أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت بن زيد بن قيس بن زيد بن النعمان بن مالك ابن ثعلبة بن كعب بن الخزرج، وقال محمد بن سعد في "الطبقات": هو أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير بن ابي زيد ثابت بن زيد بن قيس. والأول ذكره الخطيب في تاريخه، والله أعلم بالصواب، الأنصاري اللغوي البصري؛ كان من أثمة الأدب، وغلب عليه اللغات والنوادر والغريب، وكان يرى رأي القدر، وكان ثقة في روايته.
حدث أبو عثمان المازني قال: رأيت الأصمعي وقد جاء إلى حلقة أبي زيد المذكور، فقبل رأسه وجلس بين يديه وقال: أنت رئيسنا وسيدنا منذ خمسين سنة. وكان التوزي يقول: قال لي ابن مناذر: أصف لك أصحابك؟ أما الأصمعي فأحفظ الناس، وأما أبو عبيدة فأجمعهم، وأما أبو زيد الأنصاري زيد الأنصاري وأبو محمد اليزيدي. وقال أبو زيد: حدثني خلف الأحمر، قال: أتيت الكوفة لأكتب عنهم الشعر، فبخلوا علي به، فكنت أعطيهم المنحول وآخذ الصحيح، ثم مرضت فقلت لهم: ويلكم! أنا تائب إلى الله تعالى، هذا الشعر لي، فلم يقبلوا مني، فبقي منسوباً إلى العرب لهذا السبب.
وابو زيد المذكور له في الآداب مصنفات مفيدة: منها كتاب "القوس والترس" وكتاب: "الإبل" وكتاب "خلق الإنسان" وكتاب "المطر" وكتاب "المياه" وكتاب "اللغات" وكتاب "النوادر" وكتاب "الجمع والتثنية" وكتاب "اللبن" وكتاب "بيوتات العرب" وكتاب "تخفيف الهمزة" وكتاب "القضيب" وكتاب "الوحوش" وكتاب "الفرق" وكتاب "فعلت وأفعلت" وكتاب "غريب الأسماء" وكتاب "الهمزة" وكتاب "المصادر" وغير ذلك، ولقد رأيت له في النبات كتاباً حسناً جمع فيه أشياء غريبة.
وحكى بعضهم أنه كان في حلقة شعبة بن الحجاج، فضجر من إملاء الحديث فرمى بطفره فرأى أبا زيد الأنصاري في أخريات الناس فقال: يا أبا زيد:
استعجمت دار مي ما تكلمنا |
|
والدار لو كلمتنا ذات إخبار |
إلي يا أبا زيد، فجاءه، فجعلا يتحدثان ويتناشدان الأشعار، فقال له بعض أصحاب الحديث: يا أبا بسطام، نقطع إليك ظهور الإبل لنسمع منك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فتدعنا وتقبل على الأشعار؟ قال: فغضب شعبة غضباً شديداً، ثم قال: يا هؤلاء، أنا أعلم بالأصلح لي، أنا والله الذي لا إله إلا هو في هذا أسلم مني في ذاك.
وكانت وفاته بالبصرة في سنة خمس عشرة-وقيل أربع عشرة، وقيل ستة عشرة-ومائتين، وعرم عمراً طويلاً حتى قارب المائة، وقيل أنه عاش ثلاثاً وتسعين سنة، وقيل خمساً وتسعين، وقيل ستاً وتسعين، رحمه الله تعالى.