الفصل الثاني: في العمران البدوي والأمم الوحشية والقبائل وما يعرض في ذلك من الأحوال وفيه فصول وتمهيدات - الفصل الحادي عشر: في أن الرئاسة لا تزال في نصابها المخصوص من أهل العصبية

اعلم أن كل حي أو بطن من القبائل وإن كانوا عصابة واحدة لنسبهم العام ففيهم أيضا عصبيات أخرى لأنساب خاصة هي أشد التحاما من النسب العام لهم مثل عشير واحد أو أهل بيت واحد أو إخوة بني أب واحد لا مثل بني العم الأقربين أو الأبعدين فهؤلاء أقعد بنسبهم المخصوص ويشاركون من سواهم من العصائب في النسب العام والنعرة تقع من أهل نسبهم المخصوص ومن أهل النسب العام إلا أنها في النسب الخاص أشد لقرب اللحمة والرئاسة فيهم إنما تكون في نصاب واحد منهم ولا تكون في الكل ولما كانت الرئاسة إنما تكون بالغلب وجب أن تكون عصبية ذلك النصاب أقوى من سائر العصائب ليقع الغلب بها وتتم الرساسة لأهلها فإذا وجب ذلك تعين أن الرئاسة عليهم لا تزال في ذلك النصاب المخصوص بأهل الغلب عليهم إذ لو خرجت عنهم وصارت في العصائب الأخرى النازلة عن عصابتهم في الغلب لما تمت لهم الرئاسة فلا تزال في ذلك النصاب متناقلة من فرع منهم إلى فرع ولا تنتقل إلا إلى الأقوى من فروعه لما قلناه من سر الغلب لأن الاجتماع والعصبية بمثابة المزاج للمتكون والمزاج في المتكون لا يصلح إذا تكافأت
132
العناصر فلا بد من غلبة أحدها وإلا لم يتم التكوين فهذا هو سر اشتراط الغلب في العصبية ومنه تعين استمرار الرئاسة في النصاب المخصوص بها كما قررناه