الفصل السادس: في العلوم واصنافها والتعليم وطرقه وسائر وجوهه وما يعرض في ذلك كله من الاحوال وفيه مقدمة ولواحق - الفصل 45: في ان لا تتفق الاجادة في فني المنظوم و المنثور معا للاقل

و السبب في ذلك انه كما بيناه ملكة في اللسان فاذا تسبقت الى محله ملكة اخرى قصرت بالمحل عن تمام الملكة اللاحقة لان تمام الملكات و حصولها للطبائع التي على الفطرة الاولى اشسهل و ايسر و اذا تقدمتها ملكة اخرى كانت منازعة لها في المادة القابلة و عائقة عن سرعة القبول فوقعت المنافاة و تعذر التمام في الملكات الصناعية كلها على الاطلاق و قد برهنا عليه في موضعه بنحو من هذا
569
البرهان فاعتبر مثله في اللغات فانها ملكات اللسان و هي بمنزلة الصناعة و انظر من تقدم له شيء من العجمة كيف يكون قاصرا في اللسان العربي ابدا فالاعجمي الذي سبقت له الغة الفارسية لا يستولي على ملكة اللسان العربي و لا يزال قاصرا فيه و لو تعلمه و كذا البربري و الرومي و الافرنجي قل ان تجد احدا منهم محكما لملكة اللسان العربي و ما ذلك الا لما سبق الى السنتهم من ملكة اللسان الاخر حتى ان طالب العلم من اله هذه االسن اذا طلبه بين اله اللسان العربي جاء مقصرا في معارفه هذه الالسن اذا طلبه بين اهل اللسان العربي جاء مقصرا في معارفه عن الغاية و التحصيل و ما واتي الا من قبل اللسان و قد تقدم لك من قبل ان الالسن و اللغات شبيهة بالصنائع و قد تقدم لك ان الصنائع و ملكاتها لا تزدحم و ان من سبقت له اجادة في صناعة فقل ان يجد في اخرى او يستولي فيها على الغاية و الله خلقكم و ما تعملون