قال أبو محمد: ذهب قوم إلا أن الأنبياء عليهم السلام أفضل من الملائكة وذهبت طائفة تنتسب إلى الإسلام أن الصالحين غير النبيين أفضل من الملائكة وذهب بعضهم إلى أن الولي أفضل من النبي وأنه يكون في هذه الأمة من هو أفضل من عيسى بن مريم ورأيت الباقلاني يقول جائز أن يكون في هذه الأمة من هو أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين بعث إلى أن مات ورأيت لأبي هاشم الجبائى أنه لو طال عمر إنسان من المسلمين في الأعمال الصالحة لأمكن أن يوازي عمل النبي صلى الله عليه وسلم كذب لعنه الله.
ه قال أبو محمد: ولولا أنه استحيا قليلا مما لم يستحي من نظيره الباقلاني ل قال ما يوجبه هذا القول من أنه كان يزيد فضلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو محمد: وهذه الأقوال كفر مجرد لا تردد فيه وحاشا لله تعالى من أن يكون أحد ولو عمر عمر الدهر يلحق فضل صاحب فكيف فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نبي من الأنبياء عليهم السلام فكيف يكون أفضل من رسول الله صلى لله عليه وسلم هذا ما لا تقبله نفس مسلم كأنهم ما سمعوا قول الله عز وجل " لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا " وقول النبي صلى الله عليه وسلم دعوا لي أصحابي فلو كان لأحدكم مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.
قال أبو محمد: فكيف يلحق أبدا من أن تصدق هو بمثل جبل أحد ذهبا وتصدق الصاحب بنصف مد من شعير كان نصف مد الشعير لا يلحقه في الفضل جبل الذهب فكيف برسول الله صلى الله عليه وسلم قال أهل الحق أن الملائكة أفضل من كل خلق حلقه الله تعالى ثم بعدهم الرسل من النبيين عليهم السلام ثم بعدهم الأنبياء غير الرسل عليهم السلام ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما رتبنا قبل.
قال أبو محمد: ومن صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجن له من الفضل ما لسائر الصحابة بعموم قوله صلى الله عليه وسلم دعوا إلي أصحابي وأفضل الرسل محمد صلى الله عليه وسلم أما فضل الملائكة على الرسل من غير الملائكة فلبراهين منها قول الله عز وجل أمراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول " قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ " فلو كان الرسول أرفع من الملك أو مثله ما أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذا القول الذي إنما قال ه منحطا عن الترفع بأن يظن أنه عنده حزائن الله أو أنه يعلم الغيب أو أنه ملك منزل لنفسه المقدسة في مرتبته التي هي دون هذه المراتب بلا شك إذ لا يمكن البتة أن يقول هذا عن مراتب هو أرفع منها وأيضا فأن الله عز وجل ذكر محمدا الذي هو أفضل الرسل بعد الملائكة وذكر جبريل عليهما السلام وكان التباين من الله عز بينهما تبايناً بعيدا وهو أنه عز وجل قال " إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين " فهذه صفة جبريل عليه السلام ثم ذكر محمدا صلى الله عليه وسلم فقال " وما صاحبكم بمجنون " ثم زاد تعالى بيانا رافعا للإشكال جملة فقال " ولقد رآه بالأفق المبين " فعظم الله تعالى من شأن أكرم الأنبياء والرسل بأن رأى جبريل عليه السلام ثم قال " ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى " فأمتن الله تعالى كما ترى على محمد صلى الله عليه وسلم بأن أراه جبريل مرتين وإنما يتفاضل الناس كما قدمنا بوجهين فقط أحدهما الاختصاص المجرد وأعظم الاختصاص الرسالة والتعظيم فقد حصل ذلك للملائكة قال تعالى " جاعل الملائكة رسلا " فهم كلهم رسل الله ثم اختصهم تعالى بأن ابتدأهم في الجنة وحوالي عرشه في المكان الذي وعد رسله ومن اتبعهم بأن نهاية كرامتهم مصيرهم إليه وهو موضع خلق الملائكة ومحلهم بلا نهاية مذ خلقوا وذكرهم عز وجل في غير موضع من كتابه فأثنى على جميعهم ووصفهم بأنهم لا يفترون ولا يسأمون ولا يعصون الله فنفي عنهم الزلل والفترة والسآمة والسهو وهذا أمر لم ينفه عز وجل عن الرسل صلوات الله عليهم بل السهو جائز عليهم وبالضرورة نعلم من عصم من السهو أفضل ممن لم يعصم منه وأن من عصم من العمد كالأنبياء عليهم السلام أفضل ممن لم يعصم