الجزء الأول - الكلام على من قال أن فاعل العالم ومدبره أكثر من واحد

قال أبو محمد رضي الله عنه افترق القائلون بأن فاعل العالم أكثر من واحد فرقاً ثم ترجع هذه الفرق إلى فرقتين فإحدى الفرقتين تذهب إلى أن العالم غير مدبريه وهم القائلون بتدبير الكواكب السبعة وأزليتها وهم المجوس فإن المتكلمين ذكروا عنهم أنهم يقولون أن الباري عز ول لما طالت وحدته استوحش فلما استوحش فكر فكرة سوءٍ فتجسمت فاستحالت ظلمة فحدث منها اهرمن وهو إبليس فرام البارىء تعالى إبعاده عن نفسه فلم يستطع فتحرز منه بخلق الخيرات وشرع اهرمن في خلق الشر ولهم في ذلك تخليط كثير‏.‏

قال أبو محمد رضي الله عنه وهذا أمر لا تعرفه المجوس بل قولهم الظاهر هو أن الباري تعالى وهو أوورمن وإبليس وهواهر من وكام وهو الزمان وجام وهو المكان وهو الخلاء أيضاً ونوم وهو الجوهر وهو أيضاً الهيولي وهو أيضاً الطينة والخميرة خمسة لم تزل وإن اهرمن هو فاعل الشرور وإن اورمن فاعل الخير وإن نوم هو المفعول فيه كل ذلك‏.‏

وقد أفردنا في نقض هذه المقالة كتاباً في نقض كلام محمد بن زكريا الرازي الطبيب في كتابه الموسوم بالعلم الإلهي‏.‏

والمجوس يعظمون الأنوار والنيران والمياه إلا أنهم يقرون بنبوة زرادشت ولهم شرائع يضيفونها إليه ومنهم المزدقية وهم أصحاب مزدق الموبذ وهم القائلون بالمساواة في المكاسب والنساء والخرمية أصحاب بابك وهم فرقة من فرق المزدقية وهم أيضاً سر مذهب الإسماعيلية ومن كان على قول القرامطة وبني عبيد وعنصرهم‏.‏

وقد يضاف إلى جملة من قال إن مدبر العالم أكثر من واحد الصابئون وهم يقولون بقدم الأصلين على ما قدمنا من نحو قول المجوس إلا أنهم يقولون بتعظيم الكواكب السبعة والبروج الاثني عشر ويصورونها في هياكلهم ويقربون الذبائح والدخن ولهم صلوات خمس في اليوم والليلة تقرب من صلوات المسلمين ويصومون شهر رمضان ويستقبلون في صلاتهم الكعبة البيت الحرام ويعظمون مكة والكعبة ويحرمون الميتة والدم ولحم الخنزير ويحرمون من القرائب ما يحرم على المسلمين وعلى نحو هذه الطريقة تفعل الهند بالبددة في تصويرها على أسماء الكواكب وتعظيمها وهو كان أصل الأوثان في العرب والدقاقرة في السودان حتى آل الأمر مع طول الزمان إلى عبادتهم إياها وكان الذي ينتحله الصابئون أقدم الأديان على وجه الدهر والغالب على الدنيا إلى أن أحدثوا فيه الحوادث وبدلوا شرائعه بما ذكرنا فبعث الله عز وجل إليهم إبراهيم خليله صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام الذي نحن عليه الآن وتصحيح ما أفسدوه بالحنيفة السمحة التي أتى بها محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى فبين لهم كما نص في القرآن بطلان ما أحدثوه من تعظيم الكواكب وعبادتها وعبادة الأوثان فلقي منهم ما نصه الله في كتابه وكانوا في ذلك الزمان وبعده يسمون الحنفاء ومنهم اليوم بقايا بحران وهم قليل جداً فهذه فرقة‏.‏

ويدخل في هذه الفرقة من وجه ويخرج منها وجه آخر النصارى فأما الوجه الذي يدخلون به فهو قولهم بالتثليث وأن خالق الخلق ثلاثة وأما الوجه الذي يخرجون به فهو أن للصابئين شرائع يسندونها إلى هرمس ويقولون أنه إدريس وإلى قوم آخرين يذكرون أنهم أنبياء كايلون ويقولون أنه نوح عليه السلام واسقلانيوس صاحب الهيكل الموصوف وعاظيمون ويوداسف وغيرهم والنصارى لا يعرفون هؤلاء لكن يقرون بنبوة كل نبي تعرفه من بني إسرائيل وإبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام ولا يعرفون نبوة إسمعيل وصالح وهود وشعيب وينكرون نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إخوته الأنبياء عليهم السلام والصابئون لا يقرون بنبوة أحد ممن ذكرنا أصلاً وكذلك المجوس لا يعرفون إلا زرادشت فقط وأما الفرقة الثانية فإنها تذهب إلى أن العالم هو مدبروه لا غيرهم البتة وهم الديصانية والمزقونية والمنانية القائلون بأزلية الطبائع الأربع بسائط غير ممتزجة ثم حدث الامتزاج فحدث العالم بامتزاجها فأما المنانية فإنهم يقولون أن أصلين لم يزالا وهما نور وظلمة وأن النور والظلمة حية وأن كليهما غير متناه إلا من الجهة التي لاقى منها الآخر وأما من جهاته الخمس فغير متناه وأنهما جرمان ثم لهم في وصف امتزاجهما أشياء شبيهة بالخرافات وهم أصحاب ماني‏.‏

