هو أبو عبيد اللّه بن عبد العزيز البكري، من مرسية، من أعيان أهل الأندلس وأكابرهم، فاضل في معرفة الأدوية المفردة وقواها ومنافعها وأسمائها ونعوتها وما يتعلق بها،وله من الكتب كتاب أعيان النبات والشجريات الأندلسية.
هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن أحمد بن السيد الغافقي، إمام فاضل، وحكيم عالم ويعد من الأكابر في الأندلس، وكان أعرف أهل زمانه بقوى الأدوية المفردة، ومنافعها وخواصها وأعيانها ومعرفة أسمائها، وكتابه في الأدوية المفردة لا نظير له في الجودة ولا شبيه له في معناه، قد استقصى فيه ما ذكره ديسقوريدس والفاضل جالينوس بأوجز لفظ وأتم معنى، ثم ذكر بعد قوليهما ما تجدد للمتأخرين من الكلام في الأدوية المفردة، أو ما ألم به واحد واحد منهم وعرفه فيما بعد، فجاء كتابه جامعاً لما قاله الأفاضل في الأدوية المفردة ودستوراً يرجع إليه فيما يحتاج إلى تصحيحه منها، وللغافقي من الكتب كتاب الأدوية.
هو أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن عبد اللّه بن إدريس الحسني ويلقب بالعالي باللّه، كان فاضلاً عالماً بقوى الأدوية المفردة ومنافعها ومنابتها وأعيانها،وله من الكتب كتب الأدوية المفردة.
كان طبيباً فاضلاً خبيراً بالأدوية المفردة والمركبة، جيد العلاج، وله تصانيف مشهورة في صناعة الطب، وأفضلها كتابه الكبير المعروف بالزهراوي، ولخلف بن عباس الزهراوي من الكتب كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف، وهو أكبر تصانيفه وأشهرها، وهو كتاب تام في معناه.
كان يهودياً من أكابر علماء الأندلس في صناعة الطب، وله خبرة واعتناء بالغ بالأدوية المفردة، وخدم بصناعة الطب بن هود،ولابن بكلارش من الكتب كتاب المجدولة في الأدوية المفردة، وضعه مجدولاً، وألفه بمدينة المرية للمستعين باللّه أبي جعفر بن المؤتمن باللّه بن هود.
هو من بلد دانية من شرق الأندلس، وهو من أكابر الفضلاء، في صناعة الطب وفي غيرها من العلوم، وله التصانيف المشهورة والمآثر المذكورة، قد بلغ في صناعة الطب مبلغاً لم يصل إليه غيره من الأطباء، وحصل من معرفة الأدب ما لم يدركه كثير من سائر الأدباء، وكان أوحد في العلم الرياضي متقناً لعلم الموسيقى وعمله، جيد اللعب بالعود، وكان لطيف النادرة، فصيح اللسان، جيد المعاني، ولشعره رونق، وأتى أبو الصلت من الأندلس إلى ديار مصر وأقام بالقاهرة مدة، ثم عاد بعد ذلك إلى الأندلس، وكان دخول أبي الصلت إلى مصر في حدود سنة عشر وخمسمائة، ولما كان في الإسكندرية حبس بها. وحدثني الشيخ سديد الدين المنطقي في القاهرة سنة اثنين وثلاثين وستمائة أن أبا الصلت أمية بن عبد العزيز كان سبب حبسه في الإسكندرية أن مركباً كان قد وصل إليها، وهو موقر بالنحاس فغرق قريباً منها، ولم تكن لهم حيلة تخليصه لطول المسافة