باديس الصنهاجي

أبو مناد باديس بن المنصور بن بلكين بن زيري بن مناد الحميري الصنهاجي والد المعز بن باديس الآتي ذكره إن شاء الله تعالى، وبقية نسبة مذكور في حرف التاء عند ذكر حفيده الأمير تميم؛ كان باديس المذكور يتولى مملكة إفريقية نيابة عن الحاكم العبيدي المدعي الخلافة بمصر، ولقبه الحاكم نصير الدولة، وكانت ولايته بعد أبيه المنصور، وتوفي أبوه يوم الخميس لثلاث خلون من شهر ربيع الأول سنة ست وثمانين وثلثمائة، بقصره الكبير خارج مدينة صبرة، ودفن فيه ثاني يوم.

وكان باديس المذكور ملكا كبيرا، حازم الرأي، شديد البأس، إذا هز رمحاً كسره.

ومولده ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر الأول سنة أربع وسبعين وثلثمائة بآشير، المذكور في ترجمة إبراهيم بن قرقول، ولم يزل على ولايته وأموره جارية على الشداد، ولما كان يوم الثلاثاء التاسع والعشرون من ذي القعدة سنة ست وأربعمائة أمر جنوده بالعرض، فعرضوا بين يديه وهو في قبة السلام جالس إلى وقت الظهر، وسره حسن عسكره وأبهجه زيهم وما كانوا عليه، وانصرف إلى قصره، ثم ركب عشية ذلك النهار في أجمل مركوب، ولعب الجيش بين يديه، ثم رجع إلى قصره شديد السرور بما رآه من كمال حاله، وقدم السماط بين يديه فأكل مع خاصته وحاضري مائدته، ثم انصرفوا عنه وقد رأوا من سروره مالم يروه منه قط، فلما مضى مقدار نصف الليل من ليلة الأربعاء سلخ ذي القعدة سنة ست وأربعمائة قضى نحبه، رحمه الله تعالى، فأخفوا امره ورتبوا أخاه كرامت ابن المنصور ظاهر، حتى وصلوا إلى ولده المعز فولوه، وتم له الأمر.

وذكر في كتاب الدول المنقطعة أن سبب موته أنه قصد طرابلس، ولم يزل على قرب منها عازماً على قتالها، وحلف أن لا يرحل عنها حتى يعيدها فدنا للزراعة لسبب اقتضى ذلك تركت شرحه لطوله، قال: فاجتمع أهل البلد عند ذلك إلى المؤدب محرز وقالوا: ياولي الله، قد بلغك ما قاله باديس، فادع الله أن يزيل عنا بأسه، فرفع يديه إلى السماء وقال: يارب باديس اكفنا باديس، فهلك في ليلته بالذبحة، والله أعلم.

والصنهاجي - بضم الصاد المهملة وكسرها وسكون النون وفتح الهاء وبعد الألف جيم - هذه النسبة إلى صنهاجة، وهي قبيلة مشهورة من حمير، وهي بالمغرب، وقال ابن دريد: صنهاجة بضم الصاد لا يجوز غير ذلك، وأجاز غيره الكسر، والله أعلم، وضبط أسماء أجداده سيأتي إن شاء الله تعالى.