الفصل الخامس: الفصل الخامس من الكتاب الاول في المعاش ووجوبه من الكسب والصنائع وما يعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه مسائل - الفصل 22: فيمن حصلت له ملكة في صناعة فقل ان يجيد بعد في ملكة اخرى

ومثال ذلك الخياط إذا أجاد ملكة الخياطة وأحكمها ورسخت في نفسه فلا يجيد من بعدها ملكة النجارة أو البناء إلا أن تكون الأولى لم تستحكم بعد ولم ترسخ صبغتها والسبب في ذلك أن الملكات صفات للنفس وألوان فلا تزدحم دفعة ومن كان على الفطرة كان أسهل لقبول الملكات وأحسن استعدادا لحصولها فإذا تلونت النفس بالملكة الأخرى وخرجت عن الفطرة ضعف فيها الاستعداد باللون الحاصل من هذه الملكة فكان قبولها للملكة أضعف وهذا بين يشهد له الوجود فقل أن تجد صاحب صناعة يحكمها ثم يحكم من بعدها أخرى ويكون فيهما معا على رتبة واحدة من الإجادة حتى أن أهل العلم الذين ملكتهم فكرية فهم بهذه المثابة ومن حصل منهم على ملكة علم من العلوم وأجادها في الغاية فقل ان يجيد ملكة علم آخر عل نسبته بل يكون مقصرا فيه إن طلبه إلا في الأقل النادر من الأحوال ومبني سببه على ما ذكرناه من الاستعداد وتلوينه بلون الملكة الحاصلة في النفس والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التوفيق لا رب سواه