في عمق البحر ففكر أبو الصلت في أمره وأجال النظر في هذا المعنى حتى تلخص له فيه رأي، واجتمع بالأفضل بن أمير الجيوش ملك الإسكندرية وأوجده أنه قادر أن تهيأ له جميع ما يحتاج إليه من الآلات أن يرفع المركب من قعر البحر، ويجعله على وجه الماء مع ما فيه من الثقل فتعجب من قوله، وفرح به، وسأله أن يفعل ذلك، ثم آتاه على جميع ما يطلبه من الآلات وغرم عليها جملة من المال، ولما تهيأت وضعها في مركب عظيم على موازاة المركب الذي قد غرق، وأرسى إليه حبالاً مبرومة من الإبريسم وأمر قوماً لهم خبرة في البحر أن يغوصوا ويوثقوا ربط الحبال بالمركب الغارق وكان قد صنع آلات بأشكال هندسية لرفع الأثقال في المركب الذي هم فيه، وأمر الجماعة بما يفعلونه في تلك الآلات، ولم يزل شأنهم ذلك والحبال الإبريسم ترتفع إليهم أولاً فأولاً وتنطوي على دواليب بين أيديهم حتى بان لهم المركب الذي كان قد غرق، وارتفع إلى قريب من سطح الماء، ثم عند ذلك انقطعت الحبال الإبريسم، وهبط المركب راجعاً إلى قعر البحر، ولقد تلطف أبو الصلت جداً فيما صنعه، وفي التحيل إلى رفع المركب، إلا أن القدر لم يساعده وحنق عليه الملك لما غرمه من الآلات وكونها مرت ضائعة، وأمر بحبسه، وأن يستوجب ذلك، وبقي في الاعتقال مدة إلى أن شفع فيه بعض الأعيان وأطلق، وكان ذلك في خلافة الآمر بأحكام اللّه؛ ووزارة الملك الأفضل بن أمير الجيوش.
ونقلت من رسائل الشيخ أبي اقاسم علي بن سليمان المعروف بابن الصيرفي في ما هذا مثاله، قال وردتني رقعة من الشيخ أبي الصلت، وكان معتقلاً وفي آخرها نسخة قصيدتين خدم بهما المجلس الأفضلي أول الأولى منهما
الشمس دونك في المحل |
|
والطيب ذكرك بل أجل |
وأول الثانية
نسخت غرائب مدحك التشبيبا |
|
وكفى بها غزلاً لنا ونسيبـا |
فكتبت إليه
لئن سترتك الجدر عنـا فـربـمـا |
|
رأينا جلابيب السحاب على الشمس |
وردتني مولاي فأخذت في تقبيلها وارتشافها، قبل التأمل لمحاسنها واستشفافها، حتى كأني ظفرت بيد مصدرها، وتمكنت من أنامل كاتبها ومسطرها، ووقفت على ما تضمنته من الفضل الباهر، وما أودعتها من الجواهر التي قذف بها فيض الخاطر، فرأيت ما قيد فكري وطرفي، وجل عن مقابلة تقريظي ووصفي، وجعلت أجدد تلاوتها مستفيداً، وأرددها مبتدئاً فيها ومعيداً
نكرر طوراً من قراة فصولـه |
|
فإن نحن أتممنا قراءته عدنـا |
إذا ما نشرناه فكالمسك نشـره |
|
ونطويه لا طي السآمة بل ضنا |
فأما ما اشتملت عليه من الرضا بحكم الدهر ضروره، وكون ما اتفق له عارض بتحقق ذهابه ومروره، ثقة بعواطف السلطان، خلد اللّه أيامه ومراحه، وسكوناً إلى ما جبلت النفوس عليه من معرفة فواضله ومكارمه، فهذا قول مثله ممن طهر اللّه نيته، وحفظ دينه، ونزه عن الشكوك ضميره ويقينه، ووفقه بلطفه لاعتقاد الخير واستشعاره، وصانه عما يؤدي إلى عاب الإثم وعاره
