْدَسَةٌ لا يَنْقُصُ السَّيْرُ غَرْضَها

 

كأَحْقَبَ بالوَفْراءِ جَأْبٍ مُـكَـدَّمِ

العرندسة: الشديدة من النوق. والغَرْضُ للرَّحْلِ: بمنزلة الحزام للسرج؛ يريد أَنها لا تَضْمُر في سيرها وكَلالها فَيَقْلَقَ غَرْضُها. ويقال: إِنها لعظم جوفها تستوفي الغَرْضَ. والأَحقب: الحمار الذي بموضع الحَقَبِ منه بياض، وإِنما تشبه الناقة بالعير لصلابته، ولهذا يقال فيها عَيْرانة.
والجأْب: الغليظ. ومكدَّم: مُعَضَّض أي كَدَّمَتْهُ الحمير وهو يطردها عن عانته.
ووَفَّرَ عليه حقه تَوْفِيراً واستوفَرَه أَي استوفاه وتَوَفَّرَ عليه رَعى حُرُماتِه. ويقال: هم مُتوافِرونَ أَي هم كثير. ووفُرَ الشيءُ وَفْراً وفِرَةً ووفَّره: كثره، وكذلك وَفَرَه مالَه وَفْراً وفِرَةً.
ووَفَّرَه: جعله وافِراً. ووَفَرَه عِرْضَه ووَفَّره له: لم يَشْتِمْه كأَنه أَبقاه له كثيراً طيباً لم يَنْقُصْه بشتم؛ قال:

أَلِكْنِي، وَفِرْ لابنِ الغَرِيرَةِ عِرْضَه

 

إِلى خالِدٍ من آلِ سَلْمى بنِ جَنْدَلِ

ووَفُرَ عِرْضُه ووَفَرَ وُفوراً: كَرُمَ ولم يُبْتَذَلْ، قال: وهو من الأَوّل وفي التنزيل العزيز: جَزاءً مَوْفوراً؛ هو من وَفَرْتُه أَفِرُه وَفْراً وفِرَةً، وهذا معتمد، واللازم قولك وَفَرَ المالُ يَفِرُ وُفوراً وهو وافر، وسِقاءٌ أَوْفَرُ، وهو الذي لم ينقص من أَديمه شيء، والموفور: الشيء التام؛ ووَفَرْتُ الشيءَ وَفْراً. وقولهم: تُوفَرُ وتُحْمَدُ من وقولك وَفَرْتُه عِرْضَه وماله. قال الفراء: إذا عُرِضَ عليك الشيء تقول تُوفَرُ وتُحْمَدُ، ولا تقل تُوثَر؛ يُضْرَب هذا المثل للرجل تعطيه الشيء فيردُّه عليك من غير تسخُّط؛ وقول الراجز:

كأَنها من بُـدُنٍ وإِيفـارْ

 

دَبَّتْ عليها ذَرِباتُ الأَنْبارْ

إِنما هو من الوفور والتمام. يقول: كأَنها مما أَوْفَرَها الراعي دَبَّتْ عليها الأَنْبار، ويروى: واستيفار، والمعنى واحد، ويروى: وإِيغار من أَوغَرَ العاملُ الخراج أَي استوفاه، ويروى بالقاف من أَوقَرَه أَي أَثقله.
ووَفَرَ الشيءَ: أَكمَلَهُ. ووَفَر الثوبَ: قطعه وافراً؛ وكذلك السقاء إذا لم يقطع من أَديمه فَضْلٌ. ومَزادة وَفْراءُ: وافِرَةُ الجلد تامة لم يُنْقَصْ من أَديمها شيء، وسِقاءٌ أَوْفَرُ؛ قال ذو الرمة:

وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ أَثْأَى خَوارِزُها

 

مُشَلْشَلٌ ضَيَّعَتْهُ بَيْنَها الكُتَبُ

والوفْراءُ أَيضاً: الملأَى المُوَفَّرَةُ المِلْءِ. وتَوَفّرَ فلانٌ على فلان بِبِرّه، ووَفَّرَ اللهُ حظه من كذا أَي أَسبغه.
والموفورُ في العروض: كل جزء يجوز فيه الزحاف فيسلم منه؛ قال ابن سيده: هذا قول أَبي إِسحق، قال: وقال مرة الموفور ما جاز أَن يخرم فلم يخرم، وهو فعولن ومفاعلين ومفاعلتن، وإِن كان فيها زحاف غير الخرم لم تخلُ من أَن تكون موفورة، قال: وإِنما سميت موفورة لأَن أَوتادها توفرت.
وأُذُنٌ وَفْراءُ: ضَخْمَةُ الشحمة عظيمة؛ وقول الشاعر:

وابْعَثْ يَساراً إِلى وَفْرٍ مُدَمَّعَةٍ

 

واجْـدَحْ إِلـيهـــا......

معناه أَنه لم يُعْطُوا منها الديات فهي موفورةٌ، يقول له: أَنت راع، ووَفَرَه عطاءَه إذا رَدَّه عليه وهو راضٍ أَو مستقل له.
والوَفْرَةُ: الشعر المجتمع على الرأْس، وقيل: ما سال على الأُذنين من الشعر، والجمع وِفارٌ؛ قال كثير عزة:

كأَنَّ وِفارَ القومِ تحتَ رِحالِـهـا

 

إِذا حُسِرَتْ عنها العمائمُ، عُنْصُلُ

وقيل: الوَفْرَةُ أَعظم من الجُمَّةِ؛ قال ابن سيده: وهذا غلط إِنما هي وَفْرَةٌ ثم جُمَّة ثم لِمَّة. والوَفْرَةُ: ما جاوز شحمة الأُذنين، واللِّمَّةُ: ما أَلمَّ بالمَنْكِبَينِ. التهذيب: والوَفْرَةُ الجُمَّة من الشعر إذا بلغت الأُذنين، وقد وفَرَها صاحبها، وفلان مُوَفَّرُ الشعر؛ وقيل: الوَفْرَةُ الشعرة إِلى شمحة الأُذن ثم الجُمَّة ثم اللِّمَّةُ. وفي حديث أَبي رِمْثَةَ: انطلقتُ مع أَبي نَحْوَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإِذا هو ذو وَفْرَة فيها رَدْعٌ من حِنَّاءِ؛ الوَفْرَة: شَعر الرأْس إذا وصل إِلى شحمة الأُذن.
والوافِرَةُ: أَلْيَةُ الكبش إذا عظمت، وقيل: هي كل شحمة مستطيلة؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

وعَلَّمَنَا الصَّـبْـرَ آبـاؤُنـا

 

وخُطَّ لنا الرَّمْيُ في الوافِرَه

الوافرة: الدنيا، وقيل: الحياة.
والوافِرُ: ضَرْب من العَرُوض، وهو مفاعلتن مفاعلتن فعولن، مرتين، أَو مفاعلتن مفاعلتن، مرتين، سمي هذا الشطر وافراً لأَن أَجزاءه موفرةٌ له وُفورَ أَجزاء الكامل، غير أَنه حذف من حروفه فلم يكمل.

وفز

لقيته على أَوْفازٍ أَي على عَجَلَةٍ، وقيل:معناه أَن تلقاه مُعِدّاً، واحدها وَفَزٌ، واستَوْفَزَ في قِعْدَتِه إذا قَعَدَ قُعُوداً منتصباً غير مطمئن. قال أَبو بكر: الوَفْزُ أَن لا يطمئن في قعوده. يقال: قعد على أَوفاز من الأَرض ووِفازٍ؛ وأَنشد:

أَسُوقُ عَيْراً مائِلَ الجَهازِ،

 

صَعْباً يُنَزِّيني على أَوْفازِ

قال: ولا تقل على وِفازٍ.
والوَفَزُ والوَفَزَةُ: العَجَلَة، والجمع أَوْفازٌ. قال أَبو منصور: والعرب تقول فلان على أَوفاز أَي على حَدِّ عَجَلَة، وعلى وَفَزٍ. ويقال: نحن على أَوْفازٍ أَي على سفر قد أَشْخَصْنا، وإِنا على أَوفاز. وفي حديث عليّ، كرم لله تعالى وجهه: كونوا منها على أَوْفازٍ، الوَفَزُ: العَجَلة. الليث: الوَفَزَةُ أَن تَرَى الإِنسانَ مُسْتَوْفِزاً قد اسْتَقَلَّ على رجليه ولما يستو قائماً وقد تهيأَ للأَفْزِ والوُثُوبِ والمُضِيِّ. يقال له: اطْمَئِنَّ فإِني أَراك مُسْتَوْفِزاً. قال أَبو معاذ: المُسْتَوْفِزُ الذي قد رفع أَليتيه ووضع ركبتيه؛ قاله في تفسير: وتَرَى كل أُمَّةٍ جاثِيةً؛ قال مجاهد: على الرُّكَبِ مُسْتَوْفِزِين.

وفش

بها أَوْفاشٌ من الناسِ: وهم السُّقَاطُ، واحدُهم وَفْشٌ، وقد يقال أَوْقاسٌ، بالقاف والسين غير المعجمة.

وفص

الوَفاصُ: الموضع الذي يُمْسِكُ الماءَ؛ عن ابن الأَعرابي، وقال ثعلب: هو الوِفاصُ، بالكسر، وهو الصحيح.

وفض

الوِفاضُ: وِقاية ثِفالِ الرَّحى، والجمع وُفُضٌ؛ قال الطرمّاح:

قد تجاوَزْتُها بهَضّاء كالـجِـنَّ

 

ةِ، يُخْفُون بعضَ قَرْعِ الوِفاضِ

أَبو زيد: الوِفاضُ الجلدة التي توضع تحت الرَّحى. وقال أَبو عمرو: الأَوْفاضُ والأَوْضامُ واحدها وفَضٌ ووَضَمٌ، وهو الذي يُقطع عليه اللحم؛ وقال الطّرماح:

كم عَدُوٍّ لنا قُراسِيةِ العِزِّ

 

تَرَكْنا لَحْماً على أَوْفاضِ

وأَوْفَضْتُ لفلان وأَوْضَمْت إذا بسَطْتَ له بِساطاً يَتَّقي به الأَرضَ. ثعلب عن ابن الأَعرابي: يقال للمكان الذي يُمْسِك الماء الوِفاضُ والمَسَكُ والمَساكُ، فإِذا لم يُمْسِكْ فهو مَسْهَبٌ.
والوَفْضةُ: خَرِيطةٌ يَحْمِلُ فيها الرَّاعي أَداتَه وزاده.
والوَفْضةُ: جَعْبةُ السِّهامِ إذا كانت من أَدَمٍ لا خشبَ فيها تشبيهاً بذلك، والجمع وِفاضٌ. وفي الصحاح: والوَفْضةُ شيء كالجَعْبةِ من أَدَمٍ ليس فيها خشب؛ وأَنشد ابن بري للشَّنْفَرَى:

لها وَفْضةٌ فيها ثلاثون سَيْحَفـاً،

 

إِذا آنَسَتْ أُولى العَدِيِّ اقْشَعَرّتِ

الوَفضةُ هنا: الجَعبة، والسَّيْحَفُ: النَّصْلُ المُذَلَّقُ. وفَضَتِ الإِبلُ: أَسرَعَت. وناقة مِيفاضٌ: مُسْرِعةٌ، وكذلك النعامةُ؛ قال:

لأَنْعَتَنْ نَعـامةً مِـيفـاضـا

 

خَرْجاءَ تَغْدُو تَطْلُب الإِضاضا

وأَوْفَضَها واسْتَوْفَضَها: طَرَدَها. وفي حديث وائل بن حجر: من زَنى مِنْ بِكْرٍ فأَصْقِعُوه كذا واسْتَوْفِضُوه عاماً أَي اضْرِبُوه واطْرُدُوه عن أَرضه وغَرِّبوه وانْفُوه، وأَصله من قولك اسْتَوْفَضَتِ الإِبلُ إذا تفرَّقت في رَعْيِها. الفراء في قوله عزّ وجلّ: كأَنهم إِلى نُصُب يوفضون، الإِيفاضُ الإِسْراعُ، أَي يُسْرِعُون. وقال الليث: الإِبل تَفِضُ وَفْضاً وتَسْتَوْفِضُ وأَوْفَضَها صاحبُها؛ وقال ذو الرمة يصف ثوراً وحشيّاً:

طاوي الحَشا قَصَّرَتْ عنه مُحَرَّجةٌ،

 

مُسْتَوْفَضٌ من بَناتِ القَفْرِ مَشْهُومُ

قال الأَصمعي: مُسْتَوْفَضٌ أَي أُفْزِعَ فاسْتَوْفَضَ، وأَوْفَضَ إذا أَسْرَع. وقال أَبو زيد: ما لي أَراكَ مُسْتَوْفَضاً أَي مَذْعُوراً، وقال أَبو مالك: اسْتَوْفَضَ اسْتَعْجَلَ؛ وأَنشد لرؤبةً:

إِذا مَطَوْنا نِقْضةً أَو نِقْـضـا،

 

تَعْوِي البُرَ مُسْتَوْفِضاتٍ وَفْضا

تَعْوِي أَي تَلْوِي. يقال: عَوَتِ الناقةُ بُرَتها في سيْرها أَي لوتها بخِطامِها؛ ومثل شعر رؤبة قولُ جرير:

يَسْتَوفِضُ الشيخُ لا يَثْنِي عمامَته،

 

والثلْجُ فوق رُؤوس الأُكْمِ مَرْكُومُ

وقال الحطيئة:

وقِدْرٍ إذا ما أَنْفَضَ الناسُ، أَوْفَضَت

 

إِليها بأَيْتامِ الـشِّـتـاءِ الأَرامِـلُ

وأَوْفَضَ واسْتَوْفَضَ: أَسرَع. واسْتَوْفَضَه إذا طَرَده واستعجله.
والوَفْضُ: العجَلة. واسْتَوْفَضَها: استعجَلها. وجاءَ على وفْض ووفَضٍ أَي على عجَل. والمُسْتَوْفِضُ: النافِرُ من الذُّعْرِ كأَنه طلَب وفْضَه أَي عدْوَه. يقال: وفَضَ وأَوْفَضَ إذا عَدا.
ويقال: لِقيتُه على أَوْفاضٍ أَي على عجَلةٍ مثل أَوْفازٍ؛ قال رؤبة:

يَمْشِي بنا الجِدُّ على أَوْفاضِ

قال أَبو تراب: سمعت خليفة الحُصَيْنِي يقول: أَوْضَعتِ الناقةُ وأَوْضَفَت إذا خَبَّتْ، وأَوْضَفْتُها فوضَفت وأَوْفَضْتها فوفَضَت. ويقال للأَخلاط: أَوْفاضٌ، والأَوْفاضُ: الفِرَقُ من الناس والأَخْلاطُ من قَبائلَ شَتَّى كأَصْحاب الصُّفّةِ. وفي حديث النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه أَمَر بصدَقةٍ أَن توضَع في الأَوْفاضِ؛ فُسِّرُوا أَنهم أَهلُ الصُّفّةِ وكانوا أَخْلاطاً، وقيل: هم الذين مع كل واحد منهم وَفْضةٌ، وهي مثل الكِنانةِ الصغيرة يُلْقي فيها طعامَه، والأَوّل أَجْودُ. قال أَبو عمرو: الأَوْفاضُ هم الفِرَقُ من الناس والأَخْلاط، من وفضَتِ الإِبلُ إذا تفرّقت، وقيل: هم الفقراء الضّعافُ الذين لا دِفاعَ بهم، واحدهم وفض. وفي الحديث: أَن رجلاً من الأَنصار جاءَ إِلى النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: مالي كلُّه صدَقةٌ، فأَقْتر أَبواه حتى جلَسا مع الأَوْفاضِ أَي افتقَرا حتى جلسا مع الفقراء، قال أَبو عبيد: وهذا كله عندنا واحد لأَن أَهلَ الصُّفّة إِنما كانوا أَخلاطاً من قَبائل شتَّى، وأَنكر أَن يكون مع كل رجل منهم وفْضةٌ. ابن شميل: الجَعْبةُ المُسْتديرةُ الواسعةُ التي على فمها طبَقٌ من فوقها والوَفْضةُ أَصغرُ منها، وأَعْلاها وأَسفلُها مُسْتَوٍ.
والوَفَضُ: وضَمُ اللحم؛ طائيّةٌ؛ عن كراع.

وفط

لَقِيته على أَوْفاطٍ أَي على عَجَلةٍ، والظاء المعجمة أَعرف.

وفع

الوَفْعةُ: الغِلافُ، وجمعها وِفاعٌ. قال ابن بري: والوَفْعُ المُرْتَفِعُ من الأَرض، وجمعه أَوْفاعٌ؛ قال ابن الرِّقاعِ:

فما تَرَكَتْ أَركانُه مـن سَـوادِه

 

ولا من بَياضٍ مُسْتَراداً، ولا وَفْعا

والوَفِيعةُ: هَنةٌ تُتَّخَذُ من العَراجِين والخُوص مثل السَّلّةِ، ولا تقله بالقاف. وحكى ابن بري قال: قال ابن خالَوَيْه الوَفِيعةُ، بالفاء والقَاف جميعاً، القُفَّة من الخوص؛ قال: وقال الحامِضُ وابن الأَنباري هي بالقاف لا غير، وقال غيرهما بالفاء لا غير. ويقال للخرْقة التي يَمْسح بها الكاتبُ قَلَمَه من المِدادِ: الوَفِيعةُ. والوَفِيعةُ: خِرْقةُ الحائِض. ابن الأَعرابي قال: الرَّبَذةُ والوَفِيعةُ والطليةُ صوفة تُطْلى بها الإِبل الجَرْبَى. والوَفِيعةُ والوِفاعُ: صِمامُ القارُورةِ. وغلام وفَعةٌ وأَفَعةٌ كَيَفعةٍ.

وفق

الوِفاقُ: المُوافقة. والتَّوافق: الاتفاق والتظاهر. ابن سيده: وَفْقُ الشيء ما لاءَمه، وقد وَافقهُ مُوافقةً ووِفاقاً واتَّفَق معه وتَوَافقا. غيره: وتقول هذا وَفْقُ هذا وَوِفاقه وفيقه وفُوقه وسِيُّه وعِدْله واحد. الليث: الوَفْقُ كل شيء يكون مُتَّفِقاً على تَيْفاقٍ واحد فهو وَفْق كقوله:

يَهْوِين شَتَّى ويَقَعْنَ وَفْقا

ومنه المُوافقة: تقول: وافَقْت فلاناً في موضع كذا أَي صادفته، ووافَقْت فلاناً على أَمر كذا أَي اتَّفقنا عليه معاً، ووافَقْتُه أَي صادفته.ووَفِقْتَ أَمرك أَي وُفِّقْتَ فيه، وأَنت تَفِق أَمرَك كذلك. ويقال:وَفِقْتَ أَمرَك تَفِقُ، بالكسر فيهما، أَي صادفته مُوافقاً وهو من التَّوفيق كما يقال رِشدْتَ أَمرَك. والوَفْق: من المُوافقة بين الشيئين كالالْتِحام؛ قال عُوَيْف القَوَافي:

يا عُمَرَ الخَيْرِ المُلَقَّى وَفْـقَـه،

 

سُمِّيت بالفاروق، فافْرُقْ فَرْقَه،

وجاء القوم وَفْقاً أَي متوافقين. وكنت عنده وَفْقَ طلعت الشمس أَي حين طلعت أَو ساعة طلعت؛ عن اللحياني.ووَفَّقه الله سبحانه للخير: أَلهمه وهو من التَّوْفيق. وفي الحديث: لا يَتَوَفَّقُ عبدٌ حتى يُوَفِّقه الله. وفي حديث طلحة والصيد: إنه وَفَّق منْ أَكله أَي دعا له بالتَّوْفيق واستصوب فعله. واسْتَوْفقتُ الله أَي سأَلته التَّوْفِيق. والوِفْقُ: التَّوْفيق. وإن فلاناً مُوَفَّق رشيد، وكنا من أَمرنا على وِفاقٍ. ووَفِقَ أَمرَه يَفِقُ، قال الكسائي: يقال رَشِدْتَ أَمرَك ووَفِقْتَ رأيك، ومعنى وَفِقَ أَمرَه وجده مُوافقاً. وقال اللحياني: وفِقَه فهمه. وفي النوادر: فلان لا يفِق لكذا وكذا أَي لا يقدر له لوقته. ويقال: وفقت له ووُفِّقْتُ له ووَفَقْتُه ووَفِقَني، وذلك إذا صادفني ولقيني. وأَتانا لوَفْقِ الهلال ولِميفاقِه وتَوْفِيقه وتِيفَاقه وتَوْفاقه أَي لطلوعه ووقته، معناه أَتانا حين الهلال. وحكى اللحياني: أَتيتك لوَفْق تفعل ذلك وتَوْفاق وتِيفاق ومِيفاق أَي لحين فعلك ذلك، وأَتيتك لتوفيق ذلك وتَوَفُّق ذلك؛ عنه أيضاً لم يزد على ذلك. وفي حديث علي، رضي الله عنه، وسئل عن البيت المعمور فقال: هو بيت في السماء تَيفاقُ الكعبة أي خداؤها ومقابلها. يقال: كان ذلك لوَفْق الأمر وتَوْفاقه وتِيفاقه، وأَصل الكلمة الواو والياء زائدة. ووَفِقَ الأَمرَ يَفِقُه: فهمه؛ عن اللحياني، ونظيره قولهم وَرِع يَرِع وله نظائر كوَرِمَ يَرِمُ ووَثِقَ يَثِقُ، وكل لفظة منها مذكورة في موضعها. ويقال: حَلُوبة فلان وَفْق عياله أَي لها لبن قدر كفايتهم لا فضل فيه، وقيل: قدر ما يقوتهم؛ قال الراعي:

أَما الفقيرُ الذي كانت حَلُوبتـه

 

وَفْقَ العِيال، فلم يُتْرَكْ له سَبَدُ

أَبو زيد: من الرجال الوَفِيقُ وهو الرفيق، يقال: رَفِيق وَفيق.
وأَوْفَقت السهمَ إذا جعلت فُوقه في الوَتَر لترمي، لغة، كأَنه قَلْب أَفْوقت، ولا يقال أَفوقت، واشتق هذا الفعل من مُوافقة الوَتَر مَحَزَّ الفُوق؛ قال الأَزهري: الأَصل أَفْوَقْت السهمَ من الفُوق، قال: ومن قال أَوْفَقْت فهو مقلوب. الأَصمعي: أَوْفَقَ الرامي إيفاقاً إذا جعل الفُوقَ في الوتر؛ وأَنشد:

وأَوْفَقَتْ للرَّمْيِ حَشْرات الرَّشَقْ

ويقال: إنه لمُسْتَوْفِقٌ له بالحُجة ومُفِيق له إذا أَصاب فيها. ابن بزرج: أَوْفَقَ القومُ الرجلَ دنوا منه واجتمعت كلمتهم عليه، وأَوْفقَت الإبلُ: اصطفت واستوت معاً، وقد سموا مُوَفَّقاً ووِفَاقاً.

وفل

الوَفْلُ: الشيء القليل.

وفن

جئت على وَفَنِهِ أَي أَثره؛ قال ابن دريد: وليس بِثَبَتٍ. ابن الأَعرابي: الوَفْنَةُ القلة في كل شيء،والتَّوَفُّنُ النقص في كل شيء.

وفه

الوافِهُ: قَيِّمُ البِيعةِ الذي يقوم على بيت النصارى الذي فيه صليبهم، بلغة أَهل الجزيرة، كالواهِفِ، ورُتْبَتُهُ الوَفْهِيَّةُ. وفي كتابه لأَهل نَجْرانَ: لا يُحَرَّكُ راهبٌ عن رَهبانيتِهِ، ولا يُغَيَّرُ وافِهٌ عن وَفْهِيَّتِهِ، ولا قِسِّيسٌ عن قسِّيسِيَّتِهِ. وجاء في بعض الأَخبار: واقِهٌ، بالقاف أَيضاً، والصواب الفاء، ويروى واهِفٌ.

وفي

الوفاءُ: ضد الغَدْر، يقال: وَفَى بعهده وأَوْفَى بمعنى؛ قال ابن بري: وقد جمعهما طُفَيْل الغَنَوِيُّ في بيت واحد في قوله:

أَمَّا ابن طَوْقٍ فقد أَوْفَى بِذِمَّتِه

 

كما وَفَى بِقلاصِ النَّجْمِ حادِيها

وَفَى يَفِي وَفاءً فهو وافٍ. ابن سيده: وفَى بالعهد وَفاءً؛ فأَما قول الهذلي:

إذ قَدَّمُوا مِائةً واسْتَأْخَرَتْ مِـائةً

 

وَفْياً، وزادُوا على كِلْتَيْهِما عَدَدا

فقد يكون مصدر وَفَى مسموعاً وقد يجوز أَن يكون قياساً غير مسموع، فإن أَبا علي قد حكى أَن للشاعر أَن يأْتي لكلّ فَعَلَ بِفَعْلٍ وإن لم يُسمع، وكذلك أَوْفَى. الكسائي وأَبو عبيدة: وَفَيْتُ بالعهد وأَوْفَيْتُ به سواء، قال شمر: يقال وَفَى وأَوْفَى، فمن قال وفَى فإنه يقول تَمَّ كقولك وفَى لنا فلانٌ أَي تَمَّ لنا قَوْلُه ولم يَغْدِر. ووَفَى هذا الطعامُ قفيزاً؛ قال الحطيئة:

وفَى كَيْلَ لا نِيبٍ ولا بَكَرات

أَي تَمَّ، قال: ومن قال أَوْفَى فمعناه أَوْفاني حقَّه أَي أَتَمَّه ولم يَنْقُصْ منه شيئاً، وكذلك أَوْفَى الكيلَ أَي أَتمه ولم ينقص منه شيئاً. قال أَبو الهيثم فيما ردّ على شمر: الذي قال شمر في وَفَى وأَوْفَى باطل لا معنى له، إنما يقال أَوْفَيْتُ بالعهد ووَفَيْتُ بالعهد. وكلُّ شيء في كتاب الله تعالى من هذا فهو بالأَلف، قال الله تعالى: أَوْفُوا بالعُقود، وأَوْفُوا بعهدي؛ يقال: وفَى الكيلُ ووَفَى الشيءُ أَي تَمَّ، وأَوْفَيْتُه أَنا أَتمَمْته، قال الله تعالى: وأَوفُوا الكيلَ؛ وفي الحديث: فممرت بقوم تُقْرَضُ شِفاهُهم كُلَّما قُرِضَتْ وفَتْ أَي تَمَّتْ وطالَتْ؛ وفي الحديث: أَلَسْتَ تُنْتِجُها وافيةً أَعينُها وآذانُها. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إنكم وَفَيْتُم سبعين أُمَّةً أَنتم خَيْرُها وأَكْرَمُها على الله أَي تَمَّت العِدَّة سبعين أُمة بكم.
ووفَى الشيء وُفِيّاً على فُعولٍ أَي تَمَّ وكثر. والوَفِيُّ: الوافِي.
قال: وأَما قولهم وفَى لي فلان بما ضَمِن لي فهذا من باب أَوْفَيْتُ له بكذا وكذا ووَفَّيتُ له بكذا؛ قال الأَعشى:

وقَبْلَكَ ما أَوْفَى الرُّقادُ بِجارةٍ

والوَفِيُّ: الذي يُعطِي الحقَّ ويأْخذ الحقَّ. وفي حديث زيد بن أَرْقَمَ: وَفَتْ أُذُنُكَ وصدّق الله حديثَك، كأَنه جعل أُذُنَه في السَّماع كالضامِنةِ بتصديق ما حَكَتْ، فلما نزل القرآن في تحقيق ذلك الخبر صارت الأُذن كأَنها وافية بضمانها خارجة من التهمة فيما أَدَّته إلى اللسان، وفي رواية: أَوفى الله بأُذنه أَي أَظهر صِدْقَه في إِخباره عما سمعت أُذنه، يقال: وفَى بالشيء وأَوْفَى ووفَّى بمعنى واحد. ورجل وفيٌّ ومِيفاءٌ: ذو وَفاء، وقد وفَى بنَذْرِه وأَوفاه وأَوْفَى به؛ وفي التنزيل العزيز:يُوفُون بالنَّذر، وحكى أَبو زيد: وفَّى نذره وأَوْفاه أَي أَبْلَغه، وفي التنزيل العزيز: وإبراهيمَ الذي وَفَّى؛ قال الفراء: أَي بَلَّغَ، يريد بَلَّغَ أَنْ ليست تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى أَي لا تحمل الوازِرةُ ذنب غيرها؛ وقال الزجاج: وفَّى إبراهيمُ ما أُمِرَ به وما امْتُحِنَ به من ذبح ولده فعزَم على ذلك حتى فَداه الله بذِبْح عظيم، وامْتُحِنَ بالصبر على عذاب قومه وأُمِر بالاخْتِتان، فقيل: وفَّى، وهي أَبلغ من وَفَى لأَن الذي امْتُحِنَ به من أَعظم المِحَن. وقال أبو بكر في قولهم الزَمِ الوَفاء: معنى الوفاء في اللغة الخُلق الشريف العالي الرَّفِيعُ من قولهم: وفَى الشعرَ فهو وافٍ إذا زادَ؛ ووَفَيْت له بالعهد أَفِي؛ ووافَيْتُ أُوافِي، وقولهم: ارْضَ من الوفاء باللّفاء أَي بدون الحق؛ وأَنشد:

ولا حَظِّي اللَّفاءُ ولا الخَسِيسُ

والمُوافاةُ: أَن تُوافيَ إنساناً في المِيعاد، وتَوافَينا في الميعاد ووافَيْتُه فيه، وتوَفَّى المُدَّة: بلَغَها واسْتَكْمَلها، وهو من ذلك.
وأَوْفَيْتُ المكان: أَتيته؛ قال أَبو ذؤَيب:

أُنادِي إذا أُفِي من الأَرضِ مَرْبَأ

 

