قال ابن إسحاق : وكانت المقاسم على أقوال خيبر ، على الشق ونطاة والكتيبة فكانت الشق ونطاة في سهمان المسلمين ، وكانت الكتيبة خمس الله ، وسهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين ، وطعم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وطعم رجال مشوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل فدك بالصلح ، منهم محيصة بن مسعود ، أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين وسقاً من شعير ، وثلاثين وسقاً من تمر ، وقسمت خيبر على أهل الحديبية ، من شهد خيبر ، ومن غاب عنها ، ولم يغب عنها إلا جابر بن عبدالله ابن عمرو بن حرام ، فقسم له رسول الله صلى الله عليه وسلم كسهم من حضرها ، وكان وادياها ، وادي السريرة ووادي خاص ، وهما اللذان قسمت عليهما خيبر ، وكانت نطاة والشق ثمانية عشر سهماً ، نطاة من ذلك خمسة أسهم ، والشق ثلاثة عشر سهماً ، وقسمت الشق ونطاة على ألف سهم ، وثمان مائة سهم .
وكانت عدة الذين قسمت عليهم خيبر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف سهم وثمان مائة سهم ، برجالهم وخيلهم ، الرجال أربع عشرة مائة ، والخيل مئتا فارس ؛ وكان لكل فرس سهمان ، ولفارسه سهم ؛ وكان لكل راجل سهم ؛ فكان لكل سهم رأس جمع إليه مائة رجل ، فكانت ثمانية عشر سهماً جمع . قال ابن هشام : وفي يوم خيبر عرب رسول الله صلى الله عليه وسلم العربي من الخيل ، وهجن الهجين .
قال ابن إسحاق : فكان علي بن أبي طالب رأساً ، والزبير بن العوام ، وطلحة بن عبيد الله وعمر بن الخطاب ، وعبدالرحمن بن عوف ، وعاصم بن عدي ، أخو بني العجلان ، وأسيد بن حضير ، وسهم الحارث بن الخزرج ، وسهم ناعم ، وسهم بني بياضة ، وسهم بني عبيد ، وسهم بني حرام من بني سلمة، وعبيد السهام . قال ابن هشام : وإنما قيل له عبيد السهام لما اشترى من السهام يوم خيبر ، وهو عبيد بن أوس ، أحد بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس . قال ابن إسحاق: وسهم ساعدة ، وسهم غفار وأسلم ، وسهم النجار وسهم حارثة ، وسهم أوس . فكان أول سهم خرج من خيبر بنطاة سهم الزبير بن العوام ، وهو الخوع ، وتابعه السرير ؛ ثم كان الثاني سهم بياضه ، ثم كان الثالث سهم أسيد ثم كان الرابع سهم بني الحارث بن الخزرج ، ثم كان الخامس سهم ناعم لبني عوف بن الخزرج ومزينة وشركائهم ، وفيه قتل محمود بن مسلمة ؛ فهذه نطاة . ثم هبطوا إلى الشق ، فكان أول سهم خرج منه سهم عاصم بن عدي ، أخي بني العجلان ، ومعه كان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم سهم عبدالرحمن بن عوف ، ثم سهم ساعدة ، ثم سهم النجار ، ثم سهم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه . ثم سهم طلحة بن عبيد الله ، ثم سهم غفار وأسلم ، ثم سهم عمر بن الخطاب ، ثم سهما سلمة بن عبيدة وبني حرام ، ثم سهم حارثة ، ثم سهم عبيد السهام ، ثم سهم أوس ، وهو سهم اللفيف ، جمعت إليه جهينة ومن حضر خيبر من سائر العرب ؛ وكان حذوه سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي كان أصابه في سهم عاصم بن عدي . ثم قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتيبة ، وهي وادي خاص بين قرابته وبين نسائه ، وبين رجال المسلمين ونساء أعطاهم منها ، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته مائتي وسق ، ولعلي بن أبي طالب منه مائة وسق ، ولأسامة بن زيد مائتي وسق ، وخمسين وسقاً من نوى . ولعائشة أم المؤمنين مائتي وسق ، ولأبي بكر بن أبي قحافة مائة وسق ، ولعقيل بن أبي طالب مائة وسق وأربعين وسقاً ، ولبني جعفر خمسين وسقاً ، ولربيعة بن الحارث مائة وسق . وللصلت بن مخرمة وابنيه مائة وسق ، للصلت منها أربعون وسقاً ، ولأبي نبقة خمسين وسقاً ، ولركانه بن عبد يزيد خمسين وسقاً ، ولقيس بن مخرمة ثلاثين وسقاً ، ولأبي القاسم بن مخرمة أربعين وسقاً ، ولبنات عبيدة بن الحارث وابنة الحصين بن الحارث مائة وسق ، ولبني عبيد بن عبد يزيد ستين وسقاً ، ولابن أوس بن مخرمة ثلاثين وسقاً . ولمسطح بن أثاثة وابن إلياس خمسين وسقاً ، ولأم رميثة أربعين وسقاً ، ولنعيم بن هند ثلاثين وسقاً ، ولبحينة بنت الحارث ثلاثين وسقاً ، ولعجير بن عبد يزيد ثلاثين وسقاً ، ولأم الحكم ثلاثين وسقاً ، ولجمانة بنت أبي طالب ثلاثين وسقاً ، ولابن الأرقم خمسين وسقاً ، ولعبدالرحمن بن أبي بكر أربعين وسقاً . ولحمنة بنت جحش ثلاثين وسقاً ، ولأم الزبير أربعين وسقاً ، ولضباعة بنت الزبير أربعين وسقاً ، ولابن أبي خنيس ثلاثين وسقاً ، ولأم طالب أربعين وسقاً ، ولأبي بصرة عشرين وسقاً ، ولنميلة الكلبي خمسين وسقاً ، ولعبدالله بن وهب وابنتيه تسعين وسقاً ، لابنيه منها أربعين وسقاً ، ولأم حبيب بنت جحش ثلاثين وسقاً ، ولملكوم بن عبدة ثلاثين وسقاً ، ولنسائه صلى الله عليه وسلم سبع مائة وسق .
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر ما أعطى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه من قمح خيبر : قسم لهن مائة وثمانين وسقاً، ولفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وثمانين وسقاً ، ولأسامة بن زيد أربعين وسقاً ، وللمقداد بن الأسود خمسة عشر وسقاً ، ولأم رميثة خمسة أوسق . شهد عثمان بن عفان وعباس وكتب .
قال ابن إسحاق : وحدثني صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب الزهري ، عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود قال : لم يوص رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته إلا بثلاث ، أوصى للرهاويين بحاد مائة وسق من خيبر ، وللداريين بحاد مائة وسق من خيبر ، وللسبائيين ، وللأشعريين بحاد مائة وسق من خيبر . وأوصى بتنفيذ بعث أسامة بن زيد بن حارثة ؛ وألا يترك بجزيرة العرب دينان .
أمر فدك في خبر خيبر
قال ابن إسحاق : فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك ، حين بلغهم ما أوقع الله تعالى بأهل خيبر ، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحونه على النصف من فدك ، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطائف ، أو بعد ما قدم المدينة ، فقبل ذلك منهم ، فكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة ، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب .
وهم بنو الدار بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لحم ، الذين ساروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشام : تميم بن أوس ونعيم بن أوس أخوه ، ويزيد بن قيس ، وعرفة بن مالك ، سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالرحمن . قال ابن هشام : ويقال : عزة بن مالك : وأخوه مران بن مالك . قال ابن هشام : مروان بن مالك . قال ابن إسحاق : وفاكه بن نعمان ، وجبلة بن مالك ، وأبو هند بن بر ، وأخوه الطيب بن بر ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله .
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما حدثني عبدالله بن أبي بكر يبعث إلى أهل خيبر عبدالله بن رواحة خارصاً بين المسلمين ويهود ، فيخرص عليهم ، فإذا قالوا : تعديت علينا ، قال : إن شئتم فلكم ، وإن شئتم فلنا ، فتقول يهود : بهذا قامت السماوات والأرض . وإنما خرص عليهم عبدالله بن رواحة عاماً واحداً ، ثم أصيب بمؤتة يرحمه الله ، فكان جبار بن صخر بن أمية بن خنساء ، أخو بني سلمة ، هو الذي يخرص عليهم بعد عبدالله بن رواحة .
فأقامت يهود على ذلك ، لا يرى بهم المسلمون بأساً في معاملتهم ، حتى عدوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبدالله بن سهل ، أخي بني حارثة ، فقتلوه ، فاتهمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون عليه .قال ابن إسحاق : فحدثني الزهري عن سهل بن أبي حثمة ؛ وحدثني أيضاً بشير بن يسار ، مولى بني حارثة ، عن سهل بن أبي حثمة ، قال : أصيب عبدالله بن سهل بخيبر ، وكان خرج إليها في أصحاب له يمتار منها تمراً ، فوجد في عين قد كسرت عنقه ، ثم طرح فيها . قال : فأخذوه فغيبوه ، ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكروا له شأنه ، فتقدم إليه أخوه عبدالرحمن بن سهل ، ومعه ابنا عمه حويصة ومحيصة ابنا مسعود ، وكان عبدالرحمن من أحدثهم سناً ، وكان صاحب الدم ، وكان ذا قدم في القوم ، فلما تكلم قبل ابني عمه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الكبر الكبر. قال ابن هشام : ويقال : كبر كبر - فيما ذكر مالك بن أنس - فسكت ؛ فتكلم حويصة ومحيصة ، ثم تكلم هو بعد ، فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قتل صاحبهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتسمون قاتلكم ، ثم تحلفون عليه خمسين يميناً فنسلمه إليكم ؟ قالوا : يا رسول الله ما كنا لنحلف على ما لا نعلم ؛ قال : أفيحلفون بالله خمسين يميناً ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلاً ثم يبرءون من دمه ؟ قالوا : يا رسول الله ، ما كنا لنقبل أيمان يهود ، ما فيهم من الكفر أعظم من أن يحلفوا على إثم ، قال : فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده مائة ناقة . قال سهل : فوالله ما أنسى بكرة منها حمراء ضربتني وأنا أحوزها . قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن عبدالرحمن بن بجيد بن قيظي ، أخي بني حارثة ، قال محمد بن إبراهيم : وأيم الله ، ما كان سهل بأكثر علماً منه ، ولكنه كان أسن منه ؛ إنه قال له : والله ما هكذا كان الشأن ! ولكن سهلاً أوهم ، ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، احلفوا على ما لا علم لكم به . ولكنه كتب إلى يهود خيبر حين كلمته الأنصار : أنه قد وجد قتيل بين أبياتكم فدوه ، فكتبوا إليه يحلفون بالله ما قتلوه ، ولا يعلمون له قاتلاً ، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده . قال بن إسحاق : وحدثثي عمرو بن شعيب مثل حديث عبدالرحمن بن بجيد ، إلا أنه قال في حديثه : دوه أو ائذنوا بحرب . فكتبوا يحلفون بالله ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلاً ؛ فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده .
قال ابن إسحاق : وسألت ابن شهاب الزهري : كيف كان إعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود خيبر نخلهم ، حين أعطاهم النخل على خرجها ، أبت ذلك لهم حتى قبض ، أم أعطاهم إياها للضرورة من غير ذلك . فأخبرني ابن شهاب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خيبر عنوة بعد القتال ، وكانت خيبر مما أفاء الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقسمها بين المسلمين ، ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال . فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن شئتم دفعت إليكم هذه الأموال على أن تعملوها ، وتكون ثمارها بيننا وبينكم ، وأقركم ما أقركم الله ، فقبلوا ، فكانوا على ذلك يعملونها . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبدالله بن رواحة ، فيقسم ثمرها ، ويعدل عليهم في الخرص ، فلما توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، أقرها أبو بكر رضي الله تعالى عنه ، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيديهم ، على المعاملة التي عاملهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى توفي ؛ ثم أقرها عمر رضي الله عنه صدراً من إمارته . ثم بلغ عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في وجعه الذي قبضه الله فيه : لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان ؛ ففحص عمر ذلك ، حتى بلغه الثبت ، فأرسل إلى يهود ، فقال : إن الله عز وجل قد أذن في جلائكم ، قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لايجتمعن بجزيرة العرب دينان ؛ فمن كان عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود فليأتني به ، أنفده له ، ومن لم يكن عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود ، فليتجهز للجلاء ، فأجلى عمر من لم يكن عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم . قال ابن إسحاق : وحدثني نافع ، مولى عبدالله بن عمر، عن عبدالله بن عمر قال : خرجت أنا والزبير والمقداد بن الأسود إلى أموالنا بخيبر نتعاهدها ، فلما قدمنا تفرقنا في أموالنا ، قال : فعدي علي تحت الليل ، وأنا نائم على فراشي ففدعت يداي من مرفقي . فلما أصبحت استصرخ علي صاحباي ، فأتياني فسألاني : من صنع هذا بك ؟ فقلت : لا أدري ، قال : فأصلحا من يدي ، ثم قدما بي على عمر رضي الله عنه ؛ فقال : هذا عمل يهود ، ثم قام في الناس خطيباً فقال : أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا ، وقد عدوا على عبدالله بن عمر ، ففدعوا يديه كما قد بلغكم ، مع عدوهم على الأنصاري قبله ، لا نشك أنهم أصحابه ليس لنا هناك عدو غيرهم ، فمن كان له مال بخيبر فليلحق به ، فإني مخرج يهود ، فأخرجهم .