لا يؤيسنك من تفـرج كـربة |
|
خطب رماك به الزمان الأنكد |
صبراً فإن اليوم يتبـعـه غـد |
|
ويد الخلافة لا تطاولـهـا يد |
وأما ما أشار إليه من أن الذي مني به تمحيص أوزار سبقت،
وتنقيص ذنوب اتفقت، فقد حاشاه اللّه من الدنايا، وبرأه من الآثام والخطايا،
بل ذاك اختبار لتوكله وثقته، وابتلاء لصبره وسريرته كما يبتلى المؤمنون
الاتقياء، ويمتحن الصالحون والأولياء، واللّه تعالى يدبره بحسن تدبيره ،
ويقضي له بما الحظ في تسهيله وتيسيره، بكرمه، وقد اجتمعت بفلان فأعلمني أنه
تحت وعد أداه الاجتهاد إلى تحصيله وإحرازه، ووثق من المكارم الفائضة
بالوفاء به وإنجازه، وأنه ينتظر فرصة في التذكار ينتهزها ويغتنمها، ويرتقب
فرجة للخطاب يتولجها ويقتحمها، واللّه تعالى يعينه على ما يضمر من ذلك
وينويه، ويوفقه فيما يحاوله ويبغيه. وأما القصيدتان اللتان أتحفني بهما فما
عرفت أحسن منهما مطلعاً، ولا أجود منصرفاً ومقطعاً، ولا أملك للقلوب
والأسماع، ولا أجمع للإغراب والإبداع، ولا أكمل في فصاحة الألفاظ وتمكن
القوافي، ولا أكثر تناسباً على كثرة ما في الأشعار من التباين والتنافي،
ووجدتهما تزدادان حسناً على التكرير والترديد، وتفاءلت فيهما بترتيب قصيدة
الاطلاق بعد قصيدة التقييد، واللّه، عزّ وجلّ، يحقق رجائي في ذلك وأملي،
ويقرب ما أتوقعه فمعظم السعادة فيه لي، إن شاء اللّه.
أقول وكانت وفاة أبي الصلت رحمه اللّه يوم الاثنين مستهل محرم سنة تسع
وعشرين وخمسمائة بالمهدية، ودفن في المنستير ، وقال عند موته أبياتاً وأمر
أن تنقش على قبره وهي
سكنتك يا دار الفناء مصـدقـاً |
|
بأني إلى دار البقـاء أصـير |
وأعظم ما في الأمر أني صائر |
|
إلى عادل في الحكم ليس يجور |
فيا ليت شعري كيف ألقاه عندها |
|
وزادي قليل والذنوب كـثـير |
فإن أك مجزياً بذنبي فـإنـنـي |
|
بشر عقاب المذنـبـين جـدير |
وإن يك عفو ثم عني ورحـمة |
|
فثـم نـعـيم دائم وســرور |
ولما كان أبو الصلت أمية بن عبد العزيز قد توجه إلى الأندلس، قال ظافر الحداد الإسكندري وأنفذها إلى المهدية إلى الشيخ أبي الصلت من مصر يذكر شوقه إليه، وأيام اجتماعهما بالإسكندرية
ألا هل لدائي مـن فـراقـك افـراق |
|
هو السم لكـن فـي لـقـائك درياق |
فيا شمس فضل غربت ولـضـوئهـا |
|
على كل قطر بالمـشـارق إشـراق |
سقى العهد عـهـداً مـنـك عـمـر |
|
عهده بقلبي عهد لا يضيع ومـيثـاق |
يجدده ذكـر يطـيب كـمـا شـدت |
|
وريقاء كنـتـهـا مـن الأيك أوراق |
لك الخلق الجزل الـرفـيع طـرازه |
|
وأكثر أخـلاق الـخـلـيفة أخـلاق |
لقد ضاءلتني يا أبا الصلت مـذ نـأت |
|
ديارك عن داري هـمـوم وأشـواق |
إذا عزني اطفاؤهـا بـمـدامـعـي |
|
جرت ولها ما بين جفـنـي إحـراق |
سحائب يحـدرهـا زفـير تـجـره |
|
خلال التراقي والترائب تـشـهـاق |
