ابن خالويه

أبو عبد الهل الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي اللغوي؛ أصله من همذان ولكنه دخل بغداد وأدرك جلة العلماء بها مثل أبي بكر ابن الأنباري وابن مجاهد المقرئ وأبي عمر الزاهد وابن دريد، وقرأ على أبي سعيد السيرافي، وانتقل إلى الشام واستوطن حلب، وصار بها أحد أفراد الدهر في كل قسم من أقسام الأدب، وكانت إليه الرحلة من الآفاق، وآل حمدان يكرمونه ويدرسون عليه ويقتبسون منه. وهو القائل: دخلت يوماً على سيف الدولة بن حمدان فلما مثلت بين يديه قال لي: اقعد، ولم يقل اجلس، فتبينت بذلك اعتلاقه بأهداب الأدب، واطلاعه على أسرار كلام العرب، وإنما قال ابن خالويه هذا لأن المختار عند أهل الأدب أن يقال للقائم: اقعد، وللنائم أو الساجد: اجلس، وعلله بعضهم بأن القعود هو الانتقال من العلو إلى السفل، ولهذا قيل لمن أصيب برجله مقعد، والجلوس هو الانتقال من السفل إلى العلو، ولهذا قيل لنجد: جلسا لارتفاعها، وقيل لمن أتاها: جالس، وقد جلس، ومنه قول مروان بن الحكم لما كان والياً بالمدينة يخاطب الفرزدق:

قل للفرزدق والسفاهة كاسمهـا

 

إن كنت تارك ما أمرتك فاجلس

 

أي: اقصد الجلسا، وهي نجد. وهذا البيت من جملة أبيات ولها قصة طويلة، وهذا كله وإن جاء في غير موضعه لكن الكلام شجون.


ولابن خالويه المذكور كتاب كبير في الأدب سماه "كتاب ليس" وهو يدل على اطلاع عظيم، فإن مبنى الكتاب من أوله إلى آخره على أنه ليس في كلام العرب كذا وليس كذا، وله كتاب لطيف سماه "الآل" وذكر في أوله أن الآل ينقسم إلى خمسة وعشرين قسماً، وما أقصر فيه، وذكر فيه الأئمة الاثني عشر وتواريخ مواليدهم ووفياتهم وأمهاتهم، والذي دعاه إلى ذكرهم أنه قال في جملة أقسام الآل "وآل محمد بنو هاشم". وله كتاب "الاشتقاق" وكتاب "الجمل" في النحو، وكتاب "القراءات" وكتاب "إعراب ثلاثين سورة من الكتاب العزيز" وكتاب "المقصور والممدود" وكتاب "المذكر والمؤنث" وكتاب "الألفات" وكتاب "شرح المقصورة لابن دريد" وكتاب "الأسد"، وغير ذلك.


ولابن خالويه مع أبي الطيب المتنبي مجالس ومباحث عند سيف الدولة، ولولا خوف الاطالة لذكرت شيئاً منها.


وله شعر حسن، فمنه قوله على ما نقله الثعالبي في كتاب "اليتيمة":

 

إذا لم يكن صدر المجالس سـيد

 

فلا خير فيمن صدرته المجالس

وكم قائل: ما لي رأيتك راجـلاً

 

فقلت له: من أجل أنك فـارس

وخالويه: بفتح الخاء الموحدة وبعد الألف لام مفتوحة وواو مفتوحة أيضاً وبعدها ياء مثناة من تحتها ساكنة ثم هاء ساكنة.

وكانت وفاة ابن خالويه في سنة سبعين وثلثمائة بحلب، رحمه الله تعالى.