المنازي الكاتب

أبو نصر احمد بن يوسف السليكي المنازي الكاتب؛ كان من أعيان الفضلاء وأماثل الشعراء، وزرلأ بي نصر أحمد بن مروان الكردي، صاحب ميافارقين وديار بكر - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى -. وكان فاضلاً شاعراً كافياً، وترسل إلى القسطنطينية مراراً، وجمع كتباً كثيرة ثم وقفها على جامع ميافارقين وجامع آمد، وهي إلى الآن موجودة بخزائن الجامعين، ومعروفة بكتب المنازي. وكان قد اجتمع بأبي العلاء المعري بمعرة النعمان، فشكا أبو العلاء إليه حاله، وأنه منقطع عن الناس وهم يؤذنه، فقال: مالهم ولك وقد تركت لهم الدنيا والآخرة؟ فقال أبو العلاء: والآخرة أيضاً؟! وجعل يكررها، ويتألم لذلك، وأطرق فلم يكلمه إلى أن قام، وكان قد اجتاز في بعض أسفاره بوادي بزاعا فأعجبه حسنه وما هو عليه، فعمل فيه هذه الأبيات:

وقانا لفحه الرمـضـاء واد

 

وقاه مضاعف النبت العميم

نزلنا دوحه فحنـا عـلـينـا

 

حنو المرضعات على الفطيم

وأرشفنا على ظـمـإ زلالاً

 

ألذ من المـدامة لـلـنـديم

يراعي الشمس أنى قابلـتـه

 

فيحجبها ويأذن لـلـنـسـيم

تروع حصاه حالية العـذارى

 

فتلمس جانب العقد النظـيم

 

وهذه الأبيات بديعة في بابها.

 

وذكره أبو المعالي الحظيري في كتاب زينة الدهر وأورد له شيئاً من شعره، فمما أورد له قوله:

 

ولي غلام طال فـي دقة

 

كحظ إقليدس لاعرض له

وقد تناهى علقلـه خـفة

 

فصار كالنقطة لاجزء له

 

ويوجد له بأيدي الناس مقاطيع. وأما ديوانه فعزيز الوجود، وبلغني أن القاضي الفاضل - رحمه الله تعالى - أوصى بعض الأدباء السفارة أن يحصل له ديوانه، فسأل عنه في البلاد التي انتهى إيها فلم يقع له على خبر، فكتب إلى القاضي الفاضل كتاباً يخبره بعدم قدرته عليه، وفيه أبيات من جملتها عجز بيت وهو:

 

وأقفرمن شعر المنازي المنازل

وكانت وفاته سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، رحمه الله تعالى.

والمنازي - بفتح الميم والنون، وبعد اللف زاي - هذه النسبة إلى مناز جرد - بزيادة جيم مكسورة وبعدها راء ساكنة ثم دال مهملة - وهي مدينة عند خرت برت، وهي غير مناز كرد القلعة من أعمال خلاط - وسيأتي ذكرها في ترجمة تقي الدين عمر صاحب حماة -.

وخرت برت: هي حصن زياد المشهور.

وبزاعا - بضم الباء الموحدة وفتح الزاي وبعد الألف عين مهملة ثم ألف - وهي قرية كبيرة مابين حلب ومنبج في نصف الطريق.