الفصل الثاني: في العمران البدوي والأمم الوحشية والقبائل وما يعرض في ذلك من الأحوال وفيه فصول وتمهيدات - الفصل العاشر: في اختلاط الأنساب كيف يقع

اعلم أنه من البين أن بعضا من أهل الأنساب يسقط إلى أهل نسب آخر بقرابة إليهم أو حلف أو ولاء أو لفرار من قومه بجناية أصابها فيدعي بنسب هؤلاء ويعد منهم في ثمراته من النعرة والقود وحمل الديات وسائر الأحوال وإذا وجدت ثمرات النسب فكأنه وجد لأنه لا معنى لكونه من هؤلاء ومن هؤلاء إلا جريان أحكامهم وأحوالهم عليه وكأنه التحم بهم ثم إنه قد يتناسى النسب الأول بطول الزمان ويذهب أهل العلم به فيخفى على الأكثر وما زالت الأنساب تسقط من شعب إلى شعب ويلتحم قوم بآخرين في الجاهلية والإسلام والعرب والعجم وانظر خلاف الناس في نسب
131
آل المنذر وغيرهم يتبين لك شيء من ذلك ومنه شأن بجيلة في عرفجة بن هرثمة لما ولاه عمر عليهم فسألوه الإعفاء منه وقالوا هو فينا لزيق أي دخيل ولصيق وطلبوا أن يولي عليهم جريرا فسأله عمر عن ذلك فقال عرفجة صدقوا يا أمير المؤمنين أنا رجل من الأزد أصبت دما في قومي ولحقت بهم وانظر منه كيف اختلط عرفجة ببجيلة ولبس جلدتهم ودعي بنسبهم حتى ترشح للرئاسة عليهم لولا علم بعضهم بوشائجه ولو غفلوا عن ذلك وامتد الزمن لتنوسي بالجملة وعد منهم بكل وجه ومذهب فافهمه واعتبر سر الله في خليقته ومثل هذا كثير لهذا العهد ولما قبله من العهود والله الموفق للصواب بمنه وفضله وكرمه