الجزء الخامس - الكلام في الفقر والغنى

قال أبو محمد‏:‏ اختلف قوم في أي الأمرين أفضل الفقر أم الغنى‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وهذا سؤال فاسد لأن تفاضل العمل والجزاء في الجنة إنما هو العامل لا الحالة محمولة فيه إلا أن يأتي نص بتفضيل الله عز وجل حالا على حال وليس هاهنا نص في فضل إحدى هاتين الحالتين على الأخرى‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وإنما الصواب أن ي قال أيما أفضل الغني أم الفقير والجواب هاهنا هو ما قال ه الله تعالى إذا يقول ‏"‏ هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ‏"‏ فإن كان الغني أفضل عملا من الفقير فالغنى أفضل وإن كان الفقير أفضل عملا من الغنى فالفقير أفضل وإن كان عملهما متساويا فهما سواء قال عز وجل ‏"فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ‏"‏ وقد استعاذ النبي صلى الله عليه ومن فتنة الفقر وفتنة الغنى وجعل الله عز وجل الشكر بإزاء الغنى والصبر بإزاء الفقر فمن أبقى الله عز وجل فهو الفاضل غنيا كان أو فقيرا وقد اعترض بعضهم ها هنا بالحديث الوارد أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بكذا وكذا خريفا ونازع الآخرون بقول الله عز وجل ‏"‏ ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى ‏"‏‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ والغنى نعمة إذا قام بها حاملها بالواجب عليه فيها وأما فقراء المهاجرين فهم كانوا أكثر وكان الغني فيهم قليلا والأمر كله منهم وفي غيرهم راجع إلى العمل بالنص والإجماع على أنه تعالى لا يجزي بالجنة على فقر ليس معه عمل خير ولا على غنى ليس معه عمل خير وبالله التوفيق‏.‏