ما قيل من الشعر في يوم بدر

ما قاله حمزة بن عبدالمطلب

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان مما قيل من الشعر في يوم بدر ، وترادَّ به القوم بينهم لما كان فيه ، قول حمزة بن عبدالمطلب يرحمه الله ‏‏:‏‏ - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وأكثر أهل العلم بالشعر ينكرها ونقيضتها - ‏‏:‏‏

ألم تر أمراً كان من عجبِ الدهرِ

 

وللحَـين أسـبـابٌ مـبَـينة الأمـرِ

وما ذاك إلا أن قومـا أفـادهـم

 

فخانوا تواصٍ بالعُقوق وبالـكـفـرِ

عشيَّة راحوا نحو بدر بجمعـهـم

 

فكانوا رهونا للـرَّكـيَّة مـن بـدرِ

وكنا طلبنا العير لم نبغِ غـيرهـا

 

فساروا إلينا فالتقينـا عـلـى قـدرِ

فلما التقينا لم تـكـن مـثـنـويةٌ

 

لنا غير طعن بالمثقَّـفة الـسـمـرِ

وضرب ببيض يختلي الهام حدَّهـا

 

مشـهَّـرة الألـوان بـينةِ الأُثــرِ

ونحن تركنا عُتبة الـغـي ثـاويا

 

وشيبة في القتلى تجرجم في الجفـر

وعمرو ثوى فيمن ثوى من حماتهم

 

فشُقت جيوب النائحات على عمـرو

جيوب نساء من لؤي بن غـالـب

 

كرامٍ تفرَّعن الـذوائبَ مـن فِـهـرِ

أولئك قوم قُتِّلوا في ضـلالـهـم

 

وخلَّوا لواءً غير محتضِر النـصـرِ

‏لواء ضلال قاد إبـلـيس أهـلـه

 

فخاس بهم ، إن الخبيث إلـى غـدر

وقال لهم إذ عاين الأمر واضحـا

 

برئت إليكم ما بي اليوم من صـبـر

فإني أرى ما لا تـرون وإنـنـي

 

أخاف عقاب الله والـلـه ذو قَـسـرِ

فقدمهم للحَين حتـى تـورطـوا

 

وكان بما لم يَخبُرِ القـومُ ذا خُـبـرِ

فكانوا غداة البئر ألفا وجمـعُـنـا

 

ثلاثُ مئين كالمـسـدمة الـزُهـرِ

وفينا جنود الـلـه حـين يمـدنـا

 

بهم في مقام ثمَّ مستوضَـح الـذكـر

فشدَّ بهم جبريل تـحـت لـوائنـا

 

لدى مأزق فيه منـاياهـم تـجـري

رد هشام بن المغير ة على ما قاله حمزة فأجابه الحارث ابن هشام بن المغيرة ، فقال

ألا يا لقومي للصبابة والهجـر

 

وللحزن مني والحرارة في الصدر

 

وللدمع من عينيَّ جوداً كـأنـه

 

فريدٌ هوى من سلك ناظمه يجري

 

على البطل الحلو الشـمـائل إذ ثـوى

 

رهـينَ مـقـام لـلـركَّـيةِ مـن بـدر

فلا تبعدن يا عمـرو مـن ذي قـرابة

 

ومن ذي نِـدام كـان ذا خـلـق غَـمـر

فإن يك قـوم صـادفـوا مـنـك دولة

 

فلا بـد لـلأيام مـن دول الــدهـــر

فقد كنتَ في صرف الزمان الذي مضى

 

تُريهم هوانـا مـنـك ذا سـبـل وعـرِ

فإلا أمتْ يا عمـرو أتـركـك ثـائرا

 

ولا أبق بـقـيا فـي إخـاء ولا صِـهـر

وأقطع ظهرا من رجال بمعشر كـرامٍ

 

عليهم مثـل مـا قـطـعـوا ظـهـري

أغرهم ما جـمَّـعـوا مـن وشـيظة

 

ونحن الصميم في القبـائل مـن فِـهـر ‏

فيا للـؤي ذبِّـبـوا عـن حـريمـكـم

 

وآلهة لا تتـركـوهـا لـذي الـفـخـر

توارثـهـا أبـاؤكـم وورثــتـــم

 

أواسيَّها والبيت ذا السـقـف والـسـتـر

فما لـحـلـيم قـد أراد هـلاكـكـم

 

فلا تـعـذروه آلَ غـالـبَ مـن عـذر

وجِّـدوا لـمـن عـاديتـم وتـوازروا

 

وكونوا جميعاً في التأسي وفي الـصـبـر

لعـلـكـم أن تـثـأروا بـأخـيكــم

 

ولا شيء إن لم تثـأروا بـذوي عـمـرو

بمَطّـرِدات فـي الأكـف كـأنـهـا

 

ومـيض تُـطـير الـهـام بـيَّنة الأُثـر

كان مَدبَّ الـذَّر فـوق مـتـونـهـا

 

إذا جـردت يومـا لأعـدائهـا الـخُـزر

           

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أبدلنا من هذه القصيدة كلمتين مما روى ابن إسحاق ، وهما ‏‏(‏‏ الفخر ‏‏)‏‏ في أخر البيت و‏‏(‏‏ فما لحليم ‏‏)‏‏ ، في أول البيت ، لأنه نال فيهما من النبي صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏

شعر لعلي بن أبي طالب في يوم بدر

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال علي بن أبي طالب في يوم بدر ‏‏:‏‏ قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ولم أر أحداً من أهل العلم بالشعر يعرفها ولا نقيضتها ، وإنما كتبناهما لأنه يقال ‏‏:‏‏ إن عمرو بن عبدالله بن جدعان قتل يوم بدر ، ولم يذكره ابن إسحاق في القتلى ، وذكره في هذا الشعر ‏‏:‏‏

ألم تر أن الله أبـلـى ورسـولـه

 

بلاء عزيز ذي اقتدار وذي فـضـل

بما أنـزل الـكـفـار دار مـذلة

 

فلاقوا هوانا من إسارٍ ومـن قـتـل

فأمس رسول الله قد عز نـصـره

 

وكان رسول الله أرسـل بـالـعـدل

فجاء بفرقان من الـلـه مـنـزل

 

مبـينةٌ آياتـه لـذوي الـعـقـــل

فآمـن أقـوام بـذاك وأيقـنــوا

 

فأمسوا بحمد الله مجتمعي الشـمـل

وأنكرأقوام فزاغت قـلـوبـهـم

 

فزادهمُ ذو العرش خَبلاَ على خبـلا

وأمكن منهم يوم بـدر رسـولـه

 