وقال المتكلمون أن ديصان كان تلميذ ماني وهذا خطأٌ بل كان أقدم من ماني لأن ماني ذكره في كتبه ورد عليه وهما متفقان في كل ما ذكرنا إلا أن الظلمة عند ماني حية‏.‏

وقال ديصان هي موات وكان ماني راهباً بحران وأحدث هذا الدين وهو الذي قتله الملك بهرام بن بهرام إذ ناظره بحضرته إذرباذ بن ماركسفند موبذموبذان في مسألة قطع النسل وتعجيل فراغ العالم فقال له الموبذانت الذي تقول بتحريم النكاح ليستعجل فناء العالم ورجوع كل شكل إلى شكله وأن ذلك حق واجب فقال له ماني واجب أن يعان النور على خلاصه بقطع النسل مما هو فيه من الامتزاج فقال له اذرباذ فمن الحق الواجب أن يعجل لك هذا الخلاص الذي تدعو إليه وتعان على إبطال هذا الامتزاج المذموم فانقطع ماني فأمر بهرام بقتل ماني فقتل هو وجماعة من أصحابه وهم لا يرون الذبائح ولا إيلام الحيوان ولا يعرفون من الأنبياء عليهم السلام إلا عيسى عليه السلام وحده وهم يقرون بنبوة زرادشت ويقولون بنبوة ماني وقالت المزقونية أيضاً كذلك إلا أنهم قالوا نور وظلمة لم يزالا وثالث أيضاً بينهما لم يزل إلا أن هؤلاء كلهم متفقون على أن هذه الأصول لم تحدث شيئاً هو غيرها لكن حدث من امتزاجها ومن أبعاضها بالاستحالة صور العالم كله فهذه الفرق كلها مطبقة على أن الفاعل أكثر من واحد وإن اختلف في العدد والصفة وكيفية الفعل وإلزامات الشرائع وكلامنا هذا كلام اختصار وإيجاز وقصد إلى استيعاب قواعد الاستدلال والبراهين الضرورية والنتائج الواجبة من المقدمات الأولية الصحيحة وإضراب عن الشغب والتطويل الذي يكتفي بغيره عنه فإنما وكدنا بعون الله تعالى أن نبين بالبراهين الضرورية أن الفاعل واحد لا أكثر البتة ونبين بطلان أن يكون أكثر من واحد كما فعلنا بتأييد الله عز وجل إذ بينا بالبراهين الضرورية أن العالم محدث كان بعد أن لم يكن وإن له مخترعاً مدبراً لم يزل وسقطت خرافاتهم المضافة إلى الأوائل الفاسدة في وصفهم الفاعلين وكيفية أفعالهم إذ لا تكون صفة إلا لموصوف فإذا بطل الموصوف بطلت الصفة التي وصفوه بها‏.‏

وأما الاشتغال بأحكامهم الشرعية فلسنا من ذلك في شيء لأنه ليس من الشرائع العلمية شيء يوجبه العقل ولا شيء يمنع منه العقل بل كلها من باب الممكن فإذا قامت البراهين الضرورية على قول الآمر بها ووجوب طاعته وجب قبول كل ما أتى به كائناً ما كان من الأعمال ولو أنه قتل أنفسنا وأبنائنا وآبائنا وأمهاتنا وإذا لم يصح قول الآمر بها ولم يصح وجوب طاعته لا يلتفت إلى ما يأمر به أي شيء كان من الأعمال وكل شريعة كانت على خلاف هذا فهي باطلة فكلامنا مع الفرق التي ذكرنا في إثبات الفاعل الأول واحد لا أكثر وإبطال أن يكون أكثر من واحد وهو حاسم لكل شغب يأتون به بعد ذلك وكاف من التكلف لما قد كفته المرء بيسير من البيان وما تفويقنا إلى بالله تعالى‏.‏
ونبدأ بحول الله تعالى وقوته بإيراد عمدة ما موهوا به في إثبات أن الفاعل أكثر من واحد ثم ننقضه بحول الله تعالى وقوته بالبراهين الواضحة ثم نشرع إن شاء الله تعالى في إثبات أنه تعالى واحد بما لا سبيل إلى رده ولا اعتراض فيه كما فعلنا فيما خلا من كتابنا والحمد لله رب العالمين فنقول وبالله تعالى التوفيق‏.‏

