القاضي بكار بن قتيبة

القاضي أبو بكرة بكار بن قتيبة بن أبي برذعة بن عبيد الله بن بشر بن عبيد الله بن أبي بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة الثقفي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كان حنفي المذهب، وتولى القضاء بمصر سنة ثمان - أوتسع - وأربعين ومائتين، وقيل: قدمها متوليا قضاءها من قبل المتوكل يوم الجمعة لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة ست وأربعين ومائتين، وظهر من حسن سيرته وجميل طريقته ما هو مشهور، وله مع أحمد بن طولون صاحب مصر وقائع مذكورة، وكان يدفع له كل سنة ألف دينار خارجا عن المقرر له، فيتركها بختمها ولايتصرف فيها، فلما دعاه إلى خلع الموفق بن المتوكل - وهو والد المعتضد - من ولاية العهد امتع القاضي بكار من ذلك، والقضية مشهورة، فاعتقله أحمد، ثم طالبه بجملة المبلغ الذي كان يأخذه كل سنة، فحمله إليه بختمه، وكان ثمانية عشر كيساً، فاستحيا أحمد منه، وكان يظن أنه أخرجها وأنه يعجز عن القيام بها فلهذا طالبه، ولما اعتقله أمره أن يسلم القضاء إلى محمد بن شاذان الجوهري، ففعل، وجعله كالخليفة له، وبقي مسجوناً مدة سنين، ووقفه للناس مراراً كثيرة، وكان يحدث في السجن من طاق فيه لأن أصحاب الحديث شكوا إلى ابن طولون انقطاع إسماع الحديث من بكار وسألوه أن يأذن له في الحديث ففعل، وكان يحدث على ما ذكرناه. وكان القاضي بكار أحد البكائين التالين الكتاب الله عزوجل، وكان إذا فرغ من الحكم خلا بنفسه وعرض عليها قصص جميع من تقدم إليه وما حكم به وبكى، وكان يخاطب نفسه ويقول: يا بكار، تقدم إليك رجلان في كذا، وتقدم إليك خصمان في كذا، وحكمت بكذا، فما يكون جوابك غداً؟ وكان يكثر الوعظ للخصوم إذا أراد اليمين، ويتلو عليهم قوله تعالى إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً - إلى آخر الآية، وكان يحاسب أمناءه في كل وقت، ويسأل عن الشهود في كل وقت.

وكانت ولادته بالبصرة سنة اثنتين وثمانين ومائة، وتوفي وهو باق على القضاء مسجونا يوم الخميس لست خلون من ذي الحجة سنة سبعين ومائتين بمصر، وبقيت مصر بعده بلا قاض ثلاث سنين، وقبره بالقرب من قبر الشريف ابن طبطبا وقبره مشهور هناك عند مصلى بني مسكين على الطريق تحت الكوم بينه وبين الطريق المذكور معروف باستجابة الدعاء عنده.

وقيل: كانت ولايته القضاء سنة ست وأربعين ومائتين، وهو الأصح وقيل: سنة خمس وأربعين، رحمه الله تعالى.