نصير الدين جقر

أبو سعيد جقر بن يعقوب الهمذاني الملقب نصير الدين؛ كان نائب عماد الدين زنكي صاحب الجزيرة الفراتية والموصل والشام، استنابه عنه بالموصل، وكان جباراً عسوفاً سفاكاً للدماء مستحلاً للآموال، قيل: إنه لما أحكم همارة سور الموصل أعجبه إحكامه، فناداه مجنون نداء عاثل: هل تقدر أن تعمل سوراً يسد طريق القضاء النازل؟ وفي ولايته قصد الإمام المسترشد حصار الموصل، فنازلها وضايقها مدة، وكان جقر المذكور قد حصنها وحفر خنادقها فقاتل الخليفة ورجع عنها ولم ينل منها مقصوده، وذلك في شهر رمضان سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وكان بالموصل فروخ شاه ابن السلطان محمود السلجوقي المعروف بالخفاجي.

وذكر ابن الأثير في تاريخ دولة بني أتابك أن الخفاجي صاحب هذه الواقعة هو ألب أرسلان بن محمود بن محمد لتربية عماد الدين زنكي أتابك - ولذلك سمي أتابك، فإنه اللالا الذي يربي أولاد الملوك، فالأتا بالتركية هو الأب، وبك هو الأمير، فأتابك مركب من هذين المعنيين - وكان جقر يعارضه ويعانده في مقاصده، فلما توجه عماد الدين زنكي لمحاصرة قلعة البيرة قرر الخفاجي مع جماعة من أتباعه أن يقتلوا جقر، فحضر يوماً إلى باب الدارللسلام فنهضوا إليه فقتلوه وذلك في الثامن، وقيل: يوم الحميس التاسع من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، ولى عماد الدين زنكي موضع جقر زين الدين علي بن بكتكين والد مظفر الدين صاحب إربل، فأحسن السيرة وعدل في الرعية، وكان رجلاً صالحاً، رحمه الله تعالى.

ولما عاد زنكي إلى الموصل استصفى أموال جقر واستخرج ذخائره وصادر أهله وأقاربه، وكان جقر قد ولى بالموصل رجلاً ظالماً يسمى بالقزويني، فسار سيرة قبيحة وكثر شكوى الناس منه، فعزله وجعل مكانه عمر بن شكلة فأساء في السيرة أيضا فعمل في ذلك أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن شقاقا الموصلي المتوفي سنة ثلاث وثلاثين وخمسائة:

يا نصير الدين يا جقـر         ألف قزويني ولا عمر
لو رماه الله في سقـر         لاشتكت من ظلمه سقر

وجقر: بفتح الجيم والقاف وبعدهما راء، وهو اسم أعجمي وأظنه كان مملوكا