باب الواو واللام

ولب

وَلَبَ في البيتِ والوجهِ: دخَل. والوالِبةُ: فِراخُ الزَّرْعِ، لأَنها تَلِبُ في أُصُول أُمَّهاتِه؛ وقيل: الوالِبةُ الزَّرْعةُ تَنْبُتُ من عُروق الزَّرعة الأُولى، تَخْرُجُ الوُسْطَى، فهي الأُمُّ، وتَخْرُجُ الأَوالِبُ بعد ذلك، فَتَلاحَقُ.
ووَالبةُ القوم: أَولادُهم ونَسْلُهُم. أَبو العباس، سمعَ ابن الأَعرابي يقول: الوالبةُ نَسْلُ الإِبل والغَنَم والقَومِ. ووَالبةُ الإِبلِ: نَسْلُها وأَوْلادُها.
قال الشَّيْباني: الوالِبُ الذاهِبُ في الشيءِ، الداخلُ فيه؛ وقال عُبَيْدٌ القُشَيْرِيّ:

رأَيتُ عُمَيراً والِباً فـي دِيارِهِـمْ،

 

وبئس الفَتى، إِن نابَ دَهْرٌ بِمُعْظَمِ

وفي رواية أَبي عمرو: رأَيتُ جُرَيّاً. ووَلَبَ إِليه الشيءُ يَلِبُ وُلوباً: وَصَلَ إِليه، كائناً ما كان. ووالبةُ: اسْمُ مَوضِع؛ قالت خِرْنِقُ:

مَنَتْ لَهُمُ بوالِبَةَ المَنايا

ووالبةُ: اسمُ رجلٍ.

ولث

الوَلْثُ: عَقْدُ العَهْدِ بين القوم؛ وقيل: هو ضَعْفُ العُقْدَة.
يقال: وَلَثَ لي وَلْثاً لم يُحْكِمْه أَي عاهدني. يقال: وَلْثَ من عهد أَي شَيْءٌ قيل. والوَلْثُ: عَقْدٌ ليس بمحكَم ولا مؤكد، وهو الضعيف؛ ومنه وَلْثُ السحاب: وهو النَّدَى اليسيرُ؛ وقيل: الوَلْثُ العهد المحكم؛ وقيل: الوَلْثُ الشيء اليسير من العهد.
وفي حديث ابن سيرين: أَنه كان يكره شراء سَبْيِ زابَلٍ، وقال: إِن عثمان وَلَثَ لهم وَلْثاً أَي أَعطاهم شيئاَ من العهد؛ ويقال: وَلَثْتُ لكَ أَلِث وَلْثاً أَي وَعَدْتك عِدَّةً ضعيفة؛ ويقال: لهم وَلْثٌ ضعيف وَوَلْثٌ مُحْكَم؛ وقال المسيب بن عَلسٍ في الوَلْثِ المحكَم:

كما امْتَنَعَتْ أَولادُ يَقْدمَ مِنْكُـمُ،

 

وكان لها وَلْثٌ من العَقْدِ مُحْكَمُ

الجوهري: الوَلْثُ العهدُ بين القوم يقع من غير قصد، ويكون غير مؤكد.
يقال: وَلَثَ له عَقْداً. والوَلْثُ: اليسير من الضرب والوجع؛ وقيل: البقية منه. وقد وَلَثَ ولْثاً، وَوَلِثَ وَلَثاً؛ وقيل: الوَلْثُ كلُّ يسير من كثير؛ عن ابن الأَعرابي، وبه فسر قول عمر، رضي الله عنه، لرأْس الجالوت، وفي رواية الجاثَلِيقِ: لولا وَلْثٌ لك من عهد، لضربتُ عُنُقَك أَي طَرَفٌ من عَقْدٍ أَو يسيرٌ منه. وأَما ثعلب فقال: الوَلْثُ الضعيف من العهود. أَبو مرة القشيري: الوَلْثُ من الضرب الذي ليس فيه جراحة فوقَ الثياب.
قال: وطَرَقَ رجلٌ قوماً يطلب امرأَةً وعَدَتْهُ، فوقع على رجل، فصاح به، فاجتمع الحيُّ عليه فوَلَثُوه، ثم أُفْلِتَ. والوَلْثُ: بَقِيَّةُ العجين في الدَّسِيعَةِ، وبقية الماء في المُشَقَّرِ، والفَضْلَةُ من النبيذ تبقى في الإِناء، وهو البَسِيل. والوَلْثُ: القليلُ من المطر. وأَصابنا وَلْثٌ من مكر أَي قليلٌ منه. وولَثَتْنا السماءُ ولْثاً: بَلَّتْنا بمطر قليل، مشتق منه. التهذيب: والوَلْثُ بقية العَهْد. في الحديث: لولا وَلْثُ عَهْدٍ لهم، لفعلتُ بهم كذا. قال ابن شميل: يقال دَبَّرْتُ مملوكي إذا قلتَ: هو حُرٌّ بعد موتي إذا وَلَثْتَ له عِتْقاً في حياتك. قال، والوَلْثُ التوجيه إذا قلت: هو حُرٌّ بعدي، فهو الوَلْثُ.
وقد وَلَثَ فلانٌ لنا من أَمرنا وَلْثاً أَي وَجَّهَ؛ قال رؤبة:

وقلتُ إِذ أَغْبَطَ دَيْنٌ والِث

وقال ابن الأَعرابي: أَي دائم كما يَلِيثُونه بالضرب. الأَصمعي: وَلَثَه أَي ضربه ضرباً قليلاً. ووَلَثَهُ بالعصا يَلِثُه وَلْثاً أَي ضربه.
وقال الأَصمعي في قوله إِذ أَغبط دين والث: أَساء رؤبة في هذا لأَنه ان ينبغي له أَن يؤكد أَمر الدَّين. وقال غيره: يقال دَيْنٌ والثٌ أَي يتقلده كما يتقلد العهد.

ولج

ابن سيده: الوُلُوجُ الدخولُ. وَلَجَ البيتَ وُلُوجاً ولِجَةً، فأَما سيبويه فذهب إِلى إِسقاط الوسط، وأَما محمد بن يزيد فذهب إِلى أَنه متعد بغير وسط؛ وقد أَولَجَه.
والمَوْلَجُ: المَدْخَلُ.
والوِلاجُ: الباب. والوِلاجُ: الغامض من الأَرض والوادي، والجمع وُلُجٌ ووُلُوجٌ، الأَخيرة نادرة لأَن فِعالاً لا يُكسَّر على فُعول، وهي الوَلَجَةُ، والجمع وَلَجٌ. ابن الأَعرابي: وِلاجُ الوادي معاطفه، واحدتها وَلَجَةٌ، والجمع الوُلُجُ؛ وأَنشد لِطُرَيْحٍ يمدح الوليد بن عبد الملك:  

أَنتَ ابنُ مُسْلَنْطِحِ البِطـاحِ، ولـم

 

تَعْطِفْ عليك الحُنِـيُّ والـوُلُـجُ

لو قلتَ للسَّيْلِ: دَعْ طَريقَكَ، وال

 

مَوْجُ عليه كالهَضْبِ يَعْتَـلِـجُ،

لارْتَدَّ أَوْ سـاخَ، أَو لـكـانَ لـه

 

في سائرِ الأَرضِ، عنكَ، مُنْعَرَجُ

وقال: الحُنِيُّ والوُلُجُ الأَزِقَّةُ. والوُلُجُ: النَّواحي.
والوُلُجُ: مَغارِفُ العسلِ. والوَلَجَةُ، بالتحريك: موضع أَو كَهْف يستتر فيه المارَّةُ من مطر أَو غيره، والجمع وَلَجٌ وَأَولاجٌ.
وفي حديث ابن مسعود: إِياكم والمُناخَ على ظهر الطريق فإِنه منزل الوالِجَةِ، يعني السباع والحيات، سمِّيت والِجَةً لاستتارها بالنهار في الأَوْلاجِ، وهو ما وَلَجْتَ فيه من شِعْب أَو كهف وغيرهما.
والوَلَجُ والوَلَجَةُ: شيء يكون بين يَدَيْ فِناء القوم، فإِما أَن يكون من باب حِقٍّ وحِقَّةٍ أَو من باب تَمْر وتَمْرَةٍ.
ووِلاجَا الخَلِيَّة: طَبَقاها من أَعلاها إِلى أَسفلها، وقيل: هو بابها، وكله من الدخول.
ورجل خَرّاجٌ وَلاّجٌ، وخَرُوجٌ وَلُوجٌ؛ قال:

قد كنتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيْرَفـاً،

 

لم تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ

ورجل خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ، مثل هُمَزَة، أَي كثير الدخول والخروج.
ووَلِيجةُ الرجل: بِطانَتُه وخاصته ودِخْلَتُه؛ وفي التنزيل: ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وَلِيجَة؛ قال أَبو عبيدة: الوَلِيجَة البِطانَةُ، وهي مأْخوذة من وَلَجَ يَلِجُ وُلُوجاً وَلِجَةً إذا دخل أَي ولم يتخذوا بينهم وبين الكافرين دَخِيلَةَ مَوَدّةٍ؛ وقال أَيضاً: ولِيجةً. كلُّ شيء أَولَجْته فيه وليس منه، فهو وَلِيجَة؛ والرجل يكون في القوم وليس منهم، فهو وَلِيجَة فيهم، يقول: ولا يتخذوا أَولياء ليسوا من المؤمنين دون الله ورسوله؛ ومنه قوله:

فإِن القَوافي يَتَّلِجْنَ مَوالِجـاً،

 

تَضايَقُ عنها أَنْ تَوَلَّجَها الإِبَرْ

وقال الفرّاء: الوَليجَة البطانة من المشركين، قال سيبويه: إِنما جاء مصدره وُلُوجاً، وهو من مصادر غير المتعدي، على معنى وَلَجْتُ فيه، وأَولَجَه: أَدخله. وفي حديث عليّ: أَقَرَّ بالبَيْعَةِ وادَّعى الوَلِيجةَ؛ وَلِيجة الرجلِ: بِطانَتُه ودُخلاؤه وخاصته.
واتَّلَجَ مَوالِجَ، على افْتَعَل، أَي دخل مَداخل. وفي حديث ابن عمر: أَن أَنساً كان يَتَوَلَّجُ على النساء وهنَّ مُكَشَّفاتُ الرؤوس أَي يدخل عليهن، وهو صغير، ولا يحتجبن منه. التهذيب: وفي نوادرهم: وَلَّجَ مالَه تَوْلِيجاً إذا جعله في حياته لبعض وَلَده، فتسامعَ الناسُ بذلك فانْقَدَعُوا عن سؤاله.
والوالِجةُ: وجع يأْخذ الإِنسان.
وقوله تعالى: يُولِجُ الليلَ في النهار ويولج النهار في الليل: أَي يزيد من هذا في ذلك ومن ذلك في هذا. وفي حديث أُمِّ زَرْع: لا يُولِجُ الكَفَّ ليَعْلَمَ البَثِّ أَي لا يدخل يده في ثوبها ليعلم منها ما يسوءُه إذا اطلع عليه، تصفه بالكرم وحسن الصحبة، وقيل: إِنها تذمه بأَنه لا يتفقد أَحوال البيت وأَهله. والوُلوجُ: الدخول. وفي الحديث: عُرِضَ عليَّ كلُّ شيء تُولَجُونَه، بفتح اللام، أَي تُدْخَلُونه وتصيرون إِليه من جنة أَو نار.
والتَّوْلَجُ: كناس الظبي أَو الوحش الذي يلج فيه، التاء فيه مبدلة من الواو، والدَّولَجُ لغة فيه، داله عند سيبويه بدل من تاء، فهو على هذا بدل من بدل، وعَدَّه كُراعٌ فَوْعَلاً؛ قال ابن سيده: وليس بشيء؛ وأَنشد يعقوب:

وبادَرَ العُفْر تَؤُمُّ الدَّولَجَا

الجوهري: قال سيبويه التاء مبدلة من الواو، وهو فَوْعَل لأَنك لا تجد في الكلام تَفْعَلٌ اسماً، وفَوعَل كثير؛ وقال يصف ثوراً تَكَنَّسَ في عِضاه، وهو لجرير يهجو البَعِيثَ:

قد غَبَرَتْ أُمُّ البَعِيث حَجِجَـا،

على السَّوايا ما تَحُفُّ الهَوْدَجا،

فوَلَدتْ أَعْثَى ضَرُوطاً عُنْبُجا،

كأَنه ذِيخٌ إذا مـا مَـعَـجـا،

مُتَّخِذاً في ضَعَواتٍ تَوْلَـجـا

غَبَرَت: بقيت. والسَّوايا: جمع سَوِيَّة، وهو كساء يجعل على ظهر البعير، وهو من مراكب الإِماء. وقوله: ما تحف الهودَجا أَي ما توطئه من جوانبه وتَفْرُشُ عليه تجلس عليه. والذِّيخُ: ذَكَر الضِّباع. والأَعْثى: الكثير الشعر. والعُنْبُجُ: الثقيل الوَخِمُ. ومَعَجَ: نفش شعره. والضَّعَواتُ: جمع ضَعَةٍ لنبتٍ معروف.
وقد اتَّلَجَ الظبي في كناسه وأَتْلَجَه فيه الحَرُّ أَي أَوْلَجه.
وشَرٌّ تالِجٌ والِجٌ؛ الليث: جاء في بعض الرُّقَى: أَعوذ بالله من شرِّ كلِّ تالِجٍ ومالِجٍ،

ولح

الوَلِيحُ والوَلِيحةُ: الضخم الواسع من الجُوالق؛ وقيل: هو الجُوالِقُ ما كان، والجمع الوَلِيحُ. والوَلِيحة: الغِرارةُ. والوَلِيحُ والوَلائح: الغَرائر والجِلالُ والأَعْدال يُحْمَل فيها الطِّيبُ والبَزُّ ونحوه؛ قال أَبو ذؤَيب يصف سحاباً:

يُضِيءُ رَباباً كدُهْمِ الـمَـخـا

 

ضِ، جُلِّلْنَ فوقَ الوَلايا الوَليحا

وقال اللحياني: الوليحة الغِرارةُ.
والمِلاحُ: المِخْلاةُ؛ قال ابن سيده: وأُراه مقلوباً من الوَلِيح إِذ لم أَجد ما أَستدل به على ميمه، أَهي زائدة أَم أَصل، وحملها على الزيادة أَكثر. وفي حديث المختار: لما قَتَلَ عمر بن سعد جعل رأْسَه في مِلاحٍ وعلقه؛ حكى اللفظة الهروي في الغريبين.

ولخ

الوَلَخُ من العُشب: الطويل. وأَولَخَ العشبُ: طال وعظم.
وأَرض ولِخَة ووليخة وورِخَة: مؤتَلخة من النبت.
وولَخَه وَلْخاً: ضربه بباطن كفه. وائتَلخ الأَمرُ: اختلط.

ولد

الوَلِيدُ: الصبي حين يُولَدُ، وقال بعضهم: تدعى الصبية أَيضاً وليداً، وقال بعضهم: بل هو للذكر دون الأُنثى، وقال ابن شميل: يقال غلامٌ مَوْلُودٌ وجارية مَوْلودةٌ أَي حين ولدته أُمُّه، والولد اسم يجمع الواحد والكثير والذكر والأُنثى. ابن سيده: ولَدَتْهُ أُمُّهُ ولادةً وإِلادةً على البدل، فهي والِدةٌ على الفعل، ووالِدٌ على النسب؛ حكاه ثعلب في المرأَة. وكل حامل تَلِدُ، ويقال لأُم الرجل: هذه والدة.
وَوَلَدَتِ المرأَةُ وِلاداً ووِلادة وأَوْلَدَتْ: حان وِلادُها.
والوالدُ: الأَب. والوالدةُ: الأُم، وهما الولدان؛ والوَلدُ يكون واحداً وجمعاً. ابن سيده: الوَلَدُ والوُلْدُ، بالضم: ما وُلِدَ أَيّاً كان، وهو يقع على الواحد والجمع والذكر والأُنثى، وقد جمعوا فقالوا أَولادٌ ووِلْدةٌ وإِلْدةٌ، وقد يجوز أَن يكون الوُلْدُ جمع وَلَد كَوُثْن ووَثَنٍ، فإِن هذا مما يُكَسَّرُ على هذا المثال لاعتِقاب المِثالين على الكلمة. والوِلْد، بالكسر: كالوُلْد لغة وليس بجمع لأَنَّ فَعَلاً ليس مما يُكَسَّر على فِعْل. والوَلَد أَيضاً: الرَّهْطُ على التشبيه بولد الظهر. ووَلَدُ الرجل: ولده في معْنىً. ووَلَدُه: رهطه في معنى. وتَوالَدُوا أَي كثروا، ووَلَد بعضهم بعضاً. ويقال في تفسير قوله تعالى: مالُه وولَدُه إِلا خَساراً؛ أَي رهْطُه. ويقال: وُلْدُه، والوِلْدَةُ جمع الأَولاد قال رؤْبة:

سَمْطاً يُرَبِّي وِلْدةً زَعابِلا

قال الفراء: قال إِبراهيم: مالُه ووُلْدُه، وهو اختيار أَبي عمرو، وكذلك قرأَ ابن كثير وحمزة، وروى خارجة عن نافع ووُلْدُه أَيضاً، وقرأَ ابن إِسحق مالُه وَوِلْدُه، وقال هما لغتان: وُلْد ووِلْد. وقال الزجاج: الوَلَدُ والوُلْدُ واحد، مثل العَرَب والعُرْب، والعَجَم والعُجْم ونحو ذلك؛ قال الفراء وأَنشد:

ولقد رَأَيْتُ مَعاشِرا

 

قد ثَمَّرُوا مالاً ووُلْدا

قال: ومن أَمثال العرب، وفي الصحاح: من أَمثال بني أَسَد: وُلْدُكَ مَنْ دَمَّى عَقِبَيْكَ؛ وأَنشد:

فَلَيْتَ فلاناً كان في بَطْنِ أُمِّه،

 

ولَيْتَ فلاناً وُلْـدَ حِـمـارِ،

فهذا واحد. قال: وقَيْس تجعل الوُلدْ جمعاً والوَلَد واحداً. ابن السكيت: يقال في الوَلَد الوِلْدُ والوُلْدُ. قال: ويكون الوُلْدُ واحداً وجمعاً. قال: وقد يكون الوُلْدُ جمع الوَلَد مثل أَسَد وأُسْد، ويقال: ما أَدْري أَيُ وَلَدِ الرجل هو أَيْ الناسِ هو. والوَليدُ: المولود حين يُولَدُ، والجمع وِلْدانٌ والاسم الوِلادةُ والوُليدِيَّةُ؛ عن ابن الأَعرابي. قال ثعلب: الأَصل الوَلِيدِيَّةُ كأَنه بناه على لفظ الوَلِيد، وهي من المصادر التي لا أَفعالَ لها، والأُنثى وليدة، والجمعِ ولْدانٌ وولائِدُ. وفي الحديث: واقِيةً كَواقِيَةِ الوليد؛ هو الطِّفْل فَعِيلٌ بمعنى مَفْعُول، أَي كَلاءَةً وحِفْظاً كما يُكْلأُ الطِّفْلُ؛ وقيل: أَراد بالوليد موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، لقوله تعالى: أَلم نُرَبِّك فينا وَلِيداً؛ أَي كما وَقَيْتَ موسى شرّ فرعون وهو في حِجْرِه فقني شرّ قومي وأَنا بين أَظهرهم. وفي الحديث: الوليدُ في الجنة؛ أَي الذي مات وهو طفل أَو سقْطٌ. وفي الحديث: لا تقتلوا وليداً يعني في الغَزْو. قال: وقد تطلق الوليدةُ على الجارية والأَمة، وإِن كانت كبيرة.
وفي الحديث: تَصَدَّقَتْ أُمِّي عليّ بِوَليدة يعني جارية. ومَوْلِدُ الرجل: وقتُ وِلادِه. ومَوْلِدُه: الموضع الذي يُولَدُ فيه. وولَدته الأُم تَلِدُه مَوْلِداً.
ومِيلادُ الرجل: اسم الوقت الذي وُلِدَ فيه.
وفي حديث الاستعاذة: ومن شرِّ والِدٍ وما وَلَد؛ يعني إِبليس والشياطين، هكذا فسر. وقولهم في المثل: هم في أَمرٍ لا يُنادَى وَلِيدُه؛ قال ابن سيده: نُرَى أَصله كأَنَّ شدة أَصابتهم حتى كانت الأُمُّ تنسى ولِيدَها فلا تناديه ولا تذْكُره مما هم فيه، ثم صار مثلاً لكل شِدّة، وقيل: هو أَمر عظيم لا ينادى فيه الصِّغار بل الجِلَّةُ، وقد يقال في موضع الكثرة والسَّعة أَي متى أَهوى الوليد بيده إِلى شيء لم يُزْجَرْ عنه لكثرة الشيء عندهم؛ وقال ابن السكيت في قول مُزَرِّدٍ الثعلبي:

تَبَرَّأْتُ مِن شَتْمِ الرِّجالِ بِتَـوْبةٍ

 

إِلى اللَّهِ مِنِّي، لا يُنادَى ولِيدُها

قال: هذا مثل ضربه معناه أَي لا أَرْجِعُ ولا أُكَلَّمُ فيها كما لا يُكَلَّمُ الولِيدُ في الشيء الذي يُضْرَبُ له فيه المَثلُ. وقال الأَصمعي وأَبو عبيدة في قولهم: هو أَمرٌ لا يُنادَى وَلِيدُه، قال أَحدهما: أَي هو أَمرٌ جليلٌ شديدٌ لا يُنادَى فيه الوَليدُ ولكن تنادى فيه الجِلَّةُ، وقال آخر: أَصله من الغادة أَي تذهل الأُمُّ عن ابنها أَن تُنادِيَه وتَضُمَّه ولكنها تَهْرُبُ عنه، ويقال: أَصله من جري الخيل لأَن الفرس إذا كان جواداً أَعْطَى من غير أَن يُصاحَ به لاستزادته، كما قال النابغة الجعدي يصف فرساً:

وأَخْرَجَ مِنْ تحتِ العَجاجةِ صَدْرَه،

 

وهَزَّ اللِّجامَ رأْسُه فَتَصَلْـصَـلا

أَمـامَ هَـوِيٍّ لا يُنـادَى وَلِـيدُه،

 