لأَني سَمِيعٌ، لَوْ أُجابُ، يَصيِرُ

أُفِي: أُشْرِفُ وآتي؛ وقوله انادي أي كلما أَشرفت على مَرْبَإٍ من الأَرض نادَيتُ يا دارُ أَين أَهْلَكِ، وكذلك أَوْفَيْتُ عليه وأَوْفَيْت فيه. وأَوْفَيْتُ على شَرَفٍ من الأَرض إذا أَشْرَفْت عليه، فأَنا مُوفٍ، وأَوْفَى على الشيء أَي أَشْرَفَ؛ وفي حديث كعب بن مالك: أَوْفَى على سَلْعٍ أَي أَشْرَفَ واطَّلَعَ. ووافَى فلان: أَتَى.وتوافَى القومُ: تتامُّوا. ووافَيْتُ فلاناً بمكان كذا.
ووَفَى الشيءُ: كثُرَ؛ ووَفَى رِيشُ الجَناحِ فهو وافٍ، وكلُّ شيء بلَغ تمامَ الكمال فقد وَفَى وتمَّ، وكذلك دِرْهمٌ وافٍ يعني به أَنه يزن مِثقالاً، وكَيْلٌ وافٍ. ووَفَى الدِّرْهَمُ المِثقالَ: عادَلَه، والوافِي: درهمٌ وأَربعةُ دَوانِيقَ؛ قال شمر: بلغني عن ابن عيينة أَنه قال الوافِي درهمٌ ودانِقانِ، وقال غيره: هو الذي وَفَى مِثقالاً، وقيل: درهمٌ وافٍ وفَى بزِنتِه لا زيادة فيه ولا نقص، وكلُّ ما تمَّ من كلام وغيره فقد وفَى، وأَوْفَيْتُه أَنا؛ قال غَيْلانُ الرَّبَعِي:

أَوْفَيْتُ الزَّرْعَ وفَوْقَ الإِيفاء

وعدَّاه إلى مفعولين، وهذا كما تقول: أَعطيت الزرع ومنحته، وقد تقدم الفرق بين التمام والوفاء. والوافِي من الشِّعْر: ما اسْتَوفَى في الاستعمال عِدَّة أَجزائه في دائرته، وقيل: هو كل جزء يمكن أَن يدخله الزِّحاف فسَلِمَ منه.
والوَفاء: الطُّول؛ يقال في الدُعاءِ: مات فلان وأَنت بوَفاء أَي بطول عُمُر، تدْعُو له بذلك؛ عن ابن الأَعرابي. وأَوْفَى الرجلَ حقَّه ووَفَّاه إِياه بمعنى: أَكْمَلَه له وأَعطاه وافياً. وفي التنزيل العزيز: ووَجدَ اللهَ عندَه فوفَّاه حسابَه. وتَوَفَّاه هو منه واسْتَوْفاه: لم يَدَعْ منه شيئاً. ويقال أَوْفَيْته حَقَّه ووَفَّيته أَجْره. ووفَّى الكيلَ وأَوفاه: أَتَمَّه. وأَوْفَى على الشيء وفيه: أَشْرَفَ. وإنه لمِيفاء على الأَشْرافِ أَي لا يزالُ يُوفِي عليها، وكذلك الحِمار وعَيرٌ مِيفاء على الإِكام إذا كان من عادته أَن يُوفيَ عليها؛ وقال حميد الأَرقط يصف الحمار:

عَيْرانَ مِيفاءٍ على الرُّزُونِ

 

حَدَّ الرَّبِـيعِ، أَرِنٍ أَرُونِ

لا خَطِلِ الرَّجْعِ ولا قَرُونِ

 

لاحِقِ بَطْنٍ بِقَراً سَمِـينِ

ويروى: أَحْقَبَ مِيفاءٍ، والوَفْيُ من الأَرض: الشَّرَفُ يُوفَى عليه؛ قال كثير:

وإنْ طُوِيَتْ من دونه الأَرضُ وانْبَرَى

 

لِنُكْبِ الرِّياحِ. وَفْيُها وحَـفِـيرُهـا

والمِيفَى والمِيفاةُ، مقصوران، كذلك. التهذيب: والميفاةُ الموضع الذي يُوفِي فَوقه البازِي لإِيناس الطير أَو غيره، قال رؤْبة:

ميفاء رؤوس فوره

والمِيفَى: طَبَق التَّنُّور. قال رجل من العرب لطباخه: خَلِّبْ مِيفاكَ حتى يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ، قال: خَلِّبْ أَي طَبِّقْ، والرَّوْدَقُ: الشِّواء. وقال أَبو الخطاب: البيت الذي يطبخ فيه الآجُرُّ يقال له المِيفَى؛ روي ذلك عن ابن شميل.وأَوْفَى على الخمسين: زادَ، وكان الأَصمعي يُنكره ثم عَرَفه.
والوَفاةُ: المَنِيَّةُ. والوفاةُ: الموت. وتُوُفِّيَ فلان وتَوَفَّاه الله إذا قَبَضَ نَفْسَه، وفي الصحاح: إذا قَبَضَ رُوحَه، وقال غيره: تَوَفِّي الميتِ اسْتِيفاء مُدَّتِه التي وُفِيتْ له وعَدَد أَيامِه وشُهوره وأَعْوامه في الدنيا. وتَوَفَّيْتُ المالَ منه واسْتوْفَيته إذا أَخذته كله. وتَوَفَّيْتُ عَدَد القومِ إذا عَدَدْتهم كُلَّهم؛ وأَنشد أَبو عبيدة لمنظور الوَبْرِي:

إنَّ بني الأَدْرَدِ لَيْسُوا مِنْ أَحَدْ

 

ولا تَوَفَّاهُمْ قُرَيشٌ في العددْ

أَي لا تجعلهم قريش تَمام عددهم ولا تَسْتَوفي بهم عدَدَهم؛ ومن ذلك قوله عز وجل: الله يَتَوفَّى الأَنْفُسَ حينَ مَوْتِها؛ أَي يَسْتَوفي مُدَد آجالهم في الدنيا، وقيل: يَسْتَوْفي تَمام عدَدِهم إِلى يوم القيامة، وأَمّا تَوَفِّي النائم فهو اسْتِيفاء وقْت عَقْله وتمييزه إِلى أَن نامَ.
وقال الزجاج في قوله: قل يَتَوَفَّاكم مَلَكُ الموت، قال: هو من تَوْفِية العدد، تأْويله أَن يَقْبِضَ أَرْواحَكم أَجمعين فلا ينقُص واحد منكم، كما تقول: قد اسْتَوْفَيْتُ من فلان وتَوَفَّيت منه ما لي عليه؛ تأْويله أَن لم يَبْقَ عليه شيء. وقوله عز وجل: حتى إذا جاءتهم رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهم؛ قال الزجاج: فيه، والله أَعلم، وجهان: يكون حتى إذا جاءتهم ملائكةُ الموت يَتَوَفَّوْنَهم سَأَلُوهم عند المُعايَنة فيعترفون عند موتهم أَنهم كانوا كافرين، لأَنهم قالوا لهم أَين ما كنتم تدعُون من دون الله؟ قالوا: ضَلُّوا عنا أَي بطلوا وذهبوا، ويجوز أَن يكون، والله أَعلم، حتى إذا جاءتهم ملائكة العذابِ يتوفونهم، فيكون يتوفونهم في هذا الموضع على ضربين: أَحدهما يَتَوَفَّوْنَهم عذاباً وهذا كما تقول: قد قَتَلْتُ فلاناً بالعذاب وإن لم يمت، ودليل هذا القول قوله تعالى: ويأْتِيه الموتُ من كلِّ مَكانٍ وما هو بمَيِّت؛ قال: ويجوز أَن يكون يَتَوَفَّوْنَ عِدَّتهم، وهو أَضعف الوجهين، والله أعلم، وقد وافاه حِمامُه؛ وقوله أَنشده ابن جني:

ليتَ القِيامةَ، يَوْمَ تُوفي مُصْعَبٌ

 

قامتْ على مُضَرٍ وحُقَّ قِيامُها

أَرادَ: وُوفيَ، فأَبدل الواو تاء كقولهم تالله وتَوْلجٌ وتَوْراةٌ، فيمن جعلها فَوْعَلة. التهذيب: وأَما المُوافاة التي يكتبها كُتَّابُ دَواوين الخَراج في حِساباتِهم فهي مأْخوذة من قولك أَوْفَيْتُه حَقَّه ووَفَّيْتُه حَقَّه ووافَيْته حَقَّه،كل ذلك بمعنى: أَتْمَمْتُ له حَقَّه، قال: وقد جاء فاعَلْتُ بمعنى أَفْعلْت وفَعَّلت في حروف بمعنى واحد. يقال: جاريةٌ مُناعَمةٌ ومُنَعَّمةٌ، وضاعَفْتُ الشيء وأَضْعَفْتُه وضَعَّفْتُه بمعنى، وتَعاهَدْتُ الشيء وتعَهَّدْته وباعَدْته وبَعَّدته وأَبْعَدْتُه، وقارَبْتُ الصبي وقَرَّبْتُه، وهو يُعاطِيني الشيء ويُعطِيني؛ قال بشر بن أبي خازم:

كأَن الأَتْحَمِيَّةَ قامَ فـيهـا

 

لحُسنِ دَلالِها، رَشأٌ مُوافي

قال الباهلي: مُوافي مثلُ مفاجي؛ وأَنشد:

وكأَنما وافاكَ، يومَ لقِـيتَـهـا

 

من وَحْش وَجّرةَ، عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ

وقيل: موافي قد وافى جِسْمُه جِسمَ أُمه أَي صار مثلها.
والوَفاء: موضع؛ قال ابن حِلِّزةَ:

فالمُحَيَّاةُ فالصِّفاحُ فَأَعْنا

 

قُ قَنانٍ فَعاذِبٌ فالوَفاء

وأَوْفى: اسم رجل.

وقب

الأَوْقابُ: الكُوَى، واحدُها وَقْبٌ.
والوَقْبُ في الجبَل: نُقْرة يجتمع فيها الماء.
والوَقْبةُ: كُوَّة عظيمة فيها ظِلٌّ. والوَقْبُ والوَقْبةُ: نَقْرٌ في الصَّخْرة يجتمع فيه الماءُ؛ وقيل: هي نحوُ البئر في الصَّفَا، تكون قامة أَو قامتين، يَسْتَنْقِع فيها ماءُ السماء. وكلُّ نَقْرٍ في الجَسدِ: وَقْبٌ، كنَقْرِ العين والكَتِفِ. ووَقْبُ العَيْن: نُقْرَتُها؛ تقول: وَقَبَتْ عَيْناه، غارَتَا. وفي حديث جَيْشِ الخَبَطِ: فاغْتَرَفْنا من وَقْبِ عَيْنه بالقِلالِ الدُّهْنَ؛ الوَقْبُ: هو النُّقْرة التي تكون فيها العين. والوَقْبانِ من الفَرس: هَزْمتانِ فوق عَيْنَيْه، والجمع من كل ذلك وُقوبٌ ووِقابٌ. ووَقْبُ المحالةِ: الثَّقْبُ الذي يدخُل فيه المِحْوَرُ. ووَقْبةُ الثَّريد والمُدْهُنِ: اُنْقُوعَتُه. الليث: الوَقْبُ كلُّ قَلْتٍ أَو حُفْرة، كقَلْتٍ في فِهْر، وكوَقْبِ المُدْهُنةِ؛ وأَنشد:

في وَقْبِ خَوْصاءَ، كوَقْبِ المُدْهُنِ

الفراء: الإِيقابُ إِدْخالُ الشيءِ في الوَقْبةِ.
ووَقَبَ الشيءُ يَقِبُ وَقْباً: دَخَلَ، وقيل: دَخَل في الوَقْبِ.
وأَوْقَبَ الشيءَ: أَدْخَلَه في الوَقْبِ. ورَكِيَّةٌ وَقْباءُ: غائرةُ الماء. وامرأَة مِيقابٌ: واسعةُ الفَرْج. وبنُو المِيقابِ: نُسِبُوا إِلى أُمِّهم، يريدون سَبَّهم بذلك.
ووَقَبَ القمرُ وُقُوباً: دخَل في الظِّلِّ الصَّنَوبَريّ الذي يَكْسِفُه. وفي التنزيل العزيز: ومِن شَرِّ غاسقٍ إذا وَقَبَ؛ الفراء: الغاسِقُ الليل؛ إذا وَقَبَ إذا دخَل في كل شيء وأَظْلَمَ. ورُوي عن عائشة، رضي اللّه عنها، أَنها قالت: قال رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، لما طَلَع القمرُ: هذا الغاسِقُ إذا وَقَبَ، فتَعَوَّذي باللّه من شَرِّه. وفي حديثٍ آخر لعائشة: تَعَوَّذي باللّه من هذا الغاسقِ إذا وَقَبَ أَي الليل إذا دخَلَ وأَقْبَلَ بظَلامِه. ووَقَبَتِ الشمسُ وَقْباً ووُقُوباً: غابَتْ؛ وفي الصحاح: ودخَلَتْ مَوْضِعَها. قال محمد بن المكرم: في قول الجوهري دخَلَتْ موضِعَها، تَجَوُّزٌ في اللفظ، فإِنها لا موضعَ لها تَدْخُله.
وفي الحديث: لما رَأَى الشمسَ قد وَقَبَتْ قال: هذا حِينُ حِلِّها؛ وَقَبَتْ أَي غابَتْ؛ وحِينُ حِلِّها أَي الوَقْتُ الذي يَحِلُّ فيه أَداؤُها، يعني صلاةَ المغرب.
والوُقُوبُ: الدُّخُولُ في كل شيء؛ وقيل: كلُّ ما غابَ فقد وَقَبَ وقْباً. ووَقَبَ الظلامُ: أَقْبَلَ، ودخَل على الناس؛ قال الجوهري: ومنه قوله تعالى: ومن شَرِّ غاسقٍ إذا وَقَبَ؛ قال الحسنُ: إذا دخَل على الناس.
والوَقْبُ: الرجلُ الأَحمقُ، مثلُ الوَغْبِ؛ قال الأَسْوَد بنُ يَعْفُرَ:

أَبَنِي نُجَـيْحٍ، إِنَّ أُمَّـكُـمُ

 

أَمَةٌ، وإِنَّ أَباكُـمُ وَقْـبُ

أَكَلَتْ خَبيثَ الزادِ، فاتَّخَمَتْ

 

عنه، وشَمَّ خِمارَها الكَلْبُ

ورجلٌ وَقْبٌ: أَحمقُ، والجمع أَوْقابٌ، والأُنثى وَقْبة. والوُقْبيُّ: المُولَعُ بصُحْبةِ الأَوْقابِ، وهم الحَمْقَى. وفي حديث الأَحْنَفِ: إِياكم وحَمِيَّةَ الأَوْقابِ؛ هم الحَمْقَى. وقال ثعلب: الوَقْبُ الدَّنِيءُ النَّذْلُ، مِن قولك وَقَبَ في الشيء: دخَل فكأَنه يدخُل في الدَّناءَة، وهذا من الاشتقاق البعيد. والوَقْبُ: صوتٌ يخرُج من قُنْبِ الفَرَس، وهو وِعاءُ قَضِيبِه. ووَقَبَ الفرسُ يَقِبُ وقْباً ووَقيباً، وهو صَوْتُ قُنْبِه؛ وقيل: هو صوتُ تَقَلْقُلِ جُرْدانِ الفرس في قُنْبِه، ولا فِعْلَ لشيء من أَصواتِ قُنْبِ الدابةِ، إِلاَّ هذا. والأَوْقابُ: قُماشُ البيت.
والمِيقابُ: الرجلُ الكثيرُ الشُّرْبِ للنبيذ. وقال مُبْتَكِرٌ الأَعْرابي: إِنهم يسيرون سَيْرَ المِيقابِ؛ وهو أَن يُواصِلُوا بين يوم وليلة. والمِيقَبُ: الوَدَعَةُ. وأَوْقَبَ القومُ: جاعُوا.
والقِبَةُ: التي تكون في البَطْن، شِبْهُ الفِحْثِ. والقِبَةُ: الإِنْفَحةُ إذا عَظُمَتْ من الشاةِ؛ وقال ابن الأَعرابي: لا يكون ذلك في غير الشاءِ.
والوَقْباء: موضع، يمدّ ويُقْصَرُ، والمَدُّ أَعْرَفُ. الصحاح: والوَقْبَى ماءٌ لبني مازِنٍ؛ قال أَبو الغُول الطُّهَويُّ:

هُمُ مَنَعُوا حِمَى الوَقْبَى بضَرْبٍ،

 

يُؤَلِّفُ بين أَشْتاتِ الـمَـنُـون

قال ابن بري: صوابُ إِنْشادِه: حِمَى الوَقَبَى؛ بفتح القاف.
والحِمَى: المكان الممنوع؛ يقال: أَحْمَيْتُ الموضعَ إذا جعلته حِمىً. فأَما حَمَيْتُه، فهو بمعنى حَفِظْته. والأَشْتاتُ: جمع شَتٍّ، وهو المتفرّق.
وقوله: يؤلِّف بين أَشْتاتِ المَنُون، أَراد أَن هذا الضربَ جمع بينَ مَنايا قوم متفرّقي الأَمكنة، لو أَتَتْهُم مَناياهم في أَمكنتهم، فلما اجتمعوا في موضع واحد، أَتَتْهُم المنايا مجتمعة.

وقت

الوَقْتُ: مقدارٌ من الزمانِ، وكلُّ شيء قَدَّرْتَ له حِيناً، فهو مُؤَقَّتٌ، وكذلك ما قَدَّرْتَ غايتَه،فهو مُؤَقَتٌ. ابن سيده: الوَقْتُ مقدار من الدهر معروف، وأَكثر ما يُستعمل في الماضي، وقد اسْتُعْمِلَ في المستقبل، واسْتَعْمَلَ سيبويه لفظ الوَقْتِ في المكان، تشبيهاً بالوقت في الزمان، لأَنه مقدار مثله، فقال: ويَتَعَدَّى إِلى ما كان وقتاً في المكان، كمِيلٍ وفَرْسخ وبَرِيد، والجمع: أَوْقاتٌ، وهو المِيقاتُ.
ووَقْتٌ مَوْقُوتٌ ومُوَقَّتٌ: مَحْدُود. وفي التنزيل العزيز: إِنَّ الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً مَوْقُوتاً؛ أَي مُؤَقَّتاً مُقَدَّراً؛ وقيل: أَي كُتِبَتْ عليهم في أَوقاتٍ مُوَقَّتة؛ وفي الصحاح: أَي مَفْروضات في الأَوْقات؛ وقد يكون وَقَّتَ بمعنى أَوْجَبَ عليهم الإِحرامَ في الحد، والصلاة عند دخول وقْتِها. والمِيقاتُ: الوَقْتُ المضْروبُ للفعل والموضع. يقال: هذا مِيقاتُ أَهلِ الشأْم، للموضع الذي يُحْرِمُون منه. وفي الحديث: أَنه وَقَّتَ لأَهل المدينة ذا الحُلَيْفة؛ قال ابن الأَثير: وقد تكرر التَّوْقيت والمِيقاتُ، قال: فالتَّوْقِيتُ والتَّأْقِيتُ: أَن يُجْعَل للشيءِ وَقْتٌ يختض به، وهو بيانُ مقدار المُدَّة.
وتقول: وقَّتَ الشيءَ يُوَقِّته، ووَقَتَهُ يَقِتُه إذا بَيَّنَ حَدَّه، ثم اتُّسِعَ فيه فأُطْلِقَ على المكان، فقيل للموضع: مِيقاتٌ، وهو مِفْعال منه، وأَصله مِوْقاتٌ، فقُلبت الواو ياء لكسرة الميم. وفي حديث ابن عباس: لم يَقِتْ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في الخمر حَدّاً أَي لم يُقَدِّرْ، ولم يَحُدَّه بعدد مخصوص. والمِيقاتُ: مصدر الوَقْتِ.
والآخرةُ: مِيقاتُ الخلق. ومواضعُ الإِحرام: مواقيتُ الحاجِّ. والهلالُ: ميقاتُ الشهر، ونحو ذلك كذلك.
وتقول: وَقَتَه، فهو مَوْقُوت إذا بَيَّن للفعل وَقْتاً يُفْعَلُ فيه.
والتَّوْقيت: تحديدُ الأَوقات.
وتقول: وَقَّتُّه ليوم كذا مثل أَجَّلْته. والمَوْقِتُ، مَفْعِلٌ: مِن الوَقْت؛ قال العجاج:

والجامعُ الناسِ ليوم المَوْقِت

وقوله تعالى: وإِذا الرسلُ أُقِّتَتْ. قال الزجاج: جُعل لها وَقْتٌ واحد للفَصْل في القضاء بين الأُمة؛ وقال الفراء: جُمِعَتْ لوقتها يوم القيامة؛ واجْتَمع القُرّاء على همزها، وهي في قراءة عبد الله: وُقِّتَتْ، وقرأَها أَبو جعفر المَدَنيُّ وُقِتَتْ، خفيفة بالواو، وإِنما همزت لأَن الواو إذا كانت أَولَ حرف وضُمَّتْ، هُمِزت؛ يقال: هذه أُجُوهٌ حسانٌ بالهمز، وذلك لأَن ضمة الواو ثقيلة، وأُقِّتَتْ لغة، مثل وُجُوه وأُجُوه.
وكت: الوَكْتُ: الأَثر اليسير في الشيء. والوَكْتَةُ: شبه النُّقطة في العين. ابن سيده: الوَكْتَةُ في العين نقطة حمراء في بياضها، قيل: فإِن غُفِلَ عنها صارت وَدْقةً؛ وقيل: هي نُقْطة بيضاء في سوادها. وعين مَوْكُوتةٌ: فيها وَكْتة، إذا كان في سوادها نُقْطةُ بياضٍ. غيره: الوَكْتة: كالنقطة في الشيء، يقال: في عينه وَكْتة.
وفي الحديث: لا يحلف أَحدٌ ولو على مِثل جَناحِ بَعوضة، إِلاَّ كانت وكْتةً في قلبه. الوَكْتة: الأثَرُ في الشيء، كالنُّقْطة، من غير لونه، والجمع وَكْتٌ؛ ومنه قيل للبُسْر إذا وقعت فيه نُقْطة من الإِرْطاب: قد وَكَتَ؛ ومنه حديث حذيفة؛ ويَظلُّ أَثَرُها كأَثَر الوَكْتِ.
وَوَكَتَ الكتابَ وَكْتاً: نَقَطَه.
والوَكْتة والوَكْتُ في الرُّطَبة: نُقْطة تَظْهَر فيها من الإِرْطاب.
وفي التهذيب: إذا بدا من الرُّطَب نُقَط من الإِرْطاب، قيل: قد وَكَّتَ، فإِذا أَتاها التَّوْكيتُ من قِبَلِ ذَنَبها، فهي مُذَنِّبَةٌ. المحكم: ووَكَّتَتِ البُسْرة تَوْكِيتاً: صار فيها نُقَطٌ من الإِرْطابِ؛ وهي بُسْرة مُوَكَّتة ومُوَكَّتٌ؛ الأَخيرة عن السيرافي. وَوكَتَتِ الدابةُ وَكْتاً: أَسْرَعَتْ رفْع قوائمها ووَضْعَها. وَوكتَ المَشْيَ وَكْتاً ووَكَتاناً: وهو تَقارُبُ الخَطْو في ثِقَل وقُبْحِ مَشْيٍ؛ قال:

ومَشْيٍ كهَزِّ الرُّمْحِ، بادٍ جَمالُـه،

 

إِذا وَكَتَ المَشْيَ القِصارُ الدَّحادِحُ

وَوكَّتَ في سَيْره، وهو صِنْفٌ منه. ورجل وَكَّاتٌ؛ هذه عن كراع، قال ابن سيده: وعندي أَن وَكَّاتاً، على وَكَتَ المَشْيَ، ولو كان على ما حكاه كراع لكان مُوَكَّتاً. شمر: الوَكْتُ في المَشْي هي القَرْمَطَةُ، والشيء اليسير. وقِرْبَةٌ مَوْكُوتة: مملوءة؛ عن اللحياني؛ قال ابن سيده: والمعروف مَزكُوتة. الفراء: وَكَتَ القَدَحَ، ووَكَّته، وزَكَتَه، وزَكَّتَه إذا ملأَه.
ولت: ولَتَه حَقَّه وَلْتاً: نَقَصَه. وفي حديث الشُّورَى: وتُولِتُوا أَعْمالكم أَي تَنْقُصوها؛ يقال: لاتَ يَلِيتُ، وأَلَتَ يَأْلِتُ، وهو في الحديث من أَوْلَتَ يُولِتُ، أَو من آلَتَ يُؤْلِتُ إِن كان مهموزاً؛ قال القتيبي: ولم أَسمع هذه اللغة إِلا من هذا الحديث.

وقح

حافر وَقاحٌ: صُلْبٌ باق على الحجارة، والنعت وَقاحٌ، الذكر والأُنثى فيه سواء، وجمعه وُقُح ووُقَّحٌ؛ وقد وَقُح يَوْقُح وَقاحةً ووُقوحة وقِحةً وَقَحَةً، الأَخيرتان نادرتان؛ قال ابن جني: الأَصل وِقْحة حذفوا الواو على القياس كما حذفت من عِدَة وزِنةٍ، ثم إِنهم عدلوا بها عن فِعْلَة إِلى فَعْلة فأَقروا الحرفَ بحاله، وإِن زالت الكسرة التي كانت موجبة له، فقالوا: القَحَةُ فَتَدَرَّجوا بالقِحةِ إِلى القَحة، وهي وَقْحَةٌ كجَفْنَةٍ لأَن الفاء فتحت قبل الحرف الحلقي، كما ذهب إِليه محمد بن يزيد؛ وأَبى الأَصْمَعِيُّ في القحة إِلاَّ الفتح؛ ووَقِحَ وَقَحاً ووَقَح، فهو واقحٌ واستوقَحَ وأَوقَحَ، وكذلك الخُفُّ والظَّهْرُ؛ ووَقُحَ الفرسُ وَقاحةً وقِحَةً.
والتوقيح: أَن يُوَقَّحَ الحافرُ بشحمة تُذابُ، حتى إذا تَشَيَّطتِ الشحمةُ وذابت كُوِيَ بها مواضع الحَفا والأَشاعِرِ.
واسْتَوْقَح الحافر إذا صَلُبَ. وقال غيره: وَقِّحْ حوضَك أَي امْدُرْه حتى يَصْلُبَ فلا يُنَشِّفَ الماءَ، وقد يُوَقَّحُ بالصفائح؛ وقال أَبو وَجْزَة:

أَفْرِغْ لها من ذي صَفِيحٍ أَوْقَحا،

 

من هَزْمةٍ جابتْ صَمُوداً أَبْدَحا

أَي من بئر خَسِيفٍ نُقِّيت. أَبْدَحا: واسعاً. ووَقَّحَ الحافرَ: كَوى موضع الحَفا والأَشاعِرِ منه بشحمة مذابة.
ورجل وَقِيحُ الوجه ووَقاحُه: صُلْبُه قليل الحياء، والأُنثى وَقاحٌ، بغير هاء، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر، وزاد اللحياني في الوجه: بَيِّنُ الوَقَحِ والوُقُوحِ.
وَقِحَ الرجل إذا صار قليل الحياء، فهو وَقِحٌ ووَقاحٌ.
وامرأَة وَقاحُ الوجه ورجل وَقاحُ الذَّنَب: صبور على الركوب؛ عن ابن الأَعرابي.
ورجل مُوَقَّح: أَصابته البلايا فصار مُجَرَّباً؛ عن اللحياني.

