أبو المعالي الحظيري

أبو المعالي سعد بن علي بن القاسم بن علي بن القاسم بن علي بن القاسم الأنصاري الخزرجي الوراق الحظيري المعروف بدلال الكتب؛ كانت لديه معارف، وله نظم جيد، وألف مجاميع ما قصر فيها، منها كتاب "زينة الدهر وعصره أهل العصر وذكر ألطاف شعراء العصر" الذي ذيله على "دمية القصر" لأبي الحسن الباخرزي جمع فيه جماعة كبيرة من أهل عصره ومن تقدمهم، وأورد لكل واحد طرفاً من أحواله وشيئاً من شعره. وقد ذكره العماد الكاتب في "الخريدة" وأنشد له عدة مقاطيع، وروى عنه لغيره شيئاً كثيراً. وكان مطلعاً على أشعار الناس وأحوالهم، وله كتاب سماه "لمح الملح" يدل على كثرة اطلاعه.

ومن شعر أبي المعالي المذكور قوله:

ومعـذر فـي خـده

 

ورد وفي فمه مـدام

ما لان لي حتى تغشى

 

صبح سالفـه ظـلام

كالمهر يجمح تحت را

 

كبه ويعطفه اللجـام

 

وهذا المعنى يقرب من قول أبي علي الحسن بن رشيق -المقدم ذكره-:

وأسمر اللون عسجـدي

 

يستمطر المقلة الجهاما

ضاق بحمل العذار ذرعاً

 

كالمهر لا يعرف اللجاما

فظن أن العـذار مـمـا

 

يزيح عن جسمي السقاما

فنكس الرأس إذ رآنـي

 

كآبة منه واحتـشـامـا

وما درى أنـه نـبـات

 

أنبت في قلبي الغرامـا

وهل ترى عارضـيه إلا

 

حمائلاً علقت حسـامـا

 

وقد سبق في ترجمة أبي عمر أحمد بن عبد ربه صاحب كتاب "العقد" معنى هذا البيت الأخير.


وله أيضاً:

أحدقت ظلمة العـذار بـخـدي

 

ه فزادت في حبه حسـراتـي

قلت ماء الحياة في فمه الـعـذ

 

ب دعوني أخوض في الظلمات

 

ومن شعره الرائق:

لئن قيل أبدع فـي شـبـهـه

 

ولم يكس معناه لفظاً سلـيمـا

فمن عنب الكرم ويجنى السلاف

 

وغن لم يكن غصنها مستقيمـا

 

وله أيضاً:

قل لمن عاب شامة لحبيبي

 

دون فيه دع الملامة فيه

إنما الشامة التي قلت عنها

 

فص فيروزج بخاتم فيه

ومن شعره أيضاً:

لما حنى الشيب ظهري صحت واحربا

 

دنا أوان فراق الـروح والـجـسـد

أما ترى القوس أحنى ظهرها فـدنـا

 

ترحل السهم عنها وهي في الكـبـد

 

وله في كتاب جمعه وسماه "زينة الدهر":

هذا كتاب قد غـدا روضة

 

ونزهة للقلب والـعـين

جعلت من شعري له عوذة

 

خوفاً وإشفاقا من العـين

 

وله أيضاً:

مد على ماء الشباب الـذي

 

في خده جسر من الشعر

صار طريقاً لي إلى سلوتي

 

وكنت فيه موثق الأسـر

 

ومن شعره أيضاً:

شكوت هوى من شف قلبي بعده

 

توقد نار ليس يطفى سعيرهـا

فقال بعادي عنك أكـثـر راحة

 

ولولا بعاد الشمس أحرق نورها

 

وله أيضاً:

ومهفهف شبهته شمس الضحى

 

في حسن بهجتها وبعد مكانهـا

قد زاده نقش العـذار مـحـبة

 

نقش الفصوص يزيد في أثمانها

 

ومن شعره:

ومستحسن أصبحت أهذي بـذكـره

 

وأمسيت في شغل من الوصل شاغل

وعارضني من سحر عـينـيه جـنة

 

فقيدني من صدغـه بـسـلاسـل

وله كل معنى مليح مع جودة السبك.

وتوفي يوم الاثنين الخامس والعشرين، وقيل الخامس عشر، من صفر سنة ثمان وستين وخمسمائة ببغداد، ودفن بمقبرة باب حرب، رحمه الله تعالى.

والحظيري: بفتح الحاء المهملة وكسر الظاء المعجمة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها راء، هذه النسبة إلى موضع فوق بغداد يقال له "الحظيرة"، ينسب إليه كثير من العلماء، والثياب الحظيرية منسوبة إليه أيضاً.