ابن عبد ربه

أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم، القرطبي مولى هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكيم الأموي، كان من العلماء المكثرين من المحفوظات والاطلاع على أخبار الناس، وصنف كتابه "العقد"و هو من الكتب الممتعة حوى من كل شيء، وله ديوان شعر جيد، ومن شعره:

يا ذا الذي خط العذار بوجهـه

 

خطين هاجا لوعة وبـلابـلا

ما صح عندي أن لحظك صارم

 

حتى لبست بعارضيك حمائلا

 

وله في هذا المعنى وقيل: إنهما لأبي طاهر الكاتب، وقيل: لأبي الفضل محمد بن عبد الواحد البغدادي:

 

ومعذر نقش العذار بمسـكـه

 

خدا له بدم القلوب مضرجـا

لما تيقن أن عضب جفـونـه

 

من نرجس جعل النجاد بنفسجا

 

و أخذه البهاء أسعد السنجاري، فقال من جملة قصيدة:

 

يا سيف مقلته كملت ملاحة

 

ما كنت قبل عذاره بحمائل

و له أيضاً:

 

ودعتني بزفرة واعـتـنـاق

 

ثم قالت متى يكون التلاقـي

وبدت لي فأشرق الصبح منها

 

بين تلك الجيوب والأطـواق

يا سقيم الجفون من غير سقمٍ

 

بين عينيك مصرع العشـاق

إن يوم الفراق أفـظـع يومٍ

 

ليتني مت قبل يوم الفـراق

و له أيضاً:

 

إن الغواني إن رأينـك طـاوياً

 

برد الشباب طوين عنك وصالا

و إذا دعونك عمهـن فـإنـه

 

نسب يزيدك عندهن خـبـالاً

 

و له من جملة قصيدة طويلة في المنذر بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الحكمي أحد ملوك الأندلس من بني أمية:

 

بالمنذر بن محـمـدٍ

 

شرفت بلاد الأندلس

فالطير فيها سـاكـن

 

والوحش فيها قد أنس

 

قال الوزير المغربي في كتاب أدب الخواص: وقد روي أن هذه القصيدة شقت عند انتشارها على أبي تميم معد المعز لدين الله، وساءه ما تضمنته من الكذب والتمويه، إلى أن عارضها شاعره الإيادي التونسي بقصيدته التي أولها:

 

ربع لـزينـب قـد درس

 

و اعتاض من نطق خرس

 

و هذا الشاعر هو أبو الحسن علي بن محمد الإيادي التونسي.


ولابن عبد ربه:

 

نعق الغراب فقلت: أكذب طائرٍ

 

إن لم يصدقه رغـاء بـعـير

و فيه التفات إلى قول بعضهم:

لهن الوجى لم كن عونا على النوى

 

و لا زال منها ظالع وحـسـير

و ما الشؤم في نعق الغراب ونعيه

 

و ما الشـؤم إلا نـاقة وبـعـير

و له غير ذلك كل معنى مليح.

و كانت ولادته في عاشر رمضان سنة ست وأربعين ومائتين، وتوفي يوم الأحد ثامن عشر جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثلثمائة، ودفن يوم الإثنين في مقبرة بني العباس بقرطبة، وكان قد أصابه الفالج قبل ذلك بأعوام، رحمه الله تعالى.

و القرطبي - بضم القاف وسكون الراء المهمله وضم الطاء المهمله وفي آخرها الباء الوحدة - هذه النسبة إلى قرطبة، وهي مدينة كبيرة من بلاد الأندلس وهي دار مملكتها.

و حدير الذي هو أحد أجداده: بضم الحاء المهمله وفتح الدال المهمله وسكون الياء المثناة من تحتها والراء آخر الحروف.