ابن خفاجة الأندلسي

أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة الأندلسي الشاعر؛ ذكره ابن بسام في الذخيرة وأثنى عليه، وقال: كان مقيماً بشرق الأندلس ولم يتعرض لاستماحة ملوك طوائفها مع تهافتهم على أهل الأدب، وله ديوان شعر أحسن فيه كل الإحسان، ومن شعره في عشية أنس، وقد أبدع فيه:

وعشي أنس أضجعتني نـشـوة

 

فيه تمهد مضجعي وتـدمـث

خلعت علي به الأراكة ظلهـا

 

والغصن يصغي والحمام يحدث

والشمس تجنح للغروب مريضة

 

والرعد يرقي والغمامة تنفـث

وله أيضاً، وهو معنى حسن:  

ما للعذار كأن وجهـك قـبـلة

 

قد خط فيه من الدجى محرابا

وأرى الشباب وكان ليس بخاشع

 

قد خر فيه راكـعـاً وأنـابـا

ولقد علمت بكون ثغرك بارقـاً

 

أن سوف يزجي للعذار سحابا

وله أيضاً:

أقوى محل من شبابك آهـل

 

فوقفت أندب منه رسماً عافيا

مثل العذار هناك نؤياً داثـراً

 

واسودت الخيلان فيه أثافـيا

وقد أخذ بعض المتأخرين - وهو العماد أبو علي بن عبد النور اللزني نزيل الموصل، وهو المذكور في ترجمة الشيخ كمال الدين موسى بن يونس - هذا المعنى فقال:

ومعقرب الصدغين خلت عذاره

 

نؤياً أثافي رسمـه الـخـيلان

فوقفت أبكيه بعـينـي عـروة

 

أسفاً علـيه كـأنـه غـيلان

ولد أبو إسحاق المذكور بجزيرة شقر من أعمال بلنسية من بلاد الأندلس في سنة خمسين وأربعمائة، وتوفي بها سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، لأربع بقين من شوال يوم الأحد.

وشقر - بضم الشين المثلثة وسكون القاف والراء المهملة - وهي بليدة بين شاطبة وبلنسبة، وإنما قيل لها جزيرة لأن الماء محيط بها.

وبلنسية - بفتح الباء الموحدة وفتح اللام وسكون النون وكسر السين المهملة وفتح الياء المثناة من تحتها.

والأندلس - بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الدال المهملة وضم اللام والسين المهملة - وهي جزيرة متصلة بالبر الطويل، والبر الطويل متصل بالقسطنطينية العظمى، وإنما قيل للأندلس جزيرة لأن البحر محيط بها من جهاتها إلاالجهة الشمالية، وهي مثلثة الشكل، فالركن الشرقي منها متصل بجبل يسلك منه إلى فرنجة، ولولاه لاختلط البحران. وحكي أن أول من عمرها بعد الطوفان أندلس بن يافث بن نوح عليه السلام، فسميت باسمه.