بشر المريسي

أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة المريسي الفقيه الحنفي المتكلم؛ هو من موالي زيد بن الخطاب، رضي الله عنه.

أخذ الفقه عن القاضي أبي يوسف الحنفي، إلا أنه استغل بالكلام، وجرد القول بخلق القرآن، وحكي عنه في ذلك أقوال شنيعة، وكان مرجئاً، وإليه تنسب الطائفة المريسية من المرجئة، وكان يقول: إن السجود للشمس والقمر ليس بكفر، ولكنه علامة الكفر. وكان يناظر الإمام الشافعي رضي الله عنه، وكان لا يعرف النحو ويلحن لحناً فاحشاً، وروى الحديث عن حماد ابن سلمة وسفيان بن عيينة وأبي يوسف القاضي وغيرهم، رحمهم الله تعالى.

ويقال: إن أباه كان يهودياً صياغاً بالكوفة، وذكر ابن أبي عون الكاتب في كتاب"الأجوبة"أن أم بشر المريسي شهدت عند بعض القضاة فجعلت تلقن امرأة معها الشهادة، فقال الخصم للقاضي: ما تراها تلقنها، قالت له: يا جاهل إن الله تعالى يقول أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى - الآية قال عمارة بن وثيمة: أخبرني عبد الله بن إسماعيل بن عياش قال: كتب بشر المريسي إلى رجل يستقرض منه شيئا فكتب إليه الرجل: الدخل قليل والدين ثقيل والمال مكذوب عليه، فكتب إليه بشر: إن كنت كاذباً فجعلك الله صادقا، وإن كنت معتذراً بباطل فجعلك الله معتذراً بحق.

وقال القاسم بن إسماعيل: قال لي الجاحظ: قال بشر المريسي وقد سئل عن رجل فقال: هو على أحسن حال واهنئوها، فضحك الناس من لحنه، فقال قالسم التمار: ماهذا إلا صواباً مثل قول ابن هرمة وهو:

ان سليمى والله يكـلـؤهـا         ضنت بشيء ما كان يرزؤها

قال: فشغل الناس عن لحن المريسي بتفسير القاسم.

وتوفي في ذي الحجة سنة ثماني عشرة، وقيل: تسع عشرة ومائتين، ببغداد.

والمريسي - بقتح الميم وكرس الراء وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها سين مهملة - هذه النسبة إلى مريس وهي قرية بمصر، هكذا ذكره الوزير أبو سعد في كتاب النتف والطرف، وسمعت أهل مصر يقولون: إن المريس جنس من السودان بين بلاد النوبة وأسوان من ديار مصر وكأنهم جنس من النوبة، وبلادهم متاخمة لبلاد أسوان، وتأتيهم في الشتاء ريح باردة من ناحية الجنوب يسمونها المريسي، ويزعمون أنها تأتي من تلك الجهة، والله أعلم، ثم إني رأيت بخط من يعتني بهذا الفن أنه كان يسكن في بغداد بدرب المريس فنسب إليه، قال: وهوبين نهر الدجاج ونهر البزازين، قلت: والمريس في بغداد هو الخبز الرقاق يمرس بالسمن والتمر كما يصنعه أهل مصر بالعسل بدل التمر، وهو الذي يسمونه البسيسة.