وقوماً غضاباً فِعلهم أحسن الفـعـل

بأيديهم بيض خفاف عصوا بـهـا

 

وقد حادثوها بالجلاء وبـالـصـقـل

فكم تركوا من ناشئ ذي حـمـيَّة

 

صريعا ومن ذي نجدة منهم كـهـل

تبيت عيون النائحـات عـلـيهـم

 

تجود بإسبال الرشـاش وبـالـوبـل

نوائح تنعى عُتبة الغـيِّ وابـنـه

 

وشيبة تنعاه وتنـعـى أبـا جـهـل

وذا الرجل تنعى وابن جدعان فيهم

 

مسلِّـبَةً حـرَّى مـبـيَّنة الـثُـكـل

ثوى منهم في بئر بدر عِـصـابة

 

ذوي نجدات في الحروب وفي المحل

دعا الغي منهم من دعا فأجـابـه

 

وللغيِّ أسباب مـرمـقة الـوصـل

فأضحوا لدى دار الجحيم بمعـزل

 

عن الشَغب والعداون في أشغل الشغل

شعر الحارث بن هشام يرد به على علي رضي الله عنه فأجابه الحارث بن هشام بن المغيرة ، فقال ‏‏:‏‏

عجبت لأقوام تغنىَّ سـفـيهـهـم

 

بأمر سفاه ذي اعتراض وذي بطـل

تغنى بقتلى يومَ بدر تـتـابـعـوا

 

كرام المساعي من غلام ومن كهـل

مصاليتَ بيض من لؤي بن غالـب

 

مَطاعين في الهيجا مَطاعيم في المحل

أُصيبوا كراما لم يبيعوا عـشـيرة

 

بقوم سواهم نازحي الـدار والأصـل

كما أصبحت غسان فيكم بـطـانة

 

لكم بدلا منا فـيا لـك مـن فـعـل

عقوقا وإثمـا بـينـا وقـطـيعة

 

يرى جَوركم فيها ذوو الرأي والعقـل

فإن يك قوم قد مضوا لسبـيلـهـم

 

وخير المنايا ما يكون من الـقـتـل

فلا تفرحوا أن تقتلوهم فقتـلـهـم

 

لكم كائن خبلا مقيما عـلـى خـبـل

فإنكم لن تبرحوا بعد قـتـلـهـم

 

شتيتا هواكم غيرُ مجتمعي الشـمـل

بفقد ابن جدعان الحميد فعـالـه

 

وعتبة والمدعو فيكم أبـا جـهـل

وشيبة فيهم والـولـيد وفـيهـم

 

أمية مأوى المعترين وذو الرِجـل

أولئك فابك ثم لا تبك غـيرهـم

 

نوائح تدعو بالـرزية والـثـكـل

وقولوا لأهل المكتين تحاشـدوا

 

وسيروا إلى آطام يثرب ذي النخل

جميعاً وحاموا آل كعب وذبِّبُـوا

 

بخالصة الألوان محدثة الصـقـل

وإلا فبيتوا خائفين وأصبـحـوا

 

أذل لوطء الواطئين من الـنـعـل

على أنني واللات يا قوم فاعلموا

 

بكم واثق أن لا تقيموا على تَـبـل

سوى جمعكم للسابغات وللقـنـا

 

وللبَيْض والبيض القواطع والنبـل

         

شعر ضرار بن الخطاب في يوم بدر

وقال ضرار بن الخطاب بن مرادس ، أخو بني محارب بن فهر في يوم بدر ‏‏:‏‏

عجبت لفخر الأوس والـحَـين دائر

 

عليهم غدا والـدهـر فـيه بـصـائر

وفخر بني النجار إن كان معـشـر

 

أصيبوا ببدر كُـلِّـهـم ثـمَّ صـابـر

فإن تك قتلى غودرت من رجالـنـا

 

فإنا رجـال بـعـدهـم سـنـغـادر

وتَردي بنا الجرد العناجيج وسطكـم

 

بني الأوس حتى يشفي النـفـس ثـائر

ووسط بني النجار سوف نكـرُّهـا

 

لها بالـقـنـا والـدارعـين زوافـر

فنترك صرعى تعصب الطير حولهم

 

وليس لـهـم إلا الأمـانـي نـاصـر

وتبكيهم من أهـل يثـرب نـسـوة

 

لهن بها لـيل عـن الـنـوم سـاهـر

وذلـك أنـا لا تـزال سـيوفـنـا

 

بهـن دم مـمـن يحـاربـن مــائر

فإن تظفروا في يوم بدر فـإنـمـا

 

بأحمد أمسى جدكـم وهـو ظـاهـر

وبالنـفـر الأخـيار هـم أولـياؤه

 

يحامون في اللأواء والموت حـاضـر

يعد أبو بـكـر وحـمـزة فـيهـم

 

ويدعى علي وسط مـن أنـت ذاكـر

ويدعي أبو حفص وعثمان منـهـم

 

وسعد إذا ما كان في الحرب حاضـر

أولئك لا من نتَّجـت فـي ديارهـا

 

بنو الأوس والنجار حـين تـفـاخـر

ولكن أبوهم من لؤي بـن غـالـب

 

إذا عُدت الأنساب كـعـب وعـامـر

هم الطاعنون الخيل في كل معـرك

 

غداة الهـياج الأطـيبـون الأكـاثـر

شعر كعب بن مالك يرد على ضرار بن الخطاب فأجابه كعب بن مالك ، أخو بني سلمة ، فقال ‏‏:‏‏

عجبت لأمر الله والـلـه قـادر

 

على ما أراد ، ليس للـه قـاهـر

قضى يوم بدر أن نلاقيَ معشرا

 

بغوا وسبيل البغي بالـنـاس جـائر

وقد حشدوا واستنفروا من يليهـم

 

من الناس حتى جمعهم متـكـاثـر

وسارت إلينا لا تحاول غـيرنـا

 

بأجمعها كعب جمـيعـا وعـامـر

وفينا رسول الله والأوس حولـه

 

له معقل منهم عـزيز ونـاصـر

وجمع بني النجار تحـت لـوائه

 

يمشُّون في الماذيِّ والنـقـع ثـائر

فلما لقيناهم وكـل مـجـاهـد

 

لأصحابه مستبسل النفس صـابـر

شهدنا بأن الـلـه لا رب غـيره

 

وأن رسول الله بالحـق ظـاهـر

وقد عريت بيض خفاف كأنهـا

 

مقابيس يزهيها لعينـيك شـاهـر

بهن أبدنا جمعهـم فـتـبـددوا

 