ممن سواهم فإن اعترض معترض بقول الله عز وجل " الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس " قيل له ليس هذا معارضا لقوله تعالى جاعل الملائكة رسلا فإن كل آية فإنما تحمل على مقتضاها وموجب لفظها ففي هذه الآية إن بعض الملائكة رسل وهذا حق لا شك فيه وليس إخبارا عن سائرهم بشيء لا بأنهم رسل ولا بأنهم ليسوا رسلا فلا يحل لأحد أن يزيد في الآية ما ليس فيها ثم في الآية الأخرى زيادة على ما في هذه الآية وإخبار بأن جميع الملائكة رسل ففي تلك الآية بعض ما في هذه الآية وفي هذه الآية كل ما في تلك وزيادة ففرض قبول كل ذلك كما أن الله عز وجل إذ ذكر في كهعيص من ذكر من النبيين فقال " أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا " وقد قال تعالى " ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك " أفترى الرسل الذين لم يقصصهم الله تعالى عليه جملة أو في هذه السورة خاصة لم ينعم عليهم معاذ الله من هذا فما يقوله مسلم والوجه الثاني من أوجه الفضل هو تفاضل العاملين بتفاضل منازلهم في أعمال الطاعة والعصمة من المعاصي والدنيات وقد نص الله تعالى على أن الملائكة لا يفترون من الطاعة ولا يسأمون منها ولا يعصون البتة في شيء أمروا به فقد صح أن الله عز وجل عصمهم من الطبائع الناقصة الداعية إلى الفتور والكسل كالطعام والتغوط وشهوة الجماع والنوم فصح يقينا أنهم أفضل من الرسل الذين لم يعصموا من الفتور والكسل ودواعيهما.
قال أبو محمد: واحتج بعض المخالفين في هذا بأن قال قال الله عز وجل " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " قال وا فدخل في العالمين الملائكة وغيرهم.
قال أبو محمد: وهذه الآية قد صح البرهان بأنها ليست على عمومها لأنه تعالى لم يذكر فيها محمدا صلى الله عليه وسلم ولا خلاف في أنه أفضل الناس قال الله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس " فإن قال أن آل إبراهيم هم آل محمد قيل له فنحن إذا أفضل من جميع الأنبياء حاشا آل عمران وآدم ونوحا فقط وهذا لا يقوله مسلم فصح يقينا أن هذه الآية ليست على عمومها فإذ لاشك في ذلك فقد صح أن الله عز وجل إنما أراد بها عالمي زمانهم من الناس لا من الرسل ولا من النبين نعم ولا من عالمي غير زمانهم أننا بلا شك أفضل من آل عمران فبطل تعلقهم بهذه الآية جملة وبالله تعالى التوفيق وصح أنها مثل قوله تعالى " يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وإني فضلتكم على العالمين " ولا شك في أنهم لم يفضلوا على الرسل ولا على النبيين ولا على أمتنا ولا على الصالحين من غيرهم فكيف على الملائكة ونحن لا ننكر إزالة للنص عن ظاهره وعمومه ببرهان من نص آخر أو إجماع متيقن أو ضرورة حس وإنما ننكر ونمنع من إزالة النص عن ظاهره وعمومه بالدعوى فهذا هو الباطل الذي لا يحل في دين ولا يصح في إمكان العقل وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: وذكر بعضهم قول الله عز وجل " الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية " قال أبو محمد: وهذا مما لاحجة لهم فيه أصلاً لأن هذه الصفة تعم كل مؤمن صالح من الإنس ومن الجن نعم وجميع الملائكة عموما مستويا فإنما هذه لآية تفضيل الملائكة والصالحين من اإنس والجن على سائر البرية وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: وهذا أعظم حجة عليهم لأن السجود المأمور به لا يخلو من أن يكون سجود عبادة وهذا كفر ممن قال ه ولا يجوز أن يكون الله عز وجل يأمر أحداً من خلقه بعبادة غيره وإما ان يكون سجود تحية وكرامة وهو كذلك بلا خلاف من أحد من الناس فإذ هو كذلك فلا دليل أدل على فضل الملائكة على آدم من أن يكون الله تعالى بلغ الغاية في إعظامه وكرامته بأن تحييهم الملائكة لأنهم لو كانوا دونه لم يكن له كرامة ولا مزية في تحيتهم له وقد أخبر الله عز وجل يوسف عليه السلام فقال " ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا و قال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا " وكانت رؤياه هي التي ذكر الله عز وجل عنه إذ يقول " إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ".
