القسم الثاني: تشريح الأعضاء الآلية - الفصل السادس: تشريح أعضاء الحلق

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه نعني بالحلق الفضاء الذي فيه مجرى النفس... إلى قوله: وأما القصبة والمريء فنذكر تشريحها من بعد.

الشرح

الحلق كما قاله هو الفضاء الذي فيه مجرى النفس والغذاء وفيه اللهاة واللوزتان والغلصمة وأما الفم فهو مقدم الحلق وأسفله فلذلك يعد اللسان من أجزاء الفم الأعلى لا من أجزاء الحلق وأعني الحنك وهو سقف الحلق واللهاة عضو مستطيل أعلاه متصل بسقف الحلق وأسفله يحاذي الحنجرة وفي طرفه الأسفل جرم مستدير كالكرة وجوهرة جوهر لحمي عصبي والمنافع المشهورة له ثلاث وقد ذكرها الشيخ.

وأما اللوزتان فهما النغانغ وتسمى أصول الأذنين ويقال لهما في العرف العام نبات الأذنين وهما عضلتان في جانبي الحلق. وقد عرفناهما، وعرفنا منافعهما وذلك عند كلامنا في العضل فليرجع غليه من هناك.

ولقائل أن يقول: كيف يجوز أن يعد هذان العضوان من العضل وليس شيء منهما يحرك البتة عضواً من الأعضاء؟ وجوابه: أنه ليس من شرط العضل أن يكون محركاً لعضو ما، بل أن يكون من شأنه تحريك شيء ما وإن لم يكن ذلك الشيء عضواً وهاتان العضلتان تعينان على تحريك الممضوغ وتبليغه إلى فم المريء وذلك أنهما يتشبثان بالأغذية ويدفعانها إلى ذلك الموضع، ولذلك إذا عرض لهاتين العضلتين آفة تضعف فعلهما يعسر حينئذٍ نفوذ الأغذية إلى المريء وذلك كما إذا أصابها يبوسة شديدة ونحوها.

فإن قيل: إن هذا يتم ولو كان جوهرها من لحم وعصب فقط، ولا يلزم أن يكونا عضلتين فإن العضل لا بد في تحقيقه من عصب ورباط... ولحم جاسي لما يثير ذلك من خلل.

قلنا: مسلم أن هذا الفعل يتم وإن لم يكن في جوهر هذين رباط، ولكن ذلك الفعل يكون ضعيفاً فإن العصب إنما يقوى فعله في التحريك إذا كان معه أجزاء رباطية فلذلك هذان العضوان إنما يشتد فعلهما ويقوى إذا كانا عضلتين ومن منافعهما أيضاً أنهما يكملان تكون الصوت ويقويانه، وذلك لأنهما يضيقان، ما يحاذي فم الحنجرة فإذا خرج الهواء من الحنجرة خرج من متسع إلى موضع ضيق ثم بعد ذلك الموضع إلى فضاء الحلق، ولذلك يشتد الصوت ويقوى ولذلك فإنما يعرض لهاتين العضلتين من الآفات يلزمها تغير في الصوت، وتعسر في بلع الأغذية. والله ولي التوفيق.