وكان يلاقي الحين من هو فـاجـر

فكبَّ أبو جهل صريعا لوجهـه

 

وعتبة قد غادرنـه وهـو عـاثـر

وشيبة والتيمي غادرن في الوغى

 

وما منهم إلا بذي العرش كـافـر

فأمسوا وقود النار في مستقرها

 

وكل كفور في جـهـنـم صـائر

تلظى عليهم وهي قد شب حميها

 

بزبُر الحديد والحجـارة سـاجـر

وكان رسول الله قد قال أقبلوا فولوا وقالوا ‏‏:‏‏ إنما أنت ساحر

لأمر أراد الله أن يهلكوا به

 

وليس لأمر حمَّه الله زاجـر

شعر عبدالله بن الزبعرى يبكي قتلى بدر وقال عبدالله ابن الزبعرى السهمي ، يبكي قتلى بدر ‏‏:‏‏ قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وتروى للأعشى بن زرارة بن النباش ، أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم ، حليف بني نوفل بن عبد مناف ‏‏.‏‏ قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حليف بني عبدالدار ‏‏:‏‏

ماذا على بدر وماذا حوله

 

من فتية بيض الوجوه كرام ‏

تركوا نُبيهاً خلفهم ومُنبها

 

وابني ربيعة خير خصم فئام

والحارث الفياض يبرق وجهه

 

كالبدر جـلَّـى لـيلة الإظـلام

والعاصي بن منبـه ذا مـرة

 

رمحا تميما غـير ذي أوصـام

تنمى به أعـراقـه وجـدوده

 

ومآثـر الأخـوال والأعـمـام

وإذا بكى باك فأعول شجـوه

 

فعلى الرئيس الماجد ابن هشـام

حيا الإله أبا الوليد ورهطـه

 

رب الأنام وخصـهـم بـسـلام

شعر حسَّان بن ثابت يرد على ابن الزبعرى

فأجابه حسَّان بن ثابت الأنصاري ، فقال ‏‏:‏‏

ابك بكت عيناك ثم تـبـادرت

 

بدم تُعل غـروبـهـا سـجـام

ماذا بكيت به الذين تتابـعـوا

 

هلا ذكـرت مـكـارم الأقـوام

وذكرت منا ماجـدا ذا هـمة

 

سمح الخلائق صـادق الإقـدام

أعني النبي أخا المكارم والندى

 

وأبرَّ من يولي علـى الإقـسـام

فلمثله ولمثل مـا يدعـو لـه

 

كان المُمدَّح ثـمَّ غـير كـهـام

شعر لحسَّان في يوم بدر أيضاً

وقال حسَّان بن ثابت الأنصاري أيضاً ‏‏:‏‏

تبلتْ فؤادَك في المنام خـريدة

 

تسقي الضجيع بـبـارد بـسـام

كالمسك تخلطه بماء سـحـابة

 

أو عاتـق كـدم الـذبـيح مـدام

نُفُجُ الحقيبة بُوصها مُتنـضّـد

 

بلهاء غـير وشـيكة الأقـسـام

بُنيت على قطن أجـم كـأنـه

 

فضلا إذا قعـدت مـداك رُخـام

وتكاد تكسل أن تجيء فراشهـا

 

في جسم خرعبة وحسـن قـوام

أما النهار فلا أُفتر ذكـرهـا

 

والليل توزعني بهـا أحـلامـي

أقسمت أنساها وأترك ذكرهـا

 

حتى تغيب في الضريح عظامـي

يا من لعاذلة تلـوم سـفـاهة

 

ولقد عصيت على الهوى لوامـي

بكرت علي بسحرة بعد الكرى

 

وتـقـارب مـن حــادث الأيام

زعمت بأن المرء يكرب عمره

 

عدم لمعتـكـر مـن الأصـرام

إن كنت كاذبة الذي حدثتـنـي

 

فنجوت منجا الحارث بن هـشـام

ترك الأحبة أن يقاتل دونـهـم

 

ونجا بـرأس طـمـرة ولـجـام

تذر العناجيج الجياد بـقـفـرة

 

مر الدموك بمحـصـدٍ ورجـام

ملأت به الفرجين فارمَدَّت به

 

وثوى أحبـتـه بـشـر مـقـام

وبنو أبيه ورهطه في معـرك

 

نصر الإلـه بـه ذوي الإسـلام

طحنتهم ، والله ينفـذ أمـره ،

 

حرب يُشَبُّ سعيرهـا بـضـرام

لولا الإله وجريها لتـركـنـه

 

جزر السباع ودسـنـه بـحـوام

من بين مأسور يشـد وثـاقـه

 

صقر إذا لاقى الأسـنة حـامـي

ومجدل لا يستجـيب لـدعـوة

 

حتى تـزول شـوامـخ الأعـلام

بالعار والذل المـبـيَّن إذ رأى

 

بيض السيوف تسوق كل هـمـام

بيدي أغر إذا انتمى لم يخـزه

 

نسب القصار سـمَـيدع مـقـدام

بيض إذا لاقت حديدا صممـت

 

كالبرق تحت ظلال كل غـمـام

شعر الحارث بن هشام يرد على حسَّان

فأجابه الحارث ابن هشام فيما ذكر ابن هشام ، فقال ‏‏:‏‏

الله أعلم ما تركت قتالهـم

 

حتى حبوا مهري بأشقر مزبد

وعرفت أني إن أقاتل واحدا

 

أقتل ولا ينكى عدوي مشهدي

فصددت عنهم والأحبة فيهم

 

طمعا لهم بعقاب يوم مفـسـد

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ قالها الحارث يعتذر من فراره يوم بدر ‏‏.‏‏ قال ابن هشام ‏‏:‏‏ تركنا من قصيدة حسَّان ثلاثة أبيات من آخرها ، لأنه أقذع فيها ‏‏.‏‏

شعر آخر لحسَّان في يوم بدر

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال حسَّان بن ثابت أيضاًً ‏‏:‏‏

لقد علمت قريش يوم بدر

 

غداة الأسر والقتل الـشـديد

بأنا حين تشتجر العَوَالـىَ

 

حماةُ الحرب يوم أبى الولـيد

قتلنا ابني ربيعة يوم سارا

 

إلينا في مضاعـفة الـحـديد

وفر بها حكيم يوم جالـت

 

بنو النجار تخطر كـالأسـود

وولت عند ذاك جموع فهر

 

وأسلمها الحويرث من بعـيد

لقد لاقيتم ذلا وقتلا جهيزا

 

نافـذا تـحـت الـــوريد

وكل القوم قد ولوا جميعـا

 

