الفصل السادس: في العلوم واصنافها والتعليم وطرقه وسائر وجوهه وما يعرض في ذلك كله من الاحوال وفيه مقدمة ولواحق - الفصل 46: في صناعة الشعر و وجه تعلمه

هذا الفن من فنون كلام العرب و هو اسمى بالشعر عندهم و يوجد في سائر اللغات الا اننا الان انما نتكلم في الشعر الذي للعرب فان امكن ان تجد فيه اهل الالسن الاخرى مقصودهم من كامهم و الا فلكل لسان احكام في البلغة تخصه و هو في لسان العرب غريب النزعة عزيز المنحى اذ هو كلام مفصل قطعا قطعا متساوية في الوزن متحدةو في الحرف الاخير من كل قطعة من هذه القطعات عندهم بيتا و يسمى الحرف الاخير الذي تتفق فيه رويا و قافية و يسمى جملة الكلام الى اخره قصيدة و كلمة و ينفرد كل بيت منه بافادته في تراكيبه حتى كانه كلام وحده مستقل عما قبله و ما بعده و اذا افرد كان تاما في بابه في مدح او تشبيب او رثاء فيحرص الشاعر على اعطاء ذلك البيت ما يستقل في افادته ثم يستانف في البيت الاخر كلاما اخر كذلك و يستطرد للخروج من فن الى فن و من مقصود الى مقصود بان يوطئ المقصود الاول و معانيه الى ان تناسب المقصود الثاني و يبعد الكلام عن التنافر كما يستطرد من التشبيب الى المدح و من وصف البيداء و الطلول الى وصف الركاب او الخيل او الطيف و من وصف الممدوح الى وصف
570
قومه و عساكره و من التفجع و العزاء في الرثاء و الى التاثر و امثال ذلك و يراعي فيه اتفاق القصيدة كلها في الوزن الواحد حذرا من ان يتساهل الطبع في الخروج من وزن الى وزن يقاربه فقد يخفى ذلك من اجل المقاربة به على كثير من الناس و لهذه الموازين شروط و احكام تضمنها علم العروض و ليس كل وزن يتفق في الطبع استعملته العرب في هذا الفن و نما هي اوزان مخصوصة تسميها اهل تلك الصناعة البحور و قد حصروها في خمسة عشرا بحرا بمعنى انهم لم يجدوا للعرب في غيرها من الموازين الطبيعية نظما و اعلم ان فن الشعر من بين الكلام كان شريفا عند العرب و لذلك جعلوه ديوان علومهم و اخبارهم و شاهد صوابهم و خطائهم و اصلا يرجعون اليه في الكثير من علومهم و حكمهم و كانت ملكته مستحكمة فيهم شان الكلكات كلها و الملكات اللسانية كلها انما تكتسب بالصناعة و الارتياض في كلامهم حتى يحصل شبه حتى يحصل شبه في تلك الملكة و الشعر من بين كلام صعب الماخذ على من يريد اكتساب ملكته بالصناعة من المتاخرين لاستقلال كل بيت منه بانه كلام تام في مقصوده و ينصلح ان ينفرد دون ما سواه فيحتاج من اجل ذلك الى نوع تلطف في تلك الملكة حتى يفرغ الاكالام الشعري في قوالبه التي عرفت له في ذلك المحنى من شعر العرب و يبرزه مستقلا بنفسه ثم ياتي بيبت اخر كذلك ثم ببيت و يستكمل الفنون الوافية بمقصوده ثم يناسب بين البيوت في موالاة بعضها مع بعض بحسب اختلاف الفنون التي في القصيدة و لصعوبة منحاه و غرابة فنه كان محكا للقرائح في استجادة اساليبه و شحذ الافكار في تنزيل الكلام في قوالبه و لا يكفي فيه ملكة الكلام العربي على الاطلاق بل يحتاج بخصوصه الى تلطف و محاولة في رعاية الاساليب التي اختصته العرب بها و استعماهلها و لنذكر هنا سلوك الاسلوب عند اهل هذه الصناعة و ما يريدون بها في اطلاقهم اعلم انها عبارة عندهم عن المنوال الذي ينسج فيه التراكيب او القالب الذي يفرغ به و لا يرجع الى الكلام باعتبار افادته اصل المعنى الذي هو وظيفة الاعراب لا باعتبار افادته كمال المعنى من خواص التراكيب الذي هو وظيفة الاعراب لا باعتبار افادته كمال المعنى من خواص التاركيب الذي هو وظيفة البلغة و البيان لا باعتبار الوزن كما استعمله العرب فيه الذي هو وزظظيفة العروض فهذه العلوم
