الطحاوي

أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك الأزدي الطحاوي، الفقيه الحنفي؛ انتهت إليه رياسة أصحاب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه بمصر، وكان شافعي المذهب يقرأ على المزني، فقال له يوماً: والله لاجاء منك شيء، فغضب أبو جعفر من ذلك، وانتقل إلى أبي جعفر ابن أبي عمران الحنفي، واشتغل عليه، فلما صنف مختصره قال: رحم الله أبا إبراهيم - يعني المزني - لو كان حياً لكفر عن يمينه.

وذكر أبو يعلى الخليلي في كتاب الإرشاد في ترجمة المزني أن الطحاوى المذكور كان ابن أخت المزني، وأن محمد بن أحمد الشروطي قال: قلت للطحاوي: لم خالفت خالك واخترت مذهب أبي حنيفة؟ فقال: لأني كنت أرى خالي يديم النظر في كتب أبي حنيفة، فلذلك انتقلت إليه، وصنف كتباً مفيدة منها أحكام القرآن، واختلاف العلماء، وومعاني الآثار، والشروط، وله تاريخ كبير، وغير ذلك.

وذكره القضاعي في كتاب الخطط فقال: كان قد أدرك المزني وعامة طبقته، وبرع في علم الشروط، وكان قد استكتبه أبو عبيد الله محمد بن عبدة القاضي وكان صعلوكاً فأغناه، وكان أبو عبيد الله سمحاً جواداً، ثم عدله أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي عقيب القضية التي جرت لمنصور الفقيه مع أبي عبيد، وذلك في سنة ست وثلثمائة، وكان الشهود يتعسفون عليه بالعدالة لئلا تجتمع له رياسة العلم وقبول الشهادة، وكان جماعة من الشهود قد جاوروا بمكة في هذه السنة فاغتنم أبو عبيد غيبتهم وعدل أبا جعفر المذكور بشهادة أبي القاسم المأمون وأبي بكر بن سقلاب.

وكانت ولادته سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وقال أبو سعد السمعاني: ولد سنة تسع وعشرين ومائتين، وهو الصحيح، وزاد غيره فقال: ليلة الأحد لعشرخلون من ربيع الأول، وتوفي سنة إحدى وعشرين وثلثمائة، ليلة الخميس مستهل ذي القعدة بمصر ودفن بالقرافة، وقبره مشهور بها، وله ذكر في ترجمة الفقيه منصور بن إسماعيل الضرير، فينظر هناك، وتوفي والده سنة أربع وستين ومائتين، رحمه الله تعالى.

ونسبته إلى طحا - بفتح الطاء والحاء المهملتين، وبعدهما ألف - وهي قرية بصعيد مصر، وإلى الأزد - بفتح الهمزة وسكون الزاء المعجمة وبالدال المهملة - وهي قبيلة مشهورة من قبائل اليمن.