وقد كان لي كنز مع الصبـر واسـع |
|
فلي منه في صعب النوائب انـفـاق |
وسيف إذا جـرت بـعـض غـراره |
|
لجيش خطوب صدها منـه إرهـاق |
إلـى أن أبـان الـبـين أن غـراره |
|
غرور وإن الكنـز فـقـر وإمـلاق |
أخي سيدي مولاي دعوة من صـفـا |
|
وليس لـه مـن رق ودك إعـتـاق |
لئن بعدت ما بينـنـا شـقة الـنـوى |
|
ومطرد طامي الغـوارب خـفـاق |
وبِيد إذا كلفتها الـعـيس قـصـرت |
|
طلائح أنضـاهـا ذمـيل وأعـنـاق |
فعندي لك الود المـلازم مـثـل مـا |
|
يلازم أعنـاق الـحـمـائم أطـواق |
ألا هل لايامـي بـك الـغـر عـودة |
|
كنهدي وثغر الثغر أشـنـب بـراق |
ليالـي يدنـينـا جـواب أعـادنــا |
|
من القرب كالصنوين ضمهما سـاق |
وما بينـنـا مـن حـسـن حـظـك |
|
روضة بها حسدت منا المسامع أحداق |
حديث حديث كلمـا طـال مـوجـز |
|
مفيد إلى قلب الـمـحـدث سـبـاق |
يزجيه بحر من عـلـومـك زاخـر |
|
له كل بحر فائض الـلـج رقـراق |
معان كأطـواد الـشـوامـخ جـزلة |
|
تضمنها عذب من اللـفـظ غـيداق |
به حِكَمٌ مسـتـنـبـطـات غـرائب |
|
لأبكارها الغر الفلاسـف عـشـاق |
فلو عاش رسـطـالـيس كـان لـه |
|
بها غرام وقلب دائم الفـكـر تـواق |
فيا واحد الفـضـل الـذي الـعـلـم |
|
قوته وأهلوه مشتـاق بـشـم وذواق |
لئن قصـرت كـتـبـي فـلا غـرو |
|
أنه لعائق عذر والمـقـادير أوهـاق |
كتبت وآفـات الـبـحـار تـردهـا |
|
فإن لم يكن رد عـلـي فـإغـراق |
بحار بـأحـكـام الـرياح فـإنـهـا |
|
مفاتيح فـي أبـوابـهـن وأغـلاق |
ومن لي أن أحظى إلـيك بـنـظـرة |
|
فيسكن مـقـلاك ويرقـا مـهـراق |
ومن شعر أبي الصلت أمية بن عبد العزيز قال يمدح أبا الطاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس ويذكر وصول ملك الروم بالهدايا راغباً في ترك الغزو وذلك في سنة خمس وخمسمائة
يهاديك من لو شئت كان هو المهـدى |
|
وإلا فضمنه المثـقـفة الـمـلـدا |
وكل سريجـي إذا ابـتـز غـمـده |
|
تعوض من هام الكماة لـه غـمـدا |
تخير فرداً في ظبا الهـنـد شـأنـه |
|
إذا شيم يوم الروع أن يزوج الفـردا |
ظبا ألفت غلب الرقاب وصـالـهـا |
|
كما ألفت منهن أغمادهـا الـصـدا |
وتركت بقسطنطينة رب ملـكـهـا |
|
وللرعب ما أخفاه منه ومـا أبـدى |
سددت عليه مغرب الشمس بالظـبـا |
|
فود حذارا منك لو جـاوز الـسـدا |
وبالرغم منه ما أطـاعـك مـبـدياً |
|
لك الحب في هذي الرسائل والـودا |
لأنـك إن أوعـدتـه أو وعـدتــه |
|
وفيت ولم تخلف وعـيداً ولا وعـدا |
أجل، وإذا ما شئت جـرَّدت نـحـوه |
|
جحاجحه شيباً وصـبـيانـه مـردا |
يردون أطـراف الـرمـاح دوامـيا |
|
يخلن على أيديهـم مـقـلاً رمـدا |
فدتك ملوك الأرض أبعدهـا مـدى |
|
وأرفعها قدراً وأقدمـهـا مـجـدا |
إذا كلفوا بالطرف ادعـج سـاجـياً |
|
كلفت بحب الطرف عبل الشوى نهدا |