ولم يلووا على الحسب التلـيد

وقال حسَّان بن ثابت أيضاً

يا حار قد عولت غير معول

 

عند الهياج وساعة الأحسـاب

إذ تمتطى سرح اليدين نـجـيبةً

 

مرطى الجراء طـويلة الأقـراب

والقوم خلفك قد تركت قتالهـم

 

ترجو النجاء وليس حـين ذهـاب

ألا عطفت على ابن أمك إذ ثوى

 

قَعْص الأسـنة ضـائع الأسـلاب

عجل المليك له فأهلك جمعـه

 

بشنار مـخـزية وسـوء عـذاب

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ تركنا منها بيتا واحدا أقذع فيه ‏‏.‏‏ قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال حسَّان بن ثابت أيضاً ‏‏:‏‏ قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال ‏‏:‏‏ بل قالها عبدالله بن الحارث السهمي ‏‏:‏‏

مستـشـعري حلق الماذيّ يقـدهم

 

جلـد النحيزة ماض غير رعـديد

أعنـى رسول إله الخلق فضَّله

 

على البـرية بالتقوى وبالجود

وقد زعمـتـم بأن تحـموا ذماركم

 

وماء بدر زعمـتم غير مورود

ثم وردنا ولم نـسـمع لقولكم

 

حتى شربنا رواء غير تصريد مستعصمين بحبل غير منجذم مستحكم من حبال الله ممدود

فينا السـول وفـينـا الحق نـتـبـعه

 

حتـى الـممات ونـصـر غير محـدود

واف وماض شـهـاب يسـتـضاء به

 

بدر أنـار علــى كل الأمـاجيد

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ بيته ‏‏:‏‏ ‏‏"‏‏ مستعصمين بحبل غير منجذم ‏‏"‏‏ عن أبي زيد الأنصاري ، قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال حسَّان بن ثابت أيضاً ‏‏:‏‏

خابت بنو أسد وآب غـزيهـم

 

يوم القليب بسـوءة وفـضـوح

منهم أبو العاصي تجدل مقعصا

 

عن ظهر صادقه النجاء سبـوح

حينا له من مانع بـسـلاحـه

 

لما ثوى بمقـامـه الـمـذبـوح

‏والمرء زمـعة قـد تـركـن

 

ونحره يدمى بعاند معبط مسفوح

متوسدا حر الجبين مـعـفـرا

 

قد عر مارن انـفـه بـقـبـوح

ونجا ابن قيس في بقية رهطه

 

بشفا الرماق مـولـيا بـجـروح

وقال حسَّان بن ثابت أيضاً ‏‏:‏‏

ألا ليت شعري هل أتى أهل مكة

 

أبارتنا الكفار في ساعة الـعـسـر

قتلنا سراة القوم عند مجـالـنـا

 

فلم يرجعوا إلا بقاصمة الـظـهـر

قتلنا أبا جهل وعتـبة قـبـلـه

 

وشيبة يكبو للـيدين ولـلـنـحـر

قتلنا سويدا ثـم عـتـبة بـعـده

 

وطعمة أيضاً عند ثائرة الـقـتـر

فكم قد قتلنا مـن كـريم مـرزَّءٍ

 

له حسب في قومه نابـه الـذكـر

تركناهم للعـاويات ينـبـنـهـم

 

ويصلون نارا بعد حامية الـقـعـر

لعمرك ماحامت فوارس مالـك

 

وأشياعهم يوم التقينا عـلـى بـدر

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أنشدني أبو زيد الأنصاري بيته ‏‏:‏‏

قتلنا أبا جهل وعتبة قبله

 

وشيبة يكبو لليدين وللنحـر

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال حسَّان بن ثابت أيضاً ‏‏:‏‏

نجى حكيما يوم بـدر شـده

 

كنجاء مهر من بنات الأعـوج

لما رأى بدرا تسيل جلاهـه

 

بكتيبة خضراء من بلخـزرج

لا ينكلون إذا لقوا أعداءهـم

 

يمشون عائدة الطريق المنهـج

كم فيهم من ماجد ذي منعة

 

بطل بمهلكة الجبان المحـرج

ومسود يعطي الجزيل بكفه

 

حمال أثقال الـديات مـتـوج

زين الندي معاود يوم الوغى

 

ضرب الكُماة بكل أبيض سَلجج

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ قوله سلجج ، عن غير ابن إسحاق ‏‏.‏‏ قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال حسَّان أيضاً ‏‏:‏‏

فما نخشى بحول الله قـومـا

 

وإن كثروا وأجمعت الزحـوف

إذا ما ألبو جمعـا عـلـينـا

 

كفـانـا حـدهـم رب رءوف

سمونا يوم بدر بالـعـوالـي

 

سراعا ما تضعضعنا الحتـوف

فلم تر عصبة في الناس أنكى

 

لمن عادوا إذا لقحت كـشـوف

ولكنا توكـلـنـا وقـلـنـا

 

مآثرنا ومعقـلـنـا الـسـيوف

لقيناهم بها لمـا سـمـونـا

 

ونحن عصـابة وهـم ألـوف

وقال حسَّان بن ثابت أيضاً ، يهجو بني جمح ومن أصيب منهم ‏‏:‏‏

جمحت بنو جمح لشقوة جدهم

 

إن الذلـيل مـوكـل بـذلـيل

قتلت بنو جمح ببدر عـنـوة

 

وتخاذلوا سعيا بـكـل سـبـيل

جحدوا الكتاب وكذبوا بمحمد

 

والله يظهـر دين كـل رسـول

لعن الإله أبا خزيمة وابـنـه

 

والخالدين وصاعد بن عـقـيل

 شعر عبيدة بن الحارث في يوم بدر ويذكر قطع رجله قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال عبيدة بن الحارث بن المطلب في يوم بدر ، وفي قطع رجله حين أصيب في مبارزته هو وحمزة وعلي حين بارزوا عدوهم - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لعبيدة ‏‏:‏‏

ستبلغ عنا أهـل مـكة وقـعة

 

يهب لها من كـان عـن ذاك نـائيا

بعتبة إذ ولـى وشـيبة بـعـده

 

وما كان فيها بكر عتـبة راضـي

فإن تقطعوا رجلي فإني مسلـم

 

أرجي بها عيشا مـن الـلـه دانـيا

مع الحور امثال التماثيل أخلصت

 

مع الجنة العليا لمن كـان عـالـيا

وبعث بها عيشا تعرقت صفـوه

 

وعالجته حتـى فـقـدت الأدانـيا

فأكرمني الرحمن من فضل منه

 

بثوب من الإسلام غطى المسـاويا

وما كان مكروها إلي قتالـهـم

 