عمدة ما عول عليه القائلون بأن الفاعل أكثر من واحد استدلالان فاسدان أحدهما هو استدلال المنانية والديصانية والمجوس والصابئة والمزدقية ومن ذهب مذاهبهم وهو أنهم قالوا وجدنا الحكيم لا يفعل الشر ولا يخلق خلقاً ثم يسلط عليه غيره وهذا عيب في المعهود ووجدنا العالم كله ينقسم قسمين كل قسم منهما ضد الآخر كالخير والشر والفضيلة والرذيلة والحياة والموت والصدق والكذب فعلمنا أن الحكيم لا يفعل إلا الخير وما يليق فعله به وعلمنا أن الشرور لها فاعل غيره وهو شر مثلها والاستدلال الثاني هو استدلال من قال بتدبير الكواكب السبعة والاثني عشر برجاً ومن قال بالطبائع الأربع وهو أن قالوا لا يفعل الفاعل أفعالاً مختلفة إلا بأحد وجوه أربعة إما أن يكون ذا قوى مختلفة وإما أن يفعل بآلات مختلفة وإما أن يفعل باستحالة وإما أن يفعل في أشياء مختلفة قالوا فلما بطلت هذه الوجوه كلها إذ لو قلنا إنه يفعل بقوى مختلفة لحكما عليه بأنه مركب فكان يكون من أحد المفعولات ولو قلنا إنه يفعل باستحالة لوجب أن يكون منفعلاً للشيء الذي أحاله فكان يدخل بذلك في جملة المفعولات ولو قلنا أنه يفعل في أشياء مختلفة لوجب أن تكون تلك الأشياء معه وهو لم يزل فتلك الأشياء لم تزل فكان حينئذ لا يكون مخترعاً للعالم ولا فاعلاً له قالوا فعلمنا بذلك أن الفاعلين كثير وإن كل واحد يفعل ما يشاكله قال أبو محمد رضي الله عنه فهذه عمدة ما عول عليه من لم يقل بالتوحدي وكلا هذين الاستدلالين خطأ فاحش على ما نبين إن شاء الله تعالى‏.‏

فيقال وبالله تعالى التوفيق لمن احتج بما احتجت به المنانية من أنه لا يفعل الحكيم الشر ولا العبث هل يخلو علمكم بأن هذا الشيء شر وعبث من أحد وجهين لا ثالث لهما إما أن تكونوا علمتموه بسمع وردكم وخبر وإما أن تكونوا علمتموه بضرورة العقل‏.‏

فإن قلتم أنكم علمتموه من طريق السمع‏.‏

قيل لكم هل معنى السمع الآتي غير أن مبتدع الخلق ومرتبة سمي هذ الشيء شراً وأمر باجتنابه وسمي هذا الشيء الآخر خيراً وأمر بإتيانه فلابد من نعم إذ هذا هو معنى اللازم عند كل من قال بالسمع‏.‏

فيقال لهم فإنما صار الشر شراً لنهي الواحد الأول عنه وإنما صار الخير خيراً لأمر به فلابد من نعم فإذا كان هذا فقد ثبت أن من لا مبدع ولا مدبر له ولا آمر فوقه لا يكون شيء من فعله شراً إذ السبب في كون الشر شراً هو الإخبار بأنه شر ولا مخبر يلزم طاعته إلا الله تعالى فإن قال فكيف يفعل هو شيئاً قد أخبر أنه شر قيل له ليس يفعل الجسم فيما يشاهد غير الحركة والسكون والحركة كلها جنس واحد في أنها نقلة مكانية وكذلك السكون جنس واحد كله فإنما أمرنا تعالى بفعل بعضها ونهانا عن فعل بعضها ولم يفعل هو الحركة قط على أنه متحرك بها ولا السكون على أنه ساكن به وإنما فعلهما على سبيل الإبداع فتحركنا نحن بحركة نهينا عنها وسكوننا بسكون نهينا عنه هو الشر وغيره أصلاً وكذلك اعتقاد النفس ما نهيت عنه وهذا كله غير موصوف به الباري تعاىل وإن قالوا علمنا ذلك ببداهة العقل قيل لهم وبالله التوفيق أليس العقل قوة من قوى النفس وداخلاً تحت الكيفية على الحقيقة أو تحت الجوهر على قول من لا يحصل فلا بد من نعم فيقال لهم إنما يؤثر العقل ما هو من شكله في باب الكيفيات فيميز بين خطائها وصوابها ويعرف أحوالها ومراتبها وأما فيما هو فوقه وفيما لم يزل العقل معدوم وفي مخترع العقل ومرتبه كما هو فلا تأثير للعقل فيه إذ لو أثر فيه لكان محدثاً على ما قدمنا من أن الأثر من باب المضاف فهي تقتضي مؤثراً فكان يكون الباري تعالى منفعلاً للعقل وكان يكون العقل فاعلاً فيه تعالى وحاكماً عليه جل الله عن ذلك‏.‏

