أبو الوليد الباجي

أبو الوليد سليمان بنخلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي المالكي الأندلسي الباجي؛ كان من علماء الأندلس وحفاظها، سكن شرق الأندلس ورحل إلى المشرق سنة ست وعشرين وأربعمائة أو نحوها، فأقام بمكة مع أبي ذر الهروي ثلاثة أعوام وحج فيها أربع حجج، ثم رحل إلى بغداد فأقام بها ثلاثة أعوام يدرس الفقه ويقرأ الحديث، ولقي بها سادة من العلماء كأبي الطيب الطبري الفقيه الشافعي والشيخ أبي إسحاق الشيرازي صاحب "المهذب" وأقام بالموصل مع أبي جعفر السمناني عاماً يدرس عليه الفقهن وكان مقامه بالمشرق نحو ثلاثة عشر عاماً، وروى عن الحافظ أبي بكر الخطيب، وروى الخطيب أيضاً عنه، قال: أنشدني أبو الوليد الباجي لنفسه يرثي ابنيه، وماتا مقترنين:

 

لئن غيبا عن ناظـري وتـبـوءا

 

فؤادي لقد زاد التباعد في القرب

يقر بعيني أن أزور ثـراهـمـا

 

وألصق مكنون الترائب بالترب

 

وروى الخطيب أيضاً عنه قال: أنشدني أبو الوليد الباجي لنفسه:

 

إذا كنت أعلم علماً يقـينـاً

 

بأن جميع حياتي كساعـه

فلم لا أكون ضنينـاً بـهـا

 

وأجعلها في صلاح وطاعه

وصنف كتباً كثيرة منها كتاب "المنتقى" وكتاب "إحكام الفصول في أحكام الأصول" وكتاب "التعديل والتجريح فيمن روى عنه البخاري في الصحيح" وغير ذلك. وهو أحد أئمة المسلمين، وكان يقول: سمعت أبا ذر عبد ابن أحمد الهروي يقول: لو صحت الإجازة لبطلت الرحلة. وكان قد رجع إلى الأندلس وولي القضاء هناك، وقد قيل إنه ولي قضاء حلب أيضاً، والله أعلم.

ومولده يوم الثلاثاء النصف من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة بمدينة بطليوس، وتوفي بالمرية ليلة الخميس بين العشاءين تاسعة عشرة رجب سنة اربع وسبعين وأربعمائة، ودفن يوم الخميس بعد صلاة العصر بالرباط على ضفة البحر، وصلى عليه ابنه القاسم.

وأخذ عنه أبو عمر ابن عبد البر صاحب "الاستيعاب"، وبينه وبين أبي محمد ابن حزم المعروف بالظاهري مجالس ومناظرات وفصول يطول شرحها.

والباجي: بفتح الباء الموحدة وبعد الألف جيم، هذه النسبة إلى باجة، وهي مدينة بالأندلس، وثم باجة أخرى وهي مدينة بإفريقية، وباجة أخرى، قرية من قرى أصبهان.

وبطليوس يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى. والمرية قد تقدم الكلام عليها