الجزء الثاني - ذكر سلطان ظفار

ووجدت سلطانها في هذه الكرة الملك الناصر ابن الملك المغيث، الذي كان ملكاً بها حين وصولي إليها فيما تقدم، ونائبه سيف الدين عمر أمير جندر، التركي الأصل. وأنزلني هذا السلطان، وأكرمني. ثم ركبت البحر، فوصلت إلى مسقط " بفتح الميم "، وهي بلدة صغيرة بها السمك الكثير المعروف بقلب الماس، ثم سافرنا إلى مرسى القريات " وضبطها بضم القاف وفتح الراء والياء آخر الحروف وألف وتاء مثناة ". ثم سافرنا إلى مرسى شبة " وضبط اسمها بفتح الشين المعجم وفتح الباء الموحدة وتشديدها "، ثم إلى مرسى كلبة، ولفظها على لفظ مؤنثة الكلب، ثم إلى قلهات، وقد تقدم ذكرها. وهذه البلاد كلها من عمالة هرمز، وهي محسوبة من بلاد عمان. ثم سافرنا إلى هرمز، وأقمنا بها ثلاثاً. وسافرنا في البر إلى كورستان ثم إلى اللار ثم إلى خنج بال، وقد تقدم ذكر جميعها. ثم سافرنا إلى كارزي " وضبط اسمها بفتح الكاف وسكون الراء وكسر الزاي "، وأقمنا بها ثلاثاً. ثم سافرنا إلى جمكان " وضبط اسمها بفتح الجيم والميم والكاف وآخره نون "، ثم سافرنا منهم إلى ميمن " وضبط اسمها بفتح الميمين وبينهما ياء آخر الحروف مسكنة وآخره نون "، ثم سافرنا إلى بسا " وضبط اسمها بفتح الباء الموحدة والسين المهمل مع تشديدها "، ثم إلى مدينة شيراز. فوجدنا سلطانها أبا إسحاق على ملكه إلا أنه كان غائباً عنها. ولقيت بها شيخنا الصالح العالم مجد الدين قاضي القضاة، وهو قد كف بصره، نفعه الله ونفع به. ثم سافرت إلى ماين، ثم إلى يزدخاص، ثم إلى كليل، ثم إلى كشك زر، ثم إلى أصبهان، ثم إلى تستر، ثم إلى الحويزا، ثم إلى البصرة، وقد تقدم ذكر جميعها. وزرت بالبصرة القبور الكريمة التي بها، وهي قبر الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وحليمة السعدية، وأبي بكرة، وأنس بن مالك، والحسن البصري، وثابت البناني، ومحمد بن سيرين، ومالك بن دينار، ومحمد بن واسع، وحبيب العجمي، وسهل بن عبد الله التستري، رضي الله تعالى عنهم أجمعين. ثم سافرنا من البصرة، فوصلنا إلى مشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وزرناه. ثم توجهنا إلى الكوفة، فزرنا مسجدها المبارك، ثم إلى الحلة، حيث مشهد صاحب الزمان، واتفق في بعض تلك الأيام أن وليها بعض الأمراء فمنع أهلها من التوجه على عادتهم إلى مسجد صاحب الزمان، وانتظاره هنالك. ومنع عنهم الدابة التي كانوا يأخذونها كل ليلة من الأمير، فأصابت ذلك الوالي علة مات منها سريعاً. فزاد ذلك في فتنة الرافضة، وقالوا: إنما أصابه ذلك لأجل منعه الدابة، فلم تمنع بعد. ثم سافرت إلى صرصر، ثم إلى مدينة بغداد. وصلتها في شوال سنة ثمان وأربعين، ولقيت بها بعض المغاربة فعرفني بكائنة طريف، واستيلاء الروم على الخضراء. جبر الله صدع الإسلام في ذلك.