أبو الرقعمق

أبو حامد أحمد بن محمد الأنطاكي المنبور بأبي الرقعمق الشاعر المشهور؛ ذكره الثعالبي في اليتيمة فقال في حقه: هو نادرة الزمان، وجملة الإحسان، وممن تصرف بالشعر في أنواع الجد والهزل، وأحرز قصب الفضل، وهو أحد المداح المجيدين، والشعراء المحسنين، وهو بالشام كابن حجاج بالعراق.


فمن غرر محاسنه قوله يمدح أبا الفرج يعقوب بن كلس وزير العزيز بن المعز العبيدي صاحب مصر، وسيأتي ذكرهما إن شاء الله تعالى:

 

قد سمعنا مقالـه واعـتـذاره

 

وأقلـنـاه ذنـبـه وعـثـاره

والمعاني لمن عنـيت ولـكـن

 

بك عرضت فاسمعي ياجـاره

من تـراديه أنـه أبـد الــده

 

ر تـراه مـحـلـلاً أزراره

عالم أنـه عـذاب مـن الـل

 

ه متاح لأعـين الـنـظـاره

هتك الله ستره فـلـكـم هـت

 

ك من ذي تسـتـر أسـتـاره

سحرتني ألحـاظـه وكـذا ك

 

ل مليح ألحـاظـه سـحـاره

ماعلى مؤثر التـبـاعـد والإع

 

راض لو آثر الرضى والزياره

وعلى أننـي وإن كـان قـد ع

 

ذب بالهجر مـؤثـر إيثـاره

لم أزل لاعدمته مـن حـبـيب

 

أشتهي قربه وآبـى نـفـاره

 

ومن مديحها:

 

لم يدع لي العزيز في سائرالأر

 

ض عدواً إلا وأخمـد نـاره

كل يوم له علـى نـوب الـده

 

ر وكر الخطوب بالبذل غاره

ذو يد شأنها الفرامـن الـبـخ

 

ل وفي حومة الندى كـراره

هي فلت عن العـزيز عـداه

 

بالعطايا وكثـرت أنـصـاره

هكذا كـل فـاضـل يده تـم

 

سي وتضحي نفاعة ضـراره

فاستجـره فـلـيس يأمـن إلا

 

من تفيا ظلاله واستـجـاره

وإذا ما رأيته كـطـرقـاً يع

 

مل فـيمـا يريده أفـكـاره

لم يدع بالذكاء والذهـن شـيئاً

 

في ضمير الغيوب إلا أثـاره

لاولا موضعاً مـن الأرض إلا

 

كان بالرأي مدركاً أقـطـاره

زاده الله بـسـطة زكـفـاه

 

خوفة من زمانـه وحـذاره

وأكثر شعره جيد، وهو على أسلوب شعر صريع الدلاء القصار البصري.

وأقام بمصر زماناً طويلاً، ومعظم شعره في ملوكها ورؤسائها، ومدح بها المعز أبا تميم معد بن المنصور بن القائم بن المهدي عبد الله، وولده العزيز، والحاكم بن العزيز، والقائد جوهراً، والوزير أبا الفرج ابن كلس، وغيرهم من أعيانها، وكل هؤلاء الممدوحين سيأتي ذكرهم في تراجمهم إن شاء الله تعالى.

وذكره الأمير المختار المسبحي في تاريخ مصر وقال: توفي سنة تسع وتسعين وثلثمائة، وزاد غيره: في يوم الجمعة لثمان بقين من شهر رمضان، وقيل: في شهر ربيع الآخر، رحمه الله تعالى؛ وأظنه توفي بمصر.

والأنطاكي - بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الطاء المهملة وبعد الألف كاف - هذه النسبة إلى أنطاكية وهي مدينة بالشام بالقرب من حلب.

والرقعمق - بفتح الراء والقاف وسكون العين المهملة وفتح الميم وبعدها قاف - وهو لقب عليه.