وقد

الوَقُودُ: الحطَب. يقال: ما أَجْوَدَ هذا الوَقُودَ للحطَب، قال الله تعالى: أُولئك هم وَقُودُ النارِ. الوَقَدُ: نَفْسُ النَّارِ. وَوَقَدَتِ النَّارُ تَقِدُ وَقْداً وقِدةً ووَقَداناً وَوُقُوداً، بالضم، ووَقُوداً عن سيبويه؛ قال: والأَكثر أَن الضم للمصدر والفتح للحطب؛ قال الزجاج: المصدر مضموم ويجوز فيه الفتح وقد رَوَوْا: وَقَدت النار وقوداً، مثل قَبِلْتُ الشيءَ قَبُولاً. وقد جاء في المصدر فَعُولٌ، والباب الضم.
الجوهري: وقَدَتِ النارُ تَقِدُ وُقُوداً، بالضم، ووَقَداً وقِدَةً ووَقِيداً ووَقْداً ووَقَداناً أَي تَوَقَّدَتْ. والاتِّقادُ: مثل التَّوَقُّد.
والوَقُود، بالفتح: الحطب، وبالضم: الاتِّقادُ. الأَزهري: قوله تعالى: النارِ ذات الوَقُود، معناه التَّوَقُّدُ فيكون مصدراً أَحسن من أَن يكون الوقود الحطب. قال يعقوب: وقرئ: النار ذاتِ الوُقود. وقال تعالى: وَقُودُها الناسُ والحِجارة، وقيل: كأَنَّ الوَقُودَ اسم وُضِعَ موضِعَ المصدر.
الليث: الوَقود ما ترى من لهبها لأَنه اسم، والوُقُود المصدر. ويقال: أَوقَدْتُ النار واستَوْقَدْتُها إِيقاداً واسْتِيقاداً. وقد وقَدَتِ النارُ وتَوقَّدَتْ واسَتوْقَدتِ اسْتِيقاداً، والموضع مَوْقِد مثل مَجْلِس، والنارُ مُوقَدة. وتَوَقَّدَتْ واتَّقَدَتْ واسْتَوْقَدَتْ، كله: هاجَتْ؛ وأَوْقَدَها هو ووَقَّدَها واسْتَوْقَدَها. والوَقُود: ما تُوقَدُ به النار، وكل ما أُوقِدَتْ به، فهو وَقُود. والمَوْقِدُ: موضع النار، وهو المُسْتَوقَدُ.
ووَقَدَتْ بِك زِنادي: دعاء مثل وَرِيَتْ. وزَنْدٌ مِيقاد: سريع الوَرْيِ. وقَلْبٌ وَقَّادٌ ومُتَوَقِّدٌ: ماضٍ سريع التَّوَقُّدِ في النَّشاطِ والمَضاءِ. ورجل وقَّاد: ظريف، وهو من ذلك. وتَوَقَّدَ الشيءُ: تَلأْلأَ؛ وهي الوقَدَى؛ قال:

ما كانَ أَسْقى لِناجُودٍ على ظَمَإ

 

ماءً بِخَمْرٍ، إذا تاجُودُها بَرَدا

مِنَ ابنِ مامةَ كَعْبٍ ثم عَيَّ به

 

زَوُّ المَنِيَّةِ، إِلاَّ حَـرَّةً وقَـدا

وكَوْكَبٌ وقَّادٌ: مُضِيءٌ. ووَقْدةُ الَحرِّ: أَشَدُّه. والوَقْدةُ: أَشدُّ الحَرِّ، وهي عشرة أَيام أَو نصف شهر. وكل شيء يَتَلأْلأُ، فهو يَقِدُ، حتى الحافز إذا تلأْلأَ بَصِيصه. قال تعالى: كوكبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ من شجرة مباركة؛ وقرئ: تُوقَدُ وتَوَقَّدُ. قال الفراء: فمن قرأَ يُوقَد ذهب إِلى المصباح، ومن قرأَ تُوقَدُ ذهب إِلى الزُّجاجة، وكذلك من قرأَ تَوقَّدُ؛ وقال الليث: من قرأَ تَوقَّدُ فمعناه تَتَوَقَّدُ ورده على الزجاجة، ومن قرأَ يُوقَدُ أَخرجه على تذكير النور، ومن قرأَ تُتوقَدُ فعلى معنى النار أَنها تُوقَدُ من شجرة. والعرب تقول: أَوقَدْتُ للصِّبا ناراً أَي تَركْتُه وودَّعْتُه؛ قال الشاعر:

صَحَوْتُ وأَوْقَدْتُ لِلَّهْوِ نارَا،

 

ورَدَّ عليّ الصِّبا ما اسْتَعارا

قال الأَزهري: وسمعت بعض العرب يقول: أَبْعَدَ الله دارَ فلان وأَوْقَدَ ناراً إِثْرَه؛ والمعنئ لا رَجَعَه الله ولا ردَّه. وروي عن ابن الأَعرابي أَنه قال: مَرَدَ عليهم أَبْعَده الله وأَسْحقه وأَوقد ناراً أَثَرَه. قال وقالت العقيلية: كان الرجل إذا خِفْنا شَرَّه فتحوَّل عنا أَوقَدْنا خَلْفَه ناراً، فقلت لها: ولم ذلك؟ قالت: لِتَحوُّل ضَبُعِهم معهم أَي شَرِّهم. والوَقِيدِيَّةُ: جنس من المَعْزَى ضِخامٌ حُمْر؛ قال جرير:

ولا شَهِدَتْنا يَوْمَ جَيْشِ مُحَبـرِّق

 

طُهَيَّةُ فُرْسانُ الوعقِيدِيَّةِ الشُّقْر

والأَعْرَفُ الرُّقَيْدِيَّةُ وواقد ووَقَّاد ووَقْدانُ: أَسْماءٌ.

وقذ

الوقْذ: شدة الضرب. وَقَذه يَقِذُه وَقْذاً: ضربه حتى استَرْخى وأَشرف على الموت. وشاة مَوْقُوذَة: قتلت بالخشب، وقد وقَذَ الشاة وقْذاً، وهي موْقُوذة ووقِيذٌ: قتلها بالخشب؛ وكان فعله قوم فنهى الله عز وجل عنه.
ابن السكيت: وقَذَه بالضرب، والمَوْقوذة الوَقِيذُ: الشاة تُضرب حتى تموت ثم تؤكل. قال الفراء في قوله: والمنخنقة والموقوذة؛ الموقوذة: المضروبة حتى تموت ولم تُذَكّ؛ ووُقِذَ الرجلُ، فهو موقوذ ووقيذ. والوقيذ من الرجال: البطيء الثقيل كأَنّ ثقله وضعفه وقَذَه. والوقيذ والموقود: الشديد المرض الذي قد أَشرف على الموت؛ وقد وقَذَه المرضُ والغم. قال ابن جني: قرأْت على أَبي عليّ عن أَبي بكر عن بعض أَصحاب يعقوب عنه قال: يقال تركته وَقيذاً ووَقِيظاً، قال: قال الوجه عندي والقياس أَن يكون الذال بدلاً من الظاء لقوله عز وجل: والمنخنقة والموقوذة، ولقولهم وقذه، قال: ولم أَسمع وقَظَه ولا مَوْقوظة، فالذال إذا أَعم تصرفاً. قال: ولذلك قضينا على أَن الذال هي الأَصل. وقال الأَحمر: ضربه فوقظه. الليث: حمِلَ فلانٌ وَقِيذاً أَي ثقيلاً دَنِفاً مُشْفِياً. وفي حديث عمر أَنه قال: إِني لأَعلمُ متى تَهْلِكُ العربُ، إذا ساسها من لم يُدْرك الجاهلية فيأْخُذ بأَخلاقها ولم يُدركه الإِسلامُ فَيَقِذه الورع؛ قوله: فيَقِذُه أَي يُسكِّنُه ويُثْخِنُه ويبلغ منه مبلغاً يمنعه من انتهاك ما لا يحل ولا يَجْمُل.
ويقال: وقذه الحلم إذا سكّنَه، والوقذ في الأَصل: الضرب المُثْخن والكسر. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: فوقَذَ النِّفاقَ، وفي روايةٍ الشيطانَ، أَي كسَرَه ودَمغَه؛ وفي حديثها أَيضاً: وكان وَقِيذَ الجوانح أَي محزون القلب كأَن الحزن قد كسره وضعّفه، والجوانح تحبس القلب وتَحْويه فأَضاف الوُقُوذَ إِليها. وقال خالد: الوقذ أَن يُضْرَب فائِقُه أَو خُشَّاو ه من وراء أُذنيه. وقال أَبو سعيد: الوَقْذُ الضرب على فَأْسِ القَفا فتصير هدّتها إِلى الدماغ فيذهب العقل، فيقال: رجل موقوذ. وقد وقَذَه الحلم: سكَّنه. ويقال: ضربه على مَوْقِذٍ من مَواقِذه وهي المِرْفق أَو طرف المَنْكِب أَو الكعب؛ وأَنشد للأَعشى:

يَلْوينَني دَيْني النّهار وَأَقْتَضِي

 

دَيْني إذا وَقَذَ النُّعاس الرُّقَّدَا

أَي صاروا كأَنهم سُكارى من النعاس.
ابن شميل: الوَقِيذُ الذي يُغشى عليه لا يُدْرى أَميت أَم لا.
ويقال: وقَذَه النعاسُ إذا غلبه. ورجل وقيذ أَي ما به طِرْقٌ.
وناقة مُوَقَّذَة: أَثَّر الصِّرارُ في أَخْلافها من شَدِّه، وقيل: هي التي يَرْغَثُها ولدها أَي يَرْضَعُها ولا يخرج لبنها إِلا نزراً لعظم ضرعها فيُوقِذُها ذلك، ويأْخُذها له داءٌ وورمٌ في الضرع.
والوقائِذُ: حجارة مفروشة، واحدتها وَقيذَة.

وقر

الوَقْرُ: ثِقَلٌ في الأُذن، بالفتح، وقيل: هو أَن يذهب السمع كله، والثِّقَلُ أَخَفُّ من ذلك. وقد وَقِرَتْ أُذنه، بالكسر، تَوْقَرُ وقْراً أَي صَمَّتْ، ووَقَرَتْ وَقْراً. قال الجوهري: قياس مصدره التحريك إِلا أَنه جاء بالتسكين، وهو موقور، ووَقَرَها الله يَقِرُها وَقْراً؛ ابن السكيت: يقال منه وُقِرَتْ أُذُنُه على ما لم يسم فاعله تُوقَرُ وَقْراً، بالسكون، فهي موقورة، ويقال: اللهم قِرْ أُذُنَه. قال الله تعالى: وفي آذاننا وَقْرٌ. وفي حديث علي، عليه السلام: تَسْمَعُ به بعد الوَقْرَةِ؛ هي المرّة من الوَقْرِ، بفتح الواو: ثِقَلُ السمع.
والوِقْرُ: بالكسر: الثِّقْلُ يحمل على ظهر أَو على رأْس. يقال: جاء يحمل وِقْرَه، وقيل: الوِقَرُ الحِمْل الثقيل، وعَمَّ بعضهم به الثقيل والخفيف وما بينهما، وجمعه أَوقارٌ. وقد أَوقَرَ بعيرَه وأَوْقَرَ الدابة إِيقاراً وقِرَةً شديدةً، الأَخيرة شاذة، ودابَّةٌ وَقْرَى: مُوقَرَةٌ؛ قال النابغة الجعدي:

كما حُلَّ عن وَقْرَى، وقد عَضَّ حِنْوُها

 

بغارِبـهـا حـتـى أَرادَ لـيَجْـزِلا

قال ابن سيده: أَرى وَقْرَى مصدراً على فَعْلى كحَلْقى وعَقْرَى، وأَراد: حُلَّ عن ذات وَقْرَى، فحذف المضاف وأَقام المضاف إِليه مقامه. قال: وأَكثر ما استعمل الوِقْرُ في حِمل البغل والحمار والوَسْقُ في حمل البعير. وفي حديث عمر والمجوس: فأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ أَو بغلين من الوَرِقِ؛ الوِقْرُ، بكسر الواو: الحِمْلُ يريد حمل بغل أَو حملين أَخِلَّةً من الفضة كانوا يأْكلون بها الطعام فأَعْطَوْها ليُمَكَّنُوا من عادتهم في الزَّمْزَمَةِ؛ ومنه الحديث: لعله أَوقَرَ راحلته ذهباً أَي حَمَّلَها وِقْراً. ورجل مُوقَرٌ: ذو وِقْرٍ؛ أَنشد ثعلب:

لقد جَعَلَتْ تَبْدُو شَواكِلُ منكمـا

 

كأَنَّكما بي مُوقَرانِ من الجَمْرِ

وامرأَةٌ مُوقَرَةٌ: ذاتُ وِقْرٍ. الفراء: امرأَة مُوقَرَة، بفتح القاف، إذا حملت حملاً ثقيلاً. وأَوْقَرَتِ النخلةُ أَي كَثُرَ حَمْلُها؛ ونخلة مُوقِرَة ومُوقِرٌ وموقَرة ومُوقَر ومِيقار؛ قال:

من كُلِّ بائنة تَبِينُ عُذُوقُها

 

منها، وخاصِبَةٍ لها مِيقارِ

قال الجوهري: نخلة مُوقَرٌ على غير القياس لأَن الفعل ليس للنخلة، وإِنما قيل مُوقِر، بكسر القاف، على قياس قولك امرأَة حامل لأَن حمل الشجر مشبه بحمل النساء، فأَما موقَر، بالفتح، فشاذ، قد روي في قول لبيد يصف نخلاً:

عَصَبٌ كَوارِعُ في خَليج مُحَلِّمٍ

 

حَمَلَتْ، فمنها موقَر مَكْمُـومُ

والجمع مَواقِر؛ وأَما قول قُطْبَة بن الخضراء من بني القَيْنِ:

لمن ظُعُنٌ تَطالَعُ من سِتـارِ

 

مع الإِشْراقِ، كالنَّخْلِ الوِقارِ

قال ابن سيده: ما أَدري ما واحده، قال: ولعله قَدَّرَ نخلة واقِراً أَو وَقِيراً فجاء به عليه.
واسْتَوْقَرَ وِقْرَه طعاماً: أَخذه. واسْتَوْقَرَ إذا حَمَلَ حِمْلاً ثقيلاً. واسْتَوْقَرَتِ الإِبلُ: سمنت وحملت الشُّحُوم؛ قال:

كأَنها من بُدُنٍ واسْتِـيقـارْ

 

دَبَّتْ عليها عَرِماتُ الأَنْبارْ

وقوله عز وجل: فالحاملاتِ وِقْراً، يعني السحاب يحمل الماء الذي أَوْقَرها.
والوَقار: الحلم والرَّزَانة؛ وَقَرَ يَقِرُ وَقاراً ووَقارَةً ووَقَرَ قِرَةً وتَوَقَّرَ واتَّقَرَ: تَرَزَّنَ. وفي الحديث: لم يَسْبِقْكم أَبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة ولكنه بشيء وَقَرَ في القلب، وفي رواية: لِسِرٍّ وقَرَ في صدره أَي سكن فيه وثبت من الوَقارِ والحلم والرزانة، وقد وَقَرَ يَقِرُ وَقاراً؛ والتَّيْقُور: فَيْعُول منه، وقيل: لغة في التَّوْقِير، قال: والتيقور الوَقارُ وأَصله وَيْقُور، قلبت الواو تاء؛ قال العجاج:فإِن يكن أَمْسى البِلى تَيْقُوري أَي أَمسى وَقاري، ويروى:

فإِن أَكن أُمْسي البِلى تَيْقُوري

وفي يكن على هذا ضمير الشأْن والحديث، والتاء فيه مبدلة من واو، قيل: كان في الأَصل وَيْقُوراً فأَبدل الواو تاء حمله على فَيْعُول، ويقال حمله على تفعول، مثل التَّذْنُوب ونحوه، فكره الواو مع الواو، فأَبدلها تاء لئلا يشتبه بفَوْعُول فيخالف البناء، أَلا ترى أَنهم أَبدلوا الواو حين أَعربوا فقالوا نَيْروزٌ؟ ورجل وَقارٌ ووَقُورٌ ووَقَرٌ قال العجاج يمدح عمر بن عبيد الله بن مَعمَر:

هذا أَوانُ الجِدِّ، إِذ جَدَّ عُمَـرْ

 

وصَرَّحَ ابنُ مَعْمَرٍ لمن ذَمَرْ

منها:

بِكُلّ أَخلاق الشُّجاعِ قد مَهَـرْ

 

ثَبْتٌ، إذا ما صِيحَ بالقوم وَقَرْ

قوله ثبت أَي هو ثبت الجنان في الحرب وموضع الخوف.
ووَقَرَ الرجل من الوَقار يَقِرُ، فهو وَقُورٌ، ووَقُرَ يَوْقُرُ، ومَرَةٌ وَقُورٌ. ووَقَرَ وَقْراً: جلس. وقوله تعالى: وَقِرْنَ في بيوتكن، قيل: هو من الوَقارِ، وقيل: هو من الجلوس، وقد قلنا إِنه من باب قَرَّ يَقِرُّ ويَقَرُّ، وعللناه في موضعه من المضاعف. الأَصمعي: يقال وَقَرَ يَقِرُ وَقاراً إذا سكن. قال الأَزهري: والأَمْرُ قِرْ، ومنه قوله تعالى: وقِرْنَ في بيوتكن. قال: وَوَقُرَ يَوْقُرُ والأَمر منه اوْقُرْ، وقرئ: وقَرْنَ، بالفتح، فهذا من القَرار كأَنه يريد اقْرَرْنَ، فتحذف الراء الأُولى للتخفيف وتلقى فتحتها على القاف، ويستغنى عن الأَلف بحركة ما بعدها، ويحتمل قراءة من قرأَ بالكسر أَيضاً أَن يكون من اقْرِرْنَ، بكسر الراء، على هذا كما قرئ فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ، بفح الظاء وكسرها، وهو من شواذ التخفيف.
ووَقَّرَ الرجلَ: بحَّلَهُ. وتُعَزِّرُوه وتُوَقِّرُوه؛ والتوقير: التعظيم والتَّرْزِينُ. التهذيب: وأَما قوله تعالى: ما لكم لا تَرْجُونَ لله وقاراً؛ فإِن الفرّاء قال: ما لكم لا تخافون لله عظمة. ووَقَّرْتُ الرجل إذا عظمته. وفي التنزيل العزيز: وتعزروه وتوقروه. والوَقار: السكينة والوَداعَةُ. ورجل وَقُورٌ ووقارٌ ومُتَوَقِّر: ذو حلم ورَزانَة. ووَقَّر الدابة: سَكَّنَها؛ قال:

يَكادُ يَنْسَلُّ من التَّصْدِيرِ

 

على مُدَالاتِيَ والتَّوْقِيرِ

والوَقْرُ: الصَّدْعُ في الساق. والوقْرُ والوَقْرَةُ: كالوَكْتَةِ أَو الهَزْمَةِ تكون في الحجر أَو العين أَو الحافر أَو العظم، والوَقْرَةُ أَعظم من الوَكْتَةِ. الجوهري: الوَقْرَةُ أَن يصيب الحافرَ حَجَرٌ أَو غيره فيَنْكُبَه، تقول منه: وَقِرَت الدابةُ، بالكسر، وأَوْقَرَها الله مثلَ رَهِصَتْ وأَرْهَصَها الله؛ قال العجاج:

وَأْباً حَمَتْ نُسُورُه الأَوْقارا

ويقال في الصبر على المصيبة: كانتْ وَقْرَةً في صَخْرة يعني ثَلْمَةً وهَزْمَةً أَي أَنه احتمل المصيبة ولم تؤثر فيه إِلا مثلَ تلك الهزمة في الصخرة. ابن سيده: وقد وُقِرَ العظمُ وَقْراً، فهو موقور ووقِير. ورجل وَقِير: به وَقرة في عظمه أَي هَزْمَة؛ أَنشد ابن الأعرابي:

حَياء لنَفْسي أَن أُرى مُتَخَشِّعاً

 

لوَقْرَةِ دَهْرٍ يَسْتَكِينُ وَقِيرُها

لِوَقْرَةِ دَهْرٍ أَي لخَطْبٍ شديد أُتَيَفَّنُ في حالة كالوَقْرَةِ في العظْمِ. الأَصمعي: يقال ضربه ضربة وَقَرَتْ في عظمه أَي هَزَمَتْ، وكَلَّمته كلمةً وَقَرَتْ في أُذنه أَي ثبتت. والوَقْرَةُ تصيب الحافر، وهي أَن تَهْزِمَ العظمَ. والوَقْرُ في العظم: شيء من الكسر، وهو الهَزْمُ، وربما كُسِرَتْ يَدُ الرجل أَو رجلُه إذا كان بها وَقْرٌ ثم تُجْبَرُ فهو أَصلب لها، والوَقْرُ لا يزال واهِناً أَبداً. وَوقَرْتُ العظم أَقِرُه وقْراً: صَدَعْتُه؛ قال الأَعشى:

يا دَهْرُ، قد أَكْثَرْتَ فَجْعَتَنـا

 

بِسَراتِنا، ووَقَرْتَ في العَظْمِ

والوَقير والوَقِيرَةُ: النُّقْرَةُ العظيمة في الصخرة تُمْسِكُ الماء، وفي التهذيب: النقرة في الصخرة العظيمة تمسك الماء، وفي الصحاح: نقرة في الجبل عظيمة. وفي الحديث: التَّعَلُّمُ في الصِّبا كالوَقْرَةِ في الحجر؛ الوَقْرَةُ: النقرة في الصخرة، أَراد أَنه يثبت في القلب ثبات هذه النُّقْرَةِ في الحجر.
ابن سيده: تَرَكَ فلان قِرَةً أَي عِيالاً، وإِنه عليه لَقِرَةٌ أَي عيال، وما علي منك قِرَةٌ أَي ثِقَلٌ؛ قال:

لما رأَتْ حَلِيلَتي عَيْنَيَّه

 

ولِمَّتي كأَنها حَـلِـيَّه

تقولُ: هذا قِرَةٌ عَلَـيَّه

 

يا ليتني بالبَحْرِ أَو بِلِيَّه،

والقِرَةُ والوَقِيرُ: الصغار من الشاء، وقيل: القِرَةُ الشاء والمال.
والوَقِير: الغنم، وفي المحكم: الضخم من الغنم؛ قال اللحياني: زعموا أَنها خمسمائة، وقيل: هي الغنم عامة؛ وبه فسر ابن الأَعرابي قول جرير:

كأَنَّ سَليطاً في جَواشِنِها الحَصى

 

إِذا حَلَّ بين الأَمْلَحَيْنِ وَقِيرُهـا

وقيل: هي غنم أَهل السواد، وقيل: إذا كان فيها كلابها ورُعاؤُها فهي وَقِير؛ قال ذو الرمة يصف بقرة الوحش:

مُوَلَّعَةً خَنْساءَ ليستْ بِنَعجَةٍ

 

يُدَمِّنُ أَجوافَ المِياه وَقِيرُها

وكذلك القِرَةُ، والهاء عوض الواو؛ وقال الأَغلب العجلي:

ما إِنْ رأَينا مَلِكاً أَغارا

 

أَكثَرَ منه قِرَةً وقارا

قال الرَّمادي: دخلت على الأَصمعي في مرضه الذي مات فيه فقلت: يا أَبا سعيد ما الوَقِير؟ فأَجابني بضعف صوت فقال: الوَقِيرُ الغنم بكلبها وحمارها وراعيها، لا يكون وَقِيراً إِلا كذلك. وفي حديث طَهْفَةَ: ووَقِير كثيرُ الرَّسَلِ؛ الوَقِيرُ: الغَنَمُ، وقيل: أَصحابها، وقيل: القطيع من الضأْن خاصة، وقيل: الغنم والكلاب والرُّعاءُ جميعاً، أَي أَنها كثيرة الإِرْسال في المَرْعى. والوَقَرِيُّ: راعي الوَقِير، نسب على غير قياس؛ قال الكميت:

ولا وَقَـرِيِّينَ فـي ثَــلَّةٍ

 

يُجاوِبُ فيها الثُّؤَاجُ اليُعارا

ويروى: ولا قَرَوِيِّينَ، نسبة إِلى القرية التي هي المصر. التهذيب: والوَقِيرُ الجماعة من الناس وغيرهم. ورجل مُوَقَّر أَي مُجَرَّبٌ، ورجل مُوَقَّر إذا وقَّحَتْه الأُمورُ واستمر عليها. وقد وَقَّرَتني الأَسفار أَي صَلَّبَتْني ومَرَّنَتْني عليها؛ قال ساعدة الهذلي يصف شهدة:

أُتِيحَ لها شَتْنُ البَراثِنِ مُكْـزَمٌ

 

أَخُو حُزَنٍ قد وَقَّرَتْه كُلُومُها

لها: للنخل. مكزم قصير. حُزَنٌ من الأَرض: واحدتها حُزْنَةٌ. وفقير وَقِيرٌ: جعل آخره عماداً لأَوّله، ويقال: يعني به ذِلَّته مَهانته كما أَن الوقير صغار الشاء؛ قال أَبو النجم:

نَبحَ كِلاب الشاءِ عن وَقِيرِها

وقال ابن سيده: يُشَبَّه بصغار الشاءِ في مَهانته، وقيل: هو الذي قد أَوْقَرَه الدِّيْنُ أَي أَثقله، وقيل: هو من الوَقْرِ الذي هو الكسر، وقيل هو إِتباع. وفي صدره وَقْرٌ عليك، بسكون القاف؛ عن اللحياني، والمعروف وَغْرٌ. الأَصمعي: بينهم وَقْرَةٌ ووَغْرَةٌ أَي ضِغْنٌ وعداوة.
وواقِرَةُ والوَقِيرُ: موضعان؛ قال أَبو ذؤيب:

فإِنك حَقّاً أَيّ نَظْرَةِ عاشِـقٍ

 

نَظَرْتَ، وقُدْسٌ دونَها ووَقِيرُ

والمُوَقَّرُ: موضع بالشام؛ قال جرير:

أَشاعتْ قُرَيْشٌ للفَرَزْدَقِ خَزْيَةً

 

وتلك الوُفُودُ النازلونَ المُوَقَّرا

وقز

الأَزهري: قرأْتُ في نوادر أَبي عمرو: المُتَوَقِّزُ الذي لا يكاد ينام يَتَقَلَّبُ.

وقس

الليث: الوَقْسُ الفاحشة وذِكْرُها؛ قال العجاج:

وحاصِن من حاصِناتٍ مُلْـسِ

 

ن الأَذى، وعَنْ قِرافِ الوَقْسِ

ضرب الجَرَبَ مثلاً للفاحشة قال: والوَقْسُ الصوت، قال الأَزهري: أَخطأَ الليث في تفسير الوَقْس فجعله فاحشة وأَخطأَ في لفظ الوَقْس بمعنى الصوت، وصوابه الوَقْشُ. الجوهري: وقَسَه وقْساً أَي قَرَفه. وإِنَّ بالبعير لوَقْساً إذا قارَفه شيء من الجَرَب، وهو بعير مَوْقُوس. والوَقْس: الجرب، وقيل: هو أَول الجَرَب قبل انتشاره في البدن؛ قال:

الوَقْسُ يُعْدي فتَعَدَّ الوَقْسا

الأَزهري: سمعت أَعرابية من بني نُمَيْر كانت اسْتُرْعِيت إِبلاً جُرْباً، فلما أَراحَتْها سأَلتْ صاحبَ النِّعم فقالت: أَين آوي هذه المُوَقَّسَة؟ أَرادت بالمُوَقَّسَةِ الجُرْب؛ ومن أَمثالهم:

الوَقْسُ يُعْدي فتَعَدَّ الوَقْسـا

 

مَنْ يَدْنُ لِلْوَقْسِ يُلاقِ تَعْسا

الوَقْس: الجَرَب. والتَّعْس: الهلاك؛ يضرب مثلاً لتَجَّنُّب من تكره صحبته. ويقال: إِن به لوَقْساً إذا قارَفه شيء من الجَرَب؛ وأَنشد الأَصمعي للعجاج:

يَصْفَرُّ لِلْيُبْسِ اصْفِرارَ الوَرْسِ،

من عَرَقِ النَّضْحِ عَصِيمَ الدَّرْسِ،

من الأَذى ومن قِراف الوَقْسِ

وقوم أَوْقاسٌ: نَطِفُون مُتَّهَمُون يُشَبَّهون بالجَرْباء. تقول العرب: لا مِساسَ لا مِساس، لا خير في الأَوْقاس. ورأَيت أَوْقاساً من الناس أَي أَخْلاطاً، ولا واحد لها. والوَقْس: السقاط والعبيد؛ عن كراع.

وقش

الوَقْشُ والوَقَشُ والوَقْشَةُ والوَقَشَةُ: الصوتُ والحركةُ.
وأُقَيْشٌ: جدُّ النَّمِر، سُمِّي بذلك لأَنَّ أَباه نظر إِلى أُمه وقد حَبِلت به فقال: ما هذا الذي يتَوَقَّش في بَطْنِك؟ أَي يتحرك.
ويقال: سمعت وَقْشَه أَي حِسَّه. وفي الحديث: أَنه، صلى اللَّه عليه وسلم، قال: دخلتُ الجِنَّةَ فسَمِعْتُ وَقْشاً خَلْفِي فإِذا بِلالٌ. قال ابن الأَعرابي: يقال سمعت وَقْش فلان أَي حركته؛ وأَنشد:

لأَخْفافِها بـالـلـيل وَقْـشٌ كـأَنـه

 

على الأَرض، تَرْشافُ الظِّباء السَّوانِح

وذكره الأَزهري في حرف الشين والسين فيكونان لغتين. وتوَقَّشَ أَي تحرَّك؛ قال ذو الرُّمة:

فدَعْ عنك الصِّبَا، ولَدَيْكَ هَمّاً

 

توَقَّشَ في فُؤَادِك واحْتِيالا

قال ابن بري: هذا البيت أَورده الجوهري: ولَدَيْك همٌّ، قال وصوابُ إنشادِه: ولَدَيْك هَمّاً،على الإِغْراء؛ قال: وكذا أَنشده بالنصب في فصل الراء، والمعنى عليه والإعرابُ، أَلا تراه عطَفَ عليه قوله واحتيالا؟ والمعنى دَعْ عنك الصِّبا واصْرفْ هِمَّتك واحتيالَك إِلى الممدوح؛ ولهذا يقول بعده: إِلى ابن العامِريِّ إِلى بلالٍ، قطَعْتُ بأَرْضِ مَعْقُلةَ العدَالا معْقُلة: اسم أَرض. والعِدَالُ: أَن يُعادِلَ بين أَمرين وما يَعْدِل به عن هواه.
ووَقَشَ منه وَقْشاً: أَصاب منه عطاء. والوَقْشُ: العيبُ.
ووَقْشٌ: اسمُ رجل من الأَوْس. وبنو وَقْشٍ: حيٌّ من الأَنصار. ووُقَيْشٌ: حيٌّ من العرب. وأُقَيْشُ بن ذُهْل: من شعرائهم؛ عن اللحياني، قال: إِنما أَصله وُقَيْشٌ فأَبْدلوا من الواو همزة؛ قال: وكذلك الأَصل عندي فيما أَنشدَه سيبويه للنابغة:

كأَنَّك من جِمال بني أُقَيْشٍ

 

يُقَعْقَعُ خَلف رِجْليه بشَنّ

إِنما أَصله الواو فأُبدل إِذ لا يُعْرف في الكلام أَقش. الجوهري: بنو أُقَيش قومٌ من العرب، وأَصل الأَلف فيه واو مثل أُقِّتَتْ ووقِّتَت، وأَنشَدَ البيت بيت النابغة، وقال كأَنك جمل من جمالهم فحذف كما قال تعالى: وإِنْ مِنْ أَهل الكِتاب إِلاَّ ليُؤْمِنَنَّ به؛ أَي وما من أَهل الكتاب أَحدٌ إِلاَّ ليُؤْمِنَنَّ به. قال أَبو تراب: سمعت مبتكراً يقول الوَقَشُ والوَقَصُ صِغارُ الحطب الذي تُشَيَّع به النارُ.