وشَدٍّ وأَمرٍ بالعِـنـانِ لِـيُرْسَـلا

ثم قيل ذلك لكل أَمر عظيم ولكل شيء كثير. وقوله: أَمامَ يريد قُدّام، والهَوِيُّ: شدة السرعة. ابن السكيت: ويقال جاؤوا بطَعامٍ لا يُنادَى وليدُه، وفي الأَرض عشبٌ لا يُنادى وليدُه أَي إِن كان الوليد في ماشية لم يضُرَّه أَين صَرَفها لأَنها في عُشْب، فلا يقال له: اصرفها إِلى موضع كذا لأَن الأَرض كلها مُخْصِبة، وإِن كان طعامٌ أَو لبن فمعناه أَنه لا يبالي كيف أَفسَدَ فيه، ولا متى أَكَل، ولا متى أَكَل، ولا متى شرِب، وفي أَيِّ نواحيهِ أَهْوَى.
ورجل فيه وُلُودِيَّةٌ؛ والولوديَّة: الجفاء وقلة الرّفْق والعلم بالأُمور، وهي الأُمّية. وفعل ذلك في وَلِيدِيَّتِه أَي في الحالة التي كان فيها وليداً.
وشاةٌ والدةٌ ووَلُودٌ: بَيِّنةُ الوِلادِ، ووالدٌ، والجمع وُلْدٌ. وقد وَلَّدْتُها وأَوْلَدَتْ هي، وهي مُولِدٌ، من غَنم مَوالِيدَ ومَوالِدَ.
ويقال: ولَّد الرجل غَنَمه توليداً كما يقال: نَتَّجَ إِبله. وفي حديث لَقِيطٍ: ما وَلَّدْتَ يا راعي؟ يقال: وَلَّدْت الشاةَ تولِيداً إذا حضَرْت وِلادتها فعالَجْتها حين يبين الولد منها. وأَصحاب الحديث يقولون: ما ولَدَت؟ يعنون الشاة؛ والمحفوظ بتشديد اللام على الخطاب للراعي؛ ومنه حديث الأَبْرصِ والأَقْرَعِ: فأَنتج هذا ووَلَّد هذا. الليث: شاة والِدٌ وهي الحامل وإِنها لَبَيِّنَةُ الوِلادِ. وفي الحديث: فأَعطَى شاة والداً أَي عُرِف منها كثرةُ النِّتاجِ.
وأَما الوِلادَةُ، فهي وضع الوالِدة ولَدها. والمُوَلِّدَة: القابلةُ؛ وفي حديث مُسافِعٍ: حدثتني امرأَة من بني سُلَيْم قالت: أَنا وَلَّدْت عامّةَ أَهل دِيارِنا أَي كنت لهم قابلةً؛ وتَوَلَّدَ الشيء من الشيء. واللِّدةُ: التِّرْبُ، والجمع لِداتٌ ولِدُون؛ قال الفرزدق:

رأَيْنَ شُرُوخَهُنَّ مُؤزَّراتٍ،

 

وشَرْخَ لِدِيَّ أَسنانَ الهِرامِ

الجوهري: وَلِدَةُ الرجل تِرْبُه، والهاء عوض من الواو الذاهبة من أَوله لأَنه من الولادة، وهما لِدان. ابن سيده: والولِيدةُ والمُوَلَّدَةُ الجارية المولودةُ بين العرب؛ غيره: وعربية مُولَّدَةٌ، ورجل مُوَلَّدٌ إذا كان عربيّاً غير محض. ابن شميل: المُوَلَّدة التي وُلِدَتْ بأَرض وليس بها إِلا أَبوها أَو أُمها.
والتَّلِيدَةُ: التي أَبوها وأَهلُ بيتِها وجميع من هو بسبيل منها بأَرْض وهي بأَرْض أُخرى. قال: والقِنّ من العبيد التَّلِيدُ الذي وُلِدَ عندك. وجارية مُوَلَّدةٌ: تولد بين العرب وتَنْشَأُ مع أَولادِهم ويَغْذونها غذاء الوَلَد ويُعلّمُونها من الأَدب مثل ما يُعَلِّمون أَولادَهم؛ وكذلك المُوَلَّد من العبيد؛ وإِن سمي المُوَلَّد من الكلام مُوَلَّداً إذا استحدثوه ولم يكن من كلامهم فيما مضى. وفي حديث شريح: أَن رجلاً اشترى جارية وشرطوا أَنها مولدة فوجدها تَلِيدةً؛ المولدة: التي ولدت بين العرب ونشأَت مع أَولادهم وتأَدّبت بآدابهم. والتليد: التي ولدت ببلاد العجم وحملت فنشأَت ببلاد العرب. والتَّليدةُ من الجواري: هي التي تُولَدُ في ملك قوم وعندهم أَبواها. والوَلِيدةُ: المولودة بين العرب، وغلام وَلِيدٌ كذلك. والوليد: الصبي والعبد. والوليد: الغلام حين يُسْتَوصَف قبل أَن يَحْتَلِمَ، الجمعُ ولْدانٌ وَوِلْدَةٌ؛ وجارية وَلِيدةٌ.
وجاءنا بِبيِّنة مُوَلَّدة: ليست بمحققة. وجاءنا بكتاب مُوَلَّد أَي مُفْتَعَل. والمُوَلَّد: المُحْدَثُ من كل شيء ومنه المُوَلَّدُونَ من الشعراء إِنما سموا بذلك لحدوثهم.
والوَليدةُ: الأَمَةُ والصَّبيَّةُ بينةُ الولادةِ؛ والوَلِيدِيَّة، والجمع الولائِدُ. ويقال للأَمَة: وليدة، وإِن كانت مُسِنَّة. قال أَبو الهيثم: الوَلِيدُ الشابُّ، والولائِدُ الشوابُّ من الجواري، والوَلِيدُ الخادم الشاب يسمى ولِيداً من حين يولد إِلى أَن يبلغ. قال الله تعالى: أَلم نُرَبِّك فينا وليداً. قال: والخادم إذا كان شابّاً وَصيفٌ.
والوَصِيفةُ: وليدة؛ وأَمْلَحُ الخَدمِ والوُصَفاءُ والوَصائِفُ. وخادِمُ أَهلِ الجنة: وَلِيدٌ أَبداً لا يتغير عن سنه. وحكى أَبو عمرو عن ثعلب قال: ومما حرفته النصارى أَن في الإِنجيل يقول الله تعالى مخاطباً لعيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: أَنت نَبيِّي وأَنا وَلَدْتُك أَيْ ربَّيْتُك، فقال النَّصارَى: أَنْتَ بُنَيِّي وانا وَلَدْتْك، وخَفَّفوه وجعلوا له ولداً، سبحانه وتعالى عما يقولون علوّاً كبيراً. الأُمويُّ: إذا وَلَدَتِ الغَنَمُ بعضها بعد بعض قيل: قد وَلَّدْتُها الرُّجَيْلاءَ، ممدود، ووَلَّدْتُها طَبَقاً وطَبَقَةً؛ وقول الشاعر:

إِذا ما وَلَّدُوا شاةً تَـنَـادَوْا:

 

أَجَدْيٌ تَحْتَ شاتِك أَمْ غُلامُ؟

قال ابن الأَعرابي في قوله: وَلَّدوا شاة رماهم بأَنهم يأْتون البهائم.
قال أَبو منصور: والعرب تقول: نَتَّجَ فلان ناقتَه إذا ولدَت ولَدَها وهو يلي ذلك منها، فهي مَنتُوجَةٌ، والناتج للإِبل بمنزلة القابلة للمرأَة إذا ولدت، ويقال في الشاءِ: وَلَّدْناها أَي وَلِينا وِلادَتها، ويقال لذوات الأَظْلاف والشَّاءِ والبقر: وُلِّدتِ الشاةُ والبقَرة، مضمومة الواو مكسورة اللام مشددة. ويقال أَيضاً: وضَعَت في موضع وُلِّدَتْ. ومد: الوَمَدُ: نَدىً يَجِيءُ في صمِيم الحرِّ من قِبلِ البَحْرِ مع سكون رِيح، وقيل: هو الحَرُّ أَيّاً كان مع سكون الرِّيح. قال الكسائي: إذا سكنت الرِّيحُ مع شدّة الحرّ فذلك الوَمَدُ. وفي حديث عُتْبَة بن غَزْوان: أَنه لَقِيَ المُشْركينَ في يَوْمِ وَمَدَةٍ وعكاكٍ؛ الوَمَدةُ: نَدىً من البحر يقع على الناس في شدة الحرّ وسكون الرِّيح. الليث: الوَمَدَةُ تجيء في صميم الحرّ من قبل البحر حتى تقع على الناس ليلاً. قال أَبو منصور: وقد يقع الوَمَدُ أَيامَ الخَريف أَيضاً. قال: والوَمَدُ لَثْقٌ ونَدىً يَجيءُ من جهة البحر إذا ثارَ بُخاره وهَبَّت به الرِّيحُ الصَّبا، فيقع على البلاد المُتاخِمةِ له مثل نَدى السماء، وهو يؤذي الناس جِدّاً لنَتْنِ رائحَته. قال: وكنا بناحية البحرين إذا حَلَلنا بالأَسْيافِ وهَبَّتِ الصَّبا بَحْريّةً لم ننفك من أَذى الوَمَدِ، فإِذا أَصْعَدْنا في بلاد الدَّهْناءِ لم يُصِبْنا الوَمَدُ.
وقد وَمِدَ اليومُ ومَداً فهو وَمِدٌ، وليلةٌ وَمِدةٌ، وأَكثر ما يقال في الليل، وقد وَمِدَت الليلةُ، بالكسر، تَوْمَدُ وَمَداً. ويقال: ليلة ومِدٌ بغير هاء؛ ومنه قول الراعي يصف امرأَة: كأَنَّ بَيْضَ نَعامٍ في مَلاحِفِها، إذا اجْتَلاهُنَّ قَيْظاً ليلةٌ وَمِدُ الوَمَدُ والوَمَدةُ، بالتحريك: شدّة حر الليل. ووَمِدَ عليه وَمَداً: غَضِبَ وحَمِيَ كَوَبِدَ.

ولذ

ولَذَ ولْذاً: أَسرع المَشي. ورجل وَلاَّذ مَلاَّذ، والمعنيان متقاربان، والله أَعلم.

ولس

الوَلْس: الخيانة، ومنه قوله: لا يُوالِس ولا يُدالس. وما لي في هذا الأَمر وَلْسٌ ولا دَلْسٌ أَي ما لي فيه خَديعَة ولا خيانة.
والمُوَالَسَة: الخِداع. يقال: قد تَوالَسُوا عليه وتَرَاقدوا عليه أَي تناصروا عليه في خِبٍّ وخَديعة. وَوَالَسَه: خادَعه. والمُوالَسَة: شبه المُداهَنَة في الأَمر. ويقال للذئب ولاَّسٌ.
والوَلْسُ: السرعة. وَوَلَسَت الناقة تَلِس وَلَساناً فهي وَلُوسٌ: أَسرعت، وقيل: أَعْنَقَتْ في سيرها، وقيل: الوَلَسان سير فوق العَنَق والإِبل يُوالِسُ بعضها بعضاً في السير، وهو ضرب من العَنَق. التهذيب: الوَلُوس الناقة التي تَلِس في سيرها وَلَساناً، والوَلُوس: السريعة من الإِبل.

ولع

الوَلُوعُ: العَلاقةُ من أُولِعْتُ، وكذلك الوزُوعُ من أُوزِعْتُ، وهما اسمان أُقيما مُقامَ المصدر الحقيقي، وَلِعَ به وَلَعاً، ووَلُوعاً الاسم والمصدر جميعاً بالفتح، فهو وَلِعٌ ووَلُوعٌ ولاعةٌ. وأُولِعَ به وَلُوعاً وإِيلاعاً إذا لَجَّ. وأَوْلَعَه به: أَغْراه. وفي الحديث: أَوْلَعْتَ قُريشاً بعَمَّارٍ أَي صَيَّرْتَهم يُولَعون به؛ قال جرير:

فأَوْلَعْ بالعِفاسِ بني نُمَيْرٍ

 

كما أَوْلَعْتَ بالدَّبَرِ الغُرابا

وهو مُولَعٌ به، بفتح اللام، أَي مُغْرىً به. والوَلَعُ: نفس الوَلُوعِ.
وفي الحديث: أَعوذُ بك من الشرِّ وَلُوعاً؛ ومنه الحديث: أَنه كان مُلَعاً بالسِّواكِ. وقال عرَّام: يقال بفلان من حُبِّ فلانة الأَوْلَعُ والأَوْلَقُ، وهو شِبْه الجنونِ. وايْتَلَعَتْ فانةُ قلبي، وفلانٌ مُوتَلَعُ القَلْبِ، ومُوتَلَه القلب، ومُتَّلَه القلب، ومُنْتَزَعُ القلب بمعنى واحد. ويقال: وَلِعَ فلانٌ بفلانِ يَوْلَعُ به إذا لَجَّ في أَمره وحَرَصَ على إِيذائِه. وقال اللحياني: وَلَعَ يَلعُ أَي اسْتخَفَّ؛ وأَنشد:

فَتراهُنَّ على مُـهْـلَـتِـه

 