غداة دعا الأكفاء من كـان داعـيا

ولم يبغ إذ سالو النبي سـواءنـا

 

ثلاثتنا حتى حضرنـا الـمـنـاديا

لقيناهم كالأسد تخطر بالـقـنـا

 

نقاتل في الرحمن من كان عاصـيا

فما برحت أقدامنا من مقامـنـا

 

ثلاثتنا حـتـى أزيروا الـمـنـائيا

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ لما أصيبت رجل عبيدة قال ‏‏:‏‏ أما والله لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لعلم أني أحق منه بما قال حين يقول ‏‏:‏‏

كذبتم وبيت الله يُبزَى محمد

 

ولما نطاعن دونه وننـاضـل

ونسلمه حتى نصرَّع حوله

 

ونذهل عن أبنائنا والحـلائل

وهذان البيتان في قصيدة لأبي طالب ، وقد ذكرناها فيما مضى من هذا الكتاب ‏‏.‏‏ رثاء كعب بن مالك لعبيدة بن الحارث قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فلما هلك عبيدة بن الحارث من مصاب رجله يوم بدر ‏‏.‏‏ قال كعب بن مالك الأنصاري يبكيه ‏‏:‏‏

أيا عين جودي ولا تبخلـي

 

بدمعك حقـا ولا تَـنُـزِري

على سيد هدَّنا هـلـكـه

 

كريم المشاهد والعـنـصـر

جريء المقدم شاكي السلام

 

كريم النثا طيب المـكـسـر

عبيدة أمسى ولا نرتجـيه

 

لعرف عرانا ولا مـنـكـر

وقد كان يحمي غداة القتـا

 

ل حامية الجيش بالمـبـتـر

شعر لكعب بن مالك في يوم بدر

وقال كعب بن مالك أيضاً في يوم بدر ‏‏:‏‏ ألا هل أتى غسان في نأي دارها فينأى داراها وأخبر شيء بالأمور عليهما

بأن قد رمتنا عن قسي عـداوة

 

معد معا جهالهـا وحـلـيمـهـا

لأنا عبدنا الله لم نـرج غـيره

 

رجاء الجنان إذ أتانا زعـيمـهـا

نبي له في قومه إرث عـزة

 

وأعراق صدق هذبتها أرومـهـا

فساورا وسرنا فالتقينا كأنـنـا

 

أسود لقاء لا يرجى كـلـيمـهـا

ضربناهم حتى هوى في مكرنا

 

لمنحر نحر سوء من لؤي عظيمها

فولوا ودسناهم ببيض صـوارم

 

سواء علينا حلفها وصمـيمـهـا

وقال كعب بن مالك أيضاً ‏‏:‏‏

لعمر أبيكما يا بنـي لـؤي

 

على زهو لديكم وانـتـخـاء

لما حامت فوارسكم ببـدر

 

ولا صبروا به عند اللـقـاء

وردناه بنور اللـه يجـلـو

 

دجى الظلماء عنا والغـطـاء

رسول الله يقدمنا بـأمـر

 

من أمر الله أحكم بالقـضـاء

فما ظفرت فوراسكم ببدر

 

وما رجعوا إليكم بالـسـواء

فلا تعجل أبا سفيان وارقب

 

جياد الخيل تطلع مـن كـداء

بنصر الله روح القدس فيها

 

وميكال فياطـيب الـمـلاء

شعر طالب في مدحه صلى الله عليه وسلم ، وبكاء أصحاب القليب

وقال طالب بن أبي طالب يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكي أصحاب القليب من قريش يوم بدر

ألا إن عيني أنفدت دمعها سكـبـا

 

تبكَّىعلى كعب وما إن ترى كعـبـا

ألا إن كعبا في الحروب تخاذلـوا

 

وأرداهم ذا الدهر واجترحوا ذنـبـا

وعامر تبكي للملـمـات غـدوة

 

فيا ليت شعري هل أرى لهما قربـا

هما أخـوايَ لـن يعـدَّا لـغـية

 

تعد ولن يستام جارهمـا غـصـبـا

فيا أخوينا عبد شمـس ونـوفـلا

 

فدا لكما لا تبعثوا بـينـنـا حـربـا

ولا تصبحوا من بعـد ود وألـفة

 

أحاديث فيها كلكم يشتكى النـكـبـا

ألم تعلموا ما كان في حرب داحس

 

وجيش أبي يكسوم إذ مَلؤوا الشعـبـا

فلولا دفاع الله لا شـيء غـيره

 

لأصبحتم لا تمنعون لـكـم سـربـا

فما إن جنينا في قريش عظـيمة

 

سوى أن حمينا خير من وطىء التربا

أخا ثقة في الـنـائبـات مـرزا

 

كريما نثـاه لا بـخـيلا ولا ذربـا

يطيف به العافون يغشون بـابـه

 

يؤمون بحرا لا نزورا ولا صـربـا

فوالله لا تنفك نفـسـي حـزينة

 

تململ حتى تصدقوا الخزرج الضربا

         
ضرار بن الخطاب يرثي أبا جهل بعد غزوة بدر

وقال ضرار بن الخطاب الفهري يرثي أبا جهل ‏‏:‏‏

ألا من لعين باتت الليل لم تـنـم

 

تراقب نجما في سواد من الظـلـم

كأن قذى فيها وليس بهـا قـذى

 

سوى عبرة من جائل الدمع تنسجـم

فبلغ قريشـا أن خـير نـديهـا

 

وأكرم من يمشي بساق علـى قـدم

ثوى يوم بدر رهن خوصاء رهنها

 

كريم المساعي غير وغـد ولا بـرم

فآليت لا تنفك عنـي بـعـبـرة

 

على هالك بعد الرئيس أبي الحـكـم

على هالك أشجى لؤي بن غالـب

 

أتته المـنـايا يوم بـدر فـلـم يرم ‏

ترى كسر الخطي في نحر مهره

 

لدى بائن من لحمه بـينـهـا خـذم

وما كان ليث ساكن بطـن بـيشة

 

لدى غلل يجري ببطحاء فـي أجـم

بأجرأ منه حين تختلف الـقـنـا

 

وتدعى نزال في القماقمة الـبـهـم

فلا تجزعوا آل المغيرة واصبروا

 

عليه ومن يجزع علـيه فـلـم يلـم

وجدوا فإن الموت مكرمة لـكـم

 

وما بعده في أخر العيش مـن نـدم

وقد قلت إن الريح طـيبة لـكـم

 

