اعلم ان صناعة الكلام نظما و نثرا انما هي الالفاظ لا في الامعاني و انما المعاني تبع لها و هي اصل فالصانع الذي يحاول ملكة الكلام في النظم و النثر انما يحاولها في الالفاظ بحفظ امثالها من كلالم العرب ليكثر استعماله و جريه على لسانه حتى تستقر له الملكة في لسان مضر و يتخلص من العجمة التي ربي عليها في جيله و يفرض نفسه مثل وليد ينشا في جيل العرب و يلقن لغتهم كما يلقنها الصبي حتى يصير كانه واحد منهم في لسانهم و ذلك انا قدمنا ان اللسان ملكة من الملكات في النطق يحاول تحصيلها بتكرارها عل السان حتى تحصل و الذي في اللسان و النطق انما هو الاالفاظ و اما المعاني فهي في الضمائر و ايضا فمالمعاني موجودة عند كل واحد و في طوع كل فكر منها ما يشاء و يرضى فلا يحتاج الى صناعة و تاليف الكلام للعبارة عنها هو المحتادج للصناعة كما قلناه و هو بمثابة القالبب للمعاني فكما ان الاواني التي يغترف به الماء من البحر منها انية الذهب و الفضة و الصدف و الزجاج و الخزف والماء واحد في نفسه وتحتلف الجودة في الأواني المملوءة بالماء باختلاف جنسها لا باختلاف الماء كذلك جودة الغة و بلاغتها في الاستعمال يختلف باختلاف طبقة الكلام في تاليفه باعتبار تطبيقه على المقاصد و المعاني واحدة في نفسها و انما الجاهل بتاليف الكلام و اساليبه على مقتضى ملكة اللسان اذا حاول العبارة عن مقصوده و لم يحسن بمثابة المقعد الذي يروم النهوض
578
و لا يستطيعه القدرة عليه لفقدان القدرة عليه و الله يعلمكن ما لم تكونوا تعلمون