يَخْتَلِينَ الأَرضَ، والشاةُ يَلَعْ

أَي يستخِفُّ عَدْواً، وذَكَّر الشاةَ؛ وقال المازني في قوله والشاةُ يَلَعُ أَي لا يُجِدُّ في العَدْوِ فكأَنه يلعب؛ قال الأَزهري: هو من قولهم وَلَعَ يَلَعُ إذا كَذَبَ في عَدْوِه ولم يُجِدّ. رجل وُلَعةٌ: يُولَعُ بما لا يَعْنِيهِ، وهُلَعةٌ: يَجْزَعُ سَرِيعاً. ووَلَعَ يَلَعُ وَلْعاً وَوَلَعاناً إذا كذب. الفراء: ولَعْتَ بالكذب تَلَعُ وَلْعاً. والوَلْعُ، بالتسكين: الكَذِبُ؛ قال كعبُ بن زهير:

لكِنَّها خُلَّةٌ، قد سِيطَ من دَمِها

 

فَجْعٌ ووَلْعٌ، وإِخْلافُ وتَبْدِيلُ

وقال ذُو الإِصْبَع العَدْوانيّ:

إِلاَّ بأَنْ تَكْذِبا علـيَّ، ولا

 

أَمْلِكُ أَن تَكْذِبا، وأَن تَلَعا

وقال آخر:  

لِخَلاَّبةِ العَيْنيْنِ كَذَّابةِ المُنـى

 

وهُنَّ من الإِخْلافِ والوَلَعانِ

أَي من أَهل الخُلْفِ والكَذِبِ، وجَعَلَهُنَّ من الإِخْلاف لمُلازمتهن له؛ قال: ومثله للبَعِيثِ:

وهُنَّ من الإِخْلافِ قَبْلَك والمَطْل

قال: ومثله لعتبة بن الوغْل التَّغْلَبيّ:

أَلا في سبيل اللهِ تَغْيِيرُ لِـمَّـتـي

 

ووَجْهِك مما في القَوارِيرِ أَصْفَرا

ويقال: وَلْعٌ والِعٌ كما يقال عَجَبٌ عاجِبٌ. والوالِعُ: الكَذَّابُ، والجمع وَلَعةٌ مثل فاسِقٍ وفَسَقة؛ وأَنشد ابن بري لَبي دُوادٍ الرُّؤاسيّ:

مَتى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقْوامَ قَـولَـتُـه

 

إذا اضْمَحَلَّ حدِيثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ

ويقال: قد وَلَعَ بحَقِّي وَلْعاً أَي ذهَب به. والتوْلِيعُ: التلْمِيعُ من البرَصِ وغيره. وفرسٌ مُوَلَّعٌ: تَلْمِيعُه مُستطيل وهو الذي في بَياضِ بلَقِه استِطالة وتَفَرُّقٌ؛ أَنشد ابن بري لابن الرِّقاعِ يصف حمار وحش:

مُوَلَّعٌ بسوادٍ فـي أَسـافِـلِـه

 

منه اكْتَسى، وبلَونٍ مِثْلِه اكْتحَلا

والمُوَلَّع: كالمُلَمَّعِ إِلاَّ أن التوليع استطالة البلَق؛ قال رؤبة:

فيها خُطُوطٌ من سَوادٍ وبَلَقْ

 

كأَنه في الجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ

قال أَبو عبيدة: قلت لرؤبة إِن كانت الخطوط فقل كأَنها، وإِن كان سواد وبياض فقل كأَنهما، فقال:

كأَنَّ ذا، وَيْلَكَ، توليع البهق

قال ابن بري: ورواية الأَصمعي كأَنها أي كأَنَّ الخطوط، وقال الأَصمعي: فإِذا كان في الدابة ضُرُوبٌ من الأَلوان من غير بلَق، فذلك التوْلِيعُ.
يقال: بِرْذَوْن مُوَلَّعٌ، وكذلك الشاةُ والبقرةُ الوَحْشِيّةُ والظَّبْيةُ؛ قال أَبو ذؤيب:

مُوَلَّعة بالطُّـرّتَـيْنِ دَنـا لـهـا

 

جَنى أَيْكةٍ، تَضْفُو عليها قِصارُها

وقال أَيضاً:

يَنْهَسْنَه ويَذُودُهُنَّ ويَحْتَـمِـي

 

عَبْلُ الشَّوى، بالطُّرَّتَيْنِ مُولَّعُ

أَي مولَّع في طريته. ورجل مولَّ: أَبْرَصُ؛ وأَنشد أَيضاً:

كأَنها في الجلد توليع البهق

ويقال: ولَّعَ اللهُ جسَدَه أَي بَرَّصَه.
والوَلِيعُ: الطَّلْعُ، وقيل: الطلْعُ ما دام في قِيقائِه كأَنه نظم اللؤلؤ في شدة بياضه، وقيل: طَلْعُ الفُحّالِ، وقيل: هو الطلع قبل أَن يَتَفَتَّح؛ قال ابن بري: شاهده قول الشاعر يصف ثَغْر امرأَة:

وتَبْسِمُ عن نَيِّرٍ كالـوَلِـيعِ

 

تُشَقِّقُ عنه الرُّقاةُ الجُفُوفا

قال: الرّقاةُ جمع راقٍ وهم الذين يَرْقَون إلى النخل، والجُفُوفُ جمع جُفّ وهو وعاءُ الطلع. وقال أَبو حنيفة: الوَلِيعُ ما دامَ في الطَّلْعةِ أَبيضَ. وقال ثعلب: الوَلِيعُ ما في جوْفِ الطَّلْعةِ، واحدته وَلِيعةٌ.
ووَلِيعةٌ: اسم رجل وهو من ذلك.
وبنو وَلِيعةَ: حَيٌّ من كنْدةَ؛ وأَنشد ابن بري لعلي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب:

أَبي العَبّاسُ، قَرْمُ بَني قُصَيٍّ

 

وأخْوالي المُلُوكُ، بَنُو وَلِيعهْ

هُمُ مَنَعُوا ذِماري، يوم جاءتْ

 

كَتائِبُ مُسْرِفٍ، وبَنو اللَّكِيعهْ

وكِنْدةُ مَعْدِنٌ للمُلْكِ قِـدْمـاً

 

يَزِينُ فِعالَهم عِظَمُ الدَّسِيعـهْ

وأُخِذَ ثوْبي وما أَدْري ما والِعَتُه وما وَلَع به أَي ذهَب به.
وفقدْنا غلاماً لنا ما أَدري ما وَلَعَه أَي ما حَبَسَه، وما أَدري ما والِعَتُه بمعناه أَيضاً. قال الأَزهري: يقال وَلَعَ فلاناً والِعٌ، ووَلَعَتْه والِعةٌ، واتَّلَعَتْه والِعةٌ أَي خَفِيَ عليّ أَمرُه فلا أَدرِي أَحَيٌّ أَم مَيّت، وإِن لا تدري بمن يُولِعُ هَرِمُك؛ حكاه يعقوب. ووَلِيعةُ: قبيلة؛ وقول الجَمُوحِ الهذليّ:

تمَنَّى، ولم أَقْذِفْ لَدَيْه مُجَرَّباً

 

لِقائِل سَوْءٍ يَسْتَجِيرُ الوَلائِعا

إِنما أَراد الوَلِيعنين فجمعه على حَدّ المَهالِبِ والمَناذر.

ولغ

الوَلْغُ: شُرْبُ السَّباغ بأَلْسِنتها. ولَغَ السبُعُ والكلبُ وكلُّ خَطْمٍ، ووَلِغَ يَلَغُ فيهما وَلْغاً: شَرِبَ ماءً أَو دماً؛ وأَنشد ابن برِّيّ لحاجز الأَزْدِيّ اللِّصِّ:

بِغَزْوٍ مِثْلِ الذِّئْب حَتـى

 

يَثُوبَ بِصاحِبي ثأْرٌ مُنِيمُ

وقال آخر:

بِغَزْوٍ كَولْغِ الذئب، غادٍ وَرائحٍ

 

وسَيْرٍ كَنَصْل السَّيْفِ لا يَتَعَرَّجُ

ولْغُ الذئب: نَسَقٌ لا يَفْصِلُ بينهما فترة كعَدِّ الحاسب. قال: وولَغَ الكلب في الإِناءِ يَلَغُ وَلُوغاً أَي شرب فيه بأَطراف لسانه. وحكى أَبو زيد: وَلَغَ الكلبُ بِشَرابِنا وفي شرابنا ومن شرابنا. ويقال: أَوْلَغَتُ الكلبَ إذا جعلتَ له ماء أَو شيئاً يَوْلَغُ فيه. وفي الحديث: إذا ولَغَ الكلبُ في إِناء أَحدكم فَلْيَغْسِلْه سَبْع مرَّات، أَي شَرِبَ منه بلسانه، وأَكثر ما يكون الوُلُوغُ في السِّباع قال الشاعر: قال ابن بري هو ابن هَرْمةَ ونسبه الجوهريّ لأَبي زُبَيْد الطائي:

مُرْضِعُ شِبْلَيْن في مَغارِهما

 

قد نَهَزا لِلْفِطامِ أَوْ فُطِمـا

ما مرَّ يَوْمٌ إلا وعِنْدهـمـا

 

لَحْمُ رِجالٍ، أَو يُولَغانِ دَما

وفي التهذيب: وبعض العرب يقول يالَغُ، أَرادوا بيان الواو فجعلوا مكانها أَلفاً؛ قال ابن الرُّقَيَّاتِ:

ما مرّ يومٌ إلا وعندهمـا

 

لحمُ رجال، أَو يلَغانِ دما

اللحياني: يقال وَلَغَ الكلب وَوَلِغَ يَلِغُ في اللغتين معاً، ومن العرب من يقول وَلِغَ يَوْلَغُ مثلُ وجِلَ يَوْجَلُ. ويقال: ليس شيء من الطيور يَلَغُ غيرَ الذُّبابِ.
والمِيلغُ والمِيلغةُ: الإِناء الذي يَلَغُ فيه الكلب. وفي الصحاح: والمِيلغُ الإِناء الذي يَلِغُ فيه في الدم. وفي حديث علي، رضي الله عنه: أَنّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بَعَثَه لِيَدِيَ قوماً قَتَلهم خالِد بن الوليد فأَعطاهم مِيلَغَة الكلب، هي الإِناء الذي يَلَغُ فيه الكلب، يعني أَعطاهم قِيمةَ كلِّ ما ذهب لهم حتى قيمَةَ المِيلغةِ.
ورجل مُسْتَوْلِغٌ: يُبالي ذَمَّاً ولا عاراً، وأَنشد ابن بري لرؤبة:

فلا تَقِسْني بامْرِئٍ مُسْتَولِغ

واسْتعار بعضهم الوُلُوغَ للدَّلُو فقال:

دَلْوُكَ دَلْوٌ يا دُلَيْحُ سابِـغَـهْ

 

في كلِّ أَرْجاء القَلِيبِ والِغَهْ

والوَلْغةُ: الدَّلْو الصَّغيرة؛ قال:

شَرُّ الدِّلاء الوَلْغةُ المُلازِمهْ

 

والبَكَراتُ، شَرُّهُنَّ الصائِمهْ

يعني التي لا تَدُورُ وإِنما كانت مُلازِمةً لأَنك لا تَقْضِي حاجَتك بالاستقاء بها لضغرها.