قال ابن إسحاق : فحدثني عبدالله بن أبي بكر ، عن عبدالله بن مكنف أخي بني حارثة ، قال : لما أخرج عمر يهود من خيبر ركب في المهاجرين والأنصار ، وخرج معه جبار بن صخر بن أمية بن خنساء، أخو بني سلمة ، وكان خارص أهل المدينة وحاسبهم - ويزيد بن ثابت ، وهما قسما خيبر بين أهلها، على أصل جماعة السهمان ، التي كانت عليها . وكان ما قسم عمر بن الخطاب من وادي القرى ، لعثمان بن عفان خطر ، ولعبدالرحمن بن عوف خطر ، ولعمر بن أبي سلمة خطر ، ولعامر بن أبي ربيعة خطر، ولعمرو بن سراقة خطر ، ولأشيم خطر . قال ابن هشام : ويقال : ولأسلم ولبني جعفر خطر، ولمعيقيب خطر ، ولعبدالله بن الأرقم خطر ، ولعبدالله وعبيد الله خطران ، ولابن عبدالله ابن جحش خطر، ولابن البكير خطر ، ولمعتمر خطر ، ولزيد بن ثابت خطر ، ولأبي بن كعب خطر ، لمعاذ بن عفراء خطر ، ولأبي طلحة وحسن خطر ، ولجبار بن صخر خطر ، ولجابر بن عبدالله بن رئاب خطر، ولمالك بن صعصعة وجابر بن عبدالله بن عمرو خطر ، ولابن حضير خطر ، ولابن سعد بن معاذ خطر، ولسلامة بن سلامة خطر ، ولعبدالرحمن بن ثابت وأبي شريك خطر ، ولأبي عبس بن جبر خطر، ولمحمد بن مسلمة خطر ، ولعبادة بن طارق خطر . قال ابن هشام :ويقال : لقتادة . قال ابن إسحاق: ولجبر بن عتيك نصف خطر ، ولابني الحارث بن قيس نصف خطر، ولابن حزمة والضحاك خطر، فهذا ما بلغنا من أمر خيبر ووادي القرى ومقاسمهما . قال ابن هشام :الخطر : النصيب ، ويقال: أخطر لي فلان خطراً تم بعون الله الجزء الرابع من السيرة النبوية لابن هشام ويليه إن شاء الله الجزء الخامس وأوله قدوم جعفر بن أبي طالب من الحبشة والمهاجرين معه أعان الله على إتمامه بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن هشام :وذكر سفيان بن عيينة عن الأجلح ، عن الشعبي : أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح خيبر ، فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه ، والتزمه وقال : ما أدري بأيهما أنا أسر : بفتح خيبر ، أم بقدوم جعفر؟ مهاجرة الحبشة الذين قدم بهم عمرو بن أمية : قال ابن إسحاق : وكان من أقام بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري ، فحملهم في سفينتين ، فقدم بهم عليه وهو بخيبر بعد الحديبية . من بني هاشم : من بني هاشم بن عبد مناف : جعفر بن أبي طالب بن عبدالمطلب معه امرأته أسماء بنت عميس الخثعمية ؛ وابنه عبدالله بن جعفر ، وكانت ولدته بأرض الحبشة . قتل جعفر بمؤتة من أرض الشام أميراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، رجل . من بني عبد شمس : ومن بني عبد شمس بن عبد مناف : خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس ، معه امرأته أمينة بنت خلف بن أسعد - قال ابن هشام :ويقال : همينة بنت خلف - وابناه سعيد بن خالد ، وأمة بنت خالد ، ولدتهما بأرض الحبشة .قتل خالد بمرج الصفر في خلافة أبي بكر الصديق بأرض الشام ؛ وأخوه عمرو بن سعيد بن العاص ، معه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرث الكناني ، هلكت بأرض الحبشة . قتل عمرو بأجنادين من أرض الشام في خلافة أبي بكر رضي الله عنه . شعر لسعيد بن العاص لابنه عمرو : ولعمرو بن سعيد يقول أبوه سعيد بن العاص بن أمية أبو أحيحة :
ألا ليت شعري عنك يا عمرو سائلاً |
|
إذا شب واشـتـدت يداه وسـلـحـا |
أتترك أمر القـوم فـيه بـلابـل |
|
تكشف غيظاً كان في الصدر موجحـا |
شعر أبان بن العاص لأخويه خالد وسعيد ، ورد خالد : ولعمرو وخالد يقول : أخوهما أبان بن سعيد بن العاص ، حين أسلما ، وكان أبوهم سعيد بن العاص هلك بالظريبة ، من ناحية الطائف ، هلك في مال له بها :
ألا ليت ميتا بالظريبة شاهـد |
|
لما يفتري في الدين عمرو وخالد |
أطاعا بنا أمر النساء فأصبحا |
|
يعينان من أعدائنا مـن نـكـايد |
فأجابه خالد بن سعيد فقال :
أخي ما أخي لا شاتم أنا عرضه |
|
ولا هو من سوء المقالة مقصـر |
يقول إذا اشتدت علـيه أمـوره |
|
ألا ليت ميتا بالـظـريبة ينـشـر |
فدع عنك ميتا قد مشى لسبيلـه |
|
وأقبل على الأدنى الذي هو أفقـر |
ومعيقيب بن أبي فاطمة ، خازن عمر بن الخطاب على بيت مال المسلمين وكان إلى آل سعيد بن العاص ؛ وأبو موسى الأشعري عبدالله ابن قيس ، حليف آل عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، أربعة نفر . من بني أسد : ومن بني أسد بن عبدالعزى بن قصي : الأسود بن نوفل بن خويلد . رجل . من بني عبدالدار : ومن بني عبدالدار بن قصي : جهم بن قيس بن عبد شرحبيل ، معه ابناه عمرو بن جهم وخزيمة بن جهم ، وكانت معه امرأته أم حرملة بنت عبدالأسود هلكت بأرض الحبشة، وابناه لها . رجل. من بني زهرة : ومن بني زهرة بن كلاب : عامر بن أبي وقاص ، وعتبة بن مسعود ، حليف لهم من هذيل . رجلان . من بني تيم : ومن بني تيم بن مرة بن كعب : الحارث بن خالد بن صخر ، وقد كانت معه امرأته ريطة بنت الحارث بن جبيلة ، هلكت بأرض الحبشة . رجل . من بني جمح : ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب : عثمان بن ربيعة بن أهبان . رجل . من بني سهم : ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب : محمية بن الجزء ، حليف لهم من بني زبيد ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جعله على خمس المسلمين . رجل . من بني عدي : ومن بني عدي بن كعب بن لؤي : معمر بن عبدالله بن نضلة . رجل . من بني عامر : ومن بن عامر بن لؤي بن غالب : أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس ؛ ومالك بن ربيعة بن قيس بن عبد شمس ، معه امرأته عمرة بنت السعدي بن وقدان بن عبد شمس ، رجلان . من بني الحارث : ومن بني الحارث بن فهر بن مالك : الحارث بن عبد قيس بن لقيط . رجل . وقد كان حمل معهم في السفينتين نساء من نساء من هلك هنالك من المسلمين . عدة من حملهم مع عمرو بن أمية : فهؤلاء الذين حمل النجاشي مع عمرو بن أمية الضمري في السفينتين ، فجميع من قدم في السفينتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة عشر رجلاً. سائر مهاجرة الحبشة : وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة ، ولم يقدم إلا بعد بدر ، ولم يحمل النجاشي في السفينتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن قدم بعد ذلك ، ومن هلك بأرض الحبشة من مهاجرة الحبشة: من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف : عبيد الله بن جحش بن رئاب الأسدي ، أسد خزيمة ، حليف بني أمية بن عبد شمس ، معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان ، وابنته حبيبة بنت عبيد الله ، وبها كانت تكنى أم حبيبة بنت أبي سفيان ، وكان اسمها رملة . تنصر ابن جحش بالحبشة وخلف الرسول على امرأته : خرج مع المسلمين مهاجراً ، فلما قدم أرض الحبشة تنصر بها وفارق الإسلام ، ومات هنالك نصرانياً ، فخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأته من بعده أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب . قال ابن إسحاق : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة ، قال : خرج عبيد الله بن جحش مع المسلمين مسلماً ، فلما قدم أرض الحبشة تنصر ، قال : فكان إذا مر بالمسلمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فتحنا وصأصأتم . أي : قد أبصرنا وأنتم تلتمسون البصر ولم تبصروا بعد . وذلك أن ولد الكلب إذا أراد أن يفتح عينيه للنظر صأصأ قبل ذلك ، فضرب ذلك له ولهم مثلاً : أي أنا قد فتحنا أعيننا فأبصرنا ، ولم تفتحوا أعينكم فتبصروا ، وأنتم تلتمسون ذلك . قال ابن إسحاق : وقيس بن عبدالله ، رجل من بني أسد بن خزيمة ، وهو أبو أمية بنت قيس التي كانت مع أم حبيبة ، وامرأته بركة بنت يسار ، مولاة أبي سفيان بن حرب ، كانتا ظئري عبيد الله بن جحش ؛ وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، فخرجا بهما معهما حين هاجرا إلى أرض الحبشة . رجلان . من بني أسد : ومن بني أسد بن عبدا لعزى بن قصي : يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد قتل يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيداً ؛ وعمر بن أمية بن الحارث بن أسد ، هلك بأرض الحبشة . رجلان . من بني عبدالدار : ومن بني عبدالدار بن قصي : أبو الروم بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار ؛ وفراس بن النضر بن الحارث بن كلدة بن علقة بن عبد مناف بن عبدالدار . رجلان . من بني زهرة : ومن بني زهرة بن كلاب بن مرة : المطلب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ، معه امرأته رملة بنت أبي عوف بن ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم ، هلك بأرض الحبشة ، ولدت له هنالك عبدالله بن عبدالمطلب ، فكان يقال : إن كان لأول رجل ورث أباه في الإسلام ، رجل . من بني تيم : ومن بني تيم بن مرة بن كعب بن لؤي : عمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم ، قتل بالقادسية مع سعد بن أبي وقاص . رجل . من بني مخزوم : ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب : هبار بن سفيان بن عبدالأسد . قتل بأجنادين من أرض الشام ، في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ، وأخوه عبدالله بن سفيان ، قتل عام اليرموك بالشام ، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يشك فيه أقتل ثم أم لا ؛ وهشام بن أبي حذيفة ابن المغيرة . ثلاثة نفر . من بني جمح ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب ، حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح ، وابناه محمد والحارث ، معه امرأته فاطمة بنت المجلل . هلك حاطب هنالك مسلماً ، فقدمت امرأته وابناه ، وهي أمهما ، في إحدى السفينتين ؛ وأخوه حطاب بن الحارث ، معه امرأته فكيهة بنت يسار ، هلك هنالك مسلماً، فقدمت امرأته فكيهة في إحدى السفينتين ، وسفيان بن معمر بن حبيب ، وابناه جنادة وجابر ، وأمهما معه حسنة، وأخوهما لأمهما شرحبيل بن حسنة ؛ وهلك سفيان وهلك ابناه جنادة وجابر في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه . ستة نفر . من بني سهم : ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب : عبدالله بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم الشاعر، هلك بأرض الحبشة ، وقيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم ، وأبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم ، قتل يوم اليمامة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وعبدالله بن حذافة بن قيس بن سعد بن سهم ، وهو رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ؛ والحارث بن الحارث بن قيس بن عدي ؛ ومعمر بن الحارث بن قيس بن عدي ؛ وبشر بن الحارث بن قيس بن عدي ؛ وأخ له من أمه من بني تميم ، يقال له : سعيد بن عمرو ، قتل بأجنادين في خلافة أبي بكر رضي الله عنه . وسعيد بن الحارث بن قيس ، قتل عام اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والسائب بن الحارث بن قيس ، جرح بالطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقتل يوم فحل في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ويقال : قتل يوم خيبر ، يشك فيه . وعمير بن رئاب بن حذيفة بن مهمش بن سعد بن سهم ، قتل بعين التمر مع خالد بن الوليد ، منصرفه من اليمامة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه . أحد عشر رجلاً . من بني عدي : ومن بني عدي بن كعب بن لؤي : عروة بن عبدالعزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب ، هلك بأرض الحبشة ، وعدي بن نضلة بن عبدالعزى بن حرثان ، هلك بأرض الحبشة . رجلان .
وقد كان مع عدي ابنه النعمان بن عدي ، فقدم النعمان مع من قدم من المسلمين من أرض الحبشة ، فبقي حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب ، فاستعمله على ميسان ، من أرض البصرة ، فقال أبياتاً من شعر ، وهي :
ألا هل أتى الحسناء أن حليلهـا |
|
بميسان يسقى في زجاج وحنـتـم |
إذا شئت غنتني دهاقين قـرية |
|
ورقاصة تجثو على كل منـسـم |
فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني |
|
ولا تسقني بالأصغر المـتـثـلـم |
لعل أمير المؤمـنـين يسـوءه |
|
تنادمنا في الجوسق الـمـتـهـدم |
فلما بلغت أبياته عمر ، قال : نعم والله إن ذلك ليسوءني ، فمن لقيه فليخبره أني قد عزلته ، وعزله . فلما قدم عليه اعتذر إليه وقال : والله يا أمير المؤمنين ، ما صنعت شيئاً مما بلغك أني قلته قط ، ولكني كنت امرأ شاعراً ، وجدت فضلاً من قول ، فقلت فيما تقول الشعراء ؛ فقال له عمر : وأيم الله ، لا تعمل لي على عمل ما بقيت ، وقد قلت ما قلت . من بني عامر : ومن بني عامر بن لؤي بن غالب بن فهر : سليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ، وهو كان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي الحنفي باليمامة . رجل . من بني الحارث : ومن بني الحارث بن فهر بن مالك : عثمان بن غنم بن زهير بن أبي شداد ؛ وسعد بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن الحارث بن فهر، وعياض بن زهير بن أبي شداد . ثلاثة نفر . فجميع من تخلف عن بدر ، ولم يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، ومن قدم بعد ذلك ، ومن لم يحمل النجاشي في السفينتين ، أربعة وثلاثون رجلاً . الهالكون منهم : وهذه تسمية جملة من هلك منهم ومن أبنائهم بأرض الحبشة : من بني عبد شمس : من بني عبد شمس بن عبد مناف : عبيد الله بن جحش بن رئاب ، حليف بني أمية ، مات بها نصرانياً . من بني أسد : ومن بني أسد بن عبدالعزى بن قصي ، عمرو بن أمية بن الحارث بن أسد من بني جمح : ومن بني جمح : حاطب بن الحارث ؛ وأخوه