وعز المقام غير شك لـذي فـهـم

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لضرار ‏‏.‏‏

الحارث يرثي أخاه أبا جهل

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال الحارث ابن هشام يبكي أخاه أبا جهل

ألا يا لهف نفسي بعد عمر

 

وهل يغني التلهف من قتـيل

يخبرني المخبر أن عمـرا

 

أمام القوم في جفر مـحـيل

فقدما كنت أحسب ذاك حقا

 

وأنت لما تقـدم غـير فـيل

وكنت بنعمة ما دمت حـيا

 

فقد خلفت في درج المسـيل

كأني حين أمسـي لا أراه

 

ضعيف العقد ذو هم طـويل

على عمرو إذا أمسيت يوما

 

وطرف من تذكـره كـلـيل

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها للحارث بن هشام ؛ وقوله ‏‏:‏‏ ‏‏"‏‏ في جفر ‏‏"‏‏ عن غير ابن إسحاق ‏‏.‏‏

شعر أبي بكر بن الأسود في رثاء قتلى قريش

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال أبو بكر بن الأسود بن شعوب الليثي ، وهو شداد بن الأسود ‏‏:‏‏

تحيي بالسلامة أم بـكـر

 

وهل لي بعد قومي من سلام

فماذا بالقليب قلـيب بـدر

 

من القينات والشرب الكـرام

وماذا بالقليب قلـيب بـدر

 

من الشيزى تكلل بالـسـنـام

وكم لك بالطوي طوي بدر

 

من الحومات والنعم المسـام

وكم لك بالطوي طوي بدر

 

من الغايات والدسع العظـام

وأصحاب الكريم أبي علي

 

أخي الكاس الكريم والـنـدام

وإنك لو رأيت أبا عقـيل

 

واصحاب الثنية مـن نـعـام

إذا لظللت من وجد عليهم

 

كأم السقب جـائلة الـمـرام

يخبرنا الرسول لسوف نحيا

 

وكيف لقـاء أصـداء وهـام

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أنشدني أبو عبيدة النحوي ‏‏:‏‏

يخبرنا الرسول بأن سنحيا

 

وكيف حياة أصـداء وهـام

قال ‏‏:‏‏ وكان قد أسلم ثم ارتد ‏‏.‏‏

أمية بن أبي الصلت يرثي من أصيب من قريش يوم بدر

وقال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال أمية بن أبي الصلت ، يرثي من أصيب من قريش يوم بدر ‏‏:‏‏

ألا بكيت على الـكـرا

 

م بني الكرام أولي الممادح

كبكا الحمام على فـرو

 

ع الأيك في الغصن الجوانح

يبكين حرى مستكينـات

 

يرحـن مـع الـــروائح

أمثالهـن الـبـاكـيات

 

المعولات مـن الـنـوائح

من يبكهم يبـك عـلـى

 

حزن ويصدق كـل مـادح

ماذا ببدر فالـعـقـنـل

 

من مـرازبة جـحـاجـح

فمدافع البرقين فالحنانـا

 

من طـرف الأواشـــح

شمط وشبان بـهـا لـيل

 

مغـــاوير وحــــاوح

ألا تـرون لـمــا أرى

 

وقـد أبـان لـكـل الامـح

أن قد تغير بطـن مـكة

 

فهي مـوحـشة الأبـاطـح

من كل بطريق لبطـريق

 

نقـي الـلـون واضـــح

دعموص أبواب الملـوك

 

وجائب لـلـخـرق فـاتـح

من السراطمة الخلاجـمة

 

الـمـلاوثة الـمـنـاجـح

القائلـين الـفـاعـلـين

 

الآمـرين بـكـل صـالـح

المطعمين الشحـم فـوق

 

الخبز شحمـا كـالأنـافـح

نقل الجفان مع الجـفـان

 

إلى جفان كالـمـنـاضـح

ليست بأصـفـار لـمـن

 

يعـفـو ولا رح رحـارح

للضيف ثم الضيف بـعـد

 

الضيف والبسط السـلاطـح

وهب المئين من المـئين

 

إلى المئين من الـلـواقـح

سوق المؤبل للـمـؤبـل

 

صادرات عـن بـــلادح

لكرامهم فـوق الـكـرام

 

مزية وزن الـرواجـــح

كتثاقل الأرطال بالقسطاس

 

في الأيدي الــمـــوائح

خذلـتـهـم فـئة وهـم

 

يحمون عورات الفـضـائح

الضاربين الـتـقـدمـية

 

بالمـهـنـدة الـصـفـائح

ولقد عناني صـوتـهـم

 

من بين مستسـق وصـائح ‏

للـه در بـنـي عـلـي

 

أيم مـنـهـم ونـاكـــح

إن لـم يغـيروا غــارة

 

شعواء تجحر كـل نـابـح

بالمقربات المـبـعـدات

 

الطامحات من الـطـوامـح

مردا علـى جـرد إلـى

 

أسـد مـكـالـبة كـوالـح

ويلاق قـرن قـــرنة

 

مشي المصافح للمصـافـح

بزهاء ألـف ثـم ألـف

 

بين ذي بــدن ورامـــح

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ تركنا منها بيتين نال فيهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏ وأنشدني غير واحد من أهل العلم بالشعر بيته ‏‏:‏‏

ويلاق قرن قـرنـه

 

مشي المصافح للمصافح

وأنشدني أيضا

وهب المئين من المئين

 

إلى المئين من اللـواقـح

سوق المؤبل للمؤبـل

 

صادرات عـن بـلادح

شعر أمية في رثاء زمعة وقتلى بني أسد

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال أمية بن أبي الصلت ، يبكي زمعة بن الأسود ، وقتلى بني أسد ‏‏:‏‏

عين بكي بالمسجلات أبا الحارث

 

لا تـذخـري عـلـى زمـــعة

وابكي عقيل بن أسود أسد البأس

 

ليوم الـهـياج والـــدفـــعة

تلك بنو أسد إخـوة الـجـوزاء

 

لا خـــانة ولا خــــــدعة

هم الأسرة الوسيطة من كعـب

 

وهم ذروة السنـام والـقـمـعـه

أنبتوا من معاشر شعر الـرأس

 

وهم ألـحـقـوهـم الـمـنـعة

أمسى بنو عمهم إذا حضر البأس

 

أكـبـادهـم عـلـيهـم وجـعة

وهم المطعمون إذا قحط القطر

 

وحـالـت فـلا تـرى قــزعة

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ هذه الرواية لهذا الشعر مختلطة ، ليست بصحيحة البناء ، لكن أنشدني أبو محرز خلف الأحمر وغيره ، وروى بعض ما لم يرو بعض ‏‏:‏‏