وقد بينا في كتابنا هذا أن الباري تعالى لا يشبهه شيء من خلقه بوجه من الوجوه ولا يجري مجرى خلقه في معنى ولا حكم وذكرنا أيضاً فيه إبطال قول من قال بتسمية الباري حياً أو حكيماً أو قادراً أو غير ذلك من سائر الصفات من جهة الاستدلال حاشى أربعة أسماء فقط وهي الأول الواحد الحق الخالق فقط وهذه الأسماء هي التي لا يستحقها شيءٌ في العالم غيره فلا أول سواه البتة ولا واحد سواه البتة ولا خالق سواه البتة ولا حق سواه البتة على الإطلاق وكل ما دونه تعالى فإنما هو حق بالباري تعالى ولولا الباري تعالى ما كان شيءٌ في العالم حقاً وكل ما دونه تعالى فإنما حق بالإضافة ولولا أن السمع قد ورد بسائر الأسماء التي ورد الخبر الصادق بها ما جاز أن يسمى الله عز وجل بشيءٍ منها ولكن قد بينا في مكانه من هذا الكتاب على أي شيءٍ تسميته بما ورد السمع وإن ذلك تسمية لايراد بها غيره تعالى ولا يرجع منها إلى شيء سواه البتة‏.‏

وأيضاً فإن دليلهم فيما سموا به الباري تعالى وأجروه عليه إقناعي شغبي وفيه تشبيه للخالق بخلقه وفي تشبيههم له بخلقه حكم عليه بالحدوث وأن يكون الفاعل مفعولاً وقد قدمنا إبطال ذلك‏.‏

ويقال لهم إن الترميم أن يكون فاعل الشر فيما عندنا عابثاً فقررتم بذلك عن أن يكون فاعل العالم واحداً وقد علمنا فيما بينا أن تارك الشيء لا يغيره وهو قادر على تغييره عابث ظالم ولا يخلو فاعل الخيرات عندكم من أن يكون قادراً على تغييره والمنع منه ولم يغيره فقد صار عندكم عابثاً ضرورة فقد وقعتم فيما عنه فررتم ضرورة وإن قلتم أنه غير قادر على تغييره ولا المنع منه فهو بلا شك عاجز ضعيف وهذه صفة سوء عندكم فهلا تركتم القول بأنه أكثر من واحد لهذا الاستدلال فإنه أصح على أصولكم ومقدماتكم وأما نحن فمقدمتكم عندنا فاسدة بالبرهان الذي ذكرناه قال أبو محمد رضي الله عنه والمنانية تزعم أن النور كان في العلو إلى ما لا نهاية له وأن الظلمة في السفل إلى ما لا نهاية له وأن كل واحد منها متناه المساحة من الجهة التي لاقى منها الآخر وغير متناه من جهاته الخمس وأن اللذة للنور خاصة لا للظلمة وأن الأذى للظلمة خاصة لا للنور‏.‏

قال أبو محمد رضي الله عنه فأما بطلان هذا القول في عدم التناهي من الجهات الخمس فيفسد بما أوجبنا به تناهي جسم العالم وأما قولهم بالعلو والسفل فظاهر الفساد لأن السفل لا يكون إلا بالإضافة وكذلك العلو فكل علو فهو سفل لما فوقه حتى تنتهي إلى الصفحة العليا التي لا صفحة فوقها وهم لا يقرون بها فصح ضرورة أن في الظلمة على قولهم علواً وأن في النور سفلاً‏.‏

وأما قولهم في اللذة والأذى ففاسد جداً لأن اللذة لا تكون إلا بالإضافة وكذلك الأذى فإن الإنسان لا يلتذ بما يلتذ به الحمار ويتأذى بما لا يتأذى به الأفعى فبطل هوسهم بيقين والحمد لله رب العالمين‏.‏

سؤال على المنانية دامغ لقولهم بحول الله وقوته وهو أن يقال لهم ألهذه الأجساد أنفس أم لا فإن قالوا لا قيل لهم فهذه الأجساد لا تخلو على أصولكم من أن يكون في كل جسد منها نور وظلمة أو يكون بعض الأجساد نوراً محضاً وبعضها ظلمة محضة فإن قالوا في كل جسد نور وظلمة قيل لهم فهل يجوز من الظلمة فعل الخير فلا بد من لا لأنه لو فعل الخير لانتقلت إلى النور وكذلك لا يجوز أن يفعل النور شراً لأنه كان يصير ظلمة‏.‏