وكل أضاة أحكم القين نـسـجـهـا |
|
فضاعف في أثنائها الحلق السـردا |
وأسمر عـسـال وأبـيض صـارم |
|
يعـنـق ذا قـداً ويلـثـم ذا خـدا |
محاسن لو أن الـلـيالـي حُـلـيت |
|
بأيسرها لابيض منهـن مـا اسـودا |
فَمُرْ بالذي تختاره الدهر يمـتـثـل |
|
لأمرك حكماً لا يطـيق لـهـا ردا |
وقال أيضاً ورفعها إلى الأفضل يذكر يتجريده العساكر إلى الشام لمحاربة الفرنج بعد انهزام عسكره في الموضع المعروف بالبصه، وكان قد اتفق في أثناء ذلك التاريخ أن قوماً من الأجناد وغيرهم أرادوا الفتك به فوقع على خبرهم فقبض عليهم وقتلهم
هي الـعـزائم مـن أ نـصـارهـــا |
|
القدر وهي الكتائب من أشياعها الظفـر |
|
||
جردت لـــلـــدين والأســـياف |
|
مغمدة سيفاً تفل به الأحـداث والـغـير |
|
||
وفـمـت إذ قــعـــد الأمـــلاك |
|
كلهم تذب عنه وتحمـيه وتـنـتـصـر |
|
||
بالبيض تسقط فوق البيض أنـجـمـهـم |
|
والسمر تحت ظلال النقع تـشـتـجـر |
|
||
بيض إذا خـطـبـت بـالـنـصـــر |
|
السنها فمن منابرها الأكباد والـقـصـر |
|
||
وذبل مـن رمـاح الـخـط مـشـرعة |
|
في طولهن لأعمـار الـعـدا قـصـر |
|
||
يغشى بها غمرات المـوت أسـد شـرى |
|
من الكماة إذا ما استنـجـدوا ابـتـدروا |
|
||
مستـلـئمـين إذا سـلـوا سـيوفـهـم |
|
شبهتها خـلـجـاً مـدت بـهـا غـدر |
|
||
قوم تـصـول بـبـيض الـهـنـــد |
|
إذرعهم فما يضر ظباها أنـهـا بـتـر |
|
||
إذا انـتـضـوهـا وذيل الـنـقـــع |
|
فوقهم كالشمس طالعة والليل معتـكـر |
|
||
ترتـاح أنـفـسـه نـحـو الـوغــى |
|
طرباً كأنما الدم راح والـظـبـا زهـر |
|
||
وإن هـم نـكـصـوا يومــاً فـــلا |
|
عجب قد يكهم السيف وهو الصارم الذكر |
|
||
الـعـود أحـمـد الأيام ضــامـــنة |
|
عقبى النجاح ووعد الـلّـه ينـتـظـر |
|
||
وربـمـا سـاءت الأقـدار ثـم جـرى |
|
بمـا يسـرك سـاعـات لـهـا أخـر |
|
||
الـلّـه زان بـك الأيام مـن مـلــك |
|
لك الـحـجـول مـن الأيام والـغـرر |
|
||
للّه بأسك والألبـاب طـائشة والـخـيل |
|
تردى ونـار الـحـرب تـسـتـعـر |
|
||
وللعجاج علـى صـم الـقـنـا طـلـل |
|
هي الدخان وأطراف الـقـنـا شـرر |
|
||
إذ يرجـع الـسـيف بــيدي خـــده |
|
علقاً كصفحة البكر أدمى خدها الخفـر |
|
||
وإذ تسـد مـسـد الـسـيف مـنـفـرداً |
|
ولا يصـدك لا جـبــن ولا خـــور |
|||
أمـا يهـولـك مـا لاقـيت مـن عــدد |
|
سيان عنـدك قـل الـقـوم أو كـثـروا |
|||
هي الـسـمـاحة إلا أنـهـا شـــرف |
|
هي الـشـجـاعة إلا أنـهـا غـــرر |
|||
الله في الـدين والـدنـيا فـمـا لـهـمـا |
|
سواك كـهـف ولا ركـــن ولا وزر |
|||
ورام كـيدك أقـوام ومـا عـلـمـــوا |
|
أن المنى خطرات بعـضـهـا خـطـر |
|||
هيهـات أين مـن الـعـيوق طـالـبـه |
|