حطاب بن الحارث . من بني سهم : ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب : عبدالله بن الحارث بن قيس . من بني عدي: ومن بني عدي بن كعب بن لؤي : عروة بن عبدالعزى بن حرثان بن عوف ، وعدي بن نضلة . سبعة نفر . من الأبناء : ومن أبنائهم من بني تيم بن مرة : موسى بن الحارث بن خالد بن صخر بن عامر . رجل . مهاجرات الحبشة : وجميع من هاجر إلى أرض الحبشة من النساء ، من قدم منهن ومن هلك هنالك ست عشرة امرأة ، سوى بناتهن اللاتي ولدن هنالك ، من قدم منهن ومن هلك هنالك ، ومن خرج به معهن حين خرجن : من قريش : من قريش ، من بني هاشم : رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . من بني أمية : ومن بني أمية : أم حبيبة بنت أبي سفيان ، مع ابنتها حبيبة ، خرجت بها من مكة، ورجعت بها معها . ومن بني مخزوم : ومن بني مخزوم : أم سلمة بنت أمية ، قدمت معها بزينب ابنتها من أبي سلمة ولدتها هنالك . من بني تيم : ومن بني تيم بن مرة : ريطة بنت الحارث بن جبيلة ، هلكت بالطريق ، وبنتان لها كانت ولدتهما هنالك : عائشة بنت الحارث ، وزينب بنت الحارث ، هلكن جميعاً ، وأخوهن موسى بن الحارث ، من ماء شربوه في الطريق ، وقدمت بنت لها ولدتها هنالك ، فلم يبق من ولدها غيرها ، يقال لها : فاطمة . من بني سهم : ومن بني سهم بن عمرو : رملة بنت أبي عوف بن ضبيرة . من بني عدي : ومن بني عدي بن كعب : ليلى بنت أبي حثمة بن غانم . من بني عامر : ومن بني عامر بن لؤي : سودة بنت زمعة بن قيس ؛ وسهلة بنت سهيل ابن عمرو ، وابنة المجلل ، وعمرة بنت السعدي بن وقدان ، وأم كلثوم بنت سهيل بن عمرو . من غرائب العرب : ومن غرائب العرب : أسماء بنت عميس بن النعمان الخثعمية ؛ وفاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرث الكنانية ، وفكيهة بنت يسار ، وبركة بنت يسار ، وحبيبة ، أم شرحبيل بن حسنة . أبناؤهم بالحبشة :
من بني عبد شمس : ومن بني عبد شمس : محمد بن أبي حذيفة ، وسعيد بن خالد بن سعيد ، وأخته أمة بنت خالد . من بني مخزوم : ومن بني مخزوم : زينب بنت أبي سلمة بن الأسد . من بني زهرة : ومن بني زهرة : عبدالله بن عبدالمطلب بن أزهر . من بني تيم : ومن بني تيم : موسى بن الحارث بن خالد ، وأخواته عائشة بنت الحارث ، وفاطمة بنت الحارث ، وزينب بنت الحارث . الذكور منهم : الرجال منهم خمسة : عبدالله بن جعفر ، ومحمد بن أبي حذيفة ، وسعيد بن خالد ، وعبدالله بن عبدالمطلب ، وموسى بن الحارث . الإثاث منهم : ومن النساء خمس : أمة بنت خالد ، وزينب بنت أبي سلمة ، وعائشة وزينب وفاطمة ، بنات الحارث بن خالد بن صخر .
قال ابن إسحاق : فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من خيبر ، أقام بها شهري ربيع وجماديين ورجبا وشعبان وشهر رمضان وشوالاً ، يبعث فيما بين ذلك من غزوة وسراياه صلى الله عليه وسلم ، ثم خرج في ذي القعدة في الشهر الذي صده فيه المشركون معتمراً عمرة القضاء ، مكان عمرته التي صدوه عنها .
قال ابن هشام : واستعمل على المدينة عويف بن الأضبط الديلي .
ويقال لها عمرة القصاص ، لأنهم صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة في الشهر الحرام من سنة ست ، فاقتص رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ، فدخل مكة في ذي القعدة ، في الشهر الحرام الذي صدوه فيه ، من سنة سبع . وبلغنا عن ابن عباس أنه قال : فأنزل الله في ذلك : {( والحرمات قصاص )} . خروج المسلمين الذين صدوا أولا معه : قال ابن إسحاق : وخرج معه المسلمون ممن كان صد معه في عمرته تلك ، وهي سنة سبع ، فلما سمع به أهل مكة خرجوا عنه ، وتحدثت قريش بينها أن محمداً وأصحابه في عسرة وجهد وشدة .
قال ابن إسحاق : فحدثني من لا أتهم ، عن ابن عباس ، قال : صفوا له عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه ؛ فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد اضطبع بردائه ، وأخرج عضده اليمنى، ثم قال : رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة ، ثم استلم الركن ، وخرج يهرول ويهرول أصحابه معه ، حتى إذا واراه البيت منهم ، واستلم الركن اليماني ، مشى حتى يستلم الركن الأسود ، ثم هرول كذلك ثلاثة أطواف ، ومشى سائرها . فكان ابن عباس يقول : كان الناس يظنون أنها ليست عليهم، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما صنعها لهذا الحي من قريش الذي بلغه عنهم ، حتى إذا حج حجة الوداع فلزمها ، فمضت السنة بها .
قال ابن إسحاق : وحدثني عبدالله بن أبي بكر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة في تلك العمرة دخلها وعبدالله بن رواحة آخذ بخطام ناقته يقول :
خلوا بني الكفار عن سبيله |
|
خلوا فكل الخير في رسولـه |
يا رب إني مؤمن بـقـيلة |
|
أعرف حق الله في قبـولـه |
نحن قتلناكم على تـأويلـه |
|
كما قتلناكم على تـنـزيلـه |
ضربا يزيل الهام عن مقيله |
|
ويذهل الخليل عن خـلـيلـه |
قال ابن إسحاق : وحدثني أبان بن صالح وعبدالله بن أبي نجيح ، عن عطاء بن أبي رباح ومجاهد أبي الحجاج ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث في سفره ذلك وهو حرام ، وكان الذي زوجه إياها العباس بن عبدالمطلب . قال ابن هشام : وكانت جعلت أمرها إلى أختها أم الفضل ، وكانت أم الفضل تحت العباس ، فجعلت أم الفضل أمرها إلى العباس ، فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، وأصدقها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مائة درهم .
قال ابن إسحاق : فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثاً ، فأتاه حويطب بن عبدالعزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ، في نفر من قريش ، في اليوم الثالث ، وكانت قريش قد وكلته بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ؛ فقالوا له : إنه قد انقضى أجلك ، فاخرج عنا؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم ، وصنعنا لكم طعاماً فحضرتموه قالوا : لا حاجة لنا في طعامك ، فاخرج عنا . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبا رافع مولاه على ميمونة ، حتى أتاه بها بسرف فبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هنالك، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في ذي الحجة .
قال ابن هشام : فأنزل الله عز وجل عليه ، فيما حدثني أبو عبيدة : (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق، لتدخلن المسجد الحرام آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون ، فعلم ما لم تعلموا ، فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً) يعني : خيبر .
قال ابن إسحاق : فأقام بها بقية ذي الحجة ، وولي تلك الحجة المشركون ، والمحرم وصفرا وشهري ربيع ، وبعث في جمادى الأولى بعثه إلى الشام الذين أصيبوا بمؤتة .