وقص

الوَقَصُ، بالتحريك: قِصَرُ العنق كأَنما رُدَّ في جوف الصدر، وَقِصَ يَوْقَصُ وَقَصاً، وهو أَوْقَصُ، وامرأَة وَقْصاء، وأَوْقَصه اللّه؛ وقد يوصف بذلك العنق فيقال: عُنُق أَوْقَصُ وعُنُق وَقْصاء، حكاها اللحياني. ووَقَصَ عُنُقَه يَقِصُها وَقْصاً: كسَرَها ودَقَّها، قال: ولا يكون وقَصَت العنقُ نفسها إِنما هو وُقِصَت. خالد بن جَنْبَة: وُقِصَ البعير، فهو مَوْقوصٌ إذا أَصبح داؤه في ظهره لا حَراك به، وكذلك العنق والظهر في الوَقْص، ويقال: وُقِصَ الرجل، فهو مَوْقُوصٌ؛ وقول الراجز:

ما زال شَيْبانُ شَدِيداً هَبَصُه،

 

حتى أَتاه قِرْنُه فوَقَـصُـهْ

قال: أَراد فوَقَصَه، فلما وقف على الهاء نقل حركتها وهي الضمة إِلى الصاد قبلها فحرّكها بحركتها. ووَقَصَ الدَّيْنُ عُنُقَه: كذلك على المثل.
وكل ما كُسِرَ، فقد وُقِصَ. ويقال: وَقَصْت رأْسَه إذا غمزته غمزاً شديداً، وربما اندقّت منه العنق. وفي حديث عليّ، كرم اللّه وجهه: أَنه قَضى في الوَاقِصة والقامِصَة والقَارِصة بالدية أَثلاثاً،وهنّ ثلاثُ جَولرٍ رَكِبَتْ إِحداهن الأُخرى،فقَرَصت الثالثةُ المركوبَةَ فقَمَصت، فسقطت الراكبةُ، فقضى للتي وُقِصَت أَي اندقّ عنُقها بثلثي الدية على صاحبتيها.
والواقصةُ بمعنى المَوْقُوصة كما قالوا آشِرة بمعنى مَأْشورة؛ كما قال:

أَناشِر لا زالت يمينُك آشِرَه

أَي مأْشورة. وفي الحديث: أَن رجلاً كان واقفاً مع النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو محرم فَوَقَصَتْ به ناقته في أَخاقِيقِ جِرْدْانٍ فمات؛ قال أَبو عبيد: الوَقْصُ كَسْرُ العنق، ومنه قيل للرجل أَوْقَصُ إذا كان مائلَ العنق قصيرَها، ومنه يقال: وَقَصْت الشيء إذا كَسَرْته؛ قال ابن مقبل يذكر الناقة:

فبَعَثْتُها تَقِصُ المَقاصِرَ، بعدما

 

كَرَبت حياةُ النار للمُتَـنَـوِّرِ

أَي تدق وتكسر. والمَقاصِرُ: أُصول الشجر، الواحد مَقْصُورٌ. ووَقصَت الدابةُ الأَكَمةَ: كَسَرَتْها؛ قال عنترة:

خَطّارة غِبَّ السُّرى مَوّارةٌ،

 

تَقِصُ الإِكامَ بذات خُفٍّ مِيثَم

ويروى: تَطِس. والوَقَصُ: دِقاقُ العِيدانِ تُلْقَى على النار. يقال: وَقِّصْ على نارك؛ قال حميد ابن ثور يصف امرأَة:

لا تَصْطَلي النارَ إِلا مُجْمَراً أَرِجاً،

 

قد كَسَّرَتْ مِن يَلَنْجُوجٍ له وَقَصَا

ووقَّص على ناره: كسَّرَ عليها العِيدَانَ. قال أَبو تراب: سمعت مبتكراً يقول: الوَقَش والوَقَص صغار الحطب الذي تُشَيَّع به النارُ.
ووَقَصَت به راحِلتُه وهو كقولك: خُذِ الخِطامَ وخذْ بالخطام؛ وفي الحديث: أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أُتِيَ بفرس فرَكِبَه فجعل يَتَوَقَّصُ به. الأَصمعي: إذا نزا الفرسُ في عَدْوِه نَزْواً ووَثَبَ وهو يُقارب الخَطْوَ فذلك التَّوقُّصُ، وقد توَقّص. وقال أَبو عبيدة: التوَقُّصُ أَن يُقْصِرَ عن الخَبَب ويزيدَ على العَنَق وينقل قوائمه نقل الخَبَب غير أَنها أَقرب قَدْراً إِلى الأَرض وهو يرمي نفسه ويَخُبّ. وفي حديث أُم حَرام: رَكِبَتْ دابةً فوَقَصَتْ بها فسَقَطَتْ عنها فماتت. ويقال: مَرَّ فلانٌ تتوَقَّصُ به فرسُه. والدابة تذُبّ بذَنَبِها فتَقِصُ عنها الذبابَ وَقْصاً إذا ضربته به فقتلته. والدواب إذا سارت في رؤوس الإِكام وقَصَتْها أَي كَسَرَتْ رؤُوسَها بقوائمها، والفرَسُ تَقِصُ الإِكامَ أَي تدُقّها. والوَقْصُ: إِسكان الثاني من متفاعلن فيبقى متْفاعلن، وهذا بناء غير منقول فيصرف عنه إِلى بناء مستعمل مقول منقول، وهو قولهم مستفعلن، ثم تحذف السين فيبقى مُتَفْعِلن فينقل في التقطيع إِلى مفاعلن؛ وبيته أَنشده الخليل:

يَذُبُّ عَنْ حَرِيمِه بِسَيْفِه،

 

ورُمْحِهِ ونَبْلِه ويَحْتَمِي

سمي بذلك لأَنه بمنزلة الذي انْدَقّتْ عنُقه. ووَقَصَ رأْسه: غمزه من سُفْل. وتَوَقَّصَ الفرسُ: عدا عَدْواً كأَنه ينزُو فيه.
والوَقَصُ: ما بين الفَرِيضتين من الإِبل والغنم، واحدُ الأَوْقاصِ في الصدقة، والجمع أَوْقاص، وبعضهم يَجْعلُ الأَوْقاصَ في البقر خاصة، والأَشْناقَ في الإِبل خاصة، وهما جميعاً ما بين الفريضتين. وفي حديث معاذ بن جبل: أَنه أُتِي بوَقَصٍ في الصدقة وهو باليمن فقال: لم يأْمُرْني رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، فيه بشيء؛ قال أَبو عبيد: قال أَبو عمرو الشيباني الوَقَصُ، بالتحريك، هو ما وجبت فيه الغنم من فرائض الصدقة في الإِبل ما بين الخَمْسِ إِلى العشرين؛ قال أَبو عبيد: ولا أَرى أَبا عمرو حَفِظَ هذا لأَن سُنّةَ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَن في خَمْس من الإِبل شاةً وفي عشر شاتين إِلى أَربع وعشرين في كل خمسٍ شاة، قال: ولكن الوَقَصُ عندنا ما بين الفريضتين وهو ما زاد على خَمْسٍ من الإِبل إِلى تسع، وما زاد على عشر إِلى أَربعَ عشرة، وكذلك ما فوق ذلك؛ قال ابن بري: يُقَوِّي قولَ أَبي عمرو ويشهد بصحته قولُ معاذ في الحديث إِنه أُتِي بوقَصٍ في الصدقة يعني بغنم أُخِذَت في صدقة الإِبل، فهذا الخبر يشهد بأَنه ليس الوَقَصُ ما بين الفريضتين لأَن ما بين الفريضتين لا شيء فيه، وإِذا كان لا زكاة فيه فكيف يسمى غنماً؟ الجوهري: الوَقَص نحو أَن تبلغ الإِبلُ خَمْساً ففيها شاة، ولا شيء في الزيادة حتى تبلغ عشراً، فما بين الخَمْسِ إِلى العشر وَقَصٌ، وكذلك الشَّنَقُ، وبعض العلماء يجعل الوَقَصَ في البقر خاصة والشَّنَقَ في الإِبل خاصة، قال: وهما جميعاً ما بين الفريضتين. وفي حديث جابر: وكانت عليَّ بُرْدَةٌ فخالفتُ بين طَرَفيها ثم تَواقَصْت عليها كي لا تَسْقُطَ أَي انْحنَيْت وتَقاصَرتْ لأَمْسكها بعُنُقِي.
والأَوْقَصُ: الذي قَصُرَت عنقُه خلقة.
وواقِصةُ: موضع، وقيل: ماءٌ، وقيل: منزل بطريق مكة. ووُقَيْصٌ: اسم.

وقط

الوَقْطُ والوَقِيطةُ: حُفرة في غِلَظ أَو جبل يجتمع فيها ماء السماء. ابن سيده: الوَقْطُ والوَقِيطُ كالرَّدْهةِ في الجبل يَسْتَنْقِعُ فيه الماء تُتَّخذ فيها حياض تَحْبِسُ الماء للمارّة، واسم ذلك الموضع أَجْمَعَ وقْط، وهو مثل الوَجْذ إِلا أَنَّ الوَقْط أَوسع، والجمعِ وِقْطانٌ ووِقاطُ وإِقاطٌ، الهمزة بدل من الواو؛ وأَنشد:

وأَخْلَفَ الوِقْطانَ والمَآجلا

ولغة تميم في جمعه الإِقاطُ مثل إِشاح، يصيّرون كلّ واو تجيء على هذا المثال أَلفاً. ويقال: أَصابتنا السماء فوَقَّطَ الصخْرُ أَي صار فيه وَقْطٌ. والوَقْطُ: ما يكون في حجر في رَمْل، وجمعه وِقاط. ووقَطَه وَقْطاً: صَرَعَه. ورجل وَقيطٌ: مَوْقُوط؛ أَنشد يعقوب:

أَوْجَرْت حارِ لَهْذَماً سَلِيطا،

 

ترَكْته مُنْعَقِراً وَقِـيطـا

وكذلك الأُنثى بغير هاء، والجمع وَقْطَى ووَقاطَى.
ووقَطَه: قَلَبَه على رأْسه ورفَع رجليه فضربهما، مَجموعتين، بفِهْر سبع مرات، وذلك مما يُداوَى به. ووقَطه بعيرُه: صرَعه فغُشِي عليه. وأَكلت طعاماً وقَطَني أَي أَنامني. وكلُّ مُثْخَنٍ ضَرْباً أَو مَرضاً أَو حُزناً أَو شِبَعاً وقِيطٌ. الأَحمر: ضرَبه فوقَطه إذا صرَعه صرْعة لا يقوم منها. والمَوْقُوط: الصَّرِيع. ووَقَط به الأَرض إذا صرَعه. وفي الحديث: كان إذا نزل عليه الوَحْيُ وُقِطَ في رأْسه أَي أَنه أَدْركه الثِّقَل فوضَع رأْسه. يقال: ضربه فوقَطَه أَي أَثْقلَه، ويروى بالظاء بمعناه كأَنَّ الظاء عاقبت الذال من وقَذْت الرجل أَقِدُه إذا أَثْخَنته بالضرْب.
ابن شميل: الوَقِيطُ والوَقِيعُ المَكان الصُّلْب الذي يَسْتَنْقِعُ فيه الماء فلا يَرْزأُ الماء شيئاً.
ويومُ الوَقِيطِ: يومٌ كان في الإِسلام بين بني تَمِيم وبَكر بنِ وائل.
قال ابن بري: والوَقْطُ اسم موْضع؛ قال طفيل:

عَرَفْت لسَلْمَى، بَيْنَ وَقْطٍ فضَلْفَعِ،

 

مَنازِلَ أَقْوَتْ من مَصِيفٍ ومَرْبَعِ

وقظ

الوَقِيظُ: المثبت الذي لا يَقْدِرُ على النُّهوض كالوَقِيذِ؛ عن كراع. الأَزهري: أَمّا الوقيظ فإِن الليث ذكره في هذا الباب، قال: وزعموا أَنه حَوْض ليس له أَعضاد إِلا أَنه يجتمع فيه ماء كثير؛ قال أَبو منصور: وهذا خطأٌ محض وتصحيف، والصواب الوَقْط، بالطاء، وقد تقدَّم. وفي الحديث: كان إذا نزل عليه الوحي وُقِطَ في رأْسه أَي أَنه أَدركه الثقل فوضَع رأْسه. يقال: ضربه فوَقَطَه أَي أَثْقلَه، ويروى بالظاء بمعناه كأَن الظاء فيه عاقَبت الذال من وقَذْت الرجلَ أَقِذُه إذا أَثْخَنْتَه بالضرب.
وفي حديث أَبي سفيان وأُمية بن أَبي الصلْت: قالت له هِند عن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: يزعُم أَنه رسول اللّه، قال: فوَقَظَتْني، قال ابن الأَثير: قال أَبو موسى هكذا جاء في الرواية، قال: وأَظن الصواب فوَقَذَتْني، بالذال، أَي كسَرَتْني وهَدَّتني.

وقع

وقَع على الشيء ومنه يَقَعُ وَقْعاً ووُقُوعاً: سقَطَ، ووَقَعَ الشيءُ من يدي كذلك، وأَوْقَعَه غيرُه ووَقَعْتُ من كذا وعن كذا وَقْعاً، ووَقَعَ المطرُ بالأَرض، ولا يقال سَقَطَ؛ هذا قول أَهل اللغة، وقد حكاه سيبويه فقال: سَقَط المطرُ مكانَ كذا فمكانَ كذا. ومَواقِعُ الغيثِ: مَساقِطُه. ويقال: وقَع الشيءُ مَوْقِعَه، والعرب تقول: وقَعَ رَبِيعٌ بالأرض يَقَعُ وُقُوعاً لأَوّلِ مطر يقع في الخَرِيفِ. قال الجوهري: ولا يقال سَقَطَ. ويقال: سمعت وَقْعَ المطرِ وهو شدّةُ ضَرْبِه الأَرضَ إذا وَبَلَ.
ويقال: سمعت لحَوافِرِ الدّوابِّ وقْعاً ووُقُوعاً؛ وقول أَعْشَى باهِلةَ:

وأَلْجَأَ الكلبَ مَوْقُوعُ الصَّقِيعِ به

 

وأَلْجَأَ الحَيَّ من تَنْفاخِها الحَجرُ

إِنما هو مصدر كالمَجْلُودِ والمَعْقُول.
والمَوْقِعُ والمَوْقِعةُ: موضِعُ الوُقُوع؛ حكى الأَخيرةَ اللحياني.
وَوِقاعةُ السّترِ، بالكسر: مَوْقِعُه إذا أُرسل. وفي حديث أُم سلمةَ أَنها قالت لعائشة، رضي الله عنهما: اجْعَلي بَيْتَكِ حِصْنَكِ وَوِقاعةَ السِّتْرِ قَبْرَكِ؛ حكاه الهرويّ في الغريبين، وقال ابن الأَثير: الوِقاعةُ، بالكسر، موضعُ وُقُوعِ طَرَفِ الستْرِ على الأَرض إذا أُرْسِلَ، وهي مَوْقِعُه ومَوْقِعَتُه، ويروى بفتح الواو، أَي ساحةَ الستْرِ.
والمِيقَعةُ: داءٌ يأْخذ الفصيل كالحَصْبةِ فيَقَعُ فلا يكاد يقوم.
ووَقْعُ السيفِ ووَقْعَتُه ووُقُوعُه: هِبَّتُه ونُزُولُه بالضَّرِيبة، والفعل كالفعل، ووَقَعَ به ماكر يَقَعُ وُقُوعاً ووَقِيعةً: نزل.
وفي المثل: الحِذارُ أَشدُّ من الوَقِيعةِ؛ يضرب ذلك للرجل يَعْظُمُ في صَدْرِه الشيءُ، فإِذا وقع فيه كان أَهْوَنَ مما ظنّ، وأَوْقَعَ ظَنَّه على الشيء ووَقَّعَه، كلاهما: قَدَّرَه وأَنْزَلَه. ووَقع بالأَمر: أَحدثه وأَنزله. ووَقَعَ القولُ والحكْمُ إذا وجَب. وقوله تعالى: وإِذا وَقَعَ القولُ عليهم أَخرجنا لهم دابةً؛ قال الزجاج: معناه، والله سبحانه أَعلم، وإِذا وجب القول عليهم أَخرجنا لهم دابة من الأَرض، وأَوْقَعَ به ما يَسُوءُهُ كذلك. وقال عز وجل: ولَمّا وقَع عليهم الرِّجْزُ، معناه أَصابَهم ونزَلَ بهم. ووَقَعَ منه الأَمْرُ مَوْقِعاً حسَناً أَو سَيِّئاً: ثبت لديه، وأَمّا ما ورد في الحديث: اتَّقُوا النارَ ولو بِشِقّ تمرة فإِنها تَقَعُ من الجائِعِ مَوْقِعَها من الشبْعانِ، فإِنه أَراد أَنَّ شقّ التمرةِ لا يَتَبَيَّنُ له كبيرُ مَوْقِعٍ من الجائع إذا تناوَلَه كما لا يتبين على شِبَعِ الشبعانِ إذا أَكله، فلا تعْجِزُوا أَن تتصدّقوا به، وقيل: لأَنه يسأَل هذا شقَّ تمرة وذا شق تمرة وثالثاً ورابعاً فيجتمع له ما يَسُدُّ به جَوْعَتَه. وأَوْقَعَ به الدهرُ: سَطا، وهو منه.
والوَقِعةُ: الدّاهِيةُ. والواقِعةُ: النازِلةُ من صُرُوف الدهرِ، والواقعةُ: اسم من أَسماء يوم القيامة. وقوله تعالى: إذا وقعَتِ الواقِعةُ ليس لِوَقْعَتِها كاذبةٌ، يعني القيامةَ. قال أَبو إِسحق: يقال لكل آت يُتَوَقَّعُ قد وقَعَ الأَمْرُ كقولك قد جاء الأَمرُ، قال:

والواقِعةُ ههنا الساعةُ والقيامةُ.

والوَقْعةُ والوَقِيعةُ: الحْربُ والقِتالُ، وقيل: المَعْرَكةُ، والجمع الوَقائِعُ. وقد وقَعَ بهم وأَوْقَعَ بهم في الحرب والمعنى واحد، وإِذا وقَعَ قومٌ بقوم قيل: واقَعُوهم وأَوْقَعُوا بهم إِيقاعاً. والوَقْعةُ والواقِعةُ: صَدْمةُ الحرب، وواقَعُوهم في القتالِ مُواقَعةً وَوِقاعاً. وقال الليث: الوقْعَةُ في الحرب صَدْمةٌ بعد صَدْمةٍ. ووَقائِعُ العرب: أَيّامُ حُرُوبِهم. والوِقاعُ: المُواقَعةُ في الحَرْبِ؛ قال القطامي:

ومَنْ شَهِدَ المَلاحِمَ والوِقاعا

والوَقْعةُ: النَّوْمة في آخِرِ اليل. والوَقْعةُ: أَن يَقْضِيَ في كلّ يومٍ حاجةً إِلى مثل ذلك من الغَدِ، وهو من ذلك. وتَبَرَّزَ الوَقْعةَ أَي الغائِطَ مَرَّةً في اليوم. قال ابن الأَعرابي ويعقوب: سئل رجل عن سَيْرِه كيف كان سَيْرُكَ؟ قال: كنت آكُل الوجْبةَ، وأَنْجو الوَقْعةَ، وأُعَرِّسُ إذا أَفْجَرْتُ، وأَرْتَحِلُ إثذا أَسْفَرْتُ، وأَسِيرُ المَلْعَ والخَبَبَ والوَضْعَ، فأَتَيْتُكم لِمُسْيِ سَبْع؛ الوَجْبةُ: أَكْلة في اليوم إِلى مثلها من الغَدِ، ابن الأَثير: تفسيره الوَقْعةُ المرّةُ من الوُقُوعِ السُّقُوطِ، وأَنْجُو من النَّجْو الحَدَثِ أَي آكُلُ مرَّةً واحدة وأُحْدِثُ مرة في كل يومٍ، والمَلْعُ فوقَ المَشْيِ ودُونَ الخَبَبِ، والوَضْعُ فوق الخبب؛ وقوله لِمُسْي سبع أَي لِمَساء سبع. الأَصمعي: التوْقِيعُ في السير شبيه بالتلقيف وهو رفعه يدَه إِلى فوق.
ووَقَّعَ القومُ تَوْقِيعاً إذا عَرَّسوا؛ قال ذو الرمة:

إِذا وقَّعُوا وهْناً أَناخُوا مَطِيَّهُمْ

وطائِرٌ واقِعٌ إذا كان على شجر أَو مُوكِناً؛ قال الأَخطل:

كأَنّما كانُوا غُراباً واقِـعـا

 

فطارَ لَمّا أَبْصَرَ الصَّواعِقا

ووَقَعَ الطائِرُ يَقَعُ وُقُوعاً، والاسم الوَقْعةُ: نزلَ عن طَيَرانِه، فهو واقِعٌ. وإِنه لَحَسَنُ الوِقْعةِ، بالكسر. وطير وُقَّعٌ ووُقُوعٌ:واقِعةٌ؛ وقوله:

فإِنَّك والتَّأْبِينَ عُـرْوةَ بَـعْـدَمـا

 

دَعاكَ، وأَيْدِينـا إِلـيه شَـوارِعُ،

لَكَالرَّجُلِ الحادِي، وقد تَلَعَ الضُّحَى

 

وطَيْرُ المَنايا فوْقَـهُـنَّ أَواقِـعُ

إِنما أَراد وواقِعٌ جَمْعَ واقِعةٍ فهمز الواو الأُولى.
ووَقِيعةُ الطائِر ومَوْقَعَتُه، بفتح القاف: موضع وُقُوعه الذي يَقَعُ عليه ويَعْتادُ الطائِرُ إِتْيانَه، وجمعها مَواقِعُ.ومِيقَعةُ البازِي:مكان يأْلَفُه فيقع عليه؛ وأَنشد:

كأَنَّ مَتْنَيْهِ من الـنَّـفِـيّ

 

مَواقِع الطَّيْرِ على الصُّفِيّ

شبه ما انتشر من ماء الاستقاء بالدلو على متنيه بمواقع الطير على الصَّفا إذا زَرَقَتْ عليه. وقال الليث: المَوْقِعُ موضع لكل واقِعٍ. تقول: إِنَّ هذا الشيء لَيَقَعُ من قلبِي مَوْقِعاً، يكون ذلك في المَسرّةِ والمَساءةِ. والنَّسْرُ الواقِعُ: نَجْمٌ سمي بذلك كأَنه كاسِرٌ جناحَيْه من خلفه، وقيل: سمي واقِعاً لأَنّ بِحِذائِه النَّسْرَ الطائر، فالنسرُ الواقِعُ شامِيٌّ، والنَّسْرُ الطائرُ حَدّه ما بين النجوم الشامية واليمانية، وهو مُعْتَرِضٌ غير مستطيل، وهو نَيِّرٌ ومعه كوكبان غامِضان، وهو بينهما وقّاف كأَنهما له كالجناحين قد بسَطَهما، وكأَنه يكاد يطير وهو معهما مُعْتَرِضٌ مُصْطَفّ، ولذلك جعلوه طائراً، وأَمّا الواقِعُ فهو ثلاثةُ كواكِبُ كالأَثافي، فكوكبان مختلفان ليسا على هيئة النسر الطائر، فهما له كالجناحين ولكنهما منضمان إِليه كأَنه طائِرٌ وقَعَ. وإِنه لواقِعُ الطيْرِ أَي ساكِنٌ لَيِّنٌ. ووَقَعَتِ الدّوابُّ ووَقَّعَتْ: رَبَضَتْ.
ووَقَعَتِ الإِبلُ ووَقَّعَتْ: بَرَكَتْ، وقيل: وَقَّعَتْ، مشدّدة، اطمأَنت بالأَرض بعد الريّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

حتى إذا وَقَّّعْنَ بالأَنْبـاثِ

 

غيرَ خَفِيفاتِ ولا غِراثِ

وإِنما قال غير خفيفات ولا غِراث لأَنها قد شَبِعَتْ ورَوِيَتْ فَثَقُلَتْ. والوَقِيعةُ في الناس: الغِيبةُ، ووَقَعَ فيهم وُقُوعاً ووَقِيعةً: اغْتابهم، وقيل: هو أَن يذكر في الإِنسان ما ليس فيه. وهو رجل وَقّاعٌ ووَقّاعةٌ أَي يَغْتابُ الناسَ. وقد أَظْهَرَ الوقِيعةَ في فلان إذا عابَهُ. وفي حديث ابن عمر: فوَقَعَ بي أَبي أَي لامَنِي وعَنَّقَنِي. يقال: وقَعْت بفلان إذا لُمْتَه ووَقَعْتُ فيه إذا عِبْتَه وذَمَمْتَه؛ ومنه حديث طارقٍ: ذهَب رجل ليَقَعَ في خالد أَي يَذُمَّه ويَعِيبَه ويَغْتابَه.
ووَقاعِ: دائِرةٌ على الجاعِرَتَيْن أَو حيثُما كانت عن كَيٍّ، وقيل: هي كَيّةٌ تكون بين القَرْنَيْن قَرْنَي الرأْسِ؛ قال عوفُ بن الأَحوص:

وكنتُ، إذا مُنِيتُ بخَصْمِ سَوْءٍ

 

دَلَفْتُ له فـأَكْـوِيهِ وَقـاعِ

وهذا البيت نسبه الأَزهري لقيس بن زهير. قال الكسائي: كوَيْتُه وقاعِ، قال: ولا تكون إِلا دارةً حيث كانت يعني ليس لها موضع معلوم. وقال شمر: كَواهُ وَقاعِ إذا كَوَى أُمّ رأْسِه. يقال: وَقَعْتُه أَقَعُه إذا كَوَيْتَه تلك الكَيّةَ، ووَقَعَ في العَمَلِ وُقُوعاً: أَخذ.
وواقَعَ الأُمورَ مُواقَعةً ووِقاعاً: داناها؛ قال ابن سيده وأَرى قول الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي:

ويُطْرِقُ إِطْراقَ الشُّجاعِ وعِنْدَه

 

إذا عُدَّتِ الهَيْجا، وِقاعُ مُصادِفِ

إِنما هو من هذا، قال: وأَما ابن الأَعرابي فلم يفسره. والوِقاعُ: مُواقَعةُ الرجلِ امرأَتَه إذا باضَعَها وخالَطَها. وواقَعَ المرأَة ووَقَعَ عليها. جامَعَها؛ قال ابن سيده:وأَراهما عن ابن الأَعرابي. والوَقائِعُ:المنَاقِعُ؛ أَنشد ابن بري:

رَشِيفَ الغُرَيْرِيّاتِ ماءَ الوَقائِعِ

والوَقِيعُ: مناقع الماء، وقال أَبو حنيفة: الوَقِيعُ من الأَرضِ الغليظُ الذي لا يُنَشِّفُ الماء ولا يُنْبِتُ بَيِّنُ الوَقاعةِ، والجمع وُقُعٌ.
والوَقِيعةُ: مكان صْلْبٌ يُمْسِكُ الماء، وكذلك النُّقْرةُ في الجبل يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ، وجمعها وَقائِعُ؛ قال:

إِذا ما اسْتَبالُوا الخيلَ كانتْ أَكُفُّهُمْ

 

وَقائِعَ للأَبْوالِ، والمـاءُ أَبْـرَدُ

يقول: كانوا في فَلاةٍ فاسْتَبالُوا الخيلَ في أَكفهم فشربوا أَبواها من العطش. وحكى ابن شميل: أَرضٌ وَقِيعةٌ لا تكاد تُنَشِّفُ الماءَ من القِيعانِ وغيرها من القفافِ والجبالِ، قال: وأَمْكِنةٌ وُقُعٌ بَيِّنةُ الوَقاعةِ، قال: وسمعت يعقوب بن مَسْلَمَةَ الأَسدِيّ يقول: أَوْقَعَتِ الروضةُ إذا أَمْسَكَتِ الماءَ؛ وأَنشدني فيه:

مُوقِعة جَثْجاثُها قد أَنْوَرا

والوَقِيعةُ: نُقْرةٌ في متن حجر في سَهْل أَو جبل يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ، وهي تصغر وتعظم حتى تُجاوِزَ حَدَّ الوَقِيعةِ فتكون وَقِيطاً؛ قال ابن أَحمر:

الزَّاجِرُ العِيسَ في الإِمْلِيسِ أَعْيُنُهامِثْلُ الوَقائِعِ، في أَنْصافِها السَّمَلُ

والوَقْعُ، بالتسكين: المكان المرتفع من الجبل، وفي التهذيب: الوَقْعُ المكان المرتفع وهو دون الجبل. الحصَى الصِّغارُ، واحدتها وَقْعةٌ.
والوَقْعُ، بالتحريك: الحجارةُ، واحدتها وَقَعةٌ؛ قال الذبياني:

بَرَى وَقَعُ الصَّوانِ حَدَّ نُسُورِها

 

فَهُنَّ لِطافٌ كالصِّعادِ الـذَّوائِدِ

والتوْقِيعُ: رَمْيٌ قريب لا تُباعِدُه كأَنك تريد أَن تُوقِعَه على شيء، وكذلك توْقِيعُ الأَرْكانِ. والتوْقِيعُ: الإِصابة؛ أَنشد ثعلب:

وقد جَعَلَتْ بَوائِقُ من أُمورٍ

 

