582
اعلم ان الشعر لا يختص باللسان العربي فقط بل هو موجود في كل لغة سواء كانت عربية او اعجمية و قد كان في الفرس شعراء و في يونان كذلك و ذكر بعضهم منهم ارسطو في كتاب المنطق و اوميروس الشاعر و اثني عليه و كان في حمير ايضا شعراء متقدمون و لكا فسد لسان مضر و لغتهم التي دونت مقاييسها و قوانين اعرابها و فسدت اللغات من بعد بحسب ما خالطها و مازجها من العجمة فكانت تحيل العرب بانفسهم لغة خالفت لغة سلفهم من مضر في الارباب جملة و في كثير نمتن الموضوعات اللغوية و بناء الكلمات و كذلك الحضر من اهل الامصار نشات فيهم لغة اخرى خالفت لسان مضر في الاعراب جملة و في كثير من الموضوعات اللغوية و بناء الكلمات و كذلك الحضر و اكثر الاوضاع و التصاريف حالفت ايضتا لغة الجيل من العرب لهخذا العهد و اختلفت هي نفسها بحسب اصطلاحات اه الافاق فلاهل الشرق امصاره لغة غير لغة اعهل المغرب و امصاره و تخالفها ايضا لغة اهل الاندلس و امصاره قم لما كان الشعر موجودا بالطبع في اهل كل لسان لان الموازين على نسبة واحدة في اعداد المتحركات و السواكن و تقابلها موجودة في طباع البشر فلم يهجر الشعر بفقدان لغة واحدة و هي لغة مضر الذين كانوا يحملون فحوله و فرسان ميدانه حسبما اشتهر بين اهل الخليقة بل كل جيل و اعهل كل لغة من العرب و المستعجمين و الحضر اهل الامصار يتعاطون منه ما يعاطوهم في انتحاله و رصف بنائه على مهيع كلامهم فاما العرب اهل هذا الجيل المستعجمون عن لغة سلفهم من مضر فيقرضون الشعر لهذا العهد في سائر الاعاريض على ما كان عليه سلفهم المستعربون و ياتون منه بالمطولات مشتملة على مذاهب الشعر و اغراضه من النسيب و المدح وز الرثاء و الهجاء و يستطردون في الخروج من فن الى فن في الكلام زو ربما هجكوا على المقصود لاول كلامهم و اكثر ابتدائهم في قصائدهم باسم الشاعر ثم عد ذلك ينسبون فاهل امصار المغرب من العرب يسمكون هذه القصائد بالاصمعيات نسبة الى الاصمعي رواية العرب في اشعارهم و اهل المشرق من العرب يسمون هذا النوع من الشعر البدوي و ربما يلحنون في الحانا بسيطة لا على طريقة الصناعة الموسيقية ثم
583
يغنون به و يسمونه الغناء به اسم الحوراني نسبة الى حوران من اطراف العراق و الشام و هي منازل العرب البادية و مساكنهم الى هذا العهد و لهم فن اخر كثير التداول في نظمهم يجيئون به معصبا على اربعة اجزاء يخالف اخرها الثلاثة في رويه و يلتزمون القافية الرابعة في كل بيت الى اخر القصيدة شبيها بالمربع و المخمس الذي احدثه المتاخرون و لهؤلاء العرب في هذا الحديث الشعر بلاغة قائقة و فيهم الفحول و المتاخرون و فيهم الكثير من من المنتحلين للعلوم لهذا العهد و خصوصا علم اللسان يستنمكر صاحبها هذه الفنون التي لهم اذا سمعوا و يمج نظمهم اذا انشد و يعتقد ان ذوقه انما نبا عنها لاستهجانها و فقدان الاعراب منها و هذا انما اتى من فقدان الملكة في لغتهم فلو حصلت له ملكة من ملكاتهم لشهد له طبعه و ذوقه ببلاغتها ان كان سليما من الافات في فطرته و نظره و الاا فالاعراب لا مدخل له في البلاغة انام البلاغة مطاقة الكلام للمقصود لمقتضى الحال من الوجود فيه سواؤ كان الرفع دالا على الفاعل النصب و دالا على المفعول او بالعكس و انما يدل على ذلك قرائن الكلام كما هو في لغتهم هذه فالدلالة بحسب ما يصطلح عليه اهخل الملكةى فاذا عرف اصطلاحه في ملكة و اشتهر صحة الدلالة و اذا طابقت تلك الدلالة المقصود و المقضتى الحال صحت البلاغة و لا عبرة بقوانين النحاة في ذلك و اساليب الشعر و فنونه موجودة في اشعارهم هذه ما عدا حركات الاعراب في اواخر الكلم فان غالب كلماتهم موقوفة