حنين بن إسحاق

أبو زيد حنين بن إسحاق العبادي الطبيب المشهور؛ كان إمام وقته في صناعة الطب، وكان يعرف لغة اليونانيين معرفة تامة وهو الذي عرب كتاب أقليدس ونقله من لغة اليونان إلى اللغة العربية، وجاء ثابت بن قرة المقدم ذكره فنقحه وهذبه، وكذلك كتاب المجسطي، وأكثر كتب الحكماء والأطباء فإنها كانت كلها بلغة اليونان فعربت، وكان حنين المذكور أشد الجماعة اعتناء بتعريبها، وعرب غيره أيضاً بعض الكتب، ولولا ذلك التعريف لما انتفع أحد بتلك الكتب لعدم المعرفة بلسان اليونان، لا جرم كل كتاب لم يعربوه باق على حاله ولا ينتفع به إلا من عرف تلك اللغة. وكان المأمون مغرماً بتعريبها وتحريرها وإصلاحها، ومن قبله جعفر البرمكي وجماعة من أهل بيته أيضاً اعتنوا بها، لكن عناية المأمون كانت أتم وأوفر. ولحنين المذكور في الطب مصنفات مفيدة كثيرة-وقد تقدم ذكر ولده إسحاق في حرف الهمزة-؛ ورأيت في كتاب "أخبار الأطباء" أن حنيناً المذكور كان في كل يوم عند نزوله من الركوب يدخل الحمام فيصب عليه الماء، ويخرج فيلتف في قطيفة، ويشرب قدح شراب ويأكل كعكة، ويتكئ حتى ينشف عرقه، وربما نام، ثم يقوم ويتبخر ويقدم له طعامه وهو فروج كبير مسمن قد طبخ زيرباجاً ورغيف وزنه مائتا درهم فيحسو من المرقة ويأكل الفروج والخبز وينام، فإذا انتبه شرب أربعة أرطال شراباً عتيقاً، فإذا اشتهى الفاكهة الرطبة أكل التفاح الشامي والسفرجل، وكان ذلك دأبه إلى أن مات يوم الثلاثاء لست خلون من صفر سنة ستين ومائتين.

وقد سبق في ترجمة ولده نسبة العبادي إلى أي شيء هي.

واليونانيون كانوا حكماء متقدمين على الإسلام، وهم من أولاد يونان بن يافث ابن نوح عليه السلام، وهو بضم الياء المثناة من تحتها وسكون الواو وبين النونين ألف.