تُوَقِّعُ دُونَه، وتَكُفُّ دُوني

والتَّوَقُّعُ: تَنَظُّرُ الأَمْرِ، يقال: تَوَقَّعْتُ مَجِيئَه وتَنَظَّرْتُه. وتَوَقَّعَ الشيءَ واسْتَوْقَعَه: تَنَظَّرَه وتَخَوَّفَه.والتوْقِيعُ: تَظَنِّي الشيءِ وتَوهُّمُه، يقال: وَقِّعْ أَي أَلْقِ ظَنَّكَ على شيء، والتوْقِيعُ بالظنّ والكلام والرَّمْيِ يَعْتَمِدُه ليَقَعَ عليه وَهْمُه.
والوَقْعُ والوَقِيعُ: الأَثَرُ الذي يخالفُ اللوْنَ. والتوقيعُ: سَحْجٌ في ظهر الدابةِ، وقيل: في أَطرافِ عظامِ الدّابّةِ من الركوب، وربما انْحَصَّ عنه الشعَرُ ونَبَتَ أَبيضَ، وهو من ذلك. والتوْقِيعُ: الدَّبَرُ. وبعير مُوَقَّعُ الظهرِ: به آثارُ الدَّبَرِ، وقيل: هو إذا كان به الدَّبَرُ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للحكم بن عَبْدَلٍ الأَسدِيّ:

مِثْل الحِمارِ المُوَقَّعِ الظَّهْرِ، لا

 

يُحْسِنُ مَشْياً إِلاَّ إذا ضُـرِبـا

وفي الحديث: قَدِمَتْ عليه حلمةُ فشَكَتْ إِليه جَدْبَ البلادِ، فلكم لها خديجةَ فَأَعْطَتْها أَربعين شاةً وبعيراً مُوَقَّعاً للظَّعِينةِ؛ المُوَقَّعُ: الذي بظَهْرِه آثار الدِّبر لكثرة ما حُمِلَ عليه ورُكِبَ، فهو ذَلُولٌ مجرّبٌ، والظَّعِينةُ: الهُوْدَجُ ههنا؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: مَنْ يَدُلُّني على نَسِيجِ وحْدِه؟ قالوا: ما نعلمه غيرَكَ، فقال:ما هي إِلا إِبلٌ مُوَقَّعٌ ظُهُورُها أَي أَنا مِثْلُ الإِبلِ المُوَقَّعةِ في العيْبِ بدَبَر ظهورها؛ وأَنشد الأَزهري:

ولم يُوَقَّعْ بِرُكُوبٍ حَجَبُهْ

والتوْقِيعُ: إِصابةُ المَطر بعضَ الأَرضِ وإِخطاؤه بعضاً، وقيل: هو إِنباتُ بعضها، دون بعض؛ قال الليث: إذا أَصابَ الأَرضَ مطر متفرّق أَصاب وأَخْطأَ، فذلك تَوْقِيعٌ في نَبْتِها. والتوْقِيعُ في الكتابِ: إِلْحاقُ شيء فيه بعد الفراغِ منه، وقيل: هو مُشْتَقٌّ من التوْقِيعِ الذي هو مخالفةُ الثاني للأَوّلِ. قال الأَزهري: تَوْقِيعُ الكاتِب في الكتاب المَكْتُوبِ أَن يُجْمِلَ بين تَضاعِيفِ سُطُوره مَقاصِدَ الحاجة ويَحْذِفَ الفُضُولَ، وهو مأْخوذ من تَوْقِيعِ الدَّبَرِ ظهرَ البعير، فكأَنّّ المُوَقِّع في الكتاب يُؤَثِّر في الأَمر الذي كُتِبَ الكتابُ فيه ما يُؤَكِّدُه ويُوجبه. والتوْقِيعُ: ما يُوَقَّعُ في الكتابِ. ويقال: السُّرُورُ تَوْقِيع جائزٌ.ووَقَعَ الحدِيدَ والمُدْيةَ والسيفَ والنصلَ يَقَعُها وَقْعاً: أَحَدَّها وضَرَبَها؛ قال الأَصمعي: يقالُ ذلك إذا فعلته بين حجرين؛ قال أَبو وجزة العسدي:

حَرَّى مُوَقَّعة ماجَ البَنانُ بـهـا

 

على خِضَمٍّ، يُسَقَّى الماءَ، عجَّاجِ

أَراد بالحَرَّى المِرْماةَ العَطْشَى. ونَصْلٌ وقِيعٌ: محدّد، وكذلك الشَّفْرةُ بغير هاء؛ قال عنترة:

وآخَرُ مِنْهُمُ أَجْرَرْتُ رُمْحِي

 

وفي البَجْلِيّ مِعْبَلةٌ وقِـيعُ

هذا البيت رواه الأَصمعي: وفي البَجَلِيّ، فقال له أَعرابي كان بالمِرْبَدِ: أَخْطَأْتَ يا شيخُ، ما الذي يَجْمَعُ بين عَبْسٍ وبَجِيةَ؟ والوَقِيعُ من السيوف: ما شُحِذَ بالحجر. وسكِّينٌ وقِيعٌ أَي حدِيدٌ وُقِعَ بالميقَعةِ، يقال: قَعْ حَدِيدك؛ قال الشماخ:

يُباكِرْنَ العِضاه بمُقْنَعاتٍ

 

نَواجِذُهُنَّ كالحَدَإِ الوَقِيعِ

ووَقَعْتُ السِّكِّينَ: أَحْدَدْتُها. وسكين مُوَقَّعٌ أَي مُحَدَّدٌ.واسْتَوْقَعَ السيفُ: احتاجَ إِلى الشَّحْذِ.
والمِيقَعةُ: ما وُقِعَ به السيف، وقيل: المِيقَعةُ المِسَنُّ الطويل.
والتوْقِيعُ: إِقْبالُ الصَّيْقَلِ على السيف بِمِيقَعَتِه يُحَدّده، ومِرْماةٌ مُوَقَّعةٌ. والمِيقَعُ والمِيقَعةُ، كلاهما: المِطْرَقةُ.والوَقِيعةُ: كالمِيقَعةِ، شاذٌّ لأَنها آلة، والآلةُ إِنما تأْتي على مِفْعل؛ قال الهذلي:

رَأَى شَخْصَ مَسْعُودِ بن سَعْدٍ، بكَفِّه

 

حدِيدٌ حدِيثٌ، بالوَقِيعةِ مُعْـتَـدِي

وقول الشاعر:

دَلَفْتُ له بأَبْيَضَ مَشْرَفِـيّ

 

كأَنَ، على مَواقِعِه، غُبارا

يعني به مَواقِعَ المِيقَعةِ وهي المِطْرَقةُ؛ وأَنشد الجوهري لابن حِلِّزة:

أَنْمِي إِلى حَرْفٍ مُـذَكَّـرةٍ

 

تَهِصُ الحَصى بمَواقِعٍ خْنْسِ

ويروى: بمنَاسِمٍ مُلْسِ.
وفي حديث ابن عباس: نَزَل مع آدم، عليه السلام، المِيقَعةُ والسِّنْدانُ والكَلْتبانِ؛ قال: المِيقَعةُ المِطْرقةُ، والجمع المَواقِع، والميم زائدة والياء بدل من الواو قلبت لكسرة الميم. والمِيقَعةُ: خشبة القَصّارِ التي يَدُقُّ عليها. يقال: سيف وَقِيعٌ وربما وُقِّعَ بالحجارة. وفي الحديث: ابنُ أَخي وَقِعٌ أَي مريضٌ مُشْتَكٍ، وأَصل الوَقَعِ الحجارةُ المحَددة.
والوَقَعُ: الحَفاءُ؛ قال رؤبة:

لا وَقَعٌ في نَعْلِه ولا عَسَمْ

والوَقِعُ: الذي يشتكي رجله من الحجارة، والحجارةُ الوَقَعُ. ووَقِعَ الرجلُ والفرسُ يَوْقَعُ وقَعاً، فهو وَقِعٌ: حَفِيَ من الحجارة أَو الشوْك واشتكى لحمَ قدميه، زاد الأَزهري: بعد غَسْلٍ من غِلَظِ الأَرض والحجارة. وفي حديث أُبَيٍّ: قال لرجل لو اشتريْتَ دابة تَقِيكَ الوَقَعَ؛ هو بالتحريك أَن تُصيب الحجارةُ القَدَمَ فتُوهِنَها. يقال: وَقِعْتُ أَوْقَعُ وَقَعاً؛ ومنه قول أَبي المِقْدامِ واسمه جَسّاسُ ابن قُطَيْبٍ:

يا لَيْتَ لي نَعْلَيْنِ من جِلْدِ الضَّبُعْ،

وشُرُكاً مِنَ اسْتِها لا تَنْقَطِعُ،

كلَّ الحِذاءِ يَحْتَذِي الحافي الوَقِعْ

قال الأَزهري: معناه أَنَّ الحاجةَ تَحْمِلُ صاحبَها على التعلق بكل شيء قَدَرَ عليه، قال: ونحوٌ منه قولهم الغَرِيقُ يتعلقُ بالطُّحْلُبِ.
ووقِعَتِ الدابةُ تَوْقَعُ إذا أَصابها داء ووَجَعٌ في حافرها من وَطْء على غِلظٍ، والغِلظ هو الذي يَبرِي حَدَّ نُسورِها، وقد وَقَّعه الحجرُ تَوْقِيعاً كما يُسَنُّ الحديد بالحجارة. ووَقَّعَتِ الحجارةُ الحافِرُ فقطعت سنابِكَه تَوْقِيعاً، وحافر وَقِيعٌ: وَقَعَتْه الحجارةُ فغَضَّتْ منه.
وحافر مَوْقوعٌ: مثل وَقِيعٍ؛ ومنه قول رؤْبة:

لأْم يَدُقُّ الحَجَرَ المُدَمْلَقـا

 

بكلِّ موْقُوعِ النُّسورِ أَخْلَقا

وقدم موْقوعةٌ: غليظةٌ شديدة؛ وقال الليث في قول رؤبة:

يَرْكَبُ قَيْناه وقِيعاً ناعِلا

الوقِيعُ: الحافرُ المحَدَّد كأَنه شُحِذَ بالأَحجار كما يُوقَعُ السيفُ إذا شُحِذ، وقيل: الوقِيعُ الحافرُ الصُّلْبُ، والناعِلُ الذي لا يَحْفى كأَنَّ عليه نعْلاً. ويقال: طريق مُوَقَّعٌ مُذَلَّلٌ، ورجل مُوَقَّعٌ مُنَجَّذٌ، وقيل: قد أَصابته البلايا؛ هذه عن اللحياني، وكذلك البعير؛ قال الشاعر:

فما مِنْكُمُ، أَفْناءَ بَكْرِ بنِ وائِلٍ

 

بِغارَتِنا، إِلا ذَلُولٌ مُـوَقَّـعُ

أَبو زيد: يقال لغِلافِ القارورةِ الوَقْعةُ والوِقاعُ، والوِقْعةُ للمجمع.والواقِعُ: الذي يَنْفُرُ الرَّحى وهم الوَقَعةُ.
والوَقْعُ: السحابُ الرَّقيق، وأَهل الكوفة يسمون الفِعْل المتعدِّي واقِعاً.
والرِيقاعُ: من إِيقاعِ اللحْنِ والغِناءِ وهو أَن يوقع الأَلحانَ ويبنيها، وسمى الخليل، رحمه الله، كتاباً من كتبه في ذلك المعنى كتاب الإِيقاعِ. والوَقَعةُ: بَطْنٌ من العرب، قال الأَزهري: هم حيّ من بني سعد بن بكر؛ وأَنشد الأَصمعي:

من عامِرٍ وسَلولٍ أَوْ مِنَ الوَقَعهْ

ومَوْقوعٌ: موضع أَو ماء. وواقِعٌ: فرسٌ لربيعة ابنِ جُشَمَ.

وقف

الوُقوف خلاف الجُلوس، وقَف بالمكان وقْفاً ووُقوفاً، فهو واقف، والجمع وُقْف ووُقوف، ويقال: وقَفتِ الدابةُ تَقِفُ وُقوفاً، ووقَفْتها أَنا وَقْفاً. ووقَّفَ الدابةَ: جعلها تَقِف؛ وقوله:

أَحْدَثُ مَوْقِف من أُم سَلْـمٍ

 

تَصَدِّيها، وأَصْحابي وُقوفُ

وُقوفٌ فوقَ عِيسٍ قد أُمِلَّتْ

 

بَراهُنَّ الإناخةُ والوَجِـيفُ

إنما أَراد وُقوف لإبلهم وهم فوقها؛ وقوله:

أَحدث موقف من أُم سلم

إنما أَراد أَحدث مواقفَ هي لي من أُم سلْم أَو من مواقِفِ أُم سلْم، وقوله تَصَدِّيها إنما أَراد مُتصدّاها، وإنما قلت هذا لأُقابل الموقف الذي هو الموضع بالمُتصدَّى الذي هو الموضع، فيكون ذلك مقابلة اسم باسم، ومكان بمكان، وقد يكون موقفي ههنا وُقوفي، فإِذا كان ذلك فالتصدّي على وجهه أَي أَنه مصدر حينئذ، فقابل المصدر بالمصدر؛ قال ابن بري: ومما جاء شاهداً على أَوقفت الدابة قول الشاعر:

وقولها، والرِّكابُ مُوقَفةٌ

 

أَقِمْ علينا أَخي، فلم أُقِمِ

وقوله:

قلت لها: قِفِي لنا، قالت: قافْ

إنما أَراد قد وقَفْتُ فاكتفى بذكر القاف. قال ابن جني: ولو نقل هذا الشاعر إلينا شيئاً من جملة الحال فقال مع قوله قالت قاف: وأَمسكَت زمام بعيرها أَو عاجَته علينا، لكان أَبين لما كانوا عليه وأَدل، على أَنها أَرادت قفي لنا قفي لنا أَي تقول لي قفي لنا متعجبة منه، وهو إذا شاهَدها وقد وقَفَتْ علم أَن قولها قاف إجابةٌ له لا رَدّ لقوله وتعَجُّب منه في قوله قفي لنا. الليث: الوَقْف مصدر قولك وقَفْتُ الدابةَ ووقَفْت الكلمة وقْفاً، وهذا مُجاوِز، فإذا كان لازماً قلت وقفَتْ وُقوفاً. وإذا وقَّفْت الرجلَ على كلمة قلت: وقَّفْتُه تَوْقيفاً. ووقَف الأَرض على المساكين، وفي الصحاح للمساكين، وقْفاً: حبسَها، ووقفْتُ الدابةَ والأَرضَ وكلَّ شيء، فأَما أَوقف في جميع ما تقدّم من الدواب والأَرضين وغيرهما فهي لغة رَديئة؛ قال أَبو عمرو بن العلاء: إلا أَني لو مررت برجل واقف فقلت له: ما أَوْقَفَك ههنا، لرأَيته حسَناً. وحكى ابن السكّيت عن الكسائي: ما أَوقَفك ههنا وأَيُّ شيء أَوقفك ههنا أَي أَيُّ شيء صيَّرك إلى الوُقوف، وقيل: وقَف وأَوقَف سواء. قال الجوهري: وليس في الكلام أَوقفْت إلا حرف واحد أَوقَفْت عن الأَمر الذي كنت فيه أَي أَقْلَعْت؛ قال الطرماح:

قَلَّ في شَطِّ نَهْروانَ اغْتِمـاضِـي

 

ودَعاني هَوى العُيونِ المِـراضِ

جامِحاً في غَوايَتـي، ثـم أَوقَـفْ

 

تُ رِضاً بالتُّقَى، وذُو البِرِّ راضي

قال: وحكى أَبو عمرو كلمتهم ثم أَوقفْت أَي سكتُّ، وكل شيء تُمسك عنه تقول أَوقفت، ويقال: كان على أَمْر فأَوقَف أَي أَقصَر. وتقول: وقفْت الشيء أَقِفه وقْفاً، ولا يقال فيه أَوقفت إلا على لغة رديئة. وفي كتابه لأَهل نجْرانَ: وأن لا يُغيَّرَ واقِف من وِقِّيفاه؛ الواقف: خادم البِيعة لأَنه وقَف نفسَه على خِدْمتها، والوِقِّيفى، بالكسر والتشديد والقصر: الخدمة، وهي مصدر كالخِصِّيصى والخِلِّيفى. وقوله تعالى: ولو ترى إذ وُقِفوا على النار، يحتمل ثلاثة أَوجه: جائز أَن يكونوا عاينوها، وجائز أَن يكونوا عليها وهي تحتهم، قال ابن سيده: والأَجود أَن يكون معنى وُقفوا على النار أُدخلوها فعرَفوا مِقدار عذابها كما تقول: وقفْت على ما عند فلان تريد قد فَهِمته وتبيَّنْته. ورجل وقّاف: مُتَأَنٍّ غير عَجِل؛ قال:

وقد وقَفَتْني بينَ شكٍّ وشُبْـهِةٍ

 

وما كنت وقّافاً على الشُّبُهات

وفي حديث الحسن: إن المؤمن وقّاف مُتَأَنٍّ وليس كحاطِب الليل؛ والوقّاف: الذي لا يستعجل في الأَمور، وهو فَعّال من الوُقوف. والوقّاف: المُحْجِم عن القتال كأَنه يَقِف نفسه عنه ويعوقها؛ قال دريد:

وإنْ يَكُ عبدُ اللّه خلَّى مكانَـه

 

فما كان وقَّافاً، ولا طائشَ اليدِ

وواقَفه مُواقفة ووِقافاً: وقفَ معه في حرب أَو خُصومة. التهذيب: أَوقفت الرجلَ على خِزْيِه إذا كنت لا تحبسه بيدك، فأَنا أُوقِفه إيقافاً، قال:وما لك تَقِف دابتك تحبسها بيدك.
والمَوْقِفُ: الموضع الذي تقِف فيه حيث كان.
وتَوْقِيفُ الناس في الحجّ: وُقوفهم بالمواقِف. والتوْقيف: كالنَّصّ، وتواقفَ الفريقان في القِتال. وواقَفْته على كذا مُواقفة ووِقافاً واسْتَوْقَفْته أَي سأَلته الوقُوف. والتوقُّف في الشيء: كالتلَوُّم فيه. وأَوقفت الرجل على كذا إذا لم تحبسه بيدك. والواقفة: القدَم، يمانية صفة غالبة.
والمِيقَف والمِيقاف: عُودأَو غيره يسكَّن به غلَيان القِدر كأَنّ غليانها يُوقف بذلك؛ كلاهما عن اللحياني.
والمَوْقُوف من عَروض مَشْطُور السَّريع والمُنْسَرِح: الجزء الذي هو مفعولان، كقوله:

يَنْضَحْنَ في حافاتِها بالأَبْوالْ

فقوله بالأَبوال مفعولانْ أَصله مفعولاتُ أُسكنت التاء فصار مفعولاتْ، فنقل في التقطيع إلى مفعولان، سمي بذلك لأَن حركة آخره وُقِفَت فسمي موقوفاً، كما سميت مِنْ وقَطْ وهذه الأَشياء المبنية على سكون الأَواخِر موقوفاً.
ومَوْقِفُ المرأَةِ: يداها وعيناها وما لا بدّ لها من إظهاره. الأَصمعي: بدا من المرأَة مَوقِفُها وهو يداها وعيناها وما لا بدَّ لها من إظهاره.
ويقال للمرأَة: إنها لحسَنة الموقفين، وهما الوجه والقدَم. المحكم: وإنها لجميلة مَوْقِف الراكِب يعني عينيها وذراعيها، وهو ما يراه الراكب منها. ووقَّفَتِ المرأَةُ يديها بالحِنّاء إذا نقَّطت في يديها نُقَطاً.
ومَوْقِف الفرس: ما دخَل في وسَط الشاكلة، وقيل: مَوْقفاه الهَزْمتان اللتان في كَشْحَيه. أَبو عبيد: الموقفان من الفرس نُقْرتا خاصرتيه. يقال: فرس شديد الموقِفين كما يقال شَديدُ الجَنْبَين وحَبِطُ الموْقِفَينِ إذا كان عظيم الجنبين؛ قال الجعدي:  

شدِيدُ قِلاتِ المَوْقِفَيْنِ كأَنمـا

 

به نَفَسٌ، أَو قد أَراد ليَزْفِرا

وقال:

فَلِيق النَّسا حَبِط الموقفـي

 

ن، يَسْتَنُّ كالصدَعِ الأَشْعَبِ

وقيل: موقف الدابة ما أَشرف من صُلبه على خاصرته. التهذيب: قال بعضهم فرس مُوَقَّف وهو أَبرشُ أَعلى الأُذنين كأَنهما منقوشتان ببياض ولو سائره ما كان.
والوَقِيفةُ: الأُروِيَّةُ تُلْجِئها الكلاب إلى صخرة لا مَخلَص لها منها في الجبل فلا يمكنها أَن تنزل حتى تصاد؛ قال:

فلا تَحْسَبَنِّي شَحْمةً من وَقِيفةٍ

 

مُطَرَّدةٍ مما تَصيدُكَ سَلْفَـعُ

وفي رواية: تَسَرَّطُها مما تصيدك. وسَلْفَعُ: اسم كلبة، وقيل: الوقيفة الطَّريدة إذا أَعْيَت من مُطاردة الكلاب. وقال الجوهري: الوقيفة الوَعِل؛ قال ابن بري: وصوابه الوقيفة الأُرْوِيّة. وكلُّ موضع حبسَته الكلاب على أَصحابه، فهو وَقِيفة.
ووقَّف الحديث: بيَّنه. أَبو زيد: وقَّفت الحديث توقيفاً وبيَّنته تبييناً، وهما واحد. ووقَّفته على ذنبه أَي أَطلعته عليه. ويقال: وقَّفته على الكلمة توقيفاً. والوَقْف: الخَلْخال ما كان من شيء من الفضة والذَّبْل وغيرهما، وأَكثر ما يكون من الذبل، وقيل: هو السِّوار ما كان، وقيل: هو السوار من الذَّبل والعاج، والجمع وقُوف. والمَسَكُ إذا كان من عاج فهو وقْف، وإذا كان من ذَبْل فهو مَسَك، وهو كهيئة السِّوار. يقال: وقَّفَت المرأَة توقيفاً إذا جعلت في يديها الوقْف. وحكى ابن بري عن أَبي عمرو:أَوقَفَت الجاريةُ، جعلت لها وقْفاً من ذَبْل؛ وأَنشد ابن بري شاهداً على الوقْف السوار من العاج لابن مُقْبل:

كأَنه وقْفُ عاجٍ بات مَكْنُونا

والتوْقِيف: البياض مع السواد. ووُقُوف القوسِ: أَوتارُها المشدودة في يدها ورجلها؛ عن ابن الأَعرابي؛ وقال أَبو حنيفة: التوْقِيف عقَب يُلْوَى على القوس رَطباً لَيّناً حتى يصير كالحَلْقة، مشتق من الوقْف الذي هو السوار من العاج؛ هذه حكاية أَبي حنيفة، جعل التوقيف اسماً كالتَّمْتين والتنْبيت؛ قال ابن سيده: وأَبو حنيفة لا يؤمن على هذا، إنما الصحيح أَن يقول: التوقيف أَن يُلْوى العَقَبُ على القوس رطباً حتى يصير كالحلقة، فيُعَبَّر عن المصدر بالمصدر، إلاَّ أَنْ يثبت أَن أَبا حنيفة ممن يعرف مثل هذا، قال: وعندي أَنه ليس من أَهل العلم به ولذلك لا آمنه عليه وأَحمله على الأَوسع الأَشيع. والتوقيف أَيضاً: لَيُّ العَقَب على القوس من غير عيب.
ابن شميل: التوقيف أَن يُوَقِّف على طائفَي القوس بمضائغ من عَقَب قد جعلهن في غِراء من دماء الظِّباء فيجئن سوداً، ثم يُغْلى على الغِراء بصَدإِ أَطراف النَّبْل فيجيء أَسود لازقاً لا ينقطع أَبداً. ووقْفُ الترس: المستدير بحافته، حديداً كان أَو قَرْناً، وقد وقَّفه. وضَرع مُوقَّف: به آثار الصِّرار؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

إبْلُ أَبي الحَبْحاب إبْلٌ تُعْرَفُ

 

يَزِينُها مُجَفَّـفٌ مُـوَقَّـفُ

قال ابن سيده: هكذا رواه ابن الأَعرابي مجفف، بالجيم، أَي ضَرْع كأَنه جُفٌّ وهو الوَطْب الخَلَقُ، ورواه غيره محفَّف، بالحاء، أَي ممتلئ قد حَفَّت به. يقال: حَفَّ القوم بالشيء وحفَّفوه أَحدقوا به. والتوقيفُ: البياض مع السواد. ودابة موقَّفة توقِيفاً وهو شِيَتُها. ودابة موقَّفة: في قوائمها خُطوط سود؛ قال الشماخ:

وما أَرْوَى، وإنْ كَرُمَتْ علينا

 

بأَدْنَى من مُوقَّـفة حَـرُونِ

واستعمل أَبو ذؤيب التوقيف في العُقاب فقال:

مُوقَّفة القَوادِم والذُّنابَـى

 

كأَنَّ سَراتها اللَّبَن الحَلِيبُ

أَبو عبيد: إذا أَصاب الأَوْظِفة بياض في موضع الوقْف ولم يعْدها إلى أَسفل ولا فوق فذلك التوقيف. ويقال: فرس موقَّف. الليث: التوقيف في قوائم الدابة وبقر الوحش خُطوط سود؛ وأَنشد: شَيْباً موقَّفا. وقال آخر:

لها أُمٌّ مُـوَقَّـفةٌ رَكُـوبٌ

 

بحيثُ الرَّقْوُ مَرْتَعُها البَريرُ

ورجل موقَّف: أَصابته البَلايا هذه عن اللحياني. ورجل موقَّف على الحق: ذَلول به. وحمار موقَّف؛ عنه أَيضاً: كُوِيتْ ذراعاه كَيّاً مستديراً؛ وأَنشد:

كَوَيْنا خَشْرَماً في الرأْس عَشْراً

 

ووقَّفْنـا هُـدَيْبةً، إذ أَتـانـا

اللحياني: المِيقَفُ والمِيقافُ العُودُ الذي تُحرّك به القِدر ويسكَّن به غليانها، وهو المِدْوَمُ والمِدْوامُ؛ قال: والإدامة ترك القِدْر على الأَثافي بعد الفراغ. وفي حديث الزبير وغَزوة حُنَيْن: أَقبلت معه فوقفت حتى اتَّقَفَ الناسُ كلهم أَي حتى وقَفُوا؛ اتَّقف مطاوع وقَف، تقول: وقَفْته فاتّقف مثل وعدْته فاتَّعَد، والأَصل فيه اوْتَقف، فقلبت الواو ياء لسكونها وكسر ما قبلها، ثم قلبت الياء تاءً وأُدْغمت في تاء الافتعال.
وواقفٌ: بطن من الأَنصار من بني سالم بن مالك بن أَوْس. اين سيده: وواقف بطن من أَوس اللاَّتِ. والوقّاف: شاعر معروف.

وقق

وَقْوَق الرجل: ضعف. والوَقْوَقة: اختلاط صوت الطير، وقيل: وَقْوَقَتها جلبتها وأَصواتها في السَّحَر. والوَقْوَقة: نُباح الكلب عند الفَرَق؛ قال الشاعر:

حتى ضَغا نابِحُهُمْ فوَقْوقا،

 

والكلب لا يَنْبَحُ لا فَرقـا

والوَقْواقُ مثل الوَكْواك: وهو الجَبان. والوَقْوَاقُ: شجر تتخذ منه الدُّويُّ. والوَقواقة: الكثير الكلام، وامرأة وقوْاقة كذلك؛ قال أَبو بدر السلمي:

إِنَّ ابن تُرْنَى أُمُّهُ وَقْوَاقه،

 

تأتي تقول البُوقَ والحَماقه

وبلاد الوَقْواقِ: فوق بلاد الصين. والوَقْواقُ: طائر، وليس بثبت.

وقل

وَقَل في الجبل، بالفتح، يَقِلُ وَقْلاً ووُقولاً وتوَقَّل تَوَقُّلاً: صَعَّد فيه، وفرسٌ وَقِلٌ ووَقُلٌ ووَقَلٌ، وكذلك الوَعِل؛ قال ابن مُقْبِل:

عَوْداً أَحَمَّ القَرا إِزْمَوْلةً وَقَلا

 

يأْتي تُراثَ أَبيه يَتْبَعُ القَذفا

والواقِلُ: الصاعِدُ بين حُزونةِ الجبال، وكلُّ صاعِدٍ في شيء مُتَوَقِّلٌ. وَقَل يَقِل وَقْلاً: رَفَع رِجلاً وأَثبَت أُخرى؛ قال الأَعشى:

وهِقْلٌ يَقِلُ المَشْـيَ

 

معَ الرَّبْداءِ والرَّأْلِ

وقال أَبو حنيفة: الوَقَلُ الكَرَبُ الذي لم يُسْتَقص، فبقيتْ أُصوله بارِزة في الجِذْع، فأَمكن المُرْتَقِيَ أَن يَرْتَقِيَ فيها، وكلُّه من التَّوَقُّل الذي هو الصُّعود. وفي المثل: أَوْقَلُ من غُفْرٍ، وهو وَلد الأُروِيَّة. وفرس وَقِلٌ، بالكسر، إذا أَحسن الدخول بين الجبال. وفي حديث أُم زرع: ليس بِلَبِدٍ فيُتَوَقَّل؛ التَّوَقُّل: الإِسراعُ في الصُّعود. وفي حديث ظَبيان: فتَوَقَّلَتْ بنا القِلاص. وفي حديث عمر: لمَّا كان يومُ أُحُد كنت أَتوَقَّل كما تَتَوَقَّل الأُرْوِيَّةُ أَي أَصعَد فيه كما تَصْعَد أُنثى الوُعول والوَقَلُ: الحجارة.
والوَقْلُ، بالتسكين: شجر المُقْل، واحدته وَقْلة، وقد يقال: الدَّوْمُ شجر المُقْل والوَقْلُ ثَمَره؛ قال الأَزهري: وسمعت غير واحدٍ من بني كلاب يقول: الوَقْلُ ثمرة المُقْل؛ ودل على صحته قول الجعدي:

وكأَنَّ عِيرَهُمُ، تُحَثُّ غُدَيَّةً

 

دَوْمٌ يَنُوءُ بيانِعِ الأَوْقـال

فالدَّوْم: شجر المُقْل، وأَوْقاله ثمارُه، وجمع الوَقْل أَوْقال؛ قال الشاعر:

لم يَمْنَع الشُّرْبَ منها غيرُ أَن هَتَفَتْ

 

حَمامةٌ في سَحُـوقٍ ذاتِ أَوْقـالِ

والسَّحُوق: ما طال من الدَّوْم، وأَوْقاله: ثمارُه، والوَقْلةُ أَيضاً: نَواتُه، وجمعه وُقولٌ كبَدْرة وبُدورٍ وصَخْرة وصُخور، والله أَعلم.