عين بكي بالمسبلات أبا الحراث

 

لا تـذخـري عـلـى زمــعة

وعقيل بن اسود أسد الـبـأس

 

ليوم الـهـياج والــدفـــعة

فعلى مثل هلكهم خوت الجـو

 

زاء لا خـــانة ولا خـــدعة

وهم الأسرة الوسيطة من كعب

 

وفـيهـم كـذروة الـقـمــعة

أنبتوا من معاشر شعر الـرأس

 

وهم ألـحـقـوهـم الـمـنـعة

فبنو عمهم إذا حضر الـبـأس

 

علـيهـم أكـبـادهـم وجــعة

وهم المطعمون إذا قحط القطر

 

وحـالـت فـلا تـرى قــزعة

شعر معاوية بن زهير في يوم بدر

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال أبو أسامة معاوية بن زهير بن قيس بن الحارث بن سعد بن ضبيعة بن مازن بن عدي بن جشم بن معاوية ، حليف بني مخزوم ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وكان مشركا وكان مر بهبيرة بن أبي وهب وهم منهزمون يوم بدر ، وقد أعيا هبيرة ، فقام فألقى عنه درعه وحمله فمضى به ، قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وهذه أصح أشعار أهل بدر ‏‏:‏‏

ولما أن رأيت القوم خفوا

 

وقــد زالـت نـعـامـتـهم لـنفر

وأن تركت سراة الـقوم صرعـى

 

كأن خيارهم أذبـاح عتـر

وكانـت جــمة وافـت حمـامـا

 

ولـقينـا الـمـنـيا يوم بدر

نصـد عـن الطـريق وأدركونـا

 

كأن زهاءهم غـطيان بـحر

وقال القائلون من ابـن قـيس

 

فقلت ‏‏:‏‏ أبو أسامة ، غير فـخـر

أنا الجشمي كيما تعرفـونـي

 

أبين نسبـتـي نـقـرا بـنـقـر

فإن تك في الغلاصم من قريش

 

فإني من مـعـاوية بـن بـكـر

فأبلغ مالكا لـمـا غـشـينـا

 

وعندك مال إن نبـأت خـبـرى

وأبلغ إن بلغت المـرء عـنـا

 

هبيرة وهـو ذو عـلـم وقـدر

بأنـي إذ دعـيت إلـى أفـيد

 

كررت ولم يضيق بالكر صـدري

عشية لا يكر على مـضـاف

 

ولا ذي نعمة منـهـم وصـهـر

فدونكم بـنـي لأي أخـاكـم

 

ودونك مـالـكـا يا أم عـمـرو

فلولا مشهدي قامـت عـلـيه

 

موقـفة الـقـوائم أم أجــري

دفوع للقبور بمـنـكـبـيهـا

 

كأن بوجههـا تـحـمـيم قـدر ‏

فأقسم بالذي قـد كـان ربـي

 

وأنصاب لدى الجمـرات مـغـر

لسوف ترون ما حسـبـي إذا

 

ما تبدلت الجلود جـلـود نـمـر

فما إن خادر من أسـد تـرج

 

مدل عنبس في الغـيل مـجـري

فقد أحمى الأباءة من كـلاف

 

فمـا يدنـو لـه أحـد بـنـقـر

بخل تعجز الحلـفـاء عـنـه

 

يواثب كل هـجـهـجة وزجـر

بأوشك سـورة مـنـا إذا مـا

 

حبوت لـه بـقـرقـرة وهـدر

ببيض كالأسنة مـرهـفـات

 

كأن ظباتهـن جـحـيم جـمـر

وأكلف مجنا من جـلـد ثـور

 

وصـفـراء الـبـراية ذات أزر

وأبيض كالغدير ثوى عـلـيه

 

عمير بالمداوس نصـف شـهـر

أرفل في حمائلـه وأمـشـي

 

كمشية خـادر لـيث سـبـطـر

يقول لي الفتى سـعـد هـديا

 

فقلت لعـلـه تـقـريب غـدر

وقلت أبا عدي لا تـطـرهـم

 

وذلك إن أطعـت الـيوم أمـري

كدأبهـم بـفـروة إذ أتـاهـم

 

فظل يقاد مكتـوفـا بـضـفـر

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وأنشدني أبو محرز خلف الأحمر ‏‏:‏‏ نصد عن الطريق وأدركونا كأن سراعهم تيار بحر وقوله ‏‏:‏‏ - مدل عنبس في الغيل مجري - عن غير ابن إسحاق قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال أبو أسامة أيضاً ‏‏:‏‏

ألا من مبلغ عـنـي رسـولا

 

مغلغـلة يثـبـتـهـا لـطـيف

ألم تعـلـم مـردي يوم بـدر

 

وقد برقت بجنبـيك الـكـفـوف

وقد تركت سراه القوم صرعى

 

كأن رؤوسهـم حـدج نـقـيف

وقد مالت عليك ببطـن بـدر

 

خلاف القوم داهـية خـصـيف

فنجاه من الغمرات عـزمـي

 

وعون الله والأمر الـحـصـيف

ومنقلبي من الأبـواء وحـدي

 

ودونك جـمـع أعـداء وقـوف

وأنت لمن أرادك مسـتـكـين

 

بجنب كراش مكـلـوم نـزيف ‏

وكنت إذا دعانـي يوم كـرب

 

من الأصحاب داع مستـضـيف

فأسمعني ولو أحببت نفـسـي

 

أخ في مثـل ذلـك أو حـلـيف

أرد فأكشف الغمـى وأرمـي

 

إذا كلح المـشـافـر والأنـوف

وقرن قد تركت عـلـى يديه

 

ينوء كأنـه غـصـن قـصـيف

دلفت له إذا اختلطوا بـحـرَّى

 

مسحسة لعـانـدهـا حـفـيف

فذلك كان صنعـي يوم بـدر

 

وقبـل أخـو مـدارة عـزوف

أخوكم في السنين كما علمتـم

 

وحرب لا يزال لـهـا صـريف

ومقدام لـكـم لا يزدهـينـي

 

جنان الليل والأنـس الـلـفـيف

أخوض الصّرة الجمّاء خوضا

 

إذا ما الكلب ألجـأه الـشـفـيف

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ تركت قصيدة لأبي أسامة على اللام ، ليس فيها ذكر بدر إلا في أول بيت منها والثاني، كراهة الإكثار ‏‏.‏‏

شعر لهند بنت عتبة تبكي أباها يوم بدر

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقالت هند بنت عتبة بن ربيعة تبكي أباها يوم بدر

أعينيَّ جوادا بدمع سرب

 