ولف

الوَلْف والوِلافُ والولِيفُ: ضَرْب من العَدْو، وهو أَن تقع القوائم معاً، وكذلك أَن تجيء القوائم معاً؛ قال الكميت:

ووَلَّـى بِـإِجْـرِيّا وِلافٍ كـأَنــه

 

على الشَّرف الأَقصَى، يُساطُ ويُكْلبُ

أَي مُؤتَلِفةٌ. والإجْرِيّا: الجَرْيُ والعادة بما يأْخذ به نفسَه فيه، ويُساط: يضرب بالسوط، ويُكلبُ: يضرب بالكُّلاَّب وهو المِهْماز. وولَف الفرسُ يَلِف وَلْفاً وولِيفاً: وهو ضَرْب من عَدوه؛ قال رؤبة:

ويَومَ رَكْضِ الغارة الوِلافِ

قال ابن الأَعرابي: أَراد بالوِلافِ الاعْتزاء والاتِّصال؛ قال أَبو منصور: كان على معناه في الأَصل إلافاً فصيَّر الهمزة واواً؛ وكلُّ شيء غطَّى شيئاً وأَلبَسه فهو مُولِفٌ له؛ قال العجاج:

وصار رَقْراقُ السَّرابِ مُولِفا

لأَنه غطَّى الأَرض. الجوهري: الوِلافُ مثل الإلاف، وهو المُوالَفةُ.
وبَرْق وِلاف وإلاف إذا برق مرتين مرتين، وهو الذي يَخْطَف خَطْفَتين في واحدة ولا يكاد يُخلف، وزعموا أَنه أَصدَقُ المُخِيلةِ؛ وإيّاه عنَى يعقوبُ بقوله الوِلاف والإلاف قال: وهو مما يقال بالواو والهمزة، وبَرق وَلِيفٌ: كوِلاف. الأَصمعي: إذا تتابَع لَمَعانُ البرق فهو وَلِيف ووِلافٌ وقد ولَف يَلِفُ وَلِيفاً، وهو مُخِيل للمطر إذا فعل ذلك لا يكاد يُخْلِف.
وقال بعضهم: الوَلِيفُ أَن يلمع مرتين مرتين؛ قال صخر الغيّ:

لبما بعد شَتات الـنَّـوَى

 

وقد بِتُّ أَخْيَلْتُ بَرْقاً وَلِيفا

وأَخْيَلْتُ البرق أَي رأَيته مُخِيلاً. وبرق ولِيف أَي مُتتابع.
وتوالَف الشيء مُوالَفة ووِلافاً، نادر ائْتَلَفَ بعضه إلى بعض وليس من لفظه.

ولق

الوَلْقُ: أَخف الطعن، وقد وَلَقه يَلِقُه وَلْقاً. يقال: وَلَقه بالسيف ولَقاتٍ أَي ضربات. والوَلْق أيضاً: إسراعك بالشيء في أَثر الشيء كعَدْوٍ في أَثر عَدْوٍ، وكلام في أَثر كلام؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

أَحين بَلغْتُ الأَربعين، وأُحْصِيَتْ

 

عليّ، إذا لم يَعْفُ ربي، ذنوبُها

تُصَبِّيننا، حتى تَرِقَّ قلـوبُـنـا،

 

أَوالقُ مِخْلاف الغداة كَذوبُهـا

قال: أَوالق من أَلْقِ الكلام وهو متابعته؛ الأَزهري: أَنشدني بعضهم:

مَنْ ليَ بالمُزَرَّرِ اليَلامقِ،

 

صاحب أَدهانٍ وأَلْقِ آلِقِ؟

وقال ابن سيده فيما أَنشده ابن الأَعرابي: أَوَالق من وَلْق الكلام.
وضربه ضرباً وَلْقاً أَي متتابعاً في سرعة. والوَلْقُ: السير السهل السريع.
ويقال: جاءت الإبل تَلِقُ أَي تسرع. والوَلْق: الاستمرار في السير وفي الكذب. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: قال لرجل كذبت والله ووَلَقْتَ؛ الوَلْق والأَلْق: الاستمرار في الكذب، وأَعاده تأكيداً لاختلاف اللفظ. أَبو عمرو: الوَلْقُ الإسراع. ووَلَقَ في سيره وَلْقاً: أَسرع؛ قال الشماخ يهجو جُلَيْداً الكلابي:

إن الجليد زَلِقٌ وزُمَّلِقْ،

كذَنَب العقرب شَوَّال عَلِقْ،

جاءت به عَنْسٌ من الشأم تَلِقْ

والناقة تعدو الوَلَقَى: وهو عَدْو فيه نَزو. وناقة وَلَقَى: سريعة.
والوَلْق: العَدْو الذي كأنه يَنْزو من شدة السرعة؛ كذا حكاه أَبو عبيد فجعل النّزَوان للعَدْو مجازاً وتقريباً. وقالوا: إن للعقاب الوَلَقَى أَي سرعة التَّجَارِي. والأَوْلَقُ كالأَفْكل: الجنون، وقيل الخفة من النشاط كالجنون؛ أَجاز الفارسي أَن يكون أَفْعَل من الوَلْق الذي هو السرعة، وقد ذكر بالهمز؛ وقوله:

شَمَرْذَلٍ غَيْرِ هُراءٍ مَيْلَقِ،

تراه في الرَّكْبِ الدِّقاق الأَيْنُقِ

على بقايا الزاد غيرَ مُشْفِقِ

يجوز أَن يكون يعني بالمَيْلق السريع الخفيف من الوَلْق الذي هو السير السهل السريع، ومن الوَلْق الذي هو الطعن، ويروى مئْلق من المَألوق أَي المجنون، فالأَوْلَقُ شبه الجنون؛ ومنه قول الشاعر:

لَعَمْرُك بي من حُبّ أَسماءَ أَوْلَقُ

وقال الأَعشى يصف ناقته:

وتُصْبِحُ عن غِبِّ السُّرَى، وكأَنما

 

أَلَمَّ بها، من طائف الجِنّ، أَوْلَقُ

وهو أَفعل لأَنهم قالوا أُلِقَ الرجلُ، فهو مَأْلُوق، على مفعول. ويقال أَيضاً: مُؤوْلَق مثال مُعَوْلَقٍ، فإن جعلته من هذا فهو فَوْعل؛ قال ابن بري: قول الجوهري وهو أَفْعل لأَنهم قالوا أَلِقَ الرجل سهو منه، وصوابه وهو فَوْعل لأَن همزته أَصلية بدليل أُلِقَ ومَألوق، وإنما يكون أَوْلَق أَفعل فيمن جعله من وَلَق يَلِق إذا أَسرع. فأَما إذا كان من أُلِق إذا جُنَّ فهو فَوْعل لا غير. قال: ومثل بيت الأَعشى قول أَبي النجم:

إلا حَنِيناً وبها كالأَوْلَقِ

وأَنشد أَبو زيد:

تُراقِبُ عيناها القَطِيعَ كأنـمـا

 

يُخامرها، من مَسِّه، مَسُّ أَوْلَقِ

ووَلَق وَلْقاً: كذب. قال الفراء: روي عن عائشة، رضي الله عنها، أَنها قرأَت: إذ تَلِقُونَه بألسنتكم، هذه حكاية أَهل اللغة جاؤوا بالمتعدي شاهداً على غير المتعدي؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه أَراد إذ تَلِقُون فيه فحذف وأَوصل؛ قال الفراء: وهو الوَلْقُ في الكذب بمنزلة إذا استمر في السير والكذب. ويقال في الوَلْقِ من الكذب: هو الأَلْقُ والإلْقُ. وفعلت به: أَلِقْتُ وأَنتم تألقُونُه. ووَلَقَ الكلام: دَبَّره، وبه فسر الليث قوله إذ تَلِقُونه أَي تدبَّرونه. وفلان يَلِقُ الكلام أَي يدبره. قال الأَزهري: لا أَدري تدبرونه أَو تديرونه.
ووَلَقه بالسوط: ضربه. ووَلَقَ عينه: ضربها ففقأَها.والوَلِيقةُ: طعام يتخذ من دقيق وسمن ولبن؛ رواه الأَزهري عن ابن دريد قال: وأَراه أخذه من كتاب الليث، قال: ولا أَعرف الوَلِيقة لغيرهما.قال ابن بري: ومن هذا الفصل وَالِقٌ اسم فرس؛ قال كثيِّر:

يغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقيِّ وناصحٍ،

 

تَخُصُّ به أُمُّ الطريقِ عيالَهـا

وناصح أَيضاً: اسم فرس، وعيالها: سباعها.

ولم

الوَلْمُ والوَلَمُ: حِزامُ السَّرْج والرَّحْل. والوَلْمُ: الخحَبْلُ الذي يُشَدُّ من التصْدير إلى السِّناف لئلا يَقْلَقا. والوَلْمُ: القَيْدُ.
والوليمةُ: طعامُ العُرس والإمْلاكِ، وقيل: هي كلُّ طعامٍ صُنِع لعْرْسٍ وغيره، وقد أَوْلَم. قال أَبو عبيد: سمعت أَبا زيد يقول: يسمَّى الطعامُ الذي يُصْنَع عند العُرس الوَليمَةَ، والذي عند الإمْلاكِ النَّقيعةَ؛ وقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لعبد الرحمن بن عوف وقد جمع إليه أَهلَه: أَوْلِمْ ولو بشاةٍ أَي اصْنَع وَليمةً، وأصل هذا كلِّه من الاجتماع، وتكرَّر ذكرها في الحديث. وفي الحديث: ما أَوْلَم على أَحد من نسائه ما أَوْلَم على زينبَ، رضي الله عنها. أَبو العباس: الوَلْمةُ تمامُ الشيء واجتِماعُه. وأَوْلَمَ الرجلُ إذا اجتمعَ خَلْقُه وعقلُه.
أَبو زيد: رجلٌ وَيْلُمِّه داهيةٌ أَيُّ داهيةٍ. وقال ابن الأَعرابي:؛ إنه لَوَيْلمِّه من الرجال مثلُه، والأصل فيه وَيْلٌ لأُمِّه، ثم أُضيف وَيْلٌ إلى الأُم.

ولن

التهذيب في أَثناء ترجمة نول: قال ابن الأَعرابي التَّوَلُّنُ رَفْعُ الصِّياح عند المصائب، نعوذ بمعافاة الله من عقوبته.

وله

الوَلَهُ: الحزن، وقيل: هو ذهاب العقل والتحير من شدّة الوجد أَو الحزن أَو الخوف. والوَلَهُ: ذهاب العقل لفِقْدانِ الحبيب. وَلهَ يَلِه مثل وَرِم يَرِمُ ويَوْلَهُ على القياس، ووَلَه يَلِهُ. الجوهري: وَلِهَ يَوْلَه وَلَهاً وولَهاناً وتَوَلَّه واتَّلَه، وهو افتعل، فأُدغم؛ قال مُلَيْحٌ الهذلي:

إِذا ما حال دون كلامِ سُعْدَى

 

تَنائي الدارِ، واتَّلَه الغَـيُورُ

والوَلَهُ يكون من الحزن والسرور مثل الطَّرَبِ. ورجل وَلْهانُ ووالِهٌ وآلِهٌ، على البدل: ثَكْلانُ. وامرأَة وَلْهَى ووالهٌ ووالِهَةٌ ومِيلاهٌ: شديدة الحزن على ولدها، والجمع الوُلَّه، وقد وَلَّهها الحُزْنُ والجَزَعُ وأَوْلَهها؛ قال:

حاملةٌ دَلْوِيَ لا محمـولَـهْ،

 

مَلأَى من الماء كعينِ المُولَهْ

المُولَهُ: مُفْعَلٌ من الوَلَهِ، وكل أُنثى فارقت ولدها فهي والِهٌ؛ قال الأَعشى يذكر بقرة أَكل السباع ولدها:

فأَقبلَتْ والِهاً ثَكْلى على عَجَـلٍ

 

كلٌّ دهاها، وكلٌّ عندَها اجْتَمعا

ابن شميل: ناقة مِيلاهٌ، وهي التي فَقدت ولدها فهي تَلِهُ إِليه. يقال: وَلَهَتْ إِليه تَلِهُ أَي تَحِنُّ إِليه. شمر: المِيلاهُ الناقةُ تُرِبُّ بالفحل، فإِذا فَقَدَتْهُ وَلَهَتْ إِليه؛ وناقة والِهٌ. قال: والجمل إذا فَقَدَ أُلاَّفَهُ فحنَّ إِليها والِهٌ أَيضاً؛ قال الكميت:

وَلِهَتْ نفْسيَ الطَّرُوبُ إِليهم

 