فيقال لهم فإي معنى لدعائكم إلى الخير ونهيكم عن النكاح والقتل وأخبرونا من تدعون إلى كل ذلك فإن كنتم تدعون النور فهو طبعه وهو فاعل له بطبعه قبل أن تدعوه إليه لا يمكنه أن يحول عنه فدعاؤكم له إلى ما يفعله وأمركم له بترك ما لا يفعله عبث من النور داع إلى المحال وهذا خلاف أصلكم وإن كنتم تدعون الظلمة فذلك عبث من النور لها إلى ذلك إذ لا سبيل لها إلى ترك طبعها‏.‏

وكذلك يقال لهم سواء بسواء إن قالوا إن من الأجساد ما هو نور محض ومنها ما هو ظلمة محضة وهكذا يسئلون في الأرواح أن أقروا بها ثم يسئلون عمن رأيناه ينكح ويقتل ويظلم ويكذب ثم يتوب عن كل ذلك من القاتل الظالم أهو النور أم الظلمة ومن التائب النور أم الظلمة فأي ذلك قالوا فهو هدم مذهبهم وقد جوزوا الاستحالة فإن قالوا معنى دعائنا إلى ما ندعو إليه من ذلك إنما هو حض للنور على المنع للظلمة من ذلك قيل لهم أكان النور قادراً على منعها قبل دعائكم أم لا فإن قالوا كان قادراً قيل لهم فقد ظلم بتركه إياها تظلم وهو يقدر على منعها قبل دعائكم وإن قلتم لم يذكر حتى نبه قيل لهم فهذا نقص منه وجهل وصفات شر لا تليق بالنور على قولكم وهذا ما لا انفكاك لهم منه وأيضاً فيقال لهم إن الداعي منكم إلى دينه لا يقول لمن دعاه كف غيرك على ظلمه إنما يقول له كف عن ظلمك وارجع عن ضلالك ولقد أحسنت في رجوعك عن الباطل إلى الحق فإن كنتم تأمرون بأن يخاطب بذلك الظلمة فالأمر بذلك كاذب آمر بالكذب وإن كنتم تأمرون بأن يخاطب بذلك النور فالأمر بذلك أيضاً كاذب آمر بالكذب فإن قالوا فأي معنى لدعائكم إلى الخير وقد سبق علم الله تعالى فيمن يعلمه ومن لا يعلمه قيل لهم جواب بعضنا في هذا هو أن كل من يدعى إلى الخير فممكن وقوعه منه وممكن أيضاً فعل الشر منه ومتوهم كل ذلك منه فوجه دعائنا له معروف وليس علم الله تعالى إجباراً وإنما هو أنه تعالى علم ما يختاره العبد‏.‏

وجواب بعضنا في ذلك هو أن فاعل كل ما يبدو في العالم فعل خلق وإبداع فهو الله عز وجل ولا يتعقب عليه فهو خالق دعائنا من ندعوه فإذ ذلك كذلك فلا يجوز سؤال الخالق لما شاء بل فعلت وهذا هو الجواب الذي نختاره ويقال لهم أيضاً أخبرونا عن ماني والمسيح وزرادشت وأنتم تعظمونهم أفيهم ظلمة أم كانوا أنواراً محضة فمن قولهم ولابد أن فيهم ظلمة لأنهم يتغوطون ويجزعون ويألمون فيقال لهم فما عجز النور الذي فيكم عن مثل ذلك فإن قالوا لقلته قيل لهم فكان يجب أن يأتي من المعجزات ولو بيسير على قدره وهذا ما لا مخلص لهم منه أصلاً‏.‏

ويقال لهم أيضاً إن من العجائب إلزامكم ترك النكاح لتعجلوا قطع النسل فهبكم قدرتم على ذلك فكيف تصنعون في الوحوش والطير وسائر الحيوان البري والحشرات وحيوان المياه والبحار التي تقتل بعضها بعضاً أشد من قتل بعض الناس لبعض وأكثر فكيف السبيل إلى قطع تناسلها وفراغ امتزاجها وهذا ما لا سبيل لكم إليه أصلاً فإن كان النور عاجزاً عن قطعها فلا سبيل له إلى خلاص أجزائه أبد الأبد وإن كان النور عاجزاً عن قطعها فلا سبيل له إلى خلاص أجزائه ولم يتركها تردد في الظلمات وأعجب شيء منعهم من القتل وهذا عون منهم على بقاء المزاج وعلى منع الخلاص وتأخره وكان القتل أبلغ شيء في تمام مرادهم وبغيتهم من تعجيل الخلاص واستنقاذ النور وقطع المزاج وهذا تناقض ظاهر منهم لا خفاء به وبالله تعالى نتأيد‏.‏

