وذلك أن الحضري إذا عظم تموله وكثر للعقار والضياع تأثله وأصبح أغنى أهل المصر ورقعته العيون بذلك وانفسحت أحواله في الترف والعوائد زاحم عليها الأمراء والملوك وغصوا به ولما في طباع البشر من العدوان تمتد أعينهم إلى تملك ما بيده وينافسونه فيه ويتحيلون على ذلك بكل ممكن حتى يحصلوه في ربقة حكم سلطاني وسبب من المؤاخذه ظاهر ينتزع به ماله وأكثر الأحكام السلطانية جائرة في الغالب إذ العدل المحض إنما هو في الخلافة الشرعية وهي قليلة اللبث قال الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تعود ملكا عضوضا فلا بد حينئذ لصاحب المال والثروة الشهيرة في العمران من حامية تذود عنه وجاه ينسحب عليه من ذي قرابة للملك أو خالصة له أو عصبية يتحاماها السلطان فيستظل بظلها ويرتع في أمنها من طوارق التعدي وإن لم يكن له ذلك أصبح نهبا بوجوه التخيلات وأسباب الحكام والله يحكم لا مقب لحكمه