الاخر و يتميز عندهم الفاعل من المفعول و المبتدا من الخبر بقرائن الكلام لا بحركات الاعراب الموشحات و الازجال للندلس و اما اله الاندلس فلما كثر الشعر في قطرهم و تذهبت مناحيه و فنونه و بلغ التنميق فيه الغايةو استحدث المتاخرون منهم فنا منه سموه بالموشح ينظمونه اسماطا اسماطا و اغصانا اغصانا و يكثون من اعاريضه الامختلفة و يسمون المتعدد منها بيتا واحد و يلتزمون عند قوافي تلك الاغصان و اوزانها متتاليا فيما بعدج الى اخر القطعة و اكثر ما تنتهي عندهم الى سبعة ابيات و يشتمل كل بيت على اغصان عددها بحسب الاغراس و المذاهب و ينسبون فيها و يمدحون كما يفعل في القصتائد و تجاور
584
في ذلك الى الغاية و استظرفه الناس جملة الخاصة و الكافة لسهولىة تناوزله و قرب طريقته و كان المخترع لها في جزيرة الاندلس مقدم بن معافر الفريري من شعراء الامير عبد الله بن محمد المرواني و اخذ ذلك عنه ابو عبد الله احمد بن عبد ربه صاحب كتاب العقد و لم يظهر لما معع المتاخرين ذكر و كسدت موشحجاتهما فكان اول من برع في ذها الشان عبادة القوزاز شاعر المعتصم بن صنادح صاحب المرية بدر تم شمس ضحى غصن نقى مسك شم ما اتم ما اوضحا مما اورقا ماء نم لا جزم من لحى قدر عشق قد حرم و زعموا انهم لم يسبقه وشاح من معاصريه الذين كانوا زمن الطوائف و ذكر غير واحدة من المشايخ ان اهل هذا الشان بالاندلس يذكرون ان جماعة من الوشاحين اجتمعوا في مجلس باشبيلية و كان كل واحدمنهم اصطنع موشحة و تانق فيها فتقدم الاعمى الطليطلي للانشاد فلما افتتح موشحته المشهورة بقوله ضاحك عن جمان سافر عن در ضاق عنه الزمان و حواه صدري صرف ابن بقي موشحته و تبعهخ الباقون و ذكر الاعلم البطليوسي انه سمع ابن زهير يقول ما حسدت قط وشاحا علىلا قول الا ابن بقي عين وقع له اما ترى احمد في مجده العالي لا يلحق اطلعه الغرب فارنا مثله يا مشرقي و كان في عصرهما من الموشحين المطبوعين ابو بكر الابيض ةو كان فب عصرها ايضا الحكيم ابو بكر ابن باجة صاحب التلاحين المعروفة و من الحكايات المشهخورة انه حضر مجلس مخدومه ابن كفلويه صاحب سر قسطة فالقى على بعض قيناته موشحته جرر الذيل ايما جر و صلي الشكر منك بالشكر فطرب الممدوح لذلك لما ختمها بقوله عقد الله راية النصر لامير العلى ابي بكر فلما طرق ذلك التلحين سمع ابن تفلويه صاح و اطرباه و شق ثيابه و قال ما احسن ما بدات و ختمت و خلف بالايمان المغلظة لا يمشي ابن باجة الى داره الا على الذهب فاحتال بان جعل ذهبا في نعله و مشى عليه
585
و ذكر ابو الخطاب ابن زهر انه جرى في مجلس ابي بكر بن زهير ذكر ابي بكر الابيض الوشاح المتقدم الذكر فغص منه بعض الحاضرين فقال كيف تغصص ممن يقول ما لذ لي شراب راح على رياض الاقاح لولا هضيم الوشاح اذا اسى في الصباح او في الاصيل اضحى يقول ما للسمول لطمت خدي و للشمال هبت فما لي غصن اعتدال ضمه بردي مما اباد القلوب يمشي لنا مستريبا يا لحظه رد نوبا و يا لماه الشنيب برد غليل صب عليل لا يستحيل فيه عن عهدي و لا يزال في كل حال يرجو الوصال و هو في الصد و اشتهر بعض هؤلاء في صدر دولة الموحدين محمد بن ابي الفضل بن شرف قال الحسن بن جويدة رايت حاتم بن سعيد على هذا الافتتاح شمس قاربت بدرا راح و نديم و ابن بهردوس الذي له يا ليلة الوصل و السعود بالله عودي و ابن مؤهل الاذي له ما العيد في حلة و طاق ما العيد في حلة و طاق و شم وطيبو انما العيد في التلاقي مع الحبيب و ابو اسحق الرويني و قال ابن سعيد سمعت ابا الحسن سهل ابن مالك يقول انه دخل على ابن زهير و قد اسن و عليه زي البادية اذا كان يسكن بحصن سبتة فلم يعرفه فجلس حيث ا