وكان سدد منـه الـفـكـر والـنـظـر |
|||
أن الأسـود لـتـأبـى أن يروعـهـــا |
|
وسط العرين ظباء الربـرب الـعـفـر |
|||
أمر نـووه ولـو هـمـوا بـه وقـفـوا |
|
كوقـفة الـعـير لا ورد ولا صـــدر |
|||
ما كل حـين تـرى الأمـلاك صـافـحة |
|
عن الجرائر تـعـفـو حـين تـقـتـدر |
|||
ومـن ذوي الــبـــغـــي مـــن |
|
لا يستهان به وفي الذنوب ذنوب ليس تغتفر |
|||
إن الـرمـاح غـصـون يسـتـظــل |
|
بها وما لهن سوى هام الـعـدى ثـمـر |
|||
ولـيس يصـبـح شـمـل الـمـلـــك |
|
منتظماً إلا بحيث ترى الهامات تنـتـثـر |
|||
والـرأي رأيك فـيمـا أنـت فـاعـلـه |
|
وأنـت أدرى بـمـا تـأت ومـا تــذر |
|||
أضحى شـهـنـشـاه غـيثـاً لـلـنـدى |
|
غدقاً كل البلاد إلى سـقـياه تـفـتـقـر |
|||
الـطـاعـن الألــف إلا أنـــهـــا |
|
نسق والواهـب الألـف إلا أنـهـا بِـدر |
|||
ملك تـبـوأ فـوق الـنـجـم مـقـعـده |
|
فكيف تطمع فـي غـاياتـه الـبـشـر |
|||
يرجى نداه ويخشـى عـنـد سـطـوتـه |
|
كالدهر يوجد فيه الـنـفـع والـضـرر |
|||
ولا سـمـعـــت ولا حـــدثـــت |
|
عن أحد من قبله يهب الدنـيا ويعـتـمـر |
|||
ولا بـصـرت بـشـمـس قــبـــل |
|
غرته إذا تجلى سناها أغـدق الـمـطـر |
|||
يا أيهـا الـمـلـك الـسـامـي الــذي |
|
ابتهجت به الليالي وقر البدو والحـضـر |
|||
جاءتـك مـن كـلـم الـحــاكـــي |
|
محبرة تطوي لبهجتها الإبراد والـحـبـر |
|||
هي الـلآلـئ إلا أن نـاظـمــهـــا |
|
طي الضمير ومن غواصهـا الـفـكـر |
|||
تبـقـى وتـذهـب أشـعـار مـلـفـقة |
|
أولى بقائلهـا مـن قـولـه الـحـصـر |
|||
ولم أطـلـهـا لأنـي جـد مـعـتـرف |
|
بأن كـل مـطـيل فـيه مـخـتـصـر |
|||
بقـيت لـلـدين والـدنـيا ولا عـدمـت |
|
أجياد تلـك الـمـعـالـي هـذه الـدرر |
|||
وقال أيضاً
ومهفهف شركت محاسن وجهه |
|
ما مجه في الكاس من إبريقه |
ففعالها من مقلتيه، ولونها مـن |
|
وجنتيه، وطعمها مـن ريقـه |
وقال أيضاً يصف الثريا
رأيت الثريا لها حالتـان |
|
منظرها فيهما معجـب |
لها عند مشرقها صورة |
|
يريك مخالفها المغرب |
فتطلع كالكاس إذ تستحث |
|
وتغب كالكاس إذ يشرب |
وقال في الموضع المعروف ببركة الحبش بمصر
للّه يومي ببركة الـحـبـش |
|
والأفق بين الضياء والغبـش |
والنيل تحت الرياح مضطرب |
|
كالسيف سلته كف مرتعـش |
ونحن في روضة مـفـوفة |
|
دبج بالنور عطفها ووشـي |
قد نسجتها يد الربـيع لـنـا |
|
فنحن من نسجها على فرش |
وأثقل الناس كلـهـم رجـل |
|
دعاه داعي الصبا فلم يطش |
فعاطني الراح أن تاركـهـا |
|
من سورة الهم غير منتعش |
واسقني بالكبـار مـتـرعة |
|
فتلك أروى لشدة العـطـش |
وقال أيضاً
عجبت من طرفك في ضعفه |
|
كيف يصيد البطل الأصـيدا |
يفعل فينا وهو في جفـنـه |
|
ما يفعل السـيف إذا جـردا |
وقال أيضاً
