الجزء الأول - ذكر سلطان انطالية

وسلطانها خضر بك ابن يونس بك، وجدناه عند وصولنا إليها عليلاً، فدخلنا عليه بداره، وهو في فراش المرض، فكلمنا بألطف كلام وأحسنه وودعناه، وبعث الينا بإحسان. وسافرنا إلى بلدة بردور " وضبط اسمها بضم الباء الموحدة وإسكان الراء وضم الدال المهمل وواو وراء "، وهي بلدة صغير كثيرة البساتين والأنهار، ولها قلعة في رأس جبل شاهق نزلنا بدار خطيبها، واجتمعت الأخية، وأرادوا نزولنا عندهم فأبى عليهم الخطيب، فصنعوا لنا ضيافة في بستان لأحدهم وذهبوا بنا إليها فكان من العجائب إظهارهم السرور بنا، والاستبشار والفرح، وهم لا يعرفون لساننا، ونحن لا نعرف لسانهم، ولا ترجمان فيما بيننا. وأقمنا عندهم يوماً وانصرفنا ثم سافرنا من هذه البلدة إلى بلدة سبرنا " وضبط اسمها بفتح السين المهمل والباء الموحدة وإسكان الراء وفتح التاء المعلوة والف " وهي بلدة حسنة العمارة والأسواق كثيرة البساتين والأنهار، لها قلعة في جبل شامخ وصلنا إليها بالعشي، ونزلنا عند قاضيها وسافرنا منها إلى مدينة أكريدور " وضبط اسمها بفتح الهمزة وسكون الكاف وكسر الراء وياء مد ودال مهمل مضموم وواو مد وراء " مدينة عظيمة كثيرة العمارة حسنة الأسواق ذات أنهار وبساتين، ولها بحيرة عذبة الماء يسافر المركب فيها يومين إلى أقشهر وبقشهر وغيرهما من البلاد والقرى، ونزلنا منها بمدرسة تقابل الجامع الأعظم بها المدرس العام الحاج المجاور الفاضل مصلح الدين قرأ بالديار المصرية والشام وسكن بالعراق. وهو فصيح اللسان حسن البيان، أطروفة من طرف الزمان، أكرمنا غاية الإكرام وقام بحقنا أحسن قيام.