وقم

الوَقْمُ: جَذْبُكَ العِنانِ. وَقَمَ الدابَّةَ وَقْماً: جَذبَ عِنانَها لتَكُفَّ. ووَقَمَ الرجلَ وَقْماً ووَقَّمَه: أَذلَّه وقهَره، وقيل: رَدَّه أَقبح الردّ؛ وأَنشد الجوهري:

به أَقِمُ الشُّجاعَ، له حُصاصٌ

 

من القَطِمِينَ، إذْ فَرَّ اللُّيوثُ

والقَطِمُ: الهائجُ. وَقَمْتُ الرجل عن حاجته: رَدَدْتُه أَقْبَحَ الردِّ. ووَقَمَه الأمرُ وَقْماً: حَزَنَه أَشدَّ الحُزْنِ. والمَوقوم والمَوكوم: الشديد الحُزْنِ، وقد وَقَمَه الأَمرُ ووَكَمَهُ. الأصمعي: المَوْقُومُ إذا رَدَدْتَه عن حاجتِه أشدَّ الردّ؛ وأَنشد:

أَجاز مِنّا جائزٌ لم يُوقَم

ويقال: قِمْه عن هواه أي ردَّه. ابن السكيت: إنك لَتَوَقَّمُني بالكلام أي تَرْكَبُني وتَتَوثَّبُ عليّ، قال: وسمعت أَعرابيّاً يقول التَّوَقُّمُ التَّهدُّدُ والزجرُ. الجوهري: الوَقْمُ كسْرُ الرجلُ وتذليله. يقال: وَقَمَ الله العَدوَّ إذا أَذَلَّه، ووُقِمَت الأَرض أي وُطِئت وأُكِلَ نَباتُها، قال: وربما قالوا وُكِمَت، بالكف، وكذلك المَوْكومُ.
والوِقامُ: السيفُ، وقيل: السوطُ، وقيل: العصا، وقيل: الحَبْلُ؛ قال أَبو زيد: رواه ابن دريد في كتابه؛ التهذيب: وأما قول الأَعشى:

بَناها من الشَّتْوِيِّ رامٍ يُعِدُّها،

 

لِقَتْلِ الهَوادِي، داجنٌ بالتَّوَقُّمِ

قال: معناه أنه معتادٌ للتَّوَلُّج في قُتْرَتِه. وتَوَقَّمْت الصيدَ: قَتَلْتُه. وفلانٌ يَتَوَقَّمُ كلامي أي يَتَحَفَّظُه ويَعِيه.
وواقِمٌ: أُطُمٌ من آطامِ المدينة. وحَرَّةُ واقِمٍ: معروفةٌ مضافة إليه، وقد ورد ذكرُها في الحديث؛ قال الشاعر:

لَوَ انَّ الرَّدى يَزْوَرُّ عن ذي مَهابةٍ،

 

لَهابَ خُضَيْراً يومَ أَغْلَقَ واقِـمـا

وهو رجل من خَرْوج يقال له خُضَير الكتائب؛ قال ابن بري: وذكر بعضهم أَنه حُضَير، بالحاء المهملة لا غير، ورأَيت هنا حاشية بخط الشيخ رضيّّ الدين الشاطبيّ النحويّ، رحمه الله، قال: ليس حُضَير من الخزرج، وإنما هو أَوْسِيّ أَشْهَليّ، وحاؤه في أَوله مهملة، قال: لا أَعلم فيها خلافاً، والله أَعلم.

وقن

التهذيب: أَبو عبيد الأُقْنَةُ والوُقْنَةُ موضع الطائر في الجَبَلِ، والجمع الأُقْناتُ والوُقْنات والوُكْنات. ابن بري: وُقْنة الطائر مَحْضِنُه. ابن الأَعرابي: أَوْقَنَ الرجلُ إذا اصطاد الطير من وُقْنَتِه، وهي مَحْضِنُه، وكذلك تَوَقَّنَ إذا اصطاد الحمام من مَحَاضِنِها في رؤوس الجبال. والتَّوَقُّنُ: التَّوَقُّل في الجبل، وهو الصُعود فيه.

وقه

الوَقْهُ: الطاعة، مقلوب عن الْقاهِ، وقد وَقِهْتُ وأَيْقَهْتُ واسْتَيْقَهْتُ. ويروى: واسْتَيْقَهُوا للمُحَلِّمِ. قال ابن بري: الصواب عندي أَن القاه مقلوب من الوَقْه، بدلالة قولهم وَقِهْتُ واسْتَيْقَهْتُ، ومثل الوَقْهِ والْقاهِ الوجهُ والجاهُ في القلب. وروى الأَزهري عن عمرو بن دينار قال: في كتاب النبي، صلى الله عليه وسلم، لأَهل نجران: لا يُحَرَّكُ راهبٌ عن رَهْبانِيَّتهِ، ولا واقِهٌ عن وَقاهِيَتِه، ولا أُسْقُفٌّ عن أُسْقُفِّيَّتِهِ، شهد أَبو سفيان بنُ حَرْبٍ والأَقرعُ بن حابِسٍ؛ قال الأَزهري: هكذا رواه لنا أَبو زيد، بالقاف، والصواب وافِهٌ عن وَفْهِيَّتهِ؛ كذلك قال ابن بُزُرْج بالفاء. ورواه ابن الأَعرابي و اهِفٌ، وكأَنه مقلوب.

وقي

وقاةُ اللهُ وَقْياً وَوِقايةً وواقِيةً: صانَه؛ قال أَبو مَعْقِل الهُذليّ:

فَعادَ عليكِ إنَّ لكُنَّ حَظّاً

 

وواقِيةً كواقِيةِ الكِلابِ

وفي الحديث: فَوقَى أَحَدُكم وجْهَه النارَ؛ وَقَيْتُ الشيء أَقِيه إذا صُنْتَه وسَتَرْتَه عن الأَذى، وهذا اللفظ خبر أُريد به الأمر أي لِيَقِ أَحدُكم وجهَه النارَ بالطاعة والصَّدَقة. وقوله في حديث معاذ: وتَوَقَّ كَراءَمَ أَموالِهم أَي تَجَنَّبْها ولا تأْخُذْها في الصدَقة لأَنها تَكرْمُ على أَصْحابها وتَعِزُّ، فخذ الوسَطَ لا العالي ولا التَّازِلَ، وتَوقَّى واتَّقى بمعنى؛ ومنه الحديث: تَبَقَّهْ وتوَقَّهْ أَي اسْتَبْقِ نَفْسك ولا تُعَرِّضْها للتَّلَف وتَحَرَّزْ من الآفات واتَّقِها؛ وقول مُهَلْهِل:

ضَرَبَتْ صَدْرَها إليَّ وقالت

 

يا عَدِيّاً، لقد وَقَتْكَ الأَواقي

إِنما أراد الواو في جمع واقِيةٍ، فهمز الواو الأُولى، ووقاهُ: صانَه.
ووقاه ما يَكْرَه ووقَّاه: حَماهُ منه، والتخفيف أَعلى. وفي التنزيل العزيز: فوقاهُمُ الله شَرَّ ذلك اليومِ. والوِقاءُ والوَقاء والوِقايةُ والوَقايةُ والوُقايةُ والواقِيةُ: كلُّ ما وقَيْتَ به شيئاً وقال اللحياني: كلُّ ذلك مصدرُ وَقَيْتُه الشيء. وفي الحديث: من عَصى الله لم يَقِه منه واقِيةٌ إِلا بإِحْداث تَوْبةٍ؛ وأَنشد الباهليُّ وغيره للمُتَنَخِّل الهُذَلي:

لا تَقِه الموتَ وقِـيَّاتُـه

 

خُطَّ له ذلك في المَهْبِلِ

قال: وقِيَّاتُه ما تَوَقَّى به من ماله، والمَهْبِلُ: المُسْتَوْدَعُ.
ويقال: وقاكَ اللهُ شَرَّ فلان وِقايةً. وفي التنزيل العزيز: ما لهم من الله من واقٍ؛ أَي من دافِعٍ. ووقاه اللهُ وِقاية، بالكسر، أَي حَفِظَه.
والتَّوْقِيةُ: الكلاءة والحِفْظُ؛ قال:

إِنَّ المُوَقَّى مِثلُ ما وقَّيْتُ

وتَوَقَّى واتَّقى بمعنى. وقد توَقَّيْتُ واتَّقَيْتُ الشيء وتَقَيْتُه أَتَّقِيه وأَتْقِيه تُقىً وتَقِيَّةً وتِقاء: حَذِرْتُه؛ الأَخيرة عن اللحياني، والاسم التَّقْوى، التاء بدل من الواو والواو بدل من الياء. وفي التنزيل العزيز: وآتاهم تَقْواهم؛ أَي جزاء تَقْواهم، وقيل: معناه أَلهَمَهُم تَقْواهم، وقوله تعالى: هو أَهلُ التَّقْوى وأَهلُ المَغْفِرة؛ أَي هو أَهلٌ أَن يُتَّقَى عِقابه وأَهلٌ أَن يُعمَلَ بما يؤدّي إِلى مَغْفِرته. وقوله تعالى: يا أَيها النبيُّ اتَّقِ الله؛ معناه اثْبُت على تَقْوى اللهِ ودُمْ عليهوقوله تعالى: إِلا أَن تتقوا منهم تُقاةً؛ يجوز أَن يكون مصدراً وأَن يكون جمعاً، والمصدر أَجود لأَن في القراءة الأُخرى: إِلا أَن تَتَّقُوا منهم تَقِيَّةً؛ التعليل للفارسي. التهذيب: وقرأَ حميد تَقِيَّة، وهو وجه، إِلا أَن الأُولى أَشهر في العربية، والتُّقى يكتب بالياء.
والتَّقِيُّ: المُتَّقي. وقالوا: ما أَتْقاه لله؛ فأَما قوله:

ومَن يَتَّقْ فإِنَّ اللهَ مَـعْـهُ

 

ورِزْقُ اللهِ مُؤْتابٌ وغادي

فإِنما أَدخل جزماً على جزم؛ وقال ابن سيده: فإِنه أَراد يَتَّقِ فأَجرى تَقِفَ، مِن يَتَّقِ فإِن، مُجرى عَلِمَ فخفف، كقولهم عَلْمَ في عَلِمَ.
ورجل تَقِيٌّ من قوم أَتْقِياء وتُقَواء؛ الأَخيرة نادرة، ونظيرها سُخَواء وسُرَواء، وسيبويه يمنع ذلك كله. وقوله تعالى: قالت إِني أَعوذُ بالرحمن منكَ إِن كنتَ تَقِيّاً؛ تأْويله إِني أَعوذ بالله، فإِن كنت تقيّاً فسَتَتَّعِظ بتعَوُّذي بالله منكَ، وقد تَقيَ تُقىً. التهذيب: ابن الأَعرابي التُّقاةُ والتَّقِيَّةُ والتَّقْوى والاتِّقاء كله واحد. وروي عن ابن السكيت قال: يقال اتَّقاه بحقه يَتَّقيه وتَقاه يَتْقِيه، وتقول في الأَمر: تَقْ، وللمرأَة: تَقي؛ قال عبد الله ابن هَمَّام السَّلُولي:

زِيادَتَنا نَعْمانُ لا تَنْسَـيَنَّـهـا

 

تَقِ اللهَ فِينا والكتابَ الذي تَتْلُو

بنى الأَمر على المخفف، فاستغنى عن الأَلف فيه بحركة الحرف الثاني في المستقبل، وأَصل يَتَقي يَتَّقِي، فحذفت التاء الأُولى، وعليه ما أُنشده الأَصمعي، قال: أَنشدني عيسى بن عُمر لخُفاف بن نُدْبة:

جَلاها الصَّيْقَلُونَ فأَخْلَصُوها

 

خِفافاً، كلُّها يَتَقي بـأَثـر

أَي كلها يستقبلك بفِرِنْدِه؛ رأَيت هنا حاشية بخط الشيخ رضيِّ الدين الشاطِبي، رحمه الله، قال: قال أبو عمرو وزعم سيبويه أَنهم يقولون تَقَى اللهَ رجل فعَل خَيْراً؛ يريدون اتَّقى اللهَ رجل، فيحذفون ويخفقون، قال: وتقول أَنت تَتْقي اللهَ وتِتْقي اللهَ، على لغة من قال تَعْلَمُ وتِعْلَمُ، وتِعْلَمُ، بالكسر: لغة قيْس وتَمِيم وأَسَد ورَبيعةَ وعامَّةِ العرب، وأَما أَهل الحجاز وقومٌ من أَعجاز هَوازِنَ وأَزْدِ السَّراة وبعضِ هُذيل فيقولون تَعْلَم، والقرآن عليها، قال: وزعم الأَخفش أَن كل مَن ورد علينا من الأَعراب لم يقل إِلا تِعْلَم، بالكسر، قال: نقلته من نوادر أَبي زيد. قال أَبو بكر: رجل تَقِيٌّ، ويُجمع أَتْقِياء، معناه أَنه مُوَقٍّ نَفْسَه من العذاب والمعاصي بالعمل الصالح، وأَصله من وَقَيْتُ نَفْسي أَقيها؛ قال النحويون: الأَصل وَقُويٌ، فأَبدلوا من الواو الأُولى تاء كما قالوا مُتَّزِر، والأَصل مُوتَزِر، وأَبدلوا من الواو الثانية ياء وأَدغموها في الياء التي بعدها، وكسروا القاف لتصبح الياء؛ قال أَبو بكر: والاختيار عندي في تَقِيّ أَنه من الفعل فَعِيل، فأَدغموا الياء الأُولى في الثانية، الدليل على هذا جمعهم إِياه أَتقياء كما قالوا وَليٌّ وأَوْلِياء، ومن قال هو فَعُول قال: لمَّا أَشبه فعيلاً جُمع كجمعه، قال أَبو منصور:اتَّقى يَتَّقي كان في الأَصل اوْتَقى، على افتعل، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت، فلما كثر استعماله على لفظ الافتعال توهموا أَن التاءَ من نفس الحرف فجعلوه إِتَقى يَتَقي، بفتح التاء فيهما مخففة، ثم لم يجدوا له مثالاً في كلامهم يُلحقونه به فقالوا تَقى يَتَّقي مثل قَضى يَقْضِي؛ قال ابن بري: أَدخل همزة الوصل على تَقى، والتاء محركة، لأَنَّ أَصلها السكون، والمشهور تَقى يَتَّقي من غير همز وصل لتحرك التاء؛ قال أَبو أَوس:

تَقاكَ بكَعْبٍ واحِدٍ وتَـلَـذُّه

 

يَداكَ، إذا هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ

أَي تَلَقَّاكَ برمح كأَنه كعب واحد، يريد اتَّقاك بكَعْب وهو يصف رُمْحاً؛ وقال الأَسدي:

ولا أَتْقي الغَيُورَ إذا رَآنـي

 

ومِثْلي لُزَّ بالحَمِسِ الرَّبِيسِ

الرَّبيسُ: الدَّاهي المُنْكَر، يقال: داهِيةٌ رَبْساء، ومن رواها بتحريك التاء فإِنما هو على ما ذكر من التخفيف؛ قال ابن بري: والصحيح في هذا البيت وفي بيت خُفاف بن نَدبة يَتَقي وأَتَقي، بفتح التاء لا غير، قال: وقد أَنكر أَبو سعيد تَقَى يَتْقي تَقْياً، وقال: يلزم أَن يقال في الأَمر اتْقِ، ولا يقال ذلك، قال: وهذا هو الصحيح. التهذيب. اتَّقى كان في الأَصل اوْتَقى، والتاء فيها تاء الافتعال فأُدغمت الواو في التاء وشددت فقيل اتَّقى، ثم حذفوا أَلف الوصل والواو التي انقلبت تاء فقيل تَقى يَتْقي بمعنى استقبل الشيء وتَوَقَّاه، وإِذا قالوا اتَّقى يَتَّقي فالمعنى أَنه صار تَقِيّاً، ويقال في الأَول تَقى يَتْقي ويَتْقي. ورجل وَقِيٌّ تَقِيٌّ بمعنى واحد. وروي عن أَبي العباس أَنه سمع ابن الأَعرابي يقول: واحدة التُّقى تُقاة مثل طُلاة وطُلىً، وهذان الحرفان نادران؛ قال الأَزهري: وأَصل الحرف وَقى يَقي، ولكن التاءَ صارت لازمة لهذه الحروف فصارت كالأَصلية، قال: ولذلك كتبتها في باب التاء. وفي الحديث: إِنما الإِمام جُنَّة يُتَّقى به ويُقاتَل من ورائه أَي أَنه يُدْفَعُ به العَدُوُّ ويُتَّقى بقُوّته، والتاءُ فيها مبدلة من الواو لأن أَصلها من الوِقاية، وتقديرها اوْتَقى، فقلبت وأُدغمت، فلما كثر استعمالُها توهموا أَن التاءَ من نفس الحرف فقالوا اتَّقى يَتَّقي، بفتح التاء فيهما. وفي الحديث: كنا إذا احْمَرَّ البَأْسُ اتَّقَينا برسولِ الله،صلى الله عليه وسلم، أَي جعلناه وِقاية لنا من العَدُوّ قُدَّامَنا واسْتَقْبَلْنا العدوَّ به وقُمْنا خَلْفَه وِقاية. وفي الحديث: قلتُ وهل للسَّيفِ من تَقِيَّةٍ؟ قال: نَعَمْ، تَقِيَّة على أَقذاء وهُدْنةٌ على دَخَنٍ؛ التَّقِيَّةُ والتُّقاةُ بمعنى، يريد أَنهم يَتَّقُون بعضُهم بعضاً ويُظهرون الصُّلْحَ والاتِّفاق وباطنهم بخلاف ذلك. قال: والتَّقْوى اسم، وموضع التاء واو وأَصلها وَقْوَى، وهي فَعْلى من وَقَيْتُ، وقال في موضع آخر: التَّقوى أَصلها وَقْوَى من وَقَيْتُ، فلما فُتِحت قُلِبت الواو تاء، ثم تركت التاءُ في تصريف الفعل على حالها في التُّقى والتَّقوى والتَّقِيَّةِ والتَّقِيِّ والاتِّقاءِ، قال: والتُّفاةُ جمع، ويجمع تُقِيّاً، كالأُباةِ وتُجْمع أُبِيّاً، وتَقِيٌّ كان في الأَصل وَقُويٌ، على فَعُولٍ، فقلبت الواو الأُولى تاء كما قالوا تَوْلج وأَصله وَوْلَج، قالوا: والثانية قلبت ياء للياءِ الأَخيرة، ثم أُدغمت في الثانية فقيل تَقِيٌّ، وقيل: تَقيٌّ كان في الأَصل وَقِيّاً، كأَنه فَعِيل، ولذلك جمع على أَتْقِياء. الجوهري: التَّقْوى والتُّقى واحد، والواو مبدلة من الياءِ على ما ذكر في رَيّا. وحكى ابن بري عن القزاز: أَن تُقىً جمع تُقاة مثل طُلاةٍ وطُلىً. والتُّقاةُ: التَّقِيَّةُ، يقال: اتَّقى تَقِيَّةً وتُقاةً مثل اتَّخَمَ تُخَمةً؛ قال ابن بري: جعلهم هذه المصادر لاتَّقى دون تَقى يشهد لصحة قول أَبي سعيد المتقدّم إنه لم يسمع تَقى يَتْقي وإِنما سمع تَقى يَتَقي محذوفاً من اتَّقى.
والوِقايةُ التي للنساءِ، والوَقايةُ، بالفتح لغة، والوِقاءُ والوَقاءُ: ما وَقَيْتَ به شيئاً. والأُوقِيَّةُ: زِنةُ سَبعة مَثاقِيلَ وزنة أَربعين درهماً، وإن جعلتها فُعْلِيَّة فهي من غير هذا الباب؛ وقال اللحياني: هي الأُوقِيَّةُ وجمعها أَواقِيُّ، والوَقِيّةُ، وهي قليلة، وجمعها وَقايا. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه لم يُصْدِق امْرأَةً من نِسائه أَكثر من اثنتي عشرة أُوقِيَّةً ونَشٍّ؛ فسرها مجاهد فقال: الأُوقِيَّة أَربعون درهماً، والنَّشُّ عشرون. غيره: الوَقيَّة وزن من أَوزان الدُّهْنِ، قال الأَزهري: واللغة أُوقِيَّةٌ، وجمعها أَواقيُّ وأَواقٍ. وفي حديث آخر مرفوع: ليس فيما دون خمس أَواقٍ من الوَرِق صَدَقَةٌ؛ قال أَبو منصور: خمسُ أَواقٍ مائتا دِرْهم، وهذا يحقق ما قال مجاهد، وقد ورد بغير هذه الرواية: لا صَدَقة في أَقَلَّ مِن خمسِ أَواقِي، والجمع يشدَّد ويخفف مثل أُثْفِيَّةٍ وأَثافِيَّ وأثافٍ، قال: وربما يجيء في الحديث وُقِيّة وليست بالعالية وهمزتها زائدة، قال: وكانت الأُوقِيَّة قديماً عبارة عن أَربعين درهماً، وهي في غير الحديث نصف سدس الرِّطْلِ، وهو جزء من اثني عشر جزءاً، وتختلف باختلاف اصطلاح البلاد. قال الجوهري: الأُوقيَّة في الحديث، بضم الهمزة وتشديد الياء، اسم لأَربعين درهماً، ووزنه أُفْعولةٌ، والأَلف زائدة، وفي بعض الروايات وُقِية، بغير أَلف، وهي لغة عامية، وكذلك كان فيما مضى، وأَما اليوم فيما يَتعارَفُها الناس ويُقَدِّر عليه الأَطباء فالأُوقية عندهم عشرة دراهم وخمسة أَسباع درهم، وهو إِسْتار وثلثا إِسْتار، والجمع الأَواقي، مشدداً، وإِن شئت خففت الياء في الجمع. والأَواقِي أَيضاً: جمع واقِيةٍ؛ وأَنشد بيت مهَلْهِلٍ: لقدْ وَقَتْكَ الأَواقِي، وقد تقدّم في صدر هذه الترجمة، قال: وأَصله ووَاقِي لأَنه فَواعِل، إِلا أَنهم كرهوا اجتماع الواوين فقلبوا الأُولى أَلفاً.
وسَرْجٌ واقٍ: غير مِعْقَر، وفي التهذيب: لم يكن مِعْقَراً، وما أَوْقاه، وكذلك الرَّحْل، وقال اللحياني: سَرْجٌ واقٍ بَيّن الوِقاء، مدود، وسَرجٌ وَقِيٌّ بيِّن الوُقِيِّ. ووَقَى من الحَفَى وَقْياً: كوَجَى؛ قال امرؤ القيس:

وصُمٍّ صِلابٍ ما يَقِينَ مِنَ الوَجَى

 

كأَنَّ مَكانَ الرِّدْفِ منْه علَى رالِ

ويقال: فرس واقٍ إذا كان يَهابُ المشيَ من وَجَع يَجِده في حافِره، وقد وَقَى يَقِي؛ عن الأَصمعي، وقيل: فرس واقٍ إذا حَفِيَ من غِلَظِ الأَرضِ ورِقَّةِ الحافِر فَوَقَى حافِرُه الموضع الغليظ؛ قال ابن أَحمر:

تَمْشِي بأَوْظِفةٍ شِدادٍ أَسْرُها

 

شُمِّ السّنابِك لا تَقِي بالجُدْجُدِ

أَي لا تشتكي حُزونةَ الأَرض لصَلابة حَوافِرها. وفرس واقِيةٌ: للتي بها ظَلْعٌ، والجمع الأَواقِي. وسرجٌ واقٍ إذا لم يكن مِعْقَراً. قال ابن بري: والواقِيةُ والواقِي بمعنى المصدر؛ قال أَفيون التغْلبي:

لَعَمْرُك ما يَدْرِي الفَتَى كيْفَ يتَّقِي

 

إِذا هُو لم يَجْعَلْ له اللـهُ واقِـيا

ويقال للشجاع: مُوَقّىً أَي مَوْقِيٌّ جِدّاً. وَقِ على ظَلْعِك أَي الزَمْه وارْبَعْ عليه، مثل ارْقَ على ظَلْعِك، وقد يقال: قِ على ظَلْعِك أَي أَصْلِحْ أَوَّلاً أَمْرَك، فتقول: قد وَقَيْتُ وَقْياً ووُقِيّاً.
التهذيب: أَبو عبيدة في باب الطِّيرَةِ والفَأْلِ: الواقِي الصُّرَدُ مثل القاضِي؛ قال مُرَقِّش:

ولَقَدْ غَدَوْتُ، وكنتُ لا

 

أَغْدُو، على واقٍ وحاتِمْ

فَإِذا الأَشـائِمُ كــالأَيا

 

مِنِ، والأَيامِنُ كالأَشائِمْ

قال أَبو الهيثم: قيل للصُّرَد واقٍ لأَنه لا يَنبَسِط في مشيه، فشُبّه بالواقِي من الدَّوابِّ إذا حَفِيَ. والواقِي: الصُّرَدُ؛ قال خُثَيْمُ بن عَدِيّ، وقيل: هو للرَّقَّاص الكلبي يمدح مسعود بن بَجْر، قال ابن بري: وهو الصحيح:

وجَدْتُ أَباكَ الخَيْرَ بَجْراً بِنَجْـوةٍ

 

بنَاها له مَجْدٌ أَشَـمٌّ قُـمـاقِـمُ

وليس بِهَيَّابٍ، إذا شَدَّ رَحْـلَـه

 

يقول: عَدانِي اليَوْمَ واقٍ وحاتِمُ

ولكنه يَمْضِي على ذاكَ مُقْدِمـاً

 

إِذا صَدَّ عن تلكَ الهَناتِ الخُثارِمُ

ورأَيت بخط الشيخ رَضِيِّ الدين الشاطبي، رحمه الله، قال: وفي جمهرة النسب لابن الكلبي وعديّ بن غُطَيْفِ بن نُوَيْلٍ الشاعر وابنه خُثَيْمٌ، قال: وهو الرَّقَّاص الشاعر القائل لمسعود بن بحر الزُّهريّ:

وجدتُ أَباك الخير بحراً بنجوة

 

بناها له مجدٌ أَشم قُـمـاقـمُ

قال ابن سيده: وعندي أَنَّ واقٍ حكاية صوته، فإِن كان ذلك فاشتقاقه غير معروف. قال الجوهريّ: ويقال هو الواقِ، بكسر القاف بلا ياء، لأَنه سمي بذلك لحكاية صوته.
وابن وَقاء أَو وِقاء: رجل من العرب، والله أَعلم.

وكأ

تَوَكَّأَ على الشيء واتَّكَأَ: تَحَمَّلَ واعتمَدَ، فهو مُتَّكِئ.
والتُكأَةُ: العَصا يُتَّكَأُ عليها في المشي. وفي الصحاح: ما يُتَكَأُ عليه. يقال: هو يَتَوَكَّأُ على عصاه، ويَتَّكِئ.
أَبو زيد: أَتْكَأْتُ الرجُلَ إِتْكاءً إذا وَسَّدْتَه حتى يَتَّكِئ.
وفي الحديث: هذا الأَبيضُ المُتَّكِئ المُرْتَفِقُ؛ يريد الجالِسَ المُتَمَكِّنَ في جلوسه. وفي الحديث: التُّكَأَةُ مِن النَّعْمةِ.
التُكَأَةُ، بوزن الهُمَزة: ما يُتَّكَأُ عليه. ورجل تُكَأَةٌ: كثير الاتِّكاءِ، والتاءُ بدل من الواو وبابها هذا الباب، والموضعُ مُتَّكَأٌ. وأَتْكَأَ الرَّجُلَ: جَعل له مُتَّكَأً، وقُرئ: وأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً.
وقال الزجاج: هو ما يُتَّكَأُ عليه لطَعام أَو شراب أَو حديث. وقال المفسرون في قوله تعالى: وأَعْتَدَتْ لهنَّ مُتَّكَأً، أَي طعاماً، وقيل للطَّعامِ مُتَّكَأٌ لأَنَّ القومَ إذا قَعَدوا على الطعام اتَّكَؤُوا، وقد نُهِيَتْ هذه الأُمَّةُ عن ذلك. قال النبي، صلى اللّه عليه وسلم: آكُلُ كما يأَكُلُ العَبْدُ. وفي الحديث: لا آكُلُ مُتَّكِئاً. المُتَّكِئ في العَرَبِيَّةِ كُلُّ مَن اسْتَوَى قاعِداً على وِطاءٍ مُتَمَكِّناً، والعامّةُ لا تعرف المُتَّكِئ إلاّ مَنْ مالَ في قُعُودِه مُعْتَمِداً على أَحَدِ شِقَّيْه؛ والتاءُ فيه بدل من الواو، وأَصله من الوِكاءِ، وهو ما يُشَدُّ به الكِيسُ وغيره، كأَنه أَوْكَأَ مَقْعَدَتَه وشَدَّها بالقُعود عَلى الوِطاءِ الذي تحْتَه. قال ابن الأَثير: ومعنى الحديث: أَني إذا أَكَلْتُ لم أَقْعُدْ مُتَمَكِّناً فِعْلَ مَن يُريدُ الاْستِكْثارَ منه، ولكِنْ آكُلُ بُلْغةً، فيكون قُعُودي له مُسْتَوْفِزاً. قال: ومَن حَمَل الاتِّكاءَ على المَيْلِ إلى أَحَد الشّقَيْنِ تأَوَّلَه على مَذْهَب الطِّبِّ، فإِنه لا يَنْحَدِرُ في مَجاري الطعامِ سَهْلاً، ولا يُسِيغُه هَنِيئاً، ورُبَّما تأَذَّى به. وقال الأَخفش: مُتَّكَأً هو في معنى مَجْلِسٍ. ويقال: تَكِئ الرجلُ يَتْكَأُ تَكَأً؛ والتُّكَأَةُ، بوزن فُعَلةٍ، أَصله وُكَأَةٌ، وإنما مُتَّكَأٌ، أَصله مُوتَكَأٌ، مثل مُتَّفَقٍ، أَصله مُوتَفَقٌ. وقال أَبو عبيد: تُكَأَةٌ، بوزن فُعَلةٍ، وأَصلُهُ وُكَأَة، فَقُلِبت الواو تاءً في تُكَأَةٍ، كما قالوا تُراثٌ، وأَصله وُراثٌ.
واتَّكَأْتُ اتِّكَاءً، أَصله اوتَكَيْتُ، فأُدغمت الواو في التاءِ وشُدّدت، وأَصل الحرف وكَّأَ يُوَكِّئ تَوْكِئةً. وضربه فأَتْكَأَه، على أَفْعَله، أَي أَلقاه على هيئة المُتَّكِئ. وقيل: أَتْكَأَه ألقاه على جانبه الأَيسر. والتاءُ في جميع ذلك مبدلة من واو.
أَوْكَأَتُ فلاناً إيكاءً إذا نصبت له مُتَّكَأً، وأَتْكَأْته إذا حَمَلْتَه على الاتِّكاءِ. ورجل تُكَأَةٌ، مثل هُمَزة: كثير الاتِّكاءِ.
الليث: تَوَكَّأَتِ الناقةُ، وهو تَصَلُّقُها عند مَخاضِها.
والتَّوَكُّؤُ: التَّحامُل على العَصا في المَشْي. وفي حديث الاسْتِسْقاءِ قال جابِرٌ، رضي اللّه عنه: رأُيتُ النبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، يُواكِئ أَي يَتَحامَلُ على يَدَيْه إذا رَفَعَهما ومدّهما في الدُّعاءِ. ومنه التَوَكُّؤُ على العَصا، وهو التَّحامُلُ عليها. قال ابن الأَثير: هكذا قال الخطابي في مَعالِم السُّنَن، والذي جاءَ في السُّنَن، على اختِلاف رواياتِها ونسخها، بالباء الموحدة. قال: والصحيح ما ذكره الخطابي.

