أبو العباس أحمد بن أبي الحسن علي بن أبي العباس أحمد المعروف بابن الرافاعي؛ كان رجلاً صالحاً فقيها شافعي المذهب، أصله من العرب، وسكن في البطائح بقرية يقال لها: أم عبيدة، وانضم إليه خلق عظيم من الفقراء، وأحسنوا الاعتقاد فيه وتبعوه. والطائفة المعروفة بالرفاعية والبطائحية من الفقراء منسوبة إليه، ولأتباعه أحوال عجيبة: من أكل الحيات وهي حية، والنزول في النانير وهي تتضرم بالنار فيطفئونها، ويقال: إنهم في بلادهم يركبون الأسود، ومثل هذا وأشباهه، ولهم مواسم يجتمع عندهم من الفقراء عالم لايعد ولا يحصى، ويقومون بكفاية الكل. ولم يكن له عقب، وإنما العقب لأخيه، وأولاده يتوارثون المشيخة والولاية على تلك الناحية إلى الآن، وأمورهم مشهورة مستفيضة، فلا حاجة إلى الإطالة فيها.
وكان للشيخ أحمد - مع ماكان عليه من الاشتغال بعبادته - شعر، فمنه على ما قيل:
إذا جن ليلي هام قلبي بذكركم |
|
أنوح كما ناح الحمام المطوف |
وفوقي سحاب يمطر الهم والأسى |
|
وتحتي بحار بالأسى تـتـدفـق |
سلوا أم عمرو كيف بات أسيرها |
|
تفك الأسارى دونه وهو موثـق |
فلا هو مقتول ففي القتـل راحة |
|
ولا هو ممنون عليه فيطـلـق |
ولم يزل على تلك الحال إلى أن توفي يوم الخمسين الثاني والعشرين من جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بأم عبيدة، وهو في عشر السبعين، رحمه الله تعالى.
والرفاعي - بكسرالراء وفتح الفاء وبعد الألف عين مهملة - هذه النسبة إلى رجل من العرب، يقال له رفاعة، هكذا نقلته من خط بعض أهل بيته.
وأم عبيدة: بفتح العين المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعد الدال المهملة المفتوحة هاء.
والبطائح - بفتح الباء الموحدة والطاء المهملة وبعد الألف ياء مثناة من تحتها ثم حاء مهملة - وهي عدة قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة، ولها شهرة بالعراق.