سلطان قندهار كافر اسمه جالنسي " بفتح الجيم واللام وسكون النون وكسر السين المهمل "، وهو تحت حكم الإسلام، ويعطي لملك الهند هدية كل عام. لما وصلنا إلى قندهار خرج إلى استقبالنا، وعظمنا أشد التعظيم، وخرج عن قصره فأنزلنا به. وجاء إلينا من عنده من كبار المسلمين كأولاد خواجه بهره. ومنهم الناخوذة إبراهيم، له ستة من المراكب مختصة له. ومن هذه المدينة ركبنا البحر
وركبنا في مركب لإبراهيم المذكور تسمى الجاكر " بفتح الجيم والكاف المعقودة ". وجعلنا فيه من خيل الهدية سبعين فرساً، وجعلنا باقيها مع خيل أصحابنا في مركب لأخي إبراهيم المذكور يسمى منورت " بفتح الميم ونون وواو مد وراء مسكن وتاء معلوة " وأعطانا جالنسي مركباً جعلنا فيه ظهير الدين وسنبل وأصحابهما، وجهزه لنا بالماء والزاد والعلف. وبعث معنا ولداً في مركب يسمى العكيري " بضم العين المهمل وفتح الكاف وسكون الياء وراء "، وهو شبه الغراب، إلا أنه أوسع منه. وفيه ستون مجذافاً. ويسقف حين القتال حتى لا ينال الجذافين شيء من السهم ولا الحجارة. وكان ركوبي أنا في الجاكر، وكان فيه خمسون رامياً وخمسون من المقاتلة الحبشة، وهم زعماء هذا البحر. وإذا كان بالمركب أحد منهم تحاماه لصوص الهنود وكفارهم. ووصلنا بعد يومين إلى جزيرة بيرم " وضبط اسمها بفتح الباء الموحدة وسكون الياء وفتح الراء "، وهي خالية. وبينها وبين البر أربعة أميال. فنزلنا بها، واستقينا الماء من حوض بها. وسبب خرابها أن المسلمين دخلوها على الكفار فلم تعمر بعد. وكان ملك التجار الذي تقدم ذكره أراد عمارتها، وبنى سورها، وجعل بها المجانيق، وأسكن بها بعض المسلمين.
ثم سافرنا منها ووصلنا في اليوم الثاني إلى مدينة قوقة وهي " بضم القاف الأولى وفتح الثانية "، وهي مدينة كبيرة عظيمة الأسواق، فرسينا على أربعة أميال منها بسبب الجزر، ونزلت في عشاري مع بعض أصحابي حين الجزر لأدخل إليها، فوحل العشاري في الطين، وبقي بيننا وبين البلد نحو ميل. فكنت لما نزلنا في الوحل أتوكأ على رجلين من أصحابي وخوفني الناس من وصول المد قبل وصولي إليها،وأنا لا أحسن السباحة، ثم وصلت إليها، وطفت بأسواق، ورأيت بها مسجدها ينسب للخضر وإلياس عليهما السلام. صليت به المغرب ووجدت به جماعة من الفقراء الحيدرية مع شيخ لهم ثم عدت إلى المركب.