تاج الملوك بوري

تاج الملوك أبة سعيد بوري بن أيوب بن شاذي بن مروان الملقب مجد الدين، قد تقدم ذكر أبيه، وهو أخو السلطان صلاح الدين، رحمه الله تعالى؛ وكان أصغر أولاد أبيه، وكانت فيه فضيلة، وله ديوان شعر فيه الغث والسمين لكنه بالنسبة إلى مثله جيد؛ نقلت من ديوانه في أحد مماليكه وقد أقبل من جهة المغرب راكباً فرساً أشهب قوله:

أقبل من أعشـقـه راكـبـاً

 

من جانب الغرب على أشهب

فقلت: سبحانـك ياذا الـعـلا

 

أشرقت الشمس من المغرب

 

ومما يناسب ذلك قول ابن طلحة الصقلي:

 

أيتها النفس إليه اذهـبـي

 

فحبه المشهور من مذهبي

مفضض الثغر له نقـطة

 

مسكية في خده المذهـب

أيأسني التوبة مـن حـبـه

 

طلوعه شمسا من المغرب

 

ولأحمد بن عثمان الأندلسي:

 

لما رأيت شـعـاع خـدك ذا

 

متهللاً كتـهـلـل الـبـرق

سبحت من عجب وقلت متـى

 

لشمس تطلع من سوى الشرق

 

وأورد له العماد الكاتب في كتاب الخريدة:

 

يا حياتي حـين يرض

 

ومماتي حين يسخـط

آه من ورد على خـد

 

يك بالمسك منـقـط

بين أجفانك سـلـطـا

 

ن على ضعفي مسلط

قد تصبرت وإن بـر

 

حبي الشوق وأفـرط

فلعل الـدهـر يومـاً

 

بالتلاقي منك بغلـط

 

واورد له أيضا:

 

أيا حامل الرمح الشبـيه بـقـده

 

وياشهرا سيفاً حكى لحظه عضبا

ضع الرمح واغمد ما سللت فربما

 

قتلت وما حاولت طعناً ولا ضربا

وذكر له غير ذلك أيضا، وله أشياء حسنة.

 وكانت ولادته في ذي الحجة سنة ست وخمسين وخمسمائة، وتوفي يوم الخميس الثالث والعشرين من صفر سنة تسع وسبعين وخمسمائة، على مدينة حلب من جراحة أصابته عليها لما حاصرها أخوه السلطان صلاح الدين، رحمه الله تعالى، وأصابته الجراحة يوم نزولهم عليها، وهو السادس عشر من المرحم من السنة المذكورة، وكانت الجراحة طعنة في ركبته.

قال العماد الأصبهاني في البرق الشامي: إن صلاح الدين كان قد أعد لعماد الدين صاحب حلب ضيافة في المخيم بعد الصلح وقبل دخوله البلد، فبينما هو جالس على السماط وعماد الدين إلى جانبه ونحن في أغبط عيش وأتم سرورإذ جاء الحاجب إلى صلاح الدين وأسر إليه بموت أخيه، فلم يتغير عن حالته وأمر بتجهيزه ودفنه سراً، وأعطى الضيافة حقها إلى آخرها، ويقال: إن صلاح الدين كان يقول: ما أخذنا حلب رخيصة بقتل تاج الملوك.

وبوري - بضم الباء الموحدة وسكون الواو وكسر الراء وبعدها ياء مثناة من تحتها - وهو لفظ تركي معناه بالعربية ذئب، انتهى، والله تعالى أعلم.