حجبت مسامعه عن العـذال |
|
فأبى فليس عن الغرام بسالي |
ويح المتـيم لا يزال مـعـذبـاً |
|
بخفوق برق أو طروق خـيال |
وإذا البلابل بالعشي تجـاوبـت |
|
بعثت بأضلعه جوى البلـبـال |
وارحمتا لمعذب يشكوا الجـوى |
|
بمنعم يشكـو فـراغ الـبـال |
نشوان من خمرين خمر زجاجة |
|
عبثت بمقلتـه وخـمـر دلال |
كالريم إلا أن هذا عاطـل أبـدا |
|
وذا في كـل حـال حـالـي |
لا يستفيق وهل يفيق بحـالـه |
|
من رق فيه سلافة الـجـريال |
عَلِمَ العدو بما لقيت فـرق لـي |
|
ورأى الحسود بليتي فرثى لي |
يا من برى الجسم بطول صدوده |
|
ألا سمحت ولو بوعد وصـال |
قد كنت أطمع منك لو عاقبتني |
|
بصدور عتب لا صدود مـلال |
وقال يصف فرساً أشهب
وأشهب كالشهاب أضحى |
|
يجول في مذهب الجلال |
قال حسـودي وقـد رآه |
|
يجنب خلفي إلى القتـال |
من ألجم الصبح بالثـريا |
|
وأسرج البرق بالهـلال |
وقال أيضا
تقـريب ذي الأمـر لأهـل |
|
النهى فضل ما ساس به أمره |
هذا به أولـى ومـا ضـره |
|
تقريب أهل اللهو في الندرة |
عطارد فـي جـل أوقـاتـه |
|
أدنى إلى الشمس من الزهرة |
وقال أيضاً
بي من بني الأصفر ريم رمى |
|
قلبي بسهم الحور الصـائب |
سهم من اللحظ رمتنـي بـه |
|
عن كثب قوس من الحاجب |
كأنما مقلتيه فـي الـحـشـا |
|
سيف علي بن أبي طـالـب |
وقال أيضاً
يا موقداً بالهجر في أضلعي |
|
ناراً بغير الوصل ما تنطفي |
إن لم يكن وصل فعدني بـه |
|
رضيت بالوعد وأن لم تف |
وقال أيضاً
وليت وردت إليك الأمور |
|
ولم أك منتظراً أن تلي |
وها أنا بين عدا كلـهـم |
|
عليَّ فكن بابي أنت لي |
ذكرت نواهم لدي قربهم |
|
فجدت بأدمعي الهمـع |
فكيف أكون إذا هم نـأوا |
|
وهذا بكائي إذ هم معي |
وقال أيضاً
إذا ألفـيت حـراً ذا وفـاء |
|
وكيف به فدونك فاغتنمـه |
وإن آخيت ذا أصل خبـيث |
|
وساءك في الفعال فلا تلمه |
وقال أيضاً
أقـول وقـد شـطـت بـه غـربة |
|
النوى وللحب سلطان على مهجتي فظ |
لئن بان عني من كلـفـت بـحـبـه |
|
وشط فما للعين من شخـصـه حـظ |
فإن له في أسود الـقـلـب مـنـزلاً |
|
تكنفه فـيه الـرعـاية والـحـفـظ |
أراه بعين الوهـم والـوهـم مـدرك |
|
معاني شتى ليس يدركها الـلـحـظ |
وقال أيضاً
وراغب في العلوم مجتـهـد |
|
لكنه في القبول جـلـمـود |
فهو كذي عـنة بـه شـبـق |
|
أو مشتهي الأكل وهو ممعود |
وقال أيضاً
تفكر في نقصـان مـالـك دائمـاً |
|
وتغفل عن نقصان جسمك والعمـر |
ويثنيك خوف الفقر عن كل بـغـية |
|
وخوفك حال الفقر من أعظم الفقر |
ألم تر أن الدهـر جـم صـروفـه |
|
وأن ليس من شيء يدوم على الدهر |
فكم فرحة فـيه أزيلـت بـتـرحة |
|
وكم حال عسر فيه آلت إلى اليسر |
وقال في البراغيث
ولـيلة دائمة الـغـســوق |
|
بعيدة الممسى من الشـروق |
كليلة المـتـيم الـمـشـوق |
|
