سليمان بن حرب

أبو أيوب سليمان بن حرب بن بجيل الأزدي الواشجي البصري؛ سمع شعبة وجرير بن حازم والحمادين ومبارك بن فضالة وسعيد بن زيد بن درهم والبسري بن يحيى ويزيد بن إبراهيم التستري؛ وروى عنه يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل ومحمد بن سعد كاتب الواقدي وغيرهم.

قدم بغداد وحدث بها، وولي قضاء مكة.

ذكره أبو حاتم الرازي فقال: إمام من الأئمة، كان لا يدلس؛ وقال: ظهر حديثه نحو عشرة آلاف حديث ما رأيت في يده كتاباً قط، ولقد حضرت مجلس سليمان بن حرب ببغداد فحزروا من حضر مجلسه أربعين ألف رجل. وكان مجلسه عند قصر المأمون فبنى له شبه منبر، فصعد سليمان، وحضر جماعة من القواد عليهم السواد والمأمون فوق قصره وقد فتح القصر وقد أرسل ستراً وهو خلفه يكتب ما يلي.

وقال يحيى بن أكثم: قال لي المأمون: من تركت بالبصرة؟ فوصفت له مشايخ منهم سليمان بن حرب وقلت: هو ثقة حافظ للحديث عاقل في نهاية الستر والصيانة، فأمرني بحمله إليه، فكتبت إليه في ذالك فقدم. فاتفق أني أدخلته إليه وفي المجلس ابن أبي داود وثمامة وأشباه لهما، فكرهت أن يدخل مثله بحضرتهم، فلما دخل سلم، فأجابه المأمون، ودعا له سليمان بالعز والتوفيق، فقال ابن أبي داود، يا أمير المؤمنين، نسأل الشيخ عن مسألة؟ فنظر إليه المأمون نظرة تخيير له، فقال سليمان: يا أمير المؤمنين، حدثنا حماد ابن زيد قال: قال رجل لابن شبرمة: اسألك؟ قال: إن كانت مسألتك لا تضحك الجلوس ولا تزري بالمسؤول فسل؛ وحدثنا وهيب بن خالد قال: قال إياس بن معاوية: من المسائل ما لا ينبغي للسائل أن يسأل عنها ولا للمجيب أن يجيب فيها؛ فإن كانت مسألة من غير هذا فليسأل، وأن كانت من هذا فليمسك؛ قال: فهابوه فما نظر أحد منهم إليه حتى قام، وولاه قضاء مكة فخرج إليها.

قال الخطيب: وكانت ولايته مكة في سنة أربع عشرة، فلم يزل على ذلك إلى أن عزل سنة تسع عشرة ومائتين. وولد سنة اربعين ومائة في صفر وتوفي بالبصرة لأربع ليال بقين من شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين ومائتين، رحمه الله تعالى.