قال أبو محمد: وليس في سجود يعقوب عليه السلام ليوسف ما يوجب أن يوسف أفضل من يعقوب واحتجوا أيضا بأن الملائكة لم يعلموا أسماء الأشياء حتى أنبأهم بها آدم على جميعهم السلام بتعليم الله عز وجل آدم إياها.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه لأن الله عز وجل يعلم من هو أنقص فضلا وعلما في الجملة أشياء لا يعلمها من هو أفضل منه وأعلم منه بما عدا تلك الأشياء فعلم الملائكة ما لا يعلمه آدم وعلم آدم أسماء الأشياء ثم أمره بأن يعلمها الملائكة كما خص الخضر عليه السلام بعلم لم يعلمه موسى عليه السلام حتى اتبعه موسى عليه السلام ليتعلم منه وعلم أيضا موسى عليه السلام علوما لم يعلمها الخضر وهكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الخضر قال لموسى عليه السلام إنى على علم من علم الله لا تعلمه أنت وأنت على علم من علم الله لا أعلمه أنا.
قال أبو محمد: ولي في هذا أن الخضر أفضل من موسى عليه السلام.
قال أبو محمد: وقد قال بعض الجهال إن الله تعالى جعل الملائكة خدام أهل الجنة يأتونهم بالتحف من عند ربهم عز وجل قال تعالى " تتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون " و قال تعالى " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم ".
قال أبو محمد: أما خدمة الملائكة لأهل الجنة وإقبالهم إليهم بالتحف فشيء ما علمناه قط ولا سمعناه إلا من القصاص بالخرافات والتكاذيب وإنما الحق من ذلك ما ذكره الله عز وجل في النص الذي أوردنا وهو ولله الحمد من أقوى الحجج في فضل الملائكة على من سواهم ويلزم هذا المحتج إذ كان إقبال الملائكة بالبشارات إلى أهل الجنة دليلا على فضل أهل الجنة عليهم أن يكون إقبال الرسل إلينا مبشرين ومنذرين بالبشارات من عند الله عز وجل دليلا على أننا أفضل منهم وهذا كفر مجرد ولكن الحقيقة هي أن الفضل إذ كان للأنبياء عليهم السلام على الناس بأنهم رسل الله اليهم ووسائط بين ربهم تعالى وبينهم فالفضل واجب للملائكة على الأنبياء والرسل لكونهم رسل الله تعالى إليهم ووسائط بينهم وبين ربهم تعالى وأما تفضل الله تعالى على أهل الجنة بالأكل والشرب والجماع واللباس والآلات والقصور فإنما فضلهم الله عز وجل من ذلك بما يوافق طباعهم وقد نزه الله سبحانه الملائكة عن هذه الطبائع المستدعية لهذه اللذات بل أبانهم وفضلهم بل جعل طبائعهم لا تلتذ بشئ من ذلك إلا بذكر الله عز وجل وعبادته وطاعته في تنفيذ أوامره تعالى فلا منزلة أعلى من هذه وعجل لهم سكنى المحل الرفيع الذي جعل تعالى غاية إكرامنا الوصول إليه بعد لقاء الأمرين في التعب في عمارة هذه الدنيا النكدة وفي كلف الأعمال ففي ذلك المكان خلق الله عز وجل الملائكة منذ ابتدأهم وفيه خلدهم وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: و قال بعض السخفاء أن الملائكة بمنزلة الهواء والرياح.