وكل ما قدمنا من البراهين على حدوث العالم وإيجاب النهاية في جرمه وأشخاصه وأزمانه فهو لازم الأصلين النور والظلمة على أصول المنانية وعلى كل من يقول بأن الفاعل أكثر من واحد وأنه لم يزل مع الفاعل غيره لزوم ضرورة وبالله تعالى التوفيق وأما الاستدلال الثاني الذي عولوا فيه على أقسام من يفعل أفعالاً مختلفة فهو استدلال فاسد أيضاً لأنهم إنما عولوا فيه على الأقسام الموجودة في العالم وقد قدمنا البراهين الضرورية على حدوث العالم وعلى أن محدثه لا يشبهه في شيء من الأشياء فلا سبيل إلى أن يدخل تحت شيء من أقسام العالم لكنه تعالى يفعل الأشياء المختلفة والأشياء المتفقة مختاراً لكل ذلك وحين شاء لا علة لشيء من ذلك إذ قدمنا أن ما حصرته الطبيعة فهو متناه والمتناهي محدث على ما قدمنا من أن يكون ذا قوى أو فاعلاً بآلات أو فاعلاً باستحالة أو فاعلاً في أشياء لأن هذا كله يقتضي أن يكون محدثاً تعالى الله عن ذلك وهو لم يزل فقد وجب ضرورة أن يكون الباري تعالى يفعل ما يشاء من مختلف ومتفق مختاراً دون علة موجبة عليه شيئاص من ذات ولا بقوة هي غيره وبالله تعالى التوفيق‏.‏

وكل ما ألزمنا من يقول أن العالم لم يزل من البراهين الضرورية فهو لازم للمنانية والديصانية والمزقونية والقائلين بأزلية الطبائع والهيولي لأن العالم عند هؤلاء ليس هوشيأ غير تلك الأصول التي لم تزل عندهو وإنما حدثت فيهم عندهم الصورة فقط ويدخل أيضاً عليهم القول بتناهي الأصلين لأنهما عندهم جسمان والجسم متناه ضرورة لبرهانين نوردهما إن شاء الله تعالى وذلك أننا نقول لا يخلو كل جرم من الأجرام من أن يكون متحركاً أو ساكناً فإن كان متحركاً فقد علمنا أن المسافة التي لا تتناهى لا تقطع أصلاً لا في زمان متناه ولا في زمان غير متناه ثم لا تخلو حركته من أن تكون إما باستدارة وإما إلى جهة من الجهات ولا ثالث لهذين الوجهين‏.‏

فإن كان متحركاً باستدارة وهو غير متناه فهذا محال لأن الخطين الخارجين من الوسط إلى المشرق وإلى العلو غير متناهين إذن فكان يجب أن يكون الجزء الذي في سمت المشرق منه لا يبلغه إلى العلو الذي هو سمت الرأس منه أبداً فقد بطلت الحركة على هذا فهذا إذن متحرك لا متحرك وهذا محال مع مشاهدة العيان لقطع كل جزء من الفلك الكلي جميع مسافته ورجوعه إلى حيث ابتدأ منه في كل أربع وعشرين ساعة‏.‏

وإن كان متحركاً إلى جهة من الجهات فهذا أيضاً محال لأن الحركة نقلة من مكان إلى مكان فإذا وجد هذا الجسم مكاناً ينتقل إليه لم يكن فيه قبل ذلك فقد ثبتت النهاية له ضرورة لأن وجوده غير كائن في المكان الذي انتقل إليه موجب لانقطاعه قبله وإن كان لم يزل في المكان الذي انتقل إليه وهكذا فيما بعده من الأمكنة فلم يزل غير منتقل وقد قلتم أنه لم يزل منتقلاً فهو إذن متحرك ولا متحرك وهذا محال‏.‏

وإن قلتم ساكن قلنا لكم اقطعوا من هذا الجرم قطعة بالوهم فإذا توهموا ذلك سألناهم متى كان هذا الجرم أعظم أقبل أن تقطع منه هذه القطعة أو بعد إن قطعت فأياً ما قالوا أو إن قالوا أنه مسا ولنفسه قبل أن تقطع منه هذه القطعة فقد أثبتوا النهاية إذ لا تقع الكثرة والقلة والتساوي إلا في ذي نهاية‏.‏

وأيضاً فإن المكان والجرم مما يقع تحت العدد كوقوع الزمان تحت العدد فكل ما أدخلناه فيما خلا من تناهي الزمان من طريق العدد فهو لازم في تناهي المكان والجرم من طريق العدد بالمساحة وبالله تعالى التوفيق‏.‏