571
الثلاثة خارجة عن هذه الصناعة الشعرية و انما يرجع الى صورة ذهنية للتراكيب المنتظمة باعتبار انطباقها على تركيب خاص و تلك الصورة ينتزعها الذهن من اعيان التراكيب و اشخاصها و بصيرها في الخيال كالقالب او المنوال ثم ينتقي التراكيب الصحيحة عند العرب باعتبار الاعراب و البيان فيرصها فيها رصا كما يفعله البناء في القالب او النساج في النمنوال حتى يتسع القالب بحصول التراكيب الوافية بمقصود الكلام و يقع على الصورة الصحيحة باعتبار ملكة اللسان العربي فيه فان لكل فن من الكلام اساليب تختص به و توجد فيه على انحء مختلفة فسؤال الطلول في الشعر يكون بخطاب الطلول كقوله يا دار مية بالعلياء فالسند و يكون باستدعاء الصحب للوقوف و السؤال كقوله قفا نسال الدار التي خف اهلها او باستبكاء الصحب على الطلل كقوله قفا نبك من ذكرى حبيب و منزل او الاستفهام عمن الجواب لمخاطب غير معين كقوله الن تسال فتخبرك الرسوم و مثل تحية الطلول بالامر لمخاطب غير معين بتحيتها كقوله حي الديار بجانب الغزل او الدعاء لها بالسقيا كقوله اسقى طلولهم اجش هزيم و غدت عليهم نضرة و نعيم او سؤاله السقيا لها من البرق كقوله يا برق طالع منزلا بالابرق واحد السحاب لها حداء الاينق او مثل متفجع في الجزع باستدعاء البكاء كقوله كذا فليجل الخطب و ليفدح الامر و ليس لعين لم يفض ماؤها عذر او باستعظام الحتادث كقوله ارايت من حملوا على الاعواد او بالتسجيل على الاكوان بالمصيبة لفقده كقوله منابت العشب لا حام و لا راع مضى الردي بطويل الرمح و الباع او بالانكار على من لم يتفجع له من الجمادات كقوله الخارجية ايا شجر الخابور مالك مورفا كانك م تجزع على ابن طريف او بتهنئة فريقه بالراحلة من ثقل وطاته كقوله القى الرماح ربيعة بن نزار اودى الردى بفريقك المغوار
572
و امثال ذلك كثير من سائر فنون الكلام و مذاهبه و تنتظم التراكيب فيه بالجمل و غير الجمل انشائية و خبرية اسمية و فعلية مثقفة و غير متفقة مفصولة و موصولة على ما هو شان التراكيب في الكلام العربي في مكان كل كلمة من الاخرى يعرفك فيه ما تستفيده بالارتياض في اشعار العرب من القالب الكلي المجرد في الذهن من التراكيب المعينة التي ينطبق ذلك القالب على جميعها فان مؤلف الكلام هو كالبناء او النساج و الصورة الذهنية المطابقة المنطبقة كالقالب الذي يبنى فيه او المنوال الذي ينسج عليه فان خرج عن القالب في بنائه او عن المنوال في نسجه كان فاسدا و لا تقولن ان معرفة قوانين البلاغة كافية لذلك لانا نقول قوانين البلاغة انما هي قواعد علمية قياسية تفيد جواز استعمال التراكيب على هيئتها الخاصة بالقياس و هو قياس علمي صحيح مطرد كما هو قياس القوانين الاعرابية و هذه الاساليب التي نحن نقررها ليست من القياس في شيء انما هي هيئة ترسخ في النفس من تتبع التراكيب فس شعر العرب لجريانها على اللسان حتى تستحكم صورتها فيستفيد بها العمل على مثالها و الاحتذاء بها في كل تركيب من الشعر كما قدمنا ذلك في الكلام