وكب

المَوْكِبُ: بابةٌ من السَّيْر. وَكَبَ وُكُوباً ووَكَباناً: مَشَى في دَرَجانٍ، وهو الوَكَبانُ. تقول: ظَبْيةٌ وَكُوبٌ، وعَنْزٌ وَكُوبٌ، وقد وَكَبَت تَكِبُ وُكُوباً؛ ومنه اشْتُقَّ اسمُ المَوكِبِ؛ قال الشاعر يصف ظبية:

لهـا أُمٌّ مُـوَقَّـفةٌ وَكُـوبٌ،

 

بحيثُ الرَّقْوُ، مَرْتَعُها البَريرُ

والمَوْكِبُ: الجماعةُ من الناس رُكْباناً ومُشاةً، مشتق من ذلك؛ قال:

أَلا هَزِئَتْ بنا قُرْشِيَّ

 

ةٌ، يَهْتَزُّ مَوْكِبُـهـا

والمَوْكِبُ: القوم الرُّكُوبُ على الإِبل للزينة، وكذلك جماعة الفُرْسان. وفي الحديث: أَنه كان يسير في الإِفاضةِ سَيْرَ المَوْكِب؛ المَوْكِبُ: جماعةٌ رُكْبانٌ يسيرون بِرِفْقٍ، وهم أَيضاً القومُ الرُّكُوبُ للزينة والتَّنَزُّهِ، أَراد أَنه لم يكن يُسْرعُ السَّيْرَ فيها. وأَوْكَبَ البعيرُ: لَزِمَ المَوْكِبَ. وناقة مُواكِبةٌ: تُسايِرُ المَوْكِبَ.
وفي الصحاح: ناقة مُواكِبَة، التي تُعْنِقُ في سيرها.
وظَبْيةٌ وَكُوبٌ: لازِمةٌ لِسِرْبها.
الرِّياشِيُّ: أَوْكَبَ الطائرُ إذا نَهَضَ للطَّيران، وأَنشد: أَوْكَبَ ثم طارا. أَوْكَبَ تَهَيَّأَ للطَّيران. وواكَبَ القومَ: بادَرَهُمْ.
وتقول: واكَبْتُ القَوم إذا رَكِبْتَ معهم، وكذلك إذا سابَقْتَهم.
ووكَبَ الرجلُ على الأَمر، وواكَبَ إذا واظَبَ عليه. ويقال: الوَكْبُ الانْتِصابُ، والواكِبةُ القائمةُ، وفلانٌ مُواكِبٌ على الأَمر، وواكِبٌ أَي مُثابر، مُواظِبٌ.
والتَّوكِيبُ: المُقاربةُ في الصِّرار.
والوَكَبُ: الوَسَخُ يَعْلُو الجِلْدَ والثَّوبَ؛ وقد وَكِبَ يَوكَبُ وَكَباً، وَوسِبَ وَسَباً، وحَشِنَ حَشَناً إذا رَكبه الوَسَخُ والدَّرَنُ. والوَكَبُ: سَوادُ التمر إذا نَضجَ، وأَكثر ما يُستعمل في العِنَب.
وفي التهذيب: الوَكَبُ سَوادُ اللَّون، من عِنَبٍ أَو غير ذلك إذا نَضِجَ. ووَكَّبَ العِنَبُ تَوكيباً إذا أَخذَ فيه تَلوِينُ السَّوادِ، واسمُه في تلك الحال مُوَكِّبٌ؛ قال الأَزهري: والمعروف في لون العِنَبِ والرُّطَبِ إذا ظهر فيه أَدْنى سَواد التَّوكِيتُ، يقال: بُسْرٌ مُوَكِّتٌ؛ قال: وهذا معروف عند أَصحاب النخيل في القرى العربية. والمُوَكِّبُ: البُسْرُ يُطْعَنُ فيه بالشَّوكِ حتى يَنْضَجَ؛ عن أَبي حنيفة، واللّه أَعلم.

وكث

الوِكاثٌ والوُكاثٌ: ما يستعجل به الغَدَاءُ.
واسْتَوْكَثْنا نحنُ: اسْتَعجلْنا وأَكَلْنا شيئاً نَبْلُغُ به الغَدَاء.

وكح

وَكَحَه برجله وَكْحاً: وَطِئَه وَطْأً شديداً. واستوكَحَتْ مَعِدَتُه: اشتدّت. واستوكَحَتِ الفِراخُ، وهي وُكُحٌ: غَلُظَتْ؛ وأُرَى وُكُحاً على النسب كأَنه جمع واكِح أَو وَكُوحٍ، إِذ لا يسوغ أَن يكون جمع مُسْتَوكِح.
وأَوكَحَ الرجلُ: مَنَع واشتدّ على السائل؛ قال رؤْبة:

إِذا الحُقُوقُ أَحْضَرَتْه أَوكَحا

قال المُفَضَّل: سأَلته فاستوكَح استِيكاحاً أَي أَمسك ولم يُعْطِ.
الأَزهري عن أَبي زيد: أَوكَحَ عَطِيَّتَه إِيكاحاً إذا قطعها؛ الأَصمعي: حَفَر فأَكْدى وأَوكَحَ إذا بلغ المكانَ الصُّلْبَ؛ الأَزهري: أَراد أَمراً فأَوكَحَ عنه إذا كَفَّ عنه وتركه.
والأَوكَحُ: الترابُ، وقد ذكر في أَول الباب لأَنه عند كراع فَوْعَلٌ، وقياس قول سيبويه أَن يكون أَفْعَل.

وكد

وَكَّدَ العَقْدَ والعَهْدَ: أَوثَقَه، والهمز فيه لغة. يقال: أَوْكَدْتُه وأَكَّدْتُه وآكَدْتُه إِيكاداً، وبالواو أَفصح، أَي شَدَدْتُه، وتَوَكَّدَ الأْمر وتأَكَّدَ بمعنىً. ويقال: وَكَّدْتُ اليَمِينَ، والهمْزُ في العَقْد أَجْوَدُ، وتقول: إذا عَقَدْتَ فأَكِّدْ، وإِذا حَلَفْتَ فَوَكِّدْ. وقال أَبو العباس: التوكيدُ دخل في الكلام لإِخراج الشَّكّ وفي الأَعْدادِ لإِحاطةِ الأَجْزاء، ومن ذلك ن تقول؛ كلَّمني أَخوك، فيجوز أَن يكون كلمك هو أَو أَمَر غلامه بأَن يكلمك، فإِذا قلت كلمني أَخوك تَكْليماً لم يجز أَن يكون المكلّم لك الا هو. ووَكَّدَ الرَّحْلَ والسَّرْجَ توكيداً: شَدَّه.
والوكائِدُ: السُّيورُ التي يُشَدُّ بها، واحدها وِكادٌ وإِكادٌ. والسُّيُورُ التي يُشَدُّ بها القَرَبُوس تسمى: المَياكِيدَ ولا تسمى التَّواكِيدَ. ابن دريد: الوكائِدُ السُّيور التي يُشدُّ بها القربوس إِلى دَفَّتَيِ السَّرج، الواحدِ وكاد وإِكاد؛ وفي شعر حميد بن ثور:

تَرَى العُلَيْفِيَّ عليه مُوكَدَا

أَي مُوثَقاً شدِيدَ الأَسْرِ، ويروى مُوفَدا، وقد تقدم.
والوِكادُ: حبل يُشَدُّ به البقر عند الحَلْب.
ووكَدَ بالمكان يَكِدُ وُكُوداً إذا أَقام به. ويقال: ظَلَّ مُتَوَكِّداً بأَمر كذا ومُتَوكِّزاً ومتَحَرِّكاً أَي قائِماً مُسْتَعِدّاً.
ويقال: وَكَدَ يَكِدُ وَكْداً أَي أَصابَ. وَوَكَدَ وَكْدَه: قَصَدَ قَصْدَه وفَعَلَ مثلَ فِعْلِه. وما زالَ ذاكَ وَكْدي أَي مُرادي وهَمِّي. ويقال: وكَدَ فلان أَمراً يَكِدُه وَكْداً إذا مارَسَه وقَصَده؛ قال الطرمَّاح:

ونُبِّئْتُ أَنَّ القَيْنَ زَنَّى عَجُوزَةًفَقِيرَةَ أُمّ السُّوءِ أَنْ لم يَكِدْ وَكْدي

معناه: أَن لم يَعْمَلْ عَمَلي ولم يَقْصِدْ قَصْدي ولم يُغْنِ غَنائي.
ويقال: ما زال ذلك وُكْدي، بضم الواو، أَي فِعْلي ودَأْبي وقَصْدي، فكأَنّ الوُكْدَ اسم، والوَكْد المصدرُ.
وفي حديث الحسن وذكر طالب العلم: قد أَوْكَدَتاه يَداه وأَعْمَدَتاه رِجلاهُ؛ أَوْكَدتاه: حَمَلتاه. ويقال: وَكدَ فلان أَمراً يَكِدُه وَكْداً إذا قصده وطلبه. وفي حديث علي: الحمد لله الذي لا يَفِرُه المَنْعُ ولا يَكِدُه الإِعْطاءُ أَي لا يَزِيدُه المنع ولا يَنْقُصُه الإِعطاء.

وكر

وَكْرُ الطائر: عُشُّه. ابن سيده: الوَكْرُ عُشُّ الطائر، وإِن لم يكن فيه، وفي التهذيب: موضع الطائر الذي يبيض فيه ويُفَرِّخُ، وهو الخُرُوقُ في الحيطان والشجر، والجمع القليل أَوْكُرٌ وأَوكارٌ؛ قال:

إِن فِراخاً كفراخِ الأَوْكُرِ

 

تَرَكْتُهُمْ كبيرُهم كالأَصْغَرِ

وقال:

من دُونِهِ لِعتاقِ الطَّيْرِ أَوكارُ

والكثير وُكُورٌ ووُكَرٌ، وهي الوَكْرَةُ. الأَصمعي: الوَكْرُ والوَكْنُ جميعاً المكان الذي يدخل فيه الطائر، وقد وَكَنَ يَكِنُ وكْناً. قال أَبو يوسف: وسمعت أَبا عمرو يقول: الوَكْرُ العُشُّ حيثما كان في جبل أَو شجر.
ووَكَرَ الطائرُ يَكِرُ وكْراً ووُكُرواً: أَتى الوَكْرَ ودخل وَكْرَه.
ووَكَرَ الإِناءَ والسِّقاءَ والقِرْبَةَ والمكيالَ وَكْراً ووَكَّرَه توكيراً، كلاهما: مَلأَه. ووَكَّرَ فلانٌ بطنه وأَوْكَرَه: ملأه.
وتَوَكَّر الصبيُّ: امْتَلأَ بطنُه. وتَوَكَّرَ الطائر: امتلأتْ حَوْصَلَتُه؛ وقال الأَحمر: وكَرْتُه ووَرَكْتُه وَرْكاً، قال الأَصمعي: شَرِبَ حتى تَوَكَّرَ وحتى تَضَلَّعَ.
والوَكْرَةُ والوَكَرَةُ الوَكِيرَةُ: الطعامُ يتخذه الرجل عند فراغه من بنيانه فيدعو إِليه، وقد وَكَّرَ لهم توكيراً. الفراء قال: الوَكِيرةُ تَعْمَلُها المرأَةُ في الجِهازِ، قال: وربما سمعتهم يقولون التَّوْكِير، والتَّوْكِيرُ اتخاذ الوكيرة، وهي طعام البِناء. والتَّوْكِيرُ: الإِطعام.والوَكَرُ والوَكَرى: ضربٌ من العَدْوِ، وقيل: هو العَدْوُ الذي كأَنه يَنْزُر. أَبو عبيد: هو يَعْدُو الوَكَرى أَي يُسْرِعُ؛ وأَنشد غيره لِحُمَيدِ بن ثَوْرٍ:

إِذا الجَمَلُ الرِّبْعِيُّ عارَضَ أُمَّه

 

عَدَتْ وَكَرى حتى تَحِنَّ الفَراقِدُ

والوَكَّارُ: العَدَّاءُ: وناقة وَكَرى: سريعة، وقيل: الوَكَرى من الإِبل القصيرة اللَّحِيمَةُ الشديدة الأَبْزِ، وقد وكَرَتْ فيهما؛ ووَكَرَ الظَّبْيُ وَكْراً: وَثَبَ. وَوكَرَتِ الناقةُ تَكِرُ وَكْراً إذا عدت الوَكَرى، وهو عَدْوٌ فيه نَزْوٌ، وكذلك الفرس. وقوله في الحديث: إِنه نهى عن المُواكَرَةِ؛ قال: هي المخابرة، وأَصله الهمز من الأُكْرَةِ، وهي الحُفْرَةُ.

وكز

وَكَزَهُ وَكْزاً: دفعه وضربه مثل نَكَزَه. والوَكْزُ: الطعن.
 ووَكَزَه أَيضاً: طعنه بجُمْعِ كفه. وفي التنزيل العزيز: فَوَكَزَه موسى فَقَضَى عليه، وقيل: وَكَزَه أَي ضربه بجُمْعِ يده على ذَقَنِه. وفي حديث موسى، عليه السلام: فَوَكَزَ الفِرْعَوْنِيَّ فقتله أَي نَخَسه. وفي حديث المعراج: إِذ جاء جبريل، عليه السلام، فَوَكَزَ بين كَتِفَيَّ؛ الزجاج: الوَكْزُ أَن يضرب بجُمْع كفه، وقيل: وكَزَه بالعصا. وروى ابن الفَرَج عن بعضهم: رمح مَرْكُوزٌ ومَوْكوزٌ بمعنى واحد؛ وأَنشد:

والشَّوْكُ في أَخْمَصِ الرِّجْلَيْنِ مَوْكُوزُ

وفي التهذيب: يقال وَكَزْتُ أَنفه أَكِزُه إذا كسرت أَنفه، ووَكَعْت أَنفَه فأَنا أَكَعُه مثل وَكَزْتُه. الكسائي: وَكَزْتُه ونَكَزْتُه ونَهَزْتُه ولَهَزْتُه بمعنى واحد. ووَكَزْتْهُ الحية: لدغته. ووَكَزَ وَكْزاً ووَكَزَ في عَدْوِه من فَزَع أَو نحوه؛ حكاه ابن دريد، قال: وليس بثَبَتٍ.ووَكْزٌ: موضع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

فإَنَّ بأَجْراعِ البُرَيْراءِ فالحَشَى،

 

فَوَكْزٍ إِلى النَّقْعَيْنِ من وَبِعانِ

وكس

الوَكْسُ: النقص. وقد وَكَسَ الشيءُ: نَكَس. وفي حديث ابن مسعود: لها مَهْر مثلها لا وكْس ولا شطَط أَي لا نقصان ولا زيادة؛ الوَكْس: النقص، والشَّطَطُ: الجور. ووَكَسْتُ فلاناً: نَقَصْته. والوكْسُ: اتِّضاع الثمن في البيع؛ قال:

بِثَمَنٍ من ذاك غَـيْرِ وَكْـسِ

 

دُونَ الغَلاءِ، وفُوَيْقَ الرُّخْصِ

أَي بثمنٍ من ذاك غيرِ ذي وَكْس، وجمع بين السين والصاد، وهذا هو الذي يسمى الإِكْفاءَ، ويقال: لا تَكِسْ يا فلانُ الثمنَ، وإِنه ليُوضَع ويُوكَس، وقد وُضِع ووُكِسَ. وفي حديث أَبي هريرة: من باع بَيْعَتين في بَيْعَةٍ فله أَوْكَسُهما أَو الرِّبا؛ قال الخطابي: لا أَعلم أَحداً قال بظاهر هذا الحديث وصحَّحَ البيعَ بأَوْكَس الثَّمَنَين إِلا ما يحكى عن الأَوْزاعي، وذلك لما يتضمنه من الغَرَر والجهالة، قال: فإِن كان الحديث صحيحاً فيشبه أَن يكون ذلك حكومة في شيء بعينه كأَن أَسلفه ديناراً في قَفِيز بُرٍّ إِلى أَجَل، فلما حلَّ طالبه، فجعله قفيزين إِلى أَمَدٍ آخر، فهذا بيع ثان دخل على البيع الأَول، فيُرَدَّانِ إِلى أَوْكَسِهما أَي أَنقصهما وهو الأَول، فإِن تبايَعا البيع الثاني قبل أَن يتقابضا كانا مُرْبِيَيْن؛ وقد وُكِسَ في السلعة وَكْساً. وأُوكِس الرجل إذا ذهب مالُه.والوَكْس: دخول القمر في نجمٍ غدوة؛ قال:

هَيَّجها قَبْل ليالي الوَكْس

أَبو عمرو: الوَكْس منزل القمر الذي يُكْسف فيه. وبَرأَت الشجَّة على وَكْسٍ إذا بقي في جوفها شيء. ويقال: وُكِسَ فلانٌ في تجارته وأُوكِسَ أَيضاً، على ما لم يسمِّ فاعله فيهما، أَي خَسِرَ. وفي الحديث: أَن معاوية كتب إِلى الحسين بن عليّ، رضي اللَّه عنهما، إِني لم أَكِسْك ولم أَخِسْك؛ قال ابن الأَعرابي: لم أَكِسْك لم أَنْقِمْك ولم أَخِسْك أَي لم أُباعِدْك مما تُحب، والأَوّل من وَكَس يَكِسُ، والثاني من خاسَ يَخِيس به، أَي لم أَنْقُصْك حقك ولم أَنقُض عهدك.

وكظ

وكَظَ على الشيء وواكَظَ: واظَبَ؛ قال حميد:

ووَكَظَ الجَهْدُ على أَكْظامِها

أَي دامَ وثَبَتَ. اللحياني: فلان مُواكِظٌ على كذا وواكِظٌ ومُواظِبٌ وواظِبٌ ومُواكِبٌ وواكِبٌ أَي مُثابِر، والمُواكَظةُ: المُداومَة على الأَمر. وقوله تعالى: إِلا ما دُمْت عليه قائماً، قال مجاهد: مُواكِظاً.
ومَرَّ يَكِظُه إذا مرّ يطْرُد شيئاً من خلفه. أَبو عبيدة: الواكِظُ الدَّافع. ووَكظَه يَكِظُه وَكْظاً: دَفَعه وزَبَنه، فهو مَوْكوظ. وتَوَكَّظ عليه أَمرُه: التوى كتَعَكَّظ وتَنَكَّظ، كل ذلك بمعنى واحد.

وكع

وكعَتْه العَقْربُ بإِبرَتِها وَكْعاً: ضربته ولدَغَتْه وكَوَتْه؛ وأَنشد ابن بري للقطامي:

سَرَى في جَلِيدِ الليْلِ، حتى كأَنَّما

 

تَحَرَّمَ بالأَطْرافِ وكْعَ العَقارِبِ

وقد يكون للأَسوَدِ من الحيّاتِ؛ قال عروة بن مرة الهذلي:

ودافَعَ أُخْرى القومِ ضَرْبٌ خَرادِلٌ

 

ورَمْيُ نِبالٍ مِثلُ وَكْعِ الأَسـاوِدِ

أَورده الجوهري: ورَمْيِ نِبالٍ مثلِ، بالخفض؛ قال ابن بري: صوابه بالرفع. ووَكَعَ البعيرُ: سقط؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:  

خِرْقٌ، إذا وَكَعَ المَطِيُّ من الوَجى

 

لَمْ يَطْوِ دُونَ رَفيقِه ذا الـمِـزْوَدِ

ورواه غيره: رَكَعَ أَي انْكَبَّ وانثَنى، وذا المِزْودِ يعين الطعامَ لأَنه في المزود يكون.
الوَكَعُ: مَيْل الأَصابع قِبَلَ لسبَّابةِ حتى تصير كالعُقْفة خِلْقة أَو عَرَضاً، وقد يكون في إِبهام الرجل فيُقْبِلُ الإِبهامُ على السبَّابة حتى يُرى أَصلُها خارجاً كالعُقْدةِ، وَكِعَ وَكَعاً، وهو أَوْكَعُ، وامرأَة وَكْعاء. وقال الليث: الوَكَعُ مَيَلانٌ في صَدْر القدَم نحو الخِنْصِر وربما كان في إِبهام اليد، وأَكثر ما يكون ذلك للإِماء اللواتي يَكْددْنَ في العمَل، وقيل: الوَكَعُ ركوبُ الإِبهامِ على السبابة من الرِّجْل؛ يقال: يا ابن الوَكْعاء. قال ابن بري: قد جمعوه في الشعرعلى وكَعَةٍ؛ قال الشاعر:

أَحْصَنُوا أُمَّهُمُ مِنْ عَبْدِهِمْ

 

تِلْكَ أَفْعالُ القِزامِ الوَكَعهْ

معنى أَحْصَنوا زَوَّجوا.
والأَوكَعُ: الأَحْمَقُ الطويلُ. ورجل أَوكَعُ: بقول لا إذا سئل؛ عن أَبي العَمَيْثل الأَعرابي. وربما قالوا عبدٌ أَوْكَعُ، يريدون اللئيم.
وأُمةٌ وكْعاء أَي حَمْقاءُ. ابن الأَعرابي: في رُسْغِه وكَعٌ وكَوَع إذا التوى كوعُه. وقال أَبو زيد: الوَكَعُ في الرجل انقِلابُها إِلى وَحْشِيِّها، واللَّكاعةُ اللؤمُ، والوَكاعةُ الشدَّةُ. وفرسٌ وكِيعٌ: صُلبٌ غلِيظ شديدٌ، ودابّةٌ وكِيعٌ. ووَكُعَ الفرسُ وَكاعةً، فهو وكِيعٌ: صَلُبَ إِهابُه واشتَدّ، والأُنثى بالهاء؛ وإِياها عنى الفرزدق بقوله:

ووَفْراءَ لَمْ تُحْرَزْ بسَيْرٍ، وكِيعةٍ

 

غَدوْتُ بها طَبّاً يَدِي بِرِشائِهـا

ذَعَرْتُ بها سِرْباً نَقِيًّ جُـلُـودُه

 

كَنَجْمِ الثُّرَيّا أَسْفَرَتْ مِنْ عَمائِها

وفْراء أَي وافرة يعني فرساً أُنثى، وكِيعة: وثيقة الخَلْقِ شديدة.
ويقال: قد أَسْمَنَ القومُ وأَوْكَعُوا إذا سمنت إِبلهم وغَلُظَتْ من الشحم واشتدّن. وكلُّ وثيق شديد، فهو وَكِيعٌ. والوَكِيعةُ من الإِبلِ: الشديدةُ المَتِينةُ. وسِقاءٌ وَكِيعٌ: مَتِينٌ مُحكَمُ الجِلْدِ والخَرْز شديدُ المَخارِزِ لا يَنْضَحُ. واسْتوْكَعَ السقاءُ إذا مَتُنَ واشتدَّت مَخارِزُه بعدما شُرِّبَ. ومَزادةٌ وَكِيعةٌ: قُوِّرَ ما ضَعُفَ من أَديمها وأُلقي وخُرِزَ ما صَلُب منه وبقي. وفَرْوٌ وكِيعٌ: مَتِينٌ، وقيل: كل صلب وَكِيعٌ، وقيل: الوَكِيعُ من كل شيء الغليظ المتين، وقد وكُعَ وكاعةَ وأَوْكَعَع غيره؛ ومنه قول الشاعر:

على أَنَّ مَكْتُوبَ العِجالِ وكِيعُ

يعني سقاء اللبن؛ هذا وقل الجوهري. قال ابن بري: الشعر للطرمَّاح وصوابه بكماله:

تُنَشِّفُ أَوْشالَ النِّطافِ، ودُونَها

 

كُلَى عِجَلٍ، مَكْتُوبُهُنَّ وكِـيعُ

قال: والعِجَلُ جمع عِجْلةٍ وهو السِّقاءُ، ومَكْتُوبها مَخْرُوزُها. وفي حديث المَبْعَث: قَلْبٌ وكِيعٌ واعٍ أَي مَتِينٌ مُحْكَم من قولهم سِقاءٌ وَكِيعٌ إذا كان مُحْكَمَ الخرْز.واسْتَوْكَعَ واسْتَوْكَعَتْ مَعِدتُه: اشْتَدَّتْ وقَوِيَتْ، وقيل: اسْتَوْكَعَتْ معدتُه أَي اشتدَّت طبيعته. واسْتَوْكَعَتِ الفِراخُ:غَلُظَتْ وسَمِنَتْ كاسْتَوْكَحَتْ.
ووَكُعَ الرجلُ وَكاعةً، فهو وَكِيعٌ: غَلُظَ. وأَمْرٌ وكِيعٌ:مُسْتَحْكِمٌ.والمِيكَعُ: الجُوالِقُ لأَنه يُحْكَمُ ويُشَدُّ؛ قال جرير:

جُرَّتْ فَتاةُ مُجاشِعٍ في مِنْقَـرٍ

 

غيرَ المِراء، كما يُجَرُّ المِيكَعُ

وقيل: المِيكَعُ المالَقةُ التي تُسَوَّى بها خُدَدُ الأَرض المَكْرُوبةِ.
والمِيكعةُ: سِكَّةُ الحِراثةِ، والجمع مِيكَعٌ، وهو بالفارسية بَزَنْ.والوَكْعُ: الحَلْبُ؛ وأَنشد أَبو عمرو:

لأَنْتُمْ بوَكْعِ الظأْنِ أَعْلَمُ مِـنْـكُـمُ

 

بقَرْعِ الكُماةِ، حيثُ تُبْغَى الجَرائِمُ

ووَكَعْتُ الشاةَ إذا نَهَزْتَ ضَرْعَها عند الحلْب، وباتَ الفَصِيلُ يَكَعُ أُمَّه الليلةَ. ومن كلامهم: قالت العَنْزُ احْلُبْ ودَعْ فإِنَّ لك ما تَدَعُ، وقالت النعجة احلب وكَعْ فليسَ لك ما تَدَعُ أَي انْهزِ الضرْعَ واحْلُبْ كلَّ ما فيه. ووَكَعَتِ الدَّجاجةُ إذا خَضَعَتْ عند سِفادِ الدِّيكِ.
 وأَوْكَعَ القومُ: قلَّ خيرُهم.ووَكِيعٌ: اسم رجل.