طال ظلمائها تـشـريقـي |
أحب خلق لأذى مـخـلـوق |
|
يرى دمي أشهى من الرحيق |
يغب فيه غير مـسـتـفـيق |
|
لا يترك الصبوح للغـبـوق |
لو بت فوق قـمة الـعـيوق |
|
ما عاقه ذلك عن طروقـي |
كعاشق أسرى إلى معشـوق |
|
أعلم من بقراط بالـعـروق |
من أكحل منها وباسليق يفصدها بمبضع دقيق من خطمة المذرب الذليق فصد الطبيب الحاذق الرقيق وقال أيضاً
مارست دهري وجربت الأنام فلـم |
|
أحمدهم قط في جـد ولا لـعـب |
وكم تمنيت أن ألـقـى بـه أحـداً |
|
يسلي من الهم أو يعدي على النوب |
فما وجدت سوى قوم إذا صـدقـوا |
|
كانت مواعيدهم كالآل في الكـذب |
وكان لي سبب قد كنت أحسبني |
|
أحظى به وإذا دائي من السبب |
فما مقلم أظفاري سوى قلمـي |
|
ولا كتائب أعدائي سوى كتبي |
وقال يصف الأسطرلاب
أفضل ما استُصحب الـنـبـيل |
|
فلا تعدل به في المقام والسفر |
جرم إذا ما التمست قـيمـتـه |
|
جل على التبر وهو من صفر |
مختصر وهو إذ تـفـتـشـه |
|
عن ملح العلم غير مختصـر |
ذو مقلة يستبين مـا رمـقـت |
|
عن صائب للحظ صادق النظر |
تحمله وهو حامل فلـكـا لـو |
|
لم يدر بـالـبـنـان لـم يدر |
مسكنه الأرض وهو ينـبـئنـا |
|
عن جل ما في السماء من خبر |
أبدعه رب فكرة بعـدت فـي |
|
اللطف عن أن تقاس بالفكـر |
فاستوجب الشكر والثنـاء لـه |
|
من كل ذي فطنة من البشـر |
فهو لذي اللب شاهد عـجـب |
|
على اختلاف العقول والفطـر |
وأن هذه الجسوم بائنة بـقـدر |
|
ما أعطـيت مـن الـصـور |
وقال أيضاً
يا مفرداً بالغنج والـشـكـل |
|
من دل عينيك على قتـلـي |
البدر من شمس الضحى نوره |
|
والشمس من نورك تستملي |
وقال وقد رأى أمرد جميلاً قام من موضع وجاء أسود قعد في مكانه
مضت جنة المأوى وجاءت جهنم |
|
فقد صرت أشقى بعدما كنت أنعم |
وما هي إلا الشمس حان أفولهـا |
|
وأعقبها قطع من الليل مظـلـم |
وقال أيضاً
وقائلة ما بال مثـلـك خـامـلاً |
|
أأنت ضعيف الرأي أم أنت عاجز |
فقلت لها ذنبي إلى القوم أنـنـي |
|
لما لم يحوزوه من المجد حـائز |
وما فاتني شيء سوى الحظ وحده |
|
وأما المعالي فهي فـي غـرائز |
ولأبي الصلت أمية بن عبد العزيز من الكتب الرسالة المصرية، ذكر فيها ما رآه في ديار مصر من هيئتها وآثارها، ومن اجتمع بهم فيها من الأطباء والمنجمين والشعراء وغيره من أهل الأدب؛ وألف هذه الرسالة لأبي الطاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس، كتاب الأدوية المفردة على ترتيب الأعضاء المتشابهة الأجزاء والآلية، وهو مختصر قد رتبه أحسن ترتيب، كتاب الانتصار لحنين بن إسحاق علي بن رضوان في تتبعه لمسائل حنين، كتاب حديقة الأدب، كتاب الملح العصرية من شعراء أهل الأندلس والطارئين عليها، ديوان شعره، رسالة في الموسيقى، كتاب في الهندسة رسالة في العمل بالأسطرلاب، كتاب تقويم منطق الذهن.