باطلاق و ان القوانين العلمية من العربية و البيان لا يفيد تعليمه بوجه و ليس كل ما يصح في قياس كلام العرب و قوانينه العلمية استعملوه و انما المستعمل عندهم من ذلك انحاء معروفة يطلع عليها الحافظون لكلامهم تندرج صورتها تلك القوانين القياسية فاذا نظر في شعر العرب على هذا النحو و بهذه الاساليب الذهنية التي تصير كالقوالب كان نظرا في المستعمل من تراكيبهم لا فيما يقتضيه القياس و لهذا ان المحصل لهذه القوالب في الذهن انما هو حفظ اشعار العرب و كلامهم و هذه القوالب كما تكون في المنظوم تكون في المنثور فان العرب استعملوا كلامهم في كلا الفنين وجاؤا به مفصلا في النوعين ففي الشعر بالقطع الموزونة و القوا في المقيدة و استقلال الكلام في كل قطعة و في المنثور يعتبرون الموازنة و التشابه بين القطع غالبا و قد يقيدونه بالاسجاع و قد يرسلونه و كل واحدجة من هذه معروفة في لسان العرب و المستعمل منها عندهم هو الذي يبني مؤلف الكلام عليه تاليفه و لا يعرفه الا من حفظ كلامهم حتى يتجرد في ذهنه من القوالب المعينة الشخصية
573
قالب كلي مطلق يحذو حذوة في التاليف كما يحذو البناء على القالب و النساج على المنوال فلهذا كان من تاليف الكلام منفردا عن نظر النحوي و البياني و العروضي نعم ان مراعاة قوانين هذه العلوم شرط فيه لا يتم بدونها فاذا تحصلت هذه الصفات كلها في الكلام اختص بنوع من النظر لطيف في هذه القوالب التي يسمونها اساليب و لا يفيده الا حفظ كلام العرب نظما و نثرا و اذا تقرر معنى الاسلوب ما هو فلنذكر بعده حدا او رسما للشعر به تفهم على حقيقته على صعوبة هذا الغرض فانا لم نقف عليه لاحد من المتقدمين فيما رايناه و قول العروضيين في حده انه الكلام الموزون المقفى ليس بحد لهذا الشعر الذي نحن بصدره و لا رسم له و صناعتها انما تنظر في الشعر باعتباره ما فيه من الاعراب و البلاغة و الوزن و القوالب الخاصة فلا جرم ان حدهم ذلك لا يصلح له عندنا فلا بد من تعريف يعطينا حقيقته من هذه الحيثية فنقول الشعر هو الكلام البليغ المبني على ى الاستعارة و الاوصاف المفصل باجزاء متفقة في الوزن و الوي مستقل كل جزء منها في غرضه و مقصده عما قبله و بعده الجاري على اساليب العرب المخصوصة به فقولنا الكلام البليغ جنس و قولنا المبني على الاستعارة و الاوصاف فصل عما يخلو من هذه فان الغالب ليس بشعر و قولنا المفصل باجزائه متفقة الوزن و الروي فصل له عن الكلام المنثور الذي ليس بشعر عند الكل و قولنا مستقل كل جزء منها في غرضه و مقصده عما قبله و بعده بيان للحقيقة لان الشعر لا تكون ابياته الا كذلك و لم يفصل به شيء و قولنا الجتاري على الاساليب المخصوصة به فصل به شيء و قولنا الجاري على الاساليب المخصوصة به فصل له عما لم يجر منه على الاساليب المخصوصة به فصل له عما لم يج منه على اساليب العرب المعروفة فانه حينئذ لا يكون شعرا انما هو كلام منظوم لان الششعر له اساليب تخصه لا تكون للمنثور و كذا اساليب المنثور لا تكون للشعر فما كان من الكلام منظوما و ليس على تلك الاساليب فلا يكون شعرا او بهذا الاعتبار كان الكثير ممن لقيناه من شيوخنا في هذه الصناعة الادبية يرون ان نظم المتنبي و المعري ليس هو من الشعر في شيء لانهما لم يجريا على اساليب العرب من الامم عندما يرى ان الشعر يوجد للعرب و غيرهم و من يرى انه لا يوجد لغيرهم فلا يحتاج الى ذلك و يقول مكانه الجاري على الاساليب المخصوصة و اذ قد فرغنا من الكلام على حقيقة الشعر فلنرجع
