الفصل الثالث: في الدول العامة والملك والخلافة والمراتب السلطانية وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه قواعد ومتممات - الفصل العاشر: في أن من طبيعة الملك الانفراد بالمجد

وذلك أن الملك كما قدمناه إنما هو بالعصبية والعصبية متألفة من عصبات كثيرة وتكون واحدة منها أقوى من الأخرى كلها فتغلبها وتستولي عليها حتى تصيرها جميعا في ضمنها وبذلك يكون الاجتماع والغلب على الناس والدول وسره أن العصبية العامة للقبيل هي مثل المزاج للمتكون والمزاج إنما يكون عن العناصر وقد تبين في موضعه أن العناصر إذا اجتمعت متكافئة فلا يقع منها مزاج أصلا بل لا بد من أن تكون واحدة منها هي الغالبة متكافئة فلا يقع منها مزاج أصلا بل لا بد من أن تكون واحدة منها هي الغالبة على الكل حتى تجمعها وتؤلفها وتصيرها عصبية واحدة شاملة لجميع العصائب وهي موجودة في ضمنها وتلك العصبية الكبرى إنما تكون لقوم أهل بيت ورئاسة فيهم ولا بد من أن يكون واحد منهم رئيسا لهم غالبا عليهم فيتعين رئيسا للعصبيات كلها لغلب منبته لجميعها وإذا تعين له ذلك فمن الطبيعة الحيوانية خلق الكبر والأنفة فيأنف حينئذ من المساهمة والمشاركة في استتباعهم والتحكم فيهم ويجيء خلق التأله الذي في طباع البشر مع ما تقتضيه السياسة من انفراد الحاكم لفساد الكل باختلاف الحكام لو كان فيها آلهة إلا الله لفسدت فتجدع حينئذ أنوف العصبيات وتفلح شكائعهم عن أن يسموا إلى مشاركته في التحكم
167
وتقرع عصبيتهم عن ذلك وينفرد به ما استطاع حتى لا يترك لأحد منهم في الأمر لا ناقة ولا جملا فينفرد بذلك المجد بكليته ويدفعهم عن مساهمته وقد يتم ذلك للأول من ملوك الدولة وقد لا يتم إلا للثاني والثالث على قدر ممانعة العصبيات وقوتها إلا أنه أمر لا بد منه في الدول سنة الله التي قد خلت في عباده والله تعالى أعلم