قال أبو محمد رضي الله عنه وكل ما ألزمناه من يقول بأن الأجسام لم تزل فهو لازم بعينه لمن يقول أن السبعة الكواكب والاثني عشر برجاً لم تزل لأنها أجسام جارية تحت أقسام الفلك وحركته فانظر هنالك ما ألزمناه من حدوث الأجسام وأزمانها فهو لازم لهؤلاء وتركنا ما ألزمناه في حدوث الأجسام في فروع أقوالهم كقولهم في المزاج والخلاص وصفات النور والظلمة إذ إنما قصدنا اجتثاث أصول المذاهب الفاسدة في أن الفاعل أكثر من واحد واعتمدنا البيان في إثبات الواحد فقط فإذ قد ثبت ذلك ببراهين ضرورية بطل كل ما فرعوه من هذا الأصل الفاسد إذ إنما قصدنا ما تدفع إليه الضرورة من الاستيعاب لما لا بد منه بإيجاز بحول الله تعالى وقوته وأما من جعل الفاعل أكثر من واحد إلا أ هم جعلوهم غير العالم كالمجوس والصابئين والمزدقية ومن قال بالتثليث من النصارى فإنه يدخل عليهم من الدلائل الضرورية بحول الله وقوته ما نحن موردوه إن شاء الله تعالى فنقول وبالله تعالى التوفيق إن ما كان أكثر من واحد فهو واقع تحت جنس العدد وما كان واقعاً تحت جنس العدد فهو نوع من أنواع العدد وما كان نوعاً فهو مركب من جنسه العام له ولغيره ومن فصل خصه ليس في غيره فله موضوع وهو الجنس القابل لصورته وصورة غيره من أنواع ذلك الجنس وله محمول وهو الصورة التي خصته دون غيره فهو ذو موضوع وذو محمول فهو مركب من جنسه وفصله والمركب مع المركب من باب المضاف الذي لابد لكل واحد منهما من الآخر فأما المركب فإنما يقتضي وجود المركب من وقت تركبه وحينئذ يسمى مركابً لا قبل ذلك وأما الواحد فليس عدداً لما سنبينه إن شاء الله تعالى فقد انقضى الكلام في هذا الباب وبالله تعالى التوفيق‏.‏

ومن البرهان على أن فاعل العالم ليس واحداً أن العالم لو كان مخلوقاً لاثنين فصاعداً لم يخل من أن يكونا لم يزالا مشتبهين أو مختلفين فأياً ما قالوا فقد أثبتوا معنى فيهما أو في أحدهما به اشتبها أو به اختلفا فإن نفوا ذلك فقد نفوا الاختلاف والاشتباه معاً ولا يجوز ارتفاعهما معاً أصلاً لأن ذلك محال وموجب للعدم لأن وجود شيئين لا يشتبهان في شيء ولا يختلفان بوجه من الوجوه محال إذ في ذلك عدمهما لأن هذه الصفة معدومة فحاملها معدوم وهم قد أثبتوا وجودها فيلزمهم القول بموجود معدوم في وقت واحد من وجه واحد وهذا محال وهم إذا أثبتوهما موجودين لم يزالا فقد أثبتوا لهما معاني قد اشتبها فيها وهي كونهما مشتبهين في الوجود مشتبهين في الفعل مشتبهين في أن لم يزالا ولا يجوز أن تكون هذه الأشياء ليست غيرهما لأنها صفات عمتهما أعني اشتباههما في المعاني المذكورة فإن كان اشتباههما هو هما فهما شيءٌ واحد وكذلك أيضاً يلزم في كونهما مختلفين في أن كل واحد منهما غير صاحبه فإن كان هذا الاختلاف فيهما هو غيرهما فههنا ثالث وهكذا أيضاً أبداً‏.‏