574
لي الكلام على كيفية عمله فنقول اعلم ان لعمل الشعر و احكام صناعته شروطا اولها لحفظه من جنسه أي جنس من جنس شعر العرب حتى تنشا في النفس ملكة ينسج على منوالها و يتخير المحفوظ من الحر النقي الكثير الاساليب و هذا المحفوظ المختار اقل ما يكفي فيه شعر شاعر من الفحول الاسلاميين مثل ابن ابي ربيعة و كثير و ذي الرمة و جرير و ابي نواس و حبيب و البحتري و الرضي و ابي فراس و اكثره شعر كتب الاغاني لانه جمع شعر شعر اهل الطبقة الاسلامية كله و المختار من شعر الجاهلية و من كان خاليا و من كان خاليا من المحفوظ فنظمه قاصر رديء و لا يعطيه الرونق و الحلاوة الا كثرة المحفوظ فمن قل حفظه او عدم لم يكن له شعر و انما هو نظم ساقط و اجتناب الشعر اولى بمن لم يكن له محفوظ ثم بعد الامتلاء من الحفظ و شحذ القرحة للنسج على الممنوال يقبل على النظم و بالاكثار منه تستحكم ملكته و ترسخ و ربما يقال ان من شرطه نسيان ذلك المحفوظ لتحمى رسومه الحرفية الظاهرة اذ هي صادرة عن استعمالها بعينها فاذا نسيها و قد تكيفت النفس بها انتقش الاسلوب فيها كانه منوال يؤخذ بالنسج عليه بامثالها من كلمات اخرى ضرورة ثم لا بد له من الخلوة و استجادة المكان المنظور فيه من المياه و الازهار و كذا المسموع لاستنارة القريحة باستجماعها و تنشيطها بملاذ السرور ثم مع هذا كله فشرطه ان يكون على جمام و نشاط فلذلك اجمع له و انشطه للقريحة ان تاتي بمثل ذلك المنوال الذي في حفظه قالوا و خير الاوقات لذلك اوقات البكر عند الهبوب من النوم و فراغ المعدة و نشاط الفكر و في هؤلائء الجمام و ربما قالوا ان من نزعته من بواعثه العشق و الانتشاء ذكر ذلم ابن رشيق في كتاب العمدة و هو الكتاب الذي انفرد بهذه الصناعة و اعطاء حقها و لم يكتب فيها احد قبله و لا بعده مثله قالوا فان استصعب عليه يعد هذا كله فليتركه الى وقت اخر و لا يكره نفسه عليه و ليكن بناء البيت على القافية من اوله صوغه و نسجه بعضها و يبني الكلام عليها الى اخره لانه ان غفل عن بناء البيت على القافية صعب عليه وضعها في محلها فربما تجيء نافرة قلقة و اذا سمح الخاطر بالبيت و لم يناسب الذي عنده فليتركه الى موضعه الاليق به فانه كل بيت مستقل بنفسه و لم تبق الا المناسبة فليتخير فيها كما يشاء و ليراجع شعره بعد
575
الخلاص منه بالتنقيح و النقد و لا يضن به على الترك اذا لم يبلغ الاجادة فان الانسان مفتون بشعره اذ هو نبات فكره و اختراع فريحته و لا يستعمل فيه من الكلام الا الافصح من التراكيب و الخالص من اتلضرورات اللسانية فليهجرها فانها تنزل بالكلام عن طبقة البلاغة و قد حصر ائمة اللسان المولد من ارتكاب الضرورة اذ هو في سعة منها بالعدول عنها الى الطريقة المثلى من الملكة و يجتنب ايضا المعقد من التراكيب جهده و انما يقصد منها ما كانت معانيه تسابق الفاظه الى الفهم و كذلك كثرة المعاني في البيت الواحد فتن فيه نوع تعقيد على الفهم و انما المختار منه ما كانت الفاظه طبقا على معانيه او اوفى فان كانت المعاني كثيرة كان حشوا و استعمل الذهن بالغوص عليها فمنع الذوق عن استيفاء مدركه