قال أبو محمد: وهذا كذب وقحة وجنون لأن الملائكة بنص القرآن والسنن وإجماع جميع من يقر بالملائكة من أهل الأديان المختلفة عقلا متعبدون منهيون مأمورون وليس كذلك الهواء والرياح لكنها لا تعقل ولا هي متكلفة متعبدة بل هي مسخرة مصرفة ولا اختيار لها قال تعالى " والسحاب المسخر بين السماء والارض " و قال تعالى " سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام " وذكر تعالى الملائكة فقال " بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " و قال تعالى " ويستغفرون لمن في الأرض " و قال تعالى " وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا " فقرن تعالى نزول الملائكة برؤيته تعالى وقرن تعالى إتيانه بإتيان الملائكة فقال عز وجل " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة " واعلم أن إعراب الملائكة هاهنا بالرفع عطفا على الله عز وجل لا على الغمام ونص تعالى على أن آدم عليه الصلاة والسلام إنما أكل من الشجرة ليكون ملكا أو ليخلد كما قص تعالى علينا إذ يقول عز وجل " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ".
قال أبو محمد: فبيقين ندري أن آدم عليه السلام لولا يقينه بأن الملائكة أفضل منه وطمعه بأن يصير ملكا لما قبل من أبليس ما غره به من أكل الشجرة التي نهاه الله عز وجل عنها ولو علم آدم أن الملك مثله أو دونه لما حمل نفسه على مخالفة أمر الله تعالى لينحط عن منزلته الرفيعة إلى الدون هذا ما لايظنه ذو عقل أصلاً.
قال أبو محمد: و قال عز وجل " لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون " فقوله عز وجل بعد ذكر المسيح ولا الملائكة المقربون بلوغ الغاية في علو درجتهم على المسيح عليه السلام لأن بنية الكلام ورتبته إنما هي إذا أراد القائل نفي صفة ما عن متواضع عنها أن يبدأ بالأدني ثم بالأعلى وإذا أراد نفي صفة ما عن مترفع عنها أن يبدأ بالأعلى ثم بالأدني فنقول في القسم الأول ما يطمع في الجلوس بين يدي الخليفة خازنه ولا وزيره ولا أخوه ونقول في القسم الثاني ما ينحط إلى الأكل في السوق وال ولا ذو مرتبة ولا متصاون من التجار أو الصناع لا يجوز البتة غير هذا وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: وأيضا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الله سبحانه وتعالى خلق الملائكة من نور وخلق الإنسان من طين وخلق الجن من نار.
قال أبو محمد: ولا يجهل فضل النور على الطين وعلى النار أحد إلا من لم يجعل الله له نورا ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ربه في أن يجعل في قلبه نورا فالملائكة من جوهر دعا أفضل البشر ربه في أن يجعل في قلبه منه وبالله تعالى التوفيق وفي هذا كفاية لمن عقل.
قال أبو محمد: و قال عز وجل " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر " إلى قوله " وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا " فإنما فضل الله تعالى بنص كلامه عز وجل بني آدم على كثير ممن خلق لا على كل من خلق وبلا شك أن بنى آدم يفضلون على الجن وعلى جميع الحيوان الصامت وعلى ما ليس حيوانا فلم يبق خلق يستثني من تفضيل الله تعالى بني آدم عليه إلا الملائكة فقط.
قال أبو محمد: وأما فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل رسول قبله فالثابت عنه عليه السلام أنه قال فضلت على الأنبياء بست وروي بخمس وروي بأربع وروي بثلاث رواه جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وحذيفة بن اليمان وأبو هريرة وبقوله صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم ولا فخر وإنه عليه السلام بعث إلى الأحمر والأسود وأنه عليه السلام أكثر الأنبياء اتباعا وأنه ذو الشفاعة التي يحتاج إليها يوم القيامة فيها النبيون فمن دونهم أماتنا الله على ملته ولا خالف بنا عنع وهو أيضاً عليه السلام خليل الله وكليمه.