ابن عبد الحميد الجرجاني

أبو العباس أحمد بن أبي نصر الخصيب بن عبد الحميد بن الضحاك الجرجاني الأصل؛ كل وزير المستنصر بالله، ونفاه المستعين إلى جزيرة أقريطش بجريرة صدرت منه سنة 48 وكان ينسب إلى الطيش والتهور، وله في ذلك أخبار؛ وكان قد ركب يوماً فوقف له متظلم وشكا حاله فأخرج رجله من الركاب وزج المتكلم في فؤاده فقتله، فتحدث الناس بذلك فقال بعض الشعراء في ذلك الزمان هذين البيتين:

قل للخليفة بابن عم مـحـمـد

 

أشـكـل وزيرك إنـه ركـال

أشكله عن ركل الرجال وإن ترد

 

مالاً فعـنـد وزيرك الأمـوال

 

يقال: ركله إذا رفسه، وأبوه الخصيب ممدوح أبي نواس الحكي، كان سبب توليته أن الرشيد قرأ يوماً في المصحف فانتهى إلى قوله تعالى: أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتي، الآية فقال: لعنه الله ما كان أرقعه، ادعى الربوبية بملك مصر، والله لأولينها أخس خدمي، فولاها الخصيب وكان على وضوئه. ولأبي نواس فيه قصيدتاه الرائيتان وكان قد قصده بهما إلى مصر وهو أميرها، وما أحسن قوله في إحداهما:

 

تقول التي من بيتها خف مركبي

 

عزيز علينا أن نراك تـسـير

أما دون مصر للغنى متطلـب

 

بلى إن أسباب الغنى لكـثـير

فقلت لها واستعجلتهـا بـوادر

 

جرت فجرى من جريهن عبير

دعيني أكثر حاسديك بـرحـلةٍ

 

إلى بلدٍ فيه الخصـيب أمـير

وهي طويلة وأجازه عليها جائزة سنية.

وكانت وفاة أحمد المذكور سنة 265وكان نفيه إلى أقريطش في سنة248. وأقريطش جزيرة ببلاد المغرب خرج منها جماعة من العلماء وأخذها الفرنج سنة350.