الباب الثامن: ماسرجويه متطبب البصرة

وهو الذي نقل كتاب أهرن من السرياني إلى العربي، وكان يهودي المذهب سريانياً، وهو الذي يعنيه أبو بكر محمد بن زكريا الرازي في كتابه الحاوي بقوله قال اليهود، وقال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل إن ماسرجويه كان في أيام بني أمية، وأنه تولى في الدولة المروانية تفسير كتاب أهرن بن أعين إلى العربية الذي وجده عمربن عبد العزيز، رحمه اللّه، في خزائن الكتب، فأمر بإخراجه ووضعه في مصلاه، واستخار اللَّه في إخراجه إلى المسلمين للانتفاع به، فلما تم له في ذلك أربعون صباحاً أخرجه إلى الناس وبثه في أيديهم، قال سليمان بن حسان حدثني أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز بهذه الحكاية في مسجد الترمذي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وقال يوسف بن إبراهيم حدثني أيوب بن الحكم البصري المعروف بالكسروي صاحب محمد بن طاهر بن الحسين - وكان ذا أدب ومروءة، وعلم بأيام الناس وأخبارهم، قال كان أبو نواس الحسن بن هانئ يعشق جارية لامرأة من ثقيف تسكن الموضع المعروف بحكمان من أرض البصرة، يقال لها جنان، وكان المعروفان بأبي عثمان وأبي أمية وثقيف قريبين لمولاة الجارية، فكان أبو نواس يخرج في كل يوم من البصرة يتلقى من يقدمه من ناحية حكمان فيسائلهم عن أخبار جنان، قال فخرج يوماً وخرجت معه، وكان أول طالع علينا ماسرجويه المتطبب، فقال له أبو نواس كيف خلفت أبا عثمان ومية؟،، فقال ماسرجويه جنان صالحة كما تحب، فأنشأ أبو نواس يقول

أسأل القادمين من حـكـمـان

 

كيف خلفتـم أبـا عـثـمـان

وأبا مية الـمـهـذب والـمـأ

 

مول والمرتجى لريب الزمان

فيقولون لـي جـنـان كـمـا

 

سرك في حالها فسل عن جنان

ما لهم لا يبارك اللّـه فـيهـم

 

كيف لم يغن عنهم كتمـانـي

قال يوسف وحدثني أيوب بن الحكم أنه كان جالساً عند ماسرجويه، وهو ينظر في قوارير الماء، إذ أتاه رجل من الخوز فقال له إني بليت بداء لم يبل أحد بمثله، فسأله عن دائه فقال أصبح وبصري عليّ مظلم، وأنا أجد مثل لحس الكلاب في معدتي، فلا تزال هذه حالي حتى أطعم شيئاً، فإذا طعمت سكن عني ما أجد إلى وقت انتصاف النهار، ثم يعاودني ما كنت فيه، فإذا عاودت الأكل سكن ما بي إلى وقت صلاة العتمة، ثم يعاودني فلا أجد له دواء إلا معاودة الأكل، فقال ماسرجويه على هذا الداء غضب اللَّه فإنه أساء لنفسه الاختيار حين قرنها بسفلة مثلك، فقال له ما أفهم عنك؟ فقال له ماسرجويه هذه صحة لا تستحقها، أسأل اللَّه نقلها عنك إلى من هو أحق بها منك، قال يوسف وحدثني أيوب بن الحكم، الكسروي قال شكوت إلى ماسرجويه تعذر الطبيعة، فسألني أي الأنبذة أشرب، فأعلمته أني أدمن النبيذ المعمول من الدوشاب البستاني الكثير الداذي، فأمرني أن آكل في كل يوم من أيام الصيف على الريق قثاءة صغيرة من قثاء بالبصرة يعرف بالخريبي، قال فكنت أوتى بالقثاء وهو قثاء دقيق في دقة الأصابع وطول القثاءة منه نحو من فتر فآكل منه الخمس والست والسبع، فكثر علي الإسهال، فشكوت ذلك إليه فلم يكلمني حتى حقنني بحقنة كثيرة الشحوم والصموغ والخطمي والأرز الفارسي، وقال لي كدت تقتل نفسك بإكثارك من القثاء على الريق لأنه كان يحدر من الصفراء ما يزيل عن الأمعاء من الرطوبات اللاصقة بها ما يمنع الصفراء من سحجها وإحداث الدوسنطاريا فيها، ولماسرجويه من الكتب كناش، كتاب في الغذاء، كتاب في العين.