وسنذكر ما يدخل في هذا إن شاء الله تعالى‏.‏

وإن كان التغاير هو هما والاشتباه هو هما فالتغاير هو الاشتباه وهذا هو عين المحال لأنه لابد من معنى موجود في المتغاير ليس اشتباهاً لأنه لا يجوز أن يكون الشيئآن مشتبهين بالتغاير فإذا قد ثبت ما ذكرنا ولم يكن بد من اشتباه أو اختلاف هو معنى غيرهما فقد ثبت ثالث وإذا ثبت ثالث لزم فيهم ثلاثتهم مثل ما لزم في الاثنين من السؤال وهكذا أبداً وهذا يوجب ضرورة أن كل واحد منهما أو أحدهما مركب من ذاته ومن المعنى الذي بان به عن الآخر أو به أشبه الآخر فإن أثبتوا ذلك لهما جميعاً وكلاهما مركب والمركب محدث فهما مخلوقان لغيرهما ولابد وإن أثبتوا ذلك لأحدهما فقط كان مركباً وكان الآخر هو الفاعل له فقد عاد الأمر إلى واحد غير مركب ولابد ضرورة‏.‏
ويوجب أيضاً إن تمادوا على ما ألزمناهم من وجود معنى به بأن كل من الآخر وجود قدماء لم يزالوا ووجود فاعلين آلهة أكثر من المألوهين وهذا محال لأنه لا سبيل إلى وجود أعداد قائمة ظاهرة في وقت واحد لا نهاية لها لأنه إن كان لها عدد فقد حصرها ذلك العدد على ما قدمنا وكل ما حصر فهو متناه وقد أوجبنا عليهم القول بأنها غير متناهية فلزمهم القول بأعداد متناهية لا متناهية وهذا من أعظم المحال فإن لم يكن لها عدد فليست موجودة لأن كل موجود فله عدد وكل ذي عدد متناه كما قدمنا فإن قال قائل فبأي شيء انفصل الخالق عن الخلق وبأي شيء انفصل الخلق بعضه من بعض وأراد أن يلزمنا في ذلك مثل الذي ألزمناه في الأدلة المتقدمة قيل له وبالله التوفيق الخلق كله حامل ومحمول فكل حامل فهو منفصل من خالقه ومن غيره من الحاملين بمحموله من فصوله وأنواعه وجنسه وخواصه وإعراضه في مكانه وسائر كيفياته وكل محمول فهو منفصل من خالقه ومن غيره من المحمولات بحامله وبما هو عليه مما باين فيه سائر المحمولات من نوعه وجنسه وفصله والباري تعالى غير موصوف بشيءٍ من ذلك كله وبالله تعالى التوفيق وقد ذكرنا في باب الكلام في بقاء الجنة والنار وبقاء الأجسام فيها بلا نهاية وفيما خلا من كتابنا الانفصال ممن أراد أن يلزمنا هنالك ما ألزمناهم نحن هنالك من الأعداد التي لا تتناهى إلا أننا نذكر هنا من ذلك إن شاء الله تعالى طرفاً كافياً وبالله تعالى التوفيق وبه نستعين فنقول إن الفرق بين المسئلتين المذكورتين أننا لم نوجب نحن في الجنة والنار وجود أعداد لا تتناهى بل قولنا إن أعدادهم متناهية لا تزيد ولا تنقص وإن مساحة النار والجنة محدودة متناهية لا تزيد ولا تنقص وإن كل ما ظهر من حركاتهم ومددهم فيها فمحصورة متناهية وإنما نفينا عنها النهاية بالقوة بمعنى أن الباري تعالى محدث لهم في كلتا الدارين بقاء ومدداً ونعيماً وعذاباً أبداً لا إلى غاية وليس ما ظهر من ذلك بعضاً لما لم يظهر فليلزمنا أن يكون اسم كل ما يقع على الموجود والمعدوم لأن الموجود لا يكون بعضاً للمعدوم وإنما هو بعض لموجود مثه هذا يعلم بالحس لأن الأسماء إنما تقع على معانيها ومعنى الوجود إنما هو ما كان قائماً في وقت من الأوقات ماض من الأوقات أو حال منها فما لم يكن هكذا فليس موجوداً وأبعاض الموجودات كلها موجودة فكلها موجود وكلها كان موجوداً فليس الموجود بعضاً للمعدوم والعدم هو إبطال الوجود ونفيه ولا سبيل إلى أن تكون أبعاض الشيء التي يلزمها اسمه الذي لا اسم لها سواه يبطل بعضها بعضاً وقد يمكن أن شغب مشغب في هذا المكان فيقول قد وجدنا أبعاضاً لا يقع عليها اسم كلها كاليد والرجل والرأس وسائر الأعضاء ليس شيء منها يسمى إنساناً فإذا اجتمعت وقع عليها اسم إنسان قال أبو محمد رضي الله عنه وهذا شغب لأننا إنما تكلمنا على الأبعاض المتساوية التي كل بعض منها يقع عليه اسم الكل كالماء الذي كل بعض منه ماء وكله ماء وليس الجزء من هذا الباب وكل بعض من أبعاض الموجود فإنه يقع عليه اسم موجود وقد يمكن أن يشغب أيضاً مشغب في قولنا إن الأبعاض لا تتنافى فيقول إن الخضرة لا تنافي البياض وكلاهما بعض للون الكلي فهذا أيضاً ليس مما أردناه في شيء لأن قولنا موجود ليس جنساً فيقع على أنواع المتضادات وإنما هو إخبار عن وجودنا أشياء قد تساوي كلها في وجودنا إياها حقاً فهو يعم بعضها كما يعم كلها وأيضاً فإن الخضرة لا تضاد البياض في أن هذا لون بل يجتمعان في هذا المعنى اجتماعاً واحداً لا يختلفان فيه وإنما اختلفا بمعنى آخر وكذلك لا يخالف موجود موجوداً في أنه موجود والموجود يخالف المعدوم في هذا المعنى نفسه وليس بعضاً للمعدوم والمعدوم ليس شيئاً ولا له معنى حتى يوجد فإذا وجد كان حينئذ شيئاً موجوداً وقد تخلصنا أيضاً في باب التجزىء وكلامنا فيه في هذا الديون من مثل هذا الإلزام هنالك