قال ابن إسحاق : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثة إلى مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان ، واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال : إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس ، فإن أصيب جعفر فعبدالله ابن رواحة على الناس . ومن بني عدي بن كعب : ليلى بنت أبي حثمة بن غانم .
فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج ، وهم ثلاثة آلاف ، فلما حضر خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم . فلما ودع عبدالله بن رواحة من ودع من أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى ؛ فقالوا : ما يبكيك يا ابن رواحة ؟ فقال : أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله عز وجل ، يذكر فيها النار ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضياً ) فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود ؛ فقال المسلمون : صحبكم الله ودفع عنكم ، وردكم إلينا صالحين ؛ فقال عبدالله بن رواحة :
لكنني أسأل الرحمن مغفـرة |
|
وضربة ذات فرغ تقذف الزبـدا |
أو طعنة بيدي حران مجهـزة |
|
بحربة تنفذ الأحشاء والـكـبـدا |
حتى يقال إذا مروا على جدثي |
|
أرشده الله من غاز وقـد رشـدا |
قال ابن إسحاق : ثم إن القوم تهيئوا للخروج ، فأتى عبدالله بن رواحة رسول الله صلى الله عليه وسلم فودعه ، ثم قال :
فثبت الله ما آتاك من حـسـن |
|
تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا |
إني تفرست فيك الخير نـافـلة |
|
الله يعلم أني ثـابـت الـبـصـر |
أنت الرسول فمن يحرم نوافلـه |
|
والوجه منه فقد أزرى به القـدر |
قال ابن هشام : أنشدني بعض أهل العلم بالشعر هذه الأبيات :
أنت الرسول فمن يحرم نوافلـه |
|
والوجه منه فقد أزرى به الـقـدر |
|
||
فثبت الله ما آتاك من حسـن |
|
في المرسلين ونصرا كالذي نصروا |
|
||
إني تفرست فيك الخير نافلة |
|
|
|||
فراسة خالفت فيك الذي نظروا يعني المشركين ؛ وهذه الأبيات في قصيدة له .
قال ابن إسحاق : ثم خرج القوم ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا ودعهم وانصرف عنهم ، قال عبدالله بن رواحة :
خلف السلام على امرئ ودعته |
|
في النخل خير مشـيع وخـلـيل |
ثم مضوا حتى نزلوا معان ، في أرض الشام ، فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب ، من أرض البلقاء ، في مائة ألف من الروم ، وانضم إليهم من لخم وجذام والقين وبهراء وبلى مائة ألف منهم ، عليهم رجل من بلى ثم أحد إراشة ، يقال له : مالك بن زافلة . فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتين يفكرون في أمرهم وقالوا : نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنخبره بعدد عدونا ، فإما أن يمدنا بالرجال ، وإما أن يأمرنا بأمره ، فنمضي له .
قال : فشجع الناس عبدالله بن رواحة ، وقال : يا قوم ، والله إن التي تكرهون ، للتي خرجتم تطلبون الشهادة ، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة . قال : فقال الناس : قد والله صدق ابن رواحة . فمضى الناس فقال عبدالله بن رواحة في محبسهم ذلك :
جلبنا الخيل من أجإ وفرع |
|
تغر من الحشيش لها العكوم |
حذوناها من الصوان سبتا |
|
أزل كأن صفـحـتـه أديم |
أقامت ليلتين على معـان |
|
فأعقب بعد فترتها جـمـوم |
فرحنا والجياد مسومـات |
|
تنفس في مناخرها السمـوم |
فلا وأبى مآب لنأتينـهـا |
|
وإن كانت بها عـرب وروم |
فعبأنا أعنتها فـجـاءت |
|
عوابس والغبار لهـا بـريم |
بذي لجب كأن البيض فيه |
|
إذا برزت قوانسها والنجـوم |
فراضية المعيشة طلقتها |
|
أسنتها فتـنـكـح أو تـئيم |
قال ابن هشام : ويروى جلبنا الخيل من آجام قرح ، وقوله : فعبأنا أعنتها عن غير ابن إسحاق . قال ابن إسحاق : ثم مضى الناس ، فحدثني عبدالله بن أبي بكر أنه حدث عن زيد بن أرقم ، قال : كنت يتيماً لعبدالله بن رواحة في حجره ، فخرج بي في سفره ذلك مردفي على حقيبة رحله ، فوالله إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد أبياته هذه :
إذا أديتني وحملت رحلـي |
|
مسيرة أربع بعد الـحـسـاء |
فشأنك أنعـم وخـلاك ذم |
|
ولا أرجع إلى أهلـي ورائي |
وجاء المسلمون وغادروني |
|
بأرض الشام مشتهى الثـواء |
وردك كل ذي نسب قريب |
|
إلى الرحمن منقطع الإخـاء |
هنالك لا أبالي طلع بعـل |
|
ولا نخل أسـافـلـهـا رواء |
فلما سمعتهن منه بكيت . قال : فخفقني بالدرة ، وقال : ما عليك يا لكع أن يرزقني الله شهادة وترجع بين شعبتي الرحل ! قال : ثم قال عبدالله بن رواحة في بعض سفره ذلك وهو يرتجز :
يا زيد زيد اليعملات الذبل |
|
تطاول الليل هديت فانـزل |
قال ابن إسحاق : فمضى الناس ، حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل ، من الروم والعرب ، بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف ، ثم دنا العدو ، وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة ، فالتقى الناس عندها ، فتعبأ لها المسلمون ، فجعلوا على ميمنتهم رجلاً من بني عذرة ، يقال له : قطبة بن قتادة ، وعلى ميسرتهم رجلاً من الأنصار يقال له : عباية بن مالك . قال ابن هشام : ويقال : عبادة بن مالك .
قال ابن إسحاق : ثم التقى الناس واقتتلوا ، فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم .
ثم أخذها جعفر فقاتل بها ، حتى إذا ألحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء ، فعقرها ، ثم قاتل القوم حتى قتل . فكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر في الإسلام . وحدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير ، عن أبيه عباد ، قال : حدثني أبي الذي أرضعني ، وكان أحد بني مرة بن عوف ، وكان في تلك الغزوة غزوة مؤتة قال : والله لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ، ثم عقرها ثم قاتل حتى قتل وهو يقول :
يا حبذا الجنة واقترابها |
|
طيبة وبارداً شـرابـهـا |
والروم قد دنا عذابهـا |
|
كافرة بعيدة أنسـابـهـا |
علي إذا لاقيتها ضرابها |
|
|
قال ابن هشام : وحدثني من أثق به من أهل العلم : أن جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقطعت ، فأخذه بشماله فقطعت ، فاحتضنه بعضديه حتى قتل رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء . ويقال : إن رجلاً من الروم ضربه يومئذ ضربة ، فقطعه بنصفين .