وكف

وكَف الدمعُ والماء وكْفاً ووَكِيفاً ووُكوفاً ووَكَفاناً: سال.
ووَكَفَت العينُ الدمْعَ وكْفاً ووَكيفاً: أَسالته. اللحياني: وكفَت العينُ تَكِفُ وكْفاً ووَكِيفاً، وسحاب وَكُوف إذا كانت تَسِيل قليلاً قليلاً.
ووكَفَت الدلْوُ وكْفاً ووَكِيفاً: قطرت، وقيل: الوكْف المصدر، والوَكِيفُ القطر نفسه. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، توضأَ فاستوكف ثلاثاً؛ قال غير واحد: معناه أَنه غسل يديه ثلاثاً وبالغ في صبّ الماء على يديه حتى وكف الماءُ من يديه أَي قطر؛ قال حميد بن ثور يصف الخَمر:

إذا اسْتوْكَفَتْ باتَ الغَوِيُّ يَسُوفُها

 

كما جَسَّ أَحْشاءَ السَّقِيمِ طَبِيبُ

أَراد إذا استقْطرتْ. واستوكَفْت الشيء: استَقْطَرْته: ووكَف البيتُ وكْفاً ووَكِيفاً ووُكوفاً ووكَفاناً وتَوْكافاً وأَوكَف وتَوَكَّفَ: هَطَلَ وقطَر، وكذلك السطْح، ومصدره الوَكِيف والوَكْف. وشاة وَكُوف: غَزيرة اللبن وكذلك مِنْحةٌ وَكُوف وناقة وَكُوف أَي غزيرة. وفي الحديث: أَنه، صلى اللّه عليه وسلم، قال: من مَنَحَ مِنْحةَ وَكُوفاً فله كذا وكذا؛ قال أَبو عبيد: الوكوف الغزيرة الكثيرة الدَّرِّ، ومن هذا قيل: وَكَفَ البيتُ بالمطر، ووكفَتِ العينُ بالدمع إذا تقاطَر. وقال ابن الأَعرابي: الوكوف التي لا ينقطع لبنها سنَتها جَمْعاء. وأَوْكَفت المرأَة: قارَبت أَن تلد.
والوَكْف: النِّطَعُ؛ قال أَبو ذؤيب:

ومُدَّعَسٍ فيه الأَنِيضُ اخْتَـفَـيْتُـه

 

بجَرْداء، مِثْلِ الوكْفِ، يَكْبُو غُرابها

بجَرْداء يعني أَرضاً مَلْساء لا تُنبت شيئاً يكبو غراب الفأْس عنها لصَلابتها إذا حُفِرت؛ والبيت الذي أَورده الجوهري:

تَدَلَّى عليها بين سِـبٍّ وخَـيْطةٍ

 

بجرداء مثل الوكف يكبو غرابها

والوَكَفُ: وكَفُ البيت مثل الجَناح في البيت يكون على الكُنَّةِ أَو الكَنِيف. وفي الحديث: خيارُ الشُّهداء عند اللّه أَصحابُ الوَكَف؛ قيل: ومن أَصحابُ الوَكَف؟ قال: قوم تُكْفأُ عليهم مراكبهم في البحر؛ قال ابن الأَثير: الوَكَفُ في البيت مثل الجناح يكون عليه الكَنِيف؛ المعنى أَن مراكبهم انقلبت بهم فصارت فوقهم مثل أَوكاف البيوت، قال: وأَصل الوَكَف في اللغة المَيْل والجَوْرُ. والوَكَف، بالتحريك: الإِثم، وقيل: العيب والنقْص. وقد وَكِفَ الرجل يَوْكَفُ وكَفاً إذا أَثِمَ. وقد وَكِفَ يَوْكَفُ وأَوكَفَه: أَوقعه في إثْم. ويقال: ما عليك في هذا وكَفٌ. والوَكَفُ: العيب؛ أَنشد ابن السكيت لعمرو بن امرئ القيس، ويقال لقيس بن الخطيم:

الحافِظُو عَوْرَةِ العشيرةِ، لا يَأْ

 

تيهِمُ مـن ورائهـمْ وَكَـفُ

قال ابن بري: وأَنكر عليّ بن حمزة أَن يكون الوكَف بمعنى الإثم، وقال: هو بمعنى العَيْب فقط.وليس في هذا الأَمر وكْف ولا وكَف أَي فساد. وفي الحديث: ليَخْرُجَنَّ ناسٌ من قُبورهم في صورة القِرَدة بما داهَنُوا أَهل المعاصي ثم وكَفُوا عن عِلْمهم وهم يَستطيعون؛ قال الزجاج: وكَفوا عن عِلمهم أَي قصَّروا عنه ونقَصُوا. يقال: عليك في هذا الأَمر وكَف أَي نقص.ويقال: ليس عليك في هذا الأَمر وكَف أَي ليس عليك فيه مكروه ولا نقص. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: البَخيل في غير وكَفٍ؛ الوكَفُ: الوقوع في المأْثَم والعيب. وفي عقله ورأْيِه وكَفٌ أَي فساد؛ عن ابن الأَعرابي وثعلب.
التهذيب: يقال إني لأَخشى عليك وكَفَ فلان أَي جَوْرَه ومَيْله؛ قال الكميت:

بكَ يَعْتَلي وكَفَ الأُمُـو

 

ر، ويَحْمِلُ الأَثْقالَ حامِلْ

وقال أَبو عمرو: الوكَفُ الثِّقلُ والشدَّةُ. وقالت الكِلابية: يقال فلان على وكَفٍ من حاجته إذا كان لا يدري على ما هو منها، قال: وكل هذا ليس بخارج مما جاء مفسَّراً في الحديث لأَن التكفي هو المَيْل. والوكَفُ من الأَرض: ما انهبط عن المرتفع؛ عن ابن الأَعرابي؛ قال العجاج يصف ثوراً:

يَعْلو الدَّكاديكَ ويَعْلُو الوَكَفا

وقال الجوهري: هو سَفْح الجبل، وقال ثعلب: هو المكان الغَمْضُ في أَصل شَرف. ابن شميل: الوَكَفُ من الأَرض القِنْع يتَّسع وهو جَلَد طين وحصى، وجمعه أَوْكاف. وتَوَكَّف الأَثَر: تتبَّعه. والتوكُّف: التوقُّع والانتظار. وفي حديث ابن عمير: أَهلُ القبور يتوكَّفُون الأَخْبار أَي ينتظرونها ويسأَلون عنها، وفي التهذيب: أَي يتوقعونها، فإذا مات الميت سأَلوه: ما فعل فلان وما فعل فلان؟ يقال: هو يتوكَّف الخبر أَي يتوقَّعه. وتقول: ما زلت أَتوكَّفُه حتى لقِيته. ويقال: واكَفْت الرجل مُواكفةً في الحرب وغيرها إذا واجَهْتَه وعارَضْته؛ قال ذو الرمة:

متى ما يُواكِفْها ابن أُنْثَى، رَمَتْ به

 

مع الجَيْشِ يَبْغِيها المَغانِمَ، تنكـل

وتوكَّف عيالَه وحشَمه: تعهَّدهم، وهو يتوكَّفهم: يتعهَّدهم وينظر في أُمورهم.
والوُكاف والوِكاف والأُكاف والإكاف: يكون للبعير والحمار والبغل؛ قال يعقوب وكان رؤبة ينشد:

كالكَوْدَن المَشدُودِ بالوكاف

والجمع وُكُف؛ وأَوْكَفَ الدابةَ، حِجازيّة. الجوهري: يقال آكفْت البغل وأَوْكَفْته. ووكَّفَ الدابةَ: وضع عليها الوكاف. ووكَّف وكافاً: عمله، اللحياني: أَوكَفْت البغل أُوكِفُه إيكافاً، وهي لغة أَهل الحجاز وتميم، تقول: آكفْته أُوكِفُه إيكافاً، وقال بعضهم: وكَّفْته توكيفاً وأَكَّفْته تأْكيفاً، والاسم الوكاف والإكاف.

وكك

الوَكْوَكةُ في المشي: مثل الزَّكِيكِ، وقيل: التَّدَحْرُجُ؛ وقد تَوَكْوكَ إذا مشى كذلك؛ ورجل وَكْواك: مِشْيَتُه كذلك. الأَصمعي: رجل وَكْواك إذا كان كأَنه يَتَدَحْرَجُ من قِصَره. ووَكْوَكةُ الحَمامِ:هَديرُها؛ قال:

كَوكْوَكةِ الحَمائِم في الوُكُونِ

ابن الأَعرابي: الوَكُّ الدَّفْعُ والكَوُّ الكِنُّ. وروي عن ابن الأَعرابي: ائْتَزَرَ فلان إِزْرَةَ عَكَّ وَكَّ، وهو أَن يُسْبِلَ طَرَفَيْ إِزاره؛ وأَنشد:

إِنْ زُرْتَه تَجِدْه عَكَّ وَكَّـا،

 

مِشْيَتُه في الدارِ هاكَ رَكَّا

قال: هاكَ رَكَّ حكاية لتَبَخْتُره. الجوهري: الوَكْواكُ الجَبانُ؛ قالت امرأَة ترثي زوجها:

ولَسْتَ بوَكْواكٍ ولا بِـزَوَنَّـكٍ،

 

مَكانَكَ حتى يَبْعَثَ الخَلْقَ باعِثُه

وكل

في أَسماء الله تعالى الوَكِيلُ: هو المقيم الكفيل بأَرزاق العباد، وحقيقته أَنه يستقلُّ بأَمر المَوْكول إِليه. وفي التنزيل العزيز: أَن لا تَتَّخِذوا من دُوني وكِيلاً؛ قال الفراء: يقال رَبّاً ويقال كافِياً؛ ابن الأَنباري: وقيل الوَكِيلُ الحافظ، وقال أَبو إِسحق: الوَكِيلُ في صفة الله تعالى الذي توَكَّل بالقيام بجميع ما خَلَق، وقال بعضهم: الوَكِيلُ الكفيل ونِعْمَ الكَفِيل بأَرزاقِنا، وقال في قولهم حَسْبُنا الله ونِعْم الوَكِيلُ: كافِينا اللهُ ونِعْمَ الكافي، كقولك: رازقنا اللهُ ونِعْم الرازق؛ وأَنشد أَبو الهيثم في الوَكِيل بمعنى الرَّبِّ:

وداخِلةٍ غَوْراً، وبالغَوْرِ أُخرِجتْ،

 

وبالماء سِيقَتْ، حين حانَ دُخولُها

ثَوَتْ فيه حَوْلاً مُظلِماً جارياً لهـا

 

فسُرَّتْ به حَقّاً وسُرَّ وَكِيلُـهـا

داخِلة غَوْراً: يعني جَنِين الناقة غارَ في رَحِمِ الناقة، وبالغَوْر أُخْرِجت: بالرَّحِم أُخْرجت من البطن، بالماء سِيقَتْ إِلى الرَّحم حين حَمَلتْه، سُرَّت يعني الأُمّ بالجنين، وسُرَّ وكيلُها: يعني رَبَّ الناقة سَرَّه خُروجُ الجَنين.
والمُتَوَكِّل على الله: الذي يعلم أَن الله كافِلٌ رزقه وأَمْرَه فيرْكَن إِليه وحْدَه ولا يتوَكَّل على غيره. ابن سيده: وَكِلَ بالله وتوَكَّل عليه واتَّكَل استَسْلم إِليه، وتكرّر في الحديث ذكر التَّوكُّل؛ يقال: توكَّل بالأَمر إذا ضَمِن القِيامَ به، ووَكَلْت أَمري إِلى فلان أَي أَلجَأْتُه إِليه واعتمدت فيه عليه، ووَكَّل فلانٌ فلاناً إذا استَكْفاه أَمرَه ثِقةً بكِفايتِه أَو عَجْزاً عن القِيام بأَمر نفسه. ووَكَل إِليه الأَمرَ: سلَّمه. ووَكَلَه إِلى رأْيه وَكْلاً ووُكُولاً: تركه؛ وأَنشد ابن بري لراجز:

لمَّا رأَيت أَنَّني راعِي غَنَمْ،

وإِنَّما وكْلٌ على بعضِ الخَدَمْ

عَجْزٌ وتَعْذِيرٌ، إذا الأَمرُ أَزَمْ

أَراد أَنَّ التوكُّل على بعض الخدَم عَجْزٌ. ورجل وَكَلٌ، بالتحريك، ووُكَلة مثل هُمَزة وتُكَلة على البدَل ومُواكِل: عاجِزٌ كثير الاتكال على غيره. يقال: وُكَلةٌ تُكَلةٌ أَي عاجز يَكِل أَمره إِلى غيره ويَتَّكِل عليه؛ قالت امرأَة:

ولا تكونَنَّ كَهِلَّوْفٍ وَكَلْ

الوَكَل: الذي يَكِلُ أَمره إِلى غيره؛ قال ابن بري: وهذه المرأَة هي مَنْفوسة بنت زيد الخيل؛ قال: والرَّجَز إِنما هو لزوجها قيس بن عاصم، وهو:

أَشْبِهْ أَبا أُمِّكَ، أَو أَشبِهْ عَمَلْ

 

ولا تَكونَنَّ كَهِلَّوْفٍ وَكَـلْ

يُصْبِحُ في مَضْجَعه قد انْجَدَلْ، وارْقَ إِلى الخَيْرات زَنْأً في الجَبَلْ وأَما الذي قالته مَنْفوسة فإِنها قالته في ولدها حكيم:

أَشْبِهْ أَخي، أَو أَشبِهَنْ أَباكا

أَمّا أَبي فَلَنْ تَنال ذاكا،

تَقْصُر أَنْ تَنالَه يَداكا

وقال أَبو المُثلم أَيضاً:

حامِي الحَقيقةِ لا وانٍ ولا وَكَل

اللحياني: رجل وَكَلٌ إذا كان ضعيفاً ليس بنافِذٍ. ويقال: رجل مُواكِل أَي لا تجده خفيفاً، بغير همز. ويقال: فيه وَكالٌ أَي بُطْءٌ وبَلادة.
وفي الحديث: كان إذا مشى عُرِف في مشيه أَنه غير غَرِضٍ ولا وَكَل؛ الوَكَلُ والوَكِلُ: البليدُ والجبان، وقيل: العاجز الذي يَكِلُ أَمره إِلى غيره. وفي مَقْتَل الحسين، عليه السلام، قال سنان قاتلُه للحجَّاج: وَلَّيْتُ رأْسَه امْرَأً غير وَكَل، وفي رواية: وكَلْتُه إِلى غير وَكَل، يعني نفسَه. ويقال: قد اتَّكَل عليك فلان وأَوْكَل عليك فلان بمعنى واحد.
ويقال: قد أَوْكَلْت على أَخيك العمل أَي خلَّيته كلّه. ورجل وُكَلةٌ إذا كان يَكِلُ أَمرِه إِلى الناس. وواكَلْت فلاناً مُواكلةً إذا اتَّكَلْت عليه واتَّكَل هو عليك.
والوَكالُ: الضعف؛ قال أَبو الطَّمَحان القَيْنِيُّ:

إِذا واكَلْتَه لم يُواكِل

وقال أَبو طالب:

وما تَرْكُ قَوْمٍ، لا أَبا لكَ، سَـيِّداً

 

يَحُوطُ الذِّمارَ غير ذَرْبٍ مُواكِل

وواكَلَتِ الدابةُ وِكالاً: أَساءت السيرَ؛ وقيل: المُواكِلُ من الدوابّ المُرْكِحُ إِلى التأَخُّر. وتواكَلَ القوم مُواكَلةً ووِكالاً: اتَّكَل بعضهم على بعض. أَبو عمرو: المُواكِلُ من الخيل الذي يَتَّكِل على صاحبه في العَدْو. وفي حديث الفضل بن العباس وابن ربيعة: أَتَياه يسأَلانه السِّقاية فتَواكَلا الكلامَ أَي اتَّكَل كلُّ واحد منهما على الآخر فيه.
يقال: اسْتَعَنْت القومَ فتَواكَلوا أَي وكلَني بعضُهم إِلى بعض؛ ومنه حديث ابن يَعْمَر: فظننت أَنه سيَكِلُ الكلامَ إِليَّ؛ ومنه حديث لُقْمان: وإِذا كان الشأْنُ اتَّكَل أَي إذا وقع الأَمر لا يَنْهَض فيه ويَكِله إِلى غيره. وفي الحديث: أَنه نهى عن المُواكلة؛ قيل: هو من الاتِّكال في الأُمور وأَن يَتَّكل كلُّ واحد منهما على الآخر. يقال: رجل وُكَلَةٌ إذا كثُر منه الاتِّكال على غيره فنُهي عنه لما فيه من التَّنافُر والتقاطُع، وأَن يَكِل صاحبه إِلى نفسه ولا يُعينه فيما يَنُوبُه، وقيل: إِنما هو مُفاعلة من الأَكْل، والواو مُبْدَلة من الهمزة، وقد تقدّم. وفرس واكِلٌ: يَتَّكِلُ على صاحبه في العَدْوِ ويحتاج إِلى الضرْب. ويقال: دابَّة فيها وِكالٌ شديد ووَكالٌ شديد، بالفتح والكسر. ووَكَلَتِ الدابةُ: فَتَرَت؛ قال القطامي:

وَكَلَتْ فقلْت لها: النَّجاءَ، تَناوَلي

 

بِيَ حاجتَي، وتَجَنَّبي هَمْدانـا

والوَكِيلُ: الجَريءُ، وقد يكون الوَكِيلُ للجمع، وكذلك الأُنثى، وقد وَكَّله على الأَمْر، والاسم الوَكالة والوِكَالةُ. ووَكِيلُ الرجل: الذي يَقوم بأَمره، سمِّي وَكِيلاً لأَن مُوَكِّله قد وَكَل إِليه القيامَ بأَمره فهو مَوْكولٌ إِليه الأَمرُ. والوَكِيلُ، على هذا القول: فَعِيل بمعنى مفعول. وتقول: اللهم لا تَكِلْنا إِلى أَنفسنا. وفي حديث الدعاء: لا تَكِلْني إِلى نفسي طَرْفةَ عَيْنٍ فَأَهْلِكَ. وفي الحديث: ووَكَلَها إِلى الله أَي صَرَف أَمْرَها إِليه. وفي الحديث: مَنْ توَكَّل بما بين لَحْيَيْه ورِجْلَيْهِ توَكَّلْت له بالجنَّة؛ قيل: هو بمعنى تكَفَّل. الجوهري: الوَكِيلُ معروف. يقال: وَكَّلْته بأَمر كذا تَوْكِيلاً. والتَّوَكُّل: إِظْهارُ العَجْزِ والاعْتماد على غيرك، والاسم التُّكْلان. واتَّكَلْت على فلان في أَمري إذا اعتمدته، وأَصله اوْتَكَلْت، قلبت الواوُ ياء لانكسار ما قبلها ثم أُبدلت منها التاء فأُدغمت في تاء الافتعال، ثم بُنِيَت على هذا الإِدغام أَسماءٌ من المِثال، وإِن لم تكن فيها تلك العلة، توهُّماً أَن التاء أَصلية لأَن هذا الإِدغام لا يجوز إِظهاره في حال، فمِنْ تلك الأَسماء التُّكَلة والتُّكْلان والتُّخَمة والتُّهَمة والتُّجاهُ والتُّراثُ والتَّقْوَى، وإِذ صغَّرت قلت تُكَيْلةٌ وتُخَيْمة، ولا تُعيد الواو لأَن هذه حروف أُلْزِمَت البدَل فبقيت في التصغير والجمعِ. ووَكَلَه إِلى نفسه وَكْلاً ووُكُولاً، وهذا الأَمر مَوْكولٌ إِلى رأْيِك؛ وقوله

كِلِيني لَهمٍّ، يا امَيْمةَ، ناصِبِ

أَي دَعِيني.
ومَوْكَل، بالفتح: اسم جبل؛ وقال ثعلب: هو اسم بيت كانت المُلوك تنزِله.
وغُرْفَةُ مَوْكَل: موضع باليمن؛ ذكره لبيد فقال يصف الليالي:

وغَلَبْنَ أَبْرَهَةَ الذي أَلْـفَـيْنَـهُ

 

قد كان خُلِّدَ فوق غُرْفةِ مَوْكَل

وجاء مَوْكَل على مَفْعَل نادراً في بابه، والقِياس مَوْكِلٌ؛ قال الجوهري: وهو شاذ مثل مَوْحَدٍ؛ وأَنشد ابن بري للأَسود:

وأَسبابُه أَهْلَكْنَ عاداً، وأَنزلـت

 

عَزِيزاً تغنَّى فوق غُرْفَةِ مَوْكَلِ

وكم

وَكَمَ الرجلَ وكْماً: رعدَّه عن حاجته أَشدَّ الردِّ. ووَكِمَ من الشيء: جَزِعَ واغْتَمَّ له منه. الكسائي: المَوْقومُ والمَوْكومُ الشيديدُ الحُزْنِ. ووَقَمه الأَمرُ وَوَكَمَه أي حَزَنه. ووُكِمَت الأَرضُ: وُطِئت وأُكِلَت ورُعِيَت فلم يَبْقَ فيها ما يَحْبِس الناس. ابن الأَعرابي: الوَكْمَةُ الغَيْظةُ المُشْبَعةُ والوَمْكةُ الفُسْحةُ.

وكن

الوَكْنُ، بالفتح: عُشّ الطائر، زاد الجوهري: في جبل أَو جدار، والجمع أَوْكُنٌ ووُكُنٌ ووُكْنٌ ووُكونٌ، وهو الوَكْنَةُ والوِكْنَةُ والوُكْنَةُ والوُكُنَةُ والمَوْكِنُ والمَوْكِنَةُ. ابن الأَعرابي: الوُكْنَةُ موضع يقع عليه الطائر للراحة ولا يثبت فيه. ابن الأَعرابي: مَوْقَعَةُ الطائر أُقْنَتُه، وجمعُها أُقَنٌ، وأُكْنَتُه موضع عُشِّه. قال أَبو عبيدة: هي الأُكْنة والوُكْنَة والوُقْنَة والأُقْنةُ. الأَصمعي: الوَكْرُ والوَكْنُ جميعاً المكان الذي يدخل فيه الطائر. قال الأَزهري: وقد يقال لمَوْقَعَةِ الطائر مَوْكِنٌ؛ ومنه قوله:

تراه كالبازي انْتَمَى في المَوْكِنِ

الأَصمعي: الوَكْنُ مَأْوَى الطائر في غير عُشٍّ. قال أَبو عمرو: الوُكْنة والأُكْنة، بالضم، مَواقِعُ الطير حيثما وَقَعَتْ، والجمع وُكُنات ووُكَناتٌ ووُكْناتٌ ووُكَنٌ، كما قلناه في جمع رُكْبَةٍ. ووَكَنَ الطائرُ وكْناً ووُكُوناً: دخل في الوَكْنِ. ووَكَنَ وَكْناً ووُكوناً أَيضاً: حَضَنَ البيضَ. ووَكَنَ الطائرِ بيضَه يَكِنُه وَكْناً أَي حضنه. وطائر واكِنٌ: يَحْضُنُ بيضَه، والجمع وُكُونٌ، وهُنَّ وُكُونٌ ما لم يخرجن من الوَكْنِ، كما أَنهنّ وُكُورٌ ما لم يخرجن من الوَكْر؛ قال الشاعر:

تُذَكِّرُني سَلْمَى، وقد حِيلَ بيننا،

 

حَمامٌ على بيضاتِهنَّ وُكُـونُ

والمَوْكِنُ: هو الموضع الذي تَكِنُ فيه على البيض. والوُكْنة: اسم لكل وَكْرٍ وعُشّ، والجمع الوُكُناتُ واستعاره عمرو بن شاس للنساء فقال:

ومن ظُعنٍ كالدَّوْمِ أَشْرَفَ فَوقَهـا

 

ظِباءُ السُّلَيِّ، وَاكِناتٍ على الخَمْلِ

أَي جالسات على الطنافس التي وُطِّئتْ بها الهوادج، والسُّلَيُّ: اسم موضع، ونصب واكنات على الحال. أَبو عمرو: الوَاكِنُ من الطير الواقعُ حيثما وقع على حائط أَو عُود أَو شَجر. والتَّوَكُّنُ: حُسْنُ الاتِّكاء في المجلس؛ قال الشاعر:

قلتُ لها: إيَّاكِ أَن تَوَكَّنِي،

 

في جِلْسةٍ عنديَ، أَو تَلَبَّني

أَي تَرَبَّعي في جِلْسَتِك. وتَوَكَّنَ أَي تَمَكَّنَ. والواكِنُ: الجالس؛ وقال المُمَزَّقُ العَبْدِي:

وهُنَّ على الرَّجائز واكِناتٌ،

 

طَويلاتُ الذوائبِ والقُرُونِ

وفي الحديث: أَقِرُّوا الطير على وُكُناتِها؛ الوُكُنات، بضم الكاف وفتحها وسكونها: جمع وُكْنة، بالسكون، وهي عُشُّ الطائر ووَكْرُه، وقيل:الوَكْنُ ما كان في عُشٍّ، والوَكْرُ ما كان في غير عُشٍ. وسَيْرٌ وَكْنٌ: شديد؛ قال:

إني سأُودِيك بسَيْرٍ وكَنْ

أَي شديد؛ وقال شمر: لا أَعرفه.

وكي

الوِكاء: كلُّ سَيْر أَو خيط يُشَدُّ به فَمُ السِّقاء أَو الوِعاء. وقد أَوكَيتُه بالوِكاء إِيكاء إذا شددته. ابن سيده: الوِكاء رِباط القِرْبةِ وغيرها الذي يُشد به رأْسُها. وفي الحديث: احْفَظْ عِفاصَها ووِكاءها. وفي حديث اللُّقَطةِ: اعْرِفْ وِكاءها وعِفاصَها؛ الوِكاء: الخيط الذي تُشدّ به الصُّرّة والكيس وغيرهما. وأَوْكَى على ما في سِقائه إذا شَدَّه بالوِكاء. وفي الحديث: أَوْكُوا الأَسْقِيةَ أَي شُدُّوا رُووسها بالوِكاء لئلا يدخُلَها حيوان أَو يَسْقُطَ فيها شيء. يقال: أَوْكَيْتُ السِّقاء أُوكيه إِيكاء، فهو مُوكىً. وفي الحديث: نَهى عن الدُّبّاء والمُزَفَّتِ وعليكم بالمُوكَى أَي السِّقاء المَشْدود الرأْس لأَنَّ السِّقاء المُوكَى قَلَّما يَغْفُلُ عنه صاحبُه لئلا يَشتدَّ فيه الشراب فينشق فهو يَتَعَهَّدُه كثيراً. ابن سيده: وقد وكَى القِربةَ وأَوْكاها وأَوْكَى عليها، وإِنَّ فلاناً لَوِكاءٌ ما يَبِضُّ بشيء، وسأَلناه فأَوْكَى علينا أَي بَخِلَ. وفي الحديث: إِنَّ العَيْنَ وِكاءُ السَّهِ، فإِذا نامَ أَحدُكم فلْيَتَوَضَّأْ؛ جَعلَ اليقظة للاسْت كالوِكاء للقِربة، كما أَنَّ الوِكاءَ يمنعُ ما في القربة أَنْ يَخْرج كذلك اليَقَظة تمنع الاسْتَ أَن تُحْدِث إِلاَّ بالاختيارِ، والسَّهُ: حَلْقةُ الدُّبر، وكنى بالعين عن اليقظة لأَن النائم لا عين له تُبْصِر. وفي حديث آخر: إذا نامَتِ العَيْنُ اسْتَطْلَقَ الوِكاء، وكلُّه على المثل. وكلُّ ما شُدَّ رأْسُه مِن وِعاء ونحوه وِكاء؛ ومنه قول الحسن: يا ابنَ آدمَ، جمعاً في وِعاء وشَدّاً في وكاء؛ جعل الوِكاء ههنا كالجِراب. وفي حديث أَسْماء: قال لها أَعْطِي ولا تُوكي فَيُوكى عليكِ أَي لا تَدَّخِري وتَشُدِّي ما عندك وتمنعي ما في يدك فتنقطع مادّة الرزق عنك. وأَوْكَى فمه: سدّه. وفلان يُوكِي فلاناً: يأْمره أَن يَسُدَّ فاه ويسكت. وفي حديث الزبير: أَنه كان يُوكي بين الصَّفا والمَرْوة سَعْياً أَي يَملأَ ما بينهما سَعْياً كما يُوكى السِّقاء بعد المَلْء، وقيل: كان يسكت؛ قال أَبو عبيد: هو عندي من الإِمساك عن الكلام أَي لا يتكلَّم كأَنه يُوكي فاه فلا يتكلَّم، ويروى عن أَعرابي أَنه سمع رجلاً يَتكلَّم فقال: أَوْكِ حَلْقك أَي سُدَّ فَمَك واسكت؛ قال أَبو منصور: وفيه وجه آخر، قال: وهو أَصح عندي مما ذهب إِليه أَبو عبيد، وذلك لأَن الإِيكاء في كلام العرب يكون بمعنى السَّعْي الشديد، ومما يدل عليه قوله في حديث الزبير: إِنه كان يُوكي ما بينهما سَعْياً، قال: وقرأَت في نوادر الأَعراب المحفوظة عنهم: الزُّوازِية المُوكي الذي يتَشددُ في مَشْيِه، فمعنى المُوكي الذي يتشدد في مشيه. وروي عن أَحمد بن صالح أَنه قال في حديث الزبير: إِنه كان إذا طاف بالبيت أَوكى الثَّلاثَ سَعْياً، يقول: جعله كله سعياً، قال أَبو عبيد، بعد أَن ذكر في تفسير حديث الزبير ما ذكرنا قال: إِن صح أَنه كان يُوكي ما بين الصفا والمروة سعياً فإِن وجهه أَن يملأَ ما بينهما سعياً لا يمشي على هينته في شيء من ذلك، قال: وهذا مشبَّه بالسقاء أَو غيره يُملأ ماء ثم يُوكى عليه حيث انتهى الامْتِلاء؛ قال الأَزهري: وإِنما قيل للذي يشتد عَدْوُه مُوكٍ لأَنه كأَنه قد ملأَ ما بين خَواءِ رجليه عَدْواً وأَوْكى عليه، والعرب تقول: ملأَ الفَرسُ فُروجَ دَوارِجه عَدْواً إذا اشتدَّ حُضْره، والسِّقاء إِنما يوكى على مَلْئِه. ابن شميل: اسْتَوْكى بطن الإِنسان وهو أَن لا يخرج منه نَجْوُه. ويقال للسقاء ونحوه إذا امْتلأَ: قد اسْتَوْكى. ووَكَّى الفرسُ المَيْدانَ شَدّاً: مَلأَه، وهو من هذا. ويقال: اسْتَوْكَتِ الناقة واستوكتِ الإِبل اسْتِيكاء إذا امتلأَت سِمَناً. ويقال: فلان مُوكي الغُلْمة ومُزِكُّ الغُلْمة ومُشِطُّ الغُلْمة إذا كانت به حاجة شديدة إِلى الخلاط.