على خير خندف لم ينقلـب

تداعى له رهطه غدوة

 

بنو هاشم وبنو المطـلـب

يذيقونه حد أسـيافـهـم

 

يعلّونه بعد ما قد عطـب ‏

يجرونه وعفير التـراب

 

على وجهه عاريا قد سلب

وكان لنا جبـلاً راسـياً

 

جميل المرارة كثير العشب

وأما بري فلـم أعـنـه

 

فأوتي من خير ما يحتسب

وقالت هند أيضاً ‏‏:‏‏

يريب علينا دهرنا فـيسـوؤنـا

 

ويأبى فما نأتي بشـيء يغـالـبـه

أبعد قتيل من لؤي بن غـالـب

 

يراع امرؤ إن مات أو مات صاحبه

ألا رب يوم قـد رزئت مـرزأً

 

تروح وتغدو بالجزيل مـواهـبـه

فأبلغ أبا سفيان عني مـألُـكـا

 

فإن ألقه يوما فسـوف أعـاتـبـه

فقد كان حرب يسعر الحرب إنه

 

لكل امرىء في الناس مولى يطالبه

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وبعض أهل العلم بالشهر ينكرها لهند ‏‏.‏‏ قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقالت هند أيضاً ‏‏:‏‏

لله عـينـا مـن رأى

 

هلكا كهـلـك رجـالـيه

يا رب باك لـي غـدا

 

في النـائبـات وبـاكـيه

كما غادروا يوم القليب

 

غداة تـلـك الـواعــيه

من كل غيث في السنين

 

إذا الـكـواكـب خـاويه‏

قد كنت أحذر مـا أرى

 

فالـيوم حـق حــذاريه

قد كنت أحذر مـا أرى

 

فأنا الـغـداة مـوامـيه

يا رب قـائلة غــدا

 

يا ويح أم مــعـــاويه

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لهند ‏‏.‏‏ قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقالت هند أيضاً ‏‏:‏‏

يا عين بكي عتبه

 

شيخا شديد الـرقـبة

يطعم يوم المسغبه

 

يدفع يوم المغلـبـه

إني عليه حـربة

 

ملهوفة مستـلـبـه

لنهبطن يثـربـه

 

بغارة مـنـثـعـبة

فيها الخيول مقربه

 

كل جواد سلـهـبـه

شعر صفية بنت مسافر في رثاء أهل القليب في بدر وقالت صفية بنت مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، تبكي أهل القليب الذين أصيبوا يوم بدر من قريش ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وتذكر مصابهم ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏

يا من لعين قذاها عائر الـرمـد

 

حد النهار وقرن الشمـس لـم يقـد

أُخبرت أن سراة الأكرمين معـا

 

قد أحرزتهم منـاياهـم إلـى أمـد

وفر بالقوم أصحاب الركاب ولـم

 

تعطـف غـداتـئذ أم عـلـى ولـد

قومي صفيَّ ولا تنسَي قرابتـهـم

 

وإن بكيت فما تبكـين مـن بُـعُـد

كانوا سقوب سماء البيت فانقصفت

 

فأصبح السُمْك منها غير ذي عـمـد

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ قال أنشدني بيتها ‏‏:‏‏ ‏‏"‏‏ كانوا سقوب ‏‏"‏‏ بعض أهل العلم بالشعر ‏‏.‏‏ قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقالت صفية بنت مسافر أيضاً ‏‏:‏‏

ألا يا مـن لـعـين

 

للتَّبكِّي دمعـهـا فـان

كغَرْبىَ دالج يسقي

 

خلال الغـيث الـدان

وما ليثُ غريف ذو

 

أظـافـير وأسـنـان

أبو شبلـين وثـاب

 

شديد البطش غرثـان

كحبـي إذ تـولـى

 

و وجوه القوم ألـوان

وبالكف حسام صـا

 

رم أبـيض ذكــران

وأنت الطاعن النجلا

 

ء منهـا مـزبـدٌ آن

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويروون قولها ‏‏:‏‏ ‏‏"‏‏ وما ليث غريف ‏‏"‏‏ إلى أخرها ، مفصولا من البيتين اللذين قبله‏‏.‏‏

رثاء هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب لعبيدة بن الحارث

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقالت هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب ترثي عبيدة بن الحارث بن المطلب ‏‏:‏‏

لقد ضمن الصفراء مجدا وسـؤددا

 

وحلما أصيلا وافر اللب والـعـقـل

عبيدة فابكـيه لأضـياف غـربة

 

وأرملة تعوي تهوى لأشعث كالجـذل

وبكيه للأقوام فـي كـل شـتـوة

 

إذا احمر آفاق السماء من المـحـل

وبكيه لـلأيتـام والـريح زفـرة

 

وتشبيب قدر طالما أزبدت تَـغْـلـى

فإن تصبح النيران قد مات ضوؤها

 

فقد كان يذكيهن بالحطـب الـجـزل

لطارق ليل أو لملتمس الـقـرى

 

ومستنبح أضحى لديه علـى رسـل

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وأكثر أهل العلم بالشعر ينكرها لهند ‏‏.‏‏

شعر قتيلة بنت الحارث تبكي أخاها النضر

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقالت قتيلة بن الحارث ، أخت النضر بن الحارث ، تبكيه ‏‏:‏‏ ‏

يا راكبا إن الأثـيل مـظـنة

 

من صبح خامسة وأنت موفـق

أبلغ بها ميتـا بـأن تـحـية

 

ما إن تزال بها النجائب تخفـق

مني إليك وعبرة مسـفـوحة

 

جادت بواكفها وأخرى تخـنـق

هل يسمعني النضر إن ناديته

 

أم كيف يسمع ميت لا ينـطـق

أمحمد يا خير ضنْءِ كـريمة

 

في قومها والفحل فحل معـرق

ما كان ضرك لو مننت وربما

 

منَّ الفتى وهو المغيط المحنـق

أو كنت قابل فدية فلينـفـقـن

 

بأعز ما يلغـو بـه مـا ينـفـق

فالنضر أقرب من أسرت قرابة

 

وأحقهم إن كان عـتـق يعـتـق

ظلت سيوف بني أبيه تنـوشـه

 

لله أرحـام هـنـاك تـشـقـق

صبرا يقاد إلى المنية متعـبـا

 

رسف المقيد وهُوعـانٍ مـوثـق

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ فيقال ، والله أعلم ‏‏:‏‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه هذا الشعر ، قال ‏‏:‏‏ لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه‏‏.‏‏

تاريخ الفراغ من بدر

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر في عقب شهر رمضان أو في شوال ‏‏.‏‏