هو الفيلسوف الإمام العالم أبو الفرج عبد اللّه بن الطيب، وكان كاتب الجاثليق ومتميزاً في النصارى ببغداد، ويقرئ صناعة الطب في البيمارستان العضدي، ويعالج المرضى فيه، ووجدت شرحه لكتاب جالينوس إلى أغلوتن وقد قرئ عليه، وعليه الخط بالقراءة في البيمارستان العضدي في يوم الخميس الحادي عشر من شهر رمضان سنة ست وأربعمائة، وهو من الأطباء المشهورين في صناعة الطب وكان عظيم الشأن، جليل المقدار، واسع العلم، كثير التصنيف، خبيراً بالفلسفة، كثير الاشتغال فيها، وقد شرح كتباً كثيرة من كتب أرسطوطاليس في الحكمة وشرح أيضاً كتباً كثيرة من كتب أبقراط وجالينوس في صناعة الطب، وكانت له مقدرة قوية في التصنيف وأكثر ما يوجد من تصانيفه كانت تنقل عنه إملاء من لفظة، وكان معاصراً للشيخ الرئيس بن سينا، وكان الشيخ الرئيس يحمد كلامه في الطب، وأما في الحكمة فكان يذمه. ومن ذلك قال في مقالته في الرد علىه ما هذا نصه إنه كان يقع إلينا كتب يعملها الشيخ أبو الفرج بن الطيب في الطب، ونجدها صحيحة مرضية خلاف تصانيفه التي في المنطق والطبيعيات وما يجري معها.وحدثني الشيخ موفق الدين يعقوب بن إسحاق بن القف النصراني، أن رجلين من بلاد العجم كانا قد قصدا بغداد للاجتماع بأبي الفرج بن الطيب والقراءة عليه، والاشتغال عنده، ولما وصلا دخلا بغداد وسألا عن منزل أبي الفرج فقيل لهما إنه في الكنيسة للصلاة، فتوجها نحوه ودخلا الكنيسة، فلما قيل لهما إنه ذلك الشيخ وكان ابن الطيب في ذلك الوقت لابساً ثوب صوف، وهو مكشوف الرأس وبيده مبخرة بسلاسل وفيها نار وبخور، وهو يدور بها في نواحي الكنيسة ويبخر، تأملاه وتحدثا بالفارسية وبقيا يديمان النظر إليه ويتعجبان منه أنه على هذه الهيئة ويفعل هذا الفعل، وهو من أجل الحكماء، وسمعته في أقاصي البلاد بالفلسفة والطب، وفهم عنهما ماهما فيه، ولما فرغ وقت الصلاة وخرج الناس من الكنيسة خرج أبو الفرج بن الطيب ولبس ثيابه المعتاد لبسها، وقدمت له البغلة فركب والغلمان حوله، وتبعاه أولئك العجم إلى داره وعرفاه أنهما قاصدان إليه من بلاد العجم للاشتغال، وأن يكونا من جملة تلامذته، فاستحضرهما في مجلسه وسمعا كلامه ودروس المشتغلين عليه ثم قال لهما كنتما حججتما قط؟ قالا لاَ فماطلهما بالقراءة إلى أوان الحج، وكان الوقت قريباً منه، فلما نودي للحج قال لهما إن كنتما تريدان أن تقرأا علي وأن أكون شيخكما فحجا، وإذا جئتما مع السلامة، إن شاء اللّه، يكون كل ما تريدان مني في الاشتغال علي، فقبلا أمره وحجا، ولما عاد الحاج جاءا إليه من أثر الحج وهما أقرعان وقد غلب الشحوب عليهما من حر الشمس والطريق، فسألهما عن مناسك الحج وما فعلا فيها، فذكرا له سورة الحال، وقال لهما لما رأيتما الجمار بقيتما عراة موشحين وبأيديكم الحجارة، وأنتما تهرولان وترميان بها؟ قالا نعم، فقال هكذا الواحب إن الأمور الشرعية تؤخذ نقلاً لا عقلاً، وما كان قصده بذلك، وأنه أمرهما بالحج إلا حين يتبين لهما أن الحال التي رأياه عليها وتعجبا من فعله أن ذلك راجع إلى الأوامر الشرعية، وهي فإنما تؤخذ من أربابها متسلمة ممتثلة في سائر الملل، ثم اشتغلا عليه بعد ذلك إلى أن تميزا وكانا من أجل تلاميذه، وقال أبو الخطاب محمد بن محمد أبي طالب في كتاب الشامل في الطب إن أبا الفرج بن الطيب أخذ عن ابن الخمار، وخلف من التلاميذ أبا الحسن بن بطلان، وابن بدرج، والهروي، وبني حيون، وأبا الفضل كتيفات، وابن أثردى، وعبدان، وابن مصوصا، وابن العليق، قال وكان في عصر أبي الفرج من الأطباء صاعد بن عبدوس، وابن تفاح، وحسن الطبيب، وبنو سنان، والنائلي، وعنه أخذ ابن سينا، وأبو سعيد الفضل بن عيسى اليمامي، وذكر لي أنه من تلامذته ابن سينا، وعيسى بن علي بن إبراهيم بن هلال الكاتب، وأظنه يكنى بكس، وعلي بن عيسى الكحال، وأبو الحسين البصري، ورجاء الطبيب من أهل خراسان، وزهرون ولأبي الفرج بن الطيب من الكتب تفسير كتاب قاطيغورياس لأرسطوطاليس، تفسير كتاب باريمينياس لأرسطوطاليس، تفسير كتاب أنالوطيقا لأرسطوطاليس، تفسير كتاب أنالوطيقا الثانية لأرسطوطاليس، تفسير كتاب طوبيقا لأرسطوطاليس، تفسير سوفسطيقا أرسطوطاليس، تفسير كتاب الخطابة لأرسطوطاليس تفسير كتاب الشعر لأرسطوطاليس، تفسير كتاب الحيوان لأرسطوطاليس، تفسير كتاب أبيديميا لأبقراط، تفسير كتاب الفصول لأبقراط، تفسير كتاب طبيعة الإنسان لأبقراط، تفسير كتاب الأخلاط لأبقراط، تفسير كتاب الفرق لجالينوس، تفسير كتاب الصناعة الصغيرة لجالينوس، تفسير كتاب النبض الصغير لجالينوس، تفسير كتاب أغلوتن لجالينوس، تفسير كتاب الأسطقسات لجالينوس، تفسير كتاب المزاج لجالينوس، تفسير كتاب القوى الطبيعية لجالينوس، تفسير كتاب التشريح الصغير لجالينوس، تفسير كتاب العلل والأعراض لجالينوس، تفسير كتاب تعرف علل الأعضاء الباطنة لجالينوس، تفسير كتاب النبض الكبير لجالينوس، تفسير كتاب الحميات لجالينوس، تفسير كتاب أيام البحران لجالينوس، تفسير كتاب حملة البرء لجالينوس، تفسير كتاب تدابير الأصحاء لجالينوس، ثمار الستة عشر كتاباً لجالينوس، وهو اختصار الجوامع،شرح ثمار مسائل حنين بن إسحاق أملاه سنة خمس وأربعمائة كتاب النكت والثمار الطبية والفلسفية، تفسير كتاب إيساغوجي لفرفوريوس، مقالة في القوى الطبيعية، مقالة في العلة لم جعل لكل خلط دواء يستفرغه، ولم لم يجعل للدم دواء يستفرغه مثل سائر الأخلاط، تعاليق في العين، مقالة في الأحلام وتفصيل الصحيح منها من السقيم على مذهب الفلسفة، مقالة في عراف أخبر بما ضاع وذكر الدليل على صحته بالشرع والطب والفلسفة، مقالة أملاها في جواب ما سئل عنه من إبطال الاعتقاد في الأجزاء التي لا تنقسم، وهذا السؤال سأله إياه ظافر بن جابر السكري، ووجد بخط ظافر بن جابر السكري على هذه المقالة ما هذا مثاله، قال هذه الكراسة بخط سيدنا الأستاذ الأجل أبي نصر محمد بن علي برزج تلميذ الشيخ أبي الفرج أملاها الشيخ أبو الفرج - أطال اللّه بقاءه ونكب أعداءه - عليه ببغداد، وكان السبب في ذلك ظافر بن جابر بن منصور السكري الطبيب، وهي الدستور بعينها، شرح كتاب منافع الأعضاء لجالينوس، مقالة مختصرة في المحبة، شرح الإنجيل.