الباب الثامن: جبرائيل كحال المأمون

قال يوسف بن إبراهيم كان المأمون يستخف يد جبرائيل الكحال، ويذكر أنه ما رأى أبداً على عين أخف من يده، واتخذ مراود ومكاحل ودستجا ودفعه إليه، فكان أول من يدخل إليه في كل يوم عند تسليمه من صلاة الغداة، فيغسل أجفانه ويكحل عينيه، فإذا انتبه من قائلته فعل مثل ذلك، وكان يجري عليه ألف درهم في كل شهر، ثم سقطت منزلته بعد ذلك، فسألته عن السبب في ذلك فأخبرني أن الحسين الخادم اعتل، فلم يمكن ياسراً أخاه عيادته لاشتغاله بالخدمة، إلى أن وافى ياسر باب الحجرة التي كان فيها المأمون، وقد خرج جبرائيل من عنده بعد أن برد أجفانه، وكحل عينيه، فسأله ياسر عن خبر المأمون فأخبره أنه أغفى، فتغنم ياسر ما أخبره به من نومه فصار إلى حسين فعاده، وانتبه المأمون قبل انصراف ياسر من عند حسين، ثم انصرف ياسر فسأله المأمون عن سبب تخلفه، فقال ياسر أخبرت بنوم أمير المؤمنين، فصرت إلى حسين فعدته، فقال له المأمون ومن أخبرك برقادي؟ فقال له ياسر جبرائيل الكحال، قال جبرائيل فأحضرني المأمون ثم قال يا جبرائيل اتخذتك كحالاً لي أو عاملاً على الإخبار عني؟ اردد علي مكاحلي وأميالي، واخرج عن داري، فأذكرته خدمتي، فقال إن له لحرمة، فليقتصر له على إجراء مائة وخمسين درهماً في كل شهر ولا يؤذن له في الدخول، فلم يخدم المأمون بعده حتى توفي .