من البلغة و لا يكون الشعر سهلا الا اذا كانت معانيه تسابق الفاظه الى الذهن و لهذا كان شيوخنا رحمهم الله يعيبون شعر ابي بكر بن خفاجة شاعر الاندلس لكثرة معانيه و ازدحامها في البيت الواحد كما كانوا يعيبون شعر المتنبي و المعري بعدم النسج على الاساليب العربية كام مر فكان شعرهما كلاما منظوما نازلا عن طبقة الشعر و الحاكم بذلك هو الذوق و ليتجنب الشار ايضا الحوشي من الالفاظ و المقصر و كذلك السوقي المبتذل بالتداول بالاستعمال فنه ينزل بالكلام الى عن طبقة البلاغة ايضا فيصير مبتذلا و يقرب من عدم الافادة كقولهم النار حارة و السماء فوقنا و بمقدار ما يقرب من مدار طبقة عدم الافادة يبعد عن رتبة البلاغة اذ هما طرفان و لهذا كان الشعر في الربانيات و النبويات قليل الاجادة في الغالب و لا يحذق فيه الا الفحول و في القيلي على الشعر لان معانيها متداولة بين الجمهور فتصير مبتذلة لذلك و اذا تعذر الشعر بعد هذا كله فليراوضه و يعاوده فان القريحة مثل الضرع يدر بالانمتراء و يجف بالترك و الاهمال و بالجملة فهذه الصناعة وتعلمها مستوفى في كتاب العمدة لابن رشيق وقد ذكرنا منها ما حضرنا بحسب الجهد و من اراد استيفاء ذلك فعليه بذلك الكتاب ففيعه البغبية من ذلك و هذه نبذة كافية و الله المعين و قد نظم الناس في امر هذه الصناعة الشعرية ما يجب فيها و من احسن ما قيل في ذلك و اظنه لابن رشيق
576
لعن الله صنعة الشعر ماذا من صنوف الجهال منه لقينا يؤثرون الغريب منه على ما كان سهلا للسامعين مبينا و يرون المحال معنى صحيحا و خسيس الكلام شيئا ثمينا يجهلون الصواب منه و لا يدم رون للجهل انهم يجهلونا فهم عند من سوانا يلامون و في الحق عندنا يعذرونا انام الشعر ما يناسب في النظم و ان كان في الصفات فنونا فاتى بعضه يشاكل بعضا و اقانمت له الصدور المتونا كل معنى اتاك منه على ما تتمنى و لم يكن ان يكونا فتناهى من البيان الى ان كاد حسنا يبين للنظرينا فكان الالفاظ منه وجوه و المعاني ركبن فيها عيونا انما في المرام حسب الاماني و يتحلى بحسنه المنشدونا فاذا مدحت بالشعر حرا رمت فيه مذاهب المشتهينا فجعلت النسيب سهلا قريبا و جعلت المديح صدقا مبينا و تنكبت ما يهجن في السمع و ان كان لفظه موزونا و اذا ما عرضته بهجاء عبت فيه مذاهب المرقبينا فجعلت التصريح منه دواء و جعلت التعريض داء دفينا و اذا ما بكيت في على العا دين يوما للبين و الظاعنينا حلت دون الاسى و ذللت ما كا ن من المع في العيون مصونا ثم ان كنت عاتبا جئت بالوعد وعيدا و بالصعوبة بينا فتركت الذي عتبت عليه حذرا امنا عزيزا مهينا و اصح القريض ما قارب النظم و ان كان واضحا مستبينا فاذا قيل اطمع الناس طرا و اذا ريم اعجز المعجزينا و من ذلك قوله ايضا ققول بعضهم الشعر ما قومت ربع صدوره و شددت بالتهذيب اس متونه و رايت بالاطناب شعب صدوعه و فتحت بالايجاز عور عيونه
577
و جمعت بين قريبه و بعيده و جمعت بين محمه و معينه و اذا مدحت به جوادا ماجدا و قضيته بالشكر حق ديونه اصفيته بتفتش و رضيته و خصصته بحظيرة و ثمينه فيكون جزلا في مساق صنوفه و يكون سهلا باتفاق فنونه و اذا بكيت به الديار و اهلها اجريت للمحزون ماء شؤونه و اذا اردا كناية عن ريبة باينت للمحزون ماء شؤونه فجعلت سامعه يششوب شكوكه بثبوته و ظنونه بيقينه