وَلَهاً حالَ دون طَعْمِ الطعامِ

ولِهَتْ: حَنَّتْ. وناقة والِهٌ إذا اشتدّ وَجْدُها على ولدها.
الجوهري: المِيلاهُ التي من عادتها أَن يشتدّ وجْدُها على ولدها، صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها؛ قال الكميت يصف سحاباً:

كأَنَّ المَطافِيلَ المَوالِيهَ وَسْطَه

 

يُجاوِبُهُنَّ الخَيْزُرانُ المُثَقَّـبُ

والتَّوْلِيهُ: أَن يُفَرَّقَ بين المرأَة وولدها، زاد التهذيب: في البيع. وفي الحديث: لا تُوَلَّهُ والدةٌ على ولدها أَي لا تُجْعَلُ والهاً، وذلك في السبايا، والوَلَهُ يكون بين الوالدة وولدها، وبين الإِخوة، وبين الرجل وولده، وقد وَلَهتْ وأَوَلهها غيرُها، وقيل في تفسير الحديث: لا تُوَلَّه والدة على ولدها أَي لا يُفَرَّقُ بينهما في البيع، وكل أُنثى فارقت ولدها فهي والِهٌ. وفي حديث نُقَادَةَ الأَسَدِيِّ: غير أَن لا تُوَلِّه ذَاتَ ولد عن ولدها. وفي حديث الفَرَعَةِ: تُكْفِئ إِناءَك وتُوَلِّه ناقَتَك أَي تَجْعَلُها والِهَةً بذبحك ولدها، وقد أَولَهْتُها ووَلَّهْتُها تَوْلِيهاٍ. وفي الحديث: أَنه نهى عن التَّوْلِيهِ والتَّبْرِيحِ.
وماءٌ مُولَهٌ ومُوَلَّهٌ: أُرْسلَ في الصحراء فذهب؛ وأَنشد الجوهري:

مَلأَى من الماء كعينِ المُولَهْ

ورواه أَبو عمرو:

تمشي من الماء كمشي المُولَهْ

قال ابن بري: يعني أَنها دلو كبيرة، فإذا رفعها من البئر رَفَعَتْ معها الدِّلاءَ الصِّغَار، فهي أَبداً حاملة لا محمولة لأَن الدلاءَ الصغارَ لا تحملها؛ وقول مُليح:

فهنَّ هَيَّجْنَنا، لمَّا بَدَوْنَ لَنـا،

 

مِثْلَ الغَمامِ جَلْتْهُ الأُلَّهُ الهُوجُ

عَنى الرياحَ لأَنه يُسْمَعُ لها حَنِينٌ كحَنينِ الرياح، وأَراد الوُلَّهَ، فأَبدل من الواو همزة للضمة.
والمِيلاهُ: الريح الشديدة الهُبُوبِ ذاتُ الحَنِين. قال ابن دريد: وزعم قوم من أَهل اللغة أَن العنكبوت تسمَّى المُولَه، قال: وليس بثَبْتٍ.
والمِيلَه: الفَلاةُ التي تُوَلِّه الناسَ وتُحَيِّرُهم؛ قال رؤبة:

به تَمَطَّتْ غَوْلَ كلّ مِيلَـهِ

 

بنا حَراجِيجُ المَهاري النُّفَّهِ

أَراد البلاد التي تُوَلِّهُ الإِنسان أَي تحيره.
والوَلِيهةُ: اسم موضع.
والوَلَهانُ: اسم شيطان يُغْري الإِنسانَ بكثرة استعمال الماء عند الوضوء. وفي الحديث: الوَلَهانُ اسم شيطان الماءِ يُولِعَ الناسَ بكثرة استعمال الماء؛ وأَما ما أَنشده المازني:

قد صَبَّحَتْ حَوْضَ قِرىً بَيُّوتا،

يَلِهَنَ بَرْدَ مائِه سُكُوتا،

نَسْفَ العجوزِ الأَقِطَ المَلْتُوتا

قال: يَلِهْنَ بردَ الماء أَي يُسْرِعْنَ إِليه وإِلى شربه ولَهَ الوالِه إِلى ولدها حَنِيناً.

ولول

الوَلْوالُ: البَلْبالُ. ووَلْوَلَت المرأَةُ: دَعَتْ بالوَيْل وأَعْوَلَتْ، والاسم الوَلْوالُ؛ قال العجاج:

كأَنَّ أَصْواتَ كِلابٍ تَهْـتَـرِشْ

 

هاجَتْ بِوَلْوَالٍ ولَجَّتْ في حَرَشْ

قال ابن بري: قال ابن جني وَلْوَلتْ مأْخوذ من وَيْلٌ له على حدّ عَبَقْسِيٍّ وخربان وفي حديث أَسماء: جاءت أُمُّ جميل في يدها فِهْرٌ ولها وَلْوَلةٌ. وفي حديث فاطمة، عليها السلام: فَسَمع توَلْوُلَها تُنادي يا حَسَنان يا حُسَينان؛ الوَلْوَلةُ: صوتٌ متتابع بالوَيْل والاستغاثة، وقيل: هي حكاية صوت النائحة. وفي حديث أَبي ذرّ: فانْطَلَقَتا تُوَلْوِلان. ووَلْوَلتِ الفَرَسُ: صوّتتْ.
والوَلْولُ: الهامُ الذكَرُ، وقيل: ذكَرُ البُوم. ووَلْولٌ: اسمُ سيفِ عبد الرحمن بن عَتَّاب بن أَسِيدٍ وافْتَخر يوم الجَمَل، وفي التهذيب: سيف كان لعَتَّاب بن أَسِيد وابنه القائل يوم الجمل:

أَنا ابن عَتَّاب وسَيْفي وَلْـوَلْ

 

والمَوْتُ دون الجَمَل المُجَلَّلْ.

وقيل: سمي بذلك لأَنه كان يقتُل به الرجال فتُولْوِل نساؤُهم عليهم.

ولي

في أسماء الله تعالى: الولي هوالناصر، وقيل: المتولي لأمور العالم والخلائق القائم بها، ومن أسمائه عز وجل: الوالي: وهو المالك الأشياء جميعها المتصرف فيها. قال ابن الأثير: وكأن الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل، وما لم يجتمع ذلك فيها لم ينطق عليه اسم الوالي. ابن سيده: ولي الشيء وولي عليه ولاية وولاية، وقيل: الولاية الخطة كالإمارة، والولاية المصدر. ابن السكيت: الولاية، بالكسر، السلطان، والولاية والولاية النصرة. يقال: هم علي ولاية أي مجتمعون في النصرة. وقال سيبويه: الولاية، بالفتح، المصدر والولاية، بالكسر، الاسم مثل الإمارة والنقابة، لأنه اسم لما توليته وقمت به فإذا أرادوا المصدر فتحوا. قال ابن بري: وقرئ مالكم من ولايتهم من شيء بالفتح والكسر، وهي يمعنى النصرة، قال ابن الحسن: الكسر لغة وليست بذلك. التهذيب: قوله تعالى: والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء، قال الفراء: يريد ما لكم من مواريثهم من شيء، قال: فكسر الواو ههنا من ولايتهم أعجب إلي من فتحها لأنها إنما تفتح أكثر ذلك إذا أريد بها النصرة، قال: وكان الكسائي يفتحها ويذهب إلى النصرة، قال الأزهري: ولا أظنه علم التفسير، قال الفراء: ويختارون في وليته ولاية الكسر، قال: وسمعناها بالفتح وبالكسر في الولاية في معنييهما جميعا، وأنشد:

دعيهم فهم ألـب عـلـي ولاية

 

وحفرهمو إن يعلموا ذاك دائب.

وقال أبو العباس نحوا مما قال الفراء. وقال الزجاج: يقرأ ولايتهم وولايتهم، بفتح الواو وكسرها، فمن فتح جعلها من النصرة والنسب، قال: والولاية التي بمنزلة الإمارة مكسورة ليفصل بين المعنيين، وقد يجوز كسر الولاية لأن في تولي بعض القوم بعضا جنسا من الصناعة والعمل، ولك ما كان من جنس الصناعة نحو القصارة والخياطة فهي مكسورة. قال: والولاية على الإيمان واجبة، المؤمنون بعضهم أولياء بعض ولي بين الولاية ووال بين الولاية. والولي: ولي اليتيم الذي أمره ويقوم بكفايته. وولي المرأة: الذي يلي عقد النكاح عليها ولا يدعها تستبد بعقد النكاح دونه. وفي الحديث: أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فتكاحها باطل، وفي رواية: وليها أي متولي أمرها. وفي الحديث: أسألك غناي وغنى مولاي. وفي الحديث: من أسلم على يده رجل فهو مولاه أي يرثه كما يرث من أعتقه. وفي الحديث: أنه سئل عن رجل مشرك يسلم على يد رجل من المسلمين، فقال: هو أولى الناس بمحياه ومماته أي أحق به من غيره، قال ابن الأثير: ذهب قوم إلى العمل بهذا الحديث، واشترط آخرون أن يضيف إلى الإسلام على يده المعاقدة والموالاة، وذهب أكثر الفقهاء إلى خلاف ذلك وجعلوا هذا الحديث بمعنى البر والصلة ورعي الذمام، ومنهم من ضعف الحديث.
وفي الحديث: ألحقوا المال بالقرائض فما أبقت السهام فلأولى ذكر أي أدنى واقرب في النسب إلى الموروث. ويقال: فلان أولى بهذا الأمر من فلان أي أحق به. وهما الأوليان الأحقان. قال الله تعالى: من الذين استحق عليهم الأوليان، قرأ بها علي، عليه السلام، وبها قرأ أبو عمرو ونافع وكثير، وقال الفراء: من قرأ الأوليان أراد وليي الموروث، وقال الزجاج: الأوليان، في قول أكثر البصريين، يرتفعان على البدل مما في يقومان، المعنى: فليقم الأوليان بالميت مقام هذين الجائيين، ومن قرأ الأولين، رده على الذين، وكأن المعنى من الذين استحق عليهم أيضا الأولين، قال:وهي القراءة ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، وبها قرأ الكوفيون واحتجوا بأن قال ابن عباس أرأيت إن كان الأوليان صغيرين. وفلان أولى بكذا أي أحرى به وأجدر. يقال: هو الأولى وهم الأوالي والأولون على مثال الأعلى والأعالي والأعلون. وتقول في المرأة: هي الوليا وهما الولييان وهن الولى، وإن شئت الولييات، مثل الكبرى والكبريان والكبر والكبريات، وقوله عز وجل: وإني خفت الموالي من ورائي، قال الفراء: الموالي ورثة الرجل وبنو عمه، قال: والولي والمولى واحد في كلام العرب. قال أبو منصور: ومن هذا قول سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها، ورواه بعضهم: بغير إذن وليها، لأنهما بمعنى واحد. وروى ابن سلام عن يونس قال: المولى له مواضع في كلام العرب: منها المولى في الدين وهو الولي وذلك قوله تعالى: ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم، أي لا ولي لهم، ومنه قول سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه أي من كنت وليه، وغفار موالي الله ورسوله أي أولياء الله، قال: والمولى العصبة، ومن ذلك قوله تعالى: وإني خفت الموالي من ورائي، وقال اللهبي يخاطب بني أمية:

مهلا بني عمنا مهال موالينـا

 

إمشوا رويدا كما كنتم تكونونا

قال: والمولى الحليف، وهومن انضم إليك فعز بعزك وامتنع بمنعتك، قال عامر الخصيفي من بني خصفة:

هم المولى وإن جنفوا علين

 