قال ابن إسحاق : وحدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير ، عن أبيه عباد قال : حدثني أبي الذي أرضعني ، وكان أحد بني مرة بن عوف ، قال : فلما قتل جعفر أخذ عبدالله بن رواحة الراية ، ثم تقدم بها ، وهو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسه ، ويتردد بعض التردد ، ثم قال :
أقسمت يا نفس لتنـزلـنـه |
|
لتنزلـن أو لـتـكـرهـنـه |
إن أجلب الناس وشدوا الرنه |
|
ما لي أراك تكرهين الـجـنة |
قد طال ما قد كنت مطمئنة |
|
هل أنت إلا نطفة في شـنـه |
وقال أيضاً :
يا نفس إلا تقتلي تموتي |
|
هذا حمام الموت قد صليت |
وما تمنيت فقد أعطيت |
|
إن تفعلي فعلهما هـديت |
يريد صاحبيه : زيداً وجعفراً ؛ ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال : شد بهذا صلبك ، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت ، فأخذه من يده ثم انتهس منه نهسة ، ثم سمع الحطمة في ناحية الناس ، فقال : وأنت في الدنيا ! ثم ألقاه من يده ، ثم أخذ سيفه فتقدم ، فقاتل حتى قتل .
ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان ، فقال : يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم ، قالوا : أنت ، قال : ما أنا بفاعل . فاصطلح الناس على خالد بن الوليد ؛ فلما أخذ الراية دافع القوم ، وحاشى بهم ، ثم انحاز وانحيز عنه ، حتى انصرف بالناس .
قال ابن إسحاق : ولما أصيب القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما بلغني : أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيداً ؛ ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيداً ؛ قال : ثم صمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تغيرت وجوه الأنصار ، وظنوا أنه قد كان في عبدالله بن رواحة بعض ما يكرهون ، ثم قال : ثم أخذها عبدالله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيداً . ثم قال : لقد رفعوا إلى الجنة ،فيما يرى النائم ، على سرر من ذهب ، فرأيت في سرير عبدالله بن رواحة ازورارا عن سريري صاحبيه ، فقلت : عم هذا ؟ فقيل لي : مضيا وتردد عبدالله بعض التردد ، ثم مضى .
قال ابن إسحاق : فحدثني عبدالله بن أبي بكر ، عن أم عيسى الخزاعية ، عن أم جعفر بن محمد بن جعفر بن أبي طالب ، عن جدتها أسماء بنت عميس ، قالت : لما أصيب جعفر وأصحابه دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دبغت أربعين منا - قال ابن هشام : ويروى أربعين منيئة - وعجنت عجيني ، وغسلت بني ودهنتهم ونظفتهم . قالت : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ائتني ببني جعفر ؛ قالت : فأتيته بهم فتشممهم وذرفت عيناه ، فقلت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، ما يبكيك ؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء ؟ قال : نعم ، أصيبوا هذا اليوم . قالت : فقمت أصيح ، واجتمعت إلي النساء ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ، فقال : لا تغفلوا آل جعفر من أن تصنعوا لهم طعاماً ، فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم . وحدثني عبدالرحمن بن القاسم بن محمد ، عن أبيه ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : لما أتى نعي جعفر عرفنا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزن . قالت : فدخل عليه رجل فقال : يا رسول الله ، إن النساء عنيننا وفتننا ؛ قال : فارجع إليهن فأسكتهن . قالت : فذهب ثم رجع ، فقال له مثل ذلك - قال : تقول وربما ضر التكلف أهله - قالت: قال : فاذهب فأسكتهن ، فإن أبين فاحث في أفواههن التراب ، قالت : وقلت في نفسي : أبعدك الله! فوالله ما تركت نفسك وما أنت بمطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : وعرفت أنه لا يقدر على أن يحثي في أفواههن التراب .
قال ابن إسحاق : وقد كان قطبة بن قتادة العذري ، الذي كان على ميمنة المسلمين ، قد حمل على مالك بن زافلة فقتله ، فقال قطبة بن قتادة :
طعنت ابن زافلة بن الإرا |
|
ش برمح مضى فيه ثم انحطم |
ضربت على جيده ضربة |
|
فمال كما مال غصن السلـم |
وسقنا نساء بنـي عـمـه |
|
غداة رقوقين سوق النـعـم |
قال ابن هشام : قوله : ابن الإراش عن غير ابن إسحاق . والبيت الثالث عن خلاد بن قرة ؛ ويقال : مالك بن رافلة :
قال ابن إسحاق : وقد كانت كاهنة من حدس حين سمعت بجيش رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً ، قد قالت لقومها من حدس ، وقومها بطن يقال لهم : بنو غنم أنذركم قوماً خزراً ، ينظرون شزراً ، ويقودون الخيل تترى ، ويهريقون دما عكراً ، فأخذوا بقولها ، واعتزلوا من بين لخم ؛ فلم تزل بعد أثرى حدس . وكان الذين صلوا الحرب يومئذ بنو ثعلبة ، بطن من حدس ، فلم يزالوا قليلاً بعد . فلما انصرف خالد بالناس أقبل بهم قافلاً .
قال ابن إسحاق : فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير قال : لما دنوا من حول المدينة تلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون . قال : ولقيهم الصبيان يشتدون ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل مع القوم على دابة ، فقال : خذوا الصبيان فاحملوهم ، وأعطوني ابن جعفر. فأتي بعبدالله فأخذه فحمله بين يديه . قال : وجعل الناس يحثون على الجيش التراب ، ويقولون : يا فرار، فررتم في سبيل الله ! قال : فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليسوا بالفرار ، ولكنهم الكرار إن شاء الله تعالى . قال ابن إسحاق : وحدثني عبدالله بن أبي بكر ، عن عامر بن عبدالله بن الزبير ، عن بعض آل الحارث بن هشام : وهم أخواله عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : قالت أم سلمة لامرأة سلمة بن هشام بن العاص بن المغيرة : ما لي لا أرى سلمة يحضر الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين ؟ قالت : والله ما يستطيع أن يخرج ، كلما خرج صاح به الناس يا فرار ، فررتم في سبيل الله ، حتى قعد في بيته فما خرج .
قال ابن إسحاق : وقد قال فيما كان من أمر الناس وأمر خالد ومخاشاته بالناس وانصرافه بهم ، قيس بن المسحر اليعمري ، يعتذر مما صنع يومئذ وصنع الناس .