وإنا من لقـائهـم لـزور

قال أبو عبيدة: يعني الموالي أي بني العم، وهو كقوله تعالى: ثم يخرجكم طفلاز والمولى: المعتق انتسب بنسبك،ولهذا قيل للمعتقين الموالي، قال: وقال أبوالهيثم المولى على ستة اوجه: المولى ابن العم والعم والأخ والابن والعصبات كلهم، والمولى الناصر، والمولى الوالي الذي يلي عليك أمرك، قال: ورجل ولاء وقوم ولاء في معنى ولي وأولياء لأن الولاء مصدر، والمولى مولى الموالاة وهو النعمة وهو المعتق أنعم على عبده بعتقه، والمولى المعتق لأنه ينزل منزلة ابن العم يجب عليك أن تنصره وترثه إن مات ولا وارث له، فهذه ستة أوجه. وقال الفراء في قوله تعالى: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، قال: هؤلاء خزاعة كانوا عاقدوا النبي، صلى الله عليه وسلم، أن لا يقاتلوه ولا يخرجوه، فأمر النبي، صلى الله عليه وسلم، بالبر والوفاء إلى مدة أجلهم، ثم قال: إنما ينهاكم الله عن الدين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم أن تولوهم، أي تنصروهم، يعني اهل مكة، قال أبو منصور: جعل التوليههنا بمعنى النصر من الولي، والمولى وهوالناصر.
وروي أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: من تولاني فليتول عليا، معناه من نصرني فيلنصره. وقال الفراء في قوله تعالى: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض، أي توليتم أمور الناس، والخطاب لقريش، قال الزجاج: وقرئ إن توليتم، أي وليكم بنو هاشم. ويقال: تولاك الله أي وليك الله، ويكون بمعنى نصرك الله. وقوله، صلى الله عليه وسلم: اللهم وال من والاه أي أحبب من أحبه وانصر من نصره. والموالاة على وجوه، قال ابن الأعرابي: الموالاة أن يتشاجر اثنان فيدخل ثالث بينهما للصلح ويكون له في أحدهما هوى فيواليه أو يحابيه، ووالى فلان فلانا إذا أحبه، قال الأزهري: وللمولاة معنى ثالث، سمعت العرب تقول والوا حواشي نعمكم عن جلتها أي اعزلوا صغارها عن كبارها، وقد واليناها فتوالت إذا تميزت، وأنشد بعضهم:

وكنا خليطى في الجمال فأصبحت

 

جمالي توالى ولها من جمالكـا

توالى أي تميز منها، ومن هذا قول الأعشى:

ولكنها كانت نوى أجنـبـية

 

توالي ربعي السقاب فأصبحا

وربعي السقاب: الذي نتج في أول الربيع، وتواليه، أن يفصل عن أمه فيشتد ولهه إليها إذا فقدها، ثم يستمر على الموالاة ويصحب أي ينقاد ويصبر بعدما كان اشتد عليه من مفارقته إياها. وفي نوادر الأعراب: تواليت مالي وامتزت مالي وازدلت مالي بمعنى واحد، جعلت هذه الأحرف واقعة. قال: والظاهر منها اللزوم. ابن الأعرابي قال: ابن العم مولى وابن الأخت مولى والجار والشريك والحليف، وقال الجعدي:

موالي حلف لا موالي قرابة

 

ولكن قطينا يسألون الأتاويا

يقول: هم حلفاء لا أبناء عم، وقول الفرزدق:

فلو كان عبد الله مولى هجوته

 

ولكن عبد الله مولى موالـيا

لأن عبد الله بن أبي إسحق مولى الحضرميين، وهم حلفاء بني عبد شمس بن عبد مناف، والحليف عند العرب مولى، وإنما قال مواليا فنصب لأنه رده إلى أصله للضرورة، وإنما لم ينون لأنه جعله بمنزلة غير المعتل الذي لا ينصرف، قال ابن بري: وعطف قوله ولكن قطينا على المعنى، كأنه قال ليسوا موالي قرابة ولكن قطينا، وقبله:

فلا تنتهي أضغان قومي بينهم

 

وسوآتهم حتى يصيروا مواليا

وفي حديث الزكاة: مولى القوم منهم. قال ابن الأثير: الظاهر من المذاهب والمشهور أن موالي بني هاشم والمطلب لا يحرم عليهم أخذ الزكاة لانتفاء السبب الذي به حرم على بني هاشم والمطلب، وفي مذهب الشافعية على وجه أنه يحرم على الموالي أخذها لهذا الحديث ونفي التحرين أنه إنما قال هذا القول تنزيها لهم، وبعثا على التشبه بسادتهم والاستنان بسنتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس، وقد تكرر ذكر المولى في الحديث، قال: وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو: الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتق والمنعم عليه، قال: وأكثرها قد جاءت في الحديث فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيها، وكل من ولي أمرا أو قام به فهو مولاه ووليه، قال: وقد تختلف مصادر هذه الأسماء، فالولاية بالفتح في النسب والنصرة والعتق، والولاية بالكسر في الإمارة، والولاء في المعتق، والموالاة من والى القوم، قال ابن الأثير: وقوله، صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه، يحمل على أكثر الأسماء المذكورة. وقال الشافعي: يعني بذلك ولاء الإسلام كقوله تعالى: ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم، قال: وقول عمر لعلي، رضي الله تعالى عنهما: أصبحت مولى كل مؤمن أي ولي كل مؤمن، وقيل: سبب ذلك أن أسامة قال لعلي، رضي الله عنه: لست مولاي، إنما مولاي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال، صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه، وكل من ولي أمر واحد فهو وليه، والنسبة إلى المولى مولوي، وإلى الولي من المطر ولوي، كما قالوا علوي لأنهم كرهوا الجمع بين أربع ياءات، فحذفوا الياء الأولى وقلبوا الثانية واوا. ويقال: بينهما ولاء، بالفتح، أي قرابة. والولاء: ولاء المعتق. وفي الحديث: نهى عن بيع الولاء وعن هبته، يعني ولاء العتق، وهو إذا مات المعتق ورثه معتقه أو ورثة معتقه، كانت العرب تبيعه وتهبه، فنهى عنه لأن الولاء كالنسب فلا يزول بالإزالة، ومنه الحديث: الولاء للكبر أي للأعلى فالأعلى من ورثة المعتق. والولاء: الموالون، يقال: هم ولاء فلان. وفي الحديث: من تولى قوما بغير إذن مواليه أي اتخذهم أولياء له، قال: ظاهره يوهم أنه شرط وليس شرطا لأنه لا يجوز له إذا أذنوا أن يوابي غيرهم. وإنما هو بمعنى التوكيد لتحريمه والتنبيه على بطلانه والإرشاد إلى السبب فيه، لأنه إذا استأذن أولياءه في موالاة غيرهم منعوه فيمتنع، والمعنى إن سولت له نفسه ذلك فليستأذنهم فإنهم يمنعونه، وأما قول لب:

فغدت كلا الفرجين تحسب أنه

 

مولى المخافة خلفها وأمامها

فيريد أنه أولى موضع أن تكون فيه الحرب، وقوله: فغدت تم الكلام، كأنه قال: فغدت هذه البقرة، وقطع الكلام ثم ابتدأ كأنه قال تحسب أن كلا الفرجين مولى المخافة. وقد أوليته الأمر ووليته إياه. وولته الخمسون ذنبها، عن ابن الأعرابي، أي جعلت ذنبها يليه، وولاها ذنبا كذلك. وتولى الشيء: لزمه.
والولية: البرذعة، والجمع الولايا، وإنما تسمى بذلك إذا كانت على ظهر البعير لأنها حينئذ تليه، وقيل: الولية التي تحت البرذعة، وقيل: كل ما ولي الظهر من كساء أو غيره فهو ولية، وقال ابن الأعرابي في قول النمر بن تولب:

عن ذات أولية أسـاود ريهـا

 

وكأنه لون الملح فوق شفارها

قال: الأوليه جمع الولية وهي البرذعة، شبه ما عليها من الشحم وتراكمه بالولاي، وهي البراذع،وقال الأزهري: قال الأصمعي نحوه، قال ابن السكيت: وقد قال بعضهم في قولهم عن ذات اولية يريد أنها أكلت وليا بعد ولي من المطر أي رعت ما نبت عنها فسمنت. قال أبو منصور: والولايا إذا جعلتها جمع الولية، وهي البرذعة التي تكون تحت الرحل، فهي أعرف وأكثر، ومنه قوله:

كالبلايا رؤوسها في الولايا

 

مانحات السموم حر الخدود

قال الجوهري: وقوله:

كالبلايا رؤوسها في الولايا

يعني الناقة التي كانت تعكس على قبر صاحبها، ثم تطرح الولية على رأسها إلى أن تموت، وجمعها ولي أيضا، قال كثير:

بعيساء في دأياتها ودفوفها

 

وحاركها تحت الولي نهود

وفي الحديث: أنه نهى أن يجلس الرجل على الولايا، هي البراذع، قيل: نهى عنها لأنها إذا بسطت وافترشت تعلق بها الشوق والتراب وغير ذلك مما يضر الدواب، ولأن الجالس عليها ربما أصابه من وسخها ونتنها ودم عقرها. وفي حديث ابن الزبير: رضي الله عنهما: أنه بات بقفر فلما قام ليرحل وجد رجلا طوله شبران عظيم اللحية على الولية فنفضها فوقع.
والولي: الصديق والنصير. ابن الأعرابي: الولي التابع المحب، وقال ابن العباس في قوله، صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه أي من أحبني وتولاني فليتوله.والموالاة: ضد المعاداة، والولي: ضد العدو، ويقال منه تولاهز وقوله عز وجل: فتكون للشيطان وليا، قال ثعلب: كل من عبد شيئا من دون الله فقد اتخذه وليا. وقوله عز وجل: الله ولي الذين آمنوا، قال أبو إسحق: الله وليهم في حجاجهم وهدايتهم وإقامة البرهان لهم لأنه يزيدهم بإيمانهم هداية، كما قال عز وجل: والذين اهتدوا زادهم هدى، ووليهم أيضا في نصرهم على عدوهم وإظهار دينهم على دين مخالفيهم، وقيل: وليهم أي يتولى ثوابهم ومجازاتهم بحسن اعمالهم. والولاء: الملك. والمولى: المالك والعبد، والأنثى بالهاء. وفيه مولوية إذا شبيها بالموالي. وهو يتمولى علينا أي يتشبه بالموالي، وما كنت بمولى وقد تموليت، والاسم الولاء. والمولى: الصاحب والقريب كابن العم وشبهه. وقال ابن الأعرابي: المولى الجار والحليف والشريك وابن الأخت. والولي، المولى. وتولاه: اتخذه وليا، وإنه لبين الولاة والولية والتولي والولاء والولاية والولاية. والولي: القريب والدنو، وأنشد أبو عبيد:

وشط ولي النوى إن النوى قذف

 

تياحة غربة بالـدار أحـيانـا

ويقال: تباعدنا بعد ولي، ويقال منه: وليه يليه، بالكسر فيهما، وهو شاذ، وأوليته الشيء فوليه، وكذلك ولي الوالي البلد، وولي الرجل البيع ولاية فيهما، وأوليته معروفا. ويقال في التعجب: ما أولاه للمعروف! وهو شاذ، قال ابن بري: شذوذه كونه رباعيا، والتعجب إنما يكون من الأفعال الثلاثية. وتقول: فلان ولي وولي عليه، كما تقول ساس وسيس عليه. وولاءه الأمير عمل كذا وولاه بيع الشيء وتولى العمل أي تقلد.
وكل مما يليك أي مما يقاربتك، وقال ساعدة:

هجرت غضوب وحب من يتجنب

 

وعدت عواد دون وليك تشعـب

ودار ولية: قريبة. وقوله عز وجل: أولى لك فأولى، معناه التوعد والتهدد أي الشر أقرب إليك، وقال ثعلب: معناه دنوت من الهلكة، وكذلك قوله تعالى: فأولى لهم، أي وليهم المكروه وهو اسم لدنوت أو قاربت، وقال الأصمعي: أولى لك قاربك ما تكره أي نزل بك يا أبا جهل ما تكره، وأنشد الأصمعي:

فعادى بين هاديتين منـهـا

 

وأولى أن يزيد على الثلاث

أي قارب أن يزبد، قال ثعلب: ولم يقل أحد في أولى لك أحسن مما قال الأصمعي: وقال غيرهما: أولى يقولها الرجل لآخر يحسره على ما فاته، ويقول له: يا محروم أي شيء فاتك؟ وقال الجوهري:

فأولى ثم أولى ثـم أولـى

 

وهل للدر يحلب من مرد؟

قال الأصمعي: معناه قاربه ما يهلكه أي نزل به، قال ابن بري: ومنه قول مقاس العائذي:

أولى فأولى بامرئ القيس بعدما

 

خصفن بآثار المطي الحوافرا

وقال تبع:

أولى لهم بعقاب يوم سرمد

وقالت الخنساء:

هممت بنفسي كل الهموم

 

فأولى لنفسي أولى لهـا

قال أبوالعباس قوله:

فأولى لنفسي أولى لها

يقول الرجل إذا حاول شيئا فأفلته من بعد ما كاد يصيبه: أولى له، فإذا أفلت من عظيم قال: أولى لي، ويروى عن ابن الحنيفة أنه كان يقول: إذا مات ميت في جواره أو في داره أولى لي كدت والله أن أكون السواد المخترم، شبه كاد بعسى فأدخل في خبرها أن، قال: وأنشدت برجل يقتنص فإذا أفلته الصيد قال أولى لك، فكثرت تيك منه فقال:

فلو كان أولى يطعم القوم صدق

 

ولكـن أولة يتـرك الـقـوم

 أولى في البيت حكاية، وذلك أنه كان لا يحس يرمي، وأحب أن يمتدح عند أصحابه فقال أولى وضرب بيده على الأخرى وقال أولى، فحكى ذلك. وفي حديث أنس، رضي الله عنه: قام عبد الله بن حذافة، رضي الله عنه، فقال: من أبي؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أبوك حذافة، سكت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أولى لكم والذي نفسي بيده أي قرب منكم ما تكرهون، وهي كلمة تلهف يقولها الرجل إذا أفلت من عظيمة،وقيل: هي كلمة تهدد ووعيد، معناه قاربه ما يهلكه. ابن سيده: قال: وهذا يدل على أنه اسم لا فعل، وقول أبي صخر الهذلي:

أذم لك الأيام فيما ولت لـنـا

 

وما لليالي في الذي بيننا عذر

قال: أراه أراد فيما قربت إلينا من بين وتعذر قرب. والقوم علي ولاية واحدة وولاية إذا كانوا عليك بخير أو شر. وداره ولي داري أي قريبة منها. وأولى على اليتيم: اوصى. ووالى بين الأمر موالاة وولاء: تابع. وتوالى الشيء: تتابع. والموالاة: المتابعة. وافعل هذه الأشياء على الولاء أي متابعة. وتوالى عليه شهران أي تتابع. يقال والى فلان برمحه بين صدرين وعادى بينهما، وذلك إذا طعن واحدا ثم آخر من فوره، وكذلك الفارس يوالي بطعنتين متواليتين فارسين أي تتابع بينهما قتلا. ويقال: أصبته بثلاثة أسهم ولاء أي تباعا. وتوالت إلي كتب فلان أي تتابعت. وقد والاها الكاتب أي تابعها.
واستولى على الأمر أي بلغ الغاية. ويقال: استبق الفارسان على فرسيهما إلى غاية تسابقا إليها فاستولى أحدهما على الغاية إذا سبق الآخر، ومنه قول الذبياني:

سبق الجواد إذا استولى على الأمد.

واستيلاؤه على الأمد أن يغلب عليه بسبقه إليه، ومن هذا يقال: استولى فلان على مالي أي غلبني عليه، وكذلك استومى بمعنى استولى، وهما من الحروف التي عاقبت العرب فيها بين اللام والميم، ومنها قولهم لولا ولوما بمعنى هلا، قال الفراء: ومنه قوله تعالى: لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين: وقال عبيد:

لوما على حجر ابن أم

 

م قطام تبكي لا علينا

وقال الأصمعي: خالمته وخاللته إذا صادقته، وهو خلي وخلمي. ويقال: أوليت فلانا خيرا وأوليته شرا كقولك سمته خيرا وشرا. وأوليته معروفا إذا أسديت إليه معروفا. الأزهري في آخر باب اللام قال: وبقي حرف من كتاب الله عز وجل ملم يقع في موضعه فذكرته في آخر اللام، وهو قوله عز وجل: فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا أو إن تلووا، قرأها عاصم وأبو عمرو بن العلاء وإن تلووا، بواواين من لوى الحاكم بقضيته إذا دافع بها، واما قراءة من قرأ وإن تلوا، بواو واحدة، ففيه وجهان: أحدهما أن أصله تلووا، بواوين كما قرأ عاصم وأبو عمرو، فأبدل من الواو المضمومة همزة فصارت تلؤوا بإسكان اللام، ثم طرحت الهمزة وطرحت حركتها على اللام فصارت تلوا، كما قيل في أدور أدؤر ثم طرحت الهمزة فقيل أدر، قال: والوجه الثاني أن يكون تلوا من الولاية لا من اللي، والمعنى إن يكون تلوا الشهادة فتقيموها، قال: وهذا كله صحيح من كلام حذاق النحويين.
والولي: المطر يأتي بعد الوسمي، وحكى الكراع فيه التخفيف، وجمع الولي أوليه. وفي حديث مطرف الباهلي: تسقيه الأوليه، هي جمع ولي المطر. ووليت الأرض وليا: سقيت الولي، وسمي وليا لأنه يلي الوسمي أي يقرب منه ويجيء بعده، وكذلك الولي، بالتسكين، على فعل وفعيل، قال الأصمعي: الولي على مثال الرمي المطر الذي يأتي بعد المطر، وإذا أردت الاسم فو الولي، وهو مثل النعي والنعي المصدر، قال ذو الرمة:

لني ولية تمرع جنابي فإنـنـي

 

لما نلت من وسمي نعماك شاكر

لني أمر من الولي أي أمطرني ولية منك أي معروفا بعد معروف. قال ابن بري: ذكر الفراء الولى المطر بالقصر، واتبعه ابن ولاد، ورد عليهما علي بن حمزة وقال: هو الولي، بالتشديد لا غير وقولهم: قد أولاني معروفا، قال أبو بكر: معناه قد ألصق بي معروفا يليني، من قولهم: جلست مما يلي زيدا أي يلاصقه ويدانيه. ويقال: أولاني ملكني المعروف وجعله منسوبا إلي وليا علي، من قولك هو ولي المرأة أي صاحب أمرها والحاكم عليها، قال: ويجوز أن يكون معناه عضدني بالمعروف ونصرني وقواني، من قولك بنو فلان ولاء على بني فلان أي هم يعينونهم. ويقال: أولاني أي أنعم علي من الآلاء، وهي النعم، والواحد ألى وإلى، قال: والأصل في إلى ولى، فأبدلوا من الواو المكسورة همزة، كما قالوا امرأة وناة وأناة، قال الأعشى.....ولا يخون إلى.....وكذلك أحد ووحد. المحكم: فأما ما أنشده ابن الأعرابي من قول الشاعر:

.........الركيكا

فإنه عداه إلى مفعولين لأنه في معنى سقي، وسقي متعدية إلى مفعولين، فكذلك هذا الذي في معناها، وقد يكون الركيك مصدرا لأنه ضرب من الولي فكأنه ولي وليا، كقولك: قعد القرفصاء، وأحسن من ذلك أن ولي في معنى أرك عليه أو رك، فيكون قوله ركيكا مصدرا لهذا الفعل المقدر، أو اسما موضوعا موضع المصدر. واستولى على الشيء إذا صار في يده.
وولى الشيء وتولى: أدبر. وولى عنه: أعرض عنه أو نأى، وقوله:

إذا ما امرؤ ولى علي بـوده

 

وأدبر لم يصدر بإدباره ودي

فإنه أراد ولى عني، ووجه تعديته ولى بعلى أنه لما كان إذا ولى عنه بوده تغير عليه، جعل ولى بمعنى تغير فعداه بعلى، وجاز أن يستعمل هنا على لأنه أمر عليه لا له، وقول الأعشى:

إذا حاجة ولتك لا تستطـيعـهـا

 

فخذ طرفا من غيرها حين تسبق

فإنه أراد ولت عنك، فحذف وأوصل، وقد يكون وليت الشيء ووليت عنه بمعنى، التهذيب: تكون التولية إقبالا، ومنه قوله تعالى: فول وجهك شطر المسجد الحرام، أي وجه وجهك نحوه وتلقاءه، وكذلك قوله تعالى: ولكل وجهة هو موليها، قال الفراء: هو مستقبلها، والتولية في هذا الموضع إقبال، قال: والتولية تكون انصرافا، قال الله تعالى: يولوكم الأدبار، هي ههنا انصراف، وقال أبو معاذ النحوي: قد تكون التولية بمعنى التولي. يقال: وليت وتوليت بمعنى واحد، قال: وسمعت العرب تنشد بيت ذي الرمة:

إذا حول الظل العشـي رأيتـه

 

حنيفا وفي قرن الضحى يتنصر

أراد إذا تحول الظل بالعشي، قال: وقوله هو موليها أي متوليها أي متبعها وراضيها. وتوليت فلانا أي اتبعته ورضيت به. وقوله تعالى: سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها، يعني قول اليهود ما عدلهم عنها، يعني قبلة بيت المقدس. وقوله عز وجل: ولكل وجهة هو موليها، أي يستقبلها بوجهه، وقيل فيه قولان: قال بعض أهل اللغة وهو أكثرهم: هو لكل، والمعنى هو موليها وجهه أي كل أهل وجهة هم الذين ولوا وجوههم إلى تلك الجهة، وقد قرئ: هو مولاها، قال: وهو حسن، وقال قوم: هو موليها أي الله تعالى يولي أهل كل ملة القبلة التي تريد، قال: وكلا القولين جائز. ويقال للرطب إذا أخذ في الهيج: قد ولى وتولى، وتوليه شهبته. والتولية في البيع: أن تشتري سلعة بثمن معلوم ثم توليها رجلا آخر بذلك الثمن، وتكون التولية مصدرا، كقولك: وليت فلانا أمر كذا وكذا إذا قلدته ولايته. وتولى عنه: أعرض وولى هاربا أي أدبر. وفي الحديث: أنه سئل عن الإبل فقال أعنان الشياطين لا تقبل إلا مولية، ولا تدبر إلا مولية، ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم أي أن من شأنها إذا أقبلت على صاحبها أن يتعقب إقبالها الإدبار، وإذا أدبرت أن يكون إدبارها ذهابا وفناء مستأصلا. وقد ولى الشيء وتولى إذا ذهب هاربا ومدبرا، وتولى عنه إذا أعرض، والتولي يكون بمعنى الإعراض ويكون بمعنى الاتباع، قال الله تعالى: وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم، أي إن تعرضوا عن الإسلام. وقوله تعالى: ومن يتولاهم منكم فإنه منهم، معناه من يتبعهم وينصرهم. وتوليت الأمر توليا إذا وليته، قال الله تعالى: والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم، أي ولي وزر الإفك وإشاعته. وقالوا: لو طلبت ولاء ضبة من تميم لشق عليك أي تميز هؤلاء من هؤلاء، وحكاه اللحياني فروى الطوسي ولاء، بالفتح، وروى ثابت، ولاء، بالكسر. ووالى غنمه: عزل بعضها من بعض وميزها، قال ذو الرمة:

يوالي إذا اصطك الخصوم أمامه

 

وجوه القضايا من وجوه المظالم

والولية: ما تخبؤه المرأة من زاد لضيف يحل، عن كراع، قال: والأصل لوية فقلب، والجمع ولايا، ثبت القلب في الجمع. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا يعطى من المغانم شيء حتى تقسم إلا لراع أو دليل غير موليه، قلت: ما موليه؟ قال محابيه أي غير معطيه شيئا لا يستحقه. وكل من أعطيته ابتداء من غير مكأفاة فقد أوليته. وفي حديث عمار: قال له عمر في شأن اليتيم كلا والله لنولينك ماتوليت أي نكل إليك ما قلت ونرد إليك ما وليته نفسم ورضيت لها به، والله أعلم.