فوالله لا تنفك نفسي تلـومـنـي |
|
على موقفي والخيل قابـعة قـبـل |
وقفت بها لا مستجيرا فـنـافـذا |
|
ولا مانعا من كان حم له الـقـتـل |
على أنني آسيت نفسي بـخـالـد |
|
ألا خالد في القوم ليس لـه مـثـل |
وجاشت إلي النفس من نحو جعفر |
|
بمؤتة إذ لا ينفع النـابـل الـنـبـل |
وضم إلينا حجزتيهم كـلـيهـمـا |
|
مهاجرة لا مشـركـون ولا عـزل |
قال ابن إسحاق : وكان مما بكى به أصحاب مؤتة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قول حسان بن ثابت :
تأوبني ليل بـيثـرب أعـسـر |
|
وهم إذا ما نوم النـاس مـسـهـر |
لذكرى حبيب هيجت لي عبـرة |
|
سفوحا وأسباب البكـاء الـتـذكـر |
بلى إن فقدان الحـبـيب بـلـية |
|
وكم من كريم يبتلـى ثـم يصـبـر |
رأيت خيار المؤمنـين تـواردوا |
|
شعوب وخلفا بـعـدهـم يتـأخـر |
فلا يبعدن الله قتلى تـتـابـعـوا |
|
بمؤتة منهم ذو الجناحين جـعـفـر |
وزيد وعبدالله حين تـتـابـعـوا |
|
جميعاً وأسباب المنـية تـخـطـر |
غداة مضوا بالمؤمنين يقـودهـم |
|
إلى الموت ميمون النقـيبة أزهـر |
أغر كضوء البدر من آل هاشـم |
|
أبي إذا سيم الظـلامة مـجـسـر |
فطاعن حتى مال غير مـوسـد |
|
لمعترك فيه قـنـا مـتـكـسـر |
فصار مع المستشهدين ثـوابـه |
|
جنان وملتف الـحـدائق أخـضـر |
وكنا نرى في جعفر من محمـد |
|
وفاء وأمراً حـازمـاً حـين يأمـر |
فما زال في الإسلام من آل هاشم |
|
دعائم عـز لا يزلـن ومـفـخـر |
هم جبل الإسلام والناس حولهـم |
|
رضام إلى طـود يروق ويقـهـر |
بها ليل منهم جعفر وابـن أمـه |
|
علي ومنهم أحمـد الـمـتـخـير |
وحمزة والعباس منهم ومنـهـم |
|
عقيل وماء العود من حيث يعصـر |
بهم تفرج اللأواء في كل مأزق |
|
عماس إذا ما ضاق بالناس مصـدر |
هم أولياء الله أنـزل حـكـمـه |
|
عليهم ، وفيهم ذا الكتاب المطـهـر |
شعر كعب بن مالك في غزوة مؤتة : وقال كعب بن مالك :
نام العيون ودمع عينك يهمـل |
|
سحاً وكف الطباب المـخـضـل |
في ليلة وردت علي همومهـا |
|
طورا أحن وتارة أتـمـلـمـل |
واعتادني حزن فبت كأنـنـي |
|
ببنات نعش والسمـاك مـوكـل |
وكأنما بين الجوانح والحشـى |
|
مما تأوبنـي شـهـاب مـدخـل |
وجدا على النفر الذين تتابعـوا |
|
يوما بمؤتة أسندوا لـم ينـقـلـوا |
صلى ا لإله عليهم من فـتـية |
|
وسقى عظامهم الغمام المسـبـل |
صبروا بمؤتة للإله نفوسـهـم |
|
حذر الردى ومخافة أن ينكـلـوا |
فمضوا أمام المسلمين كأنهـم |
|
فنق عليهن الحـديد الـمـرفـل |
إذ يهتدون بجعـفـر ولـوائه |
|
قدام أولـهـم فـنـعــم الأول |
حتى تفرجت الصفوف وجعفر |
|
حيث التقى وعث الصفوف مجدل |
فتغير القمر المنير لـفـقـده |
|
والشمس قد كسفت وكادت تأفـل |
قرم علا بنيانه مـن هـاشـم |
|
فرعا أشم وسـؤدداً مـا ينـقـل |
قوم بهم عصم الإلـه عـبـاده |
|
وعليهم نزل الكتاب الـمـنـزل |
فضلوا المعاشر عزة وتكرمـا |
|
وتغمدت أحلامهم مـن يجـهـل |
لا يطلقون إلى السفاه حباهـم |
|
ويرى خطيبهم بحـق يفـصـل |
بيض الوجوه ترى بطون أكفهم |
|
تندى إذا اعتذر الزمان الممحـل |
يهديهم رضي الإله لخـلـقـه |
|
وبجدهم نصر النبي الـمـرسـل |
حسان يبكي جعفراً بعد غزوة مؤتة : وقال حسان بن ثابت يبكي جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه :
ولقد بكيت وعز مهلك جعـفـر |
|
حب النبي على البـرية كـلـهـا |
ولقد جزعت وقلت حين نعيت لي |
|
من للجلاد لدى العقاب وظـلـهـا |
بالبيض حين تسل من أغمادهـا |
|
ضربا وإنهال الرمـاح وعـلـهـا |
بعد ابن فاطمة المبارك جعفـر |
|
خير البرية كـلـهـا وأجـلـهـا |
رزءاً وأكرمها جميعاً محـتـداً |
|
وأعزها مـتـظـلـمـا وأذلـهـا |
للحق حين ينوب غير تـنـحـل |
|
كذبـاً ، وأنـداهـا يداً وأقـلـهـا |
فحشا ، وأكثرها إذا ما يجـتـدى |
|
فضلاً ، وأبذلهـا نـدى وأبـلـهـا |
بالعرف غير محمد لا مـثـلـه |
|
حي من أحياء الـبـرية كـلـهـا |
حسان يبكي زيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة بعد مؤتة : وقال حسان بن ثابت في يوم مؤتة يبكي زيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة :
عين جودي بدمعك المنزور |
|
واذكري في الرخاء أهل القبور |
واذكري مؤتة وما كان فيها |
|
يوم راحوا في وقعة التغـوير |
حين راحوا وغادروا ثم زيداً |
|
نعم مأوى الضريك والمأسـور |
حب خير الأنام طرا جميعا |
|
سيد الناس حبه في الصـدور |
ذاكم أحمد الـذي لا سـواه |
|
ذاك حزني له معا وسـروري |
إن زيدا قد كان منا بـأمـر |
|
ليس أمر المكذب المـغـرور |
ثم جودي للخزرجي بدمـع |
|
سيداً كـان ثـم غـير نـزور |
قد أتانا من قتلهم ما كفانـا |
|
فبحزن نبـيت غـير سـرور |
قول أحد الشعراء بعد رجوعه من مؤتة : وقال شاعر من المسلمين ممن رجع من غزوة مؤتة
كفى حزنا أني رجعت وجعفر |
|
وزيد وعبدالله في رمس أقـبـر |
قضوا نحبهم لما مضوا لسبيلهم |
|
وخلفت للبلوى مع المتـغـبـر |
ثلاثة رهط قدموا فتقـدمـوا |
|
إلى ورد مكروه من الموت أحمر |
تسمية شهداء مؤتة : وهذه تسمية من استشهد يوم مؤتة . من بني هاشم : من قريش ، ثم من بني هاشم : جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، وزيد بن حارثة رضي الله عنه . من بني عدي : ومن بني عدي بن كعب : مسعود بن الأسود بن حارثة بن نضلة . من بني مالك : ومن بني مالك بن حسل : وهب بن سعد بن أبي سرح . من الأنصار : ومن الأنصار ثم من بني الحارث بن الخزرج : عبدالله بن رواحة ، وعباد بن قيس . ومن بني غنم بن مالك بن النجار : الحارث بن النعمان بن أساف بن نضلة ابن عبد بن عوف بن غنم . ومن بني مازن بن النجار : سراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء . من ذكرهم ابن هشام : قال ابن هشام : وممن استشهد يوم مؤتة ، فيما ذكر ابن شهاب : من بني مازن بن النجار : أبو كليب وجابر ، ابنا عمرو بن زيد بن عوف ابن مبذول وهما لأب وأم . ومن بني مالك بن أفصى : عمرو وعامر ، ابنا سعد بن الحارث بن عباد ابن سعد بن عامر بن ثعلبة بن مالك بن أفصى . قال ابن هشام : ويقال : أبو كلاب وجابر ، ابنا عمرو .